الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 11 أغسطس 2023

الطعنان 3946 لسنة 37 ق ، 1947 لسنة 39 ق جلسة 17 / 5 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 2 ق 137 ص 1415

جلسة 17 من مايو سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، وعلي فكري حسن صالح، والصغير محمد محمود بدران، ومحمد إبراهيم قشطة - نواب رئيس مجلس الدولة.

--------------

(137)

الطعن رقم 3946، 1947 لسنة 37، 39 القضائية

دعوى - دعوى التزوير الفرعية - إجراءاتها - أركان جريمة التزوير - تزوير معنوي.
المادة (49) من القانون رقم 25 لسنة 1968 بإصدار قانون الإثبات في المواد المدنية.
التزوير قد يكون مادياً أو معنوياً - التزوير المادي هو الذي ينصب على البناء المادي للمحرر المتمثل في الكتابة - التزوير المعنوي ينصب على جوهر المحرر ومعناه - حدد قانون العقوبات طرق التزوير المعنوي على سبيل الحصر - من بين هذه الطرق تغيير إقرارات أولي الشأن - يتحقق التزوير في هذه الطريقة كلما غير كاتب المحرر في الحقيقة التي أدلى بها صاحب الشأن أو أغفل إدراج ما أقربه كلياً أو جزئياً ما دام قد ترتب على ذلك تغيير المعنى الذي أراد صاحب الشأن إثباته - التزوير المعنوي هو جريمة عمدية يتطلب المشرع لقيامها توافر القصد الجنائي ويتحقق بتوافر علم الجاني بعناصر الجريمة واتجاه إرادته إلى ارتكابها بان يكون عالماً بحقيقة الواقعة المزورة وأن يقصد تغييرها في المحرر - مجرد الإهمال في تحري الواقعة المثبتة في المحرر مهما كانت درجته لا يتحقق به الركن المعنوي للجريمة - الحقائق القانونية في المواد الجنائية لا يصح أخذها بالظنون والفروض - يجب أن تقوم على يقين فعلي - لا يمكن لقيام القصد مجرد القول بأنه كان من واجب من نسب إليه التزوير أن يعرف الحقيقة أو أنه كان بوسعه أن يعرفها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 14/ 8/ 1991 أودع الأستاذ/....... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن، سكرتارية المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2946 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 19/ 6/ 1991 في الدعوى رقم 2934 لسنة 7 ق والقاضي أولاًًًً: بالنسبة للطلب الأول بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر بإنهاء خدمة المدعي مع ما يرتب على ذلك من آثار وإلزام الجامعة المدعى عليها مصاريفه. ثانياً: بالنسبة لطلب التعويض عن هذا القرار بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام المدعي مصاريفه. ثالثاً: بالنسبة لدعوى التزوير الفرعية بسقوط حق المدعي في الادعاء بالتزوير مع تغريمه خمسة وعشرين جنيهاً.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بالآتي:
أولاً: بقبول الطعن شكلاً.
ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما يخص قضائه في دعوى التزوير الفرعية وشق التعويض.
ثالثاً: قبول الادعاء بالتزوير شكلاً، وفي الموضوع برد وبطلان قرار فصل المدعي الصادر في 27/ 5/ 1985 (موضوع الطعن في الدعوى الأصلية) والمستندات المطعون عليها بالتزوير.
رابعاً: الحكم أصلياً: بتعويض مادي 534000 (خمسمائة وأربعة وثلاثون ألف جنيه) وبتعويض أدبي 340000 (ثلاثمائة وأربعون ألف جنيه)، واحتياطياً: بضم استمارات صرف جميع المرتبات والمكافآت وكافة المستحقات المالية التي تتقاضاها زملاء الطاعن من الأستاذة بقسم كيمياء علوم المنصورة والمدونة أسماؤهم بالقرار التنفيذي رقم 527 في 27/ 9/ 1984 المعلاة برقم 69 بالملف الفرعي للطاعن حافظة جامعة المنصورة جلسة 6/ 4/ 1986 عن المدة من 13/ 10/ 1984 وحتى 11/ 7/ 1991 أي حتى تاريخ استلام العمل لتقدير قيمة التعويض للطاعن عما لحقه من خسارة وما فاته من كسل لجبر جميع عناصر الضرر المادية والأدبية.
خامساً: إلزام جامعة المنصورة بدفع المصروفات وأتعاب المحاماة عن طلب التعويض ودعوى التزوير الفرعية عن الدرجتين.
سادساً: يحتفظ الطاعن بحقه المشروع في زيادة قيمة التعويض الإجمالي (المادي والأدبي) وفقاً لجدول التعويض بالمذكرة رقم (6) من شق التعويض جلسة 23/ 5/ 1990 حتى 33، 34، والواردة ص 21 بهذا التقرير في حالة تأخر الحكم أو الوفاء بقيمة التعويض عن التقرير 1992 دون ما حاجة إلى تعديل طلبات أو تقديم مذكرات.
سابعاً: إبلاغ النيابة العامة المختصة لاتخاذ ما يلزم قانوناً بشأن دعوى التزوير الفرعية.
وقد أعلن الطعن للمطعون ضدهم وقد حضرت جامعة المنصورة جلسات دائرة فحص الطعون أمام المحكمة.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباًَ بالرأي القانوني في الطعن افترضت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه فيما قضى به في البند ثانياً: من سقوط حق المدعي (الطاعن) في الادعاء بالتزوير وتغريمه خمسة وعشرين جنيهاً ليكون بعدم قبول الادعاء بالتزوير وتأييد الحكم فيما عدا وإلزام الطاعن مصروفات الطعن.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 17/ 3/ 1993 حيث قدم الطاعن حافظة مستندات ومذكرة وطلب التأجيل لاتخاذ إجراءات الطعن بالتزوير وبتاريخ 20/ 3/ 1993 قدم الطاعن مذكرة وإعلان شواهد التزوير في الحكم المطعون فيه وقيد كدعوى تزوير فرعية بجدول المحكمة برقم 1947 لسنة 39 ق عليا، وقد تم إعلان هذا التزوير للمطعون ضدهم بتاريخ 27/ 3/ 1993 وبتاريخ 28/ 2/ 1993 على النحو الثابت بالأوراق، كما قدم مذكرة بجلسة 19/ 5/ 1993، كما قدم بجلسة 21/ 7/ 1993 حافظتي مستندات وطلب حجز الطعن للحكم والمحكمة قررت إصدار الحكم فيه بجلسة 20/ 10/ 1993 وفيها أعيد الطعن للمرافعة لجلسة 3/ 11/ 1993 لتغيير التشكيل مع ضم الطعن رقم 1947 لسنة 39 ق عليا (دعوى التزوير الفرعية).
وبجلسة 1/ 12/ 1993 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت لنظره أمامها جلسة 4/ 1/ 1994 وتدوول نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث قدم الطاعن بجلسة 1/ 3/ 1994 حافظة مستندات وطلب حجز الطعن للحكم، والمحكمة قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من سائر الأوراق - في أن الطاعن قد أقام الدعوى رقم 2934 لسنة 7 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة طالباً الحكم بإلغاء قرار إنهاء خدمته الصادر من مجلس الجامعة في 27/ 5/ 1985 - وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجامعة المدعى عليها بأن تؤدي له تعويضاً مقداره 500000 جنيه (خمسمائة ألف جنيه) جبراً لما أصابه من ضرر مادي وأدبي، وقال شرحاً لدعواه أنه يعمل أستاذ بقسم الكيمياء بكلية علوم المنصورة واستمر في عمله بهمة ونشاط ودقة وأمانة مما أثار حفيظة بعض زملائه فتقدم أحدهم وهو الدكتور/........ بمذكرة بطلب فيها التحقيق مع المدعي فيما أسماه بالتصرفات الشخصية التي أساءت إلى سمعة أعضاء هيئة التدريس، وانعقد مجلس قسم الكيمياء في 29/ 11/ 1982 وقرر إعادة النظر في الجدول الدراسي الخاص بالمدعي ليصبح ثمانية ساعات عملية فقط في الأسبوع واعتمد مجلس الكلية هذا القرار في 14/ 2/ 1983 فتظلم المدعي من هذا القرار ثم أقام الدعوى رقم 717/ 5 ق أمام هذه المحكمة لإلغاء هذا القرار والتعويض عما لحقه من أضرار.
وأوضح المدعي أنه نفذ الجدول الخاص به في العام الدراسي 82/ 1983 وفوجئ في بداية العام الدراسي 83/ 1984 بإسناد جدول دراسي مغاير لجداول الأساتذة بالقسم نوعاً وكماً واستمر حرمانه من المادة العلمية ومن الإشراف على البحوث العملية لرسائل الماجستير والدكتوراة، ورغم تكرار تظلمه من هذا الوضع إلا أن إدارة الجامعة استمرت في امتناعها عن الالتزام بأحكام القانون وقام مجلس القسم ومجلس الكلية بتوزيع جدول على آخرين ولم يعد له أي عمل كأستاذ في القسم وأبلغ جميع الجهات الرسمية بذلك، وقال المدعي أنه بتاريخ 13/ 10/ 1984 وهو التاريخ الذي تدعي الجامعة انقطاعه فيه عن العمل تسلم جدوله المكلف به وهو مجحف وغير عادل فتظلم منه دون جدوى بل إن الجامعة اعتبرته منقطعاً رغم وجوده وتردده الدائم على الكلية وإرساله التظلمات العديدة ثم أرسلت إليه الجامعة الكتاب رقم 1886 بتاريخ 14/ 11/ 1984 تدعي فيه انقطاعه عن العمل دون إذن فقابل عميد الكلية وقدم إليه مذكرة في 18/ 11/ 1984 طلب فيها التحقيق فيما نسب إليه من الانقطاع لأنه لا يوجد له أي عمل كأستاذ في قسم الكيمياء، فضلاً عن عدم تحديد العمل الذي انقطع عنه، كما قابل رئيس الجامعة في 25/ 11/ 1984 لذات الغرض وقال المدعي أن الجامعة أصدرت قرارها رقم 699 في 12/ 12/ 1984 بإيقاف صرف مرتبه اعتباراً من 13/ 10/ 1984 وتطبيق المادة 117 من القانون رقم 49 لسنة 1972 وكررت الجامعة ادعاءها بكتابها رقم 101 في 15/ 1/ 1985 فتظلم من موقف الجامعة. وبعد انتهاء إجازة نصف العام توجه إلى الكلية في 4/ 2/ 1985 لاستلام جدوله للفصل الدراسي الثاني فلم يجد له جدولاً فقابل عميد الكلية وقدم مذكرة برقم (87) كما قدم مذكرة للجامعة في 5/ 2/ 1987 ثم دعاه مجلس الكلية في 18/ 2/ 1985 لمناقشة شروطه وطلباته حيث أسند إليه جدولاً غير مناسب فسجل المدعي اعتراضه على هذا الجدول وتظلم منه إلى رئيس الجامعة.
وأضاف المدعي أن رئيس الجامعة أحاله إلى التحقيق ثم أحالة إلى مجلس تأديب لعدم تنفيذه الجدول الدراسي للأعوام 83/ 1984، 84/ 1985 وتعديه على بعض زملائه بالقول وتحددت جلسة 3/ 6/ 1985 أمام مجلس التأديب، وبتاريخ 27/ 5/ 1985 أصدرت مجلس الجامعة قراره المطعون فيه فتظلم منه في 15/ 6/ 1985 وفي 23/ 6/ 1985 ورفض تظلمه في 27/ 7/ 1985 ثم أقام دعواه ناعياً على هذا القرار مخالفته للقانون للسببين الآتيين:
أولاً: أن الجامعة نسبت إليه تهمة الانقطاع عن العمل دون أن يكون هناك أي انقطاع فهو متواجد بالكلية يطالب بحقه كما حضر اجتماع مجلس القسم الذي دعي إليه وحضر التحقيق ومجلس التأديب فقرينة الاستقالة الضمنية منتفية.
ثانياً: أن المادة (111) من القانون رقم 49 لسنة 1972 ناطت بمجلس التأديب دون أي سلطة أخرى قبول استقالة العضو أو اعتباره مستقيلاً إعمالاً لقرينة الانقطاع الواردة بالمادة 117 من القانون المشار إليه، وأن مجلس الجامعة اغتصب هذه السلطة دون سند من القانون.
وبتاريخ 25/ 3/ 1989 أودع المدعي قلم كتاب المحكمة تقرير طعن بالتزوير كدعوى تزوير فرعية قيدت برقم 977 لسنة 7 ق وأوضح في هذا التقرير المستندات التي يدعي تزويرها ومواضع التزوير فيها كما أودع مظروفاً مغلقاً به المستندات المذكورة وقد تم إعلان شواهد التزوير بتاريخ 26، 27/ 3/ 1989.
وبجلسة 19/ 6/ 1991 أصدرت محكمة القضاء الإداري بالمنصورة الحكم المطعون فيه وأقامت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن الواقعة التي بني عليها القرار المطعون فيه هي ذات الواقعة التي أحيل عنها إلى مجلس التأديب في 18/ 4/ 1985 وهي ما نسب إلى المدعي من انقطاعه عن العمل اعتباراً من 13/ 10/ 1984 بامتناعه عن تنفيذ جدوله الدراسي وهو ما يفيد أن الجامعة بعد اتصال الدعوة التأديبية بمجلس التأديب قد اتخذت قراراً من شأنه غل يد مجلس التأديب وسلب ولايته في محاكمة المدعي ويعتبر ذلك عدواناً على اختصاص المحكمة التأديبية (مجلس التأديب) وغصباً لسلطتها ومن ثم يكون هذا القرار قد صدر مخالفاً للقانون لهذا السبب فضلاً عن مخالفته للقاعدة العامة المنصوص عليها في المادة (98) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 التي تغل يد الإدارة عن إنهاء خدمة العامل المنقطع عن عمله إذا اتخذت ضده الإجراءات التأديبية ويتعين بالتالي القضاء بإلغائه. أما عن طلب التعويض فقد استندت المحكمة في رفضه إلى أن القضاء بالإلغاء بسبب عيب في الشكل أو الاختصاص لا يصلح حتماً وبالضرورة أساساً للتعويض ما لم يكن العيب مؤثراً في موضوع القرار، ولم كان الذي شاب القرار المطالب بالتعويض عنه هو عيب إجرائي فضلاً عن أن المدعي كان ممتنعاً عن العمل مما استدعى وقف صرف راتبه من 13/ 10/ 1984 وتطبيق المادة 117 من القانون رقم 49 لسنة 1972 عليه، فإن هذا العيب الإجرائي في هذا القرار لا يستوجب التعويض عنه، وأضافت المحكمة أنها تقضي بسقوط الادعاء بالتزوير وتغريم المدعي مبلغ 25 جنيهاً تأسيساً على أن المدعي قد أعلن شواهد التزوير في 26، 27/ 3/ 1989 إلى خصمه دون أن يبين إجراءات التحقيق التي يركن إليها في إثبات التزوير وبالتالي يسقط ادعاؤه بالتزوير طبقاً للمادة 49 من قانون الإثبات.
ومن حيث إن الطعن ينعى على الحكم المطعون فيه صدوره بناء على إجراءات باطلة أثرت في الحكم وذلك بعدم إخطار النيابة العامة المختصة بدعوى التزوير الفرعية لإبداء رأيها فيها وفقاً لقضاء محكمة النقض بأن إخطار النيابة العامة يعتبر إجراء جوهرياً يترتب على إغفاله بطلان الحكم، كذلك فقد كان يتعين على محكمة القضاء الإداري أن تفصل في دعوى التزوير الفرعية بحكم مستقل فلا يجوز الحكم في دعوى التزوير الفرعية وفي الموضوع معاً حتى لا يحرم الخصم من تقديم ما لديه من دفاع، كما أشار الطاعن في عريضة طعنه إلى أن الحكم في ما أثبته من بيانات بالمخالفة لصحيح الواقع إنما قد أقام قضاءه على أساس من وقائع مزورة مما يدفعه بالبطلان على النحو التالي:
أولاً: حدد الحكم المطعون فيه تاريخ إيقاف صرف الراتب اعتباراً من 13/ 5/ 1984 وصحته 13/ 10/ 1984 مما تقدم به جريمة التزوير المعتدي.
ثانياً: إثبات الحكم لواقعة غير صحيحة فيما يتعلق بدعوة مجلس الكلية للطاعن للحضور اجتماع مجلس القسم في 18/ 2/ 1985 على خلاف ما هو ثابت بالأوراق وعلى الأخص الورقة المعلاة برقم 55 بملف خدمة الطاعن وكذلك الأوراق المعلاة برقم من 50 حتى 55 بذات الملف.
ثالثاً: الحكم المطعون فيه فيما أثبته من أنه أقام دعواه ناعياً على القرار المطعون فيه السببين اللذين أشار إليهما الحكم قد خالف الوقائع الثابتة بأوراق الدعوى ولم يذكر على وجه التحديد الأسباب التي أشار إليها الطاعن في نعيه على القرار المطعون فيه الأمر الذي تتوافر فيه - في مفهوم الطاعن - جريمة التزوير المعنوي.
رابعاً: أن الحكم المطعون فيه قد تضمن تحريفاً وتشويهاً للوقائع ومواد القانون بما تقوم به جريمة التزوير وذلك بإثباته أنه رداً على الدعوى تقدم الحاضر على الجامعة بحافظة مستندات كان من بين ما اشتملت عليه ملف خدمة المدعي إذ الصحيح أن حافظة المستندات لم تشتمل على ملف خدمة المدعي.
خامساً: أن الحكم المطعون فيه فيما أثبته من أن الجامعة تقدمت بمذكرة دفاع على خلاف الحقيقة يكون قد اشتمل على تزوير معنوي.
سادساً: أن الحكم المطعون فيه فيما جاء بأسباب خاصاً بموضوع التزوير قد خالف الوقائع الثابتة بالأوراق وعدم إثبات الحكم على نحو دقيق لوقائع طعنه بالتزوير يجعله مشوباً بالتزوير المعنوي.
سابعاً: أن المحكمة قد ارتكبت تزويراً معنوياً حين أثبتت في حكمها أنه بجلسة المرافعة المنعقدة في 24/ 5/ 1989 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طعن المدعي بالتزوير لذا بادرت هيئة مفوضي الدولة بإعداد تقريرها، إذ يرى الطاعن أنه كان يتعين أن تكون عبارة ما قبل لذا بين قوسين وأن المحكمة لم تحدد جلسة مرافعة حين قررت إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة مما يعني وقف وقطع سير الدعوى دون سند من القانون بهدف عدم الفصل في دعوى التزوير الفرعية لثبوت التزوير بجلاء.
ثامناً: أن ما ورد بالحكم في الصحيفة الرابعة من أنه "ومن حيث إنه لما سبق تكون الواقعة التي بني عليها القرار محل الطعن هي ذات الواقعة التي من أجلها أحيل لمجلس التأديب.. وهو ما يفيد بأن الجامعة المدعى عليها بعد اتصال الدعوى التأديبية بمجلس التأديب قد اتخذت قراراً من شأنه أن يخل بذات مجلس التأديب وسلب ولايته في محاكمة المدعي "أن المحكمة تكون قد ارتكبت تزويراً معنوياً لأن صحيح الوقائع أن رئيس جامعة المنصورة استصدر قرار إنهاء خدمة المدعي بتاريخ 27/ 5/ 1985 بعد إحالته إلى المحاكمة التأديبية بتاريخ 18/ 4/ 1985 وهذا لا يغل يد مجلس التأديب ولا يسلب ولايته في محاكمة المدعي فقد حاكمه فعلاً بجلسة 2/ 6/ 1985 وثبتت براءته.
تاسعاً: أن ما ورد بالحكم المطعون فيه بالصحيفة الرابعة من أنه "وحيث إنه بالنسبة لموضوع طلب الإلغاء فإن الثابت بالأوراق أن المدعي كان يعمل أستاذاً بقسم الكيمياء بكلية العلوم جامعة المنصورة ونظراً لما نسب إليه من خروج على مقتضى الواجب الوظيفي بامتناعه عن تنفيذ جدوله الدراسي وأداء المهام العلمية المنوطة به.. إلى ما ذكره الحكم من أنه "ومن ثم فإن العيب الإجرائي المطالب بالتعويض عنه لا يستوجب بالضرورة تعويض المدعي عما يكون قد أصابه من ذلك القرار وعليه يكون طلب المدعي التعويض عن القرار المطعون فيه في غير محله متعيناً رفضه مع إلزام المدعي مصروفاته" فإن ما أثبته الحكم على النحو المشار إليه يتضمن تزويراً معنوياً إذ الصحيح أن الطاعن التمس من رئيس جامعة المنصورة باتخاذ ما يلزم قانوناً لمساواة جدوله بجدول زملائه الأستاذة بالقسم نوعاً وكماً للعام الدراسي 84/ 1985 وبذلك يكون رئيس جامعة المنصورة ليس المدعي هو الذي خرج على مقتضى الواجب الوظيفي فضلاً عما هو ثابت من عدم إصدار القسم جدول دراسي للطاعن في الفصل الدراسي الثاني الذي بدأ في 24/ 5/ 1985 وعند تظلمه تعمدت الجامعة المماطلة ثم اكتفت بمجرد توجيه دعوة من مجلس الكلية بتاريخ 12/ 2/ 1985 وليس من القسم، كل ذلك على النحو المبين بالأوراق التي أشار إليها الطاعن في طعنه.
وبتاريخ 20/ 3/ 1993 أودع الطاعن قلم الكتاب تقرير طعن بالتزوير حيث قيد بجدول المحكمة برقم 1947 لسنة 39 قضائية عليا ردد فيه ما جاء بعريضة طعنه فيما ارتآه من تزوير معنوي شاب الحكم المطعون فيه، كما قدم بمذكرة بشواهد التزوير أعلنت للمطعون ضدهم في دعوى التزوير الفرعية بتاريخ 27/ 3/ 1993، 28/ 3/ 1993 على النحو الثابت بالأوراق متضمنة تكليفهم بالحضور لجلسة الأربعاء 19/ 5/ 1993 لسماع الحكم بقبول الادعاء بالتزوير شكلاً وفي الموضوع برد وبطلان الحكم رقم 2934 لسنة 7 ق إداري المنصورة وإلزامهم بالمصروفات مع حفظ حقوقه الأخرى.
ومن حيث إن المادة (49) من القانون رقم 25 لسنة 1968 بإصدار قانون الإثبات في المواد المدنية على أن يكون الادعاء بالتزوير في أية حالة تكون عليها الدعوى بتقرير في قلم الكتاب ويبين في هذا التقرير كل مواضع التزوير وإلا كان باطلاً ويجب أن يعلن مدعي التزوير خصمه في الثمانية الأيام التالية للتقرير بمذكرة يبين فيه شواهد التزوير وإجراءات التحقيق التي يطلب إثباته بها وإلا جاز الحكم بسقوط ادعائه.
ومن حيث إن الثابت مما تقدم أن الطاعن أودع قلم كتاب المحكمة تقريراً طعن فيه بالتزوير على الحكم المطعون فيه بين فيه موضوع التزوير التي ارتآها كما قام بإعلان من اختصمهم في دعوى التزوير الفرعية في خلال الميعاد.
ومن حيث إنه من المقرر أن طرق التزوير كما حددها القانون إما مادية أو معنوية ويسمى التزوير وفقاً لأي من هذين الفرعين بالتزوير المادي أو المعنوي على حسب الأحوال، والتزوير المادي هو الذي ينصب على البناء المادي للمحرر المتمثل في الكتابة بخلاف التزوير المعنوي هو الذي ينصب على جوهره ومعناه. وقد نصت المادة (213) من قانون العقوبات على التزوير المعنوي فبينت طرقه على سبيل الحصر وهي تغيير إقرارات أولي الشأن التي كان الغرض من تحرير تلك السندات إدراجها، أو جعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة، وجعل واقعة غير واردة معترف بها في صورة واقعة معترف بها، ويتحقق التزوير بالطريقة الأولى كلما غير كاتب المحرر في الحقيقة التي أدلى بها صاحب الشأن إليه لإثباتها أو أغفل إدراج ما أقر به صاحب الشأن كلياً أو جزئياً ما دام قد ترتب عليه تغيير المعنى الذي أراد صاحب الشأن إثباته أو بنسبة إقرار إلى صاحب الشأن لم يكن فيه على الإطلاق، وتفترض هذه الطريقة أن الجاني سيء النية لأنه هو الذي يقوم من جانبه بتغير الحقيقة في المحرر، ويتحقق التزوير بالطريقة الثانية إما بإثبات حصول أو إتمام واقعة معينة في حضور صاحب الشأن خلافاً للحقيقة أو بإثبات الوقائع التي أعد المحرر لإثباتها على خلاف الحقيقة. كذلك فإن التزوير المعنوي هو جريمة عمدية يتطلب فيه المشرع توافر القصد الجنائي، فلا يكفي الخطأ غير العمدي لتكامل عناصر النموذج القانوني لهذه الجريمة، ويتحقق القصد الجنائي، بتوافر علم الجاني بعناصر الجريمة وإرادة ارتكابها، وهو ما يكون جوهر القصد العام، مما مقتضاه أن يكون الجاني عالماً بحقيقة الواقعة المزورة وأنه يقصد تغييرها في المحرر، ومن ثم فإن مجرد إهمال المنسوب إلى التزوير في تحري الواقعة التي أثبتت على خلاف الحقيقة مهما كانت درجته لا يتحقق به هذا الركن، وغني عن البيان أن الحقائق القانونية في المواد الجنائية لا يصح أخذها بالظنون والفروض، بل يجب أن تكون قائمة على يقين فعلي، فلا يكفي الاستناد في قيام القصد الجنائي أنه كان من واجب من نسب إليه التزوير أن يعرف الحقيقة أو كان في وسعه أن يعرفها، فلا يكفي الإهمال في التحري لأن الجريمة عمدية على ما سلف إيضاحه.
ومن حيث إنه بتطبيق الأصول السابقة في خصوصية دعوى التزوير الفرعية التي أقامها الطاعن، فإن ما ادعاه الطاعن من إثبات الحكم لوقائع يرى الطاعن أنها غير صحيحة، لا يقوم فيها جريمة التزوير المعنوي بالتحديد السالف بيانه حتى ولو صح أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تحصيل بعض الوقائع مما يخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا ووزنها الحكم المطعون فيه بميزان القانون، عند نظرها لطلبات الطاعن الأصلية، وعلى ما سلف إيضاحه فإن الإهمال في التحري لا تقوم به جريمة التزوير المعنوي.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم فإنه يتعين القضاء برفض دعوى التزوير الفرعية المقامة من الطاعن وإلزامه بغرامه مقدارها خمسة وعشرين جنيهاً عملاً بنص المادة (56) من قانون الإثبات المشار إليه.
ومن حيث إن المادة (44) من قانون الإثبات المشار إليه تنص على أنه إذا قضت المحكمة بصحة المحرر أو برده أو قضت بسقوط الحق في إثبات صحته أخذت في نظر الموضوع في الحال أو حددت لنظره أقرب جلسة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض دعوى التزوير الفرعية المقيدة بجدول هذه المحكمة برقم 1947 لسنة 39 ق عليا وتغريم الطاعن مبلغ خمسة وعشرين جنيهاً، وإعادة الطعن رقم 3946 لسنة 37 ق عليا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق