فى يوم الاثنين 28 من شوال سنة 1432هـ الموافق 26 من سبتمبر سنة 2011م .
أصدرت الحكم الآتي :
فى الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 2754 لسنة 80 القضائية .
--------------
" الوقائـع "
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر قضى ببراءته فى قضية الجناية رقم
10948 لسنـة 2009 مركز الصف ( المقيدة بالجدول الكلى برقـم 5162 لسنة 2009 ) بوصف
أنهـما فـى يوم 21 من يوليه سنة 2009 ، بدائرة مركز الصف ـ محافظة الجيزة .
حازا بقصد الاتجار نبات الحشيش المخدر فى غير الأحوال المصرح بها
قانونا . وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف
الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً فى 29 من ديسمبر سنة 2009 عملاً بالمواد
1 ، 2 ، 38/1 ، 42/1 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمى
61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 والبند رقم 56 من القسم الثانى من الجدول رقم 1
الملحق بالقانون الأول المستبدل والمعدل بقرارى وزير الصحة رقمى 46 لسنة 1997 ،
269 لسنة 2002 بمعاقبة المتهم بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وبتغريمه مائة ألف
جنيه عما أسند إليه وأمرت بمصادرة الجوهر المخدر المضبوط ، باعتبار أن الإحراز
مجرد من القصود المسماة .
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض فى 13 من يناير سنة 2010
، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن فى 25 من فبراير من العام ذاته موقع عليها من
الأستاذ/ ..... المحامى .
وبجلسة اليوم نظرت المحكمة الطعن حيث سمعت المرافعة كما هو مبين بمحضر
الجلسة .
-----------------
" المحكمــة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون .
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة
حيازة نبات الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى وفى
غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه قصور وتناقض فى التسبيب وفساد فى
الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وبطلان، ذلك بأنه أفرغ فى عبارات عامة معماة ، ولم
يبين أركان الجريمة التى دانه بها وأدلة الإدانة ، ولم يدلل تدليلاً كافياً على
توافر القصد الجنائى لديه ، ودفع ببطلان الإذن بالقبض والتفتيش وكافة الأدلة التى
أسفر عنها تنفيذهما لابتنائه على تحريات غير جدية بدلالة عدم توصل مجريها إلى
تحديد طبيعة عمله وعدم تحديد مظاهر نشاطه الإجرامى والخطأ فى بيان محله إقامة
المتهم الآخر وخلوها من بيان أسماء عملائه وأنها لم تكن نتيجة مراقبة شخصية من
مجريها الذى أمسك عن الإفصاح عن مصدرها وأنها لم تسفر عن مشاهدته حال قيامه
بالاتجار فى المواد المخدرة ، إلا أن الحكم رد على هذا الدفع برد قاصر ولم تسمع
المحكمة أقوال المصدر السرى ، كما دفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور
الإذن وفى غير حالة التلبس بيد أن الحكم رد على هذا الدفع بما لا يكفى رغم
الاستدلال عليه بالتلاحق الزمنى فى الإجراءات وبما قرره والمتهم الآخر بالتحقيقات
فى تحديد ميعاد القبض عليهما فى الوقت الذى لا يعلمان فيه بالأثر المترتب على ذلك
ولم يتصلا بالأوراق ولم تجر المحكمة تحقيقاً بشأنه ، وأورد الحكم فى مقام تحصيله
للواقعة أنه حاز المخدر المضبوط فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً دون بيان القصد
منه ثم عاد وحصل الواقعة بأن حيازته للمخدر كان بغير قصد من القصود وهو اتهام غير
وارد بأمر الإحالة بما ينبئ عن اختلال فكرته عن عناصر الواقعة ، وأظهر اطمئنانه
إلى أقوال الضابط وتحرياته بشأن حيازته للمخدر ثم عاد وأفصح عن عدم اطمئنانه لهما
عند حديثه عن القصد من الحيازة ونفى قصد الاتجار عنه مما يصمه بالتناقض ، وعول فى
قضائه بإدانته على أقوال الضابط شاهد الإثبات الأول وتحرياته ثم أهدر تلك الأقوال
بالنسبة للمتهم الآخر الذى قضى ببراءته بأسباب تناقض مع الأسباب التى بنى عليها
اطمئنانه لها ، هذا وأن الأدلة التى عول عليها الحكم لا تؤدى إلى النتيجة التى
استقر عليها ، واعتنق تصوير الضابط للواقعة رغم قوله بالجلسة أمام المحكمة عدم
تذكره لها بما يعد الدليل المستمد من شهادته مشوباً بالبطلان واستحالة حدوث الواقعة
كما صورها ، وعول الحكم على تقرير التحليل الذى جاء بنتيجة صادرة عن فحص عينة من
حرز يختلف عن الحرز الذى قدمه مأمور الضبط ودون تدارك الاختلاف بين الأحراز خاصة
أن محرر محضر الضبط ذكر فى أقواله أنه لم يقم بوزن الأحراز مخالفاً بذلك الإجراءات
فى هذا الشأن، كما عول على التحريات وهى لا تعد دليلاً وعلى اعترافه رغم كونه وليد
اكراه ، وقام دفاعه ضمن ما قام عليه على انفراد الضابط بالشهادة وحجبه دون مبرر
أفراد القوة المرافقة له إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع والمراد منه تكذيب
الضابط فيما أدلى به أمام النيابة العامة ، وعلى أن للواقعة صورة أخرى ودليله فى
ذلك ما سيدلى به أفراد القوة لو توصلت المحكمة إليهم وسمعت شهادتهم وقد أدلى أثناء
التحقيق من أسماء القوة مصطفى الخطيب وأحمد رشاد ، وعدلت المحكمة وصف التهمة من
حيازة المخدر بقصد الاتجار إلى حيازته مجرداً من أى قصد دون أن تلفت نظر الدفاع ،
كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة
العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة
سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة
الدعوى على نحو يدل أنها محصتها التمحيص الكافى وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد
أنها قامت بما ينبغى عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة .
لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان
الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده
الحكم كافياً فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ـ كما هو
الحال فى الدعوى الراهنة ـ فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن النعى
على الحكم فى هذا الشأن يكون غير سديد.
لما كان ذلك ، وكان القصد الجنائى فى جريمة إحراز وحيازة المواد
المخدرة يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة ،
وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته فى
حكمها كافياً فى الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه أو يحوزه مخدر ، وإذ كان
يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا
العلم ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه فى مدوناته كافياً فى الدلالة على حيازة
الطاعن للمخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور
فى هذا الصدد يكون غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر
بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها لسلطة التحقيق تحت إشراف
محكمة الموضوع ،
وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها
أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها فى شأن ذلك فلا معقب
عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وكان القانون لا يوجب حتما أن
يتولى رجل الضبط القضائى بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة
سابقة بهم بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل
التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين والسريين ومن يتولون إبلاغه عما
وقع بالفعل من جرائم مادام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من
معلومات ، وكان لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة وأن لا يفصح
عنها مأمور الضبط القضائى ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الإذن
لعدم جدية التحريات وأفصح عن أن المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش بعد أن اطمأنت إلى
جدية الاستدلالات ، فإنه لا يجدى الطاعن نعيه أن أذن التفتيش قد أصدر بناء على
تحريات غير جدية على النحو الذى أثاره فى أسباب طعنه مما لا يجوز معه مصادرة
المحكمة فى عقيدتها أو مجادلتها فيما انتهت إليه .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد
الضبط هو دفاع موضوعى يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على هذا
الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التى أوردتها ، وكان تلاحق الإجراءات ـ بفرض
حصوله ـ هو أمر متروك لمطلق تقدير مأمور الضبط القضائى ولا مخالفة فيه للقانون
وبالتالى ليس فيه ما يحمل على الشك فى صحة أقواله ولا يقدح فى سلامة إجراءاته ،
وكان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه إلى أن التفتيش كان لاحقاً على صدور
الإذن به استناداً إلى أقوال شاهدى الإثبات فى ذلك وصحة تصويرهما للواقعة فإن ما
يثيره الطاعن فى هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به
محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب
إلى المحكمة تحقيقاً معيناً بصدد الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدر
الإذن بهما فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها.
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن القبض على الطاعن تم
بناء على الإذن الصادر من النيابة العامة فلا محل لمناقشة ما يثيره الطاعن بشأن
قيام أو انتفاء حالة التلبس .
لما كان ذلك ، وكانت الواقعة المادية التى كانت مطروحة بالجلسة ودارت
حولها المرافعة وهى واقعة حيازة نبات الحشيش المخدر هى ذات الواقعة المبينة بأمر
الإحالة وهى بذاتها التى اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الذى دان الطاعن
به دون أن تضيف إليها المحكمة شيئاً ، وكان مرد التعديل الذى أجرته المحكمة فى
الوصف الذى أسبغته النيابة العامة على الفعل المسند إلى الطاعن ، واعتبرت فيه
حيازة الطاعن للمخدر مجرداً من أى قصد من القصود الخاصة المنصوص عليها فى القانون
، هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد
باعتباره ظرفاً مشدداً دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر
جديدة تختلف عن الأولى، وكان الوصف الذى اعطى للواقعة على الصورة سالفة البيان لا
يخرج عن الواقعة ذاتها التى تضمنها أمر الإحالة وهى التى كانت مطروحة على بساط
البحث بالجلسة ودارت عليها المرافعة فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون غير
سديد .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها
من سلطة تقديرية من أن ترى فى تحريات وأقوال الضابط مما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفى
لإسناد واقعة حيازة النبات الحشيش المخدر لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن
هذه الحيازة كان بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضاً فى حكمها ، ولا يعدو ما
يثيره الطاعن فى هذا الشأن أن يكون جدلاً حول سلطة محكمة الموضوع فى تقدير أدلة
الدعوى وتجزئتها والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه مما لا يجوز إثارته
أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو
من اختصاص محكمة الموضوع وحدها ، وهى حرة فى تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة
لمتهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر ، كما أن لها أن تزن أقوال
الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه فى حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها
فى حق متهم آخر مادام يصح فى العقل أن يكون الشاهد صادقاً فى ناحية من أقواله وغير
صادق فى شطر منها ومادام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها ، كما أن لها أن
تعول فى عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة
ولها أن تجزئها فتأخذ منها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ماعداه
ومن ثم فإن النعى على الحكم فى هذا الصدد لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً فى تقدير
الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو لا يجوز
إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية من أن
تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أى دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه
الصحيح من الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم
وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك
مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه
وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع
لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة
التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه فى ذلك شأن سائر الأدلة . ومن ثم فإن
منعى الطاعن فى هذا الشأن يكون لا محل له .
لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر
العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه
اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها مستنداً إلى أدلة
مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصل ثابت بالأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير
الظروف التى يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بشهادة
شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم
الأخذ بها ، ولما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة استمعت إلى الشاهد
الأول ضابط الواقعة محمد أحمد حسنى عبد الجليل فأدلى بشهادته عن الواقعة ولم يقرر
أنه لا يذكر شيئاً عنها ـ خلافاً لما يزعمه الطاعن فى أسباب طعنه ـ وكانت المحكمة
قد اطمأنت إلى أقواله وأقوال الشاهد الثانى وصحة تصويرهما للواقعة فإن ما يثيره
الطاعن من منازعة فى هذا الصدد غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أطرح ما أثاره الدفاع من التشكيك فى نسبة
المخدر إلى الطاعن بمقولة أن العينة التى أرسلت للتحليل وجرى فحصها تختلف عن
المضبوطات التى قدمها ضابط الواقعة بدليل أنه ذكر فى أقواله أنه لم يقم بوزن حرز
المضبوطات ، واستند الحكم فى ذلك إلى أنه لم يثبت من الأوراق وقوع أى عبث فى هذا
الشأن ، وكان من المقرر أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن العينة المضبوطة هى
التى أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى نتيجة التحليل ـ كما هو الحال
فى الدعوى المطروحة ـ فلا تثريب عليها إن هى قضت بناء على ذلك ، هذا فضلاً عن ما
هو مقرر من أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية
توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلان ما بل ترك الأمر فى ذلك إلى اطمئنان
المحكمة إلى سلامة الدليل وأن الأحراز المضبوطة لم تصل إليها يد العبث ، وإذ كانت
المحكمة قد أقامت قضاءها على عناصر صحيحة وسائغة واطمأنت إلى عدم حصول عبث
بالمضبوطات ، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون غير مقبول .
لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب
إلى المحكمة إجراء تحقيق ما بشأن اختلاف المضبوطات عن ما تم إرساله للمعمل
الكيميائى للتحليل فإنه لا يكون له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء
تحقيق لم يطلب منها ولم تر هى من جانبها حاجة لإجرائه .
لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعول فى تكوين عقيدتها على ما جاء
بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة مادامت تلك التحريات قد عرضت
على بساط البحث فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يكون قويماً .
لما كان ذلك ، وكان الحكم قد استند فى إثبات التهمة فى حق الطاعن إلى
أقوال شاهدى الإثبات وتقرير المعمل الكيميائى ولم يعول فى ذلك على اعتراف للطاعن
فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص يكون غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش
لا ينال من سلامة أقواله كدليل فى الدعوى لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشاهد
وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزلها المنزلة التى تراها وتقدرها التقدير الذى
تطمئن إليه بغير معقب ، وهى متى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع
الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ومن ثم فإن ما يثيره
الطاعن فى هذا الصدد لا يكون سليماً .
لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن
الطاعن ترافع فى الدعوى طالباً البراءة ولم يبد للمحكمة أى طلبات فإنه لا يكون
للطاعن من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع أقوال المصدر السرى أو مصطفى
الخطيب وأحمد رشاد ومن ثم فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع تكون غير قائمة .
لما كان ذلك ، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانونى الذى
تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً
بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد
تمحيصها إلى الوصف القانونى السليم ، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر
الإحالة والتى كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة ـ وهى واقعة حيازة النبات
المخدر ـ هى بذاتها الواقعة التى اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد
الذى دان الطاعن به ، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار
لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة دون أن يتضمن
التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى ، فإن الوصف الذى
نزلت إليه المحكمة فى هذا النطاق حين اعتبرت حيازة الطاعن لنبات الحشيش المخدر
مجرداً من أى قصد من القصود ـ الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى ـ لا يستلزم
لفت نظر الدفاع ويكون ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر قانوناً أن الخطأ فى الوصف القانونى
للواقعة الجنائية التى أثبت الحكم وقوعها أو الخطأ فى ذكر نصوص القانون المطبقة لا
يترتب عليه بطلان الحكم مادام قد بين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً
وقضى بالعقوبة المقررة فى القانون للجريمة ، وهذه القاعدة تبررها مصلحة العمل ،
وكانت الواقعة التى أثبت الحكم وقوعها من الطاعن تشكل جناية حيازة أجزاء من سيقان
وفروع وأوراق وقمم زهرية وبذور جميعها لنبات الحشيش "القنب" بغير قصد
الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى وفى غير الأحوال المصرح بها قانوناً
والمعاقب عليها بالمواد 29 ، 38/1 ، 42/1 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 فى
شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 122 لسنة
1989 والبند رقم " 1 " من الجدول رقم "5" الملحق بالقانون ،
ونبات الحشيش المخدر يختلف عن الجوهر المخدر ، إذ إن المقصود بنبات الحشيش فى هذا
القانون هو النبات ـ سواء كان مزروعاً فى الأرض أو مقطوعاً ـ المحتوى على المادة
الفعالة للحشيش وينتج منه الحشيش ، أما المقصود بالجوهر المخدر فى ذات القانون هو
الحشيش بجميع أنواعه ومسمياته ، الناتج أو المحضر أو المستخرج من ثمار أو أوراق أو
سيقان أو جذور راتنج نبات القنب الهندى ذكر كان أو أنثى ، ولما كانت العقوبة التى
أنزلها الحكم على المتهم ـ الطاعن ـ تدخل فى نطاق عقوبة الفقرة الأولى من المادة
38 من هذا القانون ، فإن خطأ الحكم بذكر المادتين "1 ،2" من القانون
الخاصتين بالجواهر المخدرة والبند رقم 56 من القسم الثانى من الجدول رقم
"1" الملحق بالقانون بدلاً من المادة "29" من القانون الخاصة
بالنبات المذكورة فى الجدول رقم "5" الملحق بالقانون والبند رقم
"1" من هذا الجدول، وبإضافة عبارة "جوهر مخدر" إلى وصف التهمة
لا يعيبه ، وحسب محكمة النقض أو تصحح الخطأ الذى وقع فيه الحكم وذلك باستبدال
المادة "29" بالمادتين "1، 2" من القانون المذكور ، والبند
رقم "1" من الجدول رقم "5" الملحق بذات القانون بالبند رقم
"56" من القسم الثانى من الجدول رقم "1" الملحق ، مع حذف
عبارة جوهر مخدر من وصف التهمة عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن
أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 .
لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه
موضوعاً .
فلهـذه الأسبــاب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق