الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 21 أغسطس 2023

الطعن 274 لسنة 15 ق جلسة 29 / 6 / 1974 إدارية عليا مكتب فني 19 ق 150 ص 445

جلسة 29 من يونيه سنة 1974

برياسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضة - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمود طلعت الغزالي ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.

----------------

(150)

القضية رقم 274 لسنة 15 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - فصل - تعويض عن الفصل - كيفية تقديره - الخطأ المشترك 

التعويض عن الفصل لا يلزم أن يكون في جميع الأحوال مساوياً للمرتب الذي لم يحصل عليه مدة إبعاده عن الوظيفة - تقديره تبعاً لظروف كل حالة على حدة - إنقاص التعويض في حالة الخطأ المشترك - المادة 216 من القانون المدني - ارتكاب العامل ذنباً إداريا أدى إلى محاكمته ومشاركته في تهيئة الفرصة لصدور القرار المعيب - إنقاص التعويض لهذا السبب - مثال.

------------------
إنه يبين من مطالعة الأوراق وأخصها الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 25 من مايو سنة 1963 في الطعن رقم 929 لسنة 7 القضائية أن الواقعة التي أدت إلى تقديم المدعي للمحاكمة التأديبية تحصل في أن النيابة العامة اتهمت المدعو بأنه (1) في 11 من فبراير و5 من إبريل سنة 1953 بدائرة مركز دشنا محافظة قنا، اشترك بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو السيد/ ..... (المدعي) المحضر بمحكمة دشنا في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو محضر تسليم أرض زراعية حرر تنفيذاً للحكم الصادر في القضية رقم 480 لسنة 50 مدني دشنا، بأن جعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها، فاتفق مع امرأة مجهولة تقدمت إلى المحضر منتحلة شخصية السيدة/ زين عمر عبد الرحمن المطلوب مباشرة إجراءات التنفيذ في مواجهتها، وبصمت على المحضر المشار إليه بصمة مزورة نسبتها إليها، فوقعت الجريمة بناء على تلك المساعدة (2) استعمل محضر التسليم سالف الذكر بأن قدمه في القضية رقم 1026 لسنة 1953 مدني دشنا مع علمه بتزويره، وقد تمت إحالة المتهم المذكور إلى محكمة جنايات قنا التي قضت بمعاقبته بالحبس ستة شهور، ونصت المحكمة في أسباب حكمها على حسن نية المحضر (المدعي) إذ جاء بالأسباب "....... ومتى ثبت ذلك فقد توافر اشتراك المتهم في مقارفة هذه الجريمة التي ارتكبها المحضر بحسن نيته" كما جاء بمذكرة نيابة استئناف أسيوط المحررة في 12 من ديسمبر سنة 1957 والمرسلة إلى السيد رئيس محكمة قنا للنظر إدارياً في أمر المدعي أنه "أخل بواجبات وظيفته إذ أنه وقد رفض شيخ البلد محمد عبد القادر محمد التوقيع على المحضر لشكه في شخصية السيدة التي وقعت على المحضر كان يتعين عليه الامتناع عن تنفيذ التسليم والتحقق من شخصية السيدة التي وقعت على المحضر أو على الأقل أن يثبت ذلك في محضره" وقد نص القرار الصادر من السيد رئيس محكمة قنا في 3 من يونيه سنة 1958 بإحالة المدعي إلى المحاكمة التأديبية على وصف المخالفة بما وصفتها به مذكرة النيابة العامة سالفة الذكر مع التنويه بأن ما أثاره يعتبر إخلالاً شديداً بواجبات وظيفته وبجلسة 11 من مارس من 1959 قرر مجلس التأديب الابتدائي معاقبة المدعي عن هذه المخالفة بخصم شهر من مرتبه، إلا أن وزارة العدل استأنفت القرار فقضى مجلس التأديب الاستئنافي في 11 من يناير سنة 1960 بتشديد الجزاء إلى العزل من الوظيفة فأقام قراره على أنه قد ثبت في حق المدعي ثبوتاً قاطعاً مشاكته في التزوير في أوراق رسمية وقد جاء بأسباب حكم المحكمة الإدارية العليا سالف الذكر أنه "يبين من الأوراق والتحقيقات المختلفة التي أجريت عند ضبط واقعة التزوير وما أجرته النيابة العامة ومحكمة الجنايات أن ما انتهى إليه القرار المطعون فيه، من أنه قد ثبت في حق المدعي ثبوتاً قاطعاً مشاركته في التزوير في أوراق رسمية هذه النتيجة ليست مستفادة من أصول تنتجها مادياً وقانوناً وأنه ولئن كان ثابتاً من عيون الأوراق سالفة الذكر أن المدعي قد أخل بواجبات وظيفته عند التنفيذ بالتسليم بالمحضر المحرر في 11 من فبراير سنة 1953 إذ أنه وقد رفض شيخ البلد المرافق له في التنفيذ التوقيع على المحضر لشكه في السيدة التي وقعت بصمتها وثبت تزويرها كان يتعين عليه الامتناع عن التنفيذ بالتسليم والتحقق من شخصية السيدة التي وقعت بصمتها أو على الأقل إثبات ذلك بمحضره إلا أنه من الوضوح بمكان أن درجة خطورة هذا الذنب الإداري لا تتناسب البتة مع الجزاء الذي قدره القرار المطعون فيه وهو العزل من الوظيفة - فالجزاء على هذا الوضع يعتبر مشوباً بالغلو الذي يخرج به عن نطاق المشروعية مما يتعين معه إلغاؤه وتوقيع الجزاء المناسب وانتهى الحكم إلى إلغاء القرار المطعون فيه وتوقيع جزاء على المدعي بالخصم شهراً من مرتبه.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن قرار عزل المدعي قد شابه عيب مخالفة القانون بأن قام على سبب غير مستمد من الأوراق هو اتهام المدعي بالمشاركة في تزوير محضر التسليم ثم قرر الجزاء على أساس ثبوت هذه التهمة كما يبين في الوقت عينه أن المدعي ارتكب ذنباً إدارياً جسيماً بأن أهمل التحقق من شخص من اتخذ في مواجهته إجراءات محضر التسليم على الرغم من أن شيخ البلد المرافق له أفصح عن شكه في أن الشخص المذكور هو المقصود بالإجراء وبلغ تشككه حد الامتناع عن التوقيع على المحضر ومع ذلك استمر المدعي في الإجراءات وأتم المحضر في مواجهة هذا الشخص المجهول ولا شبهة في أن مسلك المدعي على هذا النحو إنما ينطوي على إهمال جسيم وتهاون بلغ في أداء واجبات وظيفته بل لقد أدى بالفعل إلى تمكين الجاني من الحصول على محضر تسليم مزور ثم استعماله بعد ذلك.
ومن حيث إنه وإن كانت شروط المسئولية الموجبة للتعويض قد تهيأت بالنسبة إلى قرار عزل المدعي وذلك لما شابه من عيب موضوعي في سببه أدى إلى الحكم بإلغائه ولما ترتب عليه مباشرة من ضرر مادي بالمدعي بحرمانه من وظيفته مدة تقارب أربع سنوات وهو الضرر الذي يطلب في دعواه التعويض عنه بما يعادل المرتب الذي كان يستحقه لو أنه لم يبعد من وظيفته - إن كان ذلك إلا أنه لما كان الأصل أن الأجر مقابل العمل وأن الموظف المبعد لم يؤد عملاً يستحق عنه أجراً لذلك فإنه لا يلزم أن يكون التعويض في جميع الأحوال مساوياً للمرتب الذي لم يحصل عليه مدة إبعاده عن وظيفته بل يتم تقديره تبعاً لظروف كل حالة على حدتها وبمراعاة سن الموظف وتأهيله ونشاطه وما إذا كان قد زاول عملاً أثناء مدة فصله أو كان في استطاعته مزاولته إلى غير ذلك من الاعتبارات.
ومن حيث إنه يتعين كذلك عند تقدير التعويض تقصي وجود الخطأ المشترك وأثره وذلك عملاً بالقاعدة الواردة في المادة 216 من القانون المدني والتي تأخذ بها هذه المحكمة في مجال التعويض عن القرارات الإدارية المعيبة وهي تنص على أنه "يجوز للقاضي أن ينقص مقدار التعويض أو ألا يحكم بتعويض ما إذا كان الدائن بخطئه قد اشترك في إحداث الضرر أو زاد فيه". ولما كان مؤدى هذه القاعدة أن المضرور لا يتقاضى تعويضاً كاملاً بل يتحمل نصيبه من المسئولية، فإنه يلزم أن تأخذ المحكمة في الاعتبار درجة الخطأ الذي شاب القرار المعيب وما إذا كان هذا الخطأ قد وقع من جهة الإدارة وحدها أم أن المضرور شارك في وقوعه بخطأ من جانبه بحيث هيأ للإدارة فرصة إصدار ذلك القرار وذلك لما لهذه الأمور من أثر قانوني في تقدير التعويض على أساس سليم يطابق حكم القانون.
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد قدر تعويض الضرر المادي عن إبعاد المدعي عن وظيفته بكامل مجموع المرتبات التي حرم منها طوال فترة إبعاده بينما الثابت - على ما سلف الإيضاح أن المدعي ارتكب ذنباً إدارياً جسيماً أدى إلى إحالته إلى المحاكمة التأديبية فشارك بخطئه في تهيئة الفرصة لصدور القرار المعيب الذي يطلب التعويض عنه، فإنه يخلص من ذلك أن الحكم المذكور قد خالف القانون بأن أغفل تطبيق قاعدة الخطأ المشترك وذهب على خلاف الواقع إلى أن الخطأ جميعه قائم في جانب جهة الإدارة وحدها ومن ثم ألزمها بالتعويض كاملاً عن الضرر المشار إليه بينما أنه كان يتعين طبقاً للقاعدة القانونية سالفة البيان أن ينزل بمقدار التعويض بما يقابل خطأ المدعي. هذا بالإضافة إلى أن الحكم انطوى على مخالفة أخرى للقانون وهي أنه قضى للمدعي عن هذا العنصر من الضرر بمبلغ خمسمائة جنيه أي بأكثر مما طلبه إذ حدد المدعي طلباته في هذه الخصوصية بمبلغ 473 جنيهاً فقط.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قضى برفض طلب التعويض المتعلق بالمصروفات القضائية وأتعاب المحاماة وبذلك انحصر النزاع في تقدير التعويض المادي عن حرمان المدعي من عمله خلال فترة عزله من وظيفته ولما كانت هذه المحكمة تقدر هذا التعويض على أساس اشتراك المدعي في الخطأ بمبلغ 100 (مائة جنيه) فقط لذلك يتعين تعديل الحكم المطعون فيه بإلزام وزارة العدل بأن تؤدي المبلغ المذكور إلى المدعي على سبيل التعويض ورفض ما عدا ذلك من طلباته مع إلزامه ثلثي المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق