جلسة 18 من يونيه سنة 1994
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: عويس عبد الوهاب عويس، وحسني سيد محمد، والسيد محمد العوضي، ومحمد عبد الحميد مسعود - نواب رئيس مجلس الدولة.
--------------------
(143)
الطعن رقم 2164 لسنة 39 القضائية
جامعات - الإعلان عن شغل وظيفة مدرس مساعد - العدول عنه - (مدلول القرار السلبي) المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 - المواد 72 و140 و141 من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات.
إذ لم يوجد من بين المعيدين بالكلية من هو مؤهل لشغل وظيفة مدرس مساعد الخالية بها فيجرى الإعلان عن شغل هذه الوظيفة مرتين - لمجلس الجامعة بناء على طلب مجلس الكلية أو المعهد بعد أخذ رأي مجلس القسم المختص أن يضمن الإعلان شروطاً معينة بالإضافة إلى الشروط العامة المبينة في القانون - للإدارة أن تعدل عن الإعلان فلا تسير في إجراءات التعيين - الإعلان عن شغل الوظيفة يترتب عليه تعلق حق ذوي الشأن بما تضمنه من شروط شغل الوظيفة بحيث لا يحوز للإدارة أن تعين من لم يستوف هذه الشروط بدعوى أنها عدلت عنها أو استحدثت شروطاً جديدة - لا يترتب على الإعلان أن ينشأ للمتقدمين مركزاً قانونياً في الوظيفة المعلن عنها - أساس ذلك: أن المركز القانوني لا ينشأ إلا بقرار التعيين - الامتناع عن التعيين بعد الإعلان لا يعتبر قراراً سلبياً بالمفهوم المقصود بالمادة (10) من قانون مجلس الدولة - أساس ذلك: أن القرار السلبي هو رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقاً للقوانين واللوائح - لما كانت الإدارة تترخص أصلاً في التعيين بما لها من سلطة تقديرية فهي التي تترخص في إجرائه واختيار الوقت الذي تجرى فيه شغل الوظائف الخالية - الإجراءات السابقة على التعيين لا تلزم السلطة المختصة بالتعيين ولو كانت قد أعلنت عن شغل الوظائف وأجرت امتحاناً لشغلها إذ تستطيع أن تعدل عن إجراءات الترشيح والامتحان وأن تبقى الوظيفة شاغرة - تقوم السلطة التقديرية للإدارة حتى ولو استوفى المتقدم الوظيفة شروط التعيين فيه - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الأحد الموافق 4/ 4/ 1993 أودع الأستاذ المستشار/ رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها برقم 2164 لسنة 39 ق. ع ضد رئيس جامعة قناة السويس، في حكم محكمة القضاء الإداري (دائرة بور سعيد) بجلسة 7/ 2/ 1993 في الطعن رقم 34 لسنة 1 ق. س والقاضي "بقبول الطعن شكلاً، وبتعديل الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم قبول الدعوى، وإلزام الطاعن المصروفات". وطلب في ختام تقرير الطعن ولما تضمنه من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار الجامعة بإلغاء الإعلان عن الوظيفة محل الطعن، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأعلن تقرير الطعن، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.
وتحددت جلسة 12/ 7/ 1993 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، وبها نظر، وبما تلاها من جلسات على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن قررت المحكمة بجلسة 28/ 3/ 1994 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية (الدائرة الثانية) لنظره بجلسة 30/ 4/ 1994، وبها نظر وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن السيد/........ أقام أمام المحكمة الإدارية بالمنصورة الدعوى رقم 407 لسنة 17 قضائية ضد السيد الدكتور/....... بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 22/ 1/ 1989، طلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن تعيين المدعي بوظيفة مدرس مساعد بجامعة قناة السويس، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال في بيان أسانيد دعواه أنه حصل على بكالوريوس في العلوم الزراعية سنة 1975، وعلى درجة الماجستير في 31/ 3/ 1987. وكان موضوعها "دراسات على بعض أمراض أعفان الجذور في الفراولة في محافظة الإسماعيلية. وقد وافق مجلس القسم بكلية الزراعة بجامعة قناة السويس بتاريخ 24/ 8/ 1987 على تعيينه بوظيفة مدرس مساعد. وقد أعلنت الجامعة بتاريخ 11/ 12/ 1987 عن حاجتها لشغل وظيفة مدرس مساعد أمراض نباتات بكلية الزراعة بالإسماعيلية. وبتاريخ 13/ 6/ 1988 أوصت اللجنة الثلاثية بتعيين المدعي. وبتاريخ 1/ 4/ 1988 وافق مجلس الكلية على هذا التعيين، إلا أن الجامعة امتنعت عن تعيينه، لذلك فهو يقيم دعواه بغية الحكم له بطلباته.
وبجلسة 25/ 6/ 1990 حكمت المحكمة الإدارية بالمنصورة "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وفي الموضوع برفضها، وألزمت المدعي المصروفات.
ولم يرتض المدعي هذا القضاء فأقام طعناً عليه أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة المنصورة) بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 21/ 8/ 1990، قيدت برقم، طالباً في ختامها الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء له بطلباته الواردة بصحيفة الدعوى، وبجلسة 11/ 12/ 1991 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى محكمة القضاء الإداري (دائرة بور سعيد) وتنفيذاً لذلك أحيل الطعن وقيد برقم 34 لسنة 1 ق. س.
وبجلسة 7/ 2/ 1992 حكمت محكمة القضاء الإداري (دائرة بور سعيد) بقبول الطعن شكلاً وبتعديل الحكم المطعون فيه، والقضاء بعدم قبول الدعوى، وألزمت الطاعن المصروفات وشيدت المحكمة قضاءها على أنه لما كان طلب المدعي هو إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تعيينه بوظيفة مدرس مساعد بجامعة قناة السويس، ولما كان من المقرر أن التعيين في الوظائف العامة من الملاءمات التي تترخص فيها جهة الإدارة بحيث تجريه في الوقت الذي تراه مناسباً، وإذ خلا قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1971 ممن نص يلزم الجامعة بالتعيين بالوظائف بمجرد خلوها، فمن ثم يكون سكوت الجامعة عن تعيين المدعي بوظيفة مدرس مساعد بكلية الزراعة لا يعد قراراً سلبياً بالامتناع عن تعيين المدعي في هذه الوظيفة، مما ينشئ معه، في الدعوى، القرار الإداري، ولذلك يتعين الحكم بعدم قبولها، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب وقضى برفض الدعوى، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيقه، الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء بتعديله بعدم قبول الدعوى، لانتقاء القرار الإداري.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك لأن الثابت من الأوراق أن مجلس كلية الزراعة وافق بتاريخ 8/ 4/ 1989 على ما انتهى إليه مجلس القسم من إلغاء الإعلان عن شغل وظيفة مدرس مساعد والمنشور بالجرائد اليومية بتاريخ 11/ 12/ 1987، وقد وافق على ذلك رئيس الجامعة، المدعى عليه فمن ثم فإن التكييف القانوني لطلبات المدعي هي طلب إلغاء قرار رئيس الجامعة بإلغاء الإعلان الذي تقدم المدعي بناء عليه لشغل وظيفة مدرس مساعد فيما بني عليه من عدم سلامة هذا الإعلان. وإذ خلت الأوراق من بيان تاريخ علم المدعي بالقرار محل الطعن، فمن ثم فإن الدعوى تكون قد أقيمت خلال الميعاد المقرر للطعن بالإلغاء أما عن موضوع الدعوى فإن الثابت من الأوراق أن الجامعة المطعون ضدها أعلنت عن شغل وظيفة مدرس مساعد بقسم النبات بكلية الزراعة دون اشتراط تخصص معين، فتقدم المدعي وآخرون، لشغل الوظيفة المعلن عنها، إلا أن اللجنة المختصة ببحث الطلبات رأت أن المدعي هو الوحيد الذي تتوافر فيه الاشتراطات المطلوبة، وبعرض الأمر على مجلس القسم المختص رأى أن الإعلان الصادر من الجامعة جاء على خلاف ما قرره مجلس القسم ومجلس الكلية من وجوب اشتراط تخصص معين، وهو التخصص في أمراض نباتات فطرية ويفضل من حصل على ماجستير في أمراض الجذور وخاصة جذور الفراولة، وبالتالي فإن الإعلان وقد جاء عاماً قد حال بين آخرين في التقدم لشغل تلك الوظيفة مما رأى معه إلغاء هذا الإعلان وقد وافق على ذلك مجلس الكلية ورئيس الجامعة، وقد استندت الجامعة في إلغاء الإعلان في أنه حال بين الجامعة وحرية الاختيار بين المتقدمين إذ أنه لو أعلن عن التخصص لتقدم عدد أكثر كمنافسين للمدعي وإذ لم تقدم الجامعة ما يفيد أنها كانت قد عقدت نيتها على اشتراط شرط معين في الإعلان وهو التخصص في أعفان الجذور خصوصاً نبات الفراولة وأن الإعلان جاء خالياً من هذا الشرط هذا إلى أنه ما دام أن هذا الشرط هو الذي كانت تبقيه الجامعة، وأنه قد توافر في شأن المدعي، بما في ذلك شرط الأفضلية وهو التخصص في أعفان جذور الفراولة بمحافظة الإسماعيلية، وبالتالي فما كان يحوز لها إلغاء الإعلان، لهذا السبب، وأنه لا يمكن القول - كما ذهب الجامعة - من أن عدم تضمن الإعلان لهذا الشرط أدى إلى حجب آخرين في التقدم لشغل تلك الوظيفة بحسبان أن الإعلان وقد جاء خالياً من هذا الشرط فإنه قد فتح الباب أمام كافة التخصصات في النباتات للتقدم لشغل الوظيفة محل الطعن، وهو ما يدحض قول الجهة الإدارية ذلك أن العكس هو الصحيح، بناء على ما سبق يكون القرار المطعون فيه قد بني على غير سبب يبرره، فإنه يكون مخالفاً للقانون حرياً بالإلغاء.
ومن حيث إن الثابت أن المدعي حصل على بكالوريوس في العلوم الزراعية (شعبة إنتاج زراعي) سنة 1979، ويعمل مهندساً زراعياً بكلية الزراعة، وبتاريخ 31/ 3/ 1987 وافق مجلس جامعة قناة السويس على منحه درجة الماجستير في العلوم الزراعية (أمرض النباتات)، وكان موضوع الرسالة "دراسات على بعض أمراض أعفان الجذور في الفراولة في محافظة الإسماعيلية"، وبتاريخ 23/ 8/ 1987 قدم المدعي طلباً إلى السيد الأستاذ الدكتور/ رئيس قسم النباتات بكلية الزراعة، بجامعة قناة السويس، لتعيينه مدرساً مساعداً بالكلية، فتأشر عليه بالعرض على مجلس القسم الذي أوصى لدى الكلية بنشر إعلان للتعيين بوظيفة مدرس مساعد أمراض نبات، ويفضل من له خبرة في مجال أمراض أعفان جذور الفراولة ومن أبناء محافظة الإسماعيلية وفي ظل ظروف بيئة الإسماعيلية، وبتاريخ 12/ 9/ 1987 وافق مجلس الكلية على ما طلبه قسم النبات الزراعي من الإعلان عن شغل وظيفة مدرس مساعد ( أمراض نبات) تخصص في مجال أعفان الجذور وخصوصاً نبات الفراولة، وأرسل السيد الأستاذ الدكتور عميد كلية الزراعة كتابه المؤرخ 14/ 9/ 1987 إلى السيد/ مدير عام شئون العاملين بالجامعة، للنشر في أحد الجرائد القومية اليومية، وبتاريخ 11/ 12/ 1987 نشرت الجامعة إعلاناً عن شغل الوظائف الخالية بها، طبقاً للقانون رقم 49 لسنة 1972، بتنظيم الجامعات، ومنها وظيفة مدرس مساعد بقسم النبات الزراعي، وعلى أن تقدم الطلبات في مدة لا تجاوز أسبوعين من تاريخ النشر وعلى أن يرفق مع الطلبات بالنسبة للمدرسين المساعدين نسخة من رسالة الماجستير، وشهادة تزكية من السيد الأستاذ الدكتور المشرف على الرسالة. وبتاريخ 13/ 1/ 1988 وافق السيد الأستاذ الدكتور عميد الكلية على تشكيل لجنة لفحص الأوراق الخاصة بالتعيين بوظيفة مدرس مساعد أمراض نبات بقسم النبات بالكلية، وبتاريخ 18/ 1/ 1988 اجتمعت هذه اللجنة، وتبين أنه تقدم لشغل الوظيفة ستة أفراد، هم/....... حاصل على بكالوريوس العلوم الزراعية بساتين خضر سنة 1973، وماجستير علوم زراعية (تربية خضر) سنة 1981،/....... حاصلة على بكالوريوس العلوم الزراعية (وراثة) سنة 1979، ماجستير في علوم الصحة العامة (كيمياء صحية)،/......، بكالوريوس علوم زراعية (ميكروبيولوجي) سنة 1979 وماجستير (ميكروبيولوجيا زراعية) سنة 1968، والمدعي،/..........، بكالوريوس زراعة سنة 1983، وماجستير (بساتين فاكهة) سنة 1987،/ .........، بكالوريوس علوم زراعية (أمراض نبات) سنة 1969 وماجستير وقاية نبات (حيوان زراعي) نيما تولوجي سنة 1981، ووجدت اللجنة أنه لم يتقدم لشغل وظيفة مدرس مساعد أمراض نبات فطرية بناء على طلب القسم في 24/ 8/ 1987، وموافقة مجلس الكلية في 12/ 9/ 1987 سوى المدعي، ووافق اثنان من أعضاء اللجنة على التوصية لدى مجلس الكلية على تعيين المدعي في الوظيفة المعلن عنها، ورفض العضو الثالث، استناداً إلى أن الإعلان المطلوب مدرس مساعد نبات فطرية، ولم يظهر في الجرائد، وأعلن عن الحاجة لشغل وظيفة مدرس مساعد زراعي مما أدى إلى حجب الكثير من المتخصصين، وأن جميع المتقدمين حاصلين على تقدير عام جيد فقط في البكالوريوس، وبعضهم منقول بمواد في حين يوجد الكثير من المتخصصين في أمراض النباتات حاصلين على تقدير جيد جداً أو ممتاز مع مراتب الشرف، وأنه يوجد ثلاثة معيدين في أمراض النباتات بالقسم، ولم يعد الأمر ملحاً لشغل الوظيفة المعلن عنها وبالعرض على مجلس القسم بتاريخ 2/ 4/ 1988، وافق مجلس القسم بأغلبية خمسة أعضاء (متخصصون في أمراض النبات)، في مقابل عضوين، أحدهم غير متخصص في هذا المجال وامتناع عضو عن التصويت (تخصص وراثة)، على عدم تعيين المدعي، استناداً إلى أن المدعي حاصل على تقدير عام (جيد) في الدرجة الجامعية الأولى، وهي ليس في مجال التخصص المطلوب، وأنه لا يتوافر في شأنه الكفاءة والمقدرة المتطلبة للتدريس طبقاً لما تقضي به نص الفقرة الثانية من المادة (67) من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972. ووافق مجلس الكلية بجلسته رقم (87) بتاريخ 9/ 4/ 1988 على ما جاء بقرار مجلس القسم من عدم الموافقة على تعيين المدعي، الأمر الذي حدا بالمدعي إلى إقامة دعواه بتاريخ 22/ 1/ 1989 طالباً وقف تنفيذ وإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن تعيينه بوظيفة مدرس مساعد بكلية الزراعة بجامعة قناة السويس، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبتاريخ 8/ 4/ 1989 وافق مجلس الكلية بالتصويت على إلغاء الإعلان الخاص بتعيين مدرس مساعد أمراض نبات بقسم النبات الزراعي والصادر بالجرائد الرسمية بتاريخ 11/ 12/ 1987 ووافق السيد الدكتور/ رئيس الجامعة على إلغاء هذا الإعلان.
ومن حيث إن القرار الإداري هو إفصاح الإدارة بما لها من سلطة عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ذلك جائزاً وممكناً قانوناً ابتغاء مصلحة عامة، وأن القرار السلبي، طبقاً لما تقضي به المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، هو رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقاً للقوانين واللوائح، فمن ثم ولما كانت الإدارة تترخص أصلاً في التعيين بما لها من سلطة تقديرية، فهي التي تترخص في إجرائه وفي اختيار الوقت الذي تجرى فيه شغل الوظائف الخالية بها، وأن الإجراءات السابقة على التعيين لا تلزم السلطة المختصة بالتعيين ولو كانت قد أعلنت عن شغل الوظائف وأجرت امتحاناً لشغلها، إذ تستطيع بالرغم من ذلك أن تعدل عن كل إجراءات الترشيح والامتحان وأن تبقى الوظائف شاغرة، وتقوم السلطة التقديرية للإدارة حتى ولو استوفى المتقدم للوظيفة الشروط المقررة للتعيين، وكانت المادة 133 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 تقضي بأن يعين المعيدون والمدرسون المساعدون بقرار من رئيس الجامعة بناء على طلب مجلس الكلية أو المعهد بعد أخذ رأي مجلس القسم المختص ويكون التعيين من تاريخ صدور هذا القرار، وكان الثابت أن رئيس الجامعة قرر إلغاء الإعلان الخاص بتعيين مدرس مساعد أمراض نبات بقسم النبات الزراعي بكلية الزراعة، والمنشور بالجرائد بتاريخ 11/ 12/ 1987، فإن حقيقة طلبات المدعي تكون طلب إلغاء هذا القرار، وما يترتب عليه من صرف نظر الجامعة عن شغل الوظيفة المعلن عنها، وإذ استوفت دعواه كافة أوضاعها الشكلية، فإنها تكون مقبولة شكلاً وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مغايراً وقضى بعدم قبول الدعوى لانتقاء القرار الإداري، فإنه يكون قد خالف القانون حرياً بالإلغاء.
ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى فإن المستفاد من نصوص المواد (72)، (140)، (141) من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 أنه إذا لم يوجد من بين المعيدين بالكلية من هو مؤهل لشغل وظيفة مدرس مساعد الخالية بها، فيجرى الإعلان عن شغل هذه الوظيفة مرتين في السنة، ولمجلس الجامعة بناء على طلب مجلس الكلية أو المعهد بعد أخذ رأي مجلس القسم المختص أن يضمن الإعلان شروط معينة وذلك بالإضافة إلى الشروط العامة المبينة في القانون.
ومن حيث إن للإدارة بموجب ما لها من سلطة تقديرية أن تعدل عن الإعلان فلا تسير في إجراءات التعيين، طالما خلا قرارها من إساءة استعمال السلطة، لأن الإعلان عن شغل الوظيفة، وإن كان يترتب عليه تعلق حق ذوي الشأن بما تضمنه من شروط شغل الوظيفة بحيث لا يجوز للإدارة أن تعين من بين من لم يستوفوا هذه الشروط بدعوى أنها عدلت أو استحدثت شروطاً جديدة، إلا أنه لا يترتب على الإعلان أن ينشأ للمتقدمين مركزاً قانونياً في الوظيفة المعلن عنها، إذ أن المركز فيها لا ينشأ، ولو كان الشخص مستوفياً لشروط التعيين، إلا بقرار التعيين، فمن ثم ولما كان الثابت أن مجلس القسم بكلية الزراعة أوحى لدى مجلس الكلية بنشر إعلان للتعيين بوظيفة مدرس مساعد أمراض نبات، ويفضل من له خبرة في مجال أمراض أعفان جذور الفراولة وفي ظل ظروف بيئة الإسماعيلية، وبتاريخ 12/ 9/ 1987 وافق مجلس الكلية على الإعلان عن شغل وظيفة مدرس مساعد (أمراض نبات) تخصص في مجال أعفان الجذور وخصوصاً نباتات الفراولة، إلا أن الإعلان الذي نشر بالجرائد بتاريخ 11/ 12/ 1987 تضمن حاجة الكلية عن شغل وظيفة مدرس مساعد بقسم النباتات الزراعي، دون بيان التخصص، عنصر المفاضلة، اللذين طلبهما مجلس القسم، ومجلس الكلية وإذ تقدم سنة أفراد ولم يتوفر شرط التخصص وعنصر المفاضلة إلا في المدعي، لذلك تقرر إلغاء الإعلان، وإذ لم يثبت من الأوراق أن الإدارة أساءت استخدام سلطتها، وإنما كان دافعها إلى ذلك هو أن الإعلان على النحو الذي تم به، جاء بالمخالفة لما طبه مجلس القسم ومجلس الكلية، ولم يتح الفرصة أمام كل من يتوافر في شأنه شرط التخصص المطلوب لشغل الوظيفة للتقدم لشغلها، وأضافت أمام الجامعة سبل الاختيار، فإن قرار إلغاء الإعلان يكون قد وافق صحيح حكم القانون، الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض الدعوى، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبولها فإنه يكون قد خالف القانون الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعاً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً رفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق