باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس مـن أغسطس سنة 2023م،
الموافق الثامن عشر من المحرم سنة 1445 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز
محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد
الرويني نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 20 لسنة 43
قضائية منازعة تنفيذ
المقامة من
إنجي جمال صادق محمد شحاتة
ضد
أولًا:
1- رئيس الجمهورية
2- وزيــر العــدل
3- رئيس محكمة النقض
4- رئيس وأعضاء محكمة النقض - دائرة الثلاثاء مدني (ج)
5- شيخ الأزهـر
ثانيًا:
1- ورثة/ نبيل بهجت فضل مخلوف، وعصام الدين بهجت فضل مخلوف، وهم:
أ - طارق نبيل بهجت فضل
ب - عمرو نبيل بهجت فضل
ج - هايدا عصام الدين بهجت فضل
2- لطفي عبدالحميد محمود لطفي
3- علي لطفي عبدالحميد محمود
4- ورثة/ مديحة سليم زكى، محمد سليم زكي، وهم:
أ - محمد محمد سليم زكي
ب- زينب محمد سليم
ج- يلدز محمد سليم
د- دلبورن محمد صادق
هـ - ورثة/ ممدوح سليم زكي، وعفاف حسنى محمود عداس، وهم:
- هشام ممدوح سليم
- هالة ممدوح سليم
- هناء ممدوح سليم
- مصطفى ممدوح سليم
5- وريثَي/ ماهر سليم زكى، وهما:
أ - أحمد ماهر سليم زكي
ب - زينب عبدالمنعم المهدي
6- وريثَي/ مشيرة سليم زكى، وهما:
أ - حسين حسن شوقي محمد
ب - رشيقة أحمد شفيق
7- بهية أحمد أحمد المعداوي
8- ورثة/ بهيرة محمود يوسف، وباهر محمد صلاح الدين رضوان، وهم:
أ - أحمد باهر محمد صلاح الدين رضوان
ب - مها باهر محمد صلاح الدين
ج - مديحة إبراهيم دسوقي عطية
---------------
" الإجراءات "
بتاريخ الخامس والعشرين من أغسطس سنة 2021، أودعت المدعية صحيفة هذه
الدعوى، قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم أصليًّا: بعدم الاعتداد
بحكم محكمة النقض الصادر بجلسة 27/ 8/ 2019، في الطعنين رقمي 14457، 14458 لسنة 87
قضائية، والاستمرار في تنفيذ مقتضى حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 31/
7/ 2005، في الدعوى رقم 68 لسنة 19 قضائية دستورية. واحتياطيًّا: استطلاع رأي
الأزهر الشريف عملاً بحكم المادة (7) من دستور 2014.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى
لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليهم من الأول إلى الثالث في البند أولًا.
وقدم المدعى عليهما الأول والثاني من البند ثانيًا مذكرتي دفاع طلبا
فيهما الحكم بعدم قبول الدعوى، وفي الموضوع: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى بجلسة 8/ 4/ 2023، وفيها قررت المحكمة التأجيل لجلسة
10/ 6/ 2023، لتصحيـح شكل الدعوى، وبهذه الجلسة قدمت المدعية حافظتي مستندات،
وصحيفة تصحيح شكل الدعوى، وأضافت طلبًا جديدًا، بعدم الاعتداد بحكم محكمة النقض
الصادر في الطعنين رقمي 14457، 14458 لسنة 87 قضائية، لتناقضه مع الحكمين الصادرين
في الدعويين رقمي رقم 978 لسنة 1978 مدني كلي الفيوم، و37ج لسنة 1996 حسبي الفيوم
والمقيدة برقم 4ج لسنة 2004 حسبي الفيوم، وقدم المدعى عليه (أ) من المدعى عليهم
ثانيًا حافظة مستندات ومذكرة طلب فيها الحكم أولاً: بعدم جواز الطعن في أحكام
محكمة النقض، ثانيًا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًا: برفضها، فقررت المحكمة إصدار
الحكم بجلسة اليوم.
---------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصـل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق
- في أن مورثي المدعى عليهم ثانيًا/ 1، أقاموا أمـام محكمـة الفيـوم الابتدائية
الدعوى رقم 60 لسنة 2007 مدني كلي ضد المدعية والمدعى عليهم من 2 إلى 8 بالبند
ثانيًا من الدعوى المعروضة طلبًا للحكم بصورية عقد البيع المؤرخ 20/ 10/ 1970،
صورية نسبية، وما يستتبعه من بطلان عقد القسمة المؤرخ 11/ 6/ 1998، علـى سند مـن
أن علـي محمد محمد مخلـوف، بـاع لابنته داليـا -مورثة المدعية في الدعوى المعروضة
- الأطيان والعقارات المبينة بعقد البيع سالف الذكر، وأن عقد البيع صوري لتفاهة
الثمن الوارد به، واحتفاظ البائع بملكية هذه الأعيان وحيازتها طوال حياته، وإذ
توفيت ابنته حال حياته، فقد أبرم ورثتها عقد القسمة المؤرخ 11/ 6/ 1998 عن تلك
الأعيان، وبالتالي فإن عقد القسمة المترتب على عقد البيع الصوري يقع باطلاً،
وبجلسة 27/ 8/ 2008، حكمت المحكمة برفض الدعوى، طعن المحكوم ضدهم على الحكم
بالاستئناف رقم 1029 لسنة 44 قضائية أمام محكمة استئناف بني سويف (مأمورية
الفيــوم)، فقضــت المحكمــة بإلغــاء الحكــم المستأنف، وبصورية عقد البيع
واعتباره وصية تنفذ في حدود ثلث التركة، والتأييد فيما عدا ذلك. لم يرتض أطراف
الخصومة هذا القضاء وطعنوا عليه أمام محكمة النقض، بالطعون أرقام 12785، 12976،
13111، 13135، 13112 لسنة 83 قضائية، التي ضمتها المحكمة للارتباط، وقضت في الطعن
رقم 13112 لسنة 83 قضائية بالنقض والإحالة، وبانتهاء الخصومة في باقي الطعون.
ونفاذًا لذلك الحكم نُظرت الدعوى مجددًا أمام محكمة استئناف بني سويف مأمورية
الفيوم، بعد قيدها برقمها السابق، وبجلسة 19/ 7/ 2017، حكمت المحكمة برفض
الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، فطعن مورثا المدعى عليهم ثانيًا/ 1 على الحكم
أمام محكمة النقض، للمرة الثانية، بالطعنين رقمي 14457، 14458 لسنة 87 قضائية،
وبجلسة 27/ 8/ 2019، قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه، وفي موضوع الاستئناف
بإلغاء الحكم المستأنف، وبصورية عقد البيع المؤرخ 20/ 10/ 1970، صورية نسبية
واعتباره وصية تنفذ في حدود ثلث تركة المتصرف - علي محمد محمد مخلوف - بعد سداد
الديون، وببطلان عقد القسمة المؤرخ 11/ 6/ 1998.
وإذ ارتأت المدعية في الدعوى المعروضة، أن حكم محكمة النقض المار
ذكره، يشكل عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 31/ 7/ 2005،
في الدعوى رقم 68 لسنة 19 قضائية دستورية، فيما تضمنه من وجوب الاعتداد بالأحكام
الشرعية القطعية الثبوت والدلالة، وأن مخالفة ما اجتمع عليه الفقهاء في أمر معين
يُعد مخالفة للشريعة الإسلامية، وأن رأي المالكية والأحناف أن ما يملكه الإنسان
حال حياته لا يسمى ميراثًا وله الحق في التصرف فيه كيفما شاء، وعلى هذا انعقد
الإجماع. وأضافت المدعية أن حكم محكمة النقض خالف حكم المادة الثانية من الدستور،
وكذا أحكام المحكمة الدستورية العليا فيما استقرت عليه من عدم جواز مخالفة الأحكام
الشرعية قطعية الثبوت والدلالة، والتي تعين الورثة وتحدد أنصبائهم وتبين قواعد
انتقال ملكيتها إليهم، فقد أقامت دعواها المعروضة.
وحيث إن منازعة التنفيذ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قوامها أن
التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا - بمضمونها أو أبعادها - دون اكتمال مداه،
وتعطل - تبعًا لذلك - أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة
دون نقصان. ومن ثم، تكـون عوائـق التنفيذ القانونية هـى ذاتهـا موضوع منازعة التنفيذ
أو محلها، تلك المنازعة التي تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبــة لتلك
العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها
وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان
التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عــن المحكمة الدستوريـة العليــا، بعدم دستورية نص
تشريعـي، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة
عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هى التي تحدد جميعها شكل
التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة
الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة
1979 - لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة
الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها
في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه
العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- قد حالت فعلاً أو مــن شأنهــا أن
تحــول دون تنفيذ أحكامها تنفيذًا صحيحًا مكتملاً، أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن
يكون إسناد هذه العوائق إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن
لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها،
منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيـذ لا تُعد طريقًا للطعن فـي
الأحكـام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا
في الدعاوى الدستورية - على ما استقر عليه قضاؤها - يقتصر نطاقها على النصوص
التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلاً
حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير ذلك من النصوص، حتى لو تطابقت في مضمونها. كما
أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما يتصل بهذا المنطوق من الأسباب
اتصالاً حتميًا، لا تقوم له قائمة إلا به.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 31/ 7/ 2005، في الدعوى رقم
68 لسنة 19 قضائية دستورية برفض الدعوى المقامة طعنًا على الفقرة الأولى من المادة
(14) والمادة (15) من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم
العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
لما كان ما تقدم، وكان حكم محكمة النقض المصور عقبةً في تنفيذ حكم المحكمة
الدستورية العليا السالف الذكر، قضى بصورية عقد البيع محل النزاع الموضوعي صورية
نسبية واعتباره وصيةً تنفذ في حدود ثلث التركة، عملاً بنص المادة (917) من القانون
المدني ، ومن ثم فإن ذلك الحكم يكون منبت الصلة بالحكم الصادر من المحكمة
الدستورية العليا في الدعوى رقم 68 لسنة 19 قضائية دستورية السالف الذكر، ولا
يُشكل عقبةً في تنفيذه، وتنحل طلبات المدعية إلى طعن على حكم محكمة النقض السالف
البيان، الأمر الذي يخرج عن اختصاص هذه المحكمة، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول
الدعوى في هذا الشق منها.
وحيث إنه عن الطلب المضاف بصحيفة تصحيح شكل الدعوى، بعدم الاعتداد
بالحكم الصادر من محكمة النقض في الطعنين رقمي 14457، 14458 لسنة 87 قضائية،
لتعارضه مع الحكمين النهائيين الصادر أولهما بجلسة 27/ 6/ 1978، في الدعوى رقم 978
لسنة 1978 مدني كلي الفيوم، القاضي بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 20/ 10/ 1970، والصادر
ثانيهما في الدعوى رقم 37ج لسنة 1996 حسبي الفيوم والمقيدة برقم 4ج لسنة 2004 حسبي
الفيوم، القاضي بصيرورة الأعيان الواردة بالحكم الأول من عناصر تركة المرحومة/
داليا علي مخلوف، وذلك إعمالاً لحكم البند ثالثًا من المادة (25) من قانون المحكمة
الدستورية العليا.
وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين
نهائيين متناقضين، طبقًا لنص البند ثالثًا من المادة (25) من قانون المحكمة
الدستورية العليا، الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979- على ما جرى عليه قضاء هذه
المحكمة - أن يكون أحد الحكمين صادرًا من جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص
قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع في موضوعه، وتناقضا،
بحيث يتعذر تنفيذهما معًا، مما مؤداه أن النزاع الذى يقوم بسـبب تناقض الأحكـام
النهائية، وتنعقد لهذه المحكمة ولاية الفصل فيه، هو ذلك الذي يكون بين أحكام صادرة
من أكثر من جهة من جهات القضاء، أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، فإذا كان
التناقض واقعًا بين حكمين صادرين من محكمتين تابعتين لجهة قضاء واحدة، فإن لمحاكم
تلك الجهة ولاية الفصل فيها، وفقًا للقواعد المعمول بها في نطاقها، حيث تتولى
المحكمة المختصة بتلك الجهة تقويــم اعوجاجها، تصويبًا لما يكــون قــد شابهمــا
مــن خطــأ فــي تحصيــل الواقع أو تطبيق القانون أو هما معًا.
وحيث إنه لما كان ذلك، وكانت الأحكام المدعى تناقضها في الدعوى
المعروضة صادرة من محاكم تابعة لجهة القضاء العادي، فإن هذا التناقض - بفرض قيامه
- لا يستنهض ولايــة المحكمة الدستوريــة العليــا للفصل فيــه، إذ لا تُعد هذه
المحكمة جهة طعن في الأحكام الصادرة من الجهات القضائية الأخرى، ومن ثم يفتقد طلب
التناقض المعروض مناط قبوله، الأمر الذي يتعين معه القضاء - أيضًا - بعدم قبول
الدعوى في شأن الطلب المضاف.
وحيث إنه عن الطلب الاحتياطي باستطلاع رأي الأزهر الشريف عملاً بحكم
المادة (7/ 1) من الدستور فمردود، بأن استطلاع رأي هذه الهيئة الإسلامية العلمية،
أو غيرها من مؤسسات الدولـة، لا يُعد طلبًا مستقلاً، وإنما هو من قبيل التقديرات
التي تملكها المحكمة الدستورية العليا بمناسبة قضائها في الطلبات المطروحة عليها،
الأمر الذي تملكه وحدها. إذ كان ذلك، وكانت وقائع الدعوى المعروضة لا ترى فيها هذه
المحكمة ما يقتضي استطلاع رأي الأزهر الشريف، الأمر الذي يتعين معه الالتفات عن
الطلب المار ذكره.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعية المصروفات ومبلغ مائتي
جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق