باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من أغسطس سنة 2023م،
الموافق الثامن عشر من المحرم سنة 1445 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد
سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني
نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 147 لسنة 37
قضائية دستورية، بعد أن أحالت محكمة الشهداء الجزئية، بقرارها الصادر بجلسة 15/ 6/
2015، ملف الدعوى رقم 9973 لسنة 2014 جنح مركز الشهداء
المقامة من
النيابـة العامـة
ضد
فيصل ناجي عبدالحميد
---------------
" الإجراءات "
بتاريخ الخامس عشر من سبتمبر سنة 2015، ورد إلى قلم كتاب المحكمة
الدستورية العليا، ملف الدعوى رقم 9973 لسنة 2014 جنح مركز الشهداء، نفاذًا لقرار
محكمة الشهداء الجزئية، الصادر بجلسة 15/ 6/ 2015، بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى
المحكمة الدستورية العليا؛ للفصل في دستورية نص المادة (104) من قانون البناء
الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول
الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة
إصدار الحكم بجلسة اليوم.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالـة وسائر الأوراق -
في أن النيابة العامة أسندت إلى فيصل ناجي عبدالحميد، في الدعوى رقم 9973 لسنة
2014 جنح مركز الشهداء، أنه في يوم 9/ 7/ 2014، بدائرة مركز الشهداء بمحافظة
المنوفية، قام بتنفيذ أعمال بناء غير مطابقة للبيانات والرسومات التي مُنح ترخيص
البناء على أساسها، وقدمته للمحاكمة الجنائية أمام محكمة جنح الشهداء الجزئية،
طالبة عقابه بالمادة (104) من قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008،
وبجلسة 22/ 9/ 2014، حكمت تلك المحكمة غيابيًّا بمعاقبة المتهم بغرامة مقدارها ألف
ومائة جنيه، والإزالة. عارض المتهم في ذلك الحكم. وإذ ارتأت المحكمة أن نص المادة
(104) من قانون البناء المشار إليه، المؤثمة للفعل المسند إلى المتهم، شابه عوارٌ
دستوريٌّ، فقررت بجلسة 15/ 6/ 2015، إحالة الأوراق إلى هذه المحكمة للفصل في
دستوريته، وذلك على سند من أن العقوبة المرصودة فيه أشد قسوة من العقوبة المقررة
لجريمة البناء من دون ترخيص، المؤثمة بالمادة (102) من القانون ذاتـه، حـــال
كونهـا الجريمـة الأشـد خطــرًا، فضلًا عن أن تقديـر قيمـة الأعمـــال المخالفة -
التي تقدر على أساسها عقوبة الغرامة محل النعي - يتم بطريقة تُعجِز المتهم عن
إثبات ما يخالفها، أو التعقيب عليها، كما أن نص تلك المادة يفتقر إلى التوازن بين
جسامة الفعل محل التأثيم، ومقدار العقوبة المرصودة له، وذلك كله بالمخالفة لأحكام
المواد (53 و95 و96 و97 و98) من الدستور.
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (104) من قانون البناء الصادر
بالقانون رقم 119 لسنة 2008 تنص على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر،
وبغرامة لا تقل عن مثلي قيمة الأعمال المخالفة بحد أدنى خمسين ألف جنيه ولا تجاوز
ثلاثة أمثال قيمة الأعمال المخالفة أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أقام أعمالًا
دون مراعاة الأصول الفنية المقررة قانونًا في تصميم أعمال البناء أو تنفيذها أو
الإشراف على التنفيذ أو في متابعته أو عدم مطابقة التنفيذ للرسومات والبيانات أو
المستندات التي منح الترخيص على أساسها......
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أنه يشترط لقبول
الدعوى الدستورية توافر المصلحة فيها، ومناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية
لازمًا للفصل في الطلبات المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. والمحكمة
الدستورية وحدها هي التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية؛ للتثبت من
شروط قبولها، وليس لجهة أخرى أن تنازعها في ذلك، أو تحل محلها فيه. ومن ثم فإنه لا
تلازم بين اتصال الدعوى بهذه المحكمة عن طريق الإحالة من محكمة الموضوع، وتوافر
شرط المصلحة في الدعوى الدستورية، فالأولى لا تغني عن الثانية، فإذا انتهت هذه
المحكمة إلى أن الفصل في دستورية النص الذي تراءى لمحكمة الموضوع عدم دستوريته،
ليس له أثر مباشر، أو انعكاس على الطلبات في النزاع الموضوعي؛ تعين القضاء بعدم
قبول الدعوى.
وحيث إن المادة (401) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون
رقم 150 لسنة 1950، معدلة بالقانون رقم 174 لسنة 1998، تنص على أنـــه يترتب على
المعارضة إعادة نظر الدعوى بالنسبة إلى المعارض أمام المحكمة التي أصدرت الحكم
الغيابي، ولا يجوز بأية حال أن يضار المعارض بناء على المعارضة المرفوعة منه... .
وكانت قاعدة عدم جواز أن يضار الطاعن بطعنه، هي قاعدة إجرائية أصولية، تعلو على كل
اعتبار، وواجبة التطبيق في جميع الأحوال، فإنه لا يجوز للمحكمة التي تنظر المعارضة
- إن استقر في وجدانها إدانة المتهم - أن ترفع قيمة الغرامة التي قضت بها غيابيًّا
ضده، ومقدارها ألف ومائة جنيه، ليبلغ الحد الأدنى لعقوبة الغرامة المقررة بالنص
المحال، ومقداره خمسون ألف جنيه، بما مؤداه: أن الفصل في دستورية النص المحال، لن
يكون ذا أثر، أو انعكاس على الدعوى الموضوعية، والطلبات المطروحة بها، وقضاء محكمة
الموضوع فيها، ومن ثم تغدو المصلحة في الدعوى المعروضة منتفية، مما يتعين معه
القضاء بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق