جلسة 29 من يونيه سنة 1993
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد العظيم جيرة - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ علي شحاتة محمد سليمان وأحمد عبد العزيز تاج الدين ومحمد منير جويفل ويحيى أحمد عبد المجيد - نواب رئيس مجلس الدولة.
------------------
(154)
الطعن رقم 1295 لسنة 34 القضائية
(أ) عقد إداري - الجزاءات الموقعة على المتعاقد المقصر - غرامة التأخير - شروطها.
تستحق غرامة التأخير بمجرد التأخير في التوريد حتى لو رخصت جهة الإدارة للمتعاقد في مهلة إضافية دون حاجة إلى إثبات حصول الضرر - تطبيق (1).
(ب) عقد إداري - تنفيذه - الدفعات المقدمة - الطبيعة الآمرة لتنظيمها.
المادة (67) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983.
القوانين واللوائح التي يتم التعاقد في ظلها تخاطب الكافة ويكون علمهم بمحتوياتها مفروضاً فإن أقبلوا حال قيامها على التعاقد مع الإدارة فالمفروض أنهم ارتضوا كل ما ورد بها من أحكام وعندئذ تندرج في شروط عقودهم وتصير جزءاً لا يتجزأ منها حيث لا فكاك من الالتزام بها ما لم ينص العقد صراحة على استبعاد أحكامها كلها أو بعضها عدا ما تعلق منها بالنظام العام - صرف الدفعات المقدمة تحت الحساب مقابل تقديم خطاب ضمان بنكي ورد في القانون بصيغة آمرة - أثر ذلك: تعلقها بالنظام العام وعدم جواز الاتفاق على مخالفتها في اتفاق أو عقد منفصل - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 24/ 3/ 1988 أودع الأستاذ/ سامي رزق الله إبراهيم المحامي وكيلاً عن....... سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 1295 لسنة 34 ق عليا ضد وزير التربية والتعليم، محافظ الغربية، وكيل وزارة التربية والتعليم بمحافظة الغربية بصفاتهم في حكم محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) الصادر بجلسة 24/ 1/ 1988 في الدعوى رقم 3372 لسنة 40 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهم والقاضي بإخراج المدعى عليهما الأول والثالث من الدعوى بغير مصروفات وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات، وطلب الطاعن للأسباب التي بني عليها طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجدداً بالطلبات الآجلة المرفوعة بها الدعوى.
وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضدهم.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه للأسباب التي تضمنها التقرير الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة إلى المطعون ضدهما الأول والثالث وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه مع إلزام الطاعن المصروفات.
وجرى نظر الطعن أما دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قدم الحاضر عن الطاعن مذكرة بدفاعه وحافظة مستندات طويت على صورة من أمر التوريد الصادر من مديرية التربية والتعليم للطاعن عن توريد أصناف زي تربية عسكرية قبل أمر التوريد موضوع التداعي - ثابت به أن الدفع بعد الفحص الفني (النظري) دون الفحص الكيميائي، وانتهى في المذكرة إلى التصميم على طلباته المبينة بتقرير الطعن، وبجلسة 1/ 4/ 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره أمامها بجلسة 12/ 5/ 1992 وفيها وبالجلسات التالية نظرت المحكمة الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات، حيث قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة الدفاع عن المطعون ضدهم انتهت فيها إلى طلب الحكم أولاً: بعدم قبول الطعن بالنسبة إلى المطعون ضدهما الأول والثالث لرفعه على غير ذي صفة. ثانياً: برفض الطعن برمته وبإلزام الطاعن المصروفات والأتعاب، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة 8/ 6/ 1993 وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، وفيها نطق بالحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وإتمام المداولة قانوناً.
ومن حيث إنه من المقرر قانوناً أن الطعن يجب أن يوجه إلى صاحب الصفة وهو من يمثل الجهة الإدارية المختصة قانوناً، وإذ كان الثابت أن المنازعة تدور حول عقد إداري مبرم بين الطاعن ومديرية التربية والتعليم بمحافظة الغربية فإن محافظ الغربية هو الذي يمثل محافظة الغربية أمام القضاء وهو الذي يوجه إليه الطعن، ومن ثم فإن توجيه الطعن إلى المطعون ضدهما الأول والثالث هو اختصاص لغير ذي صفة مما يتعين معه عدم قبول الطعن بالنسبة إليهما، وإذ استوفى الطعن أوضاعه الشكلية بالنسبة إلى المطعون ضده الثاني فإنه يتعين الحكم بقبوله شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما تتضح به الأوراق في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 3372 لسنة 40 ق أمام محكمة القضاء الإداري مختصماً المطعون ضدهم وذلك بإيداع صحيفتها قلم كتاب تلك المحكمة بتاريخ 24/ 4/ 1986 طلب في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا له مبلغ مائة وخمسين ألف جنيهاً والمصاريف وقال في بيان دعواه أن مديرية التربية والتعليم بالغربية أصدرت له أمر توريد بتاريخ 19/ 8/ 1985 بتوريد 32000 بدلة كاملة وفقاً للمواصفات والشروط الواردة بأمر التوريد، وقد نص في البند الثالث من شروط التوريد على أن تدفع المديرية 80% من قيمة ما يقوم المدعي بتوريده فور الاستلام والقبول النظري لكل دفعة والباقي ومقداره 20% يدفع بعد ورود نتيجة المعمل الكيميائي والقبول النهائي، وتنفيذاً لهذا الأمر قال المدعي بتوريد الكمية المطلوبة على دفعتين الأولى في 2/ 2/ 1986 والثانية في 31/ 3/ 1986 وتم قبولها نظرياً من المديرية وبلغت جملة ثمنها 134080 جنيهاً يستحق المدعي عنها مبلغ 107264 جنيهاً قيمة 80% من الثمن ويرجأ باقي الثمن بعد القبول النهائي المعلق على ورود نتيجة المعمل الكيميائي، إلا أن الجهة الإدارية لم تصرف له هذا المبلغ رغم قيام المدعي بالمطالبة بهذا المبلغ برقياً في 2/ 2/ 1986 وبإنذار رسمي على يد محضر في 2/ 4/ 1986 قررت الجهة الإدارية بأنها توافق على صرف 50% فقط من قيمة الكمية الموردة بعد الحصول على خطاب ضمان نافذ المفعول لمدة شهر من بنك معتمد بمبلغ 34777 جنيهاً، وأضاف المدعي أنه أصابه من جراء عدم صرف مستحقاته إليه أضراراً مادية وأدبية مقدارها مبلغ 43 ألف جنيهاً، وانتهى المدعي في طلباته النهائية إلى طلب الحكم له بتعويض مقداره 43 ألف جنيهاً مضاف إليه مبلغ 5364 جنيهاً قيمة غرامات التأخير التي أوقعتها الجهة الإدارية المتعاقدة عليه دون وجه حق.
وبجلسة 24/ 1/ 1988 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه بإخراج المدعى عليهما الأول والثالث من الدعوى بلا مصروفات وبرفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات وأقامت قضاءها على أنه بالنسبة إلى طلب رد مبلغ 5364 جنيهاً قيمة غرامات التأخير الموقعة على المدعي فإن المادة 93 من قرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 بتنظيم المناقصات والمزايدات تنص على أنه: "إذا تأخر المتعهد في توريد الكميات المطلوبة أو جزء منها في الميعاد المحدد بالعقد فيجوز للسلطة المختصة بالاعتماد إذا اقتضت المصلحة العامة إعطائه مهلة إضافية للتوريد على أن توقع عليه غرامة قدرها 1% عن كل أسبوع تأخير في توريدها بحد أقصى 4% من قيمة الأصناف المذكورة"، وإذ كان الثابت من الأوراق أن المدة المحددة لتوريد زي التربية العسكرية ستة أشهر تبدأ من 21/ 8/ 1985 حتى 20/ 2/ 1986 وأن المدعي قام بتوريد الكمية المطلوبة على دفعتين الأولى في 20/ 2/ 1986 والثانية في 31/ 3/ 1986 فإنه يكون قد تأخر في توريد جزء من الكمية المطلوبة مدة شهر واحد وعشرين يوماً الأمر الذي يحق معه للجهة الإدارية أن توقع عليه غرامة تأخير، لذلك يصبح طلب المدعي إلزام الإدارة برد غرامة التأخير الموقعة عليه ومقدارها 5364 جنيهاً في غير محله جديراً بالرفض، وبالنسبة إلى طلب المدعي إلزام الإدارة بدفع مبلغ 43 ألف جنيهاً تعويضاً عن الأضرار التي أصابته من التأخير في صرف مستحقاته فإن المادة 91 من اللائحة التنفيذية المشار إليها تنص على أن "يصرف ثمن الأصناف الموردة في خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر تحسب من تاريخ اليوم التالي لإتمام إجراءات التحليل الكيميائي أو الفحص الفني" وهذا الميعاد قد وضع بقصد تحقيق الصالح العام حتى تتمكن الإدارة من التأكد من أن الأصناف الموردة مطابقة للأصناف المتفق عليها، ومن ثم فلا يجوز مخالفة هذا النص وتحديد ميعاد آخر لصرف ثمن الأصناف المحددة قبل إتمام إجراءات التحليل الكيميائي ولذلك فإنه لا يعتد بنص المادة 3 من أمر التشغيل الذي حدد ميعاداً آخر لصرف جزء من الأصناف المحددة هو 80% فور الاستلام والقبول النظري لكل دفعة، وإذ قامت الجهة الإدارية بصرف مستحقات المدعي فور ظهور نتيجة المعمل الكيميائي ومن ثم فإن تصرفها يتفق وأحكام القانون الأمر الذي ينفي الخطأ من جانب الإدارة مما يجعل طلب المدعي إلزام الإدارة بدفع مبلغ 43000 جنيهاً على سبيل التعويض في غير محله جديراً بالرفض.
ومن حيث إن الطاعن يقيم طعنه على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أنه وفقاً لنصوص المواد 73، 74، 88، 92 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 فإن الجهة الإدارية تلتزم بالشروط والأحكام الواردة باللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات وكذلك بالشروط التي تتفق عليها مع المتعاقد من حيث بدء التوريد ونهايته وكيفية ميعاد صرف الأثمان وما يصرف من هذه الأثمان عند التوريد، وإذ ورد بأمر التوريد الصادر من الجهة الإدارية المتعاقدة صرف مبلغ يعادل 80% من قيمة الكميات الموردة فور الاستلام والقبول النظري والباقي ومقداره 20% يدفع عند ورود نتيجة المعمل الكيميائي، وإذ خالفت الإدارة هذه الشرط فلم تصرف للطاعن ما يعادل 80% من قيمة الكميات الموردة تكون قد خالفت شروط العقد مما يشكل في جانبها ركن الخطأ الذي سبب ضرراً للطاعن وكان لزاماً إلزامها بالتعويض إلا أن الحكم المطعون فيه وقد رفض التعويض فإنه يكون قد خالف القانون، كما أنه أخطأ أيضاً في تأويل القانون بأن رفض رد قيمة غرامات التأخير التي قامت الإدارة بخصمها من مستحقاته ذلك أن التوريد الذي تم للكميات المتعاقد عليها والذي ارتضته الجهة الإدارية يعني موافقتها على الطريقة التي تم بها التوريد وميعاده ولا يسوغ لها بعد ذلك توقيع غرامات تأخير.
ومن حيث إن المادة 25 من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983 تنص على أنه "يجوز بموافقة السلطة المختصة صرف دفعات مقدمة تحت الحساب مقابل خطاب ضمان معتمد، وذلك وفقاً للشروط والنسب والحدود والأوضاع التي تبينها اللائحة التنفيذية".
وتنص المادة 26 من القانون المذكور أيضاً على أنه:
"إذا تأخر المتعاقد في تنفيذ العقد عن الميعاد المحدد له جاز للسلطة المختصة إذا اقتضت المصلحة العامة إعطاء المتعاقد مهلة إضافية لإتمام التنفيذ على أن توقع عليه غرامة عن مدة التأخير بالنسب وطبقاً للأسس وفي الحدود التي بينتها اللائحة التنفيذية وينص عليها في العقد بحيث لا يجاوز مجموع الغرامة 15% بالنسبة لعقود المقولات و4% بالنسب لعقود التوريد، وتوقع الغرامة بمجرد حصول التأخير دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو اتخاذ أي إجراءات إدارية أو قضائية أخرى".
وتنص المادة 67 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983 على أنه:
"يجوز عند الضرورة الترخيص بدفع مبالغ مقدماً من قيمة الأصناف أو مقاولات أعمال أو مقاولات النقل أو الخدمات المتعاقد عليها إذا كان الدفع المقدم مشروطاً في التعاقد وذلك في الحدود الآتية:
لغاية 50% من قيمة التعاقد بموافقة رئيس الإدارة المركزية المختص.
لغاية 100% من قيمة التعاقد بموافقة الوزير المختص.
ويكون الدفع المقدم مقابل خطاب ضمني بنكي معتمد بنفس القيمة والعملة وغير معتمد بأي شرط وساري المفعول حتى تاريخ انتهاء تنفيذ العقد....".
وتنص المادة 91 من اللائحة المذكورة على أن:
"يصرف ثمن الأصناف الموردة في خلال خمسة عشر يوماً عمل على الأكثر تحتسب من تاريخ اليوم التالي لإتمام إجراءات التحليل الكيميائي أو الفحص الفني".
ومن حيث إن مفاد هذه النصوص بالنسبة إلى غرامة التأخير ووفق ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة فإن هذه الغرامة تستحق بمجرد التأخير في التوريد حتى ولو رخصت الجهة الإدارية للمتعاقد في مهلة إضافية وذلك دون حاجة إلى إثبات الضرر من التأخير أو أي إجراء آخر، ولقاء ذلك فإنه إذ كان الثابت من الأوراق أن مديرية التربية والتعليم بمحافظة الغربية أبرمت مع الطاعن عقد توريد بدل زي التربية العسكرية ومقدارها 32000 بدلة كاملة حسب المواصفات المبينة بقوائم المناقصة وحدد أن التوريد للمتعاقد بتاريخ 19/ 8/ 1985 ونص على أن مدة التوريد للكمية جميعها ستة أشهر تبدأ من 21/ 8/ 1985 وتنتهي في 20/ 6/ 1986 ويتم التوريد على دفعات كل دفعة خمسة ألاف طقم زي وقد قام الطاعن بتوريد الكمية المطلوبة على دفعتين الأولى في 2/ 2/ 1986 والثانية في 31/ 3/ 1986 ومن ثم وإذ ثبت تأخير المتعاقد في التوريد فقد أوقعت الجهة الإدارية المتعاقدة عليه غرامة تأخير بلغت 5364.200 جنيهاً وحق لها ذلك ويكون الحكم المطعون فيه وقد قضي برفض طلب المدعي صرف قيمة هذه الغرامة قد أصاب في قضائه ويكون الطعن بالنسبة إلى هذا الشق من الطعن غير قائم على أساس من الواقع أو القانون.
ومن حيث إن مفاد النصوص المقدمة خاصاً بصرف دفعات مقدمة على حساب التوريد أن الأصل لن يكون صرفه قيمة الكميات الموردة من قبل المتعاقد إلى الإدارة خلال خمسة عشر يوم عمل على الأكثر من تاريخ اليوم التالي لإتمام إجراءات التحليل الكيميائي أو الفحص الفني، واستثناء من هذا الأصل أجاز القانون واللائحة أن تصرف نسبة من قيمة الأصناف مقدماً إذا اقتضت الضرورة ذلك وكان منصوصاً على الدفع المقدم في شروط التعاقد لغاية 50% بموافقة رئيس الإدارة المركزية المختص، ولغاية 100% بموافقة الوزير المختص وذلك كله بشرط أن يقدم المتعاقد خطاب ضمني بنكي معتمد بذات القيمة وساري المفعول حتى تاريخ انتهاء تنفيذ العقد.
وإذا كان الثابت من أمر التوريد الصادر من الإدارة إلى المتعاقد معها (الطاعن) أنه أورد بالبند (3) منه نصاً يقضي بأن يدفع 80% فور الاستلام والقبول النظري لكل دفعة والباقي وقدره 20% يدفع بعد ورود نتيجة المعمل الكيميائي والقبول النهائي، مما يشير إلى مدى أعمال هذا النص بالمخالفة لنص المادة 67 من اللائحة التنفيذية آنفة الورود.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن القوانين واللوائح التي يتم التعاقد في ظلها إنما تخاطب الكافة وعلمهم بمحتوياتها مفروض، فأن قبلوا - حال قيامها - على التعاقد مع الإدارة فالمفروض أنهم قد ارتضوا كل ما ورد بها من أحكام وحينئذ تندرج في شروط عقودهم وتصير جزءاً لا يتجزأ منها حيث لا فكاك من الالتزام بها ما لم ينص العقد صراحة على استبعاد أحكامها كلها أو بعضها عدا ما تعلق منها بالنظام العام، ولما كان قانون تنظيم المناقضات والمزايدات ولائحته التنفيذية قد نظما صرف دفعات مقدمة تحت الحساب وذلك بموافقة سلطات أولوية معينة وردت بنص المادة 67 من اللائحة وبشرط تقديم خطاب ضمان بنكي كل ذلك بصيغة آمرة مما يعني تعلقها بالنظام العام ومن ثم فإنه طبقاً لما تقدم لا يجوز الاتفاق على مخالفتها في اتفاق خاص أو عقد منفصل، ولقاء ذلك فإنه في الطعن الماثل يتعين أعمال النسبة التي نصت عليها المادة 67 من اللائحة التنفيذية للصرف المقدم وهي 50% من قيمة الأصناف بموافقة رئيس الإدارة المركزية المختص وبنسبة 100% بموافقة الوزير المختص، ولا اعتداد بالنسبة التي وردت بأمر التوريد وهي 80% من قيمة الكميات المتعاقد عليها، وإذ أهملت الجهة الإدارية المتعاقدة حكم المادة 67 من اللائحة التنفيذية فأنها تكون قد طبقت القواعد القانونية تطبيقاً صحيحاً وبذلك ينتفي وصف الخطأ العقدي على تصرفها وبالتالي ينهار طلب التعويض الذي يطالب به الطاعن، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد خالفه الصواب ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس من الواقع أو القانون حقيقاً بالرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن بالنسبة إلى المطعون عليهما الأول والثالث وبقبوله بالنسبة إلى المطعون ضده الثاني، وفي الموضوع برفضه وألزمت الطاعن المصروفات.
(1) راجع الطعن رقم 1364 و1475 لسنة 36 ق بجلسة 13/ 7/ 1993 بشأن كيفية تحديد الغرامة وعدم جواز التدخل بين المدد والنسب المقررة لها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق