جلسة 24 من يناير سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ أحمد صبري أسعد نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم زغو، محمد العفيفي، ممدوح السعيد ولطفي عبد العزيز.
------------------
(33)
الطعن رقم 1139 لسنة 51 القضائية
(1) شيوع. شفعة. ملكية. بيع.
بيع الشريك المشتاع حصته مفرزة لأجنبي. بيع صحيح معلق على نتيجة القسمة أو إجازة باقي الشركاء. اعتباره في حكم التصرف في قدر شائع بالنسبة لهم. أثره. ثبوت حقهم في أخذ الحصة المبيعة بالشفعة. المادتان 826، 936 مدني.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". خبرة. إثبات.
تقدير عمل الخبير من سلطة محكمة الموضوع. عدم التزامها بالرد استقلالاً على ما وجه إلى تقرير الخبير من مطاعن.
(3) ملكية "انتقال الحقوق العينية العقارية". إرث. "شهر حق الإرث".
شهر حق الإرث. ليس شرطاً لانتقال الحقوق العينية العقارية للورثة من وقت الوفاة. عدم شهر حق الإرث. جزاؤه. منع شهر أي تصرف يصدر من الوارث في عقارات التركة دون منع التصرف ذاته. م 13 ق 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 1326 لسنة 1977 مدني دمنهور الابتدائية بطلب الحكم بأحقيتها في أخذ الأرض المبينة بالأوراق بالشفعة، وقالت بياناً لها إن المطعون عليهما الثاني والثالث باعا إلى الطاعنين هذه الأرض مقابل ثمن قدره 3000 ج، وإذ توافرت لها شروط أخذها بالشفعة فقد أقامت الدعوى بطلبها سالف البيان، وبتاريخ 22/ 12/ 1977 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل بدمنهور لبيان ما إذا كانت المطعون عليها الأولى تمتلك على الشيوع في الأرض محل النزاع وتمتلك أرضاً تجاور هذه الأرض من جهتين، وبيان ما إذا كانت الأرض المشفوع فيها قد بيعت شائعة أم مفرزة، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 10/ 1/ 1980 برفض الدعوى، استأنفت المطعون عليها الأولى هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 136 سنة 36 ق مدني (مأمورية دمنهور). وبتاريخ 26/ 2/ 1981 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المطعون عليها سالفة الذكر في أخذ الأرض محل النزاع بالشفعة، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعنان بالأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان يقولان إنه لا يحق للمطعون عليها الأولى أن تأخذ الأرض المبيعة بالشفعة لأنها بيعت مفرزة، والقانون لا يجيز الشفعة للشريك في الشيوع إلا إذا كان المبيع حصة شائعة في العقار، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأخذ بما انتهى إليه الخبير في الدعوى من أن الأرض التي تركها المورث ما زالت على الشيوع وأن قسمة لم تتم بين الورثة وأن الأرض المشفوع فيها تجاور باقي أرض المطعون عليهم على الشيوع من جهتين مع أن القسمة قد تمت بدليل تلك العقود المودعة من الطاعنين الجمعية التعاونية الزراعية، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المشرع إذ نص في المادة 826 من القانون المدني على أن "كل شريك في الشيوع يملك حصته ملكاً تاماً وله أن يتصرف فيها وأن يستولي على ثمارها وأن يستعملها بحيث لا يلحق الضرر بحقوق سائر الشركاء. وإذا كان التصرف منصباً على جزء مفرز من المال الشائع ولم يقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب المتصرف انتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذي آل إلى المتصرف بطريق القسمة...." ونص في المادة 936 من ذات القانون على أن "يثبت الحق في الشفعة... (ب) للشريك في الشيوع إذا بيع شيء من العقار إلى أجنبي..." فقد دل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن للمالك على الشيوع أن يبيع ملكه محدداً مفرزاً ويقع البيع صحيحاً، وإن كانت حالة التحديد هذه تظل معلقة على نتيجة القسمة أو إجازة الشركاء في الشيوع، ومتى كان هذا البيع صحيحاً وصدر لأجنبي وكان الإفراز الذي تحدد به محل البيع لا يحاج به سائر الشركاء في الشيوع طالما لم تتم القسمة قضاءً أو رضاءً، مما يعتبر معه هذا التصرف بالنسبة لهم في حكم التصرف في قدر شائع، وبالتالي يثبت لهم حق الأخذ بالشفعة في ذلك البيع، لما كان ذلك وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عمل الخبير لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات الواقعية في الدعوى يخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لها سلطة الأخذ بما انتهى إليه إذا رأت فيه ما يقنعها ويتفق وما ارتأته أنه وجه الحق في الدعوى ما دام قائماً على أسباب لها أصلها في الأوراق وتؤدي إلى ما انتهى إليه وأن في أخذها بالتقرير محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في المطاعن الموجهة إليه ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير دون ما إلزام عليها بتعقب تلك المطاعن على استقلال، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع في حدود سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها قد خلصت إلى أن أرض المطعون عليها الأولى ملاصقة للأرض المبيعة من جهتين وتساوي من القيمة أزيد بكثير عن نصف ثمن هذه الأرض الأخيرة فيكون لها الحق في أخذها بالشفعة إعمالاً لما تنص عليه المادة 936/ هـ من القانون المدني، وعولت في ذلك على ما اطمأنت إليه مما جاء بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى الذي انتقل إلى الأرض محل النزاع وعاينها واطلع على مستندات الخصوم وناقشهم وبعض الشهود، من أن الأرض المخلفة عن المورث ما زالت شائعة ولم يتم قسمتها رضاء أو قضاء وأن الأرض المبيعة تجاور هذه الأرض الشائعة من الجهتين القبلية والغربية، ومن ثم فإن محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق وتكفي لحمله، ويكون هذا النعي بالتالي في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن من شروط الأخذ بالشفعة أن يكون الشفيع مالكاً لما يشفع به وقت قيام سبب الشفعة أي وقت انعقاد بيع العقار الذي يشفع فيه، وإذ كان لم يتم إشهار تركة مورث المطعون عليها الأولى فإن ملكية الأرض المخلفة عنه لا تكون قد انتقلت إليها، ويكون الحكم المطعون فيه بقضائه بأحقيتها في أخذ الأرض المبيعة بالشفعة قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المادة 13 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري التي استحدثت نظام شهر حق الإرث إذ نصت في فقرتها الأولى على أنه "يجب شهر حق الإرث بتسجيل إشهادات الوراثة الشرعية أو الأحكام النهائية أو غيرها من السندات المثبتة لحق الإرث مع قوائم جرد التركة إذا اشتملت على حقوق عينية عقارية" ورتبت الجزاء على مخالفة هذا الإجراء بما نصت عليه من أنه "إلى أن يتم هذا التسجيل لا يجوز شهر أي تصرف يصدر من الوارث في حق من هذه الحقوق" فإن مفاد ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع لم يجعل شهر حق الإرث شرطاً لانتقال الحقوق العينية العقارية إلى الورثة حتى لا تبقى هذه الحقوق بغير مالك لحين شهر حق الإرث، وإنما تؤول هذه الحقوق للورثة من وقت وفاة المورث باعتبار أن انتقال ملكية أعيان التركة بما فيها الحقوق العينية العقارية من المورث إلى الوارث أثر يترتب على واقعة الوفاة واكتفى المشرع في مقام تحديد الجزاء على عدم شهر حق الإرث بمنع شهر أي تصرف يصدر من الوارث في أي عقار من عقارات التركة دون منع التصرف ذاته، لما كان ذلك فإن ملكية المطعون عليها الأولى للأرض المخلفة عن مورثها تكون قد آلت إليها من وقت وفاته، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ويكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق