الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 11 أغسطس 2023

الطعنان 1083 ، 1136 لسنة 38 ق جلسة 18 / 4 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 100 ص 1012

جلسة 18 من إبريل سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد القادر هاشم النشار وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود. منيب محمد ربيع – المستشارين.

-----------------

(100)

الطعنان رقما 1083/ 1136 لسنة 38 القضائية

جامعات - رسالة دكتوراة - التاريخ الفعلي للحصول على رسالة الدكتوراة.
القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات.
تشكيل لجنة الحكم على الرسالة لنيل درجة الدكتوراة في طب وجراحة الأسنان مناقشتها للرسالة وخلصت في 13/ 12/ 1990 إلى التقرير بتصحيح الأخطاء الواردة بها ويعلق قبول الرسالة لحين تصحيح الأخطاء واعتمادها - اجتماع لجنة الحكم وإطلاعها على النسخة المعدلة بعد التصحيح وتوصيتها بجلسة 8/ 1/ 1991 بتصحيح الأخطاء وإعطاء الطالب ثلاثة أشهر فرصة لإنجاز التصحيحات ثم تعرض على اللجنة للنظر فيها واعتمادها - تقرير اللجنة في 28/ 1/ 1991 بأن الطالب قد أنجز ما طلب إليه من تصحيحات وطلب تعليق الرسالة لاستكمال شرائط قبولها القانونية - أداء الطالب الامتحان التحريري في 19/ 4/ 1991 التكميلي للحصول على الدرجة العلمية واجتيازه بنجاح - استكمال الطالب للشرائط القانونية للحصول على درجة الدكتوراة من تاريخ إعلان نتيجة الامتحان التحريري الذي عقد في 19/ 4/ 1991 - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 24/ 3/ 1992 أودعت الأستاذة ألفت درويش المحامية نائبة عن الأستاذ نبيل محمد شلبي بصفته وكيلاً عن رئيس جامعة الإسكندرية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد برقم 1083 لسنة 38 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في الدعوى رقم 4000 لسنة 45 ق بجلسة 6/ 2/ 1992 والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار الصادر بتاريخ 28/ 8/ 1991 من نائب رئيس الجامعة بتشكيل لجنة للحكم على رسالة الدكتوراة المقدمة من المدعي وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وإلزام الجامعة هذا الطلب والأمر بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها، وإعداد تقرير بالرأي القانوني في الموضوع.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير طعنه، وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه. وبعدم الاختصاص الولائي للقضاء الإداري بنظر الدعوى وفي جميع الأحوال إلزام المطعون ضده المصروفات.
وفي يوم السبت الموافق 28/ 3/ 1992، أودع الأستاذ عادل عبد المقصود المحامي، بصفته وكيلاً عن الدكتور ناجي البرنس حسين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن في ذات الحكم المشار إليه. وطلب في ختام تقرير طعنه - وللأسباب الواردة به - طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما لحين الفصل في الموضوع وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرارين سالفي الذكر، وما ترتب عليهما من آثار، مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وقد تم إعلان الطعنين على النحو المشار إليهما في الأوراق.
وأودع الأستاذ المستشار عبد السميع بريك مفوض الدولة، تقرير هيئة مفوضي الدولة بالرأي القانوني في الطعنين انتهت فيه للأسباب الواردة به للحكم:
1 - بقبول الطعن رقم 1083 لسنة 38 ق شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
2 - بقبول الطعن رقم 1136 لسنة 38 ق. وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه على النحو الوارد بالتقرير وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وقد نظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حيث قررت بجلسة 20/ 7/ 1992 ضم الطعنين ليصدر فيهما حكماً واحداً، وبجلسة 16/ 11/ 1991 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى هذه المحكمة لنظرهما. والتي نظرتهما على النحو الثابت بمحاضرها حيث حضر الطرفان جلسة 17/ 1/ 1993 وقرر الحاضر عن الجامعة أن المطعون ضده قد حصل على درجة الدكتوراه موضوع الطعن وطلب ترك الخصومة في الطعن. وقد أيد الدكتور الطاعن - والمطعون ضده هذا الإجراء وأضاف أنه يتحفظ على التاريخ الذي منحته الجامعة فيه درجة الدكتوراة ومن ثم لا تكون الجامعة قد إجابته إلى طلباته وطلب تحميلها المصروفات. وبذات الجلسة قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة 28/ 2/ 1993 وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم 18/ 4/ 1993 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن كلاً من الطعنين قد استوفى إجراءات قبوله الشكلية.
ومن حيث إن الموضوع يتلخص حسبما يبين من الأوراق في أن الدكتور ناجي البرنس حسن أقام بتاريخ 28/ 9/ 1991 الدعوى رقم 4000 لسنة 45 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية وطلب فيها الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر من نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا بتشكيل لجنة جديدة للحكم على رسالة الدكتوراة المقدمة منه، واستكمال عمل لجنة الحكم السابقة. وكذلك القرار الصادر من مجلس كلية طب الأسنان في 17/ 9/ 1991 بتحديد يوم 30/ 9/ 1991 موعداً لانعقاد تلك اللجنة الجديدة وبإلغاء القرارين المذكورين بما يترتب عليهما من آثار.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه يعمل مدرساً مساعداً بقسم جراحة الفم بكلية طب الأسنان جامعة الإسكندرية وتقدم للحصول على درجة الدكتوراة - واستكملها وتهيأت للمراجعة تمهيداً للمناقشة. ولكنه فوجئ بسلسلة إجراءات مثلت عرقلة لمناقشتها. ومن ثم اضطر إلى إقامة الدعاوى أرقام 1741 لسنة 44 ق، 2538 لسنة 44 ق أمام محكمة الفضاء الإداري بالإسكندرية. وقد صدر الحكم في الدعوى الأخيرة بوقف تنفيذ قرار تأجيل مناقشة الرسالة المقدمة من المدعي وما يترتب على ذلك من آثار وتنفيذاً لهذا الحكم حدد مجلس الكلية يوم 13/ 12/ 1990 موعداً لمناقشة الرسالة. وقد تم مناقشة الرسالة في التاريخ المقرر حيث صدر قرار لجنة الحكم بتعليق قبول الرسالة على تصحيح بعض الأخطاء وإضافة بعض المراجع التي أسقطت عند الطباعة - وفوضت اللجنة الأستاذ الدكتور رضوان الحق في اعتماد وتصحيح هذه الأخطاء.
وأضاف المدعي قوله أنه أتم إجراء هذه التصحيحات ولكن وبدون مبرر مقبول رفض الأستاذ المفوض قبول هذه التصحيحات مطالباً بعده إضافات أنكرها عليه مجلس القسم مقرراً أنها تخرج عما طلبته لجنة المناقشة وتمثل إضافات لم تطلب وتعتبر سابقة غير معهودة في الجامعة. ولعدم استجابة الأستاذ لذلك بادر بإقامة الدعوى رقم 1707 لسنة 45 طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن اعتماد ما أجره من تصحيحات للأخطاء الإملائية وإضافة للمراجع المطلوبة.
واستطرد المدعي شرحاً لدعواه قوله، أن عميد كلية طب الأسنان - المدعى عليه الثاني - أخطر مجلس الكلية وعلى غير الواقع تنحي لجنة الحكم عن مهمتها ومن ثم استصدر قراراً بتشكيل لجنة جديدة لمناقشة الرسالة من ثلاثة أساتذة آخرين. خلال هذه الفترة كان قد صدر حكم المحكمة في الشق العاجل في الدعوى رقم 1707 لسنة 45 ق بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبأحقية المدعي في دخول الامتحان العملي المقرر له إبريل 1991. تنفيذاً لهذا الحكم أدى الامتحان واجتازه بنجاح ومع ذلك لم يمنح درجة الدكتوراة بسبب تمسك مجلس الكلية بقراره الصادر في 4/ 6/ 1991 بتأجيل منحه درجة الدكتوراة لحين الانتهاء من البت في أمر الرسالة وتمسك المجلس بقراره الصادر بتاريخ 2/ 4/ 1991، بتشكيل لجنة جديدة لمناقشة الرسالة وهو قرار يعارضه الحكم الصادر في الدعوى رقم 1707 لسنة 45 ق بجلسة 4/ 4/ 1991 بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر في هذا الشأن.
وأضاف المدعي أنه اضطر إلى إقامة الدعوى رقم 3123 لسنة 45 مطالباً في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بتاريخ 4/ 6/ 1991 من مجلس الكلية بتأجيل منحه درجة الدكتوراة حتى يتم البت في أمر الرسالة ولكن المحكمة قضت بجلسة 1/ 8/ 1991 بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى.
وطعن على هذا الحكم بالطعن رقم 4358 لسنة 37 ق.
واستطرد المدعي قوله بأنه إذ عرض الموضوع على الأستاذ الدكتور نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث أصدر قراراً في 28/ 8/ 1991، بتشكيل لجنة الحكم التي افترض مجلس الكلية بتاريخ 2/ 4/ 1991، وصدر قرار مجلس الكلية بتحديد يوم 30/ 9/ 1991 موعداً لإعادة مناقشة الرسالة، وهو الأمر الذي اضطره إلى إقامة الدعوى رقم 4000 لسنة 45 ق منتهياً فيها إلى طلب وقف تنفيذ وإلغاء هذين القرارين.
وبجلسة 6/ 2/ 1992 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار الصادر من نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث بتاريخ 28/ 8/ 1991 بتشكيل لجنة للحكم على الرسالة المقدمة من المدعي. وما يترتب على ذلك من آثار. وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها.
وشيدت المحكمة قضاءها على أسباب حاصلها أن البادي من ظاهر الأوراق أن القرار الصادر من مجلس الكلية بتاريخ 2/ 4/ 1991، بتعديل تشكيل لجنة الحكم على الرسالة وتشكيل لجنة جديدة لإعادة مناقشتها برئاسة أ. د محمد محمد الشيخ وعضوية كل من محمد مجيد أمين، والدكتور فتحي إبراهيم شحاته عضواً ومشرفاً والدكتور أحمد رشاد قطب مشرفاً واعتمد هذا التشكيل من نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث في 28/ 8/ 1991 وقضت هذه اللجنة بتاريخ 3/ 9/ 1991 بالتوصية برفض الرسالة.
ولما كان البادي من الأوراق أن الدكتور محمد محمد الشيخ المعين بالقرار المطعون فيه رئيساً لهيئة الحكم كان قد تقدم بتاريخ 2/ 5/ 1991 بشكوى إلى رئيس الجامعة ضد المدعي وهو الأمر الذي يمثل خصومة بينهما. فما كان له والحال هذه أن يقبل رئاسة لجنة الحكم أو أن يكون عضواً فيها لافتقاده الحيدة المتطلبة قانوناً لذلك. وكان الأجدى به أن يتنحى عن المشاركة فيها وإذ لم يتم ذلك فإن إجراءات اللجنة يكون قد شابها عيب جوهري من شأنه أن يبطل قرارها ومن ثم وقف تنفيذه وما يترتب على ذلك من آثار. وعرض رسالة المدعى على لجنة الحكم الأصلية أو لجنة حكم أخرى تتوافر في شأنها الضمانات القانونية على أن تكون مهمتها استكمال أعمال لجنة الحكم الأصلية.
ومن حيث إن مبنى الطعن الأول رقم 1083 لسنة 38 ق المقدم من الجامعة هو أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون تطبيقاً وتأويلاً استناداً إلى أن:
1 - الحكم لم يستظهر ركن الاستعجال واكتفى ببحث ركن الجدية فقط وهو ما يفقده صحته قانوناً إذ يلزم أن يعرض للركنين معاً.
2 - أنه ليس ثمة وجه لما استخلصه الحكم من وجود خصومة من المدعي - المطعون ضده وبين الأستاذ المعين رئيساً للجنة الحكم، ذلك أن مجرد تقديم شكوى من رئيس لجنة الحكم بصفته أحد الممتحنين ضد المدعي لا يعني وجود خصومة بينهما.
3 - أن الحكم المطعون فيه قد خالف الثابت في الأوراق وما دفعت به الجامعة من عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، على أنه ليس من اختصاص قضاء مجلس الدولة منح الدرجات العلمية كما ثبت ذلك الحكم بل استندت الجامعة في هذا الدفع إلى أن القرارين المطعون فيهما ليسا من قبيل القرارات الإدارية النهائية التي يجوز الطعن فيها أمام محاكم مجلس الدولة.
4 - أن الحكم المطعون فيه وهو في مجال بحث الشق العاجل من الدعوى قد فاته أن القرارين المطعون فيهما قد تم تنفيذهما بالفعل ومن ثم لا يصبح هناك جدوى من نظر الشق العاجل من الدعوى.
5 - أن ما انتهى إليه الحكم من طلب عرض موضوع تصحيح الرسالة المقدمة من المدعى على لجنة الحكم الأصلية أو على لجنة أخرى يتم تشكيلها تشكيلاً صحيحاً يكون قد قضى في موضوع الدعوى كما يعد قراراً حلت فيه المحكمة نفسها محل الجهة الإدارية في موضوع غير معروض عليه مما يبطل حكمها.
ومن حيث إن مبنى الطعن 1136 لسنة 38 ق، عليا أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون تطبيقاً وتأويلاً، تأسيساً على أن الحكم فيما اشتمل عليه من أسباب أحال إليها منطوقه قد أجحف بحقوقه وخالف صحيح حكم القانون استناداً إلى الأتي: -
1 - أن الحكم الصادر في الشق العاجل يعتبر حكماً وقتياً ويحوز حجيته في التنفيذ وأنه لما كان الطاعن قد صدر لصالحه الحكم في الدعوى رقم 1707 لسنة 45 ق بجلسة 4/ 4/ 1991 بوقف تنفيذ القرار السلبي الصادر من لجنة الحكم على الرسالة التي تمت مناقشتها في 13/ 12/ 1990 وإضافة المراجع العلمية التي سقطت فإن تنفيذ هذا الحكم يقتضي أن تصدر الإدارة قراراً باعتماد التصحيح وما يترتب على ذلك من أثار أهمها السماح للطاعن بدخول الامتحان التحريري ثم منحه درجة الدكتوراة إذا ما اجتاز هو هذا الامتحان بنجاح، وإذا لم تفعل الإدارة ذلك فإنه تكون قد أخلت بحجية الحكم المشار إليه ومن ثم يكون كل من القرارين المطعون فيهما قد خالف القانون.
2 - أن اعتبار الباب ما زال مفتوحاً لصدور قرار جديد بتشكيل لجنة جديدة للحكم على الرسالة يعني مخالفة للحكم الصادر في الدعوى 1707 لسنة 45 المشار إليها وهو ما لم يطلبه المدعي لصدور حكم له به فعلاً ومن ثم يكون الحكم وإن قضى للطاعن بطلباته في منطوقة إلا أنه أخل بها في أسبابه مما يجعله مخالفاً للقانون حرياً بالإلغاء.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجري على أنه وإن كان للخصوم تحديد طلباتهم وصياغة عباراتهم بما يتفق مع حريتهم في تحديد ما يقصدونه من الطلبات وسندهم فيها قانوناً، فإنه يتعين على المحكمة تحديد هذه الطلبات على نحو موضوعي وفقاً لحقيقة ما يقصده الخصوم من تقديمها وصحيح إرادتهم بشأنها ما يمكنها من إنزال حكم القانون الصحيح على هذه الطلبات وبصفة خاصة فيما يتعلق بولاية القضاء الإداري ونطاق رقابته على القرارات المطعون فيها ومدى مشروعيتها وعلى المحكمة أن تتصدى لذلك من تلقاء ذاته، ولو دون طلب من الخصوم لما في تحديد طلبات الخصوم وتكييفها وتحديد طبيعة المنازعة من ارتباط حتمي بالأصول العامة للتنظيم القضائي وبصفة خاصة ولاية محاكم مجلس الدولة التي حددتها المادة (172) من الدستور وأحكام قانون تنظيم مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 ولما كان الطعن المقام من الطاعن في الطعن رقم 1136 لسنة 38 ق عليا قد استند في تجريح الحكم المطعون في إلى أنه أورد أسباب تختلف عن حقيقة ما استهدفه من دعواه وأن حقيقة طعنه في القرارين المشار إليهما إنما يستند إلى أنه يبتغي من إلغائهما تأكيد الاعتداد بتاريخ مناقشته لرسالة الدكتوراه في 13/ 12/ 1990 واجتيازه الامتحان العملي المقرر لها بتاريخ 19/ 4/ 1991 ومن ثم اعتبار هذا التاريخ هو التاريخ الفعلي لحصوله على رسالة الدكتوراه، وعدم الاعتداد بما انتهت إليه لجنة الحكم المطعون في قرار تشكيلها بما انتهت إليه في 30/ 9/ 1991 بعدم صلاحية رسالة الدكتوراة.
ومن حيث إنه بناء على ذلك فإن مقطع الفصل في النزاع هو تحديد تاريخ حصول الطاعن على الدكتوراه باستيفائه إجراءاتها فيما يتصل بإجراء التصحيحات التي طلبتها لجنة الحكم في قرارها بتاريخ 13/ 12/ 1990 وتاريخ إنهائه رسالة الدكتوراة بأدائه الامتحان العملي لها بتاريخ 19/ 4/ 1991 واعتباره هو التاريخ الفعلي لحصوله على رسالة الدكتوراة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجري على أنه طبقاً لحكم المادة 49 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972. يتعين للحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري توافر ركنين.
الأول: هو ركن الجدية بأن يكون القرار المطعون فيه معيباً بحسب الظاهر من الأوراق مما يحمل على ترجيح إلغائه عند الفصل في الموضوع.
الثاني: هو ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه ولئن كان الدستور قد كفل حق التعليم لكل المواطنين على نحو سواء بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع. كما أن الدولة ملزمة بأن تكفل تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين وتخضع لسيادة القانون باعتباره أساس الحكم في الدولة (المواد 64، 65 من الدستور) فإن هذا الحق يتساوى فيه كل مواطن بلا تمييز إلا بقدر ما يتميز فيه الفرد عن أقرانه بقدرته على تحصيل العلم وترتيب نتائج هذا التحصيل على نحو يفيد المجتمع ولهذا شرع المجتمع نظام الامتحان أو الاختبار ليتمكن من التمييز بين طلاب العلم على قدر تباينهم في التفوق وترتيب هذا التفوق في مراتب محددة وفقاً لكفاياتهم وقدراتهم في التحصيل والاستيعاب والتفكير والبحث والتأمل.
ولما كان الأصل أن ما تسفر عنه نتيجة الامتحان وأياً كانت وسيلتها - والتي تختلف في الدراسة عنها في الحصول على الدرجات العلمية في مرحلة بعد التعليم الجامعي - كالماجستير والدكتوراة.... إلا أن الجامعات تضع نظاماً موحداً لنيل هذه الدرجات من خلال أداء امتحان أو أكثر نظري أو عملي أو تحريري يمثل بحثاً علمياً متكامل عناصره تتم مناقشته فيه والحكم عليه لجنة علمية تشكل لهذا الغرض، ويعقبه أداء الطالب الذي يجتاز هذا البحث لامتحان عملي أو تحريري باجتياز الدارس له يكون قد استوفى شرائط الحصول على درجته العلمية. ولا يعني أي من الامتحانين عن الآخر في الإقرار بحصول الطالب على الدرجة العلمية.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة منذ إنشائها قد جرى على أنه طبقاً لأحكام الدستور والقانون فإن رقابة القضاء الإداري على القرارات الإدارية هي رقابة مشروعية تسلطها محاكمة على القرارات المطعون فيها لتزنها بميزان القانون والشرعية والمصلحة العامة فتلغيها أو توقف تنفيذها لو تبين صدورها مخالفة لأحكام الدستور أو القانون أو اللوائح أو القواعد التنظيمية العامة بحسب الأحوال. كما أن رقابة الإلغاء، يتفرع عنها رقابة وقف تنفيذ القرارات غير المشروعة ولذا تخضع لذات الأسس والمبادئ مع مراعاة طبيعتها المستعجلة والمؤقتة ولذا يجب أن يستند القاضي الإداري فيما يقضى به من وقف تنفيذ القرارات الإدارية إلى الظاهر من الأوراق، وفي الحدود التي يقتضيها القضاء بوقف التنفيذ على ما يبدو من عدم مشروعية القرار فضلاً عن توفر نتائج يتعذر تداركها على استمرار التنفيذ.
بيد أن محاكم مجلس الدولة في مباشرتها لرقابة المشروعية على قرارات وتصرفات الإدارة متمتعة بالاستقلال عن أية سلطة في الدولة في أداء رسالتها في حدود الدستور والقانون ولا يسوغ لها أن تحل مطلقاً محل جهة الإدارة التنفيذية العاملة في أداء واجباتها ومباشرتها لمسئوليتها في أدائها لواجباتها أو لعملها الإداري أو التنفيذي الذي أناطها بها الدستور والقانون واللوائح التنفيذية والتي تتحمل الإدارة مسئولية أدائها لها سياسياً ومدنياً وجنائياً وإدارياً.. ومن ثم فإن رقابة المحكمة وولايتها لا تمتد إلى أبعد من القضاء بوقف التنفيذ أو الإلغاء ولا تشتمل تحديد وإعلان موضوع النتيجة أو القرار ولا تمتد إلى مراجعة الجانب الفني في تقدير العمل العلمي منحاً أو تصحيحاً وإنما تقف هذه الرقابة للمشروعية وسيادة القانون ووقف تنفيذ أو إلغاء القرار المطعون فيه على ما يتبين من خروجه عن التقيد بالمشروعية والتزام أحكام القانون.
ومن حيث إنه بناء على ما سبق فإنه بالنسبة للطعن رقم 1083 لسنة 38 ق عليا المقام من رئيس جامعة الإسكندرية فإن الثابت من الأوراق أن الحاضر عن الجامعة قد قرر بجلسة 17/ 1/ 1993 أن المطعون ضده في هذا الطعن قد حصل فعلاً على الدكتوراه موضوع النزاع دور إبريل 1991 وطلب لذلك ترك الخصومة في الطعن.
ومن حيث إن المادة 141 من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968 تنص على أن "يكون ترك الخصومة بإعلان من التارك لخصمه على يد محضر أو بيان صريح في مذكرة موقعة من التارك أو من وكيله مع اطلاع خصمه عليها، أو بإبدائها شفوياً في الجلسة وإثباته في المحضر".
كما نصت المادة 142 من ذات القانون على أن "لا يتم الترك بعد إبداء المدعى عليه طلباته.... إلا بقبوله".
كما نصت المادة 143 على أن "يترتب على الترك إلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك وقف الحكم والحكم على التارك بالمصاريف".
ومن حيث إن المطعون ضده بعد أن أبدى دفاعه قرر أن الجهة الإدارية لم تجبه إلى طلباته ومن ثم يبدو أيضاً في حقيقة الأمر ترك الجامعة للخصومة في هذا الطعن. وهو الأمر الذي يقتضي بحثه من أسباب الحكم في الطعن رقم 1136 لسنة 38 ق. المقام من المطعون ضده (ضد رئيس الجامعة) الطاعن.
ومن حيث إن الظاهر من الوراق أنه قد تم تشكيل لجنة للحكم على الرسالة المقدمة من د/ ناجي البرنس حسن (المطعون ضده في الطعن الأول والطاعن في الطعن الثاني) لنيل درجة الدكتوراه في طب وجراحة الفم والأسنان وشكلت لجنة لمناقشة هذه الرسالة الأساتذة من الدكتور/ رضوان يوسف الحق أستاذ جراحة الفم - المتفرغ - بالكلية - الدكتور/ عبد العزيز فهمي خليل أستاذ جراحة الفم (المشرف) والدكتور عبد المنعم توفيق أستاذ جراحة الفم والأسنان بكلية طب أسنان المنصورة. وقد تمت مناقشتها بتاريخ 13/ 12/ 1990 وقد خلصت اللجنة إلى التقرير بأن "تصحح الأخطاء الواردة بالرسالة ويعلق قبول الرسالة لحين تصحيح الأخطاء واعتمادها من الأستاذ الدكتور رضوان الحق الذي فوضته اللجنة في ذلك" وبتاريخ 8/ 1/ 1991 اجتمعت لجنة الحكم ذاتها واطلعت على النسخة المعدلة بعد قيام الطالب بتصحيحها وأوصت بتصحيح الأخطاء بالنسخة المعدلة وإعطاء الطالب ثلاثة أشهر فرصة لإنجاز هذه التصحيحات وتعرض على اللجنة للنظر فيها واعتمادها.
ومن حيث إن سائر الأساتذة أعضاء اللجنة أرسلوا بتاريخ 28/ 1/ 1991 خطاباً إلى رئيس قسم جراحة الفم والأسنان بالكلية تضمن أن الطالب قد أنحز ما طلب إليه من تصحيحات وأن ما طلب الدكتور المشرف من إضافات تخرج عما تضمنه قرار لجنة المناقشة بتاريخ 13/ 12/ 1990 وطلبوا إنهاء تعليق الرسالة لاستكمالها شرائط قبولها القانونية ومن حيث إنه يبين مما سبق أن لجنة المناقشة قد علقت قبول الرسالة المقدمة من الطاعن على شرط مضمونة قيامه بإجراء ما طلبت اللجنة إجراؤه على الرسالة من تصحيح لبعض الأخطاء وإدراج لما لم يتم إدراجه من مراجع علمية ليستكمل البحث شرائطه العلمية المقررة لقبوله. وإذ تحقق هذا الشرط بخطاب الأساتذة أعضاء لجنة الحكم الموجه إلى الأستاذ رئيس القسم المختص بطلب إنهاء تعليق الرسالة فإن الرسالة تكون قد استوفت شرائط قبولها باستكمال إجراءاتها، كما وأنه بتاريخ 19/ 4/ 1991 قد أدى الطاعن الامتحان التحريري التكميلي للحصول على الدرجة العلمية واجتازه بنجاح. وهو الأمر الذي يبين منه استكمال الطاعن للشرائط القانونية للحصول على درجة الدكتوراه بتاريخ إعلان نتيجة الامتحان التحريري الذي عقد بتاريخ 19/ 4/ 1991.
ومن حيث إن الجامعة قد أودعت ملف الطعن حافظة مستندات اشتملت على صورة من شهادة تفيد حصول الطاعن على درجة الدكتوراة دور إبريل 1991، وهو التاريخ الذي أدى فيه الامتحان التحريري المعتبر شرطاً لاستكمال الحصول على الدرجة العلمية فإنه يكون هذا التاريخ والحال هذه هو صحيح التاريخ المعتبر به حيث توجت رسالته بتاريخ 13/ 12/ 1991.
واستكملت تصحيحها بتاريخ 28/ 1/ 1991 بموجب الخطاب الموجه من أعضاء لجنة الحكم الأولى الموجه إلى الدكتور رئيس القسم المختص ثم أدى الامتحان التحريري بنجاح في 19/ 4/ 1991 ومن ثم يكون التاريخ الوارد بشهادة الدكتوراه الممنوحة للطاعن ومن أنه دور إبريل 1991 قد صادف صحيح حكم القانون والواقع.
ومن حيث إن من يخسر دعواه يلزم مصروفاتها وفقاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة أولاً: بقبول الطعن رقم 1083 لسنة 38 ق ع شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات.
ثانياً: بقبول الطعن رقم 1136 لسنة 38 ق. عليا شكلاً وبوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما على النحو الموضح بالأسباب وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق