جلسة 29 من ديسمبر سنة 1968
برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي ومحمد فهمي طاهر وإبراهيم خليل الشربيني المستشارين.
--------------------
(22)
القضية رقم 938 لسنة 8 القضائية
موظف "تعيين" قرار إداري "سحبه". (إنهاء خدمة).
القانون رقم 176 لسنة 1960 - نصه على أنه يجوز إعادة الموظف إلى وظيفته التي كان يشغلها قبل الحكم عليه من محكمة الشعب أو إلى أية وظيفة أخرى في حالات خاصة وبشروط معينة - القرار الصادر بإعادة تعيينه ليس سحباً لقرار فصله من الخدمة - النص في القانون المذكور على حساب مدة الفصل في الأقدمية - اعتبارها مدة اعتبارية لا تترتب عليها الآثار المترتبة على مدة الخدمة الفعلية - لا ينسحب أثرها على الماضي إلى ما يجاوز النطاق الذي حدده القانون فلا يجوز الطعن في القرارات الإدارية السابقة أساس ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1007 لسنة 16 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم بعريضة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 27 من يونيه سنة 1962 بناء على قرار صادر لصالحه من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة بجلسة 8 من مايو سنة 1962 في طلب الإعفاء من الرسوم القضائية رقم 362 لسنة 16 القضائية المقدم منه طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر في 16 من يوليه سنة 1956 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الخامسة، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، مع إلزام الوزارة المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة "وقال بياناً لدعواه إنه عين في وظيفة أخصائي اجتماعي بوزارة التربية والتعليم على الدرجة السادسة الفنية العالية في 3 من نوفمبر سنة 1949، وقد أنهيت خدمته بقرار من مجلس قيادة الثورة في 8 من ديسمبر سنة 1954 بناء على شكوى كيدية بأنه ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين المنحلة، ولما صدر القانون رقم 167 لسنة 1960 بالعفو عن بعض العقوبات تقدم إلى الوزارة بطلب إعادته إلى الخدمة وفعلاً صدر القرار رقم 133 لسنة 1960 في 21 من أكتوبر سنة 1960 بإعادة تعيينه مع اعتبار أقدميته في الدرجة السادسة راجعة إلى 16 من سبتمبر سنة 1955، واستناداً إلى الكتاب الدوري لديوان الموظفين الصادر في هذا الخصوص صدر القرار رقم 512 في 2 من أغسطس سنة 1961 بتسوية بعض الحالات وأغفل اسمه فلما تظلم من هذا الترك أرجعت أقدميته في الدرجة السادسة إلى 31 من نوفمبر سنة 1949 بالقرار الوزاري رقم 664 الصادر في 25 من سبتمبر سنة 1961. وفي 3 من ديسمبر سنة 1961 تظلم من حركة الترقيات إلى الدرجة الخامسة الفنية العالية التي أعدتها الوزارة في 16 من يوليه سنة 1956 ووصل الدور فيها إلى ما بعد أقدميته في الدرجة السادسة، ولم يرق فيها على الرغم من انطباق قواعدها على حالته، ولما كانت مدة خدمته قد اعتبرت متصلة حيث لم تحسب فترة إبعاده من الوظيفة، فإنه يجب إعمال كافة الآثار القانونية المترتبة على إرجاع أقدميته في الدرجة السادسة إلى 3 من نوفمبر سنة 1949، وهو ما يعني عدم جواز تخطيه في الترقية إلى الدرجة الخامسة بمن هم أحدث منه في أقدمية الدرجة السادسة ويتلخص رد الوزارة - حسبما جاء تعقيباً على التظلم وعلى طلب الإعفاء من الرسوم - في أن القرار المطعون فيه قد نشر بنشرة الوزارة بالعدد رقم 27 الصادر في أول أكتوبر سنة 1956، وأن المدعي قد انتهت خدمته في 7 من ديسمبر سنة 1954 ثم أعيد تعيينه في 21 من أكتوبر سنة 1960 بأقدمية في الدرجة السادسة راجعة إلى 16 من سبتمبر سنة 1955، عدلت إلى 3 من نوفمبر سنة 1949 تاريخ تعيينه الأول بالقرار الصادر في 25 من سبتمبر سنة 1961، وقد شمل القرار المطعون فيه ترقية الموظفين الذين ترجع أقدميتهم في الدرجة السادسة إلى 19 من سبتمبر سنة 1949، ولا يفيد المدعي من هذا القرار لأنه كان مفصولاً من الخدمة وقت صدوره، وقد ضمت له مدة خدمته بصفة اعتبارية ولا يجيز له هذا الضم الطعن في القرار المذكور. وبجلسة 11 من إبريل سنة 1963 أجابت محكمة القضاء الإداري "هيئة الترقيات والتعيينات" المدعي إلى طلباته على الوجه المبين بالحكم المطعون فيه، وأقامت قضاءها على أن القرار الصادر بإعادة المدعي إلى الخدمة لا يعتبر قرار تعيين مبتدأ وإنما هو قرار بسحب قرار فصله من الخدمة، وعلى ذلك يترتب على هذا السحب إعادة المذكور إلى وضعه القانوني الذي كان يشغله وقت فصله، وبالتالي يحق له أن يطعن في القرار المطعون فيه الذي تخطاه في الترقية في دوره بالأقدمية.
ومن حيث إن طعن الحكومة يقوم على أن إعادة الموظف المفصول تنفيذاً لأحكام القانون رقم 176 لسنة 1960 ليس سحباً لقرار فصله بل هو قرار تعيين جديد، ذلك أن هذا القانون لم يستلزم إعادته إلى الوظيفة التي كان يشغلها بل إلى أية وظيفة أخرى سواء كانت مماثلة أو غير مماثلة لوظيفته السابقة، بل يجوز عند عدم وجود درجة خالية تعيينه بمكافأة ولا يجوز الطعن في قرار إعادة الموظف، وقد نص القانون المذكور على أن الموظف بعد إعادته للخدمة يكون تحت الاختبار لمدة خمس سنوات تبدأ من تاريخ إعادته، وأن وضع الموظف تحت الاختبار فضلاً عن أنه يعتبر مانعاً من الترقية فإنه ينفي الفكرة القائلة بأن قرار الإعادة يعتبر سحباً لقرار الفصل لأن سحب القرار يلغي جميع آثاره، كما أن مدة الفصل لا تعتبر مدة خدمة بل مدة انقطاع ومن ثم لا يكون للمدعي الحق في الطعن في القرار الصادر بالترقية في 16 من يوليه سنة 1956 لأنه وقت صدوره لم يكن موظفاً بالوزارة.
ومن حيث إن مثار النزاع في الخصوصية المعروضة هو ما إذا كان القرار الصادر في 21 من أكتوبر سنة 1960 بتعيين المدعي طبقاً لأحكام القانون رقم 176 لسنة 1960 بالعفو عن بعض العقوبات وإجازة إعادة بعض الموظفين المحكوم عليهم من محكمة الشعب إلى الخدمة يعتبر سحباً للقرار الصادر في 8 من ديسمبر سنة 1954 بفصله من الخدمة أم أنه تعيين مبتدأ.
ومن حيث إن القانون رقم 176 لسنة 1960 ينص في المادة الثانية منه على أنه "يجوز أن يعاد الموظف العمومي إلى الوظيفة التي كان يشغلها قبل الحكم عليه من محكمة الشعب أو إلى أية وظيفة أخرى مماثلة أو غير مماثلة إذا كان الحكم عليه مع وقف تنفيذ العقوبة أو كان ممن يدخل في حكم المادة السابقة أو كان قد استوفى العقوبة المحكوم عليه بها وذلك بالشرطين الآتيين:
( أ ) أن يقدم طلباً بذلك إلى الجهة التي كان يتبعها قبل فصله خلال ثلاثين يوماً من صدور هذا القانون.
(ب) أن يوضع في الدرجة التي كان عليها قبل فصله وفي أقدميته فيها، كما يجوز عند عدم وجود درجة خالية تعيينه بمكافأة ولا يجوز الطعن في قرار إعادة الموظف... "كما ينص في مادته الثالثة على أن يكون الموظف تحت الاختبار مدة خمس سنوات تبدأ من تاريخ إعادته إلى الخدمة، ويجوز فصله خلالها لأسباب تتعلق بالأمن".
ومن حيث إنه يؤخذ مما تقدم أن المشرع رغبة منه في إفساح مجال العمل لمن صدرت ضدهم أحكام من محكمة الشعب - أجاز للجهة الإدارية أن تعيد تعيينهم إلى وظائفهم السابقة ذاتها، وهي التي كانوا يشغلونها قبل إنهاء خدمتهم أو إلى أية وظيفة أخرى مماثلة أو غير مماثلة على أن يكون ذلك بناء على طلبهم في الميعاد الذي حدده لا تلقائياً، وأن يوضعوا في الدرجة التي كانوا عليها وبأقدميتهم فيها قبل فصلهم أو أن يعينوا بمكافأة عند عدم وجود درجة خالية وذلك كله تحت الاختبار مدة خمس سنوات ومفهوم هذا أن القانون لم يتضمن أثراً رجعياً للإعادة من مقتضاه اعتبار القرارات الصادرة بفصلهم كأن لم تكن، بل إنه قد راعى في ذلك أنها قرارات صحيحة متفقة مع أحكام القانون ومنتجة لجميع آثارها التي لم يمح أي منها ومن ثم فليس بصحيح تكييف القرارات الصادرة بإعادة تعيين هؤلاء الموظفين بأنها سحب للقرارات الصادرة بفصلهم من الخدمة، لخروج هذا على قصد الشارع من جهة، ولتعارضه مع أوضاع السحب وآثاره من جهة أخرى.
ومن حيث إن الأصل عند إعادة الموظف إلى الخدمة ألا تحسب مدة الفصل في أقدمية الدرجة إلا أن المشرع - رعاية منه لحالة هؤلاء الموظفين لاعتبارات خاصة - أجاز حساب هذه المدة في أقدميتهم، وبهذه المثابة فإنها لا تعدو أن تكون مجرد مدة اعتبارية الأساس فيها ألا تترتب عليها الآثار القانونية ذاتها التي تترتب على مدة الخدمة الفعلية، ومن ثم لا ينسحب أثرها على الماضي إلى ما يجاوز النطاق الذي حدده القانون، وعلى ذلك فإن الموظف المفصول عند إعادته إلى الخدمة لا يسوغ له التوسل بأقدميته الاعتبارية للطعن في قرارات إدارية سابقة، وقعت صحيحة في حينها وتناولت غيره خلال مدة انسلاخه عن الوظيفة، ولا سيما وأنه لم يطعن في قرار فصله من الخدمة ولم يحصل على حكم نهائي بإلغائه وغني عن البيان أنه ليس ثمة تلازم بين إباحة الرجعية في خصوص حساب مدة الخدمة السابقة على الفصل بالاعتداد بالأقدمية التي كان عليها الموظف قبل انتهاء خدمته، وبين إنفاذ أثر ذلك من حيث إباحة الطعن في قرارات الترقية الصادرة قبل العمل بالقانون الذي أجاز إعادة الموظف المحكوم عليه من محكمة الشعب إلى الخدمة.
ومن حيث إنه متى كان الثابت أن القرار المطعون فيه قد صدر في وقت كان فيه المدعي بعيداً عن الوظيفة العامة غير متمتع بمزاياها التي تخوله الترقية إلى درجات أعلى فإن الحكم المطعون فيه، إذ قضى بإلغاء هذا القرار فيما تضمنه من تخطي المذكور في الترقية إلى الدرجة الخامسة، يكون قد جانب الصواب في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق