الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 9 يوليو 2023

الطعن 5821 لسنة 75 ق جلسة 15 / 6 / 2022 مكتب فنى 73 هيئة عامة ق 5 ص 48

باسم الشعب
محكمة النقض
الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية
ومواد الأحوال الشخصية وغيرها
برئاسة السيد القاضي/ محمد عيد محجوب "رئيس محكمة النقض" وعضوية السادة القضاة/ محمود سعيد محمود ، عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي ، عاطف عبد الجليل الأعصر ، رفعت أحمد فهمي العزب ، نبيل أحمد صادق ، محمد أحمد أبو الليل ، سمير حسن حسين ، صلاح الدين محمود مجاهد ، د/ مصطفى محمد سالمان ومحمد عبد العزيز أبا زيد "نواب رئيس المحكمة"
بحضور السيد المحامي العام بالنيابة العامة لدى محكمة النقض/ هشام قوره.
وأمين السر السيد/ بيومي زكي نصر.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمحافظة القاهرة.
في يوم الأربعاء 26 من ذي القعدة سنة 1444هـ الموافق 15 من يونيو سنة 2023م.
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 5821 لسنة 75ق هيئة عامة.

-------------

الوقائع

في يوم 2005/4/4 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسماعيلية "مأمورية بورسعيد" الصادر بتاريخ 8/2/2005 في الاستئناف رقم ..... لسنة 44ق. وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وفي اليوم نفسه أودع الطاعن مذكرة شارحة وحافظة بمستنداته.
وفي 13/4/2005 أعلن المطعون ضدهم بصفاتهم بصحيفة الطعن.
وفي 27/4/2005 أودع نائب المطعون ضدهم بمذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه.
وبجلسة 1/3/2023 عرض الطعن على الدائرة التي تنظر الطعن في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة 3/5/2023 وبها سمعت المرافعة أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها، وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها للعدول عن المبدأ الذي قررته أحكام الاتجاه الثاني.
ثم أودعت النيابة العامة مذكرة انتهت فيها إلى:
أولا: إقرار المبدأ الذي تبنته الأحكام التي انتهت إلى الاعتداد بتاريخ نشر قرار رئيس الجمهورية رقم 72 لسنة 1995 بالموافقة على انضمام جمهورية مصر العربية لمنظمة التجارة العالمية والاتفاقات التي تضمنتها الوثيقة الختامية المتضمنة نتائج جولة أوروجواي للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف وجداول تعهدات جمهورية مصر العربية في مجال تجارة السلع والخدمات بالجريدة الرسمية الحاصل في 1995/6/15 في شأن تطبيق التعريفة الجمركية المخفضة المدرجة بجداول التزامات مصر لدى منظمة التجارة العالمية المرفقة ببروتوكول مراكش الذي تضمنته الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة 1994 المدرج بالملحق رقم 1/أ المسمى بالاتفاقات متعددة الأطراف بشأن التجارة في السلع.
ثانيا: العدول عن رأي النيابة السابق برفض الطعن موضوعا، والانتهاء في موضوعه إلى نقض الحكم المطعون فيه.
وبجلسة 2023/5/16 عرض الطعن على الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها، وبجلسة 2023/5/30 تداولت الهيئة في المسألة المعروضة عليها من الدائرة المحيلة، والتزمت النيابة رأيها، وقررت الهيئة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

---------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ محمد عبد العزيز أبا زيد "نائب رئيس المحكمة"، وبعد المداولة:
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم .... لسنة 2003 مدني كلي بورسعيد قبل المطعون ضدهم بصفاتهم بطلب الحكم أصليا بإلزامهم برد مبلغ 211700 جنيه (مائتين وأحد عشر ألف وسبعمائة جنيه) قيمة فروق الرسوم الجمركية بين ما هو مستحق طبقا لاتفاقية الجات والمسدد الفعلي الذي سددته للمطعون ضدهم دون وجه حق ضمن استحقاقات شهادات الوارد المدونة بصلب صحيفة الدعوى والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد، واحتياطيا ندب أحد خبراء وزارة العدل لتحقيق عناصر الدعوى، على سند من القول أن الشركة الطاعنة قامت باستيراد أربع رسائل بلوكات رخام من دولتي إيطاليا وتركيا الموقعتين على اتفاقية منظمة التجارة العالمية (الجات)، التي انضمت إليها مصر بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 72 لسنة 1995 بتاريخ 20 مارس 1995، وصدر بشأنها قرار وزير الخارجية رقم 42 لسنة 1995 بتاريخ 17 من مايو 1995 الذي أقر العمل بالاتفاقية اعتبارا من 1995/1/1، وكان صنف بلوكات الرخام ضمن السلع المدرجة بجداول تعهدات جمهورية مصر العربية المرفقة بالاتفاقية يخضع وفقا لهذه الجداول لفئة الضريبة الجمركية مقدارها 15% من قيمة الرسالة ابتداء من 1/1/2000، إلا أن مصلحة الجمارك امتنعت عن تطبيق الاتفاقية دون سند وطبقت فئة ضريبة جمركية مقدارها 43%، فكانت الدعوى، وبتاريخ 2003/9/27 حكمت المحكمة برفض الدعوى، استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ...... لسنة 44ق لدى محكمة استئناف الإسماعيلية - مأمورية بورسعيد - التي ندبت خبيرا في الدعوى، وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 2005/2/28 برفض الاستئناف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت الرأي في موضوع الطعن برفضه، وإذ عرض الطعن على الدائرة التجارية والاقتصادية بالمحكمة في غرفة المشورة والتي حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إن الدائرة التجارية والاقتصادية المختصة وجدت تباينا في الأحكام الصادرة من دوائر المحكمة في شأن تاريخ سريان التخفيضات الواردة على التعريفة الجمركية التي أسفرت عنها مفاوضات جولة أوروجواي التي تلتزم بها الدول الأعضاء بمنظمة التجارة العالمية وأدرجت بجداول تعهداتها، إذ اتجهت بعض الدوائر إلى أنه يفترض علم جهة الإدارة بهذه الجداول من تاريخ صدورها فتسري في مواجهتها من هذا التاريخ ولو لم تنشر بالجريدة الرسمية ولا يقبل منها التحدي بعدم نفاذها في حقها إلا بنشرها، مرتبا على ذلك الاعتداد بها من تاريخ سريان الاتفاقية في 1/1/1995 والتزام جهة الإدارة بها ولو تأخر نشر الجداول، بينما ذهبت دوائر أخرى إلى أن الجداول المكملة للمعاهدة قد حجبت عن النشر بما مقتضاه عدم سريانها في مواجهة ذوي الشأن لعدم العلم بها، والذي لا يكون إلا بطريق النشر ورتب على ذلك الاعتداد بتاريخ نشر الجداول المرفقة بالاتفاقية في الجريدة الرسمية الحاصل في 29/8/2002 حتى تضحى نافذة وسارية في مواجهة جهة الإدارة.
وإزاء هذا الاختلاف قررت الدائرة التجارية والاقتصادية المختصة بجلستها المعقودة بتاريخ 2023/5/3 إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها؛ عملا بالفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل - للفصل في هذا الاختلاف، وإقرار المبدأ الذي استقرت عليه دوائر المحكمة من أنه يفترض علم جهة الإدارة بهذه الجداول من تاريخ سريان الاتفاقية في 1995/1/1 فتكون نافذة في مواجهتها اعتبارا من هذا التاريخ ولو لم تنشر بالجريدة الرسمية ولا يقبل منها التحدي بعدم نفاذها في حقها إلا بنشرها.
وإذ حددت الهيئة جلسة 16/5/2023 لنظر الطعن، وأودعت النيابة العامة لدى محكمة النقض مذكرة برأيها أبدت فيها الرأي بالأخذ بالمبدأ الذي تبنته أحكام الاتجاه الأول التي انتهت إلى الاعتداد بتاريخ نشر قرار رئيس الجمهورية رقم 72 لسنة 1995 بالجريدة الرسمية الحاصل في 15/6/1995، في شأن تطبيق التعريفة الجمركية المخفضة المدرجة بجداول التزامات مصر لدى منظمة التجارة العالمية المرفقة ببروتوكول مراكش الذي تضمنته الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة 1994 المدرج بالملحق رقم 1/أ المسمى "بالاتفاقات متعددة الأطراف بشأن التجارة في السلع، والعدول عن رأي النيابة السابق برفض الطعن موضوعا، والانتهاء في موضوعه إلى نقض الحكم المطعون فيه، وبجلستي 16/5/2023، 2023/5/30 تداولت الهيئة في المسألة المعروضة عليها من الدائرة المحيلة، والتزمت النيابة رأيها، وقررت الهيئة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
وحيث إنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الاتفاقيات التي تبرمها حكومة جمهورية مصر العربية تصبح بصدور القرار الجمهوري الخاص بها وبعد الموافقة عليها من مجلس النواب قانونا من قوانين الدولة وأنه ليس للدول الأعضاء في المعاهدات التحلل من أحكامها بعمل منفرد، وذلك أخذا بأحكام القانون الدولي في شأن المعاهدات، وأن النص في البند رقم 2 من المادة الرابعة عشرة من اتفاقية مراكش لإنشاء منظمة التجارة العالمية، التي انضمت إليها مصر بالقرار الجمهوري رقم 72 لسنة 1995 الصادر بتاريخ 20 مارس 1995 ووافق عليها مجلس الشعب - النواب حاليا - بجلسته المعقودة في 16 أبريل 1995 ونشرت بالجريدة الرسمية بتاريخ 15 يونيو 1995 فأصبحت قانونا من قوانين الدولة على أن "على العضو الذي يقبل الاتفاقية الحالية بعد دخولها حيز التنفيذ أن ينفذ التنازلات والالتزامات الواردة في الاتفاقية التجارية متعددة الأطراف التي تنفذ على فترة زمنية تبدأ بدخول الاتفاقية الحالية حيز النفاذ كما لو كان قد قبل الاتفاقية الحالية في تاريخ دخولها حيز النفاذ، والنص في المادة الثانية من بروتوكول مراكش الملحق بالاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة 1994 على أن "تخفيضات التعريفة التي يوافق عليها كل عضو تنفذ على خمس شرائح متساوية إلا إذا ورد خلاف ذلك في جدول العضو ويعمل بأول هذه التخفيضات من تاريخ نفاذ اتفاق المنظمة ويعمل بكل تخفيض ثان في أول كانون الثاني/ يناير من كل سنة من السنوات التالية ويعمل بآخر شريحة في موعد لا يتأخر عن أربع سنوات من نفاذ اتفاقية المنظمة، إلا إذا ورد خلاف ذلك في جدول ذلك العضو، وما لم يرد خلاف ذلك في الجدول فإن العضو الذي يقبل اتفاق المنظمة بعد نفاذه يكون عليه في تاريخ سريان الاتفاق بالنسبة له أن يطبق جميع تخفيضات التعريفة التي حدثت بالفعل مع التخفيضات التي كان ملزما بها بموجب الجملة السابقة في أول كانون الثاني/ يناير من السنة التالية وأن يطبق جميع تخفيضات التعريفة المتبقية على الجدول المذكور في الجملة السابقة ويجب في كل حالة تقريب رقم التعريفة المخفضة في كل مرحلة إلى أقرب عشرة ...." مفاده أنه تمشيا مع كون منظمة التجارة العالمية هي الإطار القانوني الذي ينظم العلاقات التجارية الدولية وذلك على أساس من حرية التجارة في مجالات السلع والخدمات والحقوق الفكرية وما تهدف إليه من إزالة الحواجز والقيود الجمركية بين الدول الأعضاء من أجل تنشيط التجارة ورفع مستوى الكفاءة الإنتاجية ومنع التفرقة بين المنتج المحلي والمستورد، ولتكون السوق العالمية سوقا واحدة، فقد ألزمت اتفاقية إنشاء المنظمة الدول الأعضاء فيها بإجراء تنازلات في التعريفة الجمركية التي وردت في الاتفاقات التجارية متعددة الأطراف بشأن التجارة في السلع - ومنها الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة 1994 والتي تعرف باسم اتفاقية جات 1994 - والملحقة باتفاقية المنظمة التي نصت في البند رقم 2 من المادة الثانية منها على اعتبار الاتفاقات متعددة الأطراف الملحقة بها جزءا لا يتجزأ منها وملزمة لجميع الأعضاء كما فرضت الاتفاقية وكذا بروتوكول مراكش المنعقد في 15/4/1994 نظاما محددا يحكم تنفيذ التخفيضات في التعريفة الجمركية التي أسفرت عنها مفاوضات جولة أوروجواي والتي تلتزم بها الدول الأعضاء وتدرج بجداول تعهداتها التي ترفق بالاتفاقية وتعد أيضا جزءا لا يتجزأ منها - مقتضاه أن التخفيضات في التعريفة تنفذ على مراحل زمنية خمس تبدأ من تاريخ نفاذ الاتفاقية في يناير 1995 وقد ساوت الاتفاقية في ذلك بين الدول الأعضاء الأصليين الموقعين على الاتفاقية قبل دخولها حيز النفاذ وبين الأعضاء المنضمين إليها بعد نفاذها بحيث يلتزم الأعضاء الآخرون بالبرنامج الزمني المحدد سلفا لحصول التخفيضات وما يستتبعه من المبادرة إلى تنفيذ ما يكون قد تجمع من مراحل للتخفيضات على التعريفة حل أجلها قبل انضمامهم إلى الاتفاقية وذلك ما لم يكن قد اتفق في الجدول الخاص بالدولة العضو على خلاف ذلك، ومن ثم فإن التنازلات في التعريفة الجمركية الواردة في الاتفاقات التجارية متعددة الأطراف الملحقة باتفاقية منظمة التجارة العالمية فصارت جزءا لا يتجزأ منها وتعتبر ملزمة للدولة المصرية بموجب انضمامها إلى عضوية المنظمة وإدراجها في جدول التزاماتها المرفق بالاتفاقية فإنها تطبق على الرسائل الواردة بعد تاريخ سريان الاتفاقية كقانون من قوانين الدولة بمقتضى نشرها بالجريدة الرسمية ويخضع تنفيذ هذه التنازلات في التعريفة للتنظيم الوارد بالاتفاقية وبروتوكول مراكش الذي تلتزم به الدول الأعضاء وهو ما أكدته مصر في جدول التزاماتها في إطار منظمة التجارة العالمية - الجدول LXIII المرفق بالاتفاقية – إذ تعهدت فيه بتنفيذ التخفيضات في التعريفة خلال فترة خمس سنوات على خمس مراحل متساوية ابتداء من دخول اتفاقية منظمة التجارة العالمية حيز النفاذ في يناير 1995، بما لازمه وجوب تطبيق التعريفة الجمركية المخفضة التي قبلتها مصر في مفاوضاتها مع الدول الأعضاء وكانت محلا للاتفاقات التي تضمنتها الوثيقة الختامية المتضمنة نتائج جولة أوروجواي للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف بتاريخ 15/4/1994 والملحقة بالاتفاقية وقت نفاذها وفقا للترتيب الزمني الوارد بجدول التزامات مصر LXIII، وذلك على خمس مراحل من التخفيضات حتى نهاية المدة المبينة بالجداول، والقول بغير ذلك يخل بالتوازن الاقتصادي بين الدول الأعضاء في علاقتها التجارية ويقوض الأساس الذي قامت عليه اتفاقية منظمة التجارة العالمية من تحرير التجارة الدولية من القيود والعوائق الجمركية، ذلك أنه من المقرر وفقا للمبدأ المعمول به في القانون الدولي والتي جاءت المادة 27 من معاهدة فينيا لسنة 1969 تقنينا له أن أحكام المعاهدات - بحسبانها اتفاقا دوليا معقودا بين دول ويخضع للقانون الدولي – تسمو على القوانين الداخلية للدول الأعضاء ومن ثم فلا يجوز لهذه الدول بجميع سلطاتها وأجهزتها الحكومية والإدارية أن تعطل أحكام معاهدة انضمت إليها أو تمتنع عن تنفيذها متذرعة في ذلك بقوانينها الداخلية طالما أنها لم تتحفظ على حكم معين فيها عند الموافقة عليها، ويشكل هذا المبدأ بلا شك أحد الأسس التي ترتكز عليها القوة الإلزامية للمعاهدة الدولية طبقا للمادة 26 من معاهدة فينيا التي وافقت عليها مصر بقرار رئيس الجمهورية رقم 535 لسنة 1981 الصادر في أول أكتوبر 1981 والتي مؤداها أن الاتفاقات الدولية التي تبرمها الدول تعتبر موجودة قانونا ويفترض علمها بها من تاريخ الموافقة والتصديق عليها من السلطة المختصة فتسري في مواجهة هذه الدول المتعاقدة باعتبارها من أشخاص القانون الدولي من ذلك التاريخ وتلتزم بتنفيذها ولو لم تنشر في الجريدة الرسمية عملا بالمادة 27 من الاتفاقية السالف الإشارة إليها، وبما مؤداه أن المعاهدة الدولية التي تكون مصر طرفا فيها تصبح واجبه الإعمال فيما يثور من نزاع بشأن المسائل التي تنظمها ولو تعارضت أحكامها مع قانون آخر داخلي، وهو ما يتعين معه اعتبار جدول التزامات مصر نافذا من تاريخ سريان اتفاقية منظمة التجارة العالمية كقانون من قوانين الدولة وتطبيق أحكامه على الرسائل التي ترد بعد سريان الاتفاقية وفقا للمراحل الزمنية التي وردت بتلك الجداول وتم النص عليها صراحة بالاستدراك ذاته المنشور في 29 أغسطس 2002، لاسيما وأنه لم يصدر عن مصر حال انضمامها إلى الاتفاقية والموافقة والتصديق عليها أي تحفظ، وكانت المادة الثانية من بروتوكول مراكش قد نصت على المراحل الزمنية التي يتم خلالها تطبيق التزامات وتعهدات الأعضاء وأهمها التخفيضات الجمركية وذلك وفقا لمدى زمني محدد، وهي أن توضع موضع التنفيذ على مدى خمس سنوات (وعلى خمس مراحل تخفيض متساوية) ابتداء من تاريخ التنفيذ للعضو المعني، وكان النص على هذا المدى الزمني - الذي كان بالقطع محل تقدير واعتبار عند إقرار الاتفاقية من المشرع المصري - قد تقرر لأغراض بعينها لها أساسها من المصلحة العامة، وهي أن التعريفة الجمركية يتعين أن تظل محتفظة بدورها كأداة موجهة للسياسة الاقتصادية والمالية للدولة وأن قصورها عن أداء هذا الدور - إزاء الزيادة المضطردة في القوانين الاستثنائية التي تقرر إعفاء ضريبيا، وكذلك حال انتفاء الأغراض الحيوية التي يتعين أن يكون التخفيض في الضريبة الجمركية مرتبطا بها - يؤدي إلى تقليص الموارد السيادية للدولة بما يهدد حصيلتها، ويفقد التعريفة الجمركية مقوماتها كأداة يمكن من خلالها التأثير في الأوضاع الاقتصادية والمالية، وهي مصلحة معتبرة يحرص المشرع دوما على صونها، ومن ثم يتعين الالتزام بهذا الجدول الزمني لإجراء التخفيضات الجمركية المقررة بموجب تلك الجداول – الملحقة ببروتوكول مراكش – بحيث يبدأ المدى الزمني في تنفيذ التخفيضات الجمركية من تاريخ سريان الاتفاقية ونفاذها في مصر، على خمس مراحل تنتهي بانقضاء خمس سنوات من تاريخ نفاذ الاتفاقية، بحيث تسري التخفيضات تباعا حتى الوصول للقيمة النهائية للتعريفة الجمركية الواردة بتلك الجداول.
لما كان ما تقدم، وكانت بعض دوائر المحكمة قد ذهبت في أحكامها إلى أن الجداول المكملة للمعاهدة قد حجبت عن النشر بما مقتضاه عدم سريانها في مواجهة ذوي الشأن لعدم العلم بها، والذي لا يكون إلا بطريق النشر ورتب على ذلك الاعتداد بتاريخ نشر الجداول المرفقة بالاتفاقية الحاصل في 29/8/2002 حتى تضحى نافذة وسارية في مواجهة جهة الإدارة، فقد رأت الهيئة، بالأغلبية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية المشار إليه آنفا العدول عن هذا الرأي وإقرار المبدأ الذي تبنته الدوائر في أحكامها إلى الاعتداد بتاريخ سريان الاتفاقية في 1995/1/1 فتسري في مواجهتها من هذا التاريخ، مع مراعاة المدى الزمني المنصوص عليه في الجداول وذلك بالتدرج في تخفيض التعريفة الجمركية وتطبيقها كاملة بانقضاء خمس سنوات من تاريخ نفاذ الاتفاقية، ومن هذا التاريخ تسري القيمة النهائية للتخفيضات في التعريفة الجمركية المنصوص عليها بتلك الجداول.
ومن ثم فإن الهيئة - وبعد الفصل في المسألة المعروضة - تعيد الطعن إلى الدائرة التي أحالته إليها للفصل فيه، وفقا لما سبق، وطبقا لأحكام القانون.

فلهذه الأسباب

قررت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها بالأغلبية المنصوص عليها بالفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المعدل:
أولا: بإقرار المبدأ الذي تبنته الأحكام التي انتهت إلى الاعتداد بتاريخ سريان اتفاقية منظمة التجارة العالمية والاتفاقات التي تضمنتها الوثيقة الختامية لنتائج جولة أوروجواي للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف بما فيها جداول تعهدات جمهورية مصر العربية في مجال تجارة السلع والخدمات الملحقة ببروتوكول مراكش بشأن تطبيق التعريفة الجمركية المخفضة المدرجة بها من 1/1/1995 ولمدة خمس سنوات، وذلك بالتدرج في تخفيض التعريفة الجمركية حتى تطبيقها كاملة بانقضاء خمس سنوات من تاريخ نفاذ الاتفاقية، ومنه تسري القيمة النهائية للتخفيضات في التعريفة الجمركية المنصوص عليها بتلك الجداول، والعدول عما عداه من مبادئ أخرى مخالفة في هذا الشأن.
ثانيا: بإعادة الطعن إلى الدائرة المحيلة للفصل فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق