جلسة 6 من يونيه سنة 1979
برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، محمد طه سنجر، وإبراهيم فراج وصبحي رزق.
-------------------
(290)
الطعن رقم 35 لسنة 47 القضائية
حراسة "الحراسة القضائية". أموال.
فرض الحراسة القضائية. شمولها المال محل الحراسة وتوابعه ولو لم ينص الحكم صراحة على ذلك. الحارس القضائي. هو صاحب الصفة في المنازعة بشأن تبعية الشيء للأموال محل الحراسة من عدمه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 1134 لسنة 1973 مدني أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد الطاعنة بطلب الحكم بطردها من الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها لها خالية، وقالت شرحاً لها أنها بموجب عقد مؤرخ 6/ 9/ 1964 استأجرت من بطريركية الروم الأرثوذكس شقة بالدور الأول العلوي من العقار رقم 43 شارع صفية زغلول قسم العطارين بالإسكندرية وأثناء وجودها خارج البلاد قام شقيقها زوج الطاعنة وصاحب محل إيليت بنقل بعض المنقولات إلى شقة النزاع وإذ عينت الطاعنة حارسة قضائية على هذا المحل ووضعت يدها على الشقة المشار إليها وامتنعت عن تسليمها لها وغيرت قفل الباب وأحدثت بأرضها فتحة ركبت عليها سلماً خشبياً يصل بينها وبين المحل، فقد أقامت الدعوى. دفعت الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وبتاريخ 31/ 1/ 1974 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت الطاعنة أن شقة النزاع استؤجرت لتكون مخزناً ملحقاً بمحل إيليت المعينة عليه حارسة قضائية وأنها استعملت في هذا الغرض من تاريخ استئجارها ولم تضع المطعون عليها يدها لأية فترة، وبعد سماع شهود الطرفين عادت فحكمت بتاريخ 15/ 2/ 1976 بطرد الطاعنة من شقة النزاع وإلزامها بتسليمها خالية للمطعون عليها. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 95 لسنة 32 ق الإسكندرية طالبة إلغاءه ورفض الدعوى، وبتاريخ 16/ 11/ 1976 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، تنعى الطاعنة بالسببين الأولين منها على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم اعتبرها صاحبة صفة في الدعوى على سند من ثبوت اغتصابها عين النزاع أثر صدور الحكم بتعيينها حارسة قضائية على محل إيليت بدعوى تبعية العين له، في حين أن الثابت مما ساقته المطعون عليها في صحيفة الدعوى وما أخذ به الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن شقيق الطاعنة أحد أطراف دعوى الحراسة هو الذي وضع يده على عين النزاع ونقل إليها بعض المنقولات قبل فرض الحراسة على المحل المشار إليه فلا يكون لها شأن بواقعة الاغتصاب المدعى بها وإنما يدور النزاع حولها بين المطعون عليها وبين ملاك المحل لأن الحيازة كانت لهم قبل فرض الحراسة وهو ما يعيب الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كانت الحراسة تشمل الشيء الأصلي المتنازع عليه وتوابعه سواء نص على هذه التوابع في الحكم صراحة أو لم ينص لأن دخولها تحت الحراسة مع الشيء المتنازع عليه إنما يحصل بقوة القانون، وكان النزاع حول تبعية الشيء للأموال محل الحراسة يتعلق بتحديد ما للحارس من سلطات وما يقع على عاتقه من التزامات فإنه يكون وحده صاحب الصفة في الدعاوى التي ترفع حسبما لهذا النزاع تبعاً لما تلقيه عليه المادة 734 من التقنين المدني من التزام بالمحافظة على الأموال المعهودة إليه حراستها. لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أن النزاع فيها يدور حول ما إذ كانت شقة النزاع مستأجرة لسكنى المطعون عليها وفق صريح عبارات عقد استئجارها أم أنها مخصصة لخدمة المحل موضوع الحراسة وأن ما ورد بالعقد خلافاً لذلك صوري وبالتالي تتبع هذا المحل وكان النزاع بهذه الصورة يدور بين المطعون عليها باعتبارها المستأجرة الظاهرة لعين النزاع وبين الطاعنة التي تدعي صورية العقد وأنه في حقيقته صادر لصالح المحل موضوع الحراسة وهو إدعاء يدخل في نطاق التزامها بالمحافظة على الأموال المعهود إليها حراستها فإنها تكون صاحبة الصفة في مخاصمة المطعون عليها إذا امتنعت عن تسليمها هذه العين يحق للأخيرة مخاصمة الطاعنة للحصول على حكم بعدم تبعية العين للمحل موضوع الحراسة وبأحقيتها في استلامها. لما كان ما تقدم، وكان لا يغير من طبيعة هذا النزاع أن يكون أحد ملاك المحل وهو زوج الطاعنة قام بنقل بعض منقولات المحل إلى شقة النزاع في غيبة شقيقته المطعون عليها قبل فرض الحراسة على المحل المشار إليه طالما وضعت الطاعنة يدها عليها باعتبارها من توابع المحل وقامت الأدلة على عدم صحة هذه التبعية المدعى بها وهي جوهر النزاع في الدعوى، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أن الحكم استدل على عدم صورية عقد الإيجار بأنها كانت تعلم بتحريره باسم المطعون عليها وصدور إيصالات سداد الأجرة باسمها ولكنها لم تحرك ساكناً مما يؤكد عدم جدية مدعاها وهو منه استدلال على الشيء بذاته مما يعيبه بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استدل على انتفاء الصورية المدعاة بما شهد به شاهدا المطعون عليها من أنها هي المستأجرة لعين النزاع وأنها اتخذتها سكناً لها وأن الطاعنة وضعت يدها عليها بعد تعيينها حارسة قضائية على محل إيليت بحجة تبعيتها له وبما ساقه من قرائن مؤيدة لهذه الشهادة منها عدم توافر الأسباب التي تدعو زوج الطاعنة لتحرير عقد إيجار شقة النزاع خلال سنة 1962. باسم شقيقته المطعون عليها دون الشركة المالكة للمحل موضوع الحراسة خاصة وأن النزاع بين الزوجين لم ينشب إلا في سنة 1972 وأن إيجار الشقة لم يدرج ضمن المصروفات بدفاتر المحل وأنه رغم علم الطاعنة بقيام زوجها بتحرير العقد باسم شقيقته المطعون عليها منذ سنة 1965 فإنها لم تحرك ساكناً نحو المطالبة بتصحيح هذا الوضع، وإذ كانت هذه الأدلة والقرائن لها أصولها الثابتة بالأوراق وتتفق وواقع الدعوى ذلك أنه متى انتفى المبرر لقيام زوج الطاعنة بتحرير عقد إيجار شقة النزاع باسم شقيقته المطعون عليها أثناء إدارته المحل وقبل فرض الحراسة عليه فإنه ينتفي المبرر لتخلف الطاعنة عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لتصبح الأوضاع بالنسبة لهذا التعاقد خاصة وقد ادعت قيامها لسداد الأجرة لعدة سنوات سابقة على نشوب النزاع بينها وبين زوجها. لما كان ذلك، وكانت الأدلة والقرائن المذكورة وقد تساندت وترابطت فيما بينها وكانت تؤدي في مجموعها سائغة إلى النتيجة التي خلص إليها الحكم فإن النعي عليه بالفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق