جلسة 26 من مارس سنة 1959
برياسة السيد المستشار محمود عياد وبحضور السادة: عثمان رمزي، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمد رفعت، وعباس حلمي سلطان المستشارين.
---------------
(43)
الطعن رقم 28 سنة 25 ق
مسئولية "المسئولية عن عمل الغير". حكم "تسبيب معيب".
إقامة مصلحة السكة الحديد المجازات وحراستها لتنظيم حركة اجتيازها. التعويل على ما أخذت المصلحة نفسها به. اعتبار المرور مأموناً عند فتح البوابة وإذن الحارس بالمرور. غير منتج في نفي المسئولية عنه قول الحكم إنه لم يكن يعلم بقدوم القطار أو لم يكن في مقدوره أن يسمع حركته أو يراه. إقامة الحكم على تلك الأسباب. قصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن رفع الدعوى رقم 420 سنة 1951 مدني كلي إسكندرية على المطعون عليها وآخرين معها طالباً الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار التي أصابته نتيجة لمصادمة قطار السكة الحديد لسيارة نقل له، وقال شرحاً لدعواه إنه يملك سيارة نقل كانت تسير في يوم 12 من أغسطس سنة 1951 محملة بحمولة من البطيخ وعندما وصلت إلى مزلقان السكة الحديدية بجهة الشعرانية في الساعة 12 و1/2 صباحاً كانت بوابة المزلقان مقفلة فوقفت السيارة مع غيرها من السيارات انتظاراً لفتح البوابة والإذن بالمرور فلما فتحها العامل القائم عليها مرت سيارتان كانتا تتقدمانها ولما أراد قائدها أن يمر في أثرهما دهمه قطار بضاعة كان مقبلاً مطفأ الأنوار لم يتنبه العامل إلى قدومه فتهشمت السيارة، وقال الطاعن إن تحقيقاً أجرى في الحادث انتهى بأن رفعت النيابة الدعوى العمومية على قائد السيارة فقضى نهائياً ببراءته استناداً إلى أن العامل القائم على حراسة المزلقان هو المتسبب في الحادث إذ أخطأ ففتح البوابة وأذن بمرور السيارات دون أن يتحقق من عدم قدوم قطارات، قضى في 11 من مايو سنة 1952 بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا إلى المدعي "الطاعن" مبلغ 450 جنيهاً على سبيل التعويض تأسيساً على أن مصلحة السكة الحديد مسئولة عن خطأ تابعها فاستأنفت المطعون عليها هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 258 سنة 8 ق استئناف إسكندرية. وفي 12 من ديسمبر سنة 1954 قضى بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 5 من مارس سنة 1959 وفي هذه الجلسة صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها طالبة نقض الحكم.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه قصور أسبابه قصوراً يوجب نقضه ذلك أنه أقام قضاءه على أنه قد ثبت من التحقيقات التي أجريت في قضية الجنحة رقم 2000 سنة 1948 كفر الدوار أن العامل القائم على حراسة البوابة لم يتنبه إلى قدوم قطار البضاعة إذ كانت أنواره مطفأة فأعطى العامل إشارة المرور للسيارات وكانت نتيجة ذلك أن صدم القطار سيارة الطاعن، وهذا الذي أقام الحكم قضاءه عليه لا يصلح مبرراً لعدم ترتيب مسئولية على المطعون عليها بل هو بذاته مقرر لمسئوليتها.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه بعد أن استعرض التحقيقات التي أجريت في القضية رقم 2000 سنة 1948 كفر الدوار أقام قضاءه على قوله: "وحيث إنه ظاهر مما تقدم أن المزلقان كان مغلقاً بسبب إجراء مناورة للقطار المتجه نحو الإسكندرية فلما انتهت المناورة فتح المزلقان وأعطى إشارة المرور للسيارات دون أن يتنبه الخفير إلى قطار البضاعة الذي كان قادماً من الإسكندرية بدون إضاءة فصدم سيارة المستأنف عليه في نصفها الخلفي بعد أن اجتاز مقدمها المزلقان، وحيث إنه لا محل لإسناد الخطأ لخفير المزلقان لأنه لم يقم ما يدل على أنه كان يعلم بقدوم القطار الذي حصلت منه المصادمة ولم يكن في مقدوره أن يسمع حركته قبل فتحه المزلقان إذ المصادمة لم تحدث إلا بعد أن مرت سيارتان قبل سيارة الطاعن، ولما كان المزلقان مغلقاً بسبب المناورة فقد فتحه الخفير بعد انتهائها، وحيث إنه من المقرر قضاء أن مصلحة السكة الحديد ليست ملزمة بحراسة المزلقانات ليلاً ونهاراً ولا تسأل عن الحوادث التي تقع من المرور عليها سواء كانت هذه المزلقانات مخفورة أو غير مخفورة وأنه يتعين على كل إنسان أن يتخذ الحيطة والحذر بنفسه قبل اجتيازه المزلقان ثم انتهى الحكم من ذلك إلى قوله "وحيث إنه لكل ما تقدم لا ترى هذه المحكمة أي إهمال أو خطأ وقع من خفير المزلقان وبالتالي لا تكون هناك مسئولية لا عليه ولا على الحكومة".
وحيث إنه يبين من ذلك أن الحكم إذ نفى الخطأ عن العامل القائم على المزلقان استند في ذلك إلى أنه لم يكن يعلم بقدوم القطار ولم يكن في مقدوره أن يسمع حركته وإلى أن مصلحة السكة الحديد ليست ملزمة - بحراسة المزلقانات. وهذا الذي ذهب إليه الحكم وأقام قضاءه عليه غير صحيح في شقه الثاني، ذلك أنه وإن كان صحيحاً أن مصلحة السكة الحديد غير مكلفة بإقامة المجازات أو بحراستها إلا أنها متى أقامتها وعهدت بها إلى حراس يقومون على تنظيم حركة اجتيازها فيمنعون المرور عند الخطر ويأذنون به عند الأمان متى كان ذلك حق للناس أن يعولوا على ما أخذت مصلحة السكة الحديد نفسها به وأن يعتبروا المرور مأموناً متى فتح الحارس البوابة وإذن بالمرور وتأسيساً على ذلك يكون من غير المنتج في نفي المسئولية ما ذهب إليه الحكم من أن العامل لم يكن يعلم بقدوم القطار الذي صدم السيارة وأنه لم يكن في مقدوره أن يسمع حركته أو أن يراه بسبب إطفاء أنواره، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه وقد أقيم على تلك الأسباب يكون مشوباً بقصور يبطله ومن ثم يتعين نقضه دون حاجة إلى التحدث عن باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق