الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 19 يوليو 2023

الطعن 423 لسنة 13 ق جلسة 28 / 12 / 1968 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 20 ص 165

جلسة 28 من ديسمبر سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي المستشارين.

-------------------

(20)

القضية رقم 423 لسنة 13 القضائية

موظف "تأديبه". (قرار إداري "سببه") مخالفة تأديبية 

- اعتداء موظف موفد في بعثة داخلية بكلية الطب على عامل المصعد بالكلية - لا ينطوي على مخالفة لواجبات الوظيفة - هو في حقيقته مخالفة طلابية - صدور قرار من رئيسه بمجازاته عن هذه المخالفة - بطلان القرار لفقدانه ركن السبب.(1)

---------------------
أصدر مدير عام الإدارة العامة للمعامل في 20 من فبراير سنة 1964 قراره المطعون فيه بخصم خمسة أيام من مرتب المدعي وذلك لخروجه على ما يقتضيه الواجب الوظيفي من التزام المسلك الحميد لأنه بتاريخ 19 من مايو سنة 1963 كان موفداً في بعثة داخلية بكلية الطب بجامعة القاهرة واستعمل القسوة مع عامل المصعد بمستشفى القصر العيني بأن اعتدى عليه بالضرب وأحدث به الإصابات المبينة في التقرير الطبي. وليس فيما نسب إلى المدعي - في الظروف السابق بيانها - وأثناء بعثته الداخلية بكلية الطب، ما ينطوي على خروج من جانبه على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته كطبيب بالإدارة العامة للمعامل أو ما ينعكس على عمله في تلك الوظيفة، إذ الواقع من الأمر أن ما نسب إليه بفرض ثبوت صحته لا يعدو أن يكون مخالفة طلابية حدثت بمناسبة رغبته في استخدام مصعد الكلية ومنع عامل هذا المصعد له من ذلك، ومثله في شأن هذه المخالفة كمثل أي طالب آخر في الكلية.
ولما كان سبب القرار التأديبي - في نطاق الوظيفة العامة - هو إخلال الموظف بواجبات وظيفته أو خروجه على مقتضياتها أو ارتكابه خارج الوظيفة العامة ما ينعكس عليها، فإذا لم يثبت في حقه شيء من ذلك كان القرار الصادر بمجازاته فاقداً لركن من أركانه هو ركن السبب ووقع مخالفاً للقانون. وإذا كان ما نسب إلى المدعي أثناء بعثته على الوجه السابق بيانه لا يعتبر إخلالاً منه بواجبات وظيفته أو خروجاً على مقتضياتها - فإن القرار المطعون فيه الصادر بمجازاته بالخصم من مرتبه يكون فاقداً لركن السبب الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه وإذ قضى الحكم المطعون فيه بذلك فإنه يكون قد أصاب الحق في النتيجة التي انتهى إليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 28 من نوفمبر سنة 1964 أقام الدكتور كمال عبده يوسف الدعوى رقم 417 لسنة 19 القضائية ضد السيد وزير الصحة طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر من مدير عام الإدارة العامة للمعامل بخصم خمسة أيام من مرتبه مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقال شرحاً لدعواه إنه نقل إلى الإدارة العامة لمعامل وزارة الصحة اعتباراً من 30 من أكتوبر سنة 1960 وأوفدته الوزارة إلى بعثة للدراسات العليا بكلية طب جامعة القاهرة اعتباراً من سبتمبر سنة 1961 لمدة عامين وقبل انتهاء فترة البعثة حدث في يوم 29 من مايو سنة 1963 أن حال عامل المصعد في مبنى القصر العيني دون استخدامه للمصعد في الصعود إلى الدور الرابع بحجة أنه معطل - ولما تبين له عدم صحة ذلك استفسر من العامل عن سبب تصرفه ولكنه ثار في وجهه واعتدى عليه - فتقدم بشكوى إلى مدير عام المستشفى الذي أمر بإجراء تحقيق إداري وإحالة المدعي إلى الكشف الطبي، وأحدث العامل إصابات بصدره اتهم بها المدعي، وأضاف المدعي أن الأوراق أحيلت إلى النيابة العامة فنظراً إلى أنه لم يخطر للحضور أمامها للإدلاء بأقواله انتهت في تحقيقها إلى حفظه وإلى اقتراح مجازاته إدارياً هو والعامل - وبعد أن انتهت بعثته وعاد إلى عمله في سبتمبر سنة 1963 اقترحت كلية الطب مجازاته بخصم يومين وأرسلت الأوراق إلى إدارة المعامل في فبراير سنة 1964 ولخلاف بينه وبين مدير المعامل بسبب تظلمه من قرار أصدره هذا المدير بنقله إلى أقاصى الصعيد وكان تصرف المدير في هذا الشأن محل نقد نشرته إحدى المجلات فقد أصدر المدير المذكور قراراً بخصم خمسة أيام من مرتبه - وذكر المدعي أنه أعلن بهذا القرار في 10 من مارس سنة 1964 فتظلم منه في 18 من مارس سنة 1964 إلا أنه لم يتلق رداً على تظلمه فتقدم في 21 من مايو سنة 1964 بطلب لإعفائه من رسوم دعوى الإلغاء لم يكن قد فصل فيه حتى أقام هذه الدعوى - ونعى على القرار المطعون فيه أنه مشوب بالانحراف وبعيب عدم الاختصاص لأنه كان عند وقوع المخالفة بعيداً عن مجال العمل تحت رئاسة المدير الذي أصدره وكان طالباً في بعثة دراسية للدراسات العليا بكلية الطب خاضعاً لإشراف عميد الكلية تسري في حقه الجزاءات التي تنص عليها قوانين الجامعة في خصوص تأديب طلبتها.
وأجابت الوزارة على الدعوى بمذكرة قالت فيها إن المدعي كان يعمل بوزارة الصحة طبيباً بإدارة المعامل ثم أوفد في بعثة داخلية بكلية طب قصر العيني خلال العامين الدراسيين 1961/ 1962 و1962/ 1963 لدراسة دبلوم العلوم الفنية وحدثت المشادة بينه وبين عامل المصعد أثناء البعثة في 29 من مايو سنة 1963 - وثابت من أوراق الجنحة رقم 4368 لسنة 1963 التي صدر القرار المطعون فيه بناء عليها أن المدعي وعامل المصعد تماسكا وأحدث كل منهما بالآخر إصابات ثابتة بنتيجة الكشف الطبي المودع بملف الجنحة - فيكون المدعي قد أتى عملاً أخل بما ينبغي أن يكون عليه من حسن السلوك وكان عليه ألا ينزل إلى المستوى الذي نزل إليه بالتماسك مع عامل المصعد - وهذا الفعل يكون ذنباً إدارياً يستوجب مؤاخذته - ولا يجديه قوله أن الذي أصدر القرار غير مختص بإصداره ذلك أن المدعي يتبع إدارة المعامل ولا ينطبق عليه وصف المنتدب بكلية الطب لأنه لم يكن يقوم فيها بعمل بل كان موفداً إليها للدراسة - وانتهت الوزارة إلى طلب رفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أنه وفقاً لأحكام المادة 53 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة 20 من القانون رقم 112 لسنة 1959 بتنظيم شئون البعثات والإجازات الدراسية والمنح والمادتين 23، 24 من اللائحة المالية لأعضاء البعثات - ويصبح الموظف إذا أوفد إلى بعثة داخلية أو خارجية منذ التحاقه بالدراسة طالباً نظامياً متفرغاً للتحصيل وتزايله خلال فترة البعثة كل علاقة له برؤسائه ومدير مصلحته من الناحيتين الإدارية والتأديبية ويتقاضى مرتبه من ميزانية البعثات وإذ كان ما نسب إلى المدعي قد حدث أثناء فترة البعثة فإن السلطة المختصة بتأديبه تكون هي الجهة الموفد إليها لتحصيل دراسته العليا ويكون قرار الجزاء إذ صدر من مدير الإدارة العامة للمعامل قد صدر من غير مختص بإصداره ومشوباً بعيب مخالفة القانون متعيناً إلغاؤه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ أقام قضاءه على أن قرار الجزاء صدر من غير مختص ذلك أن المدعي ظل خلال بعثته تابعاً للجهة الإدارية التي أوفدته فتختص بتأديبه عما يقترفه من مخالفات ينعكس أثرها على الوظيفة العامة أو تنطوي على خروج على مقتضياتها - ذلك لا ينفي أن يكون للجهة المشرفة على الدراسات العليا بكلية الطب سلطة تأديب المدعي بوصفه طالباً بتلك الدراسات وبأن توقع عليه الجزاءات الخاصة بالطلاب وهي ليست من طبيعة الجزاءات التي توقع على موظفي الدولة وليس في ذلك ازدواج للجزاء إذ لكل من الجزاءين طبيعته الخاصة ونطاقه الذي لا يتعداه - أما عن المخالفة المنسوبة إلى المدعي فإنها ثابتة قبله من التحقيق ومن الكشف الطبي الذي أجري عليه وعلى عامل المصعد الذي يؤكد أنهما تبادلا الضرب - وكان حرياً بالمدعي أن ينأى بنفسه عن الدخول في مشادة مع العامل وأن يتدارك الأمر قبل تطوره حرصاً على مقتضيات وظيفته كطبيب بوزارة الصحة قبل أن يكون بالدراسات العليا فيكون قد خرج على مقتضيات وظيفته رغم أن هذه المخالفة قد ارتكبت خارج دائرة العمل - وإذ كان قرار الجزاء قد صدر مستنداً إلى سبب صحيح يبرره ابتغاء مصلحة عامة وقد صدر ممن يملك إصداره وفي حدود اختصاصه فإنه يكون قد صدر صحيحاً ومتفقاً مع القانون ويكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى الأوراق أن المدعي كان يعمل طبيباً بالإدارة العامة للمعامل - وفي 2 من أكتوبر سنة 1961 أوفد في بعثة داخلية بكلية الطب بجامعة القاهرة لمدة سنتين - وفي 29 من مايو سنة 1963 - أثناء مدة بعثته - حدثت مشادة بينه وبين عامل المصعد بالكلية - مشادة بسبب منع العامل له من استعمال المصعد - واتهم كل منهما الآخر بالاعتداء عليه وأجري تحقيق في هذا الشأن - وانتهت النيابة العامة إلى قيد الواقعة جنحة ضد المدعي وضد أحمد محمد محسب - عامل المصعد (لأنهما في 29 من مايو سنة 1963 بدائرة قسم السيدة المتهم الأول بصفته مستخدماً عمومياً (طبيب بمستشفى القصر العيني) استعمل القسوة مع أحد عمال المستشفى وهو المتهم الثاني (عامل المصعد) بأن اعتدى عليه بالضرب وأحدث به الإصابات الموضحة بالتقرير الطبي والتي لم يتقرر لها علاج اعتماداً على سلطة وظيفته - والمتهم الثاني تعدى على موظف عمومي هو المتهم الأول كمال عبده يوسف الطبيب بمستشفى القصر العيني بأن اعتدى عليه بالضرب وذلك على النحو المبين بالتقرير الطبي وكان ذلك أثناء تأدية أعمال وظيفته وبسببها) ورأت النيابة العامة إرسال الأوراق إلى الجهة التابع لها المتهمان لتوقيع الجزاء الإداري عليهما - وفي 24 من ديسمبر سنة 1963 قرر عميد كلية الطب مجازاة المدعي بخصم يومين من مرتبه الشهري للأسباب التي جاءت بقرار النيابة العامة المشار إليه - وأرسلت الأوراق إلى إدارة المعامل لتنفيذ هذا الجزاء - وعرض الموضوع على إدارة الشئون القانونية بالوزارة التي رأت أن المدعي كان له صفتان - صفته كطالب وتستطيع الكلية توقيع عقوبة تأديبية عليه من العقوبات التي نصت عليها اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات - وصفته كموظف من موظفي الوزارة ارتكب مخالفة تأديبية تنطبق عليها أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 لأنه أثناء بعثته الداخلية كان ما يزال تابعاً للوزارة فيكون الاختصاص بتوقيع عقوبة من العقوبات الواردة في هذا القانون عليه من اختصاص مدير عام الإدارة العامة للمعامل - وأشارت باعتبار قرار عميد كلية الطب بتوقيع عقوبة تأديبية عليه بالخصم من مرتبه كأن لم يكن لصدوره من جهة غير مختصة - وبناء على ذلك أصدر مدير عام الإدارة العامة للمعامل في 20 من فبراير سنة 1964 قراره المطعون فيه بخصم خمسة أيام من مرتب المدعي وذلك (لخروجه على ما يقتضيه الواجب الوظيفي من التزام المسلك الحميد لأنه بتاريخ 19 من مايو سنة 1963 كان موفداً في بعثة داخلية بكلية الطب بجامعة القاهرة واستعمل القسوة مع عامل المصعد بمستشفى القصر العيني بأن اعتدى عليه بالضرب وأحدث به الإصابات المبينة في التقرير الطبي).
ومن حيث إنه ليس فيما نسب إلى المدعي - في الظروف السابق بيانها - وأثناء بعثته الداخلية بكلية الطب - ما ينطوي على خروج من جانبه على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته كطبيب بالإدارة العامة للمعامل أو ما ينعكس على عمله في تلك الوظيفة - إذ الواقع من الأمر أن ما نسب إليه بفرض ثبوت صحته لا يعدو أن يكون مخالفة طلابية حدثت بمناسبة رغبته في استخدام مصعد الكلية ومنع عامل هذا المصعد له من ذلك - ومثله في شأن هذه المخالفة كمثل أي طالب آخر في الكلية.
ومن حيث إن سبب القرار التأديبي - في نطاق الوظيفة العامة - هو إخلال الموظف بواجبات وظيفته أو خروجه على مقتضياتها أو ارتكابه خارج الوظيفة العامة ما ينعكس عليها - فإذا لم يثبت في حقه شيء من ذلك كان القرار الصادر بمجازاته فاقداً لركن من أركانه هو ركن السبب ووقع مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه إذ كان ما نسب إلى المدعي أثناء بعثته على الوجه السابق بيانه لا يعتبر إخلالاً منه بواجبات وظيفته أو خروجاً على مقتضياتها - فإن القرار المطعون فيه الصادر بمجازاته بالخصم من مرتبه يكون فاقداً لركن السبب الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه وإذ قضى الحكم المطعون فيه بذلك فإنه يكون قد أصاب الحق في النتيجة التي انتهى إليها.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.


(1) قضت محكمة القضاء الإداري بإلغاء هذا القرار تأسيساً على أنه مشوب بعدم الاختصاص، وقد أيدت المحكمة الإدارية العليا هذا الحكم في النتيجة التي انتهى إليها بإلغاء القرار المطعون فيه ولكن تأسيساً على أنه مشوب بفقدان ركن السبب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق