جلسة 13 من فبراير سنة 1968
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسين هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام، وعثمان زكريا.
----------------
(39)
الطعن رقم 123 لسنة 33 القضائية
(أ) محكمة الموضوع. "سلطة محكمة الموضوع". "في عدم الالتزام بإيراد بيان مفصل لأوراق الدعوى". تزوير.
محكمة الموضوع غير ملزمة بإيراد بيان مفصل لأوراق الدعوى متى أصدرت حكمها بعد الاطلاع على هذه الأوراق.
(ب) محكمة الموضوع. "سلطة محكمة الموضوع". "في تقدير الدليل".
سلطة قاضي الموضوع مطلقة في تقدير الأدلة ما دام الدليل الذي أخذ به مقبولاً قانوناً.
(ج) حكم. "عيوب التدليل". "القصور". "ما لا يعد كذلك". "تزوير".
عدم أخذ الحكم ببعض القرائن أو قيامه بالرد عليها لا يعيبه ما دام أنه انتهى إلى ما قضى به بأدلة تحمله.
(د) خبرة. "إجراءات قيام الخبير بما يندب له". إثبات "طرق الإثبات". "الإثبات بالكتابة". "إجراءات تحقيق إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع". مضاهاة. بطلان.
وجوب اتباع ما نصت عليه المواد 262 مرافعات وما بعدها بشأن الخطوات والإجراءات التي يجب اتباعها عند ندب خبير لمضاهاة الخطوط لتحقيق صحة الإمضاءات دون ما نصت عليه المادة 236 مرافعات التي وردت بشأن أحكام ندب الخبراء وإجراءات قيامهم بما يندبون له من أعمال بصفة عامة. عدم بطلان تقرير الخبير المنتدب لتحقيق صحة الإمضاءات لعدم دعوته للخصوم طبقاً للمادة 236 مرافعات.
(هـ) نقض. "المصلحة في الطعن".
قيام الحكم المطعون فيه على أسباب تكفي لحمله. تعييب الحكم لتأييده حكماً ابتدائياً لا يكون بفرض بطلان هذا الحكم من شأنه سوى تحقيق مصلحة نظرية لا يعتد بها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 26/ 1/ 1959 استصدر الطاعن أمر أداء بإلزام المطعون ضده بأن يدفع له مبلغ عشرة آلاف جنيه استناداً إلى شيك مؤرخ 15/ 8/ 1956 يحمل رقم 12086 حرره المطعون ضده لمصلحته ورده البنك مؤشراً عليه بالرجوع على الساحب، وأقام المطعون ضده تظلماً من هذا الأمر قيد برقم 711 لسنة 1959 كلي القاهرة طالباً الحكم بإلغائه تأسيساً على أنه سدد قيمة الشيك واستند في التدليل على هذا السداد إلى محرر مؤرخ 6/ 9/ 1956 نسب صدوره إلى الطاعن ويفيد تخالصه من قيمة الشيك وإقراره بفقده. وأقام الطاعن من جانبه على المطعون ضده دعوى تزوير أصلية قيدت برقم 830 لسنة 1959 كلي القاهرة طلب فيها القضاء برد وبطلان المحرر المؤرخ 6/ 9/ 1956. وبتاريخ 11/ 6/ 1961 حكمت المحكمة في دعوى التزوير برفضها وبصحة المحرر المطعون فيه، كما حكمت في ذات الجلسة في الدعوى رقم 711 لسنة 1959 بإلغاء أمر الأداء المعارض فيه. استأنف الطاعن هذين الحكمين أمام محكمة استئناف القاهرة، وقيد استئنافه برقم 1117 سنة 78 ق عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 71 سنة 1959 وبرقم 1125 سنة 78 ق عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 830 سنة 1959، وقررت المحكمة ضم الاستئنافين. وفي 31/ 5/ 1962 حكمت بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لتحقيق التوقيع المنسوب صدوره إلى الطاعن على المحرر المطعون فيه. وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة في 14/ 2/ 1963 بتأييد الحكمين المستأنفين. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين حاصل أولهما بطلان الحكم المطعون فيه للقصور في التسبيب من وجهين أولهما - أن المحكمة لم تطلع على المحرر المؤرخ 6/ 9/ 1956 المطعون فيه بالتزوير واعتمدت تقرير الخبير دون أن تحقق بنفسها الخلاف بين التوقيع المطعون عليه وتوقيعات الاستكتاب فلم يقم اقتناعها بذلك على مشاهدتها وإنما على مجرد رأي الخبير المنتدب، وحاصل الوجه الثاني أن الطاعن تقدم بتقرير خبير استشاري يدحض به تقرير الخبير المنتدب، إلا أن المحكمة أخذت بتقرير هذا الأخير رغم الملاحظات التي أوردها الخبير الاستشاري في تقريره من وجود خلاف بين التوقيع المنسوب للطاعن وتوقيعاته الصحيحة في أوراق الاستكتاب مما يمكن مشاهدته بالعين المجردة. وأضاف الطاعن أنه أورد عدة قرائن للتدليل على تزوير المحرر المطعون فيه بالتزوير منها أقوال عاطف إبراهيم في الشكوى رقم 300 إداري الدرب الأحمر وعدم إخطار البنك بضياع الشيك ثم إصدار المطعون ضده للطاعن شيكاً بمبلغ 6000 ج في ذات التاريخ الذي يحمله المحرر المطعون فيه وما جاء بتقرير الخبير الذي سبق أن ندبته النيابة، ورغم أن محكمة الاستئناف أثبتت هذه القرائن في حكمها الصادر بتاريخ 31/ 5/ 1962 الذي قضى بندب مكتب أبحاث التزييف والتزوير وقررت أنها ترجئ مناقشتها إلى ما بعد تقديم التقرير، إلا أنها أصدرت حكمها القطعي المطعون فيه ولم تناقشها.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود ذلك أنه يبين من محاضر الجلسات أمام محكمة الاستئناف أن الحاضر عن الطاعن قرر عند نظر الاستئناف رقم 1117 سنة 78 ق بجلسة 11/ 1/ 1962 أن المحرر المطعون فيه مودع ملف الاستئناف رقم 1125 سنة 78 ق فأمرت المحكمة بضم هذا الاستئناف الأخير للاستئناف الأول ليصدر فيهما حكم واحد، وأنه بجلسة أول مارس سنة 1962 وبعد أن ضم الاستئناف رقم 1125 سنة 78 ق إلى الاستئناف رقم 1117 سنة 78 ق قرر الحاضر عن الطاعن بأن القضية (الاستئنافين بعد ضمهما) مستوفاة وطلب حجزها لتصدر المحكمة حكمها فيها، ومفاد ذلك أن ملف الاستئنافين بعد ضمهما كان يحوي المحرر المطعون فيه وأن هذا المحرر كان تحت نظر المحكمة عند إصدارها الحكم الذي قضى بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير ثم عند إصدار الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المحكمة أصدرت حكمها بعد الاطلاع على أوراق الدعوى وكانت المحكمة غير ملزمة بإيراد بيان مفصل لهذه الأوراق فإن النعي في هذا الخصوص يكون على غير أساس. والنعي في وجهه الثاني مردود ذلك أن لقاضي الموضوع مطلق السلطة في تقدير الأدلة التي يأخذ بها في ثبوت التزوير أو نفيه ولا رقابة عليه في ذلك ما دام الدليل الذي يأخذ به مقبولاً قانوناً. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير لاقتناعه بالأسس التي بني عليها وبما ساقه من قرائن وما تكشف له من ظروف الدعوى التي أوردها في أسبابه وانتهى من هذه الأدلة إلى أن الإمضاء المطعون فيها بالتزوير صحيحة، فلا يعاب عليه بعد ذلك إن هو لم يأخذ أو لم يرد على بعض القرائن التي استند إليها الطاعن إذ ليس على الحكم أن يفند كل قرينة ما دام أنه انتهى إلى صحة الورقة بأدلة تحمل قضاءه لأن أخذه بهذه الأدلة يتضمن الرد المسقط على ما يخالفها، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف ببطلان عمل الخبير لأنه تم في غيبة الخصوم ومن غير دعوتهم للحضور حسبما توجب المادة 236 من قانون المرافعات، إلا أن الحكم المطعون فيه رد على ذلك بأنه لا مجال لإعمال هذه المادة في حالة الطعن بالتزوير وإنما يجب إعمال المادة 262 من قانون المرافعات وما بعدها التي تضمنت إجراءات التحقيق عند إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم، وما أقام عليه الحكم قضاءه في ذلك يخالف القانون إذ ليس في نصوص الفصل الخاص بتحقيق الخطوط ما يعفي الخبير من دعوة الخصوم أمامه عند مباشرة مأموريته. هذا إلى أن حكم محكمة أول درجة في الدعوى رقم 711 سنة 1959 كلي القاهرة الصادر في التظلم في أمر الأداء حكم باطل لأنه أحال إلى أسباب الحكم الذي أصدرته محكمة أول درجة في ذات الجلسة في دعوى التزوير رقم 830 سنة 1959 كلي القاهرة دون أن تكون قد ضمت الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الصادر في التظلم في أمر الأداء رغم بطلانه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود في شقه الأول بأن المادة 236 من قانون المرافعات وردت ضمن مواد الفصل السادس الذي نظم أحكام ندب الخبراء وإجراءات قيامهم بما يندبون له من أعمال بصفة عامة، ثم أفرد القانون الباب السابع منه لإجراءات الإثبات بالكتابة ونظمت المواد 262 وما بعدها إجراءات التحقيق عند إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع، كما بينت تلك المواد الخطوات والإجراءات التي يجب اتباعها عند ندب خبير لمضاهاة الخطوط، وهي إجراءات رآها المشرع مناسبة لهذا النوع من أعمال الخبرة وفيها ضمان كاف لحقوق الخصوم فلا تتقيد المحكمة فيها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بالقواعد المنصوص عليها بالباب السادس من قانون المرافعات. وإذ تعد هذه الإجراءات دون غيرها هي الواجبة الاتباع في موضوع النزاع المتعلق بتحقيق صحة الإمضاءات لانطباقها عليه واختصاصها به دون ما نصت عليه المادة 236 من إجراءات فإن استناد الحكم إلى المادة 262 يعد استناداً صحيحاً. وإذ رتب الحكم على ذلك رفض الدفع بالبطلان لعدم دعوة الخبير للخصوم طبقاً للمادة 236 فإنه لا يكون قد خالف القانون - والنعي مردود في شقه الثاني بأن محكمة أول درجة إذ قضت في التظلم في أمر الأداء رقم 711 سنة 1959 كلي القاهرة فقد استنفذت ولايتها بالفصل في هذا التظلم ويكون الاستئناف رقم 1117 سنة 78 ق المرفوع عن الحكم الصادر في التظلم قد طرح على المحكمة الدعوى بما حوته من دفاع ودفوع. وإذ ضمت المحكمة الاستئناف المرفوع عن التظلم إلى الاستئناف المرفوع عن الحكم رقم 830 سنة 1959 كلي القاهرة الخاص بدعوى التزوير الأصلية وأخذت في أسباب حكمها بتقرير الخبير الذي ندبته بالإضافة إلى الأسباب الواردة بالحكم الصادر في دعوى التزوير رقم 830 سنة 1959 كلي القاهرة، وكانت هذه الأسباب تكفي لحمل الحكم المطعون فيه، فإن تعييب هذا الحكم في قضائه بتأييد الحكم الابتدائي الصادر في التظلم في أمر الأداء لا يكون بفرض بطلان هذا الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من شأنه سوى تحقيق مصلحة نظرية لا يعتد بها ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
(1) راجع نقض جلسة 15/ 3/ 1956 - الطعن رقم 309 لسنة 22 ق - مجموعة المكتب الفني س 7 ص 328.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق