جلسة 30 من أكتوبر سنة 1993
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت نائب رئيس مجلس الدولة, وعضوية السادة الأساتذة: رأفت محمد يوسف, ود. أحمد مدحت حسن, ومحمد أبو الوفا عبد المتعال, وسعيد أحمد برغش - نواب رئيس مجلس الدولة.
----------------
(9)
الطعن رقم 2489 لسنة 36 القضائية
هيئة الشرطة - ضباطها - انقطاع عن العمل - إجراءات القومسيون الطبي والطعن على قراراته.
المادة (41) من لائحة القومسيونات الطبية الصادر بها قرار وزير الصحة رقم 253 لسنة 1974.
للعامل أن يتظلم من قرار لجنة التظلمات من قرارات القومسيونات الطبية بالمحافظات خلال 15 يوماً من التوقيع على القرار بالعلم - يكون التظلم بطلب يقدم لرئاسته مباشرة - يتعين إرسال الأوراق موضوع التظلم فوراً إلى الإدارة العامة للقومسيونات الطبية - لهذه الإدارة إلغاء أو تعديل القرار الصادر عن اللجنة ولها حق استدعاء المتظلم والكشف عليه - يكون قرارها في هذا الشأن نهائياً - علة ذلك أن الإدارة العامة للقومسيونات الطبية هي المرجع الأخير لتحديد مدى سلامة قرار القومسيون الطبي المحلي بالمحافظة ومن بعده قرار لجنة التظلمات بالمحافظات باعتبارها أعلى سلطة طبية محايدة - قرار الإدارة العامة للقومسيونات الطبية هو الذي يطعن عليه أمام القضاء الإداري - عدم اتباع إجراءات ومواعيد التظلم المشار إليها يؤدي إلى تحصن القرار فلا يجوز النعي عليه بالبطلان - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 7/ 6/ 1990 أودع الأستاذ/ .......
المحامي نائباً عن الأستاذ/ .......... المحامي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم2489 لسنة 36 ق عليا في القرار الصادر من مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة بجلسة 8/ 4/ 1990 بشأن الاستئناف المقام عن قرار مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة في 11/ 6/ 1989 في الدعوى التأديبية رقم 6 لسنة 1989 والذي نصه الآتي: "قبول التظلم شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المستأنف فيما قضى به من مجازاة النقيب ......... بالوقف عن العمل في صرف نصف المرتب لمدة ستة أشهر ومجازاته بخصم ثلاثة أشهر من راتبه" وطلب الطاعن الحكم للأسباب الواردة بتقرير الطعن بقبول طعنه شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه.
وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى السيد وزير الداخلية بصفته في 14/ 6/ 1990.
وأعدت هيئة المفوضين تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه للأسباب المبينة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل القرار المطعون فيه إلى إلغاء القرار المستأنف فيما قضى به من مجازاة الطاعن بالوقف عن العمل مع صرف نصف المرتب لمدة ستة أشهر ومجازاته بخصم شهرين من راتبه.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا الدائرة الرابعة جلسة 10/ 2/ 1993 وفيها قدمت جهة الإدارة مذكرة بدفاعها وأحيل الطعن إلى محكمة الموضوع لنظره بجلسة 5/ 6/ 1993 حيث تدوول نظره أمامها على النحو الوارد في محاضر الجلسات وبجلسة 2/ 10/ 1993 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم وفيه صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 8/ 4/ 1990 وطعن فيه بتاريخ 7/ 6/ 1990 وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية ومن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث الموضوع فإن عناصر هذه المنازعة تخلص في أن وزير الداخلية أصدر بتاريخ 11/ 2/ 1989 القرار رقم 6 لسنة 1989 بإحالة النقيب ...... بأمن قنا إلى مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة لمحاكمته تأديبياً لأنه خرج على مقتضى الواجب الوظيفي لانقطاعه عن العمل دون إذن يوم14/ 8/ 1987 عقب راحة الجمعة حتى أبلغ بمرضه من 15/ 8/ 1987 وهو اليوم الذي احتسبته الجهة الطبية المختصة بداية أجازته المرضية، ثم انقطع عن العمل بدعوى المرض في المدة من 14/ 9/ 1987 إلى 3/ 7/ 1988 ولم تحتسب الجهة الطبية المختصة هذه المدة إجازة مرضية.
وبجلسة 11/ 6/ 1989 قرر مجلس التأديب لضباط الشرطة رفض الدفع ببطلان قرار الإحالة ومجازاة الطاعن بالوقف عن العمل مع صرف نصف المرتب لمدة ستة أشهر وذلك تأسيساً على أن القومسيون الطبي قرر منحه إجازة مرضية لمدة ثلاثين يوماً تبدأ من 15/ 8/ 1987 وعدم احتساب مدة انقطاعه التالية إجازة مرضية لعدم تناسبها مع حالته المرضية وقد أصبح قرار القومسيون في هذا الصدد نهائياً بعد البت في التظلم المقدم من الطاعن وعدم اتخاذه الإجراءات الخاصة بالطعن أمام المحكمة المختصة في قرار رفض تظلمه.
وأضاف مجلس التأديب أنه قد أتيحت الفرصة للطاعن لابداء دفاعه في إحدى مراحل المساءلة التأديبية فضلاً عن أن تمارض المذكور يعتبر انقطاعاً عن العمل بغير عذر حقيقي إذ أنه كان براحة مجمعة تنتهي في 13/ 8/ 1987 ولم يعد لعمله صباح يوم 14/ 8/ 1987 وأبلغ عن مرضه يوم 15/ 8/ 1987 فتم توقيع الكشف الطبي عليه بتاريخ 28/ 8/ 1987 ومنح إجازة مرضية بمعرفة القومسيون الطبي لمدة ثلاثين يوماً تبدأ من 15/ 8/ 1987 ورأت الجهة الطبية عدم احتساب المدة التالية إجازة لعدم تناسب مدة الانقطاع مع حالته المرضية وقد تأيد هذا القرار من لجنة التظلمات بقنا في 28/ 10/ 1988 وبالتالي فإن يوم 14/ 8/ 1987 لم يحتسب إجازة مرضية ويعد غياباً بدون إذن، كما أن المدة التالية للإجازة المرضية وتبدأ من 14/ 9/ 1987 حتى 3/ 7/ 1988 فإنها أيضاً انقطاع عن العمل بدون إذن وقد رفض القومسيون الطبي احتسابها إجازة مرضية.
وقد عدل مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة الجزاء الموقع على الطاعن ليكون الخصم من راتبه لمدة ثلاثة أشهر مع أخذه بذات الأسباب والأسانيد التي صدر بناء عليها قرار مجلس التأديب الابتدائي وبرر تخفيض العقوبة التي تضمنها هذا القرار بأن المذكور استأنف عمله بإدارة قوات أمن قنا من 4/ 7/ 1988 وانتظم في العمل وبالتالي يكون الجزاء الموقع عليه قد شابه غلو ويستند الطاعن في طعنه على هذا القرار التأديبي إلى أن قرار إحالته إلى مجلس التأديب الابتدائي باطل. إذ بدلاً من أن ترسل الإدارة طلب التظلم المقدم منه بتاريخ 12/ 9/ 1988 من قرار لجنة التظلمات بالقومسيون الطبي إلى الإدارة العامة للقومسيونات الطبية فإنها أرسلته إلى ذات اللجنة مصدرة قرار تأيد قرار القومسيون الطبي بمنحه إجازة مرضية ثلاثين يوماً وعدم احتساب المدة التالية إجازة مرضية فأصبحت هذه الجهة خصماً وحكماً في نفس الوقت حيث قررت نهائية قرار القومسيون وفضلاً عن ذلك فإنه لن يتم التحقيق معه فيما نسب إليه لإعطائه فرصة إبداء دفاعه. واستطرد الطاعن قائلاً أنه طبقاً لقانون الشرطة رقم 109 لسنة 1971 فإنه ليس في المخالفات التأديبية مخالفة تسمى التمارض حتى يمكن محاسبته عليها تأديبياً وبرر الشق المستعجل من طعنه بأنه قد لحقت به أضرار بسب الجزاء الموقع عليه.
وانتهى الطاعن إلى طلب الحكم له بما تقدم.
وفي المذكرة التي قدمتها جهة الإدارة طلب الحكم برفض الطعن تأسيساً على أن المخالفات المنسوبة للطاعن ثابتة لا مجال لإنكارها.
ومن حيث إنه عن السبب الأول من أسباب الطعن فإن الثابت من الاطلاع على الأوراق أن الطاعن أبلغ بمرضه في 15/ 8/ 1987 وطلب تحويله للكشف الطبي فأخطر أكثر من مرة على عنوانه بالقاهرة للتوجه إلى القومسيون الطبي للكشف عليه إلا أن الإخطارات ردت بسبب تغيير الطاعن لمحل إقامته دون إخطار جهة عمله وفي 19/ 4/ 1988 حضر الطاعن إلى جهة عمله بقنا وقدم طلباً بالاستقالة فرفض الاستجابة لطلبه إلا بعد سداد مبالغ مستحقة عليه فقدم في 30/ 6/ 1988 بطلب إحالته للقومسيون الطبي العام مع عدوله عن الاستقالة لعدم إمكانه سداد المبالغ المستحقة عليه فأحيل إلى مستشفى قنا العام بتاريخ 3/ 7/ 1988 لتوقيع الكشف الطبي عليه وتسلم عمله في 4/ 7/ 1988 وبجلسة 28/ 8/ 1988 قرر القومسيون الطبي العام بقنا أن المذكور قد شفى من التهاب غضروفي أسفل الظهر بالفقرات القطنية العجزية مع الآم عرق نساء أيمن، ويمنح ثلاثون يوماً إجازة مرضية من 15/ 8/ 1987 تاريخ إبلاغه عن مرضه ويأسف لعدم احتساب باقي المدة حتى 28/ 8/ 1988 لعدم تناسب مدة الانقطاع مع حالته المرضية ويستمر في عمله فتظلم الطاعن من هذا القرار في 12/ 9/ 1988 فأفادت مديرية الشئون الصحية بالمحافظة بقنا لجنة التظلمات برفضها للتظلم وتأييد قرار القومسيون الطبي إلا أنه تظلم من قرار لجنة التظلمات فأرسل طلبه إلى مديرية الشئون الصحية بقنا مرة أخرى التي أفادت في 9/ 11/ 1988 بأن قرار لجنة التظلمات نهائي ولا يجوز الطعن عليه.
ومن حيث إن المادة 41 من لائحة القومسيونات الطبية الصادر بها قرار وزير الصحة رقم 253 لسنة 1974 نص على أن للعامل أن يتظلم من قرار لجنة التظلمات من قرارات القومسيونات الطبية بالمحافظات خلال خمسة عشر يوماً من التوقيع على القرار بالعلم وذلك بطلب يقدم لرئاسته مباشرة وعلى رئاسته إرسال الأوراق موضوع التظلم فوراً للإدارة العامة للقومسيونات الطبية ولهذه الإدارة إلغاء أو تعديل القرار الصادر من اللجنة ولها حق استدعاء المتظلم والكشف عليه ويكون قرارها في هذا الشأن نهائياً.
بشأن الطاعن تقدم بتظلم من قرار لجنة التظلمات بمديرية الشئون الصحية بمحافظة قنا والقومسيون الطبي العام بقنا المشار إليه وكان يتعين على جهة عمله أن ترسل هذا التظلم إلى الإدارة العامة للقومسيونات الطبية لتبت نهائياً في الأمر وهي فقط التي يعتبر قرارها نهائياً إلا أن جهة العمل أرسلت التظلم إلى مديرية الشئون الصحية بقنا التي سبق لها أن رفضت تظلم الطاعن وهي ليست الجهة المختصة قانوناً حسب ما تقدم فتمسكت برأيها السابق منوهة إلى أن قرار لجنة التظلمات بمديرية الشئون الصحية التي هي نفسها مرة أخرى نهائي وهو الأمر غير الصحيح وعقب ذلك أحيل الطاعن إلى مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة لمحاكمته تأديبياً.
ومن حيث إن الحكمة مما نصت عليه المادة 41 من لائحة القومسيونات الطبية سالفة الذكر من أنه حالة تظلم العامل من قرار لجنة التظلمات من قرار القومسيون الطبي بالمحافظات فإنه يجب أن يرسل التظلم للإدارة العامة لجميع القومسيونات الطبية هو أن هذه الإدارة تكون هي المرجع الأخير لتحديد مدى سلامة قرار القومسيون الطبي المحلي بالمحافظة ومن بعده قرار لجنة التظلمات بالمحافظات باعتبارها أعلى سلطة طبية ومحايدة ومن حقها إلغاء القرار ومحل التظلم أو تعديله كما لها استدعاء المتظلم للكشف عليه وهي فقط التي يكون قرارها نهائياً بحيث يجوز لصاحب الشأن أن يطعن عليه أمام القضاء الإداري فكان يتعين على الطاعن أن يطعن في قرار مديرية الشئون الصحية بقنا الذي تجاهل الإجراء المتقدم خلال المواعيد القانونية أما وأنه لم يفعل فإن هذا القرار يكون قد تحصن بحيث أصبح لا يجوز قانوناً النعي عليه بالبطلان وبالتالي بطلان قرار الإحالة إلى مجلس التأديب وينبني على ذلك أن السبب الأول للطعن يكون غير صحيح متعين الالتفات عنه.
ومن حيث إنه بالنسبة للسبب الثاني للطعن فإن الثابت من الأوراق أن الطاعن قد حقق معه أكثر من مرة بسبب المخالفات التي نسبت إليه من ذلك التحقيق الذي أجرى معه بتاريخ 12/ 9/ 1988 و15/ 11/ 1988 وبالتالي فليس صحيحاً ما يزعمه الطاعن من أنه لم تتح له أي فرصة للدفاع عن نفسه قبل إحالته إلى مجلس التأديب الابتدائي في 11/ 2/ 1989.
ومن حيث إنه عن السبب الثالث للطعن فإن الطاعن نفسه لا ينكر انقطاعه عن العمل خلال المدد المشار إليها وإن كان قد برر الانقطاع بمرضه بالانزلاق الغضروفي، ولما كان قرار القومسيون الطبي في هذا الشأن الذي أصبح نهائياً على نحو ما تقدم قد حدد المدة التي تحسب إجازة مرضية وهى يوم 14/ 8/ 1987 ومدة ثلاثين يوماً من 15/ 8/ 1987 تاريخ الإبلاغ عن المرض أما باقي مدة الانقطاع فإنها تعتبر انقطاعاً بدون إذن فمن ثم فإن المخالفة المنسوبة للطاعن تكون ثابتة لا مجال لدحضتها.
ومن حيث إن المادة 33 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 تنص على أنه لا يجوز للضابط أن ينقطع عن عمله إلا لإجازة مصرح له بها في حدود الإجازات المقررة.
ومن حيث إن الطاعن انقطع عن عمله للمدد الموضحة آنفاً ورفض القومسيون الطبي اعتبارها إجازة مرضية وبالتالي فإنه يكون قد انقطع عن عمله بدون إذن وبالمخالفة للقانون.
ومن حيث إن المادة 40 من القانون سالف الذكر تنص على أن كل ضابط لا يعود إلى عمله بغير عذر بعد انتهاء إجازته مباشرة يحرم من مرتبه مع عدم الإخلال بالمسئولية التأديبية.
ومن حيث إن المادة 48 قد حددت الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على الضابط المخالف بأنها:
(1) الإنذار. (2) الخصم من المرتب لمدة لا تجاوز شهرين في السنة.
ومن حيث إن المادة 49 تنص على أن لمجلس التأديب توقيع أي من العقوبات الواردة بالمادة السالفة وبالتالي فإن مجلس التأديب الاستثنائي وقد انتهي إلى مجازاة الطاعن بالخصم من المرتب فإنه لا يجوز أن يتجاوز هذا الخصم مرتب شهرين ويتعين تعديل القرار المطعون فيه على هذا الأساس.
ومن حيث إنه يتبين مما تقدم أن أسانيد الطاعن تفتقر إلى سند صحيح من القانون والواقع ومن ثم فإنه تكون جديرة بالرفض مع تعديل الجزاء على النحو المتقدم.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل القرار المطعون فيه ليكون إلغاء القرار المستأنف فيما قضى به من مجازاة النقيب........ بالوقف عن العمل مع صرف نصف المرتب لمدة ستة أشهر ومجازاته بخصم شهرين من راتبه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق