جلسة 12 من مايو سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الحميد الشافعي نائب رئيس المحكمة ومحمود رضا الخضيري وإبراهيم الطويلة وأحمد علي خيري.
----------------
(170)
الطعن رقم 1622 لسنة 55 القضائية
(1) بيع "عقد" "شروط الانعقاد".
تمام البيع. يتلاقى إرادة المتعاقدين على قيام الالتزام بالبيع ونفاذه. بإيجاب من المتعاقد. وقبول من المتعاقد الآخر أو من ينوب عنه قانوناً بنقل ملكية المبيع مقابل ثمن نقدي.
(2، 3، 4) عقد "انعقاد العقد" بيع "بيع بالمزاد" وقف. "استبدال أعيان الوقف" بيع. دعوى "دعوى صحة تعاقد".
(2) انعقاد عقد البيع الذي يتم بالمزاد أصلاً بإيجاب من المزايد بعطاء يتقدم به وقبول من الجهة صاحبة المزاد برسو المزاد. م 99 مدني. شرطه. ألا يكون القبول معلقاً بموجب قائمة المزاد أو القوانين واللوائح على تصديق جهة معينة. أثره. عدم تمام العقد إلا بالتصديق عليه مثال "استبدال أعيان وقف".
(3) بيع أعيان الوقف بالمزاد واستبدالها بالمزاد العلني. لا ينعقد بمجرد إرساء المزاد على صاحب العطاء الأعلى. تمام القبول فيه وانعقاده باعتماده من صاحب الصفة في ذلك طبقاً لقائمة شروط استبدال عقارات الأوقاف الخيرية بالمزاد العلني.
(4) دعوى صحة التعاقد. ماهيتها. تتناول حقيقة التعاقد من أركانه ومحله ومداه ونفاذه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام ضد الطاعن وآخرين الدعوى رقم 1264 سنة 1981 مدني أسوان الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ بيع العقار المبين بصحيفتها بجلسة البيع بالمزايدة في 29/ 9/ 1971، وقال بياناً لذلك إن رئيس الوحدة المحلية لمدينة أسوان - وبناء على التفويض الصادر له من مجلس المحافظة - شكل لجنة لبيع العقار محل التداعي المملوك لهيئة الأوقاف المصرية وأنه بتاريخ 29/ 9/ 1971 باشرت اللجنة المذكورة إجراءات بيعه بالمزايدة ووافقت على إرساء المزايدة عليه - باعتباره صاحب أعلى عطاء - على أساس ثمن المتر المربع مبلغ 25.200 مليمجـ وبثمن إجمالي مقداره مبلغ 4939.200 مليمجـ بادر إلى سداده، ولأنه يرغب في تسجيل هذا البيع أقام الدعوى، وبتاريخ 17/ 1/ 1983 حكمت المحكمة برفض الدعوى، بحالتها. استأنف المطعون عليه هذا الحكم لدى محكمة قنا - مأمورية أسوان - بالاستئناف رقم 23 سنة 2 ق، ودفع المستأنف عليهم - عدا الطاعن - بعدم قبول الدعوى قبلهم لرفعها على غير ذي صفة، وبتاريخ 25/ 3/ 1985 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى بالنسبة لمن عدا الطاعن لرفعها على غير ذي صفة، وبصحة ونفاذ عقد بيع العقار موضوع التداعي بطريق المزاد المؤرخ 29/ 9/ 1971. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن بيع أعيان الأوقاف الخيرية بالمزاد يتم وفقاً لما تضمنته قائمة شروط استبدال عقارات الأوقاف الخيرية ولا يكفي لانعقاده مجرد الإيجاب الصادر من مقدم العطاء الأعلى سعراً ورسو المزاد عليه بل يتعين صدور القبول باعتماد هذا البيع من الجهة المختصة باعتماده وأن الأوراق خلو من دليل على أن رسو مزاد بيع العقار على المطعون عليه في 29/ 9/ 1971 تم قبوله واعتماد البيع من صاحب الصفة في ذلك، غير أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع وقضى بصحة ونفاذ هذا البيع على سند من أن رسو المزاد على المطعون عليه يوم 29/ 9/ 1971 وسداده الثمن الذي رست به المزايدة ومضي أكثر من أربعة عشر عاماً منذ ذلك التاريخ يفيد ضمناً قبول البيع واعتماده واستيفاء العقد أركانه وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر أن التعاقد على البيع لا يعتبر تاماً وملزماً إلا إذا تلاقت إرادة المتعاقدين على قيام الالتزام بالبيع ونفاذه مما يقتضي إيجاباً يعبر به التعاقد الصادر منه على وجه حازم عن إرادته في إبرام عقد يلتزم به المتعاقد الآخران ينقل إليه ملكية الشيء المبيع مقابل ثمن نقدي وأن يقترن به قبول مطابق له يصدر من هذا الأخير أو من ينوب عنه قانوناً، وأن مفاد نص المادة 99 من القانون المدني أن التقدم بالعطاء في المزايدات ليس إلا إيجاباً من صاحب العطاء فلابد لانعقاد العقد من أن يصادفه قبول بإرساء المزاد عليه ممن يملكه بما مؤداه أن العقد في البيع بالمزاد ينعقد كأصل عام بإيجاب من المزايد هو العطاء الذي يتقدم به وقبول من الجهة صاحبة المزاد يتم برسو المزاد، إلا أنه إذا كان القبول معلقاً - بموجب قائمة المزاد أو القوانين أو اللوائح - على تصديق جهة معينة فلا ينعقد العقد في هذه الحالة برسو المزاد وإنما يعتبر مجرد اتفاق على أن يتقيد الراسي عليه المزاد بعطائه إلى أن يتم تصديق هذه الجهة فينعقد بهذا التصديق لما كان ذلك، وكانت قواعد التصرف في أعيان الوقف عن طريق الاستبدال - والتي تحكم واقعة التداعي - قد نظمها القرار بقانون رقم 44 لسنة 1962 بتسليم الأعيان التي تديرها وزارة الأوقاف إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والمجالس المحلية، والقرار الوزاري رقم 18 لسنة 1968 بشأن اللائحة التنفيذية لهذا القانون، والقرار الوزاري رقم 15 لسنة 1970 بإلحاق قائمتي شروط استبدال، عقارات الأوقاف الخيرية باللائحة التنفيذية للقانون رقم 44 لسنة 1962 سالف الذكر، فنصت المادة الثامنة من هذا القانون على أن تسلم إلى المجالس المحلية المباني الاستغلالية والأراضي الفضاء والأراضي الزراعية التي تقع داخل نطاق المدن كل في دائرة اختصاصها وتتولى المجالس المحلية بالنيابة عن وزارة الأوقاف إدارة هذه الأعيان واستغلالها والتصرف فيها، ونصت المادة السادسة من القرار الوزاري رقم 18 لسنة 1968 بشأن اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه على أن تختص مجالس المحافظات باستبدال أعيان الأوقاف الخيرية المسلمة إلى المجالس المحلية على أن يكون الاستبدال بالمزايدة العلنية ولا يجوز بالممارسة إلا للهيئات الحكومية والمؤسسات العامة والجمعيات التعاونية لبناء المساكن، كما بينت كيفية تقدير ثمن العقار المطلوب استبداله ليكون أساساً للمزايدة وأوجبت على المحافظة أن ترسل إلى وزارة الأوقاف بياناً تفصيلياً عن العين المراد استبدالها والثمن المقدر لها وطريقة الاستبدال ومبرراته وعلى الوزارة أن ترد برأيها في هذا الشأن خلال ستين يوماً من تاريخ وصول هذا البيان، وبينت المادة السابعة إجراءات الاستبدال ومن أبرزها أن يتم الاستبدال وفقاً لقائمة المزاد الملحقة بهذا القرار والتي يتعين على المزايدة توقيعها قبل البدء في المزايدات، كما أوردت أن تكون المزايدة أمام مجلس المحافظة بحضور رئيس المحكمة الابتدائية المختص ولهذا المجلس أن يشكل لجنة تجري المزايدة وفي هذه الحالة لا يكون رسو المزاد أمامها نهائياً إلا إذا وافق عليه مجلس المحافظة وتضمنت قائمة شروط الاستبدال بالمزاد العلني - الملحقة باللائحة التنفيذية - في البند الأول منها أن شروط هذه القائمة تعتبر جزاءاً متمماً لعقد البدل الذي سيبرم بين مجلس المحافظة نيابة عن وزارة الأوقاف وبين المستبدل الذي يرسو عليه المزاد، ونص في البند السادس منها على أنه ليس من شأن رسو المزاد على مقدم أكبر عطاء أن يرتب له أي حق قبل مجلس المحافظة أو على العقار محل المزايدة وإنما يظل ملتزماً بعطائه إلى أن يقرر مجلس المحافظة اعتماد صيغة البدل طبقاً لحكم المادة الثامنة من القانون رقم 44 لسنة 1962، وأن لمجلس المحافظة - دون ذكر أسباب - أن يرفض البدل لمقدم أكبر عطاء وفي هذه الحالة لا يكون له أي حق قبل المجلس سوى استرداده التأمين الذي دفعه وتضمن البند الحادي عشر أنه إذا لم تسبق رسو المزاد موافقة وزارة الأوقاف على الاستبدال بالثمن الأساسي أو سبقته ولكن المزايدة رست بأقل من الثمن الأساسي فلا يعتد برسو المزادة إلا إذا وافقت وزارة الأوقاف عليه، ثم صدر بعد ذلك في 10/ 10/ 1971 القرار بقانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية - والذي سرى العمل به من تاريخ نشره في 28/ 10/ 1971 - ونص في مادته الثالثة على أن تنتقل إلى مجلس إدارة الهيئة الاختصاصات المخولة للجنة شئون الأوقاف بالقانون رقم 272 لسنة 1959 وكذلك الاختصاصات المخولة للمجالس المحلية بالقانون رقم 44 لسنة 1962 وذلك بالنسبة إلى البدل والاستبدال، ونصت المادة الخامسة منه على أن تتولى الهيئة نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية إدارة هذه الأوقاف والتصرف فيها، ثم وبتاريخ 20/ 9/ 1972 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1141 لسنة 1972 بشأن لائحة تنظيم العمل بهيئة الأوقاف المصرية - وجرى العمل به من تاريخ نشره في 12/ 10/ 1972 ونصت المادة الحادية عشرة من اللائحة على أن للهيئة استبدال أو بيع العقارات بالمزاد العلني وكان مفاد هذه النصوص مجتمعة أن بيع أعيان الوقف المراد استبدالها بالمزاد العلني لا ينعقد بمجرد إرساء المزاد على صاحب العطاء الأعلى وإنما يتم القبول فيه وبالتالي انعقاده باعتماده من صاحب الصفة في ذلك وطبقاً لما تضمنته قائمة شروط استبدال عقارات الأوقاف الخيرية بالمزاد العلني باعتبارها قانون المتعاقدين - على نحو ما سلف بيانه - لما كان ما تقدم - وكانت دعوى صحة التعاقد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي دعوى استحقاق مالآ تنصب على حقيقة التعاقد فتتناول أركانه ومحله ومداه ونفاذه، وكان البين من الأوراق ومدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه لم يقدم ما يدل على أن البيع الذي يستند إليه في دعواه تمت الموافقة عليه واعتماده سواء من لجنة شئون الأوقاف أو مجلس المحافظة أو هيئة الأوقاف كما خلت الأوراق مما يفيد ذلك، وأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بصحة ونفاذ هذا البيع على مجرد ما استخلصه من محضر المزايدة المؤرخ 29/ 1/ 1971 والصورة الضوئية من الخطاب المؤرخ 11/ 11/ 1980 المتضمن بيان الثمن الراسي به المزاد أن عملية المزايدة تمت في تاريخها وأن المطعون عليه سدد الثمن الذي تم به المزاد، وما ذهب إليه من أن مضي أكثر من أربعة عشر عاماً من تاريخ المزايدة يفيد حتماً اعتماد الطاعن عملية المزايدة بمقولة أنه لا يعقل عدم صدور هذا الاعتماد بعد مضي هذا الزمن الطويل، وكان هذا الذي أورده الحكم وأسس عليه قضاءه لا يستند إلى أصل ثابت في الأوراق ولا يفيد بذاته ثبوت اعتماد البيع على النحو الذي حدده القانون وبه حجب الحكم نفسه عن بحث توافر أركان البيع فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال فضلاً عن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق