جلسة 5 من يونيه سنة 1978
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى الفقي وعضوية السادة المستشارين حافظ رفقي، جميل الزيني، محمود حسن حسين وعاصم المراغي.
--------------
(271)
الطعن رقم 846 لسنة 45 القضائية
(1) إعلان. موطن. "الموطن المختار". استئناف.
إعلان صحيفة الاستئناف في الموطن المختار. شرطه. أن يكون المعلن إليه هو المدعي ما لم يكن قد بين في صحيفة افتتاح الدعوى موطنه الأصلي. م 214/ 2 مرافعات.
(2) تقادم "التقادم الثلاثي". تعويض.
التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 مدني. بدء سريانه من تاريخ العلم الحقيقي بوقوع الضرر والمسئول عنه. القضاء ببدء سريان التقادم من تاريخ التصديق على الحكم الصادر من المحكمة العسكرية بإدانة المتهم المسئول عن الضرر. خطأ.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 3933 سنة 1973 مدني كلي جنوب القاهرة على المطعون ضده بصفته وزيراً للحربية طلبوا فيها الحكم بإلزامه بأن يؤدي لهم بمبلغ 12.000 جنيهاً تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقتهم لفقد مورثهم المرحوم........ الذي لقي حتفه بتاريخ 30/ 8/ 1969 بسبب إهمال أحد جنود القوات المسلحة بأن ترك سيارته ليلاً بالطريق العام دون إضاءة خلفية فاصطدمت بها السيارة التي كان يركبها مورثهم وقيدت الواقعة برقم 450 سنة 1969 جنح عسكرية القاهرة وقضى بإدانة السائق وتصدق على الحكم بتاريخ 25/ 12/ 1969، ولما كان المطعون ضده بصفته يسأل عن الضرر الذي أحدثه تابعه فقد أقاموا عليه الدعوى الحالية بطلباتهم السابقة. وبتاريخ 20/ 6/ 1974 قضت محكمة أول درجة بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للطاعنين مبلغ 3000 جنيه، فاستأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم..... سنة 91 ق ودفع بسقوط الحق في رفع الدعوى بالتقادم المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني، بتاريخ 15/ 5/ 1975 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبسقوط الحق في رفع الدعوى. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بالدفع باعتبار الاستئناف كان لم يكون لعدم إعلان صحيفته إعلاناً صحيحاً خلال الشهور الثلاثة التالية لإيداعها قلم الكتاب إلا أن الحكم المطعون فيه قد رفض هذا الدفع تأسيساً على أن صحيفة الاستئناف قد أعلنت لهم في موطنهم المختار بمكتب وكيلهم في حين أنه لم يصدر منهم توكيل له بمباشرة الدعوى في غيبتهم فضلاً عن أنهم أثبتوا في صحفية افتتاح الدعوى محل إقامتهم الواجب إعلانهم فيه ومن ثم يكون الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن تأسيساً على أن صحيفة الاستئناف قد أعلنت إعلاناً صحيحاً للمطعون ضدهم بموطنهم المختار خلال الأشهر الثلاثة التالية لإيداعها قلم الكتاب لعدم إثباتهم محل إقامتهم في صحيفة الدعوى الابتدائية، وكانت الفقرة الثانية من المادة 214 من قانون المرافعات قد أجازت إعلان الطعن في الموطن المختار إذا كان المعلن إليه هو المدعي ولم يكن قد بين في صحيفة افتتاح الدعوى موطنه الأصلي، وكان الطاعنون لم يقدموا صورة رسمية من صحيفة افتتاح الدعوى التي أقاموها للتدليل على أنها تضمنت بيان موطنهم الأصلي، فإن النعي لهذا السبب يضحى عارياً عن الدليل.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم أجرى سريان التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني اعتباراً من التصديق على الحكم الجنائي الصادر بإدانة أحد أفراد القوات المسلحة التابعين للمطعون ضده بقوله أنه منذ ذلك التاريخ تأكد علم الطاعن بالضرر وبالشخص المسئول عنه، في حين أن قانون القضاء العسكري لا يجيز الادعاء المدني أمام المحاكم العسكرية المختصة بالفصل في الجرائم التي يرتكبها أفراد القوات المسلحة ومن ثم يتعذر على الطاعنين العلم بتاريخ صدور الحكم الجنائي أو بتاريخ التصديق عليه، ولما كانوا لم يعلموا بصدور هذا الحكم إلا في 29/ 5/ 1973 وأقاموا الدعوى قبل انقضاء ثلاث سنوات فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بسقوط حقهم بالتقادم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه إذ جرى نص الفقرة الأولى من المادة 172 من التقنين المدني على أنه "تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وشخص المسئول عنه. وتسقط هذه الدعوى على كل حال بانقضاء خمس عشر سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع"، فقد دل على أن التقادم الثلاثي المشار إليه لا يبدأ في السريان إلا من تاريخ العلم الحقيقي الذي يحيط به المضرور بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه باعتبار أن انقضاء ثلاث سنوات من يوم ثبوت هذا العلم ينطوي على تنازل المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على المسئول بما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي مدة التقادم، ولا وجه لافتراض هذا التنازل من جانب المضرور وترتيب حكم السقوط في حالة العلم الظني الذي لا يحيط بوقوع الضرر أو بشخص المسئول عنه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أجرى سريان مدة التقادم الثلاثي المشار إليه في حق الطاعنين من 25/ 12/ 1969 تاريخ التصديق على الحكم الصادر بإدانة تابع المطعون ضده في الجنحة العسكرية رقم 450 سنة 1969 وكان استخلاص علم المضرور بحدوث الضرر وبشخص المسئول عنه وأن اعتبر من المسائل المتعلقة بالواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع، إلا أن لمحكمة النقض أن تبسط رقابتها متى كانت الأسباب التي بنى عليها الحكم استخلاصه ليس من شأنها أن تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد قرن علم الطاعنين بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه بتاريخ التصديق على حكم إدانة تابع المطعون ضده الصادر من المحكمة العسكرية في الجنحة التي لم يكونوا ممثلين فيها، ورغم انتفاء التلازم الحتمي بين الأمرين، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه والإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق