جلسة 6 إبريل سنة 1944
برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.
-----------------
(116)
القضية رقم 68 سنة 13 القضائية
محكمة شرعية.
الأحكام التي تصدرها المحاكم الشرعية. تنفيذها. لا شأن فيه للمحاكم الأهلية.
(المادتان 349 و350 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية)
الوقائع
تتحصل وقائع الدعوى في أن الطاعن كان متزوجاً من المطعون ضدها الأولى ولخلاف دب بينهما أصدر المجلس الملي قراراً في 29 أكتوبر سنة 1931 بالتفرقة بينهما، وكانت لهما ابنة صغيرة بقيت في حضانة أمها، غير أن أباها أراد ضمها إليه ورفع الأمر إلى المجلس الملي الذي قرر بتاريخ 23 مايو سنة 1935 استمرار حضانة الأم. فاستأنف الطاعن هذا القرار وقضى بتأييده في 20 أكتوبر سنة 1938، فلم يرق قضاء المجلس الملي في عين الطاعن - وكان في أثناء نظر الاستئناف قد غير مذهبه من قبطي أرثوذكسي إلى رومي كاثوليكي - فلجأ إلى المحاكم الشرعية ورفع الدعوى أمام محكمة المنشية الشرعية وطلب الحكم بتسليم ابنته إليه، وقضت تلك المحكمة له بذلك. فاستأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم، ومحكمة الإسكندرية الشرعية بهيئة استئنافية قضت بتأييد الحكم المستأنف. فأسرعت المطعون ضدها المذكورة بالشكوى إلى وزارة العدل فأرسلت الوزارة بتاريخ 27 يوليو سنة 1939 كتاباً لمحافظة الإسكندرية تطلب إليها فيه عدم تنفيذ الحكم الشرعي القاضي بتسليم البنت إلى الطاعن ريثما تعرض موضوع هذا الإشكال على لجنة تنازع الاختصاص لتفصل في أي الحكمين واجب النفاذ، أحكم المجلس الملي أم حكم المحكمة الشرعية. فرفع الطاعن الدعوى رقم 1809 سنة 1942 أمام قاضي الأمور المستعجلة بمحكمة مصر الابتدائية الأهلية على المطعون ضدهما يطلب فيها القضاء بتنفيذ الحكم الشرعي السالف الذكر، فدفعت المطعون ضدها الأولى بعدم اختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى، وقضى باختصاص المحاكم الأهلية وباستمرار تنفيذ الحكم الشرعي. استأنفت المطعون ضدها الأولى ذلك الحكم، فقضت محكمة مصر الابتدائية الأهلية بهيئة استئنافية بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى.
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه خالف قواعد القانون وتفسيره فيما يتعلق بولاية القضاء إذ اعتبر خطاب وزارة العدل أمراً إدارياً تمنع المحاكم الأهلية - وفقاً للمادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم - من تأويله أو إيقاف تنفيذه، وأن وزير العدل عندما أصدر أمره بوقف تنفيذ الحكم الشرعي إنما استعمل حقه المخول له بمقتضى لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، وأنه خالف القانون كذلك إذ قال بأن المادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية تمنع هذه المحاكم من تأويل الأحكام التي تصدر من الجهات الشرعية، فليس خطاب الوزارة بالأمر الذي عنته المادة 15 ولا وزير العدل استعمل حقاً بمنع المحاكم من نظر الأمر المتنازع عليه، كما أن القضاء بتنفيذ حكم أصدرته محكمة مختصة ليس معناه تأويله.
وحيث إن الطاعن رفع هذه الدعوى طالباً الحكم بتنفيذ حكم صدر من محكمة شرعية في حدود ولايتها. ولما كان الشارع قد نص في المادتين 349 و350 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على الجهة التي تقوم بتنفيذ أحكام هذه المحاكم كما نص على الإجراءات التي يتخذها صاحب الشأن في حالة امتناع هذه الجهة عن التنفيذ، وجعل مرد الأمر في ذلك إلى وزير العدل، فإن المحاكم الأهلية لا تكون مختصة بالحكم بتنفيذ أحكام المحاكم الشرعية، ويكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى بعدم اختصاصها، صحيحاً بقطع النظر عما أسس عليه قضاؤه من أسباب أخرى لا محل للتعرض لها متى كان الحكم يستقيم بالسبب الذي تقدم بيانه.
(1) استظهر بعض الشراح (انظر كتاب المرافعات للدكتور محمد حامد فهمي رقم 292) أنه إذا اختلف المحكوم عليه أو المحكوم له مع جهة الإدارة فيما رأته من وجوب تنفيذ حكم صادر من إحدى جهات قضاء الأحوال الشخصية أو وقف تنفيذه كان له رفع الدعوى عليها أمام المحاكم الوطنية أو المختلطة بطلب التعويض عن تصرفها في ذلك باعتباره مخالفاً للقوانين واللوائح فتنظر المحكمة فيما إذا كان الحكم المختلف عليه قد صدر من جهة تملك الاختصاص أو لا تملكه ثم تقضي، على أساس ما يتبين لها من هذا البحث، في دعوى التعويض المرفوعة إليها. ومبنى هذا الرأي أن لجنة تنازع الاختصاص بوزارة العدل ليس لها أي اختصاص مستمد من القانون بالفصل فيما يعرض عليها بل هي لا تعدو أن تكون هيئة إدارية بحتة تعاون وزير العدل. فإذا ما أصدر الوزير قراراً، اعتماداً على رأي هذه اللجنة، فهو قرار إداري بحت يجوز رفع الدعوى بطلب التعويض عنه بحجة مخالفته لقواعد القانون المتعلقة باختصاص جهات القضاء المختلفة. ثم إن المحاكم الوطنية والمحاكم المختلطة، كلتاهما لا تعترف بحجية أحكام محاكم الأحول الشخصية إلا إذا كان الحكم صادراً في حدود ما تختص به المحكمة التي أصدرته، ولا تتقيد المحاكم المدنية في ذلك برأي وزارة العدل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق