الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 1 مايو 2023

الطعن 187 لسنة 45 ق جلسة 24 / 4 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 213 ص 1083

جلسة 24 من إبريل سنة 1978

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى الفقي وعضوية السادة المستشارين حافظ رفقي، جميل الزيني، محمود حسن حسين ومحمود حمدي عبد العزيز.

--------------

(213)
الطعن رقم 187 لسنة 45 القضائية

حكم "حجية الحكم الجنائي". نقض.
حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية. شرطها. القضاء ببراءة الطاعن من جريمة اختلاس سندات الدين استناداً إلى أن الاتهام محل شك. قضاء المحكمة المدنية بالدين استناداً إلى أقوال الشهود أمامها. لا خطأ.

------------
مفاد نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية، 102 من قانون الإثبات أن الحكم الصادر في المواد الجنائية لا تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية إلا إذا كان قد فصل فضلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، ولما كان الثابت من الحكم الصادر في الجنحة الذي تأيد استئنافياً أنه قضى ببراءة الطاعنين من تهمة اختلاس سندات مديونيتهما للطاعن، تأسيساً على أن هذه التهمة محل شك كبير، ولم يتطرق الحكم الجنائي لبحث واقعة المديونية في ذاتها، وكان الفصل في هذه الواقعة ليس ضرورياً أو لازماً للفصل في الجريمة المسندة إليهما، فإن الحكم المطعون فيه إذ استخلص من أقوال الشهود الذين استمعت إليهم المحكمة المدنية، ثبوت مديونية الطاعنين للمطعون ضده، فإنه لا يكون قد تعارض مع حجية الحكم الجنائي الصادر ببراءة الطاعنين من جريمة اختلاس سندات الدين، ذلك أن حجية هذا الحكم قاصرة على أنهما لم يختلسا تلك السندات ولكنها لا تتعارض أو تنفي ثبوت الدين في ذمتهما، لما كان تقدم، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة قوة الأمر المقضي للحكم الجنائي المشار إليه يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 491 سنة 71 تجاري كلي شمال القاهرة على الطاعنين طالباً الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 1800 جنيه والفوائد وقال شرحاً لدعواه أنه بموجب عقد مؤرخ 4/ 6/ 1965 تمت تصفية المعاملات السابقة بين الطرفين فأظهرت مديونية الطاعنين له في مبلغ ألف جنيه فضلاً عن مديونيتهما له في مبلغ 800 جنيه بموجب سندين إذنيين يستحقان السداد في 30/ 9/ 1965، 30/ 10/ 1965 حرر عنها احتجاج عدم دفع، وقد توسط البعض لإنهاء النزاع بين الطرفين بغية استئناف التعامل بينهما وتحرر بينهما مشروع اتفاق جديد، وأثناء إجراءات التصديق على توقيعات الطاعنين على هذا الاتفاق الجديد بمأمورية الشهر والتوثيق بالمحلة الكبرى، تمكنا بالحيلة من اختلاس أصل الاتفاق السابق إبرامه بتاريخ 4/ 6/ 1965 والسندين الإذنيين سالفي البيان فأقام ضدهما عن هذه الواقعة الجنحة المباشرة رقم 9928 سنة 66 بندر المحلة الكبرى، وإذ قضى فيهما انتهائياً ببراءتهما، فقد أقام الدعوى الحالية بطلباته السابقة، وبتاريخ 12/ 3/ 1972 قضت محكمة شمال القاهرة الابتدائية بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي الدين المطالب به، وبعد أن استمعت إلى أقوال شهود الطرفين قضت بجلسة 11/ 6/ 1972 برفض الدعوى، فاستأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 405 سنة 89 ق القاهرة وبتاريخ 29/ 12/ 1974 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعا للمطعون ضده مبلغ 1800 والفوائد. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان بالسببين الأولين فيها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان أن المطعون ضده أقام ضدهما الجنحة المباشرة رقم 9928 لسنة 1966 جنح بندر المحلة؛ يتهمهما باختلاس سندات مديونيتهما، فدفعا هذا الاتهام بأن المطعون ضده قد تخلى عن السندات نتيجة التخالص فقضت المحكمة الجنائية ببراءتهما للشك في الاتهام وعدم كفاية الأدلة وتأيد هذا القضاء استئنافياً، فحاز قوة الأمر المقضي، ولما كانت المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أن يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية بالبراءة قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية سواء بني على انتفاء التهمة أو على عدم كفاية الأدلة؛ وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعنين بالدين تأسيساً على أن تخلي المطعون ضده عن السندات لم يكن برضائه نتيجة للتخالص. فإنه يكون قد خالف قوة الأمر المقضي للحكم الجنائي المشار إليه، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي بسببيه مردود ذلك أنه لما كانت المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن "يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو بالإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحكمة المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائياً فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها، ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بني على انتقاء التهمة أو على عدم كفاية الأدلة، ولا تكون له هذه القوة إذا كان مبنياً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون وكانت المادة 102 من قانون الإثبات تنص على أن "لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً" فإن مفاد ذلك أن الحكم الصادر في المواد الجنائية لا تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان قد فصل فضلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية، وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله ولما كان الثابت من الحكم الصادر في الجنحة رقم 9928 سنة 1966 بندر المحلة الذي تأيد استئنافياً أنه قضى ببراءة الطاعنين من تهمة اختلاس سندات مديونيتهما للطاعن تأسيساً على أن هذه التهمة محل شك كبير، ولم يتطرق الحكم الجنائي لبحث واقعة المديونية في ذاتها وكان الفصل في هذه الواقعة ليس ضرورياً أو لازماً للفصل في الجريمة المسندة إليهما، فإن الحكم المطعون فيه إذ استخلص من أقوال الشهود الذين استمعت إليهم المحكمة المدنية ثبوت مديونية الطاعنين للمطعون ضده فإنه لا يكون قد تعارض مع حجية الحكم الجنائي الصادر ببراءة الطاعنين من جريمة اختلاس الدين ذلك أن حجية هذا الحكم قاصرة على أنهما لم يختلسا تلك السندات ولكنها لا تتعارض أو تنفي ثبوت الدين في ذمتهما، لما كان تقدم إن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة قوة الأمر المقضي للحكم الجنائي المشار إليه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم أقام قضاءه على مجرد التخمين والاستنتاج، إذا انتهى إلى إلزامهما بالمبلغ المطالب به تأسيساً على أنهما لم يقدما السندين الإذنيين مؤشراً عليهما بما يفيد التخالص كما لم يقدما أي دليل على سداد قيمة الأقطان الزائدة التي حصلاً عليها، في حين أنهما قدما المستندات الدالة على سداد الدين ومن بينها مستند يفيد سدادها مبلغ 300 جنيه للمحضر بتاريخ 1/ 12/ 1965 فضلاً عن أقوال الشهود الذين أيدوا دفاعهما، وإذ طرح الحكم المطعون فيه كل هذه الأدلة وأقام قضاءه على مجرد الظن والتخمين فإنه يكون معيباً بالقصور والفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر أن محكمة الموضوع هي صاحبة السلطة التامة في بحث ما يقدم إليها من أدلة ومستندات وتقدير أقوال الشهود وترجيح ما يطمئن وجدانها إلى ترجيحه منها وفي استخلاص ما ترى أنه واقع الدعوى، دون رقابة من محكمة النقض متى كان استخلاصها سائغاً وله أصل ثابت في الأوراق، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإجابة المطعون ضده إلى طلباته على عدة قرائن استخلصتها المحكمة من أوراق الدعوى منها إقرار الطاعنين بسبق توقيعهما على عقد تصفية الحساب في 4/ 6/ 1965 الذي أسفر عن مديونيتهما بألف جنيه وعلى السندين الإذنيين البالغ قيمتهما 800 جنيه وعدم تقديمهما هذه السندات مؤشراً عليها بالسداد رغم زعمهما باستردادها للتخالص وأقوال شاهدي المطعون ضده التي اطمأنت المحكمة إلى صحتها وعدم تحفظ الطاعنين في احتجاجي عدم الدفع المحررين في 11/ 10/ 1965، 3/ 10/ 1965 بحصول سداد كلي أو جزئي وعدم تقديمهما ما يدل على سداد قيمة الأطيان الزائدة التي حصلا عليها بخلاف الحساب الخاص بالأقطان التي حرر عنها السندات الإذنية، ولما كان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصل ثابت في الأوراق، فإن ما يثيره بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل تنحسر عنه رقابة محكمة النقض، ومن ثم يكون النعي به على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق