جلسة 11 من مايو سنة 1978
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عبد العال السيد وعضوية السادة المستشارين: أحمد صلاح الدين زغو، د. عبد الرحمن عياد، محمد فاروق راتب وعماد الدين بركات.
----------------
(241)
الطعن رقم 508 لسنة 45 القضائية
(1) نزع الملكية للمنفعة العامة. دعوى. تعويض.
صدور القرار الجمهوري بتقرير صفة المنفعة للعقار. التجاء المالك مباشرة القضاء بطلب التعويض المستحق عن نزع الملكية. شرطه. انقضاء سنتين من تاريخ نشر القرار الجمهوري دون اتخاذ إجراءات نزع الملكية بإيداع النماذج والقرار الوزاري بنزع الملكية بمكتب الشهر العقاري.
(2) دفوع. دعوى.
الدفع بعدم قبول الدعوى إعمالاً للمادة 115 مرافعات. جواز إبدائه في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف.
(3) حكم "الطعن في الحكم". وكالة.
قبول الحكم المانع من الطعن فيه. وجوب صدوره من الخصم نفسه أو وكيله المفوض في ذلك. قبول الأحكام الصادرة ضد الدولة. من حق الوزير المختص أو المحافظ أو وكيل الوزارة إن فوضهما في ذلك. ق 42 لسنة 1967.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم...... مدني كلي القاهرة للحكم بإلزام المطعون عليهما بأن يدفعا له مبلغ 128410 ج والفوائد من تاريخ المطالبة الرسمية وقال بياناً للدعوى أن المطعون عليهما بصفتهما استأجرا منه العقار رقم.... لاستغلاله كمدرسة وحكم بإلزامهما بإخلائها في الدعوى رقم..... كلي القاهرة ولدى تنفيذ حكم الإخلاء استشكل المطعون عليهما في التنفيذ فقضى برفض الإشكال فاستصدر المطعون عليهما الأمر العسكري رقم 9 سنة 1972 بالاستيلاء على العقار ثم استصدرا القرار الجمهوري رقم 263 سنة 1973 بتخصيصه للمنفعة العامة وسكتت الإدارة المستأجرة عن اتخاذ إجراءات نزع الملكية بقصد تعطيل تنفيذ حكم الإخلاء الأمر الذي جعل له الحق في طلب التعويض عن العقار المنزوعة ملكيته وبتاريخ 27/ 6/ 1974 قضت المحكمة بإلزام المطعون عليهما بأن يدفعا له مبلغ 123410 ج تعويضاً عن العقار استأنف المطعون عليهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه والحكم بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن القانون رقم 577 سنة 1954 حدد زمناً لتستكمل فيه إجراءات نزع الملكية وأن الطاعن لجأ قبل فوات تلك المدة للمحكمة طالباً التعويض وقيد الاستئناف برقم..... كما أقام الطاعن استئنافاً فرعياً برقم....... للحكم بطلباته وبتاريخ 22/ 3/ 1975 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان - وبرفض الاستئناف الفرعي. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيه الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب من أربعة وجوه الأول أن الحكم المطعون فيه لم يرد على الدفع بسقوط حق المطعون عليهما في الدفع بعدم قبول الدعوى إعمالاً لحكم المادة 108 مرافعات لأنه دفع متعلق بالإجراءات ولم يبد أمام محكمة الدرجة الأولى. الثاني لم يرد الحكم على الدفع بانعدام مصلحة المطعون عليهما في الدفع بعدم قبول الدعوى لأنه سيترتب على قبوله سقوط القرار الجمهوري بنزع الملكية فيعاد تقدير التعويض على أساس قيمة العقار عند رفع الدعوى من جديد وهو يزيد كثيراً عما قضى به الحكم الابتدائي. الثالث أن الحكم لم يرد على القول بأن الدفع بعدم قبول الدعوى لا يتحقق استناداً إلى واقعة نشأت بعد صدور الحكم الابتدائي إذ أن إجراءات نزع الملكية تراخت حتى صدور هذا الحكم. الرابع أن الحكم لم يناقش القول بأن هيئة المساحة توقفت عن السير في إجراءات نزع الملكية بسبب امتناع المسئولين عن تسهيل مهمتها مما يجعل الدفع بعدم القبول غير ذي موضوع.
وحيث إن هذا النعي برمته في غير محله ذلك أن القانون رقم 577 سنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 252 سنة 1960، 13 سنة 1962 الخاص بنزع ملكية العقارات للمنفعة العامة قد نص في المادة الثانية على أنه "يكون تقدير صفة المنفعة العامة.. بالنسبة للعقارات المراد نزع ملكيتها للمنفعة العامة بقرار من رئيس الجمهورية" وأوجبت المادتان الخامسة والسادسة منه على الجهة القائمة بإجراءات نزع الملكية أن نتخذ الإجراءات المحددة بهما والتي تنتهي بتحرير كشوف تتضمن بيان العقار المطلوب نزع ملكيته واسم مالكه وأصحاب الحق فيه والتعويض المقدر وعرض هذه الكشوف في الأماكن المحددة والنشر عنها وإخطار أصحاب الشأن بذلك دون أن يحدد موعداً لبدء هذه الإجراءات وخولت المادة السابعة منه لذوي الشأن الاعتراض على هذه البيانات بما فيها تقدير التعويض خلال ثلاثين يوماً من تاريخ انتهاء مدة عرض الكشوف سالفة الذكر ونصت المادة التاسعة على أن يوقع أصحاب الحقوق التي لم تقدم في شأنها معارضات على نماذج خاصة بنقل ملكيتها للمنفعة العامة، أما الممتلكات التي يتعذر الحصول على توقيع أصحاب الشأن فيها لأي سبب كان على النماذج المذكورة فيصدر بنزع ملكيتها قرار من الوزير المختص وتودع النماذج أو القرار الوزاري في مكتب الشهر العقاري ونصت المادة العاشرة منه على أنه "إذا لم تودع النماذج أو القرار الوزاري طبقاً للإجراءات الواردة في المادة السابعة في خلال سنتين من تاريخ نشر القرار للمنفعة العامة في الجريدة الرسمية سقط مفعول هذا القرار." وحددت المادة الثالثة عشر المختصة بالفصل في المعارضات الخاصة بالتعويضات وأجازت المادة الرابعة عشر الطعن على تلك القرارات أمام المحكمة الابتدائية. ومفاد هذه النصوص أنه إذا صدر قرار جمهوري بتقرير صفة المنفعة العامة لعقار فإنه لا يسقط مفعولة إلا إذا لم يتخذ إجراءات نزع ملكيته التي تنتهي بإيداع النماذج الخاصة بنقل الملكية أو القرار الوزاري بنزع الملكية في مكتب الشهر العقاري خلال سنتين من تاريخ نشر القرار الجمهوري المقرر للمنفعة العامة بالجريدة الرسمية، لا يجوز لصاحب الشأن الالتجاء مباشرة إلى القضاء بطلب التعويض المستحق عن نزع ملكية عقاره ما دام أن القرار الجمهوري المقرر للمنفعة العامة لم يسقط بمضي سنتين من تاريخ نشره دون اتخاذ إجراءات نزع الملكية التي تنتهي بإيداع النماذج أو القرار الوزاري سالفي الذكر في مكتب الشهر العقاري فإذا خالف صاحب الشأن ذلك ولجأ إلى طريق رفع دعوى مبتدأة خلال هاتين السنتين فإن دعواه تكون غير مقبولة وإذا فصلت محكمة الموضوع في تقدير التعويض تكون قد جاوزت الطريق الذي رسمه المشرع في تقدير التعويض وخالفت قاعدة متعلقة بالنظام العام، إذ لا ينعقد الاختصاص للمحكمة الابتدائية إلا للطعن في قرار اللجنة المختصة بالفصل في المعارضات الخاصة بالتعويضات. لما كان ذلك وكان الدفع بعدم قبول الدعوى إعمالاً للمادة 115 مرافعات يرمى إلى إنكار سلطة المدعي في استعمال الدعوى ويجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها ولو في الاستئناف وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على جميع ما يقدمه الخصوم من الأدلة والقرائن ولا هي ملزمة بأن تضمن أسباب حكمها رداً على جميع الحجج التي يسوقها كل من الخصوم، كما أنها ليست في حاجة إلى الرد استقلالاً على كل ما يثيره الخصم ما دام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها فيها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال من الحجج والطلبات. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رد على ما ساقه الطاعن بهذا النعي بقوله وكان الثابت أن القرار الجمهوري قد صدر ونشر بالجريدة الرسمية في 12/ 4/ 1973 وأن الجهة نازعة الملكية قد باشرت الإجراءات على النحو المبين بحافظتها المقدمة عند نظر الاستئناف وكان المستأنف ضده (الطاعن) قد أقام دعواه المستأنف حكمها في الاستئناف الماثل في 30/ 10/ 1973 أي قبل مضي سنتين من تاريخ نشر القرار الجمهوري في 12/ 4/ 1973 ودون انتظار لأن تتخذ الجهة نازعة الملكية الإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 577 سنة 1954 فإن دعواه والحالة هذه تكون قد رفعت قبل أوانها ولا يقدح في ذلك ما نعاه المستأنف ضده (الطاعن) على سكوت جهة الإدارة وتراخيها عن اتخاذ هذه الإجراءات طالما أنه لم تمض المدة القانونية التي بعدها يباح للمالك أو يلجأ إلى الفضاء مطالباً بالتعويض.. "وفي هذا" الرد الضمني على ما دفع به الطاعن سواء بالنسبة لسقوط حق المطعون عليها في الدفع بعدم قبول الدعوى وانعدام مصلحتها فيه لأن الدفع بعدم القبول على ما سبق البيان يمكن إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو في الاستئناف. كما أن فيه الرد السائغ على ما آثاره الطاعن من أن الدفع بعدم القبول لا يتحقق لاستناده إلى واقعة نشأت بعد صدور الحكم الابتدائي وأنه أصبح غير ذي موضوع لتراخي الجهة نازعة الملكية وتوقفها عن السير في الإجراءات ذلك أن الطاعن أقام دعواه في 30/ 10/ 1973 بعد نشر القرار الجمهوري بالجريدة الرسمية في 12/ 5/ 1973 وقبل مضي مدة السنتين المقررة لسقوطه مما يكون معه النعي بجميع وجوهه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن وكيل وزارة التربية والتعليم بصفته ممثلاً للإدارة قبل الحكم الابتدائي على أن يسقط ما حكم به من تعويض على سنتين وطلب هو إثبات ذلك بالبينة وضم الأوراق التي تثبت ذلك إلا أن المحكمة رفضت ذلك بحجة أن وكيل الوزارة لا يمثل الجهة نازعة الملكية مع أن الأصل أن وكيل الوزارة يمثل المحافظ في الاتفاق ولا يوجد في الأوراق ما يدل على إنه كان يتصرف من تلقاء نفسه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كانت المادة الثانية من قانون الإثبات تنص على أنه "يجب أن تكون الوقائع المراد إثباتها متعلقة بالدعوى ومنتجة فيها" فلا على المحكمة إن هي لم تستجب إلى طلب الإحالة إلى التحقيق إذا ما استبان لها أن إجابة الطلب غير منتج وإن لديها من الاعتبارات ما يكفي للفصل في الدعوى حتى مع التسليم بصحة الواقعة المراد إثباتها وكان يشترط فيمن يقبل الحكم أن يكون طرفاً في الخصومة التي صدر فيها بشخصه أو بمن يمثله ولا يصح القبول من الوكيل بالخصومة إلا إذا كان مفوضاً تفويضاً خاصاً. وكان قبول الأحكام الصادرة ضد الدولة من حق الوزير المختص إلا إذا فوض في ذلك المحافظ أو وكيل الوزارة كنص المادة الثالثة من القانون 42 سنة 1967. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الخصوص قوله "كما أن المحكمة لا ترى في طلب المستأنف ضده (الطاعن) الاحتياطي إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات الاتفاق على قبول الحكم المستأنف من جانب وكيل وزارة التربية والتعليم لأن هذه الواقعة إن صحت لا تنتج أثراً قانونياً بالنسبة لقبول الحكم لأن وكيل الوزارة لا يمثل الجهة نازعة الملكية" وكان هذا الذي قرره الحكم هو استخلاص سائغ لواقع الدعوى لأن وكيل وزارة التربية والتعليم ليس له حق قبول الحكم الابتدائي إذ لا يمثل الجهة نازعة الملكية أو الجهة المكلفة بنزع الملكية ولا يوجد في الأوراق ما يدل على أنه مفوض من قبلها تفويضاً خاصاً في قبول ذلك الحكم فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات تلك الواقعة لا يكون قد خالف الثابت بالأوراق أو شابه الفساد في الاستدلال.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وفي بيان ذلك يقول أنه ظهر من تصرفات الجهة الإدارية نازعة الملكية أنها ممتنعة عن اتخاذ إجراءات التعويض ولا ترغب في ذلك لعدم وجود مال كاف لديها مما يجعل له الحق في الالتجاء إلى القضاء لتقدير التعويض دون انتظار مدة السنتين المنصوص عليها في المادة العاشرة من القانون رقم 577 سنة 1954 فإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتفسيره.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه وعلى ما ورد في الرد على السبب الأول إذا صدر قرار جمهوري بتقرير المنفعة العامة لعقار ما فإن ذلك القرار لا يسقط مفعوله إلا إذا لم تتخذ إجراءات نزع الملكية التي تنتهي بإيداع النماذج الخاصة بنقل الملكية أو القرار الوزاري بنزع الملكية في مكتب الشهر العقاري خلال سنتين من تاريخ نشر القرار الجمهوري المقرر للمنفعة العامة فإذا لم تنقص هاتان السنتان فلا يجوز لصاحب الشأن الالتجاء مباشرة إلى المحكمة يطلب تقدير التعويض المستحق عن نزع ملكية عقاره. فإن خالف ذلك ولجأ إلى طريق رفع الدعوى مبتدأة خلال هاتين السنتين فإن دعواه تكون غير مقبولة. لما كان ذلك وكان الطاعن قد خالف أحكام القانون رقم 577 سنة 1954 ولجأ إلى طريق رفع دعوى مبتدأة بطلب التعويض عن نزع ملكية عقاره للمنفعة العامة بعد صدور القرار الجمهوري بنزع الملكية وقبل مضي سنتين من تاريخ نشره فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول دعواه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تفسيره.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق