جلسة 16 نوفمبر سنة 1944
برياسة حضرة محمد زكي علي بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك المستشارين.
----------------
(158)
القضية رقم 30 سنة 14 القضائية
رهن.
مالكان على الشيوع. بيع أحدهما حصة شائعة من الملك المشترك. وضع المشتري يده عليها. رهن الآخر جزءاً مفرزاً منه. طلب المرتهن الحكم له على الراهن في مواجهة المشتري بحبس العين المرهونة وتسليمها إليه حتى يوفى إليه الرهن. رفضه. محل هذا الطلب عند حصول القسمة ووقوع هذا القدر في نصيب المرتهن.
الوقائع
تتلخص وقائع هذا الطعن فيما يلي، كما تؤخذ من الحكم المطعون فيه والمستندات المقدمة لهذه المحكمة والتي كانت تحت نظر محكمة الاستئناف:
أقام الطاعن الدعوى رقم 215 سنة 1942 أمام محكمة سوهاج الابتدائية على المطعون ضده وآخرين لم يعلنا في هذا الطعن، هما محمود سالمان عبد العال وعبد العال عبد المغيث عبد العال، وطلب فيها الحكم بإلزام هذين الأخيرين أن يدفعا له 452 جنيهاً و173 مليماً قيمة دين الرهن المستحق عليهما ومصاريف تسجيل العقد. كما طلب في مواجهة المطعون ضده حبس العين المرهونة وتسليمها إليه حتى الوفاء بقيمة دين الرهن جميعه. واستند في دعواه إلى عقد رهن عرفي تاريخه 20 من نوفمبر سنة 1935 ومسجل في 20 من أغسطس سنة 1941 أقر فيه محمود سالمان عبد العال بأنه قبض من الطاعن 446 ج وتأميناً لهذا المبلغ رهن له ثلاثة أفدنة بحوض الساقية رقم 3 بزمام الخزندارية ضمن المكلف باسم والده سالمان عبد العال وإخوته، وأن هذا القدر آل إليه بطريق الميراث عن والده وهو على قطعتين الأولى 12 ط و2 ف والثانية 12 ط، وأنه رفع يده عن الأرض المرهونة وصار للمرتهن الحق في أن يضع يده عليها. وقد وقع على هذا العقد عبد العال عبد المغيث عبد العال بصفته ضامناً متضامناً مع الراهن في الوفاء بالدين وملحقاته جميعها. وقد طلب المطعون ضده رفض الدعوى فيما يتعلق بحبس العين مستنداً إلى أنه يضع اليد على 2 ف و20 ط و2 س من العين المطالب بتسليمها وحبسها، وذلك بطريق الشراء من عبد الفتاح بدر عبد العال بعقد مسجل في 22 من يونيه سنة 1936 وإلى أن الطاعن كان قد رفع عليه من قبل دعوى بطلب رد حيازة هذا القدر إليه باعتباره داخلاً ضمن العين المرهونة وقضى في هذه الدعوى برفضها.
وفي 26 من نوفمبر سنة 1942 قضت المحكمة في الدعوى بإلزام محمود سالمان عبد العال وعبد العال عبد المغيث عبد العال متضامنين بأن يدفعا للطاعن 446 ج والمصاريف المناسبة و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة وتسليم العين المرهونة بعقد الرهن المؤرخ في 20 من نوفمبر سنة 1935 وحبسها تحت يد الطاعن لحين الوفاء.
فاستأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط طالباً إلغاءه فيما قضى به من تسليم العين المرهونة وحبسها تحت يد الطاعن مع إلزام الطاعن بالمصاريف وأتعاب المحاماة.... إلخ.
وفي 15 من ديسمبر سنة 1943 قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف ورفض طلب الحبس والتسليم بالنسبة إلى القدر البالغة مساحته 2 ف و20 ط و2 س وبتأييد الحكم فيما زاد على هذا القدر وإلزام الطاعن بالمصاريف المناسبة لذلك عن الدرجتين وبمبلغ 400 قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما. وقد استند الحكم في قضائه بذلك إلى أنه ثبت من مناقشة طرفي الخصومة أن الأطيان جميعها التي تلقاها الراهن وكذلك التي تلقاها البائع لا زالت على المشاع وإلى أنه ظهر من الحكم الصادر في دعوى استرداد الحيازة أن الراهن لم يكن واضعاً يده على الأطيان المتنازع عليها وأن الواضع اليد هو المطعون ضده.
وقد أعلن هذا الحكم للطاعن في 31 من يناير سنة 1944. فقرر وكيله الطعن فيه بطريق النقض في 29 من فبراير سنة 1944 بتقرير أعلن للمطعون ضده إلخ إلخ.
المحكمة
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه:
أولاً - أخطأ في تطبيق القانون لإهداره ما للراهن من الحق في رهن ملكه الشائع محدداً مفروزاً، وذلك برفضه طلب الطاعن الحبس والتسليم اللذين يخولهما إياه عقد الرهن الحيازي مع أنه من المسلم أن المالك على الشيوع يملك التصرف في ملكه بالرهن محدداً مفروزاً ويقع تصرفه هذا صحيحاً، فكان الواجب على المحكمة الاستئنافية أن تقضي بتأييد الحكم الابتدائي بكامل أجزائه، وكان على المطعون ضده، وقد اشترى حصة شائعة من مالك آخر، أن يرفع دعوى قسمة حتى إذا وقع القدر المرهون في نصيبه اعتبر مالكاً له من تاريخ انتقال الملك إليه بالشراء.
ثانياً - شابه التناقض بين أسبابه والنتائج التي رتبها عليها، وذلك لأن الحكم قد ذكر في أسبابه أن الأطيان التي تلقاها الراهن والبائع لا زالت على المشاع، وأن الراهن لم يكن واضعاً يده على العين المرهونة، ورتب على هذا الذي ذكره وجوب القضاء برفض طلب الحبس والتسليم، في حين أن عقد الرهن يخول الطاعن حق وضع اليد. وفضلاً عن ذلك فقد فرّق الحكم بين الخصمين في الدعوى، فأجاز لأحدهما حق وضع اليد على العين محددة وأنكر ذلك على الآخر، في حين أن كلا الخصمين تلقى حقه العيني من مالك مستقل يملك على المشاع، وكان الواجب أن يقضي للطاعن بوضع اليد، لأن عقده يخوله الحيازة والحبس على التحديد، وعقد المطعون ضده يخوله الملكية على الشيوع فقط رغم الحكم الصادر في دعوى استرداد الحيازة لأن وضع يد المطعون ضده على أساسه لا يعتبر تنازلاً من الطاعن عن حق الحبس، بل هو وضع يد بطريق الغصب.
ثالثاً - استند في قضائه برفض طلب الحبس إلى وقائع ليس في مستندات الدعوى ما يؤيدها، إذ ذكر أنه ثبت من الحكم الصادر في دعوى استرداد الحيازة أن الراهن لم يكن واضعاً اليد على العين المرهونة، مع أن شيئاً من ذلك لم يثبت، بل هي رواية وردت على لسان شاهد قال بوضع الأطيان الموروثة جميعها تحت الحراسة سنة 1935، ولم يكن السبب في رفض دعوى رد الحيازة شهادة هذا الشاهد بل عدم استعمال القوة في طرد الطاعن من العين المرهونة.
ومن حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم في الوجهين الأول والثاني من الطعن غير سديد: أولاً - لأن الحكم المطعون فيه لم ينكر - كما يزعم الطاعن - ما هو مقرر قانوناً من أن للشريك في الملك أن يرهن - أثناء قيام الشيوع - حصة مفروزة في الملك المشاع، وإنما هو قد بحث فيما طلبه الطاعن من تسليمه العين المرهونة لحبسها تحت يده حتى يستوفي دين الرهن. وقد تبينت المحكمة أن الراهن للطاعن والبائع للمطعون ضده كانا يملكان على الشيوع ولم يضعا اليد على جزء معين من الملك المشترك، ثم استظهرت من الحكم الصادر في دعوى استرداد الحيازة التي كانت مرفوعة من الطاعن على المطعون ضده أن المطعون ضده هو الواضع اليد على الأطيان المتنازع عليها، ثم انتهت من ذلك إلى أنه لا محل لطلب الطاعن حبس هذه الأطيان. وهذا الذي انتهى إليه الحكم سديد، وتبرره الاعتبارات التي بنى عليها، وليس فيه - خلافاً لما يزعم الطاعن - تناقض ما، لأنه ما دام البيع الصادر للمطعون ضده قد سجل في سنة 1936 وانتقل الحق العيني إليه بهذا التسجيل، ووضع يده على القدر المتنازع عليه، وما دام الرهن الحيازي الصادر للطاعن قد سجل في سنة 1941 ولم يضع المرتهن يده على الأطيان، فإنه لا يكون ثمة محل لطلب المرتهن استحقاقه القدر الذي وضع المشتري يده عليه، إذ هو يطلب استحقاقه قدراً مفرزاً سبق وضع يد المشتري عليه، وهذا الطلب سابق لأوانه، ولا يكون له محل إلا عند حصول القسمة ووقوع هذا القدر في نصيبه هو، فعندئذ - وعندئذ فقط - يكون له أن يطلب تسليمه إليه لحبسه تحت يده حتى يدفع له دينه. وثانياً - لأن ما يقول به الطاعن من أنه كان يجب على المطعون ضده أن يرفع دعوى قسمة حتى إذا ما وقع القدر المتنازع عليه في نصيبه اعتبر مالكاً له من تاريخ انتقال الملك إليه بالشراء - هذا القول لا محل له، إذ ليس في القانون ما يلزمه بذلك.
ومن حيث إنه لا صحة لما جاء بالوجه الثالث. فإن الطاعن بنى هذا الوجه على ما جاء بالحكم الابتدائي الصادر في دعوى استرداد الحيازة رقم 788 سنة 1941 طهطا التي كانت مرفوعة من الطاعن على المطعون ضده وآخرين والذي جاء فيه: "أنه قد ثبت من شهادة شهود المدعي (الطاعن) أن أحداً لم يستعمل القوة معه عند بدء الزراعة فقد أصبح البحث في مسألة اليد في الدرجة الثانية من الأهمية لفقدان دعوى استرداد الحيازة أهم ركن منها وهو استعمال القوة... ولما تقدم ولما ثبت من شهادة شهود المدعي من أن أحداً من المدعى عليهم لم يستعمل أي عمل من أعمال العنف أو القوة ومن ثم تكون الدعوى غير مستوفاة الأركان القانونية ويتعين رفضها". ولما كان الحكم الاستئنافي رقم 260 سنة 1941 الصادر في تلك الدعوى بصفة استئنافية من محكمة سوهاج الابتدائية قد جاء فيه: "أن الحكم المستأنف في محله للأسباب الواردة به والتي تأخذ بها هذه المحكمة، وتضيف إليها أنه بحسب شهادة شهود المستأنف (الطاعن) أمام محكمة أول درجة لم يقم دليل كاف على وضع يده على أرض النزاع إلى وقت حصول التعرض المدعى به" - لما كان الأمر كذلك فإن ما يدعيه الطاعن في الوجه الثالث لا يؤيده الواقع، ما دامت المحكمة الاستئنافية قد أثبتت في حكمها أنها تبينت من وقائع الدعوى وأدلتها أن حيازة الطاعن للعين التي ارتهنها غير ثابتة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق