الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 4 مايو 2023

الطعن 110 لسنة 13 ق جلسة 23/ 11/ 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 159 ص 445

جلسة 23 نوفمبر سنة 1944

برياسة حضرة محمد زكي علي بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك المستشارين.

---------------

(159)
القضية رقم 110 سنة 13 القضائية

اختصاص:
أ - الأعمال الصادرة من السلطات العامة في معنى المادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم. تقرير وصفها القانوني. من اختصاص المحاكم. خضوع قاضي الموضوع فيما يقرره من ذلك لرقابة محكمة النقض.
ب - العمل الإداري. مجلس بلدي الإسكندرية. الأوامر التي يصدرها فيما هو من اختصاصه من شئون المدينة. أوامر إدارية في معنى المادة 15 المذكورة.
جـ - الترخيص في الانتفاع الفردي بالأملاك العامة. إعطاؤه. رفضه. الرجوع فيه. أعمال إدارية. هو ليس عقد إيجار.
د - ترخيص من المجلس البلدي بشغل كشك للبلدية. انتهاء أجله. استيلاء المجلس عليه بالطرق الإدارية. عمل إداري يحرم على المحاكم تعطيله.
(الأمر العالي الصادر في 5 يناير سنة 1890 بإنشاء المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية والمادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية)

---------------
1 - المحاكم هي المختصة بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر عن السلطات العامة في معنى المادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم، فهي التي لها أن تقول هل العمل من أعمال السيادة فلا يكون لها أي اختصاص بالنظر فيه، أم هو عمل إداري فيكون اختصاصها في شأنه مقصوراً على الحكم بالتضمينات في حالة مخالفة القانون، أم هو لا هذا ولا ذاك فيكون لها كامل الاختصاص بالنظر في جميع الدعاوى التي ترفع عنه. وقولها في ذلك يخضع لرقابة محكمة النقض.
2 - إن العمل الإداري كما يصدر عن السلطات الحكومية يصدر أيضاً عن الهيئات العامة الأخرى الموكول إليها إدارة بعض الشئون العمومية نيابة عن الحكومة. وبما أن الأمر العالي الصادر في 5 من يناير سنة 1890 بإنشاء المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية قد وكل إلى هذا المجلس أمر إصدار القرارات المتعلقة بجميع المصالح العمومية في المدينة، ومن بينها الحمامات العمومية، وبما يكون فيه تحسينها ورونقها ورفاهيتها، ووزارة المالية قد عهدت إليه، بكتابها المؤرخ في 16 من سبتمبر سنة 1907، تنظيم استغلال أراضي سواحل المدينة أسوة بالحمامات توحيداً للاختصاص، فإن هذا المجلس يكون هو السلطة المختصة أيضاً بإدارة شئون شاطئ البحر. فما يصدر عنه من أوامر في هذه الشئون يعتبر عملاً إدارياً في معنى المادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية.
3 - إنه لما كان شاطئ البحر من الأملاك العامة كانت الأكشاك التي تقيمها البلدية عليه لغرض تنظيم الانتفاع والاستمتاع به وتيسيرهما من الأملاك العامة كذلك بالتبعية والتخصيص.
4 - إن تصرف السلطة الإدارية في الأملاك العامة لانتفاع الأفراد بها لا يكون إلا على سبيل الترخيص "Concession". والترخيص بطبيعته موقت غير ملزم للسلطة المرخصة التي لها دائماً، لداعي المصلحة العامة، الحق في إلغائه والرجوع فيه قبل حلول أجله. ثم هو - عدا ذلك - خاضع لحكم الشروط والقيود الواردة فيه. وإعطاء الترخيص ورفضه والرجوع فيه - كل أولئك أعمال إدارية بحكم القانون العام. ثم إن كون الترخيص يصدر في مقابل رسم يدفع لا يخرجه عن طبيعته تلك ولا يجعله عقد إيجار.
5 - إذا كان الثابت من أوراق الدعوى أن الترخيص الصادر من المجلس البلدي في شغل كشك للبلدية قد انتهى أجله ولم يجدد قانوناً، وطولب المرخص له بإخلاء الكشك وتسليمه فلم يفعل، فإن استمراره في شغله يكون بغير وجه حق، ويكون للمجلس البلدي أن يستولي عليه بالطرق الإدارية عملاً بالمادة الخامسة من الترخيص. وهذا التصرف من جانب المجلس يعتبر عملاً إدارياً يحرم على المحاكم تعطيله. فإذا رفع المنتفع دعوى باسترداد حيازة الكشك لنفسه بعد استيلاء البلدية عليه إدارياً، فهذا منه معناه المطالبة بإلغاء تنفيذ أمر إداري مما لا اختصاص للمحاكم به. فإذا قضت المحكمة في هذه الدعوى بإعادة وضع يد المنتفع على الكشك فإنها تكون قد خالفت القانون (1)، ويتعين نقض حكمها والقضاء بعدم اختصاص المحاكم بنظر الدعوى.


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن في أنه بموجب عقد مؤرخ في 31 من يوليو سنة 1942 وصف بأنه ترخيص رقم 202 رخصت بلدية الإسكندرية للمطعون ضدها بإشغال الكشك رقم 53 من شاطئ ستانلي مدة فصل الشتاء من أول نوفمبر سنة 1942 لآخر إبريل سنة 1943 مقابل رسم معين قدره جنيهان، وقد جاء في العقد أن هذا الترخيص شخصي، وأن لرجال البلدية حق دخول الكشك في أي وقت يشاءون، وأنه لا يجوز استعماله لمسكن أو مطعم أو مشرب ولا ارتكاب أي فعل بداخله يمس بالأخلاق أو الآداب العامة، ولا يجوز استعماله قبل الخامسة صباحاً ولا بعد منتصف الليل، وأنه يجب إخلاء الكشك في نهاية المدة وتسليم مفاتيحه للبلدية وإلا كان لها حق أن تستولي عليه إدارياً (مادة 5)، وأن للبلدية حق إلغاء الترخيص في أي وقت لاعتبارات تتعلق بالمصلحة العامة ولها وحدها حق تقديرها. وقد كتب في إطار ظاهر بأعلى يمين العقد أن طلب تجديد الترخيص لمدة تالية يجب أن يقدم للبلدية للنظر قبل يوم 31 مارس سنة 1943. ويقول الطاعن إن الترخيص للمطعون ضدها بإشغال هذا الكشك ابتدأ من نحو تسع سنوات، وقدمت البلدية مستندات عن بعض هذه المدة ابتداءً من شتاء 1940 - 1941 حتى كان آخر ترخيص عن شتاء 1942 - 1943 بموجب الترخيص المذكور الذي ينتهي في آخر إبريل سنة 1943. ثم طلبت المطعون ضدها تجديده لصيف 1943 وفي الميعاد المضروب لتقديم طلبات تجديد الترخيص أي قبل 31 مارس سنة 1943 أرسلت إلى البلدية حوالة بريدية بقيمة رسم مدة الصيف والبلدية أرسلت الوصول المعتاد المطبوع ونصه: "ليس هذا الأورنيك أعلاه إلا مجرد إخطار بورود الشيكات أو الحوالات بصرف النظر عن الموضوع الذي وردت لأجله"، وفي 11 من مارس سنة 1943 قدم ملاحظ الشواطئ إلى البلدية مذكرة عرضت على مدير البلدية في 22 من مارس سنة 1943 فكتب عليها باعتبار الكشك خالياً. وفي 11 من إبريل سنة 1940 كتبت البلدية إلى المطعون ضدها تلفتها إلى أن الترخيص الخاص بالكشك ينتهي أجله في آخر إبريل سنة 1943 وطلبت منها إخلاءه وتسليم مفاتيحه في هذا التاريخ وإلا اضطرت البلدية إلى تطبيق المادة الخامسة من الترخيص، فكتب محامي المطعون ضدها إلى البلدية بأن الترخيص عن الكشك المذكور صار تجديده لموكلته وهي متمسكة بهذا التجديد، فرد عليه مدير المجلس البلدي في 28 من إبريل سنة 1943 بأن لا حق لها في التمسك بذلك لأن التجديد من حق البلدية وحدها والترخيص انتهى بانتهاء مدته، وأن طلبات التجديد إنما تقدم للنظر فيها مما يفيد أن الترخيص لا يتجدد من تلقاء نفسه. وفي 8 من مايو سنة 1943 استولت البلدية على الكشك إدارياً. فرفعت المطعون ضدها الدعوى رقم 369 سنة 1943 مستعجل إسكندرية تطلب رد حيازتها للكشك وتمكينها من الانتفاع به. وفي 31 من مايو سنة 1943 صدر الحكم بإعادة وضع يدها على الكشك. فرفع عنه الطاعن استئنافاً قضى فيه بتأييد الحكم المستأنف.
أعلن هذا الحكم إلى الطاعن في 12 من يوليو سنة 1943، فقرر الطعن فيه بطريق النقض إلخ إلخ.


المحكمة

وحيث إن أسباب الطعن تتحصل في أن المحكمة لم تكن مختصة بالنظر في الدعوى، وأن قضاء الحكم المطعون فيه برد حيازة الكشك إلى المطعون ضدها هو إيقاف لتنفيذ الأمر الإداري الصادر من المجلس البلدي بالاستيلاء عليه. وذلك مخالف للمادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقيم على أساس أن ترخيص البلدية بإشغال الكشك هو عقد إيجار لمال خاص، وأن البلدية قد اعتدت على حق المستأجرة في الانتفاع به بانتزاعه من تحت يدها عنوة، وأن ذلك الاستيلاء لا يعد عملاً إدارياً بل هو اعتداء وتصرف جائز لا يحميه القانون.
وحيث إن المحاكم هي المختصة بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر عن السلطات العامة في معنى المادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم وصاحبة القول الفصل في أنه من أعمال السيادة، وحينئذ لا يكون لها أي اختصاص بالنظر فيه، أو أنه عمل إداري وحينئذ يكون اختصاصها في شأنه مقصوراً على التضمينات في حالة مخالفة القانون، أو ليس هو عملاً إدارياً وحينئذ يكون لها كامل الاختصاص بالنظر في جميع الدعاوى التي ترفع عنه. وتكييف قضاة الموضوع للأعمال الصادرة عن السلطات العامة خاضع لرقابة محكمة النقض.
وحيث إن العمل الإداري كما يصدر عن السلطات الحكومية يصدر أيضاً عن الهيئات العامة الأخرى الموكول إليها إدارة بعض الشئون العمومية نيابة عن الحكومة ومنها المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية.
وحيث إن الأمر العالي الصادر في 5 من يناير سنة 1890 بإنشاء المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية قد وكل إليه أمر إصدار وتنفيذ القرارات المتعلقة بجميع المصالح العمومية بالمدينة ومن بينها الحمامات العمومية وما يؤول منه تحسينها ورفاهيتها، ثم إن وزارة المالية عهدت إليه بكتابها المؤرخ في 16 من سبتمبر سنة 1907 بتنظيم استغلال أراضي السواحل أسوة بالحمامات توحيداً للاختصاص، فيكون المجلس البلدي للإسكندرية هو السلطة المختصة بإدارة شئون شاطئ البحر بها.
وحيث إن الشاطئ من الأملاك العامة فتكون الأكشاك التي تقيمها البلدية عليه لغرض تنظيم وتسهيل الانتفاع والاستمتاع به من الأملاك العامة كذلك بحكم التبعية والتخصيص.
وحيث إن تصرف السلطات الإدارية في الأملاك العامة لانتفاع الأفراد بها لا يكون إلا بترخيص "Concession" والترخيص بحكم طبيعته معين الأجل غير ملزم للسلطة المرخصة التي لها دائماً، لداعي المصلحة العامة، الحق في إلغائه والرجوع فيه قبل حلول أجله، ثم هو فوق ذلك خاضع لحكم الشروط والقيود الواردة فيه.
وحيث إن إعطاء الترخيص ورفضه وإلغاءه والرجوع فيه - كل أولئك أعمال إدارية بحكم القانون العام. وصدور الترخيص مقابل رسم لا يمكن أن يخرجه عن طبيعته ولا يجعله عقد إيجار عادي خاضعاً لأحكام القانون المدني.
وحيث إن إشغال المطعون ضدها للكشك موضوع الدعوى إنما كان بموجب ترخيص صادر من المجلس البلدي خاضع لأحكام الترخيصات بصفة عامة ولأحكام شروطه الخاصة.
وحيث إن المادة الخامسة من الترخيص المذكور قد نصت على التزام المطعون ضدها بتسليم الكشك في نهاية مدته، كما نصت على حق البلدية في الاستيلاء عليه إدارياً في حالة امتناع المطعون ضدها عن التسليم، ولما كان الثابت من أوراق الدعوى هو أن أجل الترخيص بانتفاع المطعون ضدها بالكشك قد انتهى في آخر إبريل سنة 1943 ولم يجدد قانوناً، وقد طولبت المطعون ضدها بإخلائه وتسليمه في نهاية مدته فلم تفعل، فاستمرار إشغالها لها بعد ذلك يكون بغير وجه حق، ويكون للمجلس البلدي حق الاستيلاء عليه بالطرق الإدارية عملاً بحقه المخول له في المادة الخامسة من الترخيص، وتصرفه هذا يعتبر عملاً إدارياً يحرم على المحاكم تعطيله طبقاً لحكم المادة (15) من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية.
وحيث إن المطعون ضدها رفعت الدعوى باسترداد حيازة الكشك لنفسها بعد استيلاء البلدية عليه إدارياً، ومعنى هذا المطالبة بإلغاء تنفيذ الأمر الإداري، فقد كان من المتعين على المحكمة أن تقضي بعدم اختصاصها بالنظر فيها، أما وقد قضت باختصاصها وبإعادة يد المطعون ضدها على الكشك فإنها تكون قد خالفت القانون.


(1) قررت المحكمة هذه القاعدة أيضاً في حكمها الصادر بهذه الجلسة في القضية رقم 111 سنة 13 القضائية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق