الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 4 مايو 2023

الطعن 112 لسنة 13 ق جلسة 8 / 6 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 147 ص 403

جلسة 8 يونيه سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

---------------

(147)
القضية رقم 112 سنة 13 القضائية

حكم. تسبيبه. 

بيع من غير مالك. بطلانه ليس بطلاناً جوهرياً. يصح إذا أجازه المالك. القضاء ببطلان عقد بمقولة إنه صدر من غير مالك دون إيراد الأدلة الكافية على أن القدر المبيع لم يكن بالذات مملوكاً للبائع وقت صدور هذا العقد. قصور في الأسباب.

--------------
إن البيع الصادر من غير مالك إن كان باطلاً فإن بطلانه ليس بطلاناً أصلياً، بل إن القانون نص على صحته إذا أجازه المالك. كما أن عدول المتعاقدين عما تعاقدا عليه جائز. فإذا تمسك المشتري بأن البائع له وإن كان قد سبق أن تصرف في القدر المبيع له إلا أنه قد استرد ملكيته بعدوله عن العقد الذي كان تصرف به فيه وأن البيع الحاصل له هو قد أجازه من كان حصل له التصرف أولاً، فيجب على المحكمة أن تحقق هذا الدفاع وتفصل فيه بناءً على أدلة منتجة لحكمها، فإن هي قضت ببطلان عقده بمقولة إنه صدر من غير مالك دون أن تورد الأدلة على أن القدر المبيع فيه لم يكن بالذات وقت صدوره مملوكاً للبائع وكان كل ما قالته لا يدحض ما تمسك به المدعي كان حكمها قاصراً في بيان الأسباب متعيناً نقضه.


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن في أن الطاعنة أقامت لدى محكمة مصر الابتدائية الدعوى رقم 612 سنة 1936 كلي وقالت في صحيفتها المعلنة بتاريخ 11 فبراير سنة 1938 إن المرحوم الشيخ حسن إبراهيم عثمان مورثها ومورث المعلن إليهم (المطعون ضدهم) توفى في 12 سبتمبر سنة 1932 وترك ما يورث عنه الأطيان والحاصلات والمواشي المبينة بالعريضة، وإن المعلن إليهم يضعون اليد على كل التركة من تاريخ وفاة المورث حتى الآن وينازعونها في نصيبها بلا وجه حق، إلى أن طلبت في ختام العريضة سماع المعلن إليهم الحكم بوجه التضامن: أولاً - بتعيين حارس قضائي على تركة المرحوم الشيخ حسن عثمان الموضحة بالعريضة لإدارتها ودفع الديون المطلوبة عليها وإيداع الصافي خزينة محكمة مصر الأهلية إلى أن يفصل في هذا النزاع. ثانياً - تثبيت ملكيتها إلى 17 س و23 ط و10 ف مشاعاً في الأطيان المخلفة عن مورثها الشيخ حسن إبراهيم عثمان وقدرها 10 س و21 ط و15 ف وكف منازعة المعلن إليهم لها في هذا المقدار وتسليمه إليها. ثالثاً - تثبيت ملكية الطالبة إلى 1 و3/ 4 ط في المواشي المخلفة عن مورثها وتسليمها إليها عيناً أو دفع ثمنها وقدره 562 م و20 ج. رابعاً - تثبيت ملكيتها إلى 10 و3/ 4 ط من 24 ط من الزراعة المخلفة عن مورثها وتسليمها إليها عيناً أو دفع ثمنها وقدره 750 م و40 ج. خامساً - بدفع مبلغ 500 م و445 ج قيمة نصيبها في الريع عن الثلاث سنوات ابتداءً من سنة 1933 إلى سنة 1935 مع حفظ حقها في المطالبة بما يستجد من الريع حتى التسليم. سادساً - الحكم على المدعى عليهم متضامنين بالمصاريف والأتعاب والنفاذ بلا كفالة وبنسخة الحكم الأصلية بالنسبة للطلب الأول.
وبجلسة 7 من مايو سنة 1936 تحضير قررت المحكمة قبول محمد محمد عثمان ومبروك عبد السلام عثمان أخصاماً في الدعوى. وبعد أن حضرت الدعوى أحيلت على المرافعة للفصل في الحراسة. وبجلسة 22 من أكتوبر سنة 1936 طلب الحاضر عن الخصوم الثلث الذين سبق أن قبلتهم المحكمة بجلسة التحضير قبول عبد المقصود وأبو العنين عثمان وعطية عبد السلام عثمان وبدر بدر عثمان ومرسي بدر عثمان والصاوي إبراهيم عثمان ومحمد ونجية قاصري أحمد محمد إبراهيم عثمان المشمولين بوصاية والدتهما حسنة السيد الشريف وعن نفسها أيضاً ثم عطية ومحمد ولدي عبد السلام بدر عثمان أخصاماً في الدعوى أيضاً لأنهم اشتروا من المورث 30 ف و6 ط و12 س على الشيوع في 137 ف الواردة بالكشف وطلب رفض دعوى الحراسة، وقرر الحاضر عن المدعية بعدم معارضتها في ملكية الأخصام الثلث لما هو وارد بعقد البيع الصادر لهم من المورث في سنة 1929 وبناءً على ذلك انسحب الحاضر عن الأخصام الثلث. وبجلسة 22 إبريل سنة 1937 حكمت المحكمة بإثبات تنازل المدعية عن طلب الحراسة. وبجلسة 18 نوفمبر سنة 1937 حكمت المحكمة بإثبات غيبة من لم يحضر. ولم تعلن المدعية حكم ثبوت الغيبة. وبجلسة 9 أكتوبر سنة 1938 عدلت المدعية طلباتها إلى 7 ف و20 ط ثم عادت وعدلت طلباتها بجلسة 20 إبريل سنة 1939 إلى 7 ف و19 ط مع طلب الحراسة. وبجلسة 18 مايو سنة 1939 حكمت المحكمة برفض طلب الحراسة. وطلبت أخيراً من باب الاحتياط اعتماد عقد البيع الصادر لها في 3 من يناير سنة 1925 وتثبيت ملكيتها للخمسة أفدنة الواردة به وريعها من سنة 1925 لغاية سنة 1939 وقدره 1000 جنيه مع تثبيت ملكيتها إلى 23 ط و15 س نصيبها في الميراث في العشرة أفدنة التي استبقاها المورث لنفسه ومات عنها وريع هذا النصيب من سبتمبر سنة 1932 لغاية 1939 وقدره 72 ج و800 مليم. وذكرت أنها في حالة تفضيل عقد 8 مارس سنة 1923 تستحق ثلاثة أفدنة وريعها من سنة 1923 لغاية سنة 1939 وقدره 675 جنيهاً كما طلبت أيضاً الحكم لها بمبلغ 20 جنيهاً و562 مليماً نصيبها في ثمن المواشي، وتنازلت عن المطالبة بنصيبها في الزراعات التي كانت قائمة عند وفاة المورث وهو موضوع الطلب الرابع في صحيفة الدعوى. وبتاريخ 27 فبراير سنة 1941 حكمت محكمة مصر الابتدائية بتثبيت ملكية المدعية إلى ثلاثة أفدنة شائعة في الـ 137 ف و2 ط المبينة الحدود والمعالم بعقد البيع المحرر بتاريخ 8 مارس سنة 1923 والثابت التاريخ في 31 مايو سنة 1923 وتسليمها إليها مع إلزام باقي المدعى عليهم بالمصاريف المناسبة لهذا الطلب، وقبل الفصل في الريع بندب محمد أفندي فاضل الخبير الزراعي صاحب الدور. فرفعت الطاعنة استئنافاً عن هذا الحكم وبتاريخ 30 مايو سنة 1942 قضى فيه بتأييد الحكم الابتدائي. أعلن هذا الحكم إلى الطاعنة في 17 يوليه سنة 943 فقرر وكيلها الطعن فيه بطريق النقض إلخ إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنها تمسكت بأن العقد الأول الصادر من المالك الأصلي بتاريخ 8 مارس سنة 1923 والذي بموجبه تصرف في أمواله كلها لأولاده وزوجته قد عدل عنه باتفاق الموقعين عليه أي المتصرف والمتصرف لهم، وعاد المالك الأصلي فتصرف لهم بعقود أخرى مصدق عليها في محكمة مصر الابتدائية الشرعية ومنها العقدان المقدمان في الدعوى، الأول الصادر للطاعنة ولأختها فاطمة بتاريخ 3 يناير سنة 1925 والآخر الصادر لأختها الثانية فطوم بتاريخ 4 مايو سنة 1925، واستدلت على ذلك بأن أخاها محمد حسن عثمان المطعون ضده الثالث وقع على عقدها المذكور بوصفه شاهداً عليه وبالثابت بدفتر تصديقات محكمة مصر الشرعية من صدور عقود أخرى لباقي المتصرف لهم سابقاً وقدمت دليلاً على ذلك إيصال رسم طلب شهادة من محكمة مصر الشرعية وكشفاً نظرياً وطلبت من المحكمة الانتقال إلى المحكمة الشرعية للاطلاع على دفتر التصديقات إذ أنها لا تعطي شهادات منه إلا لأولي الشأن. ولذلك فإن المحكمة برفضها طلب الطاعنة وقضائها ببطلان عقد البيع الصادر لها في 3 من يناير سنة 1925 بحجة أنه صدر من غير مالك تكون قد أخطأت.
وحيث إنه ثابت بالحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه لأسبابه أن الطاعنة طلبت من باب الاحتياط الحكم باعتماد عقد البيع الصادر لها في 3 من يناير سنة 1925، والحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان هذا العقد استند إلى أسباب حكم محكمة أول درجة وأضاف إليها أسباباً أخرى. وقد قال الحكم الابتدائي في هذا الصدد: "إن البيع الصادر من المورث للمدعية وشقيقتها فاطمة المدعى عليها السادسة بتاريخ 3 يناير سنة 1925 والبيع الصادر منه لابنته فطوم المدعى عليها الثامنة في 4 مايو سنة 1925 والبيع المقول بصدوره منه لزوجته امباركة عرفة طايل وابنتها هدو - هذه البيوع جميعها باطلة لصدورها من غير مالك لأن الأطيان المبيعة بمقتضاها خرجت من ملكية البائع بالعقد الصادر بتاريخ 8 مارس سنة 1923، وهذا فضلاً عن أن العقود الدالة على هذه البيوع لم تسجل فهي غير ناقلة للملكية. ثم إن المدعية تعترف بأن البيع الصادر لها سنة 1925 كان بغير عوض ولم ينفذ حال حياة المورث، ولذا فإنه لا يخول للمدعية المطالبة بملكية الأطيان الواردة به ولا قيمة له من هذه الوجهة رغم شهادة المدعى عليه الثالث عليه لأن هذه الشهادة لا تصحح ما اعتور العقد من العيوب ولا تؤثر على البيع السابق صدوره للشاهد ولا تمنعه من التمسك به". وأضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك قوله: "إنهم (المطعون ضدهم) لم يعترفوا بصدور عقود من مورثهم إليهم في سنة 1925 ولم تقدم هذه العقود ولم يقدم ما يدل على حصولها بتوقيع المستأنف عليهم كما قال الوكيل عن المستأنفة مستشهداً ببيان شخصي غير رسمي هو كشف نظري عن تلك العقود وليس ما يمنع من تقديم شهادة رسمية بما في دفتر التصديقات بدلاً من بيان شخصي غير رسمي عن الكشف النظري الذي يعتبر عديم القيمة ولا يوجب على المحكمة إجابة طلب الانتقال للاطلاع على هذا الدفتر. أما توقيع أحد المستأنف عليهم كشاهد على عقد بيع من المورث إلى المستأنفة فذلك لا ينقص من حقوقه الثابتة له بعقد البيع الصادر له من المورث قبل ذلك فربما كان ذلك مجرد إطاعة لأمر والده".
وحيث إن البيع الصادر من غير مالك إن كان باطلاً فإن بطلانه ليس بطلاناً أصلياً، بل إن القانون نص على صحته إذا أجازه المالك الحقيقي. كما أن عدول المتعاقدين عما تعاقدوا عليه أمر جائز قانوناً. ولما كانت الطاعنة قد تمسكت بالعدول عن عقد مارس سنة 1923 وبحلول عقود أخرى محله، منها عقد 3 يناير سنة 1925، فكان المتعين على المحكمة وقد رأت بطلان العقد الأخير أن تورد الأدلة على أن القدر المبيع فيه بالذات لم يكن وقت صدوره مملوكاً للبائع، فوصفها له بأنه وصية يتنافى مع القول بعدم ملكيته له، وكذلك أنه لم يكن مملوكاً للمطعون ضده الثالث الذي شهد على العقد الأخير المشار إليه فإن شهادته قد تصحح البيع لو كان هو المالك. كما كان متعيناً عليها أن تقيم الدليل على قولها بعدم وجود مانع من تقديم شهادة رسمية من المحكمة الشرعية بما في دفتر التصديقات، في حين أن قول الطاعنة برفض المحكمة إعطاء شهادة رسمية بذلك قد تعزز بإيصال رسم الشهادة التي كانت طلبت وبالكشف النظري المقدم بدلاً منها. أما إذا هي لم تفعل فإن حكمها يكون قاصراً في بيان الأسباب التي أقيم عليها في هذا الصدد ويتعين نقضه بلا حاجة إلى البحث في باقي أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق