الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 3 يناير 2021

الطعن 3 لسنة 42 ق جلسة 6 / 6 / 1973 مكتب فني 24 ج 2 أحوال شخصية ق 153 ص 870

جلسة 6 من يونيه سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جودة أحمد غيث، وإبراهيم السعيد ذكري، والدكتور محمد زكي عبد البر، وإسماعيل فرحات عثمان.

-----------------

(153)
الطعن رقم 3 لسنة 42 القضائية "أحوال شخصية"

(1، 2، 3  ) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين غير المسلمين". قانون. "تنازع قوانين الأحوال الشخصية". نظام عام.
 (1)مسائل الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين المتحدي الطائفة والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور القانون 462 لسنة 1955. وجوب تطبيق شريعتهم في نطاق النظام العام. المقصود بلفظ شريعتهم.
(2) الحكم بالتطليق استناداً إلى مجموعة سنة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس. دون أحكام مجموعة سنة 1955. صحيح. علة ذلك.
 (3)اعتياد الزوج على السلوك السيئ. جواز الحكم بالتطليق طبقاً للمادة 56 من مجموعة سنة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس. لا محل لاشتراط توبيخ الرئيس الديني.
 (4)حكم. "إصدار الحكم". دعوى. "إعادة الدعوى للمرافعة".
فتح باب المرافعة لتقديم مستندات جديدة من إطلاقات محكمة الموضوع.

-----------------
1 - تقضي الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية على أنه "أما بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور هذا القانون فتصدر الأحكام في نطاق النظام العام طبقاً لشريعتهم" ولفظ شريعتهم التي تصدر الأحكام طبقاً لها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - هو لفظ عام لا يقتصر مدلوله على ما جاء في الكتب السماوية وحدها، بل ينصرف إلى كل ما كانت تطبقه جهات القضاء الملي قبل إلغائها باعتباره شريعة نافذة، إذ لم يكن في ميسور المشرع حين ألغى هذه الجهات أن يضع القواعد الواجبة التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية لغير المسلمين، فاكتفى بتوحيد جهات القضاء تاركاً الوضع على ما كان عليه بالنسبة للأحكام الموضوعية التي يتعين على المحاكم تطبيقها، وأحال إلى الشريعة التي كانت تطبق في تلك المسائل أمام جهات القضاء الملي، ولم تكن هذه الشريعة التي جرى العمل على تطبيقها تقتصر على ما جاء بالكتب السماوية.
2 - إذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بالتطليق لسوء السلوك وفساد الأخلاق إلى نص المادة 56 من مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التي أقرها المجلس الملي العام في 9/ 5/ 1938، وعمل بها من 8/ 7/ 1938 بعد تجميعها من مصادرها واضطردت المجالس الملية على تطبيقها، لما كان ذلك، وكان لا محل للتحدي بأن أحكام مجموعة سنة 1955 هي الواجبة التطبيق وأنها قد خلت من نص خاص يجيز التطليق لهذا السبب، ذلك أنه لا إلزام في الاستناد إلى الأحكام التي حوتها نصوص هذه المجموعة دون غيرها من المصادر الأخرى التي يرجع إليها لدى الطائفة المذكورة، إذ لم يصدر بأي منهما تشريع من الدولة بحيث يجوز القول بأن التنظيم اللاحق يلغي التنظيم السابق، والعبرة في هذا الخصوص بما كانت تسير عليه المحاكم الملية في قضائها استقاء من المصادر المختلفة لشريعة تلك الطائفة، ولما كان الحكم المطعون فيه، وعلى ما سلف البيان، قد طبق على واقعة الدعوى النص الوارد بشأنها في مجموعة سنة 1938 باعتبار أن المحاكم الملية قد جرت على تطبيق أحكام هذه المجموعة منذ وضعها حتى ألغيت تلك المحاكم بالقانون رقم 462 لسنة 1955، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
3 -  النص في المادة 56 من مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس على أنه "إذا ساء سلوك أحد الزوجين وفسدت أخلاقه وانغمس في حمأة الرذيلة، ولم يجد في إصلاحه توبيخ الرئيس الديني ونصائحه، فللزوج الآخر أن يطلب الطلاق" يدل على أنه يجوز الحكم بالتطليق إذا أتى أحد الزوجين أفعالاً تنطوي على إخلال جسيم بواجب الإخلاص نحو الزوج الآخر، دون أن تصل إلى حد الزنا وأن يعتاد على ذلك بصورة لا يرجى منها صلاحه، على أنه لا محل لاشتراط توبيخ الرئيس الديني ما دام قد ثبت اعتياد الزوج على السلوك السيئ.
4 - فتح باب المرافعة في الدعوى لتقديم مستندات جديدة هو من إطلاقات محكمة الموضوع، ولا يعاب عليها عدم الاستجابة إليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 38 سنة 1971 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد الطاعنة يطلب الحكم بفسخ عقد زواجه بها وتطليقها منه، وقال شرحاً لدعواه إنه تزوجها بعقد صحيح موثق في 25/ 1/ 1970 طبقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس، ودخل بها ولاحظ عليها انحرافاً عن السلوك القويم حتى فاجأها في مساء يوم 16/ 9/ 1970 ووجد معها بمنزل الزوجية شاباً بملابسه الداخلية في غرفة النوم مختبئاً تحت السرير، وإذ تجيز شريعتهما تطليقها للزنا وسوء السلوك، فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته. وبتاريخ 1/ 5/ 1971 حكمت المحكمة بتطليق الطاعنة من المطعون عليه. استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة، وقيد استئنافها برقم 56 سنة 88 ق أحوال شخصية (ملي) وبتاريخ 28/ 2/ 1972 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستلف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب، تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه قضى بالتطليق استناداً إلى نص المادة 56 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة سنة 1938 التي تجيز الطلاق لسوء السلوك وفساد الأخلاق، رغم أن هذه المجموعة قد نسختها المجموعة الصادرة سنة 1955، وهي لا تجيز الطلاق إلا للزنا الحقيقي دون سوء السلوك وفساد الأخلاق، كما هو الأصل في المسيحية التي لا يجوز مخالفة أحكامها، وقد أقر هذه المجموعة المجمع المقدس والمجلس الملي العام فتكون هي الواجبة التطبيق على الدعوى، وإذ قضى الحكم بالتطليق لسوء السلوك وفساد الأخلاق، فيكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية تنص على أنه "أما بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور هذا القانون فتصدر الأحكام - في نطاق النظام العام - طبقاً لشريعتهم......" وكان لفظ "شريعتهم" التي تصدر الأحكام طبقاً لها في مسائل الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة والذين لهم جهات ملية منظمة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو لفظ عام لا يقتصر مدلوله على ما جاء في الكتب السماوية وحدها بل ينصرف إلى كل ما كانت تطبقه جهات القضاء الملي قبل إلغائها باعتباره شريعة نافذة إذ لم يكن في ميسور المشرع حين ألغى هذه الجهات أن يضع القواعد الواجبة التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية لغير المسلمين، فاكتفى بتوحيد جهات القضاء تاركاً الوضع على ما كانت عليه بالنسبة للأحكام الموضوعية التي يتعين على المحاكم تطبيقها، وأحال إلى الشريعة التي كانت تطبق في تلك المسائل أمام جهات القضاء الملي، ولم تكن هذه الشريعة التي جرى العمل على تطبيقها تقتصر على ما جاء بالكتب السماوية، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بالتطليق لسوء السلوك وفساد الأخلاق إلى نص المادة 56 من مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التي أقرها المجلس الملي العام في 9/ 5/ 1938، وعمل بها من 8/ 7/ 1938 بعد تجميعها من مصادرها واضطردت المجالس الملية على تطبيقها، لما كان ذلك، وكان لا محل للتحدي بأن أحكام مجموعة سنة 1955 هي الواجبة التطبيق وأنها قد خلت من نص خاص يجيز التطليق لهذا السبب، ذلك أنه لا إلزام في الاستناد إلى الأحكام التي حوتها نصوص هذه المجموعة دون غيرها من المصادر الأخرى التي يرجع إليها لدى الطائفة المذكورة، إذ لم يصدر بأي منهما تشريع من الدولة بحيث يجوز القول بأن التنظيم اللاحق يلغي التنظيم السابق، والعبرة في هذا الخصوص بما كانت تسير عليه المحاكم الملية في قضائها استقاء من المصادر المختلفة لشريعة تلك الطائفة، ولما كان الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف البيان قد طبق على واقعة الدعوى النص الوارد بشأنها في مجموعة سنة 1938 باعتبار أن المحاكم الملية قد جرت على تطبيق أحكام هذه المجموعة منذ وضعها حتى ألغيت تلك المحاكم بالقانون رقم 462 لسنة 1955، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والتناقض والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنه مع التسليم بتطبيق المادة 56 من مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس، فإنه يشترط لإعمال حكمها سوء السلوك وفساد الأخلاق والانغماس في حمأة الرذيلة، وعدم جدوى التوبيخ من الرئيس الديني ونصائحه، وتكرار الفعل المادي المكون لسوء السلوك، وهو ما لم يتوافر في واقعة الدعوى لأن من ضبطه المطعون عليه مع الطاعنة هو ولد يبلغ من العمر خمس عشرة سنة وهي في الثامنة والعشرين من عمرها وكانت تحمله صغيراً لتجاور العائلتين، وقد وجد معها بالحالة التي كان عليها لسبب قهري ولم يثبت أن المطعون عليه شكاها للرئيس الديني من قبل عن فعل مماثل وأن الرئيس الديني وبخها على ذلك، هذا إلى أن الوقائع المنسوبة إلى الطاعنة لا ينطبق عليها وصف التكرار، ورغم أن الحك استلزم تكرار الأفعال المكونة لسوء السلوك إلا أنه لم يبين هذه الأفعال التي أسس عليها قضاءه بالتطليق، وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والتناقض والقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 56 من مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس على أنه "إذا ساء سلوك أحد الزوجين وفسدت أخلاقه وانغمس في حمأة الرذيلة ولم يجد في إصلاحه توبيخ الرئيس الديني ونصائحه فللزوج الآخر أن يطلب الطلاق"، يدل على أنه يجوز الحكم بالتطليق إذا أتى أحد الزوجين أفعالاً تنطوي على إخلال جسيم بواجب الإخلاص نحو الزوج الآخر دون أن تصل إلى حد الزنا، وأن يعتاد على ذلك بصورة لا يرجى معها صلاحه، على أنه لا محل لاشتراط توبيخ الرئيس الديني ما دام قد ثبت اعتياد الزوج على السلوك السيئ، ولما كان البين من الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أشار إلى شروط التطليق لسوء السلوك قرر ما يلي: "أنه بتطبيق تلك القواعد على واقعة الدعوى نجد أنها قد انطوت على تحقيق أجرته الشرطة والنيابة العامة بخصوص ضبط الزوج المدعي - المطعون عليه - زوجته المدعى عليها - الطاعنة - مع شخص غيره وغير محرم عليها في حجرة نومها عارياً من ملابسه سوى الداخلية منها، وقد أقرت هي تلك الواقعة وإن عللت ذلك بأنه شخص غير مشكوك فيه، وهو شقيق إحدى صديقاتها التي كانت ترافقه في زيارتها، ثم تركته عندما انسكب قدح القهوة على بنطلونه لتنظيفه لمقابلة خطيبها، ثم عدلت عن ذلك مقررة الاتصال بخطيبها تليفونياً، ثم عدلت عن ذلك مقررة أنها قد أخبرت من تواجد تحت السرير بعد خلع البنطلون لغسله أنه عند حضور زوجها عليه أن يختفي أسفل السرير ثم أردفت قائلة بأنه عند كسر الزوج الباب وقيامها بفتح الترباس أسرع الشاب المذكور بارتداء ملابسه وتمكن من الهرب عندما شاهد الزوج يعتدي عليها. في أقوال جميعها مناقضات فوق مناقضات يهدر بعضها بعضاً، ولا تطمئن المحكمة إليها حيث تغلب عليها الصناعة، وإنما أرادت أن تسخر صديقتها وشقيقها لإخفاء جريمتها، وبفرض صحة ما تقرره فمن أين أحضر هذا الشاب البنطلون الذي كان بحيازتها بالحمام، وكانت تقوم بغسله وتنظيفه عندما حضر الزوج وما سبب تواجدها في مثل هذا الوقت بالحمام...... وإذا ما أضيف إلى جانب ذلك ما حوته المستندات المقدمة من الزوج وإقرارات الشهود والجيران وبواب المنزل والتي تفيد جميعها مشاهدتهم الزوجة في أوضاع توحي بالريبة والشك، وتدل على سوء سلوكها وتردد بعض الشباب بمنزلها في غيبة الزوج، وترددها هي على الأردني بمنزله المجاور لمنزلها وسيرها بالطرقات متأبطة ذراع شريكها الذي شاهده البواب ينزل مسرعاً من المنزل عقب الحادث، ذلك كله يقطع في الدلالة على دمغها بالانحراف والتردي في حمأة الرذيلة..."، ولما كان يبين مما أورده الحكم أن المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية حصلت أن شروط التطليق لسوء السلوك قد توافرت في الدعوى، واستندت في ذلك إلى أسباب سائغة تكفي لحمل الحكم. لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بهذين السببين يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، ذلك أنها تقدمت بطلب لإعادة الدعوى إلى المرافعة لتقديم مستندات، غير أن المحكمة رفضت هذا الطلب مما يعيب حكمها بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه أن المحكمة رفضت طلب الطاعنة تقديم مستندات بعد حجز الدعوى للحكم، لأنها لم تأذن بذلك، ولما كان فتح باب المرافعة في الدعوى لتقديم مستندات جديدة هو من إطلاقات محكمة الموضوع ولا يعاب عليها عدم الاستجابة إليه، فيكون النعي على الحكم بهذا السبب في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


 (1) نقض أول ديسمبر 1971 مجموعة المكتب الفني السنة 22 ص 972.
 (1) نقض 10/ 5/ 1972 مجموعة المكتب الفني السنة 23 ص 843.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق