جلسة أول ديسمبر سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة
وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.
-------------------
(181)
الطعن
رقم 696 لسنة 58 القضائية
(1) رشوة.
جريمة "أركانها". موظفون عموميون. قانون "تفسيره".
جريمة الرشوة. تمامها
بمجرد طلب الرشوة - من جانب الموظف والقبول من جانب الراش. تسليم مبلغ الرشوة من
بعد ليس إلا نتيجة الاتفاق.
(2)إجراءات "إجراءات
المحاكمة" نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
النعي على المحكمة عدم
اطلاعها على حرزي النقود المضبوطة والتسجيلات الصوتية. غير جائز. ما دام الطاعن لم
يطلب منها ذلك.
(3) إجراءات
"إجراءات التحقيق". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
إجراءات التحريز.
تنظيمية. عدم ترتب البطلان على مخالفتها. علة ذلك؟
(4)حكم "ما لا يعيبه في
نطاق التدليل".
الخطأ في الإسناد الذي
يعيب الحكم. ماهيته؟
مثال لخطأ مما لا يعيب
الحكم.
(5)مأمورو الضبط القضائي
"اختصاصهم". استدلالات.
مهمة مأموري الضبط
القضائي وفق أحكام المادة 21 إجراءات؟ حدها؟
(6) رشوة.
جريمة "أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة عرض الرشوة. ما لا
يؤثر في قيامها؟
(7)قبض. تفتيش "إذن
التفتيش. تنفيذه" "الدفع ببطلان التفتيش". دفوع "الدفع ببطلان
التفتيش". مأمورو الضبط القضائي.
التفتيش المحظور قانوناً.
ماهيته؟
دخول المنازل تعقباً لشخص
صدر أمر بالقبض عليه وتفتيشه لا بقصد تفتيشها. جائز.
(8) تفتيش
"إذن التفتيش. تنفيذه" "الدفع ببطلان التفتيش". دفوع
"الدفع ببطلان التفتيش". مأمورو الضبط القضائي.
صدور أمر بتفتيش شخص.
لمأمور الضبط القضائي تنفيذه أينما وجده. ما دام في دائرة اختصاص مصدر الإذن
ومنفذه.
(9) تفتيش
"إذن التفتيش. تنفيذه". "الدفع ببطلان التفتيش". دفوع
"الدفع ببطلان التفتيش". مأمورو الضبط القضائي.
الدفع ببطلان التفتيش.
شرع للمحافظة على حرمة المكان.
التمسك ببطلان تفتيش
سيارة. لا يقبل من غير حائزها. علة ذلك؟.
---------------------
1 - من المقرر أن جريمة الرشوة تتم بمجرد طلب الرشوة من جانب
الموظف والقبول من جانب الراشي، وما تسليم المبلغ بعد ذلك إلا نتيجة لما تم
الاتفاق عليه بينهما.
2 - لما كان الثابت بالحكم أن الطاعن قد أقر بالتحقيقات بطلب
المبلغ المضبوط من المبلغة، وإنه لم يطلب من المحكمة أن تفض حرزي مبلغ النقود
المضبوطة والتسجيلات الصوتية، فليس له من بعد أن ينعى على الحكم عدم اطلاع المحكمة
عليها أو عرضها عليه، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
3 - من المقرر أن إجراءات التحريز المنصوص عليها في المواد 55، 56،
57 من قانون الإجراءات الجنائية إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل
خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً بل ترك الأمر في ذلك إلى
اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل.
4 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد هو الذي يقع فيما هو مؤثر في
عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، وكان ما يثيره الطاعن من خطأ الحكم إذ نسب للطاعن
أنه هو الذي حدد للمبلغة موع اللقاء بالمقهى على خلاف ما جاء بالتسجيلات الصوتية
من أنها هي التي حددت الموعد، فإنه بفرض صحته غير ذي بال في جوهر الواقعة التي
اعتنقها الحكم ولم يكن له أثر في منطقه وسلامة استدلاله، على مقارفة الطاعن
للجريمة التي دانه بها، ومن ثم تضحى دعوى الخطأ في الإسناد غير مقبولة.
5 - من مهمة مأمور الضبط القضائي بمقتضى المادة 21 من قانون
الإجراءات الجنائية الكشف عن الجرائم والتوصل إلى مرتكبيها وكل إجراء يقوم به في
هذا السبيل يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره ما دام لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أن
التحريض على مقارفتها وطالما إرادة الجاني حرة غير معدومة.
6 - من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة الرشوة أن تقع نتيجة
تدبير لضبط الجريمة وألا يكون الراشي جاداً فيما عرضه على المرتشي متى كان عرضه
الرشوة جدياً في ظاهره وكان الموظف المتهم قد قبله على أنه جدي منتوياً العبث
بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي أو غيره، وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن
الطاعن هو الذي سعى بنفسه إلى المبلغة وطلب منها مبلغ الرشوة وقدمته إليه بناء على
الاتفاق الذي جرى بينهما، فإن مفاد ذلك أن الطاعن هو الذي انزلق إلى مقارفة جريمة
الرشوة وكان ذلك منه عن إرادة حرة طليقة، وإذ كان ما أثبته الحكم فيما تقدم كافياً
وسائغاً لإدانة الطاعن بجريمة الرشوة، فإن ما يثيره عن القول بأن المبلغة هي التي
حرضته على ارتكاب الجريمة بإيعاز من الشرطة لا يكون صحيحاً.
7 - الأصل أن التفتيش الذي يحرمه القانون على مأمور الضبط القضائي
إنما هو التفتيش الذي يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك لحرمة
المساكن أما دخول المنازل وغيرها من الأماكن لا بقصد تفتيشها ولكن تعقباً لشخص صدر
أمر بالقبض عليه وتفتيشه من الجهة صاحبة الاختصاص فإنه لا يترتب عليه بطلان القبض
والتفتيش الذي يقع على ذلك الشخص.
8 - من المقرر أنه متى صدر أمر من النيابة العامة بتفتيش شخص كان
لمأمور الضبط القضائي المنتدب لإجرائه أن ينفذه أينما وجده ما دام المكان الذي تم
فيه التفتيش واقعاً في دائرة اختصاص من أصدر الإذن ومن نفذه.
9 - إن الدفع ببطلان التفتيش إنما شرع للمحافظة على حرمة المكان،
ومن ثم فإن التمسك ببطلان تفتيش السيارة - لا يقبل من غير حائزها اعتباراً بأن
الحائز هو صاحب الصفة في ذلك، وأن الصفة تسبق المصلحة فإن لم يثره فليس لغيره أن
يبديه ولو كان يستفيد منه لأن هذه الفائدة لا تلحقه إلا بالتبعية وحدها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفاً عمومياً....... طلب
وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب وأخذ مبلغ مائة جنيه من........ الوصية
على أولادها القصر على سبيل الرشوة مقابل تحريره وإقراره على خلاف الحقيقة كشفاً
بحساب الإيرادات والمصروفات الخاصة بالقصر المشمولين بوصايتها وأحالته إلى محكمة
أمن الدولة العليا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة
المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 103، 104 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة
17 من القانون ذاته بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه ألفي جنيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة
الرشوة قد شابه البطلان والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق والخطأ في
تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المحكمة لم تفض حرزي التسجيلات
الصوتية ومبلغ النقود المضبوطة وطرح دفاع الطاعن القائم على أن ما ضبط من نقود
يخالف المبلغ الذي قدم في التحقيقات بدلالة اختلاف المظروف المضبوط عما جرى
تحريزه، ونسب إلى المبلغة أن الطاعن هو الذي حدد لها موعد اللقاء بالمقهى على خلاف
ما جاء بالتسجيلات الصوتية من أنها هي التي حددت الموعد، وأطرح ما دفع به من أن
الجريمة إنما وقعت بتحريض من المبلغة ورجال الشرطة، ورد على الدفع ببطلان القبض
والتفتيش لوقوعهما على سيارة صديق لم يصدر إذن بتفتيشها بما لا يسوغ ذلك، وهو ما
يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان
الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال المبلغة
والعقيد...... والنقيب...... و....... و...... وما تم ضبطه مع المتهم وتسجيل ما
دار بين المتهم والمبلغة من شأنها تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولم يجادل الطاعن
في صحة معينها من أوراق الدعوى. لما كان ذلك وكان من المقرر أن جريمة الرشوة تتم
بمجرد طلب الرشوة من جانب الموظف والقبول من جانب الراشي، وما تسليم المبلغ بعد
ذلك إلا نتيجة لما تم الاتفاق عليه بينهما، وكان الثابت بالحكم أن الطاعن قد أقر
بالتحقيقات بطلب المبلغ المضبوط من المبلغة، وإنه لم يطلب من المحكمة أن تفض حرزي
مبلغ النقود المضبوطة والتسجيلات الصوتية، فليس له من بعد أن ينعى على الحكم عدم
اطلاع المحكمة عليها أو عرضها عليه، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير
سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن إجراءات التحريز المنصوص عليها في المواد 55،
56، 57 من قانون الإجراءات الجنائية إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل
خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً بل ترك الأمر في ذلك إلى
اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل، وكان مفاد ما أورده الحكم هو أن المحكمة عولت -
ضمن ما عولت عليه على ضبط مبلغ النقود الذي كان في حوزة المتهم، وعلى تسجيل ما دار
بينه وبين المبلغة، وقد اطمأنت المحكمة إلى سلامة إجراءات تحريزها والدليل المستمد
منها كما أن الدفاع عن الطاعن لم يذهب إلى أن يد العبث قد امتدت إليها على نحو
معين فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان من
المقرر أن الخطأ في الإسناد هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت
إليها، وكان ما يثيره الطاعن من خطأ الحكم إذ نسب للطاعن أنه هو الذي حدد للمبلغة
موع اللقاء بالمقهى على خلاف ما جاء بالتسجيلات الصوتية من أنها هي التي حددت
الموعد، فإنه بفرض صحته غير ذي بال في جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ولم يكن له
أثر في منطقه وسلامة استدلاله، على مقارفة الطاعن للجريمة التي دانه بها، ومن ثم
يضحى دعوى الخطأ في الإسناد غير مقبولة. لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون
فيه أن الضابط الذي ندبته النيابة العامة لضبط واقعة عرض الرشوة قد انتقل إلى
المكان الذي تحدد لتقديمها نفاذاً للاتفاق الذي تم بين المبلغة والطاعن، وبعد أن
تيقن من تسليم المبلغ ألقى القبض عليه، وكان من مهمة مأمور الضبط القضائي بمقتضى
المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية الكشف عن الجرائم والتوصل إلى مرتكبيها وكل
إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره ما دام لم يتدخل بفعله في
خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها وطالما بقيت إرادة الجاني حرة غير معدومة -
كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة
الرشوة أن تقع نتيجة تدبير لضبط الجريمة وألا يكون الراشي جاداً فيما عرضه على
المرتشي متى كان عرضه الرشوة جدياً في ظاهره وكان الموظف المتهم قد قبله على أنه
جدي منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي أو غيره، وكان الثابت بمدونات
الحكم المطعون فيه أن الطاعن هو الذي سعى بنفسه إلى المبلغة وطلب منها مبلغ الرشوة
وقدمته إليه بناء على الاتفاق الذي جرى بينهما، فإن مفاد ذلك أن الطاعن هو الذي
انزلق إلى مقارفة جريمة الرشوة وكان ذلك منه عن إرادة حرة طليقة، وإذ كان ما أثبته
الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً لإدانة الطاعن بجريمة الرشوة، فإن ما يثيره عن القول
بأن المبلغة هي التي حرضته على ارتكاب الجريمة بإيعاز من الشرطة لا يكون صحيحاً،
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما دفع به الطاعن من بطلان القبض
والتفتيش لوقوعه بسيارة صديقه التي لم يشملها الإذن بالتفتيش وإطراحه في قوله
"فإن هذا الدفع ظاهر الفساد ذلك لأن الثابت أن السيارة التي ركبتها المبلغة
هي سيارة أحد أصدقاء المتهم وأن الأخير هو الذي طلب منها ركوبها هذا فضلاً عن أن
السيارة لم يتم تفتيشها الأمر الذي تلتفت معه المحكمة عن هذا الدفع" وكان
الأصل أن التفتيش الذي يحرمه القانون على مأمور الضبط القضائي إنما هو التفتيش
الذي يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك لحرمة المساكن أما دخول
المنازل وغيرها من الأماكن لا بقصد تفتيشها ولكن تعقباً لشخص صدر أمر بالقبض عليه
وتفتيشه من الجهة صاحبة الاختصاص فإنه لا يترتب عليه بطلان القبض والتفتيش الذي يقع
على ذلك الشخص، وكان من المقرر أيضاً أنه متى صدر أمر من النيابة العامة بتفتيش
شخص كان لمأمور الضبط القضائي المنتدب لإجرائه أن ينفذه أينما وجده ما دام المكان
الذي تم فيه التفتيش واقعاً في دائرة اختصاص من أصدر الإذن ومن نفذه، وكان الطاعن
لا يجادل فيما أورده الحكم المطعون فيه من أن النيابة العامة قد أصدرت قبل ضبط
الواقعة إذناً لضبطه وتفتيشه وتفتيش مسكنه حال تسلمه مبلغ الرشوة، وأن ثمة تفتيشاً
لم يقع على السيارة وكان الدفع ببطلان التفتيش إنما شرع للمحافظة على حرمة المكان،
ومن ثم فإن التمسك ببطلان تفتيش السيارة لا يقبل من غير حائزها اعتباراً بأن
الحائز هو صاحب الصفة في ذلك، وأن الصفة تسبق المصلحة فإن لم يثره فليس لغيره أن
يبديه ولو كان يستفيد منه لأن هذه الفائدة لا تلحقه إلا بالتبعية وحدها. لما كان
ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق