جلسة 11 من مايو سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ زغلول البلشي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة/ عبد الرحمن هيكل, رفعت حنا, محمود مكي نواب رئيس المحكمة ويحيى منصور.
-------------
(32)
الطعن 7999 لسنة 78 ق
إثبات "بوجه عام" "قرائن". كسب غير مشروع. جريمة
"أركانها". قانون "تفسيره". حكم "بيانات حكم الإدانة"
"تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات.
المراد بالتسبيب الذي يحفل
به القانون. إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة. أثره؟
الكسب
غير المشروع. ماهيته وصورتاه؟
المادة الثانية من القانون رقم 62 لسنة 1975. الفقرة
العاشرة من المادة الأولى من القانون رقم 62 لسنة 1975. مؤداها.
مثال لتسبيب معيب
في جريمة الكسب غير المشروع.
---------------
لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما قاله من "أن
المتهم ... صاحب شركة ... استغل صفته كممول في تحقيق كسب غير مشروع له ولأسرته قال
بتعامله مع الشركة ... رغم عدم وجود مصادر دخل أخرى له ولأسرته." وحصل مضمون
أقوال الشاهد الأول - عضو هيئة الرقابة الإدارية - في قوله: "أن تحرياته
أفادت بتضخم ثروة المتهم وذلك نتيجة تعامله مع الشركة ... وحصوله على بضائع من تلك
الشركة على النحو الوارد بالأوراق وبموجب هذه التحريات استصدر إذناً من النيابة
العامة بتفتيش شخص ومسكن المتهم ولم يتمكن من تنفيذ الإذن نظراً لهروب المتهم وأن
المتهم قدم للشركة شيكات بنكية بين أنها بدون رصيد وأن المتهم امتنع عن سداد
المديونية المستحقة عليه والتي بلغت ... جنيه تقريباً وأن المتهم استغل صفته كممول
في تحقيق كسب غير مشروع له ولأسرته حال تعامله مع الشركة الدائنة رغم عدم وجود
مصادر دخل أخرى له ولأسرته". وأورد الحكم مؤدى أقوال باقي الشهود عدا الثالث
ثم أورد مؤدى تقرير هيئة الفحص والتحقيق في قوله "وتبين من تقرير هيئة الفحص
والتحقيق أن المديونية المستحقة على المتهم صلباً دون فوائد والتي لم يتم سدادها
هي ... جنيه". لما كان ذلك، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون
الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بني عليها، وإلا كان
باطلاً والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج الذي
انبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكي يحقق
التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما
قضى به أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة فلا يحقق
الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة
صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، وكان المقصود بالكسب غير
المشروع كل مال تملكه الموظف أو من في حكمه فصار ضمن ذمته المالية عنصراً من
عناصرها باستغلال ما تسبغه عليه وظيفته أو يخوله مركزه من إمكانيات تطوع له
الاجتراء على محارم القانون مما يمس ما يفترض في الموظف العام أو من في حكمه من
الأمانة والنزاهة. والكسب غير المشروع أخذاً من نص قانونه - رقم 62 لسنة 1975 - لا
يعد صورتين الأولى: وهي المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الثانية من
القانون المذكور وهي التي يثبت فيها في حق الموظف - ومن في حكمه أياً كان نوع
وظيفته - استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه وحصوله كذلك
بالفعل على مال مؤثم نتيجة لهذا الاستغلال. والثانية: وهي المنصوص عليها في الفقرة
الثانية من المادة الثانية من القانون سالف الذكر وهي التي لا يثبت فيها هذا
الاستغلال الفعلي على الموظف أو من في حكمه، ولكن يثبت أن لديه في ماله زيادة عجز
عن إثبات مصدرها وفي هذه الحالة يتعين أن يكون نوع وظيفة الموظف مما يتيح له فرص
الاستغلال على حساب الدولة أو على حساب الغير، ويتعين على قاضي الموضوع لإعمال هذه
القرينة أن يثبت في حكمه توافر هذين الأمرين وهما الزيادة غير المبررة في مال
الموظف وكون نوع وظيفته بالذات تتيح له فرص هذا الاستغلال حتى يصبح اعتبار عجزه عن
إثبات مصدر الزيادة في ماله قرينة قانونية عامة على أن هذه الزيادة تمثل كسباً غير
مشروع، كما أن الفقرة العاشرة من المادة الأولى من القانون سالف الذكر قد اشترطت
لخضوع الممولين الخاضعين لنظام البطاقة الضريبية المقررة بالقانون رقم 82 لسنة
1977 لأحكامه أن يكون مجموع معاملات الممول مع الجهات المبينة بالقانون المذكور قد
جاوز خمسين ألفاً من الجنيهات. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم بياناً لواقعة
الدعوى جاء غامضاً ولا يبين منه أركان الجريمة المسندة إلى الطاعن، إذ لم يبين صفة
الطاعن في التعامل مع الشركة المجني عليها، وظروف ذلك التعامل وكيفية استغلاله
لتلك الصفة أو الخدمة تحقيقاً للكسب غير المشروع، وكيف كانت مخالفته لنص المادتين
336، 337 من قانون العقوبات سبباً لتحقيق ذلك الكسب، مدلولاً على كل ذلك بما أثبته
في حق الطاعن، إضافة إلى أن الحكم خلط - في بيانه لواقعة الدعوى - بين زيادة ثروة
الطاعن بما لا يتناسب مع موارده موضوع الفقرة الثانية من المادة الثانية من
القانون رقم 62 لسنة 1975 سالف الذكر وبين تحصله على ذلك الكسب نتيجة لسلوك مخالف
لنص عقابي موضوع الفقرة الأولى من المادة المذكورة، رغم اختلاف الأحكام الخاصة بكل
من الحالتين، فضلاً عن أنه لم يبين مدى خضوع الطاعن لأحكام القانون 82 لسنة 1977
بشأن حصر الممولين الخاضعين للضرائب على الثروة المنقولة، لما لذلك من أثر في
تحديد مدى سريان أحكام القانون رقم 62 لسنة 1975 على الطاعن، فإن الحكم المطعون
فيه يكون مشوباً بالغموض والإبهام، فضلاً عن أنه عول على تقرير لجنة الجرد دون أن
يورد مضمونه ومؤداه والأسانيد التي أقيم عليها ولم يبين بوضوح وتفصيل مفردات
المبلغ الذي حددته اللجنة، كما أغفل الحكم إيراد مؤدى شهادة ... التي استند إليها
في إدانة الطاعن يكون مشوباً بالقصور مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه
والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
---------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم ... بأنه بصفته من
الممولين الخاضعين لنظام البطاقة الضريبية المقررة بالقانون رقم 82 لسنة 1977
وجاوز حجم معاملاته مع الشركة ... قطاع عام أكثر من خمسين ألف جنيه. حصل على كسب
غير مشروع قدره ... جنيه لا يتناسب مع موارده وعجز عن إثبات مصدر مشروع له نتيجة
لسلوك مخالف لنص قانوني عقابي وأنه حصل من الشركة المذكورة على بضائع على النحو
الوارد تفصيلاً بالأوراق تساوي قيمتها ذلك المبلغ مقابل إعطائه بسوء نية شيكات لا
يقابلها رصيد قابل للسحب مع علمه بذلك. وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته
طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت الشركة المجني عليها مدنياً قبل
المتهم بإلزامه بأن يؤدي لها مبلغ ... جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة
المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/10، 2، 14 /2، 18 /1، 3، 4، 23 من القانون رقم
62 لسنة 1975 والمادة 15 /3 من قرار رئيس الجمهورية رقم 1112 لسنة 1975 بمعاقبته
بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريمه مبلغ ... جنيهاً وبإلزامه برد هذا
المبلغ، وفي الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
------------
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة
الكسب غير المشروع شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه حصل
واقعة الدعوى بعبارات عامة لا يبين منها أركان الجريمة التي دانه بها والأفعال
التي أتاها، ولم يورد مؤدى تقرير لجنة الفحص واكتفى في ذلك بنتيجته، مما يعيب
الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما قاله من "أن
المتهم ... صاحب شركة ... استغل صفته كممول في تحقيق كسب غير مشروع له ولأسرته قال
بتعامله مع الشركة ... رغم عدم وجود مصادر دخل أخرى له ولأسرته." وحصل مضمون
أقوال الشاهد الأول - عضو هيئة الرقابة الإدارية في قوله: "أن تحرياته أفادت
بتضخم ثروة المتهم وذلك نتيجة تعامله مع الشركة ... وحصوله على بضائع من تلك
الشركة على النحو الوارد بالأوراق وبموجب هذه التحريات استصدر إذناً من النيابة العامة
بتفتيش شخص ومسكن المتهم ولم يتمكن من تنفيذ الإذن نظراً لهروب المتهم وأن المتهم
قدم للشركة شيكات بنكية بين أنها بدون رصيد وأن المتهم امتنع عن سداد المديونية
المستحقة عليه والتي بلغت ... جنيه تقريباً وأن المتهم استغل صفته كممول في تحقيق
كسب غير مشروع له ولأسرته حال تعامله مع الشركة الدائنة رغم عدم وجود مصادر دخل
أخرى له ولأسرته". وأورد الحكم مؤدى أقوال باقي الشهود عدا الثالث ثم أورد
مؤدى تقرير هيئة الفحص والتحقيق في قوله "وتبين من تقرير هيئة الفحص والتحقيق
أن المديونية المستحقة على المتهم صلباً دون فوائد والتي لم يتم سدادها هي ...
جنيه". لما كان ذلك، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات
الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بني عليها، وإلا كان باطلاً
والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج الذي انبنى عليها
الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه
يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به أما إفراغ
الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده
الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون
على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، وكان المقصود بالكسب غير المشروع كل مال
تملكه الموظف أو من في حكمه فصار ضمن ذمته المالية عنصراً من عناصرها باستغلال ما
تسبغه عليه وظيفته أو يخوله مركزه من إمكانيات تطوع له الاجتراء على محارم القانون
مما يمس ما يفترض في الموظف العام أو من في حكمه من الأمانة والنزاهة. والكسب غير
المشروع أخذاً من نص قانونه. رقم 62 لسنة 1975. لا يعد صورتين الأولى: وهي المنصوص
عليها في الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون المذكور وهي التي يثبت فيها
في حق الموظف - ومن في حكمه أياً كان نوع وظيفته - استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ
أو ظروف وظيفته أو مركزه وحصوله كذلك بالفعل على مال مؤثم نتيجة لهذا الاستغلال.
والثانية: وهي المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون سالف
الذكر وهي التي لا يثبت فيها هذا الاستغلال الفعلي على الموظف أو من في حكمه، ولكن
يثبت أن لديه في ماله زيادة عجز عن إثبات مصدرها وفي هذه الحالة يتعين أن يكون نوع
وظيفة الموظف مما يتيح له فرص الاستغلال على حساب الدولة أو على حساب الغير،
ويتعين على قاضي الموضوع لإعمال هذه القرينة أن يثبت في حكمه توافر هذين الأمرين
وهما الزيادة غير المبررة في مال الموظف وكون نوع وظيفته بالذات تتيح له فرص هذا
الاستغلال حتى يصبح اعتبار عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ماله قرينة قانونية عامة
على أن هذه الزيادة تمثل كسباً غير مشروع، كما أن الفقرة العاشرة من المادة الأولى
من القانون سالف الذكر قد اشترطت لخضوع الممولين الخاضعين لنظام البطاقة الضريبية
المقررة بالقانون رقم 82 لسنة 1977 لأحكامه أن يكون مجموع معاملات الممول مع
الجهات المبينة بالقانون المذكور قد جاوز خمسين ألفاً من الجنيهات. لما كان ذلك، وكان
ما أورده الحكم بياناً لواقعة الدعوى جاء غامضاً ولا يبين منه أركان الجريمة
المسندة إلى الطاعن، إذ لم يبين صفة الطاعن في التعامل مع الشركة المجني عليها،
وظروف ذلك التعامل وكيفية استغلاله لتلك الصفة أو الخدمة تحقيقاً للكسب غير
المشروع، وكيف كانت مخالفته لنص المادتين 336، 337 من قانون العقوبات سبباً لتحقيق
ذلك الكسب، مدلولاً على كل ذلك بما أثبته في حق الطاعن، إضافة إلى أن الحكم خلط -
في بيانه لواقعة الدعوى - بين زيادة ثروة الطاعن بما لا يتناسب مع موارده موضوع
الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 62 لسنة 1975 سالف الذكر وبين
تحصله على ذلك الكسب نتيجة لسلوك مخالف لنص عقابي موضوع الفقرة الأولى من المادة
المذكورة، رغم اختلاف الأحكام الخاصة بكل من الحالتين، فضلاً عن أنه لم يبين مدى
خضوع الطاعن لأحكام القانون 82 لسنة 1977 بشأن حصر الممولين الخاضعين للضرائب على
الثروة المنقولة لما لذلك من أثر في تحديد مدى سريان أحكام القانون رقم 62 لسنة
1975 على الطاعن، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالغموض والإبهام، فضلاً عن
أنه عول على تقرير لجنة الجرد دون أن يورد مضمونه ومؤداه والأسانيد التي أقيم
عليها ولم يبين بوضوح وتفصيل مفردات المبلغ الذي حددته اللجنة، كما أغفل الحكم
إيراد مؤدى شهادة ..... التي استند إليها في إدانة الطاعن يكون مشوباً بالقصور مما
يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق