جلسة 27 من سبتمبر سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ أحمد على عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة القضاة/ أحمد عبد الباري سليمان، مجدي أبو العلا، إبراهيم عبد الله نواب
رئيس المحكمة وهاني صبحي.
----------------
(43)
الطعن 61247 لسنة 76 ق
(1) نقض "التقرير بالطعن
وإيداع الأسباب. ميعاده" "أسباب الطعن. إيداعها".
التقرير بالطعن دون إيداع الأسباب في الميعاد المقرر قانوناً. أثره:
عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) تزوير "أوراق
رسمية". جريمة "أركانها". ضرر.
جريمة التزوير في الأوراق
الرسمية. تحققها بمجرد تغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون.
تحقق ضرر لشخص معين. غير لازم. علة ذلك؟
الإخبار بوقائع تغاير الحقيقة في صحيفة
الجنحة المقامة بطريق الادعاء المباشر. ليس من قبيل التزوير في أوراق رسمية. علة
ذلك؟
مثال.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في
تعديل وصف التهمة". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون"
"أسباب الطعن. ما يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
عدم تقيد محكمة الموضوع بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة
على الواقعة. وجوب أن تمحصها لإنزال حكم القانون.
المادة 305 عقوبات. مناط تحققها؟
عدم استظهار الحكم المطعون فيه أركان جريمة. خطأ في القانون وقصور في التسبيب
يستوجب نقضه والإعادة بالنسبة للتهمتين المسندتين للطاعن. علة ذلك؟
(4) نقض "أثر الطعن"
اتصال وجه الطعن بالمحكوم عليه الذي لم يقبل طعنه شكلاً. يوجب نقض
الحكم بالنسبة له. أساس ذلك؟
-------------
1 - من المقرر أن التقرير بالطعن بطريق النقض هو مناط اتصال المحكمة به، وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط قبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يغني فيها أحدهما عن الآخر، وكان المحكوم عليه الثالث "الطاعن الثاني" وإن قرر بالطعن في الميعاد، إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه، فإن طعنه يكون غير مقبول شكلاً.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله: (حيث إن الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة، واطمأن إليها ضميرها، وارتاح لها وجدانها مستخلصة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات تتحصل في أنه بتاريخ سابق على .... ولوجود خلافات بين المتهم ... وبين كل من ....، فقد اتفق مع كل من المتهمين .... الحصول على توقيعات سالفي الذكر بطريق الاحتيال، ونفاذاً لهذا الاتفاق تمكن المتهم .... من الحصول على توقيعات المجني عليهم سالفي الذكر على بياض، واقترح المتهم ... الأخير أن يطلب من المحامي .... بياناته لعمل توكيل، وبهذه الوسيلة من الاحتيال تمكن المتهم .... من الحصول على توقيع ..... المحامي على ورقة بيضاء وحرر بيانات إيصال الأمانة على غرار الإيصالات الصحيحة، بأن أُثبت به على خلاف الحقيقة أنه قد سلم المجني عليه مبلغ مائة ألف جنيه لتوصيلها إلى المتهم ...، كما تمكن المتهمين سالفي الذكر من الحصول على ... مالك العقار الذي يقطن به المتهم ... بذات الطريقة والوسيلة، وحرر المتهم ... عبارات الإيصال، بأن أثبت على خلاف الحقيقة أنه قد سلمه مبلغ مائة وخمسين ألف جنيهاً أمانة لتوصيلها إلى المتهم ...، ونظراً لزمالة المتهم ... للمجني عليه ... بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية فقد تمكن من الحصول على توقيعه على ورقة بيضاء حرر عليها إيصال أمانة ضده حرر بياناته على خلاف الحقيقة المتهم ...، وسلمت الإيصالات الثلاثة للمتهم .... الذي أعطى الإيصالين الخاصين بكل من .... للمتهم ....، وهو يعلم بتزويرها، والذي كلف محامياً حسن النية بتحرير صحيفة جنحة مباشرة لكل إيصال، وقدم كل من الصحيفتين للنيابة المختصة لتحديد جلسة لنظر كل منها، وتأشر على كل منها من وكيل نيابة قسم ... بقبول الرسم، وتحديد جلسة ... لنظرهما وتسلم إلى قلم المحضرين المختص لإعلانهما، وتم إعلانهما للمتهمين والمجني عليهما ...، .... طبقاً للقانون، فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة، وبعد أن أورد الحكم الأدلة على ثبوت الوقائع على هذا النحو، خلص إلى إدانة الطاعن بجريمتي الاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة في تزوير محررين رسميين هما صحيفتا الجنحتين المقامتين بطريق الادعاء المباشر، وكذا محررات عرفية وهي إيصالات الأمانة سالفة البيان. لما كان ذلك، وكانت جريمة التزوير في الأوراق الرسمية تتحقق بتغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون، ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصاً بعينه؛ لأن هذا التغيير نتج عنه حتماً حصول ضرر بالمصلحة العامة، لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور، وليس من هذا القبيل الإخبار بوقائع تغاير الحقيقة في صحيفة الجنحة المقامة بطريق الادعاء المباشر؛ لأن مثل هذه الوقائع مما يمكن أن يأخذ حكم الإقرارات الفردية التي تحتمل الصدق والكذب، ولا ينال كذبها من قيمة المحرر وحجيته ما دام أنه لا يتخذ حجة في إثبات صحة مضمونها، أو كانت من دروب الدفاع التي يلجأ إليها الخصوم، فهي بهذه المثابة تكون عرضة للفحص، بحيث يتوقف مصيرها على نتيجتها، فإن الإخبار بالوقائع المغايرة للحقيقة سالفة الذكر في صحيفتي الجنحتين المشار إليهما سلفاً لا تقوم به جريمة التزوير في محرر رسمي، ولا يكون الاتفاق والمساعدة عليها المنسوب للطاعن اشتراكاً في تلك الجريمة.
3 - لما كان من المقرر أنه ليس لزاماً على محكمة الموضوع أن تتقيد بالوصف القانوني الذي أسبغته النيابة العامة على الواقعة محل الدعوى بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها وصولاً إلى إنزال حكم القانون صحيحاً عليها، وكان الإخبار بوقائع تغاير الحقيقة في صحيفتي الجنحتين سالفتي البيان هو مما ينطبق عليه حكم المادة 305 من قانون العقوبات، والتي يشترط لتحققها توافر ركنين الأول: ثبوت كذب الوقائع المبلغ عنها، والثاني: علم الجاني بكذبها وانتواؤه السوء والإضرار بالمجني عليه، وهو ما لم يستظهر الحكم المطعون، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب متعيناً نقضه والإعادة بالنسبة للتهمتين المسندتين للطاعن لأن الحكم اعتبرهما جريمتين مرتبطتين وقضى بالعقوبة المقررة لأشدهما طبقاً للمادة 32/ 2 من قانون العقوبات، وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
4 - لما كان الوجه الذي بني عليه النقض يتصل بالمحكوم عليه الثالث الذي لم يقبل طعنه شكلاً، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة له أيضاً، وذلك عملاً بحكم المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، ودون المحكوم عليه الثاني الذي صدر الحكم غيابياً بالنسبة له.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم: المتهم الأول: (أ) وهو ليس
من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محررين رسميين هما صحيفتي الجنحتين
المباشرتين المقامتين منه بطريق الادعاء المباشر والمؤشر عليهما من وكيل نيابة
.... بقبول الرسم وتحديد جلسة .... لنظرهما والمعلنين للمتهمين طبقاً للقانون
والمقامة أولاهما ضد ...... عن إيصال أمانة قيمته مائة وخمسون ألف جنيه ومقامة
الثانية ضد .... عن إيصال أمانة قيمته مائة ألف جنيه، وذلك بأن قام بتحريرهما،
وأثبت بهما على خلاف الحقيقة بأنه سلم كلاً من المتهمين سالفي الذكر المبلغ الثابت
في إيصال الأمانة المنسوب لكل منهما، وذلك على خلاف الحقيقة، وتم التأشير على
الصحيفتين من المختص وإعلانهما طبقاً للقانون على النحو المبين بالتحقيقات. (ب)
استعمل المحررين المزورين سالفي الذكر، بأن تمسك بهما وقدمهما إلى نيابة قسم ...
الجزئية وتأشر عليهما من أحد أعضائها بتحديد جلسة لنظرهما ثم سلمها لقلم المحضرين
المختص لإعلانهما مع علمه بتزويرهما.
المتهمون الثاني والثالث والرابع: اشتركوا مع المتهم الأول بطريق
الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير في محررين رسميين هما صحيفتا الجنحتين
المقامتين بطريق الادعاء المباشر سالف البيان، وذلك بأن اتفقوا معه على تزويرهما،
وساعدوه بأن أمدوه بإيصالي الأمانة اللذين حرك بشأنهما الجنحتان، فقام المتهم
الأول بتكليف محام حسن النية بتحرير الصحيفتين، وقدمهما للنيابة المختصة لتحديد
جلسة لنظرهما، وسلمها إلى قلم المحضرين المختص لإعلانهما وتم إعلانهما للمتهمين
طبقاً للقانون، فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة.
المتهم الثاني أيضاً: ارتكب تزويراً في محررين عرفيين هما إيصالي
الأمانة المنسوبان إلى كل من ....، ......، بأن قام بالحصول على توقيع سالفي
الذكر، وحرر عبارات وبيانات الإيصالين على غرار الإيصالات الصحيحة على النحو
المبين بالتحقيقات.
المتهم الثالث أيضاً: ارتكب تزويراً في محرر عرفي، وهو إيصال الأمانة
المنسوب صدوره إلى ....، بأن قام بالحصول على توقيع سالف الذكر استلم منه مبلغ
مائة ألف جنيه على سبيل الوكالة لتسليمه لآخر، وذلك على خلاف الحقيقة على النحو
المبين بالتحقيقات.
المتهم الرابع: اشترك مع المتهمين الثاني والثالث بطريقي الاتفاق
والمساعدة في ارتكاب تزوير في محررات عرفية هي إيصالات الأمانة المنسوبة صدورها
إلى كل من .... ....، .... بأن اتفق معهما على الحصول على توقيعات سالفي الذكر
بطريق الاحتيال وقام المتهمان الثاني والثالث بذلك، وحررا عبارات وبيانات إيصالات
الأمانة على غرار المحررات الصحيحة، وأثبت فيها استلام سالفي الذكر للمبالغ
المالية المدونة بكل إيصال على خلاف الحقيقة، فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق
وتلك المساعدة. وأحالتهم إلى محكمة الجنايات ... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف
الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للطاعنين عملاً بالمواد 30،
40/ ثانياً، ثالثا، 211، 212، 214، 215 من قانون العقوبات، مع المادة 32 من ذات
القانون. أولاً: بإعفاء المتهم الأول من العقاب. ثانياً: بمعاقبة المتهمين الثلاثة
بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبمصادرة المحررات المزورة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهما الثالث والرابع في هذا الحكم بطريق النقض .....
إلخ.
--------------
المحكمة
أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الثالث
........:
حيث إنه لما كان من المقرر أن التقرير بالطعن بطريق النقض هو مناط
اتصال المحكمة به، وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده
القانون هو شرط قبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية
لا يغني فيها أحدهما عن الآخر، وكان المحكوم عليه الثالث "الطاعن
الثاني" وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه، فإن طعنه
يكون غير مقبول شكلاً.
ثانياً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الرابع
.......:
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه
بجريمتي الاشتراك في تزوير محررات رسمية وعرفية قد شابه القصور في التسبيب، ذلك
بأنه جاء مبهماً ومجهلاً في أسبابه إذ لم يستظهر أركان جريمة الاشتراك في التزوير،
مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله: "حيث إن
الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها ضميرها وارتاح لها وجدانها
مستخلصة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات تتحصل في أنه بتاريخ سابق على
.... ولوجود خلافات بين المتهم ... وبين كل من ....، فقد اتفق مع كل من المتهمين
.... الحصول على توقيعات سالفي الذكر بطريق الاحتيال، ونفاذاً لهذا الاتفاق تمكن
المتهم .... من الحصول على توقيعات المجني عليهم سالفي الذكر على بياض، واقترح
المتهم ... الأخير أن يطلب من المحامي .... بياناته لعمل توكيل، وبهذه الوسيلة
من الاحتيال تمكن المتهم ...... من الحصول على توقيع ..... المحامي على ورقة
بيضاء، وحرر بيانات إيصال الأمانة على غرار الإيصالات الصحيحة بأن أثبت به على
خلاف الحقيقة أنه قد سلم المجني عليه مبلغ مائة ألف جنيه لتوصيلها إلى المتهم ...
كما تمكن المتهمين سالفي الذكر من الحصول على ... مالك العقار الذي يقطن به المتهم
... بذات الطريقة والوسيلة وحرر المتهم ... عبارات الإيصال بأن أثبت على خلاف
الحقيقة أنه قد سلمه مبلغ مائة وخمسين ألف جنيهاً أمانة لتوصيلها إلى المتهم ...،
ونظراً لزمالة المتهم ... للمجني عليه ... بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية، فقد
تمكن من الحصول على توقيعه على ورقة بيضاء حرر عليها إيصال أمانة ضده حرر بياناته
على خلاف الحقيقة المتهم ... وسلمت الإيصالات الثلاثة للمتهم .... الذي أعطى
الإيصالين الخاصين بكل من .... للمتهم ....، وهو يعلم بتزويرها، والذي كلف محامي
حسن النية بتحرير صحيفة جنحة مباشرة لكل إيصال، وقدم كلاً من الصحيفتين للنيابة
المختصة لتحديد جلسة لنظر كل منها وتأشر على كل منها من وكيل نيابة قسم ... بقبول
الرسم وتحديد جلسة ... لنظرهما، وتسلم إلى قلم المحضرين المختص لإعلانهما، وتم
إعلانهما للمتهمين والمجني عليهما ...، .... طبقاً للقانون، فوقعت الجريمة بناء
على هذا الاتفاق وتلك المساعدة"، وبعد أن أورد الحكم الأدلة على ثبوت الوقائع
على هذا النحو، خلص إلى إدانة الطاعن بجريمتي الاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة
في تزوير محررين رسميين هما صحيفتا الجنحتين المقامتين بطريق الادعاء المباشر،
وكذا محررات عرفية وهي إيصالات الأمانة سالفة البيان. لما كان ذلك، وكانت جريمة
التزوير في الأوراق الرسمية تتحقق بتغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص
عليها القانون، ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصاً بعينه لأن هذا التغيير نتج عنه
حتماً حصول ضرر بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من
قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور، وليس من هذا القبيل الإخبار بوقائع تغاير الحقيقة
في صحيفة الجنحة المقامة بطريق الادعاء المباشر؛ لأن مثل هذه الوقائع مما يمكن أن
يأخذ حكم الإقرارات الفردية التي تحتمل الصدق والكذب، ولا ينال كذبها من قيمة المحرر
وحجيته ما دام أنه لا يتخذ حجة في إثبات صحة مضمونها، أو كانت من دروب الدفاع التي
يلجأ إليها الخصوم، فهي بهذه المثابة تكون عرضة للفحص، بحيث يتوقف مصيرها على
نتيجتها، فإن الإخبار بالوقائع المغايرة للحقيقة سالفة الذكر في صحيفتي الجنحتين
المشار إليهما سلفاً لا تقوم به جريمة التزوير في محرر رسمي، ولا يكون الاتفاق
والمساعدة عليها المنسوب للطاعن اشتراكاً في تلك الجريمة. لما كان ذلك، وكان من
المقرر أنه ليس لزاماً على محكمة الموضوع أن تتقيد بالوصف القانوني الذي أسبغته
النيابة العامة على الواقعة محل الدعوى، بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة
بجميع كيوفها وأوصافها وصولاً إلى إنزال حكم القانون صحيحاً عليها، وكان الإخبار
بوقائع تغاير الحقيقة في صحيفتي الجنحتين سالفتي البيان هو مما ينطبق عليه حكم
المادة 305 من قانون العقوبات، والتي يشترط لتحققها توافر ركنين: الأول: ثبوت كذب
الوقائع المبلغ عنها. والثاني: علم الجاني بكذبها وانتواؤه السوء والإضرار بالمجني
عليه، وهو ما لم يستظهره الحكم المطعون، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون
والقصور في التسبيب متعيناً نقضه والإعادة بالنسبة للتهمتين المسندتين للطاعن؛ لأن
الحكم اعتبرهما جريمتين مرتبطتين، وقضى بالعقوبة المقررة لأشدهما طبقاً للمادة 32/
2 من قانون العقوبات، وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن. لما كان ذلك، وكان
الوجه الذي بني عليه النقض يتصل بالمحكوم عليه الثالث الذي لم يقبل طعنه شكلاً،
فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة له أيضاً، وذلك عملاً بحكم
المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57
لسنة 1959، ودون المحكوم عليه الثاني الذي صدر الحكم غيابياً بالنسبة له.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق