منشور في الجريدة الرسمية العدد 45 مكرر (و) في 16 / 11 / 2016 ص 48
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق –
في أن المدعيين كانا قد تقدما بالطلب رقم 714 لسنة 2010 وراثات الميناء ببورسعيد،
بطلب تحقيق وفاة ووراثة جدهم والد جدهم لأبيهم المرحوم/ ....... المتوفى سنة 1890،
وإذ أفادت دار المحفوظات بأن أول بيانات مسجلة بها كانت اعتباراً من مايو سنة
1898، فقد طلبا إثبات وفاته بشهادة الشهود، إلا أنه تبين أن المادة (24) من قانون
تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية تحول دون ذلك بنصها
على أن يكون طلب إشهاد الوفاة أو الوراثة غير مقبول إذا لم يكن مرفقاً به ورقة
رسمية تثبت الوفاة، ولذا فقد دفعا بعدم دستورية هذه المادة لمخالفتها نصوص المواد
(64، 65، 68، 165، 166) من دستور سنة 1971 وقت نفاذه وقبل وقف العمل به، فصرحت
لهما المحكمة بإقامة الدعوى الدستورية فأقاماها.
وحيث إن المادة (9) من قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في
مسائل الأحوال الشخصية الصادر بالقانون رقم 1 لسنة 2000 تنص على أنه "تختص
المحكمة الجزئية بنظر المسائل الواردة بهذه المادة وبمراعاة أحكام المادة (52) من
هذا القانون، ويكون حكمها في الدعوى قابلاً للطعن بالاستئناف ما لم ينص القانون
على نهائيته، وذلك كله على الوجه التالي:
1- .......
7- الإذن بزواج من لا ولي له.
8- تحقيق الوفاة والوراثة والوصية الواجبة، ما لم يثر بشأنها نزاع".
وقد نصت المادة (24) من القانون ذاته على أنه "على طالب إشهاد
الوفاة أو الوراثة أو الوصية الواجبة أن يقدم طلباً بذلك إلى المحكمة المختصة
مرفقاً به ورقة رسمية تثبت الوفاة وإلا كان الطلب غير مقبول.
ويجب أن يشتمل الطلب على بيان آخر موطن للمتوفى وأسماء الورثة والموصى
لهم وصية واجبة وموطنهم إن وجدوا، وعلى الطالب أن يعلنهم بالحضور أمام المحكمة في
الميعاد المحدد لنظر الطلب، ويحقق القاضي الطلب بشهادة من يوثق به وله أن يضيف
إليها التحريات الإدارية حسبما يراه، فإذا ما أنكر أحد الورثة أو الموصى لهم وصية
واجبة ورأى القاضي أن الإنكار جدي، كان عليه أن يحيل الطلب إلى المحكمة الابتدائية
المختصة للفصل فيه".
وقد نصت المادة (25) من القانون ذاته على أن "يكون الإشهاد الذي
يصدره القاضي وفقاً لحكم المادة السابقة حجة في خصوص الوفاة والوراثة والوصية
الواجبة ما لم يصدر حكم على خلافه".
وقد نصت المادة (3) من قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم
10 لسنة 2004 على أن "تختص محاكم الأسرة دون غيرها بنظر جميع مسائل الأحوال
الشخصية التي ينعقد الاختصاص بها للمحاكم الجزئية والابتدائية طبقاً لأحكام قانون
تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية الصادر بالقانون رقم 1
لسنة 2000.
ويسري أمام محاكم الأسرة في شأن صحف الدعاوى التي كانت تختص بها
المحاكم الجزئية، وفي شأن إعفاء دعاوى النفقات وما في حكمها، شاملة دعاوى الحبس
لامتناع المحكوم عليه عن تنفيذ الأحكام الصادرة بها أحكام المادة (3) من القانون
ذاته.
واستثناء من أحكام الفقرة الأولى يختص رئيس محكمة الأسرة بإصدار
شهادات الوفاة والوراثة، ويجوز له أن يحيلها إلى المحكمة عند قيام نزاع جدي في
شأنها.
كما يختص، دون غيره، بإصدار أمر على عريضة في المسائل المنصوص عليها
في المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 1 لسنة 2000، وذلك بصفته قاضياً
للأمور الوقتية".
وحيث إن دستور سنة 2014 أفرد المحكمة الدستورية العليا بتنظيم أورده
في الفصل الرابع من الباب الخامس المتعلق بنظام الحكم، فناط بها دون غيرها – في
المادة (192) منه – الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتفسير
النصوص التشريعية، والفصل في المنازعات المتعلقة بشئون أعضائها، وفي تنازع
الاختصاص بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، والفصل في الأنزعة
التي تقوم بشأن تنفيذ الأحكام القضائية النهائية المتناقضة، والمنازعات المتعلقة
بتنفيذ أحكامها أو القرارات الصادرة عنها.
وحيث إن قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة
1979 قد حدد القواعد الإجرائية والموضوعية التي تباشر هذه المحكمة – من خلالها
وعلى ضوئها – الرقابة القضائية على دستورية النصوص التشريعية، فرسم لاتصال الدعوى
الدستورية بهذه المحكمة طرائق بذاتها فصلتها المادتان (27 و29) منه باعتبار أن
ولوجها، وإقامة الدعوى الدستورية من خلالها يعد من الأشكال الإجرائية الجوهرية
التي لا تجوز مخالفتها كي ينتظم التداعي في المسائل الدستورية في إطارها ووفقاً
لأحكامها.
وحيث إن البين من نص المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا
أن المشرع حدد طريقاً لرفع الدعوى الدستورية أمام هذه المحكمة، وذلك إما بإحالة
الأوراق إليها مباشرة من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي إذا قامت
لديها شبهة قوية في مخالفة أي نص في قانون أو لائحة – لازم للفصل في النزاع –
لأحكام الدستور، وإما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية، دفع فيها الخصم
بعدم دستورية نص تشريعي، وقدرت تلك المحكمة أو الهيئة ذات الاختصاص القضائي جدية
دفعه وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التمييز بين الأعمال القضائية
وبين غيرها من الأعمال التي تلتبس بها، إنما يقوم على مجموعة من العناصر قد لا
تتحدد بها ضوابط هذا التمييز على وجه قطعي ولكنها تعين على إبراز الخصائص الرئيسية
للعمل القضائي ولما يعد جهة قضاء، ومن بينها أن إسباغ الصفة القضائية على أعمال
أية جهة عهد إليها المشرع بالفصل في نزاع معين يفترض أن يكون اختصاص هذه الجهة محدداً
بقانون وليس بأداة تشريعية أدنى؛ وأن يغلب على تشكيلها العنصر القضائي الذي يلزم
أن تتوافر في أعضائه ضمانات الكفاية والحيدة والاستقلال، وأن يعهد إليها المشرع
بسلطة الفصل في خصومة بقرارات حاسمة لا تخضع لمراجعة أية سلطة غير قضائية؛ دونما
إخلال بالضمانات القضائية الرئيسية التي لا يجوز النزول عنها، والتي تقوم في
جوهرها على إتاحة الفرص المتكافئة لتحقيق دفاع أطرافها، وتمحيص ادعاءاتهم على ضوء
قاعدة قانونية نص عليها المشرع سلفاً، ليكون القرار الصادر في النزاع مؤكداً
للحقيقة القانونية مبلوراً لمضمونها في مجال الحقوق المدعى بها أو المتنازع عليها.
وحيث إنه يستفاد من نصوص المواد (9، 24) من قانون تنظيم بعض أوضاع
وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية الصادر بالقانون رقم 1 لسنة 2000، و(3)
من قانون إنشاء محاكم الأسرة المشار إليه أن تحقيق طلب إشهادات الوفاة أو الوراثة
وإصدارها، كان منوطاً بالمحكمة الجزئية، ثم أنيط مؤخراً برئيس محكمة الأسرة، وقد
أوجبت المادة (24) من قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال
الشخصية المشار إليه، على طالب الإشهاد أن يقدم طلباً بذلك مرفقاً به ورقة رسمية
تثبت الوفاة وإلا كان الطلب غير مقبول، كما أوجبت بيان آخر موطن للمتوفى وأسماء
الورثة والموصي لهم، وأن يعلنوا بالميعاد المحدد لنظر الطلب، وقضت المادة ذاتها
بأن يحقق القاضي الطلب بشهادة من يوثق به، وأجازت له أن يضيف إليها التحريات
الإدارية اللازمة، وأن يحيل الطلب إلى المحكمة المختصة عند قيام نزاع جدي بشأنها،
وذلك طبقاً لنص المادة (3) من قانون إنشاء محاكم الأسرة المشار إليه.
وحيث إنه يتبين مما تقدم أن رئيس محكمة الأسرة – ومن قبله رئيس
المحكمة الجزئية – عند نظره طلب إشهاد الوفاة أو الوراثة، لا يفصل في دعوى رفعت
إليه وفقاً للإجراءات المقررة قانوناً في شأن إقامة الدعاوى القضائية، سواء تلك
التي اشتمل عليها قانون المرافعات المدنية والتجارية أو تلك التي تتضمنها قوانين
أخرى، وإنما ينظر في طلب قدم إليه من طالب إشهاد الوفاة أو الوراثة وفقاً لسلطة
ولائية ناطها القانون به، وتبعاً لذلك فإن القرار الصادر عنه في هذا الشأن لا
يعتبر حكماً قضائياً حاسماً لخصومة قضائية، بل إن ما ثبت بالإشهاد يعتبر حجة ما لم
يصدر حكم قضائي على خلافه، وذلك كله وفقاً لصريح نص المادة (25) من قانون تنظيم
بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية المشار إليه.
وحيث إنه متى كان ذلك، فإن رئيس محكمة الأسرة حال مباشرته تحقيق طلب
إشهاد الوفاة أو الوراثة لا ينظر هذا الطلب بصفته القضائية، وإنما يباشر هذا العمل
وفقاً لسلطته الولائية، وبالتالي فإنه لا يعتبر - حالئذ – جهة قضائية أو هيئة ذات
اختصاص قضائي من تلك التي عنتها المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا
كجهة أو هيئة يجوز لها قانوناً تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية والتصريح بإقامة
الدعوى الدستورية.
ولما كان ذلك، وكانت الدعوى المعروضة قد أقيمت بناء على تصريح من رئيس
محكمة الأسرة ببورسعيد حال نظره طلب تحقيق الوفاة والوراثة رقم 714 لسنة 2010،
فإنها تكون قد أقيمت على خلاف الأوضاع المقررة قانوناً، مما يتعين معه القضاء بعدم
قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعيين
المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق