الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 17 يناير 2017

الطعن 107 لسنة 30 ق " دستورية " المحكمة الدستورية العليا جلسة 3 / 12 /2016

منشور في الجريدة الرسمية العدد 50 تابع في 15 / 12 / 2016 ص 58

بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن شقيق المدعي (.......) سبق أن تقدم ضده بشكوى إلى الإدارة العامة للكسب غير المشروع يتهمه فيها بالتحصل على كسب غير مشروع متربحاً هو وزوجته وأولاده القصر من خلال عمله بإدارة المشتريات والمخازن بالأزهر الشريف، قيدت برقم 390 لسنة 2004 كسب غير مشروع. وبعد فحص الشكوى، صدر قرار بحفظها، فأقام المدعي الجنحة المباشرة رقم 35549 لسنة 2006 جنح قسم أول شبرا الخيمة يتهم فيها شقيقه المذكور بأنه أبلغ كذباً وبسوء قصد ونسب إليه أموراً لو صحت لاستوجبت عقابه، طالباً عقابه بالمادتين (303، 305) من قانون العقوبات. وأثناء تداول الدعوى بالجلسات طلبت المحكمة ضم الشكوى رقم 390 لسنة 2004 كسب غير مشروع أو صورة منها إلا أن إدارة الكسب غير المشروع ردت بأن الشكوى قد تم حفظها لانتفاء شبهة الكسب غير المشروع دون أن تضم الشكوى أو تنسخ صورة منها
وإذ ارتأى المدعي أن المادة (17) من القانون رقم 62 لسنة 1975 بشأن الكسب غير المشروع هي التي تحول دون ضم الملف أو نسخ صورة من الأوراق، فقد دفع بعدم دستورية هذه المادة، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعي برفع دعواه الدستورية، فقد أقام الدعوى المعروضة
وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المصلحة الشخصية المباشرة وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، بما مؤداه: أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة، وهو ما يقيد تدخلها في تلك الخصومة القضائية ويرسم تخوم ولايتها فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعي، وبالقدر اللازم للفصل فيها، ومؤداه: ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم سواء أكان هذا الضرر وشيكاً يتهددهم، أم كان قد وقع فعلاً، ويتعين دوماً أن يكون الضرر منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكناً تحديده وتسويته بالترضية القضائية، عائداً في مصدره على النص المطعون فيه، فإذا لم يكن النص قد طبق على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعاً، لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه قبلها
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الخطأ في تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها في دائرة المخالفة الدستورية، إذا كانت صحيحة في ذاتها، وأن الفصل في دستورية النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور، لا يتصل بكيفية تطبيقها عملاً، ولا بالصورة التي فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه إلى الضوابط التي فرضها الدستور على الأعمال التشريعية جميعها
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة كذلك، أنه متى كان الضرر المدعى به ليس مرده على النص المطعون بعدم دستوريته وإنما مرده إلى الفهم الخاطئ له، والتطبيق غير الصحيح لأحكامه، غدت المصلحة في الدعوى الدستورية منتفية
وحيث إن نصوص قانون الكسب غير المشروع تعتبر كلاً واحداً، يكمل بعضها البعض ويتعين أن تفسر عباراتها بما يمنع أي تعارض بينها، إذ إن الأصل في النصوص القانونية التي تنتظمها وحدة الموضوع، هو امتناع فصلها عن بعضها، باعتبار أنها تكون فيما بينها وحدة عضوية تتكامل أجزاؤها، وتتضافر معانيها وتتحد توجهاتها ليكون نسيجاً متآلفاً
وحيث إن المادة (5) من القانون رقم 62 لسنة 1975 بشأن الكسب غير المشروع تنص على أن: "يتولى فحص إقرارات الذمة المالية وتحقيق الشكاوى المتعلقة بالكسب غير المشروع هيئات الفحص والتحقيق الآتية
(أ) هيئة أو أكثر تشكل كل منها من خمسة من مستشاري محكمة النقض يختارون في بداية العام القضائي بطريق القرعة وتكون رئاستها لأقدمهم وذلك بالنسبة إلى رئيس الجمهورية ونوابه ومن هم في درجتهم والوزراء ونوابهم وأعضاء اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي العربي وأعضاء مجلس الشعب
(ب) هيئات يصدر بتشكيلها قرار من وزير العدل تتألف كل منها من مستشار بمحاكم الاستئناف وذلك بالنسبة إلى من في درجة الوزير ونائب الوزير والفئة الممتازة ووكلاء الوزارات ومن في درجتهم
(ج) هيئات يصدر بتشكيلها قرار من وزير العدل تتألف كل منها من رئيس محكمة وذلك بالنسبة إلى باقي الخاضعين لأحكام هذا القانون". 
وتنص المادة (6) على أن "تنشأ بوزارة العدل إدارة تسمى إدارة الكسب غير المشروع تشكل من مدير يختار من بين مستشاري محاكم الاستئناف ومن عدد كاف من الرؤساء بالمحاكم الابتدائية يندبون طبقاً لأحكام قانون السلطة القضائية
وتختص هذه الإدارة بطلب البيانات والإيضاحات المتعلقة بالشكاوى ومعاونة الهيئات المنصوص عليها في المادة (5) في القيام بمهامها
وتنص المادة (10) على أنه: "إذا تبين من الفحص وجود شبهات قوية على كسب غير مشروع أحالت الهيئة المختصة الأوراق إلى مجلس الشعب بالنسبة إلى رئيس الجمهورية ونوابه ورئيس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم لإتباع الإجراءات المنصوص عليها في القانونين رقمي 247 لسنة 1956، 79 لسنة 1985 وبالنسبة لأعضاء مجلس الشعب لإتباع الأحكام المقررة في شأنهم. أما بالنسبة إلى غير هؤلاء من الخاضعين لأحكام هذا القانون فيتولى إجراء التحقيق بالنسبة إليهم الهيئات المنصوص عليها في البنود (أ، ب، ج) من المادة (5) من هذا القانون، ولهذه الهيئات عند مباشرة التحقيق جميع الاختصاصات المقررة في قانون الإجراءات الجنائية، ولها أن تأمر بمنع المتهم أو زوجه أو أولاده القصر من التصرف في أموالهم كلها أو بعضها واتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة لتنفيذ الأمر، كما أن لها أن تنتدب النيابة العامة لتحقيق وقائع معينة". 
وتنص المادة (17) المطعون فيها على أن: "تعتبر الإقرارات المنصوص عليها في هذا القانون والشكاوى التي تقدم عن كسب غير مشروع وما يجري في شأنها من فحص وتحقيق من الأسرار ويجب على كل من له شأن في تنفيذ هذا القانون عدم إفشائها". 
وحيث إن مفاد هذه النصوص أن التحقيق في الشكاوى المتعلقة بالكسب غير المشروع التي تقدم ضد الموظفين العموميين تتولاه الهيئات المنصوص عليها في البنود (أ، ب، ج) من المادة (5) من قانون الكسب غير المشروع، ولهذه الهيئات عند مباشرة التحقيق جميع الاختصاصات المقررة في قانون الإجراءات الجنائية إذ لم يقيد القانون هذه الهيئات بقواعد خاصة تلتزمها عند التحقيق الذي تقوم به، وإنما أحال إلى القواعد العامة فيما يتعلق بجميع إجراءات التحقيق بما في ذلك سريته ونطاق هذه السرية
وحيث إن المقرر أن إجراءات التحقيق في ذاتها والنتائج التي تسفر عنها من الأسرار، ويجب على قضاة التحقيق وأعضاء النيابة العامة ومساعديهم من كتاب وخبراء وغيرهم ممن يتصلون بالتحقيق أو يحضرونه بسبب وظيفتهم أو مهنتهم عدم إفشائها. ومن يخالف ذلك منهم يعاقب طبقاً للمادة (310) من قانون العقوبات
وهذه السرية مقصورة على من لم يكن طرفاً في الدعوى أو في التحقيق الذي يجرى، فقد أوجب القانون أن يجرى التحقيق في مواجهة من يريد من الخصوم وهم المتهم والمجني عليه والمدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها. وقد خولت المادة (84) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950 للمتهم والمجني عليه وللمدعي بالحقوق المدنية وللمسئول عنها الحق في أن يطلبوا على نفقتهم أثناء التحقيق صوراً من الأوراق أياً كان نوعها
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الضرر الذي ارتأى المدعي أن مرجعه إلى النص المطعون فيه، يستند على تفسير خاطئ لحكمه، ذلك أن تفسير نصوص قانون الكسب غير المشروع لا يؤدي إلى التفسير الذي اعتنقه المدعي وسايرته فيه محكمة الموضوع حين قدرت جدية الدفع بعدم دستورية النص المطعون فيه وصرحت له بالطعن عليه، إذ إن النص المطعون فيه لم يحل أو يقيد حق المدعي في الحصول على صورة من أوراق التحقيق أو الشكوى المقدمة ضده
وحيث إنه ولئن كان القانون لم يشر إلى هذا الحق اكتفاء بالإحالة إلى القواعد العامة فإن اللائحة التنفيذية لهذا القانون قد حرصت على إبراز هذا الحق إذ نصت المادة (17) من اللائحة التنفيذية لقانون الكسب غير المشروع الصادرة بقرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 1112 لسنة 1975 على أن: "يكون لمن يجري في شأنه الفحص والتحقيق الحق في الإطلاع على الإقرار المتعلق به وما يصدر فيه من قرارات، وفي الحصول على صور منها بتصريح من الهيئة المختصة بالفحص والتحقيق". 
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الضرر الذي نسبه المدعي إلى النص المطعون فيه، لا يعود إليه وإنما مرده إلى الفهم الخاطئ والتطبيق غير الصحيح لأحكام القانون رقم 62 لسنة 1975 بشأن الكسب غير المشروع، فإن المصلحة في الدعوى المعروضة تغدو منتفية، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق