برئاسة السيد القاضي/ إبراهيم الضهيري نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة القضاة/ عبد الله فهيم، نبيل فوزي، جمال عبد المولى نواب رئيس المحكمة
وشريف العشري.
---------------
- 1 دستور "عدم الدستورية:
أثر الحكم بعدم الدستورية". قانون "القانون واجب التطبيق: سريان
القانون: سريان القانون من حيث الزمان".
الحكم بعدم دستورية نص تشريعي. أثره. عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي
لنشره. انسحاب هذا الأثر على الوقائع كافة ولو كانت سابقة على صدور الحكم بعدم
الدستورية. م 49 ق المحكمة الدستورية. الوجود الفعلي للنص وظهوره بمظهر النص
القانوني الواجب الإتباع خلال الفترة من تاريخ نفاذه إلى تاريخ الحكم بعدم
دستوريته. يرتب أثراً عرضياً على التصرفات القانونية بمقدار تأثيره على إرادة
الأفراد الذين خدعهم وجوده. وجوب اعتباره عند تقييم هذه التصرفات تمهيداً لتطبيق
النص القانوني الصحيح المتفق مع الدستور. علة ذلك.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه ولئن كان مؤدى نص المادة 49 من
قانون المحكمة الدستورية أنه يترتب على نشر الحكم بعدم دستورية نص تشريعي امتناع
تطبيقه من اليوم التالي للنشر على الوقائع كافة حتى ولو كانت سابقة على صدور الحكم
بعدم الدستورية، وهو ما ينفي الوجود القانوني للنص، وتبقى صلاحيته لإحداث الأثر
الأصلي المقصود من التشريع وهو حكم الروابط والوقائع التي تقع في نطاق سريانه، إلا
أن الحكم بعدم الدستورية لا ينفي أن هذا النص كان له وجود فعلي ظهر خلال الفترة من
تاريخ نفاذه إلى تاريخ الحكم بعد دستوريته بمظهر النص القانوني الصحيح واجب
الإتباع، فانخدع به بعض الأفراد وباشروا تصرفاتهم على هذا الأساس فوقعوا في الغلط
بحسن نية نتيجة لخطأ المشرع، وفى هذه الحالة ينتج النص غير الدستوري أثرا عرضياً
على التصرفات القانونية بمقدار تأثيره على إرادة الأفراد الذين خدعهم وجوده، وهو واقع
يتعين اعتباره عند تقييم هذه التصرفات تمهيداً لتطبيق النص القانوني المتفق مع
الدستور باعتباره وحده هو الواجب التطبيق، وهذا ما درج عليه المشرع، فرغم إنه من
المفترض علم الكافة بالقانون على وجهه الصحيح، فقد اعتد بالجهل بالقانون في تقديره
لصحة الإرادة فنصت المادة 122 من القانون المدني على أنه "يكون العقد قابلاً
للإبطال للغلط في القانون "كما أعفت المادة 167 من القانون المدني الموظف من
المسئولية عن عمله الذي أضر بالغير إذا كان تنفيذاً لأمر صدر إليه من رئيس يعتقد
أن طاعته واجبة، متى كان يعتقد مشروعية العمل غير المشروع الذي وقع منه كما راعى
حسن النية لاستقرار التعامل حين حمى المتعاملين مع صاحب الوضع الظاهر، كما أن
النصوص المانعة من التقاضي تعتبر من أسباب وقف التقادم في الفترة من تاريخ نفاذها
لحين الحكم بعدم دستوريتها، لأنها أثرت على إرادة المخاطبين بأحكامها فمنعتهم من
المطالبة بحقوقهم رغم انعدامها لأن امتناع تطبيق النصوص لا يمنع من اعتبار أثر
وجودها على إرادة المخاطبين بها.
- 2 إيجار "تشريعات إيجار
الأماكن: أسباب الإخلاء: الاستثناءات الواردة على أسباب الإخلاء: التأجير
المفروش".
الحكم بعدم دستورية نص المادة 40 من القانون 49 لسنة 1977. مؤداه. عدم
جواز اعتبار الإجارة التي تستند إليه صحيحة ونافذة في حق المؤجر ولو كانت سابقة
على نشر الحكم بعدم الدستورية. لا يمنع ذلك من بحث أثر وجود النص وظهوره بمظهر
النص الدستوري على إرادة المستأجر الذي التزم به. اعتقاده بمشروعية التأجير من
الباطن وعدم اتجاه نيته إلى مخالفة القانون أو الشرط المانع الوارد بالعقد. أثره.
انتفاء قصد المخالفة أحد عناصر الخطأ الموجب لإخلاء المستأجر الأصلي للتأجير من
الباطن.
الحكم الصادر من المحكمة الدستورية في الطعن رقم 149 لسنة 18 ق
"دستورية" والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 27/11/1997 بعدم دستورية ما
نصت عليه المادة 40 من القانون 49 لسنة 1977 والتي بينت الحالات التي يجوز
للمستأجر أن يؤجر المكان خالياً أو مفروشاً، يترتب عليه أن يمتنع تطبيق هذا النص
اعتباراً من 28/11/1997 بحيث لا يجوز لحكم أن يقيم قضاءه على إجارة تمت استناداً
لهذا النص هي إجارة صحيحة حتى ولو كان ذلك قبل نشر الحكم بعدم الدستورية، إلا أن
ذلك لا يمنع المحاكم من أن تبحث أثر وجود هذا النص وظهوره بمظهر النص الدستوري على
إرادة المستأجر الذي التزم بالنص واعتقاده بمشروعية التأجير من الباطن، ولم تتجه
نيته إلى مخالفة القانون ولا مخالفة الشروط المانعة من التأجير من الباطن الواردة
في عقده الأصلي مما ينفي عنه قصد المخالفة الذي هو أحد عناصر الخطأ الموجب لإخلاء
المستأجر الأصلي عند التأجير من الباطن، وذلك كله مع التسليم بأن الإجارة المبرمة
عملاً بنص المادة 40 مخالفة للعقد الأصلي وغير صحيحة ولا نافذة في حق المؤجر لأنها
استندت إلى نص قضى بعدم دستوريته.
- 3 إيجار "تشريعات إيجار
الأماكن: أسباب الإخلاء: الاستثناءات الواردة على أسباب الإخلاء: التأجير
المفروش".
تمسك الطاعن بأن تأجيره عين النزاع مفروشة إلى الطلبة في حدود الرخصة
المخولة له بالمادة 40 ق 49 لسنة 1997 وأن التأجير قد تم وانتهى قبل نفاذ الحكم
بعدم دستورية تلك المادة. دفاع جوهري. اطراح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع وقضاءه
بالإخلاء استناداً إلى أنه يمتنع على المحاكم تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته من
تاريخ العمل بالقانون المتضمن له بما يكون معه الطاعن قد خالف شروط العقد وأجر
العين من الباطن دون تصريح من المالك. خطأ وقصور.
إذ كان البين من الأوراق أن الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة
الموضوع إنه قد أجر العين محل النزاع مفروشة لآخرين من الطلبة بموجب عقدي الإيجار
المؤرخين في 1/4/1992، 10/8/1992 إعمالاً للرخصة المخولة له بالمادة 40 من القانون
49 لسنة 1977 وفى حدودها، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بفسخ عقد الإيجار
وإخلاء الطاعن من العين تأسيساً على إنه يمتنع على المحاكم تطبيق النص المقضي بعدم
دستوريته من تاريخ العمل بالقانون المتضمن له ورتب على ذلك أن الطاعن خالف شروط
العقد وأجر العين من الباطن إلى آخرين دون إذن كتابي صريح من المالك في حين أن
تطبيق هذا النص المقضي بعدم دستوريته يمتنع تطبيقه - وعلى ما سلف بيانه - اعتباراً
من اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية اعتباراً من 28/11/1997 فإنه يكون قد
أخطأ في تطبيق القانون وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث دفاع الطاعن الجوهري المشار إليه
فيما إذا كان عقد الإيجار من الباطن قد تم وانتهى قبل نفاذ حكم المحكمة الدستورية
العليا بشأن المادة 40 من القانون المشار إليه بتاريخ 28/11/1997 من عدمه مما
يعيبه أيضاً بالقصور في التسبيب.
--------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق –
تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم ...... لسنة 1992 أمام محكمة
المنصورة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة والتسليم، وقال
بيانا لدعواه أنه بموجب عقد مؤرخ 1/5/1973 يستأجر منه الطاعن العين محل النزاع
بأجرة شهرية مقدارها عشرون جنيهاً، وإذ قام بتأجيرها من الباطن بدون إذن كتابي منه
فقد أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى، وبعد أن أودع تقريره حكمت
برفضها. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم ...... لسنة 48 ق المنصورة.
ندبت المحكمة خبير آخر في الدعوى، وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 17/2/1998
بإلغاء الحكم المستأنف وبالطلبات. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت
النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه
المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون منه مخالفة القانون، وفي
بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بتأجير العين محل النزاع
مفروشة للطلبة عملاً بالرخصة المخولة له بالمادة 40 من القانون 49 لسنة 1977 وأن
آخر عقد مفروش قد انتهى في 9/8/1993، بما تكون معه واقعة التأجير قد تمت وانتهت في
ظل قانون يسمح بذلك وقبل القضاء بعدم دستورية نص تلك المادة اعتباراً من
27/11/1997، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بإخلاء العين لقيامه بتأجيرها
مفروشة دون إذن كتابي من المالك تأسيساً على القضاء بعدم دستورية نص المادة 40 من
القانون سالف الذكر، بما يمتنع على المحاكم تطبيقها فإنه يكون معيباً مما يستوجب
نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك إنه ولئن كان مؤدى نص المادة 49 من قانون
المحكمة الدستورية أنه يترتب على نشر الحكم بعدم دستورية نص تشريعي امتناع تطبيقه
من اليوم التالي للنشر على الوقائع كافة حتى ولو كانت سابقة على صدور الحكم بعدم
الدستورية، وهو ما ينفي الوجود القانوني للنص، وتبقى صلاحيته لإحداث الأثر الأصلي
المقصود من التشريع وهو حكم الروابط والوقائع التي تقع في نطاق سريانه، إلا أن
الحكم بعدم الدستورية لا ينفي أن هذا النص كان له وجود فعلي ظهر خلال الفترة من
تاريخ نفاذه إلى تاريخ الحكم بعد دستوريته بمظهر النص القانوني الصحيح واجب
الإتباع، فانخدع به بعض الأفراد وباشروا تصرفاتهم على هذا الأساس فوقعوا في الغلط
بحسن نية نتيجة لخطأ المشرع، وفي هذه الحالة ينتج النص غير الدستوري أثراً عرضياً
على التصرفات القانونية بمقدار تأثيره على إرادة الأفراد الذين خدعهم وجوده، وهو
واقع يتعين اعتباره عند تقييم هذه التصرفات تمهيداً لتطبيق النص القانوني المتفق
مع الدستور باعتباره وحده هو الواجب التطبيق، وهذا ما درج عليه المشرع، فرغم أنه
من المفترض علم الكافة بالقانون على وجهه الصحيح، فقد اعتد بالجهل بالقانون في
تقديره لصحة الإرادة فنصت المادة 122 من القانون المدني على أنه "يكون العقد
قابلاً للإبطال للغلط في القانون" كما أعفت المادة 167 من القانون المدني
الموظف من المسئولية عن عمله الذي أضر بالغير إذا كان تنفيذاً لأمر صدر إليه من
رئيس يعتقد أن طاعته واجبة، متى كان يعتقد مشروعية العمل غير المشروع الذي وقع منه
كما راعى حسن النية لاستقرار التعامل حين حمى المتعاملين مع صاحب الوضع الظاهر،
كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن النصوص المانعة من التقاضي تعتبر من أسباب وقف
التقادم في الفترة من تاريخ نفاذها لحين الحكم بعدم دستوريتها، لإنها أثرت على
إرادة المخاطبين بأحكامها فمنعتهم من المطالبة بحقوقهم رغم انعدامها لأن امتناع
تطبيق النصوص لا يمنع من اعتبار أثر وجودها على إرادة المخاطبين بها، وعلى ذلك فإن
الحكم الصادر من المحكمة الدستورية في الطعن رقم 149 لسنة 18 ق والمنشور بالجريدة
الرسمية بتاريخ 27/11/1997 بعدم دستورية ما نصت عليه المادة 40 من القانون 49 لسنة
1977 والتي بينت الحالات التي يجوز للمستأجر أن يؤجر المكان خالياً أو مفروشاً،
يترتب عليه أن يمتنع تطبيق هذا النص اعتباراً من 28/11/1997 بحيث لا يجوز لحكم أن
يقيم قضاءه على إجارة تمت استناداً لهذا النص هي إجارة صحيحة حتى ولو كان ذلك قبل
نشر الحكم بعدم الدستورية، إلا أن ذلك لا يمنع المحاكم من أن تبحث أثر وجود هذا
النص وظهوره بمظهر النص الدستوري على إرادة المستأجر الذي التزم بالنص واعتقاده
بمشروعية التأجير من الباطن، ولم تتجه نيته إلى مخالفة القانون ولا مخالفة الشروط
المانعة من التأجير من الباطن الواردة في عقده الأصلي مما ينفي عنه قصد المخالفة
الذي هو أحد عناصر الخطأ الموجب لإخلاء المستأجر الأصلي عند التأجير من الباطن،
وذلك كله مع التسليم بأن الإجارة المبرمة عملاً بنص المادة 40 مخالفة للعقد الأصلي
وغير صحيحة ولا نافذة في حق المؤجر لإنها استندت إلى نص قضي بعدم دستوريته. لما
كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع
إنه قد أجر العين محل النزاع مفروشة لآخرين من الطلبة بموجب عقدي الإيجار المؤرخين
في 1/4/1992، 10/8/1992 إعمالاً للرخصة المخولة له بالمادة 40 من القانون 49 لسنة
1977 وفي حدودها، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بفسخ عقد الإيجار وإخلاء
الطاعن من العين تأسيساً على إنه يمتنع على المحاكم تطبيق النص المقضي بعدم
دستوريته من تاريخ العمل بالقانون المتضمن له ورتب على ذلك أن الطاعن خالف شروط
العقد وأجر العين من الباطن إلى آخرين دون إذن كتابي صريح من المالك في حين أن
تطبيق هذا النص المقضي بعدم دستوريته يمتنع تطبيقه – وعلى ما سلف بيانه – اعتباراً
من اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية اعتباراً من 28/11/1997 فإنه يكون قد
أخطأ في تطبيق القانون وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث دفاع الطاعن الجوهري المشار إليه
فيما إذا كان عقد الإيجار من الباطن قد تم وانتهى قبل نفاذ حكم المحكمة الدستورية
العليا بشأن المادة 40 من القانون المشار إليه بتاريخ 28/11/1997 من عدمه مما
يعيبه أيضاً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق