جلسة 19 من أكتوبر سنة 2010
برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين مصطفى نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ عمر محمود بريك، محمد محمد السيد، نافع فرغلي حسانين وأحمد
أحمد خليل نواب رئيس المحكمة.
--------------
(69)
الطعن 2159 لسنة 80 ق
(1) دعوى مدنية "نظرها والحكم
فيها". تهريب جمركي. نقض "نطاق الطعن" "ما لا يجوز الطعن فيه
من الأحكام".
رفع دعاوى الحقوق المدنية للمحكمة الجنائية بالتبعية للدعوى الجنائية.
استثناء. شرطه؟ الطعن بالنقض. غير عادي. لأطراف الحكم المطعون فيه فيما يختص
بحقوقهم التي فصل فيها. طعن المدعى بالحقوق المدنية بالنقض. غير جائز إلا فيما
يختص بقضاء المحكمة ضده بشأن دعواه المدنية. طعن وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى
لمصلحة الجمارك بالنقض استناداً لارتكاب المطعون ضدهم لجريمة التهريب الجمركي رغم
عدم إسناد النيابة العامة تلك الجريمة لهم أو تعرض الحكم المطعون فيه لحقوق مالية
لمصلحة الجمارك. غير جائز.
(2) نقض "أسباب الطعن.
توقيعها".
وجوب توقيع أسباب الطعون بالنقض المرفوعة من المحكوم عليهم من محام
مقبول أمام محكمة النقض. توقيعها بإمضاء غير واضح. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
الفقرة الأخيرة من المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
(3) تزوير "الاشتراك في
التزوير" "أوراق رسمية". إثبات "بوجه عام"
"قرائن". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حكم "تسبيبه. تسبيب معيب" "بطلانه". نقض "أسباب الطعن.
ما يقبل منها" "أثر الطعن".
الاشتراك في جرائم التزوير. تمامه؟ للمحكمة التعويل على التحريات
كقرينة معززة لما ساقته من أدلة. عدم صلاحيتها بمجردها دليلاً كافياً أو قرينة
مستقلة على ثبوت الاتهام. إدانة الحكم المطعون فيه الطاعن بجريمة الاشتراك في
تزوير محرر رسمي دون إيراد الدليل على علمه بتزويره واتخاذه من التحريات دليلاً
أساسياً في ثبوت الاتهام دون إيراد الأدلة والقرائن مما يساندها. يعيبه بما يبطله.
أثر ذلك: وجوب نقضه والإعادة للطاعن ولباقي الطاعنين ومنهم التي لم يقبل طعنها
شكلاً وللمحكوم عليها حضورياً والتي لم تطعن على الحكم. علة ذلك؟
------------
1 - لما كان الطاعن عن الحقوق المدنية - وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك قد أقام طعنه على سند من أن الطاعنين المتهمين قد تهربوا من سداد الرسوم الجمركية المستحقة على السيارة موضوع الدعوى. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة لم تسند إليهم ارتكاب جريمة التهرب الجمركي وكان المستقر عليه أن الأصل في دعاوى الحقوق المدنية التي ترفع استثناءات للمحكمة الجنائية بطريق التبعية للدعوى الجنائية أن يكون الحق المدعى به ناشئاً عن ضرر للمدعى من الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية. وأن الطعن بالنقض وهو طعن غير عادي لا يكون إلا لمن مسه الحكم المطعون فيه وفيما يختص بحقوقه فقط ولا يعتبر الشخص طرفاً في الحكم إلا إذا قضى له أو عليه فيما فصل فيه. فطعن المطالب بالحقوق المدنية لا يجوز إلا فيما يختص بالدعوى المدنية بالتظلم مما انتهت إليه المحكمة في قضائها ضده. ولما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة لم تسند إلى المطعون ضدهم ارتكاب جريمة التهريب الجمركي للسيارة المضبوطة. كما لم يتعرض الحكم لحقوق مالية لمصلحة الجمارك نفياً أو إثباتاً. ومن ثم فإن طعن وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك يكون غير جائز.
2 - لما كان البين من الاطلاع على مذكرة أسباب الطعن أنها وإن كانت تحمل ما يشير إلى صدورها من المحامي .... إلا أنها وقعت بإمضاء غير واضحة بحيث يتعذر قراءتها ومعرفة اسم صاحبها. ولم يحضر الطاعن أو أحد عنه لتوضيح صاحب هذا التوقيع. لما كان ذلك، وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد أوجبت في فقرتها الأخيرة بالنسبة إلى الطعون التي يرفعها المحكوم عليهم أن يوقع أسبابها محام مقبول أمام محكمة النقض. وكان البين مما سبق أن أسباب الطعن الماثل لم يثبت أنه قد وقع عليها محام مقبول أمام هذه المحكمة فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه (أن المتهمين والرابعة كانوا حائزين لسيارة مجهولة المصدر ولم يصدر ترخيصاً بتسييرها وفي محاولة منهم لترخيصها دون وجه حق اتفقا مع المتهمة الأولى ..... الموظفة بإدارة مرور .... على أن تقوم بإمدادهما ببيانات سيارة من ذات الطراز ألغى ترخيصها. وقد أمدتهم ببيانات السيارة التي كانت تحمل اللوحات المعدنية رقم .... باسم .... والتي ألغى ترخيصها .... بعد إتلافها في حادث فقام المتهمان الثالث والرابعة بإزالة رقم الشاسية للسيارة التي كانت في حيازتهما ووضعا بدلاً منها أرقام السيارة الملغي ترخيصها، وقامت المتهمة الأولى بتحرير وإصدار شهادة بيانات للسيارة الملغي تراخيصها ضمنتها بياناتها ووقعت عليها بإمضائها وختمتها ببصمة مقلدة لخاتم شعار الجمهورية الخاص بإدارة مرور ..... ثم قام المتهمان الثالث والرابعة بمساعدة المتهم الثاني (الطاعن الثاني) الموثق بالشهر العقاري بـ ........ بتزوير عقد بيع للسيارة رقم ... ملاكي وقام شخص مجهول بإثبات بيانات السيارة الملغاة من واقع شهادة البيانات المزورة بالعقد وتحرير بيانات البائع والمشتري والتوقيع عليه بمقتضى توكيل من مالك السيارة الملغى ترخيصها. ثم قام المتهم الثاني (الطاعن الثاني بتوثيق ذلك العقد بموجب محضر التصديق رقم ..... وأنه قد ثبت من تقرير الإدارة العامة لأبحاث التزييف والتزوير أن المتهم الثاني (الطاعن الثاني) هو المحرر لمحضر التصديق بعقد البيع ....) وأورد الحكم على ثبوت الواقعة أدلة استقاها من شهادة العقيد ..... رئيس مباحث ..... الإدارة العامة للمرور والتي ضمنها ما توصلت إليه تحرياته. وكذا ما ورد بتقرير أبحاث التزييف والتزوير. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه إلا أنه يجب على المحكمة وهي تقرر حصوله أن تستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها ما يوفر اعتقاداً سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم. وكان من المقرر أيضاً أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من أدلة إلا أنها لا تصلح بمجردها أن تكون دليلاً كافياً بذاته أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام، وهي من بعد لا تعدو أن تكون مجرد رأى لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بتهمة الاشتراك مع المتهمين الثالث والرابعة وآخر مجهول في تزوير محضر التصديق رقم ..... ولم يورد الدليل على علمه بتزويره واتخذ من التحريات دليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام دون أن يورد من الأدلة والقرائن ما يساندها، فإنه لا يكفي في هذا الصدد أن يكون الطاعن الثاني هو الموثق للعقد المزور لأنه ليس من شأن ذلك حتماً أن تتوفر به جريمة الاشتراك في التزوير مع العلم بتزويره، ومن ثم فإن استناد الحكم إلى أن الطاعن وهو الموثق قد حرر بيانات التوثيق. وهي لا تكفي. لا يغير من حقيقة كونه اعتمد بصفة أساسية على التحريات وحدها وهي لا تصلح دليلاً منفرداً في هذا المجال. فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله مما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعن الثاني .... وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي وجوه طعنه، وللطاعنين الثالث ..... و..... وبالنسبة للطاعنة الأولى ..... التي لم يقبل طعنها شكلاً والمحكوم عليها حضورياً ........ التي لم تطعن على الحكم لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة دون حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن المقدمة من الطاعنين الثالث والخامس.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم وآخر قضي ببراءته "المتهم
الرابع" بأنهم:
1 - المتهمة الأولى: أولاً: بصفتها موظفة عامة بإدارة ...... بإصدار
شهادات البيانات ظفرت غيرها المتهمين الثالث والرابع والخامسة بمنفعة وهي تمكنهم
من ترخيص السيارة المهربة جمركياً بأن اشتركت مع المتهم السادس في مساعدتهم بإصدار
شهادة بيانات على غرار الصحيحة منها وذلك من أعمال وظيفتها بدون وجه حق وربحت مبلغ
4159320 جنيه "واحد وأربعون ألفاً وخمسمائة وثلاثة وتسعون جنيهاً وعشرون
قرشاً" ونسبة 5% على كل أسبوع أو جزء من تاريخ الاستحقاق وحتى تاريخ السداد
لمصلحة الضرائب على المبيعات بأن مكنتهم من ترخيص السيارة سالفة الذكر دون سداد
الرسوم الجمركية المستحقة عليها أنفة البيان.
ثانياً: اشتركت بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الثالث والرابع
والخامس والسادس في ارتكاب تزوير في محرر رسمي وهو بيان المركبة للسيارة رقم
.... ملاکي ..... بأن قامت باصطناع ذلك البيان وأثبتت به على خلاف الحقيقة
واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة ووقعت عليها بتوقيعها وذلك بجعلها على غرار
المحررات الصحيحة فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة.
2- المتهم الثاني: أولاً: بصفته موظفاً عاماً بمصلحة الشهر العقاري .....
ظفر غيره "المتهمين الثالث والرابع والخامسة" بمنفعة وهي تمكنهم من
ترخيص السيارة المهربة جمركياً بأن اشترك مع المتهم السادس في مساعدتهم بإصدار عقد
البيع رقم ..... ملاکي ..... على غرار الصحيح منه وذلك من أعمال وظيفته بدون
وجه حق وربح مبلغ 4159320 جنيه "واحد وأربعون ألفاً وخمسمائة وثلاثة وتسعون
جنيهاً وعشرون قرشاً" وكذا نسبة 5% عن كل أسبوع أو جزء من تاريخ الاستحقاق
وحتى تاريخ السداد لمصلحة الضرائب على المبيعات بأن مكنهم من ترخيص السيارة سالفة
الذكر دون سداد الرسوم الجمركية المستحقة عليها أنفة البيان.
ثانياً: بصفته السابقة اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين
الثالث والرابع والخامسة والسادس في ارتكاب تزوير في محرر رسمي وهو عقد البيع رقم
....... بأن قام المتهمون من الثالث حتى السادس بإمداده بالبيانات والمعلومة
اللازمة فقام بتحريره وأثبت به على خلاف الحقيقة قيام ..... ببيع السيارة .....
ملاكي .... للمتهمة الخامسة ومكنهم من ترخيص السيارة سالفة البيان فتمت الجريمة
بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. 3. المتهمين الأول والثاني: بصفتهما من أصحاب
الوظائف العامة أضرا عمداً بأموال ومصالح مصلحة الجمارك المعهود بها إلى جهة
عملهما بأن ارتكبا الجرائم موضوع الأوصاف السابقة الأمر الذي أضر بأموال ومصالح
مصلحة الجمارك بمبلغ 4159320 جنيه "واحد وأربعون ألفاً وخمسمائة وثلاثة
وتسعون جنيهاً وعشرون قرشاً" وكذا نسبة 5% من تاريخ الاستحقاق وحتى تاريخ
السداد لمصلحة الضرائب على المبيعات وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
4- المتهمين الثالث والرابع والخامسة: أولاً: اشتركوا بطريقي الاتفاق
والمساعدة مع المتهمين الأولى والثاني في ارتكاب الجرائم موضوع الأوصاف السابقة
كلاً فيما أسند إليه بقصد التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة على السيارة
المهربة جمركياً.
ثانياً: اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب
تزوير في محررات رسمية وهي نموذج 105 مرور وكذا المطابقة الموجودة خلف الفحص الفني
الخاص بالسيارة المهربة جمركياً وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بطريق
الاصطناع بأن حرضوا مجهولاً واتفقوا معه على تزوير تلك المستندات وإمداده
بالبيانات اللازمة فقام المجهول بتزويرها ووقع عليها بتوقيعات نسبت زوراً لموظفي
إدارة مرور ..... بجعلها على غرار المحررات الصحيحة فتمت الجريمة بناء على ذلك
الاتفاق وتلك المساعدة.
ثالثاً: قلدوا خاتم شعار الجمهورية الخاص بإدارة ..... ومكتب توثيقي
... وخاتم المكتب الكودي بأن مهروا بهم المستندات محل الأوصاف السابقة لجعلها على
غرار المحررات الصحيحة.
رابعاً: استعملوا المحررات المزورة سالفة البيان جميعها بأن قدموها
لإدارة مرور ..... لترخيص السيارة المهربة جمركياً مع علمهم بتزويرها.
خامساً: قاموا بالتعديل في الأجزاء الجوهرية للسيارة المهربة جمركياً
في رقم الشاسية حتى تتفق والأوراق المزورة.
5- المتهم السادس: اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأولى
والثاني في ارتكاب الجرائم موضوع الأوصاف محل التهم المنسوبة إليهما كلاً فيما أسند
إليه وذلك بقصد تهرب المتهمين الثالث والرابع والخامسة من الضرائب المستحقة على
السيارة المهربة جمركياً. وأحالتهم إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهم طبقاً للقيد
والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً وعملاً بالمواد 27، 30، 40/ ثانياً
وثالثاً، 41، 206/ 3، 211، 212، 213، 214 من قانون العقوبات مع إعمال حكم المواد
17، 30، 32 /2 من القانون ذاته في حقهم والمادة 17 من القانون ذاته في حق المحكوم
عليهم الأولى والثاني والرابعة والخامس والمادتين 55 /1، 56 /1 من القانون ذاته في
حق المحكوم عليها الرابعة.
أولاً: بمعاقبة ..... بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر عما أسند إليها
في التهمة الثانية وبعزلها من وظيفتها لمدة سنتين وببراءتها مما نسب إليها في
التهمتين الأولى والثالثة.
ثانياً: بمعاقبة .... بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عما أسند إليه في
التهمة الثانية وبعزله من وظيفته لمدة أربع سنوات وببراءته مما نسب إليه في
التهمتين الأولى والثالثة.
ثالثاً: بمعاقبة ....... بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه في
التهمة الأولى من اشتراكه في التزوير والثانية والثالثة والرابعة وببراءته مما نسب
إليه في التهمتين الأولى من اشتراكه في التربح والإضرار العمدي والأخيرة. رابعاً:
بمعاقبة .... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليها في التهمة الأولى من
اشتراكها في التزوير والثانية والثالثة والرابعة وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة
المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدور هذا الحكم وببراءتها مما نسب إليها
في التهمتين الأولى من اشتراكها في التربح والإضرار العمدي والأخيرة.
خامساً: بمعاقبة ..... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه
في تهمة الاشتراك في التزوير وببراءته مما نسب إليه في تهمتي الاشتراك في التربح
والإضرار العمدي.
سادساً: بمصادرة المحررات المزورة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم الأولى والثاني والثالث والخامس ووزير المالية
بصفته في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
---------------
المحكمة
حيث إن الطاعن عن الحقوق المدنية - وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى
لمصلحة الجمارك - قد أقام طعنه على سند من أن الطاعنين المتهمين قد تهربوا من سداد
الرسوم الجمركية المستحقة على السيارة موضوع الدعوى. لما كان ذلك، وكان الثابت من
الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة لم تسند إليهم ارتكاب جريمة التهريب الجمركي
وكان المستقر عليه أن الأصل في دعاوى الحقوق المدنية التي ترفع استثناءات للمحكمة
الجنائية بطريق التبعية للدعوى الجنائية أن يكون الحق المدعى به ناشئاً عن ضرر
للمدعي من الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية. وأن الطعن بالنقض وهو طعن غير
عادي لا يكون إلا لمن مسه الحكم المطعون فيه وفيما يختص بحقوقه فقط ولا يعتبر
الشخص طرفاً في الحكم إلا إذا قضى له أو عليه فيما فصل فيه. فطعن المطالب بالحقوق
المدنية لا يجوز إلا فيما يختص بالدعوى المدنية بالتظلم مما انتهت إليه المحكمة في
قضائها ضده. ولما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة لم
تسند إلى المطعون ضدهم ارتكاب جريمة التهريب الجمركي للسيارة المضبوطة. كما لم
يتعرض الحكم لحقوق مالية لمصلحة الجمارك نفياً أو إثباتاً. ومن ثم فإن طعن وزير
المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك يكون غير جائز.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على مذكرة أسباب الطعن أنها وإن كانت
تحمل ما يشير إلى صدورها من المحامي .... إلا أنها وقعت بإمضاء غير واضحة بحيث
يتعذر قراءتها ومعرفة اسم صاحبها. ولم يحضر الطاعن أو أحد عنه لتوضيح صاحب هذا التوقيع.
لما كان ذلك، وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض
الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد أوجبت في فقرتها الأخيرة بالنسبة إلى الطعون
التي يرفعها المحكوم عليهم أن يوقع أسبابها محام مقبول أمام محكمة النقض، وكان
البين مما سبق أن أسباب الطعن الماثل لم يثبت أنه قد وقع عليها محام مقبول أمام
هذه المحكمة فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم المطعون فيه إنه إذ
دانه بجريمة التزوير في محرر رسمي قد شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال،
ذلك أنه اتخذ من مجرد عمله كموثق بمكتب الشهر العقاري وقيامه بتوثيق عقد بيع
السيارة المضبوطة وما ثبت من تزويره دليلاً على ارتكابه لجريمة التزوير دون أن
يدلل تدليلاً كافياً على ارتكابه للتزوير ولا على علمه به وتوافر القصد الجنائي
لديه واتخذ التحريات دليلاً أساسياً وحيداً على ثبوت الاتهام دون أن تكون معززة
بدليل آخر. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه (أن المتهمين
والرابعة كانوا حائزين لسيارة مجهولة المصدر ولم يصدر ترخيصاً بتسييرها وفي محاولة
منهم لترخيصها دون وجه حق اتفقوا مع المتهمة الأولى .... الموظفة بإدارة مرور
.... على أن تقوم بإمدادهما ببيانات سيارة من ذات الطراز ألغى ترخيصها. وقد أمدتهم
ببيانات السيارة التي كانت تحمل اللوحات المعدنية رقم .... باسم .... والتي ألغى
ترخيصها .... بعد إتلافها في حادث فقام المتهمان الثالث والرابعة بإزالة رقم
الشاسية للسيارة التي كانت في حيازتهما ووضعا بدلاً منها أرقام السيارة الملغى
ترخيصها، وقامت المتهمة الأولى بتحرير وإصدار شهادة بيانات للسيارة الملغى
تراخيصها ضمنتها بياناتها ووقعت عليها بإمضائها وختمتها ببصمة مقلدة لخاتم شعار
الجمهورية الخاص بإدارة مرور ..... ثم قام المتهمان الثالث والرابعة بمساعدة
المتهم الثاني (الطاعن الثاني) الموثق بالشهر العقاري بـ ....... بتزوير عقد بيع
للسيارة رقم ... ملاكي وقام شخص مجهول بإثبات بيانات السيارة الملغاة من واقع
شهادة البيانات المزورة بالعقد وتحرير بيانات البائع والمشتري والتوقيع عليه
بمقتضى توكيل من مالك السيارة الملغى ترخيصها. ثم قام المتهم الثاني (الطاعن
الثاني بتوثيق ذلك العقد بموجب محضر التصديق رقم .... وأنه قد ثبت من تقرير
الإدارة العامة لأبحاث التزييف والتزوير أن المتهم الثاني (الطاعن الثاني) هو
المحرر لمحضر التصديق بعقد البيع .....) وأورد الحكم على ثبوت الواقعة أدلة
استقاها من شهادة العقيد ..... رئيس مباحث ..... الإدارة العامة للمرور والتي
ضمنها ما توصلت إليه تحرياته. وكذا ما ورد بتقرير أبحاث التزييف والتزوير. لما كان
ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر
خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه إلا أنه يجب على المحكمة وهي
تقرر حصوله أن تستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها ما يوفر اعتقاداً سائغاً تبرره
الوقائع التي أثبتها الحكم. وكان من المقرر أيضاً أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن
تعول في تكوين عقيدتها على التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من أدلة إلا
أنها لا تصلح بمجردها أن تكون دليلاً كافياً بذاته أو قرينة مستقلة على ثبوت
الاتهام، وهي من بعد لا تعدو أن تكون مجرد رأى لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة
والبطلان والصدق والكذب. وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بتهمة الاشتراك مع
المتهمين الثالث والرابعة وآخر مجهول في تزوير محضر التصديق رقم ..... ولم يورد
الدليل على علمه بتزويره واتخذ من التحريات دليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام دون أن
يورد من الأدلة والقرائن ما يساندها، فإنه لا يكفي في هذا الصدد أن يكون الطاعن
الثاني هو الموثق لعقد المزور لأنه ليس من شأن ذلك حتماً أن تتوفر به جريمة
الاشتراك في التزوير مع العلم بتزويره، ومن ثم فإن استناد الحكم إلى أن الطاعن وهو
الموثق قد حرر بيانات التوثيق. وهي لا تكفي. لا يغير من حقيقة كونه اعتمد بصفة
أساسية على التحريات وحدها وهي لا تصلح دليلاً منفرداً في هذا المجال. فإن الحكم
المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله مما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعن الثاني
.... وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي وجوه طعنه، وللطاعنين الثالث .... و.....
وبالنسبة للطاعنة الأولى ..... التي لم يقبل طعنها شكلاً والمحكوم عليها حضورياً
...... التي لم تطعن على الحكم لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة دون حاجة إلى بحث
سائر أوجه الطعن المقدمة من الطاعنين الثالث والخامس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق