جلسة 3 من يونيو سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ عبد الرؤوف عبد الظاهر نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة القضاة/ أحمد عمر، حسين مسعود، محمد جمال الشربيني ومجدي عبد الرازق نواب
رئيس المحكمة.
-------------
(38)
الطعن 1252 لسنة 71 ق
(1) ارتباط.
عقوبة "تطبيقها" "عقوبة الجرائم المرتبطة" "عقوبة
الجريمة الأشد". محكمة النقض "سلطتها".
تطبيق المادة 32 عقوبات. مناطه؟
قضاء الحكم بعقوبتين مستقلتين عن
جرائم مرتبطة ومتساوية. أثره: لمحكمة النقض تصحيحه والحكم بعقوبة الجريمة الأشد.
أساس ذلك؟
مثال.
(2) نقض "التقرير بالطعن
وإيداع الأسباب. ميعاده" "أسباب الطعن. إيداعها".
التقرير بالطعن في الميعاد دون إيداع الأسباب. أثره: عدم قبول الطعن
شكلاً. أساس ذلك؟
(3) إكراه. توقيع سند بالقوة.
سرقة. ارتباط. عقوبة "عقوبة الجريمة الأشد". نقض "المصلحة في
الطعن".
النعي على الحكم بشأن جريمة الإكراه على توقيع سند بالقوة. غير مجد.
ما دامت محكمة النقض قد ألغت عقوبة هذه الجريمة ودانته بعقوبة السرقة بالإكراه
باعتبارها الجريمة الأشد.
(4) إثبات "بوجه عام"
"شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض
"أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم. موضوعي.
لمحكمة الموضوع تجزئة شهادة
الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه. علة ذلك؟
الجدل الموضوعي في
تقدير الدليل وسلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام محكمة النقض.
(5) إثبات "بوجه عام".
دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في
تقدير الدليل".
النعي بعدم إثبات دفوع الطاعن بمحضر الجلسة. لا محل له. طالما البين
منه أن المحكمة أثبتت ما أثاره محاميه من أوجه دفاع ودفوع.
الدفوع الموضوعية. لا
تستأهل رداً. استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. علة ذلك؟
(6) دعوى
مدنية. أهلية. دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية" "الدفع بعدم
أهلية المدعي لرفع الدعوى". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
سقوط حق الطاعن في التمسك بالدفع بعدم قبول الدعوى المدنية لعدم أهلية
طرفيها أمام محكمة النقض. ما دام لم يتمسك به أمام محكمة الموضوع. علة ذلك؟
--------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة المطعون ضدهما بعقوبتين مستقلتين عن الجرائم الثلاثة التي دانهما بها، إحداهما عن الجريمتين الأولى والثالثة والأخرى عن الثانية على الرغم مما تنبئ عنه صورة الواقعة كما أوردها الحكم من أن الجرائم الثلاث قد انتظمتهم خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض فتكونت منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها المشرع بالحكم الوارد بالمادة 32 من قانون العقوبات، مما كان يوجب الحكم على المطعون ضدهما بالعقوبة المقررة لإحدى الجريمتين الأولى أو الثانية لتساويهما في العقوبة، وباعتبار أن أياً منهما تعد هي الجريمة ذات العقوبة الأشد بالنسبة للجريمة الثالثة، ومن ثم يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء عقوبة الحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر المقضي بها عن الجريمة الثانية والحكم بعقوبة الجريمة الأولى باعتبارها الأشد بالنسبة للثالثة وإن تساوت مع عقوبة الجريمة الثانية، وذلك لما هو مقرر من أن المادة 32 سالفة الذكر وإن نصت على توقيع عقوبة الجريمة الأشد، إلا أنها دلت ضمناً بطريق اللزوم على أنه إذا تساوت العقوبات في حالتي التعدد المعنوي والارتباط بين الجرائم الذي لا يقبل التجزئة لا توقع سوى عقوبة واحدة منها .
2 - لما كان الطاعن الثاني وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه، ومن ثم فإنه يتعين القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً، عملاً بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة استمدها من أقوال المجني عليه وضابط الواقعة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان قد سبق القضاء في الطعن المقدم من النيابة العامة - على نحو ما سلف بيانه من قبل - بتصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء عقوبة الحبس المقضي بها عن جريمة الإكراه على توقيع سند مثبت لدين بالقوة، وإيقاع عقوبة الجريمة الأولى وهي جريمة السرقة بإكراه عن الجريمتين، ومن ثم فإن مصلحة الطاعن تكون منتفية في النعي على جريمة الإكراه على توقيع سند مثبت لدين، ويضحى ما يثيره في خصوص هذه الجريمة لا جدوى منه وبالتالي لا محل لبحث ما ينعاه على الحكم في هذه الوجه من النعي.
4 - من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها، وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها بالنسبة لمتهم آخر، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود وأخذت بتصويرهم للواقعة بالنسبة للطاعن والمحكوم عليه الثاني دون المتهم الذي قضت ببراءته، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن القضاء بإدانته رغم تبرئة المتهم الأول لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض.
5 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن محكمة الموضوع قد أثبتت ما أثاره محامي الطاعن من أوجه دفاع ودفوع، ومنها دفوعه بكذب واقعة الدعوى وتلفيقها ومجافاتها للعقل والمنطق والتأخير في الإبلاغ عنها، ومن ثم يكون ادعاؤه عدم إثبات تلك الدفوع بمحضر الجلسة لا محل له، ولا على الحكم إن هو أغفل الرد عليها لما أنها دفوع موضوعية لا تستأهل من الحكم رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها وصحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة ونسبتها إلى الطاعن والمحكوم عليه الآخر، فلا يعيب الحكم إن لم يتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
6 - من المقرر أنه إذ ادعى المجني عليه بحق مدني وكان قاصراً، ولم يدفع المدعى عليه بعدم أهليته لرفع الدعوى، بل ترافع في الموضوع وصدر الحكم عليه، فإن ذلك - لما فيه من قبول للتقاضي مع القاصر - يسقط حقه في التمسك بالدفع أمام محكمة النقض، وإذ كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن محامياً حضر مع الطاعن كما حضر محام عن المجني عليه المدعي بالحقوق المدنية، وترافعا في الدعوى، دون أن يدفع الطاعن بعدم قبول الدعوى المدنية قبله لعدم بلوغه سن الرشد، وهو دفع من الدفوع القانونية التي يخالطها واقع، فلا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض أو يعترض على قبولها والسير فيها، لأن رافعها المجني عليه ناقص الأهلية، ومن ثم فإن النعي على الحكم بأنه قبل الدعوى المدنية المرفوعة من ناقص الأهلية على ناقص الأهلية يكون غير مقبول.
--------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر سبق الحكم عليه بأنهم: أولاً: (1)
سرقوا المبلغ النقدي وجهاز التليفون المحمول المبين بالأوراق والمملوكين لـ.....
وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليه، وذلك بأن استدرجه المتهم الأول إلى مكان
انتظار باقي المتهمين بمنطقة نائية خالية من الآدميين وأشهر المتهم الثاني في وجهه
سلاحاً أبيض كان يحمله - سكين - وقام المتهم الثالث وآخر لم يبلغ الخامسة عشر عام
بتوثيق يديه والتعدي عليه بالضرب ودفعه داخل الزراعات المجاورة للطريق، وتمكنوا
بهذه الوسيلة من الإكراه من شل مقاومته وإتمام السرقة. (2) أكرهوا المجني عليه
سالف الذكر على إمضاء شيكين على بياض، وذلك بأن استدرجه المتهم الأول إلى مكان
انتظار باقي المتهمين بالمنطقة سالفة الذكر، وأشهر المتهم الثاني في وجهه سلاحاً
أبيض كان يحمله - سكين - وقام المتهم الثاني بتوثيق يديه وضربه ودفعه داخل
الزراعات المجاورة للطريق وتمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من شل مقاومته، وحمله
على التوقيع على الشيكين سالفي الذكر. ثانياً: المتهم الثاني: أحرز سلاحاً أبيض
"سكين" دون أن يوجد لإحرازه أو حمله مسوغ من الضرورة الشخصية. وأحالتهما
إلى محكمة جنايات ..... لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى المجني عليه مدنياً قِبل المتهم الأول بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ
ألفي جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 314، 325 من قانون
العقوبات والمادتين 1/1، 25 مكرر/ من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل، والبند 6
من الجدول رقم 1 الملحق والمواد 2/1، 95 /1، 112 /1 من القانون رقم 12 لسنة 1996، مع
إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات، بمعاقبة المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة
سنة واحدة للتهمتين الأولى والثالثة وبالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر في التهمة
الثانية، وإلزام المحكوم عليه الأول بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ ألفين جنيه
وواحد على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .....
إلخ.
---------------
المحكمة
أولاً: الطعن المقدم من النيابة العامة:
من حيث إن ما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان
المطعون ضدهما بجرائم السرقة بالإكراه، والإكراه على توقيع سند مثبت لدين بالقوة،
وإحراز سلاح أبيض بغير مسوغ، وقضى بمعاقبتهما عن الجريمتين الأولى والثالثة بالحبس
مع الشغل لمدة سنة وبالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر عن الثانية قد أخطأ في تطبيق
القانون، ذلك بأن واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم تنبئ عن قيام ارتباط لا يقبل
التجزئة بين الجرائم الثلاث يتعين معه إعمال المادة 32 من قانون العقوبات وتوقيع
عقوبة واحدة عنهم هي العقوبة المقررة لإحدى الجريمتين الأولى أو الثانية،
وباعتبارها الأشد بالنسبة للثالثة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة المطعون ضدهما بعقوبتين
مستقلتين عن الجرائم الثلاثة التي دانهما بها، إحداهما عن الجريمتين الأولى
والثالثة والأخرى عن الثانية على الرغم مما تنبئ عنه صورة الواقعة كما أوردها
الحكم من أن الجرائم الثلاث قد انتظمتهم خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها
البعض، فتكونت منهم مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها المشرع بالحكم الوارد
بالمادة 32 من قانون العقوبات، مما كان يوجب الحكم على المطعون ضدهما بالعقوبة
المقررة لإحدى الجريمتين الأولى أو الثانية لتساويهما في العقوبة، وباعتبار أن
أياً منهما تعد هي الجريمة ذات العقوبة الأشد بالنسبة للجريمة الثالثة، ومن ثم
يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء عقوبة الحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر المقضي
بها عن الجريمة الثانية، والحكم بعقوبة الجريمة الأولى باعتبارها الأشد بالنسبة
للثالثة، وإن تساوت مع عقوبة الجريمة الثانية، وذلك لما هو مقرر من أن المادة 32
سالفة الذكر، وإن نصت على توقيع عقوبة الجريمة الأشد، إلا أنها دلت ضمناً بطريق
اللزوم على أنه إذا تساوت العقوبات في حالتي التعدد المعنوي والارتباط بين الجرائم
الذي لا يقبل التجزئة لا توقع سوى عقوبة واحدة منها.
ثانياً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الثاني/ .....:
من حيث إن الطاعن الثاني وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم
يودع أسباباً لطعنه، ومن ثم فإنه يتعين القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً، عملاً بنص
المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57
لسنة 1959.
ثالثاً: الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول/ .....:
ومن حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم
السرقة بإكراه والإكراه على توقيع سند مثبت لدين بالقوة، وإحراز سلاح أبيض بغير
مسوغ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون
والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم عول في إدانته بجريمة الإكراه على توقيع سند
مثبت لدين بالقوة وعلى أقوال المجني عليه مع أنها تفتقر إلى دليل يدعمهما، وأن
المحكمة دانته عن الجرائم المسندة إليه وهو مجرد شريك فيها مع أنها سبق وأن قضت
ببراءة الفاعل الأصلي لتلك الجرائم، مما كان لازمه القضاء ببراءته هو أيضاً منها،
وبالرغم من أن المدافع عنه كان قد أثار ذلك بجلسة المحاكمة، كما أثار الدفع بعدم
معقولية الواقعة وأيضاً التراخي في الإبلاغ، وعدم قبول الدعوى المدنية لانعدام صفة
طرفيها المدعي والمدعى عليه، إلا أن المحكمة لم تثبت أوجه الدفاع والدفوع تلك
بمحضر الجلسة ولم ترد عليها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة
الأركان القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة
استمدها من أقوال المجني عليه وضابط الواقعة، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى
ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان قد سبق القضاء في الطعن المقدم من النيابة
العامة - على نحو ما سلف بيانه من قبل - بتصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء عقوبة
الحبس المقضي بها عن جريمة الإكراه على توقيع سند مثبت لدين بالقوة، وإيقاع عقوبة
الجريمة الأولى وهي جريمة السرقة بإكراه عن الجريمتين، ومن ثم فإن مصلحة الطاعن
تكون منتفية في النعي على جريمة الإكراه على توقيع سند مثبت لدين، ويضحى ما يثيره
في خصوص هذه الجريمة لا جدوى منه، وبالتالي لا محل لبحث ما ينعاه على الحكم في هذه
الوجه من النعي. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم
هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها، وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها
واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها بالنسبة لمتهم آخر، وإذ كانت
المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود، وأخذت بتصويرهم للواقعة بالنسبة للطاعن
والمحكوم عليه الثاني دون المتهم الذي قضت ببراءته، وكان من حق محكمة الموضوع أن
تجزئ شهادة الشاهد، فتأخذ منها بما تطمئن إليه، وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها
في تقدير أدلة الدعوى، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن القضاء بإدانته رغم تبرئة
المتهم الأول لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل، وفي سلطة محكمة
الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه
أمام محكمة النقض لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن محكمة الموضوع
قد أثبتت ما أثاره محامي الطاعن من أوجه دفاع ودفوع، ومنها دفوعه بكذب واقعة
الدعوى وتلفيقها ومجافاتها للعقل والمنطق والتأخير في الإبلاغ عنها، ومن ثم يكون
ادعاؤه عدم إثبات تلك الدفوع بمحضر الجلسة لا محل له، ولا على الحكم إن هو أغفل
الرد عليها لما أنها دفوع موضوعية لا تستأهل من الحكم رداً طالما كان الرد مستفادا
من أدلة الثبوت التي أوردها وصحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة ونسبتها إلى
الطاعن والمحكوم عليه الآخر، فلا يعيب الحكم إن لم يتعقب المتهم في كل جزئية من
جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في
هذا الصدد غير سديد.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذ ادعى المجني عليه بحق مدني وكان
قاصراً، ولم يدفع المدعى عليه بعدم أهليته لرفع الدعوى، بل ترافع في الموضوع وصدر
الحكم عليه، فإن ذلك - لما فيه من قبول للتقاضي مع القاصر - يسقط حقه في التمسك
بالدفع أمام محكمة النقض، وإذ كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن محامياً حضر مع
الطاعن كما حضر محام عن المجني عليه المدعي بالحقوق المدنية، وترافعا في الدعوى،
دون أن يدفع الطاعن بعدم قبول الدعوى المدنية قبله لعدم بلوغه سن الرشد، وهو دفع
من الدفوع القانونية التي يخالطها واقع، فلا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض أو
يعترض على قبولها والسير فيها؛ لأن رافعها المجني عليه ناقص الأهلية، ومن ثم فإن
النعي على الحكم بأنه قبل الدعوى المدنية المرفوعة من ناقص الأهلية على ناقص
الأهلية يكون غير مقبول لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس
متعينا رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق