منشور بالجريدة الرسمية العدد 45 مكرر (و) في 16/11/2016 ص 157
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -
في أن النيابة العامة كانت قد اتهمت المدعي بأنه بتاريخ 25/3/2012، بدائرة قسم
مركز المراغة بمحافظة سوهاج، أحرز سلاحا ناريا مششخنا بندقية آلية سريعة الطلقات
مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه، وكذلك حيازة ذخائر مما يستعمل في هذا
السلاح، وقيدت الدعوى ضده بالجناية رقم 5814 لسنة 2012 مركز المراغة، ورقم 698
لسنة 2012 كلي شمال سوهاج، وقدمته إلى المحاكمة الجنائية أمام محكمة جنايات سوهاج،
التي قضت بجلسة 22/10/2012، حضوريا بمعاقبته بالسجن المشدد مدة ثلاث سنوات،
وتغريمه خمسة آلاف جنيه، ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة، استنادا إلى نصوص
المواد (1/2 و6 و26/ 3-4 و30/1) من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة
والذخائر، والبند (ب) من القسم الثاني من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون، فطعن كل
من المدعي والنيابة العامة على هذا الحكم بالنقض، فقضت محكمة النقض بجلسة
11/2/2014، برفض الطعن المقدم من المدعي، وبقبول طعن النيابة العامة شكلا ونقض ذلك
الحكم وجعل العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها على المدعي هي السجن المؤبد
بالإضافة لعقوبتي الغرامة والمصادرة، لأسباب حاصلها خطأ الحكم في تطبيق القانون
لإعماله مقتضى حكم المادة (17) من قانون العقوبات خلافا لنص الفقرة الأخيرة من
المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954، بعد تعديله بالمرسوم بالقانون رقم 6
لسنة 2012، التي حظرت على المحاكم الجنائية عند توقيع العقوبة على جرائم السلاح
المنصوص عليها في أي من فقرات هذه المادة، تطبيق نص المادة (17) من قانون العقوبات
التي تنظم قواعد الرأفة، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بجلسة 8/11/2014
في القضية رقم 196 لسنة 35 قضائية "دستورية"؛ بعدم دستورية نص الفقرة
الأخيرة من المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر،
المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012، فيما تضمنه من
استثناء تطبيق أحكام المادة (17) من قانون العقوبات، بالنسبة للجريمتين المنصوص
عليهما بالفقرتين الثالثة والرابعة من المادة ذاتها، ثم قضت بجلسة 14/2/2015 في
القضية رقم 78 لسنة 36 قضائية "دستورية"؛ بعدم دستورية نص الفقرة
الأخيرة من المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر،
المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012، فيما تضمنه من
استثناء تطبيق أحكام المادة (17) من قانون العقوبات، بالنسبة للجريمة المنصوص
عليها بالفقرة الثانية من المادة ذاتها، وإذا ارتأى المدعي أن الحكم الصادر من
محكمة النقض المشار إليه يعتبر عقبة أمام تنفيذ حكمي المحكمة الدستورية العليا
السالفي البيان، فقد أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة
والذخائر، المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 تنص على
أن: "يعاقب بالسجن وغرامة لا تجاوز خمسة آلاف جنيه كل من يحوز أو يحرز،
بالذات أو بالواسطة، بغير ترخيص، سلاحا من الأسلحة المنصوص عليها بالجدول رقم (2)
المرافق.
ويعاقب بالسجن المشدد وغرامة لا تجاوز خمسة عشر ألف جنيه كل من يحوز
أو يحرز، بالذات أو بالواسطة، بغير ترخيص، سلاحا من الأسلحة المنصوص عليها بالقسم
الأول من الجدول رقم (3) المرافق.
وتكون العقوبة السجن المؤبد، وغرامة لا تجاوز عشرين ألف جنيه إذا كان
الجاني حائزا أو محرزا، بالذات أو بالواسطة، سلاحا من الأسلحة المنصوص عليها
بالقسم الثاني من الجدول رقم (3).
ويعاقب بالسجن وغرامة لا تجاوز خمسة آلاف جنيه كل من يحوز أو يحرز،
بالذات أو بالواسطة، ذخائر مما تستعمل في الأسلحة المنصوص عليها بالجدولين رقمي
(2و3).
وتكون العقوبة السجن المؤبد وغرامة لا تجاوز عشرين ألف جنيه إذا كان
الجاني من الأشخاص المذكورين بالبنود من (ب) إلى (و) من المادة (7) من هذا القانون.
ومع عدم الإخلال بأحكام الباب الثاني مكررا من قانون العقوبات، تكون
العقوبة السجن المشدد أو المؤبد .....
واستثناء من أحكام المادة (17) من قانون العقوبات، لا يجوز النزول
بالعقوبة بالنسبة للجرائم الواردة في هذه المادة.
وتنص المادة (17) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937
على أن: "يجوز في مواد الجنايات – إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من أجلها
الدعوى العمومية رأفة القضاة – تبديل العقوبة على الوجه الآتي:
- عقوبة الإعدام بعقوبة السجن المؤبد أو المشدد.
- عقوبة السجن المؤبد بعقوبة السجن المشدد أو السجن.
- عقوبة السجن المشدد بعقوبة السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة
أشهر.
- عقوبة السجن بعقوبة الحبس التي لا يجوز أن تنقص عن ثلاثة أشهر".
وحيث إن المدعي أقام منازعة التنفيذ المعروضة؛ على سند من القول بأن
الحكم الصادر من محكمة النقض بنقض حكم محكمة جنايات سوهاج وتعديل العقوبة المقضي
بها من السجن المشدد ثلاث سنوات إلى السجن المؤبد، لإعماله قواعد الرأفة المنصوص
عليها في المادة (17) من قانون العقوبات خلافا لنص المادة (26) من القانون رقم 394
لسنة 1954 السالف البيان بعد تعديلها بالمرسوم بالقانون رقم 6 لسنة 2012، ونصها في
الفقرة الأخيرة منها على حظر تطبيق المادة (17) من قانون العقوبات، يعد عائقا يحول
دون إعمال الأثر الرجعي للحكمين الصادرين من المحكمة الدستورية العليا في القضيتين
رقمي 196 لسنة 35 قضائية "دستورية" بجلسة 8/11/2014 و78 لسنة 36 قضائية
بجلسة 14/2/2015.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قوام منازعة التنفيذ التي تختص
المحكمة الدستورية العليا بالفصل فيها وفقا لنص المادة (50) من قانونها الصادر
بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تعترض تنفيذ حكمها عوائق تحول قانونا – بمضمونها –
دون اكتمال مداه، أو تقيد اتصال حلقاته، بما يعرقل جريان آثاره كاملة أو يحد منها،
ومن ثم تكون هذه العوائق هي محل منازعة التنفيذ التي تستهدف إنهاء الآثار
القانونية الناشئة عنها أو المترتبة عليها، وتتدخل المحكمة الدستورية العليا
لإزاحة هذه العوائق التي يفترض أن تكون قد حالت فعلا، أو من شأنها أن تحول، دون
تنفيذ أحكامها تنفيذا صحيحا مكتملا، وسبيلها في ذلك الأمر بالمضي في تنفيذ
أحكامها، وعدم الاعتداد بذلك الحائل الذي عطل مجراه، بيد أن تدخل هذه المحكمة لهدم
عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص
الطبيعيين والاعتباريين جميعهم دون تمييز يفترض أمرين؛ أولهما: أن تكون هذه العوائق
– سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها – حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة
لنطاقها، ثانيهما: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيا بها ممكنا. فإذا
لم تكن لها بها من صلة فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة
عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها.
وحيث إن الخصومة في الدعوى الدستورية - وهي بطبيعتها من الدعاوى
العينية – قوامها – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – مقابلة النصوص التشريعية
المطعون عليها أحكام الدستور؛ تحريا لتطابقها معها إعلاء للشرعية الدستورية، ومن
ثم تكون هذه النصوص ذاتها هي موضوع الدعوى الدستورية أو هي بالأحرى محلها،
وإهدارها بقدر تهاترها مع أحكام الدستور هي الغاية التي تبتغيها هذه الخصومة، وأن
الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في تلك الدعوى يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية
التي كانت مثارا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلا حاسما بقضائها،
ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى لو تطابقت في مضمونها، كما أن قوة الأمر المقضي
لا تلحق سوى منطوق الحكم وما يتصل به من أسباب اتصالا حتميا بحيث لا تقوم له قائمة
إلا بها.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان المدعي قدم إلى المحاكمة الجنائية استنادا
إلى نص الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954 في
شأن الأسلحة والذخائر المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة
2012، ولم يقدم بالفقرة الثانية منها، وكان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية
العليا في القضية الدستورية رقم 78 لسنة 36 قضائية بجلسة 14/2/2015، قد قضى بعدم
دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (26) من قانون الأسلحة والذخائر السالف
البيان فيما تضمنه من استثناء تطبيق أحكام المادة (17) من قانون العقوبات بالنسبة
للجريمة المنصوص عليها بالفقرة الثانية من المادة ذاتها، ومن ثم لا يتصور أن يكون
الحكم المحتج عليه عقبة في سبيل تنفيذ هذا الحكم الدستوري لاختلاف محل كل منهما.
وحيث إن المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر
بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن: "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية
وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة .......
فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقا بنص جنائي، تعتبر الأحكام التي
صدرت بالإدانة استنادا إلى ذلك النص كأن لم تكن. ويقوم رئيس هيئة المفوضين بتبليغ
النائب العام بالحكم فور النطق به لإجراء مقتضاه".
وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن قانونها –
ضمانا لصون الحرية الشخصية التي كفلها الدستور واعتبرها من الحقوق الطبيعية التي
لا يجوز الإخلال بها عدوانا – قد نص في المادة (49) منه على أنه إذا كان الحكم
بعدم الدستورية متعلقا بنص جنائي؛ فإن أحكام الإدانة الصادرة استنادا إليه تعتبر
كأن لم تكن. وهو ما يعني سقوطها بكل آثارها ولو صار الطعن فيها ممتنعا، لتفارقها
قوة الأمر المقضي التي قارنتها، وتلك هي الرجعية الكاملة التي أثبتها قانون
المحكمة الدستورية العليا لأحكامها الصادرة بإبطال النصوص العقابية، وهي – بعد –
رجعية لا قيد عليها ولا عاصم منها، بل يكون أثرها جارفا لكل عائق على خلافها ولو
كان حكما باتا.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى كذلك على أن التفسير المنطقي السديد
لما ورد بالمذكرة الإيضاحية لقانون هذه المحكمة؛ بشأن إعمال الأثر الرجعي للحكم
الصادر منها بعدم دستورية نص جنائي صدر بالإدانة، واعتباره كأن لم يكن ولو كان
باتا، ينسحب إلى الأحكام التي تزيل وصف التجريم أو تضيق من مجاله؛ باعتباره وضعا
تأباه العدالة إذا ما أسقط الحكم هذا الوصف عن الأفعال التي ارتكبها المتهم، أو عن
طريق تعديل تكييفها، أو بتغيير بنيان بعض عناصرها، بما يمحو عقوبتها كلية أو
يجعلها أقل وطأة؛ استنادا إلى أن هذا الحكم يسري في شأن الأحكام السابقة على صدوره
ولو كانت باتة، طبقا لما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية
العليا المشار إليه.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية
العليا بجلسة 8/11/2014 في القضية رقم 196 لسنة 35 قضائية "دستورية"
بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (26) من القانون رقم 394 لسنة 1954 في
شأن الأسلحة والذخائر، المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة
2012 فيما تضمنه من استثناء تطبيق أحكام المادة (17) من قانون العقوبات بالنسبة
للجريمتين المنصوص عليهما بالفقرتين الثالثة والرابعة من المادة ذاتها، ولئن لم
يتعرض – سواء في منطوقه أو ما يتصل به من أسباب اتصالا حتميا – للفصل في دستورية
أي من نصوص مواد الاتهام المسندة إلى المدعي بارتكاب الجرائم التي دين على أساسها،
إلا أنه إذ انتهى إلى عدم دستورية نص الفقرة المشار إليها، فإن أثره ينصرف إلى
إزالة القيد الوارد على السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بنص الفقرة الأخيرة من
المادة (26) المشار إليها، وهو القيد المتمثل في عدم جواز النزول بالعقوبة؛ بما
يمكن المحاكم الجنائية على اختلاف درجاتها أن تجعل حكمها – بعد إزالة هذا القيد –
أقل وطأة؛ متى ارتأت استعمال سلطتها التقديرية طبقا لنص المادة (17) من قانون
العقوبات. متى كان ذلك، وكان حكم محكمة الجنايات المشار إليه قد أعمل مقتضى نص المادة
(17) من قانون العقوبات، إلا أن حكم محكمة النقض – وهو الحكم الذي يطلب المدعي عدم
الاعتداد به في منازعة التنفيذ الراهنة – إذ قضى بتشديد العقوبة في قضية الجناية
المشار إليها استنادا إلى عدم جواز إعمال المحكمة حكم هذه المادة، يغدو مخالفا لما
قضت به المحكمة الدستورية العليا في حكمها الآنف الذكر، وتبعا لذلك يشكل عقبة عطلت
تنفيذ هذا الحكم؛ مما يتعين معه القضاء بإزالتها.
وحيث إن طلب المدعي وقف تنفيذ حكم محكمة النقض المشار إليه بصفة
مستعجلة, فإن هذا الطلب المستعجل يعد فرعا من أصل النزاع المعروض، وإذ قضت هذه
المحكمة في موضوع النزاع على النحو السالف البيان؛ فإن مباشرتها اختصاص البت في
طلب وقف تنفيذ ذلك الحكم قد باتت غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا
الصادر بجلسة 8/11/2014, في القضية رقم 196 لسنة 35 قضائية "دستورية",
وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق