جلسة 14 من مايو سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة القضاة/ علي فرجاني، حمدي ياسين، صبري شمس الدين نواب رئيس المحكمة ومحمود
رسلان.
--------------
(33)
الطعن 7961 لسنة 78 ق
(1) نقض "التقرير بالطعن
وإيداع الأسباب. ميعاده" "أسباب الطعن. إيداعها".
التقرير بالطعن بالنقض. هو مناط اتصال المحكمة به. إيداع الأسباب التي
بني عليها في الميعاد. شرط لقبوله.
التقرير بالطعن في الميعاد دون تقديم الأسباب.
أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) دفوع "الدفع بصدور إذن
التفتيش بعد الضبط والتفتيش". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة
الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع
الضبط بناءً على الإذن رداً عليه.
(3) إثبات "بوجه عام".
إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "المصلحة في الطعن"
"أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نعي الطاعن عدم عرضه على النيابة خلال أربع وعشرين ساعة من القبض
عليه. غير مجد. طالما أنه لا يدعي أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج من أدلة
الدعوى.
(4) إثبات "اعتراف".
دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا
يوفره". إجراءات "إجراءات التحقيق". محكمة الموضوع "سلطتها في
تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الاعتراف في المسائل الجنائية. موضوعي. للمحكمة البحث في صحة ما
يدعيه المتهم في انتزاعه منه بالإكراه والأخذ به. متى اطمأنت إليه.
تعييب
الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
النعي على
المحكمة عدم ردها على دفاع لم يثر أمامها. غير جائز.
الجدل الموضوعي في تقدير
الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
مثال.
(5) سرقة. حكم "ما لا يعيبه
في نطاق التدليل".
خطأ الحكم في بيان مالك المسروقات. لا يؤثر في سلامته. كفاية ثبوت أن
المسروقات ليست ملكاً للمتهم.
(6) إثبات "أوراق
رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية. للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي
ولو حملته أوراق رسمية. شرط ذلك؟
(7) إجراءات "إجراءات
المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي على المحكمة عدم الاستجابة إلى طلب سماع شاهد نفي. لم يبد لها.
غير مقبول.
(8) جريمة "أركانها".
سرقة. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة السرقة. ماهيته؟
عدم تحدث الحكم عن نية
السرقة. لا يعيبه. ما دام قد خلص في بيان كاف إلى توافر أركانها والدليل عليها.
(9) إثبات "بوجه عام"
"شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" "سلطتها
في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير
معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
وزن أقوال الشهود
وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة شاهد؟
الجدل موضوعي في تقدير الدليل.
غير جائز أمام النقض.
------------
1 - لما كان الطاعنين ... و... و... و... وإن قرروا بالطعن في الحكم بطريق النقض في الميعاد، إلا أنهم لم يودعوا الأسباب التي بنوا عليها طعنهم. ولما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة بالطعن وأن إيداع أسبابه - في الميعاد الذي حدده القانون - هو شرط لقبوله. وأن التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه. فإنه يتعين - والحال أن هؤلاء الطاعنين لم يودعوا أسباب الطعن المقدم منهم - القضاء بعدم قبوله شكلاً.
2 - لما كان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى أن الضبط كان لاحقاً على الإذن الصادر به، استناداً إلى وقت صدور الإذن والمواقيت المبينة بمحضر الضبط، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالضبط بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي، فإنه يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
3 - من المقرر أنه لا جدوى مما يثيره الطاعن من عدم عرضه على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه - بفرض صحته -، طالما أنه لا يدعي أن هذا الإجراء، قد أسفر عن دليل منتج من أدلة الدعوى، ومن ثم فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد نفى أن الاعتراف المنسوب إلى الطاعن كان وليد إكراه استناداً إلى أنه قول مرسل لا دليل عليه، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أن هذا الاعتراف إنما كان عن طواعية واختيار، ولم يكن نتيجة إكراه واقتنعت بسلامته وصحته، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون محاولة لإعادة الجدل في تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، أما ما يثيره الطاعن من أساس للدفع ببطلان الاعتراف لصدوره على أثر قبض واستجواب - في تحقيق النيابة - باطلين، فمردود بما هو مقرر من أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، وإذ كان الثابت من محضري جلستي المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بأن اعترافه سالف الذكر قد جاء وليد قبض باطل، ونتيجة استجوابه في تحقيقات النيابة في غيبة محاميه -، وهو ما أثاره جديداً في طعنه -، فليس للطاعن أن ينعي على المحكمة عدم ردها على دفاع لم يثر لديها، ولا يقبل منه الدفع بشيء من ذلك أمام محكمة النقض لأول مرة.
5 - متى كان ما يثيره الطاعن في شأن خطأ الحكم في مالك الماشية المسروقة، مردوداً بأن خطأ الحكم في هذا الصدد - على فرض حصوله - لا يؤثر في سلامته ما دام الثابت بالحكم أن المضبوطات ليست مملوكة للطاعن. الأمر الذي لا ينازع فيه الطاعن، ذلك بأنه من المقرر أنه يكفي للعقاب على جريمة سرقة ثبوت أن المسروق ليس ملكاً للمتهم.
6 - من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم إطراحه الإقرار الرسمي الصادر من الشاهد ...، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، ومن ثم فبحسب المحكمة أن أقامت الأدلة على مقارفة الطاعن للجريمة التي دين بها بما يحمل قضاءها، وهو ما يفيد ضمناً أنها لم تأخذ بدفاعه.
7 - متى كان الثابت من مراجعة محضري جلستي المحاكمة أن المدافع عن الطاعن ترافع في الدعوى طالباً البراءة، ولم يبد للمحكمة أي طلبات، فإنه لا يكون للطاعن من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن الاستجابة إلى طلب سماع شاهد نفي، ومن ثم فإن دعوى الإخلال بحق المتهم في الدفاع تكون غير قائمة.
8 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه بنية تملكه، فإن ما يثيره الطاعن من انتفاء نية السرقة لديه مردود، ذلك أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد خلص في بيان كاف إلى توافر أركان جريمة السرقة - بظروفها المشددة - وتوافر الدليل عليها، فلا يعيبه عدم تحدثه صراحة عن نية السرقة.
9 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدله مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بدعوى عدم معقوليتها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع، ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم: 1- سرقوا الدواب المبينة
وصفاً بالأوراق والمملوكة للمجني عليه/ ... من الحظيرة خاصته، وذلك بأن قاموا بكسر
بابها والدلوف إليها مستخدمين أسلحة بيضاء كانت بحوزتهم، فتمكنوا من إتمام
الجريمة، وكان ذلك ليلاً. 2- أحرزوا بغير ترخيص أسلحة بيضاء بدون مسوغ من الضرورة
الشخصية أو الحرفية. وأحالتهم إلى محكمة جنايات ... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف
الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً للرابع، وحضورياً لباقي
المتهمين، وعملاً بالمادة 316 من قانون العقوبات، والمادتين 1/1، 25 مكرراً/1 من
القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981
والجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول وقرار وزير الداخلية، مع إعمال المادتين 17،
32 /1 من قانون العقوبات بمعاقبتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عن التهمة المسندة
إليهم.
فطعن المحكوم عليهم جميعاً عدا الرابع في هذا الحكم بطريق النقض ...
إلخ.
---------------
المحكمة
حيث إن الطاعنين ..... و.... و.... و.... وإن قرروا بالطعن في الحكم
بطريق النقض في الميعاد، إلا أنهم لم يودعوا الأسباب التي بنوا عليها طعنهم. ولما
كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة
بالطعن وأن إيداع أسبابه - في الميعاد الذي حدده القانون - هو شرط لقبوله. وأن
التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم
فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه. فإنه يتعين - والحال أن هؤلاء الطاعنين لم
يودعوا أسباب الطعن المقدم منهم - القضاء بعدم قبوله شكلاً.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي
السرقة ليلاً مع تعدد الجناة وحمل السلاح وإحراز سلاح أبيض بغير مسوغ قد شابه
القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الطاعن دفع
ببطلان القبض عليه لوقوعه قبل صدور الأمر به من النيابة العامة، وبأنه لم يعرض
عليها في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه، كما دفع ببطلان اعترافه بتحقيق
النيابة لما شابه من إكراه وصدوره إثر قبض باطل ثم استجوابه بدون حضور محام معه،
إلا أن الحكم قد أعرض عن هذه الدفوع، ولم يرد رداً سائغاً يبرر رفضها، هذا إلى أن
الماشية المدعى سرقتها ليست مملوكة للمجني عليه، وإنما لـ ..... بدلالة الإقرار
الرسمي الصادر منه، ولم تجب المحكمة طلب الطاعن سماع شهادة شاهد النفي المذكور،
كما خلت الأوراق من توافر نية السرقة لديه، وأخيراً لم يعرض الحكم لدفاع الطاعن
القائم على استحالة حدوث الواقعة وفقاً لتصوير ضابطها، مما يعيب الحكم ويستوجب
نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة
العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه
أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد
أفصح عن اطمئنانه إلى أن الضبط كان لاحقاً على الإذن الصادر به، استناداً إلى وقت
صدور الإذن والمواقيت المبينة بمحضر الضبط، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن
بالضبط بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي، فإنه يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى
وقوع الضبط بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها، ومن ثم فإن ما ينعاه
الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا جدوى مما يثيره الطاعن
من عدم عرضه على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه - بفرض
صحته - طالما أنه لا يدعي أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج من أدلة الدعوى ومن
ثم فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه
قد نفى أن الاعتراف المنسوب إلى الطاعن كان وليد إكراه استناداً إلى أنه قول مرسل
لا دليل عليه، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي
تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها دون
غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه
بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت، كان لها أن
تأخذ به بما لا معقب عليها، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أن هذا
الاعتراف إنما كان عن طواعية واختيار، ولم يكن نتيجة إكراه، واقتنعت بسلامته
وصحته، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون محاولة لإعادة الجدل في
تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، أما ما يثيره الطاعن من أساس
للدفع ببطلان الاعتراف لصدوره على أثر قبض واستجواب - في تحقيق النيابة - باطلين،
فمردود بما هو مقرر من أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته
أمام محكمة النقض، وإذ كان الثابت من محضري جلستي المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام
محكمة الموضوع بأن اعترافه سالف الذكر قد جاء وليد قبض باطل ونتيجة استجوابه في
تحقيقات النيابة في غيبة محاميه - وهو ما أثاره جديداً في طعنه -، فليس للطاعن أن
ينعي على المحكمة عدم ردها على دفاع لم يثر لديها، ولا يقبل منه الدفع بشيء من ذلك
أمام محكمة النقض لأول مرة. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في شأن خطأ الحكم
في مالك الماشية المسروقة، مردوداً بأن خطأ الحكم في هذا الصدد - على فرض حصوله -
لا يؤثر في سلامته ما دام الثابت بالحكم أن المضبوطات ليست مملوكة للطاعن، الأمر
الذي لا ينازع فيه الطاعن، ذلك بأنه من المقرر أنه يكفي للعقاب على جريمة سرقة
ثبوت أن المسروق ليس ملكاً للمتهم. لما كان ذلك، وكان لا ينال من سلامة الحكم
إطراحه الإقرار الرسمي الصادر من الشاهد/ ...، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية
إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في
العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في
الدعوى، ومن ثم فبحسب المحكمة أن أقامت الأدلة على مقارفة الطاعن للجريمة التي دين
بها بما يحمل قضاءها وهو ما يفيد ضمناً أنها لم تأخذ بدفاعه. لما كان ذلك، وكان
الثابت من مراجعة محضري جلستي المحاكمة أن المدافع عن الطاعن ترافع في الدعوى
طالباً البراءة ولم يبد للمحكمة أي طلبات، فإنه لا يكون للطاعن من بعد أن ينعي على
المحكمة قعودها عن الاستجابة إلى طلب سماع شاهد نفي، ومن ثم فإن دعوى الإخلال بحق
المتهم في الدفاع تكون غير قائمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي
في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول
المملوك للغير من غير رضاء مالكه بنية تملكه، فإن ما يثيره الطاعن من انتفاء نية
السرقة لديه مردود ذلك أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد خلص في بيان
كاف إلى توافر أركان جريمة السرقة - بظروفها المشددة - وتوافر الدليل عليها، فلا
يعيبه عدم تحدثه صراحة عن نية السرقة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة
الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى
ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدله مقبولة في العقل والمنطق، ولها أصلها الثابت
في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً
لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع
الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد
اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من
منازعة في صورة الواقعة بدعوى عدم معقوليتها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل
مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع، ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما
تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق