جلسة 25 من مارس سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ محمد مصباح شرابيه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد غرياني، حسين السيد متولي، عبد الحميد الحلفاوي نواب رئيس المحكمة وعبد الجواد موسى.
---------------
(105)
الطعن رقم 202 لسنة 62 القضائية "أحوال شخصية"
(1) حكم. إثبات "الدليل الكتابي: الرسائل". محكمة الموضوع. أحوال شخصية.
الرسائل الموقع عليه حُجة على المُرسل بصحة المدوّن فيها إلى أن يثبت عكسها. خضوعها لتقدير قاضي الموضوع طالما بُني على أسباب سائغة. الزوج في علاقته بزوجته ليس من الغير في صدد السرية المقررة للمكاتبات. علة ذلك. مؤداه لكل منهما الاحتجاج بما تتضمنه الرسالة الموقعة من الآخر بما تحمله من دليل لصالحه في شئون الزوجية دون البحث في مشروعية الحصول عليها. (مثال في أحوال شخصية).
(2) استئناف. حكم "تسبيب الحكم الاستئنافي".
إلغاء محكمة الاستئناف للحكم الابتدائي. عدم التزامها بالرد على أسبابه ما دامت أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن محكمة الاستئناف غير ملزمة بالرد على أسباب الحكم الذي قضت بإلغائه ما دامت قد أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 1878 لسنة 1990 كلي أحوال شخصية شمال القاهرة على الطاعن بطلب الحكم بتطليقها عليه طلقة بائنة، وقالت بياناً لدعواها إنها زوج له ودخل بها وأنه دأب على سبها وضربها واستحالت العشرة بينهما، ومن ثم أقامت الدعوى، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت شاهدي المطعون ضدها، حكمت بتاريخ 19/ 12/ 1991 برفض الدعوى، استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 1041 لسنة 108 ق القاهرة، وبتاريخ 9/ 6/ 1992 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبتطليق المطعون ضدها على الطاعن طلقة بائنة، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي بها الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفى بيان ذلك يقول إن للرسائل الموقع عليها قوة الدليل الكتابي في الإثبات على ما تقضي به المادة 16 من قانون الإثبات، وأن المناط في الاحتجاج بها من غير المرسل إليه أن يكون قد حصل عليها بطريقة مشروعة، وكان الحكم المطعون فيه قد عوّل في قضائه بتطليق المطعون ضدها على الطاعن على ثبوت المضارة الموجبة للتطليق لسبه وقذفه لها بالرسالة التي قدمتها بالأوراق، في حين أنها مرسلة منه إلى ابنه منها، وإذا استند إليها الحكم دون أن يبين بمدوناته ما إذا كانت تلك الرسالة موقعاً عليها من الطاعن وما إذا كانت المطعون ضدها قد حصلت عليها بطريقة مشروعة ولم يُمحص أسباب الحكم الابتدائي بشأن عدم استناده لتلك الرسالة، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن - من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن للرسائل الموقع عليها قوة الدليل الكتابي من حيث الإثبات فتكون حجة على المرسل بصحة المدون فيها إلى أن يثبت هو العكس بالطرق المقررة في قانون الإثبات، والزوج في علاقته بزوجته ليس من الغير في صدد السرية المقررة للمكاتبات، فإن عشرتهما وسكون كل منهما إلى الآخر وما يفرضه عقد الزواج عليهما من تكاليف لصيانة الأسرة في كيانها وسمعتها يخوّل كلاً منهما ما لا يباح للغير من مراقبة الآخر في سلوكه وغير ذلك مما يتصل بالحياة الزوجية، ومن ثم حق لكل منهما الاحتجاج بما تتضمنه الرسالة الموقعة من الآخر بما تحمله من دليل لصالحه في شئون الزوجية، دون البحث فيما إذا كان قد حصل عليها بطريقة مشروعة، لما كان ذلك وكان الكتاب المرسل من أحد الخصوم إلى آخر يخضع لتقدير قاضي الموضوع فله بعد تقدير الظروف التي حرر فيها أن يعتبره دليلاً كاملاً أو مبدأ ثبوت بالكتابة أو مجرد قرينه أو لا يأخذ به أصلاً ولا معقب عليه في ذلك متى كان قد بنى تقديره على أسباب سائغة، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتطليق المطعون ضدها على الطاعن على ما أورده بأسبابه من أن الكتاب المرسل من الطاعن إلى ابنه منها تضمن اتهامها بالتبرج والتفريط في شرفها والخيانة الزوجية والانحطاط الخلقي، ولم يبد الطاعن ثمة دفع أو دفاع بشأن هذا الكتاب بما تتحقق به المضارة الموجبة للتطليق، وهذه أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم وتكفي لحمل قضائه وفيها الرد الضمني المسقط لما ساقه الطاعن، ولا على الحكم إذ اعتمد على ما تضمنته تلك الرسالة، ذلك أن المطعون ضدها ليست من الغير في علاقتها بالطاعن بحسبانها زوجاً له، بما لا محل معه لبحث ما إذا كانت قد حصلت عليها بوسيلة مشروعة، أما بصدد ما يثيره الطاعن من أن محكمة الاستئناف ألغت حكم محكمة أول درجة دون أن تفند أسبابه فيما ذهب إليه من عدم الأخذ بمضمون الرسالة المذكورة، فإن - من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن محكمة الاستئناف غير ملزمة بالرد على أسباب الحكم الذي قضت بإلغائه ما دامت قد أقامت قضاءها على ما يكفي تحمله، ومن ثم فإن النعي برمته يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق