(2) تضمن عقد البيع الابتدائي المحرر بين المطعون ضده الثالث بصفته وكيلا عن زوجته مالكة العقار والطاعنة الأولى بصفتها وصية على ابنتيها القاصرتين بيع الأول للثانية الشقة موضوع العقد قيام الواهب بدفع الثمن للبائع من ماله الخاص تبرعا منه لابنتيه دون حق الرجوع فيه حاليا أو مستقبلا واستلام المشترية للشقة ووضعها اليد عليها منذ تحرير العقد. قضاء الحكم المطعون فيه ببطلان عقد الهبة لعدم في الشكل الرسمي رغم قيام الواهب بتنفيذ الهبة مختارا خطأ.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأول والثانية أقام الدعوى رقم...... مدني الجيزة الابتدائية على الطاعنة الأولى بصفتها وصية على قاصرتيها ...... والطاعنة الثانية وعلى المطعون ضدهما الثالث والرابع طلبا للحكم ببطلان عقد البيع المؤرخ 14/2/1993 والذي بموجبه باع المطعون ضده الثالث للطاعنة بصفتها المذكورة الشقة المبينة بالصحيفة لقاء ثمن مقداره 93000 جنيه دفعه مورثهما المرحوم...... قبل وفاته تبرعا للقاصرتين من ماله الخاص حسبما جاء صراحة بالبند الثالث من عقد البيع ولما كان هذا التصرف ضارا بهما فقد أقاما الدعوى حكمت المحكمة برفض الدعوى استأنف المطعون ضدهما الأول والثانية ذلك الحكم بالاستئناف رقم ...... القاهرة وفيه قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وببطلان التصرف الذي حرر له العقد المؤرخ 14/2/1993 استنادا إلى أن الثمن الذي دفعه المورث من ماله تبرعا لابنتيه القاصرتين يعتبر هبة مكشوفة يستلزم أن تكون بورقة رسمية وإلا وقعت باطلة. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنتان على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني من سببي الطعن الخطأ في تطبيق القانون بقضائه ببطلان العقد موضوع النزاع على سند من أنه عقد هبة لمنقول لم يتم إفراغها في الشكل الرسمي رغم أن هذه الهبة تم تنفيذها اختيارا من الواهب بتسليم البائع ثمن الشقة موضوعه وقت البيع وقيام البائع بتسليم المشترية بصفتها الشقة تنفيذا لهذا العقد وهو ما يحول دون الحكم ببطلان الهبة واسترداد المال الموهوب الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه وإن كان يتعين إعمالا لحكم المادة 488 من القانون المدني أن تكون الهبة بورقة رسمية وإلا وقعت باطلة ما لم تتم ستار عقد آخر إلا أن النص في المادة 489 من ذات القانون على أنه "إذا قام الواهب أو ورثته مختارين بتنفيذ هبة باطلة لعيب في الشكل فلا يجوز لهم أن يستردوا ما سلموه" يدل على أن الهبة الباطلة لعيب في الشكل ترد عليها الإجازة عن طريق تنفيذها اختيارا من جانب الواهب أو ورثته بأن يكون الواهب أو الوارث عالما بأن الهبة باطلة لعيب في الشكل ومع ذلك يقوم بتنفيذها راضيا مختارا وهو على بينة من أمره بتسليم المال الموهوب إلى الموهوب له قاصدا من ذلك إجازة الهبة فتنقلب الهبة الباطلة إلى هبة صحيحة بهذه الإجازة الخاصة يستوي في ذلك أن يكون المال الموهوب عقارا أو منقولا ومتى انقلبت الهبة الباطلة إلى هبة صحيحة بهذه الإجازة فلا يجوز للواهب أو ورثته استرداد المال الموهوب الذي قاموا بتسليمه إعمالا لحكم المادة 489 من القانون المدني. لما كان ذلك, وكان البين من عقد البيع الابتدائي المؤرخ 14/2/1993 المحرر بين المطعون ضده الثالث بصفته وكيلا عن زوجته مالكة العقار والطاعنة الأولى بصفتها وصية على ابنتيها القاصرتين...... و....... أنه يتضمن بيع المطعون ضده الثالث للطاعنة بصفتها الشقة المبينة به لقاء ثمن مقداره 93000 جنيه قام الواهب...... بدفعه للبائع من ماله الخاص تبرعا منه لابنتيه دون حق الرجوع فيه حاليا أو مستقبلا وثابت كذلك من البند الخامس استلام المشترية للشقة ووضعت اليد عليها منذ تحرير العقد وكان يبين مما سلف قيام الواهب بتنفيذ الهبة مختارا رغم ما شابها من عيب شكلي وهو ما يخرج المال الموهوب من ذمته إلى ذمة الموهوب لهما فلا يجوز له أو لورثته من بعده استرداد ما تم تسليمه نفاذا لهذه الهبة التي انقلبت صحيحة ويمتلك بمقتضاها الموهوب لهما المال الموهوب وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان عقد الهبة لعدم إفراغه في الشكل الرسمي فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث السبب الأول من سببي الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم تقضي المحكمة بتأييد الحكم المستأنف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق