جلسة 24 من أكتوبر سنة 2023
برئاسة السيد القاضي/ عبد الرسول طنطاوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد زغلول ، أيمن مهران ، إبراهيم الخولي ومصطفى حسن نواب رئيس المحكمة
-----------------
(83)
الطعن رقم 4401 لسنة 92 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) إزعاج . قانون " تفسيره " .
الإزعاج وفقاً للمادة ٧٦ من القانون ١٠ لسنة ٢٠٠٣ . عدم اقتصاره على السب والقذف الواردين بالمادة ٣٠٨ مكرراً من قانون العقوبات . اتساعه لكل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجني عليه أياً كان نوع أجهزة الاتصالات أو الوسيلة المستخدمة .
مثال .
(3) إزعاج . دعوى جنائية " تحريكها " .
جريمة تعمد إزعاج ومضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات . لا يتوقف رفع الدعوى الجنائية فيها على شكوى . النعي في هذا الشأن . غير مقبول . علة ذلك ؟
(4) دفوع " الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر بألا وجه فيها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
مثال لرد سائغ على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر ضمني بألا وجه لإقامتها لحفظ الشكوى .
(5) تقنية المعلومات . إثبات " خبرة " . بطلان . دفوع " الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم استعانة المحقق بخبراء مقيدين بالجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بالمخالفة للقانون 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات ولائحته التنفيذية . لا يرتب بطلان التقارير الصادرة عن غيرهم . دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى الجنائية لبطلان التقرير لذلك السبب . غير مقبول . علة ذلك ؟
مثال .
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
للمحكمة الأخذ بقول الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة .
تأخر الشاهد في الإبلاغ عن الحادث . لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي بشأن التكييف القانوني للواقعة . منازعة في سلطة المحكمة في استخلاص صورتها مما تستقل به بغير معقب . حد ذلك ؟
مثال .
(8) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(9) إثبات " شهود " " خبرة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق . النعي في هذا الشأن .غير مقبول . علة ذلك ؟
(10) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . حد ذلك ؟
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها . كفاية استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(11) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
قضاء المحكمة بناءً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين لا على الفرض والاحتمال . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(12) إزعاج . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
لا تناقض بين تبرئة الطاعن من تهمة إرسال العديد من الرسائل الإلكترونية بكثافة للمجني عليه دون موافقته وإدانته بتعمد إزعاج ومضايقة الغير باستعمال أجهزة الاتصالات . علة ذلك؟
(13) تزوير " الادعاء بالتزوير " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بالتزوير من وسائل الدفاع الموضوعية . عدم التزام المحكمة بإجابته . علة ذلك ؟
اطراح المحكمة طلب الطعن بالتزوير على تقرير الفحص الفني والتحريات استناداً إلى اطمئنانها لسلامتهما . لا إخلال بحق الدفاع .
(14) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر حاجة لإجرائه . غير مقبول .
مثال .
(15) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة .
دفاع موضوعي لا تلتزم المحكمة بإجابته .
مثال .
(16) إثبات " بوجه عام " . قانون " تفسيره " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
حجية المحررات وإثبات صحتها محله أحكام الإثبات في المواد المدنية والتجارية . ليس في القانون ما يجبر المحاكم الجنائية على ترسمه . علة ذلك ؟
دفع الطاعن بجحد الصور الضوئية المقدمة من الشاكي . ظاهر البطلان . التفات الحكم عنه . لا إخلال بحق الدفاع . علة ذلك ؟
(17) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " المصلحة في الطعن " .
لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم التفاته عن الدفع بعدم قبول استئناف النيابة العامة . علة ذلك ؟
(18) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بتلفيق التهمة " " الدفع بشيوع التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . إثبات " أوراق رسمية " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بنفي التهمة وبانتفاء الصلة بالواقعة وبتلفيق الاتهام وكيديته وشيوعه وبعدم ارتكاب الجريمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي استخلص منها وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(19) مسئولية جنائية .
كون المتهم رجل أعمال ويعمل محامياً . لا يعفيه من المسئولية الجنائية ولا أثر له على قيام الجريمة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له .
2- من المقرر أن الإزعاج وفقاً لنص المادة ٧٦ من القانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٣ بشأن تنظيم الاتصالات لا يقتصر على السب والقذف اللذين وردا بنص المادة ٣٠٨ مكرراً من قانون العقوبات ، بل يتسع إلى كل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجني عليه ، أياً كان نوع أجهزة الاتصالات المستعملة أو الوسيلة المستخدمة ، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى المذكرة المقدمة من المجني عليه إلى مباحث تكنولوجيا المعلومات وما أثبته محرر محضر الضبط وتحريات الشرطة ومحضر الفحص الفني من قسم المساعدات الفنية بإدارة مباحث مكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات من تعمد الطاعن إزعاج المجني عليه بإساءة استعماله لأجهزة الاتصال المملوكة له بإنشاء حساب على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك باستخدام خط الهاتف المحمول رقم .... وأنه مستخدمه الفعلي ، وإرسال رسائل من ذات الخط على الهاتف المحمول للمجني عليه عبر تطبيق الواتس آب ، وإقرار الطاعن بأقواله بتحقيقات النيابة العامة في القضية رقم .... حصر جرائم اقتصادية لملكيته لخط الهاتف المحمول رقم .... وما ثبت للنيابة من مناظرة هاتفه المحمول في تلك القضية ، وهو ما تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها ، ويضحى معه النعي على الحكم بالقصور في التسبيب في غير محله .
3- من المقرر أن جريمة تعمد إزعاج ومضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات المعاقب عليها بمقتضى المادتين 166 مكرراً من قانون العقوبات و 76/2 من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 ليست من عداد الجرائم المشار إليها في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية والتي يتوقف رفع الدعوى بشأنها على شكوى ، وكان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناء بنص من الشارع ، وكانت النيابة العامة قد أقامت الدعوى ضد الطاعن عن الجريمة - المشار إليها - والتي دين بها والمؤثمة بمواد قانون تنظيم الاتصالات والتي خلت من أي قيد على حريتها في رفع الدعوى الجنائية عن الأفعال المبينة بها ، فإن كافة ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
4- لما كان الحكم المطعون فيه عرض لدفع الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية لسابقة حفظ الشكوى بصدور أمر ضمني بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في المحضر رقم .... واطرحه في قوله : ( .... ولما كان المستأنف قد قدم سنداً لدفعه صورة ضوئية لثلاثة صحف من تحقيق للنيابة العامة غير ثابت بها رقم المحضر أو موضوعه وثابت بها سؤال المستأنف ومواجهته بما قرره المتهم في المحضر المشار إليه من أنه قام بنشر وكتابة منشور على تطبيق الفيس بوك يتضمن إساءة له ، ولم تتضمن الأوراق الثلاثة ما يفيد توجيه الاتهام للمستأنف في تلك الواقعة عن ذات العبارات محل الاتهامات المعروضة ولم ترد بها تلك العبارات التي قام بكتابتها ونشرها وعما إذا كانت ذات العبارات محل الواقعة المعروضة وفي ذات التاريخ من عدمه بما لا تتحقق به وحدة السبب في البلاغين والمانعة من إعادة نظر الدعوى عن ذات الوقائع مرة أخرى بما يضحى معه الدفع على غير سند من الواقع والقانون وتلتفت عنه المحكمة ) ، وكان الذي أورده الحكم في اطراح هذا الدفع سائغاً ويتفق وصحيح القانون وكاف في الرد على دفع الطاعن في هذا الشأن ، ويكون منعاه في هذا الخصوص غير سديد .
5- لما كان الحكم المطعون فيه عرض لدفع الطاعن بعدم قبول الدعوى الجنائية لعدم قيد مجري الفحص بسجل جدول الخبراء بما يبطل معه تقرير الخبير لمخالفته مواد قانون 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات ولائحته التنفيذية واطرحه في قوله : ( وحيث إنه وعن الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى الجنائية لعدم قيد مجري الفحص بسجل جدول الخبراء بما يترتب عليه بطلان تقرير الفحص فهو دفع ظاهر الفساد لا يستند إلى أي نص قانوني ، كما وأن وجود خبراء تابعين للجهاز القومي للاتصالات لا يحول دون استعانة جهات التحقيق بالخبراء من الجهات الأخرى وليس من شأنه أن ينال من عملهم ولا يترتب عليه بطلان التقارير الصادرة عن غيرهم ، إضافة إلى أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، بما يضحى معه هذا الدفع على غير سند من القانون وتلتفت عنه المحكمة ) ، وكان ما أورده الحكم فيما سلف كافياً ويسوغ به الرد على هذا الدفاع ، ذلك لأن المحكمة غير ملزمة بندب خبير إذا هي رأت من الأدلة المقدمة في الدعوى ما يكفي للفصل دون حاجة إلى ندبه ، وما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - إذ إن الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى ما جاء بتقرير قسم المساعدات الفنية بإدارة مكافحة جرائم الحاسب ، ويضحى منعاه على الحكم في هذا الصدد غير سديد ، هذا فضلاً عن أن الطاعن سلم في أسباب طعنه أن طلبه بندب خبير كان طلب على سبيل الاحتياط ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بإجابته أو الرد عليه ، إلا إذا كانت طلبات جازمة ، أما الطلبات التي تُبدى من باب الاحتياط ، فللمحكمة إن شاءت أن تجيبها ، وإن رفضت أن تطرحها من غير أن تكون مُلزَمة بالرد عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يدن الطاعن على أساس نصوص مواد القانون 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات ولائحته التنفيذية ، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون وارداً على غير محل .
6- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - وهو الحال في الدعوى الراهنة - ، كما أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بقول الشاهد ولو كان بينه وبين المتهم خصومة قائمة ، وأن تأخير الشاهد في الإبلاغ عن الحادث لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته ، وكانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
7- لما كان ما يثيره الطاعن من منازعة في شأن التكييف القانوني للواقعة وبعدم انطباق المادة 166 مكرراً من قانون العقوبات والمادتين 70 ، 76/2 من القانون 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات وانطباق القانون 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات ، فإن ذلك لا محل له ، لأنه لا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى أخذاً بأدلة الثبوت التي وثقت بها واطمأنت إليها مما تستقل به بغير معقب ما دام قضاؤها في ذلك سليماً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل .
8- من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، وكان للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، وكان حكم أول درجة قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال ضابط التحريات - وعلى النحو الذي شهد به - ورد بما يسوغ على الدفع بعدم جديتها ، فإن منازعة الطاعن في شأن أنها جاءت مجاملة للمجني عليه لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا تجوز مجادلتها في شأنه لدى محكمة النقض .
9- من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، ولما كانت أقوال شهود الإثبات كما أوردها الحكم - والتي لا ينازع الطاعن في أن لها سندها من الأوراق - لا تتعارض بل تتلاءم مع ما نقله من تقرير الفحص الفني ، وكان الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني ، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من وجود تناقض بين الدليلين ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع ؛ إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا محل له .
10- من المقرر أن العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ؛ إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن الأدلة التي عول عليها الحكم في إدانته ، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها المحكمة معتقدها مما لا تقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض .
11- لما كانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهمة إلى الطاعن ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعن ، فإن ما يثار في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
12- من المقرر أنه لا تناقض بين تبرئة الطاعن عن تهمة الإرسال بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية للمجني عليه دون موافقته ورضائه وبين إدانته في تهمة تعمد إزعاج ومضايقة الغير باستعمال أجهزة الاتصالات لاختلاف طبيعة كل منهما ومقوماتها عن الجريمة الأخرى ولما أثبته الحكم من اقترافه الجريمة التي دانه بها بناءً على ما ساقه من الشواهد والبيانات الواردة في المساق المار ذكره .
13- من المقرر أن الدفع بالتزوير هو من وسائل الدفاع الموضوعية التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع والتي لا تلتزم بإجابته لأن الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة عليها على بساط البحث ، وأن طلب المتهم تمكينه من الطعن بالتزوير هو من قبيل طلبات التأجيل لاتخاذ إجراء مما لا تلتزم المحكمة بالاستجابة إليه طالما خلصت من واقعات الدعوى وعناصرها إلى عدم الحاجة إليه ، فمتى انتهت إلى رأي معين واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، وكان ما أورده الحكم من انتهاء المحكمة إلى اطمئنانها لسلامة تقرير الفحص الفني وتحريات الشرطة ، فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع تكون غير مقبولة .
14- لما كان النعي على النيابة قعودها عن مواجهة مأموري الضبط بجرائم اختراقهم لسرية حسابات بياناته الشخصية ، وتأخير الشاكي في الإبلاغ ، وسؤال كل من صاحب البطاقة الضريبية المسجل بها خط الهاتف ، ومقدم الإقرار المدعو .... بمسئوليته عن الخط وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي المتضرر منها ، لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان محضر جلسة المحاكمة قد خلا من طلب الطاعن أو المدافع عنه من المحكمة تدارك هذا النقص ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن القيام بإجراء لم يُطلب منها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
15- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للطلبات المبداة من الطاعن بشأن التحقيق مع مأموري الضبط القضائي لمخالفتهم القانون والاستعلام من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات عما إذا كان الضباط العاملين بالإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية مقيدين بسجل الخبراء لدى الجهاز من عدمه في قوله : ( وحيث إنه عن الطلبات المبداة من المستأنف احتياطياً بالتصريح بالاستعلام من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات عما إذا كان الضباط معدي تقرير الفحص الفني مقيدين بسجل الخبراء لدى الجهاز من عدمه ، وطلب حضور الضباط معدي تقرير الفحص لاستجوابهم والتصريح من شركتي أورانج وفودافون من ملاك بعض أرقام الهواتف المحمولة فمردود بأنه من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، وكان البين من مطالعة جلسة المحاكمة أمام هذه المحكمة أن الحاضر مع المستأنف قد أبدى تلك الطلبات الاحتياطية وقدم مذكرة بدفاعه إلا أنه لم يتمسك بتلك الطلبات وطلب في مرافعته حجز الاستئناف للحكم بما تكون معه تلك الطلبات على هذا النحو غير جازمة ولم يصر عليها في ختام مرافعته ومن ثم فالمحكمة تلتفت عنه ) ، وكان ما أورده الحكم فيما سلف كافياً ويسوغ به الرد على هذا الدفاع ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً ، هذا فضلاً عن أن الطلب الذي لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود ، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة ، فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته ، وكان الثابت من أسباب الطعن أن طلبات الطاعن سالفة الذكر لا تتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول الواقعة وإنما الهدف منها مجرد التشكيك فيها وإثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة ، ويكون ما يثيره الطاعن في أسباب طعنه في هذا الخصوص غير قويم .
16- لما كان ما يثيره الطاعن من قيامه بجحد صور الرسائل محل الاتهام ، فإن ذلك مردود بأن ما جاء في القانون من حجية المحررات وإثبات صحتها إنما محله أحكام الإثبات في المواد المدنية والتجارية حيث عينت أدلة ووضعت أحكاماً لها وألزم القاضي بأن يجري في أحكامه على مقتضاها ، وليس في القانون ما يجبر المحاكم الجنائية على ترسمه ؛ لأنها في الأصل حرة في انتهاج السبيل الموصل لاقتناعها ولم يرسم القانون في المواد الجنائية طريقاً خاصاً يسلكه القاضي في تحري الأدلة ، وكانت أوجه الدفاع المبينة بوجه الطعن في هذا الشأن من أوجه الدفاع القانونية الظاهرة البطلان مما لا تلتزم محكمة الموضوع أصلاً بالرد عليها ولا يعتبر سكوتها عنها إخلالاً بحق الدفاع ولا قصوراً في حكمها ، هذا فضلاً عن أنه إذا كان دفاع المتهم غير منتج في الدعوى ، فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تحققه ، وكان دفاع الطاعن القائم على جحد الصور الضوئية المقدمة من الشاكي ليس من شأنه - إن صح - أن يؤثر على مسئوليته الجنائية - على نحو ما سلف بيانه - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .
17- لما كانت محكمة ثاني درجة قد قضت بعدم قبول استئناف النيابة العامة عن التهمة الثانية ، وبقبول استئنافها عن التهمتين الثالثة والرابعة وفي موضوعه برفضه وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به عن هاتين التهمتين ، فإن دفع الطاعن بعدم قبول استئناف النيابة العامة يكون غير ذي موضوع ، ومن ثم فلا مصلحة له من الطعن على الحكم في هذا الشأن .
18- لما كان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية بإحالة الدعوى إلى النيابة العامة لتحريكها قبل المتهم الحقيقي لا يعدو أن يكون دفاعاً بنفي التهمة وكذا ما ساقه من أوجه تشهد بانتفاء الصلة بالواقعة وبتلفيق الاتهام وكيديته وشيوعه وبعدم ارتكاب الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يعدو أن يكون معاودة للجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة مع باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول .
19- لما كان كون المتهم رجل أعمال ويعمل بالمحاماة - بفرض ثبوته - لا يعفي من المسئولية الجنائية ولا أثر له على قيام الجريمة ، فلا محل للنعي على الحكم في هذا الصدد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :-
- تعمد إزعاج ومضايقة المجني عليه .... بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات بأن أرسل له رسالة صوتية عبر أحد التطبيقات الإلكترونية تطبيق ( واتس آب ) حملت عبارة شائنة لشخصه وكذا العديد من الرسائل النصية من خلال ذات التطبيق دون قبول منه فضلاً عن نشره عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك منشوراً انطوى في مضمونه على إساءة للمجني عليه وذلك على النحو المبين بالتقرير الفني المرفق وبالتحقيقات .
- قذف المجني عليه المذكور سلفاً بأن أَسند إليه عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي ( فيس بوك ) واقعة بعينها نشرها عبر تلك الصفحة والذي أتى على ذكرها التقرير الفني المرفق من شأن صدقها وصحتها أن توجب احتقاره عند أهل وطنه والحط من شأنه بين ذويه ومخالطيه وذلك على الوجه الموضح بالتحقيقات .
- استخدم حسابين خاصين على شبكة معلوماتية أحدهما عبر التواصل الاجتماعي ( فيس بوك ) والآخر على تطبيق التواصل الاجتماعي ( واتس آب ) يهدفان إلى ارتكاب الجريمتين محل الوصفين السابقين والمعاقب عليهما قانوناً وذلك على النحو المبين بالتقرير الفني المرفق وبالتحقيقات .
- أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية عبر أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي الإلكترونية ( واتس آب ) إلى المجني عليه سالف البيان دون رضاء منه أو موافقته على تلقي تلك الرسائل الإلكترونية وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته لمحكمة جنح .... الاقتصادية ، وطلبت عقابه بالمواد ١٦6 مكرراً ، 302 /1 ، 303 /1 من قانون العقوبات ، والمادتين ٧٠ ، 76 /2 من القانون رقم ۱۰ لسنة ۲۰۰۳ بشأن تنظيم الاتصالات ، والمواد ۱ ، 25 ، ۲۷ من القانون رقم ١٧٥ لسنة ۲۰۱۸ في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات .
وادعى المجني عليه مدنياً بمبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ، أولاً : بعدم قبول الدعوى الجنائية بشأن الاتهام الثاني لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون ، ثانياً : ببراءة المتهم مما أسند إليه في الاتهامين الثالث والرابع ، ثالثاً : بتغريم المتهم مبلغ عشرة آلاف جنيه بشأن ما أسند إليه بالاتهام الأول وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت وإلزامه بالمصاريف وخمس وسبعين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .
فاستأنف المحكوم عليه والنيابة العامة هذا الحكم وقيد استئنافهما برقم .... لسنة .... جنح مستأنف اقتصادية .
ومحكمة جنح مستأنف .... الاقتصادية قضت حضورياً ، أولاً : بعدم قبول استئناف النيابة العامة عن التهمة الثانية لانعدام المصلحة ، ثانياً : بقبول استئناف النيابة العامة عن التهمتين الثالثة والرابعة شكلاً وفي موضوعه برفضه وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به عن هاتين التهمتين ، ثالثاً : بقبول استئناف المتهم شكلاً وفي موضوعه برفضه وبتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف المصروفات الجنائية والمدنية ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المـحاماة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تعمد إزعاج ومضايقة الغير باستعمال أجهزة الاتصالات ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه جاء قاصراً في التسبيب لا يبين منه الواقعة المستوجبة للعقوبة بما تنتفي معه أركان الجريمة التي دانه بها ، واطرح بما لا يسوغ دفعيه بعدم قبول الدعوى لتحريكها بعد الميعاد المقرر في المادة (3) من قانون الإجراءات الجنائية ، وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة حفظ الشكوى المقدمة منه ضد المجني عليه بصدور أمر ضمني بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية من النيابة العامة في المحضر رقم .... حصر جرائم اقتصادية ، وعول في الإدانة على تقرير الفحص رغم بطلانه لشواهد عددها أخصها عدم قيد مجري الفحص بسجل جدول الخبراء ومطرحاً بما لا يسوغ دفعه بعدم قبول الدعوى الجنائية في هذا الشأن وملتفتاً عن طلبه الاحتياطي بندب خبير بما يبطل معه تقرير الفحص لمخالفته مواد القانون 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات ولائحته التنفيذية ، واعتنق صورة للواقعة مستنداً لأقوال المجني عليه رغم وجود خصومة قائمة بينهما ، فضلاً عن تراخيه في الإبلاغ ، كما وأن الواقعة في حقيقتها لا تندرج وفق المادة 166 مكرراً من قانون العقوبات والمادتين 70 ، 76/2 من القانون 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات بل إن القانون 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات ولائحته التنفيذية هو الواجب التطبيق ، وتساند في الإدانة على تحريات الشرطة رغم عدم جديتها والتي جاءت مجاملة للشاكي بدلالة مكتبيتها وتناقضها مع تقرير الفحص ، هذا وقد خلت الأوراق من دليل يقيني على الإدانة ، وأقام الحكم قضاءه على الظن والاحتمال ، وتناقض في أسبابه حينما قضى بإدانة الطاعن عن جريمة الإزعاج ثم قضى ببراءته من جريمة الإرسال بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية ، هذا وقد جاءت تحقيقات النيابة قاصرة في شأن عدم مواجهة مأموري الضبط بجرائم اختراقهم لسرية حسابات بياناته الشخصية ، وتأخير الشاكي في الإبلاغ ، وسؤال كل من صاحب البطاقة الضريبية المسجل بها خط الهاتف ، ومقدم الإقرار المدعو/ .... بمسئوليته عن الخط وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي المتضرر منها ، ولم تجبه المحكمة لطلبه بالطعن بالتزوير على تقرير الفحص وتحريات الشرطة ، والتحقيق مع مأموري الضبط القضائي لمخالفتهم القانون ، والاستعلام من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات عما إذا كان الضباط العاملين بالإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية مقيدين بسجل الخبراء لدى الجهاز من عدمه ، كما التفتت عن دفوعه بجحد الصور الضوئية المقدمة من الشاكي ، وبعدم قبول استئناف النيابة العامة لشواهد عددها ، وبإحالة الدعوى للنيابة العامة لإدخال المتهم الحقيقي وبانتفاء صلته بخط هاتف المحمول وحسابي الواتس آب والفيس بوك وبكيدية الاتهام وتلفيقه وبعدم ارتكاب الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر معرضاً عما قدمه من مستندات والإقرار الموثق في هذا الشأن ، وأخيراً أن الطاعن رجل أعمال ويعمل محامي ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الإزعاج وفقاً لنص المادة ٧٦ من القانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٣ بشأن تنظيم الاتصالات لا يقتصر على السب والقذف اللذين وردا بنص المادة ٣٠٨ مكرراً من قانون العقوبات ، بل يتسع إلى كل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجني عليه ، أياً كان نوع أجهزة الاتصالات المستعملة أو الوسيلة المستخدمة ، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى المذكرة المقدمة من المجني عليه إلى مباحث تكنولوجيا المعلومات وما أثبته محرر محضر الضبط وتحريات الشرطة ومحضر الفحص الفني من قسم المساعدات الفنية بإدارة مباحث مكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات من تعمد الطاعن إزعاج المجني عليه بإساءة استعماله لأجهزة الاتصال المملوكة له بإنشاء حساب على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك باستخدام خط الهاتف المحمول رقم .... وأنه مستخدمه الفعلي ، وإرسال رسائل من ذات الخط على الهاتف المحمول للمجني عليه عبر تطبيق الواتس آب ، وإقرار الطاعن بأقواله بتحقيقات النيابة العامة في القضية رقم .... حصر جرائم اقتصادية لملكيته لخط الهاتف المحمول رقم .... وما ثبت للنيابة من مناظرة هاتفه المحمول في تلك القضية ، وهو ما تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها ، ويضحى معه النعي على الحكم بالقصور في التسبيب في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن جريمة تعمد إزعاج ومضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات المعاقب عليها بمقتضى المادتين 166 مكرراً من قانون العقوبات و 76/2 من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 ليست من عداد الجرائم المشار إليها في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية والتي يتوقف رفع الدعوى بشأنها على شكوى ، وكان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناء بنص من الشارع ، وكانت النيابة العامة قد أقامت الدعوى ضد الطاعن عن الجريمة – المشار إليها - والتي دين بها والمؤثمة بمواد قانون تنظيم الاتصالات والتي خلت من أي قيد على حريتها في رفع الدعوى الجنائية عن الأفعال المبينة بها ، فإن كافة ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه عرض لدفع الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية لسابقة حفظ الشكوى بصدور أمر ضمني بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في المحضر رقم .... واطرحه في قوله : ( .... ولما كان المستأنف قد قدم سنداً لدفعه صورة ضوئية لثلاثة صحف من تحقيق للنيابة العامة غير ثابت بها رقم المحضر أو موضوعه وثابت بها سؤال المستأنف ومواجهته بما قرره المتهم في المحضر المشار إليه من أنه قام بنشر وكتابة منشور على تطبيق الفيس بوك يتضمن إساءة له ، ولم تتضمن الأوراق الثلاثة ما يفيد توجيه الاتهام للمستأنف في تلك الواقعة عن ذات العبارات محل الاتهامات المعروضة ولم ترد بها تلك العبارات التي قام بكتابتها ونشرها وعما إذا كانت ذات العبارات محل الواقعة المعروضة وفي ذات التاريخ من عدمه بما لا تتحقق به وحدة السبب في البلاغين والمانعة من إعادة نظر الدعوى عن ذات الوقائع مرة أخرى بما يضحى معه الدفع على غير سند من الواقع والقانون وتلتفت عنه المحكمة ) ، وكان الذي أورده الحكم في اطراح هذا الدفع سائغاً ويتفق وصحيح القانون وكاف في الرد على دفع الطاعن في هذا الشأن ، ويكون منعاه في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه عرض لدفع الطاعن بعدم قبول الدعوى الجنائية لعدم قيد مجري الفحص بسجل جدول الخبراء بما يبطل معه تقرير الخبير لمخالفته مواد قانون 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات ولائحته التنفيذية واطرحه في قوله : ( وحيث إنه وعن الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى الجنائية لعدم قيد مجري الفحص بسجل جدول الخبراء بما يترتب عليه بطلان تقرير الفحص فهو دفع ظاهر الفساد لا يستند إلى أي نص قانوني ، كما وأن وجود خبراء تابعين للجهاز القومي للاتصالات لا يحول دون استعانة جهات التحقيق بالخبراء من الجهات الأخرى وليس من شأنه أن ينال من عملهم ولا يترتب عليه بطلان التقارير الصادرة عن غيرهم ، إضافة إلى أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، بما يضحى معه هذا الدفع على غير سند من القانون وتلتفت عنه المحكمة ) ، وكان ما أورده الحكم فيما سلف كافياً ويسوغ به الرد على هذا الدفاع ، ذلك لأن المحكمة غير ملزمة بندب خبير إذا هي رأت من الأدلة المقدمة في الدعوى ما يكفي للفصل دون حاجة إلى ندبه ، وما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - إذ إن الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى ما جاء بتقرير قسم المساعدات الفنية بإدارة مكافحة جرائم الحاسب ، ويضحى منعاه على الحكم في هذا الصدد غير سديد ، هذا فضلاً عن أن الطاعن سلم في أسباب طعنه أن طلبه بندب خبير كان طلب على سبيل الاحتياط ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بإجابته أو الرد عليه ، إلا إذا كانت طلبات جازمة ، أما الطلبات التي تُبدى من باب الاحتياط ، فللمحكمة إن شاءت أن تجيبها ، وإن رفضت أن تطرحها من غير أن تكون مُلزَمة بالرد عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يدن الطاعن على أساس نصوص مواد القانون 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات ولائحته التنفيذية ، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون وارداً على غير محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - وهو الحال في الدعوى الراهنة - ، كما أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بقول الشاهد ولو كان بينه وبين المتهم خصومة قائمة ، وأن تأخير الشاهد في الإبلاغ عن الحادث لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته ، وكانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من منازعة في شأن التكييف القانوني للواقعة وبعدم انطباق المادة 166 مكرراً من قانون العقوبات والمادتين 70 ، 76/2 من القانون 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات وانطباق القانون 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات ، فإن ذلك لا محل له ، لأنه لا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى أخذاً بأدلة الثبوت التي وثقت بها واطمأنت إليها مما تستقل به بغير معقب ما دام قضاؤها في ذلك سليماً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، وكان للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، وكان حكم أول درجة قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال ضابط التحريات - وعلى النحو الذي شهد به - ورد بما يسوغ على الدفع بعدم جديتها ، فإن منازعة الطاعن في شأن أنها جاءت مجاملة للمجني عليه لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا تجوز مجادلتها في شأنه لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، ولما كانت أقوال شهود الإثبات كما أوردها الحكم - والتي لا ينازع الطاعن في أن لها سندها من الأوراق - لا تتعارض بل تتلاءم مع ما نقله من تقرير الفحص الفني ، وكان الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني ، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من وجود تناقض بين الدليلين ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع ؛ إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ؛ إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن الأدلة التي عول عليها الحكم في إدانته ، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها المحكمة معتقدها مما لا تقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهمة إلى الطاعن ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعن ، فإن ما يثار في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا تناقض بين تبرئة الطاعن عن تهمة الإرسال بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية للمجني عليه دون موافقته ورضائه وبين إدانته في تهمة تعمد إزعاج ومضايقة الغير باستعمال أجهزة الاتصالات لاختلاف طبيعة كل منهما ومقوماتها عن الجريمة الأخرى ولما أثبته الحكم من اقترافه الجريمة التي دانه بها بناء على ما ساقه من الشواهد والبيانات الواردة في المساق المار ذكره . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بالتزوير هو من وسائل الدفاع الموضوعية التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع والتي لا تلتزم بإجابته لأن الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة عليها على بساط البحث ، وأن طلب المتهم تمكينه من الطعن بالتزوير هو من قبيل طلبات التأجيل لاتخاذ إجراء مما لا تلتزم المحكمة بالاستجابة إليه طالما خلصت من واقعات الدعوى وعناصرها إلى عدم الحاجة إليه ، فمتى انتهت إلى رأي معين واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، وكان ما أورده الحكم من انتهاء المحكمة إلى اطمئنانها لسلامة تقرير الفحص الفني وتحريات الشرطة ، فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع تكون غير مقبولة . لما كان ذلك ، وكان النعي على النيابة قعودها عن مواجهة مأموري الضبط بجرائم اختراقهم لسرية حسابات بياناته الشخصية ، وتأخير الشاكي في الإبلاغ ، وسؤال كل من صاحب البطاقة الضريبية المسجل بها خط الهاتف ، ومقدم الإقرار المدعو .... بمسئوليته عن الخط وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي المتضرر منها ، لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان محضر جلسة المحاكمة قد خلا من طلب الطاعن أو المدافع عنه من المحكمة تدارك هذا النقص ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن القيام بإجراء لم يُطلب منها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه عرض للطلبات المبداة من الطاعن بشأن التحقيق مع مأموري الضبط القضائي لمخالفتهم القانون ، والاستعلام من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات عما إذا كان الضباط العاملين بالإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية مقيدين بسجل الخبراء لدى الجهاز من عدمه في قوله : ( وحيث إنه عن الطلبات المبداة من المستأنف احتياطياً بالتصريح بالاستعلام من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات عما إذا كان الضباط معدي تقرير الفحص الفني مقيدين بسجل الخبراء لدى الجهاز من عدمه ، وطلب حضور الضباط معدي تقرير الفحص لاستجوابهم والتصريح من شركتي أورانج وفودافون من ملاك بعض أرقام الهواتف المحمولة فمردود بأنه من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، وكان البين من مطالعة جلسة المحاكمة أمام هذه المحكمة أن الحاضر مع المستأنف قد أبدى تلك الطلبات الاحتياطية وقدم مذكرة بدفاعه إلا أنه لم يتمسك بتلك الطلبات وطلب في مرافعته حجز الاستئناف للحكم بما تكون معه تلك الطلبات على هذا النحو غير جازمة ولم يصر عليها في ختام مرافعته ومن ثم فالمحكمة تلتفت عنه ) ، وكان ما أورده الحكم فيما سلف كافياً ويسوغ به الرد على هذا الدفاع ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً ، هذا فضلاً عن أن الطلب الذي لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود ، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة ، فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته ، وكان الثابت من أسباب الطعن أن طلبات الطاعن سالفة الذكر لا تتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول الواقعة وإنما الهدف منها مجرد التشكيك فيها وإثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة ، ويكون ما يثيره الطاعن في أسباب طعنه في هذا الخصوص غير قويم . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من قيامه بجحد صور الرسائل محل الاتهام ، فإن ذلك مردود بأن ما جاء في القانون من حجية المحررات وإثبات صحتها إنما محله أحكام الإثبات في المواد المدنية والتجارية حيث عينت أدلة ووضعت أحكاماً لها وألزم القاضي بأن يجري في أحكامه على مقتضاها ، وليس في القانون ما يجبر المحاكم الجنائية على ترسمه ؛ لأنها في الأصل حرة في انتهاج السبيل الموصل لاقتناعها ولم يرسم القانون في المواد الجنائية طريقاً خاصاً يسلكه القاضي في تحري الأدلة ، وكانت أوجه الدفاع المبينة بوجه الطعن في هذا الشأن من أوجه الدفاع القانونية الظاهرة البطلان مما لا تلتزم محكمة الموضوع أصلاً بالرد عليها ولا يعتبر سكوتها عنها إخلالاً بحق الدفاع ولا قصوراً في حكمها ، هذا فضلاً عن أنه إذا كان دفاع المتهم غير منتج في الدعوى ، فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تحققه ، وكان دفاع الطاعن القائم على جحد الصور الضوئية المقدمة من الشاكي ليس من شأنه - إن صح - أن يؤثر على مسئوليته الجنائية - على نحو ما سلف بيانه - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت محكمة ثاني درجة قد قضت بعدم قبول استئناف النيابة العامة عن التهمة الثانية ، وبقبول استئنافها عن التهمتين الثالثة والرابعة وفي موضوعه برفضه وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به عن هاتين التهمتين ، فإن دفع الطاعن بعدم قبول استئناف النيابة العامة يكون غير ذي موضوع ، ومن ثم فلا مصلحة له من الطعن على الحكم في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية بإحالة الدعوى إلى النيابة العامة لتحريكها قبل المتهم الحقيقي لا يعدو أن يكون دفاعاً بنفي التهمة وكذا ما ساقه من أوجه تشهد بانتفاء الصلة بالواقعة وبتلفيق الاتهام وكيديته وشيوعه وبعدم ارتكاب الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يعدو أن يكون معاودة للجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة مع باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان كون المتهم رجل أعمال ويعمل بالمحاماة - بفرض ثبوته لا يعفي من المسئولية الجنائية ولا أثر له على قيام الجريمة ، فلا محل للنعي على الحكم في هذا الصدد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ