الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الجمعة، 4 يوليو 2025

الطعن 4949 لسنة 54 ق جلسة 5 / 3 / 1986 مكتب فني 37 ق 70 ص 342

جلسة 5 من مارس سنة 1986

برياسة السيد المستشار: محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي نواب رئيس المحكمة وسري صيام.

----------------

(70)
الطعن رقم 4949 لسنة 54 القضائية

(1) خطأ. قتل خطأ. إصابة خطأ. مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. جريمة "أركانها". رابطة السببية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الخطأ المستوجب مسئولية مرتكبه جنائياً ومدنياً وتقدير توافر السببية بين الخطأ والضرر. موضوعي.
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى. لا يجوز إثارته أمام النقض.
مثال:
(2) قتل خطأ. خطأ "الخطأ المشترك". رابطة السببية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مسئولية جنائية.
لا ينال من مسئولية الطاعن أن يكون الخطأ الذي أدى إلى وقوع الحادث مشتركاً بينه وبين آخرين ما دام أن خطأ هؤلاء لا ينفي خطأه هو ولا يستغرقه.
(3) نقض "نظر الطعن والحكم فيه" "أسباب الطعن ما لا يقبل منها". محكمة النقض "سلطتها". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
لا يجوز إبداء أسباب جديدة للطعن أمام محكمة النقض. أساس ذلك؟
حق محكمة النقض في نقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها. رخصة استثنائية في حالات معينة على سبيل الحصر. أساس ذلك؟

--------------------
1 - إن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً ومدنياً، وتقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر، مما يتعلق بموضوع الدعوى، وتفصل فيه محكمة الموضوع بغير معقب عليها، ما دام تقديرها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة، وكان الحكم خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول - بما لا ينازع الطاعن في صحيح مأخذه من الأوراق - إلى ما يوفر ركن الخطأ وعلاقة السببية بينه وبين الضرر في حق الطاعن، فإن ما يثيره في سلامة ما استخلصه الحكم من ذلك، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع، في وزن عناصر الدعوى، واستنباط معتقدها منها، وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ولا يقدح في ذلك ما قرره الطاعن في طعنه من عدم مسئوليته عن الحجارة والأتربة التي تراكمت فوق سقف المخبز لأنه ليس هو المتسبب فيها - بفرض صحة ذلك - ما دام أن الحكم قد أثبت مسئوليته عن الحادث بأدلة سائغة تقوم على إهماله وتقاعسه في إزالة تلك المخالفات وهو على بينا من وجودها، بحكم إشرافه على المخبز بوصفه المتولي إدارته.
2 - لا ينال من مسئولية الطاعن أن يكون الخطأ الذي أدى إلى وقوع الحادث مشتركاً بينه وبين آخرين، ما دام أن خطأ الآخرين لا ينفي خطأه هو ولا يستغرقه.
3 - الأصل أنه طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959، أنه لا يجوز إبداء أسباب أخرى أمام المحكمة سواء من النيابة العامة أو من أي خصم، غير الأسباب التي سبق بيانها في الميعاد المذكور بالمادة 34 من ذلك القانون، وأن نقض المحكمة للحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 آنفة الذكر، على خلاف هذا الأصل إنما هو رخصة استثنائية خولها القانون للمحكمة في حالات معينة وردت على سبيل الحصر، ليس من بينها ما أثاره الطاعن في أسباب طعنه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: (أولاً) تسبب خطأ في وفاة.... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته للقوانين واللوائح بأن ترك المخلفات في أعلى سطح المخبز مما أدى إلى سقوطها على المجني عليه وأحدثت الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أدت بوفاته. (ثانياً) تسبب خطأ في إصابة.... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته للقوانين واللوائح بأن ترك المخلفات المبينة بالأوراق دون إزالتها حتى سقطت على المجني عليه وأحدثت الإصابات المبينة بالتقرير الطبي المرفق وطلبت عقابه بالمادتين 238/ 1، 244/ 1 من قانون العقوبات. وادعى..... مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح..... الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بتغريم المتهم مائتي جنيه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليه ومحكمة....... الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم خمسين جنيهاً والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانه بجريمتي القتل والإصابة الخطأ وإلزامه بالتعويض قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والتعسف في الاستنتاج، ذلك بأنه لم يبين وجه الخطأ ويدلل على توافره في حقه، ولا على توافر رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة، كما أن مجرد وجود مخالفات فوق سطح البناء، لا يكفي لمساءلته، ما دام أنه ليس هو المتسبب فيها، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه، قد دلل على توافر ركن الخطأ في جانب الطاعن، متمثلاً فيما جاء بتقرير حي الشمال الذي قام بالمعاينة الفنية لمكان الحادث وانتهى منها إلى سبب سقوط سقف المخبز يرجع إلى المخلفات الموضوعة على سقفه، وفيما جاء بأقوال الطاعن قي محضري تحقيق الشرطة والنيابة العامة من أنه أحد الورثة المالكين للعين وأنه المسئول عن إدارتها وأن سقف المخبز كان عليه حجارة وأتربة تراكمت عليه مع مرور الزمن، ومن أن المتهم تقاعس عن إزالة المخالفات تلك حتى انهار السقف وأدى إلى وفاة..... وإصابة..... لما كان ذلك، وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً ومدنياً، وتقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر، مما يتعلق بموضوع الدعوى، تفصل فيه محكمة الموضوع بغير معقب عليها، ما دام تقديرها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة، وكان الحكم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول - بما لا ينازع الطاعن في صحيح مأخذه من الأوراق - إلى ما يوفر ركن الخطأ وعلاقة السببية بينه وبين الضرر في حق الطاعن، فإن ما يثيره في سلامة ما استخلصه الحكم من ذلك، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع، في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها، وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ولا يقدح في ذلك ما قرره الطاعن في طعنه من عدم مسئوليته عن الحجارة والأتربة التي تراكمت فوق سقف المخبز لأنه ليس هو المتسبب فيها - بفرض صحة ذلك - ما دام أن الحكم قد أثبت مسئوليته عن الحادث بأدلة سائغة تقوم على إهماله وتقاعسه في إزالة تلك المخالفات وهو على بينا من وجودها، بحكم إشرافه على المخبز بوصفه المتولي إدارته، كما لا ينال من مسئوليته أن يكون الخطأ الذي أدى إلى وقوع الحادث مشتركاً بينه وبين آخرين، ما دام أن خطأ الآخرين لا ينفي خطأه هو ولا يستغرقه - وهو الحال في الدعوى. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصاريف المدنية.
ومن حيث إنه بالنسبة لأسباب الطعن المقدمة من الطاعن - بعد الميعاد - بتاريخ 21 من سبتمبر سنة 1985، فإنه لما كان الأصل طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959، أنه لا يجوز إبداء أسباب أخرى أمام المحكمة سواء من النيابة العامة أو من أي خصم، غير الأسباب التي سبق بيانها في الميعاد المذكور بالمادة 34 من ذلك القانون، وأن نقض المحكمة للحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 آنفة الذكر، على خلاف هذا الأصل إنما هو رخصة استثنائية خولها القانون للمحكمة في حالات معينة وردت على سبيل الحصر، ليس من بينها ما أثاره الطاعن في أسباب طعنه تلك، من عدم استظهار الحكم لأركان الجريمة، ولا بيانه لرابطة السببية بين الإصابات والخطأ المعزو للطاعن، وعدم إيراده إصابات المجني عليه وعلاقتها بسقوط سقف المخبز، ومن أن السبب في الحادث يرجع إلى فعل الغير.

الطعن 87 لسنة 1 ق جلسة 19 / 11 / 1955 إدارية عليا مكتب فني 1 ج 1 ق 16 ص 129

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1955

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس المجلس وبعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

---------------

(16)
القضية رقم 87 لسنة 1 القضائية

تقادم خمسي 

- قيامه على قرينة قانونية مفادها افتراض أداء المدين لتلك الديون من إيراده وأن تراكمها أكثر من خمس سنوات تكليف بما يجاوز السعة - هذه القرينة لا تقبل الدليل العكسي - أحقية الخزانة العامة في الانتفاع من حكمها رغم ملاءتها - منازعة المدين في أصل المرتب أو اعترافه به لا تمنع من سريان هذا التقادم - انطباقه على ما يتجمد من مرتبات - معنى الدورية والتجدد المنصوص عليهما بالمادة 375 من القانون المدني.

-------------------
إن الدورية والتجدد المنصوص عليهما في المادة 375 من القانون المدني هما من الخصائص المتفرعة عن طبيعة الحق في ذاته؛ إذ يقصد بالدورية أن يكون مستحقاً في مواعيد متتالية، وبالتجدد أن ما يؤدي من الدين في موعده لا ينتقص من أصله. وقد ذكرت المادة 375 المشار إليها المرتبات من بين الحقوق الدورية المتجددة التي أوردتها على سبيل المثال، فالمرتبات بطبيعتها من الحقوق التي تتقادم بخمس سنوات باعتبارها دورية متجددة. وهاتان الصفتان لا تزايلان ما تجمد منها، كما لا يغير من طبيعة المرتب، كحق دوري متجدد، قيام المنازعة في أصل استحقاقه؛ إذ لا شأن لذلك بمدة التقادم كما أشارت إلى ذلك المادة 375 حيث نصت على أن الحق الدوري المتجدد يتقادم بتلك المدة ولو أقر به المدين، فتسري مدة التقادم من باب أولى إذا نازع فيه. ومرد ذلك إلى أن التقادم الخمسي لا يقوم على قرينة الوفاء كما هو الشأن فيما عداه من ضروب التقادم، وإنما يرجع في أساسه إلى أن المدين يفرض فيه أداء الديون الدورية المتجددة من إيراده، فلو أجبر على الوفاء بما تراكم منها بعد انقضاء خمس سنوات من تاريخ الاستحقاق لأفضى ذلك إلى تكليفه بما يجاوز السعة. وقد جعل للمدين، تفريعاً على هذا التوجيه، أن يتمسك بانقضاء تلك المدة، ولو بعد إقراره بوجوب الدين في ذمته، ومما يجب التنبيه إليه أن القرينة التي يقوم عليها هذا التقادم الخمسي هي قرينة قانونية قاطعة لا تقبل الدليل العكسي، فلا وجه للتحدي بأنها لا تسري في حق الخزانة العامة بحسبان أنها مليئة.(1)


إجراءات الطعن

في 17 من يوليه سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية بجلسة 18 من مايو سنة 1955 في الدعوى رقم 4674 لسنة 2 ق المرفوعة من السيد/ سيد محمد حسنين ضد وزارة الأشغال، القاضي "برفض الدفع بسقوط الحق بالتقادم الخمسي وأحقية المدعي في الفروق الناتجة عن التسوية التي اعتمدت في 24/ 2/ 1948 وذلك في المدة من أول مايو سنة 1945 حتى 24 من فبراير سنة 1948"، وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن "الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض طلب المتظلم وإلزامه بالمصروفات". وأعلن المدعي بالطعن في 21 من يوليه سنة 1955 وأعلن به وزير الأشغال في 24 من يوليه سنة 1955، فأودع الأول مذكرة برده، ثم عين لنظر الدعوى جلسة 22 من أكتوبر سنة 1955 وفيها سمعت إيضاحات الطرفين على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يستفاد من أوراق الطعن، تتحصل في أنه في 12 من فبراير سنة 1930 عين المدعي منجداً بمصلحة الميكانيكا والكهرباء بأجر يومي قدره 140 م، ولما صدر كادر العمال سويت حالته باعتباره صانعاً غير دقيق فوصل أجره إلى 360 م من أول مايو سنة 1945، فتظلم من هذه التسوية فأعيدت تسوية حالته باعتباره في درجة منجد دقيق منذ 12 من فبراير سنة 1930، ثم تدرجت علاواته وترقياته إلى أن وصل إلى درجة دقيق ممتاز بأجر يومي قدره 460 م في أول مايو سنة 1945 واعتمدت هذه التسوية في 24 من فبراير سنة 1948 على ألا يصرف للمدعي الفرق الناتج عنها إلا من تاريخ الاعتماد. فقدم المدعي تظلماً إلى اللجنة القضائية لوزارتي الأشغال والحربية قيد تحت رقم 4674 سنة 2 ق طالباً "الأمر بصرف الفروق الناتجة من تعديل أجره من أول مايو سنة 1945 إلى 14 من فبراير سنة 1948". ودفعت الحكومة الدعوى بأنه وإن كانت حقوق المدعي مقررة بقواعد كادر العمال إلا أنها سقطت بالتقادم الخمسي. وقد أحيل التظلم إلى المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية بعد إلغاء اللجان القضائية فقضت المحكمة بحكمها الصادر في 18 من مايو سنة 1955 "برفض الدفع بسقوط الحق بالتقادم الخمسي وبأحقية المدعي في الفروق الناتجة عن التسوية التي اعتمدت في 24/ 2/ 1948 وذلك في المدة من 1/ 5/ 1945 حتى 24/ 2/ 1948". وأقامت المحكمة قضاءها على "أن المدعي يستمد حقه في التسوية الثانية من كادر العمال ذاته وما القرار الصادر بها إلا كاشف لهذا الحق" وأن "المستحق للمدعي ليس أجراً شهرياً متجدداً بحيث يمكن القول بسقوطه بالتقادم الخمسي ولكنه فروق متجمدة عن التسوية فمن ثم لا تسقط إلا بمضي خمس عشرة سنة، هذا فضلاً عن أن الحق الذي يطالب به المدعي حق متنازع فيه إذ أن المصلحة لم تسلم له به بل حرمته منه صراحة فمن ثم يكون دفعها على غير أساس سليم من القانون".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن معنى الدورية الواردة بالمادة 375 من القانون المدني أن يستحق الدين في موعد دوري معين كأن يستحق كل أسبوع أو كل شهر أو كل ثلاثة أشهر أو كل سنة، ومعنى التجدد أن الدين يستحق في كل موعد دوري دون أن يكون لذلك نهاية. فالعبرة إذن بأصل استحقاق الحق. والمبالغ المطالب بها هي في أصل استحقاقها جزء من الراتب. ولا جدال في أن المرتبات من الديون الدورية المتجددة، ومن ثم يكون الحكم، إذ قضى برفض الدفع بسقوط الحق بالتقادم الخمسي، قد خالف القانون.
ومن حيث إن الدورية والتجدد المنصوص عليهما في المادة 375 من القانون المدني هما من الخصائص المتفرعة عن طبيعة الحق في ذاته؛ إذ يقصد بالدورية أن يكون مستحقاً في مواعيد متتالية، وبالتجدد أن ما يؤدي من الدين في موعده لا ينتقص من أصله. وقد ذكرت المادة 375 المشار إليها المرتبات من بين الحقوق الدورية المتجددة التي أوردتها على سبيل المثال، فالمرتبات بطبيعتها من الحقوق التي تتقادم بخمس سنوات باعتبارها دورية متجددة، وهاتان الصفتان لا تزايلان ما تجمد منها، كما لا يغير من طبيعة المرتب، كحق دوري متجدد، قيام المنازعة في أصل استحقاقه؛ إذ لا شأن لذلك بمدة التقادم كما أشارت إلى ذلك المادة 375 حيث نصت على أن الحق الدوري المتجدد يتقادم بتلك المدة ولو أقر به المدين، فتسري مدة التقادم من باب أولى إذا نازع فيه. ومرد ذلك إلى أن التقادم الخمسي لا يقوم على قرينة الوفاء كما هو الشأن فيما عداه من ضروب التقادم، وإنما يرجع في أساسه إلى أن المدين يفرض فيه أداء الديون الدورية المتجددة من إيراده، فلو أجبر على الوفاء بما تراكم منها بعد انقضاء خمس سنوات من تاريخ الاستحقاق لأفضى ذلك إلى تكليفه بما يجاوز السعة، وقد جعل للمدين، تفريعاً على هذا التوجيه، أن يتمسك بانقضاء تلك المدة ولو بعد إقراره بوجوب الدين في ذمته. ومما يجب التنبيه إليه أن القرينة التي يقوم عليها هذا التقادم الخمسي هي قرينة قانونية قاطعة لا تقبل الدليل العكسي، فلا وجه للتحدي بأنها لا تسري في حق الخزانة العامة بحسبان أنها مليئة.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد جاء مخالفاً للقانون فيتعين إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض التظلم، وألزمت المتظلم بالمصروفات.


(1) بهذا المعنى الأحكام الصادرة من نفس الهيئة وبنفس الجلسة في الطعون أرقام 109، 110، 111، 183، 184، 189، 301 سنة 1 قضائية.

الطعن 290 لسنة 1 ق جلسة 12 / 11 / 1955 إدارية عليا مكتب فني 1 ج 1 ق 15 ص 117

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1955

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

---------------

(15)
القضية رقم 290 لسنة 1 القضائية (1)

(أ) معاشات 

- حساب مدة خدمة باليومية في المعاش - قوانين المعاشات ما كانت تجيز ذلك إلا في الحدود التي رسمتها - صدور قرارات عديدة من مجلس الوزراء بالمخالفة لهذه القوانين - تصحيحها بالقانون رقم 86 سنة 1951 - عدم امتداد التصحيح إلى ما يصدر من قرارات بعد العمل بهذا القانون - دليل ذلك.
(ب) معاشات 

- سلطة مجلس الوزراء في منح معاشات أو مكافآت استثنائية أو زيادة في المعاشات - يقتصر إعمالها على حالات فردية - لا تمتد إلى حد تقرير قواعد تنظيمية بذلك.
(ج) معاشات 

- قرار مجلس الوزراء في 19 من أغسطس سنة 1950 بحساب مدة خدمة باليومية في المعاش لثلاثين موظفاً بوزارة العدل - لا يقرر قاعدة تنظيمية بل صدر لحالات فردية.

--------------------
1 - يبين من استقراء نصوص القوانين المتعاقبة الخاصة بالمعاشات الملكية أنها ما كانت تجيز حساب مدد خدمة باليومية في المعاش إلا في الحدود التي رسمتها، ومع ذلك درج مجلس الوزراء على إصدار قرارات مختلفة - عامة وفردية - تقضي بحساب مدد خدمة في المعاش ما كانت تجيزها تلك القوانين، فلم يكن محيص من العمل على تصحيحها؛ ولذلك صدر القانون رقم 86 سنة 1951 ونص في المادة الأولى منه على أن "تعتبر في حكم الصحيحة القرارات التي صدرت من مجلس الوزراء في المدة من 4 من يونيه سنة 1929 إلى تاريخ العمل بهذا القانون المبينة بالكشف المرافق لهذا القانون وكذلك القرارات التي تضمنت تدابير خاصة بجواز احتساب مدد في المعاش سواء أكان ذلك بالاستثناء من أحكام القانون رقم 5 لسنة 1909 أم المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 أم من أحكام القانون رقم 22 لسنة 1922 أم المرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929 وتظل هذه القرارات نافذة منتجة لآثارها". وقد ورد بالأعمال التحضيرية لهذا القانون أنه مما يهدف إليه وقف مجلس الوزراء في المستقبل عن إصدار مثل هذه القرارات وإلا تصبح باطلة ولا يترتب عليها أي أثر في التنفيذ. ومن هدي هذه الأعمال التحضيرية يبين أن الحكم المطعون فيه - إذ ذهب إلى أن المادة الأولى سالفة الذكر قد تضمنت إقرار حالتين: أولاهما خاصة بما صدر من مجلس الوزراء من قرارات في المدة من 4 من يونيه سنة 1929 إلى تاريخ العمل بذلك القانون أي في 21 من مايو سنة 1951، وهذه اعتبرها القانون صحيحة نافذة منتجة لآثارها، والثانية خاصة بالقرارات التي تضمنت تدابير خاصة بجواز احتساب مدد في المعاش، وهذه تظل نافذة وصحيحة وتمتد إلى كل ما يصدر من قرارات مماثلة ما دام القانون رقم 86 لسنة 1951 قائماً - إن الحكم المطعون فيه إذ ذهب إلى ذلك يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه.
2 - نصت المادة التاسعة من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية على أن "الخدمات التي لا يجرى على ماهيتها حكم الاستقطاع لا تحسب في تسوية المعاش أو المكافأة في حال من الأحوال...." واستثنت المادة من ذلك "مدة الاختبار المقررة في اللائحة لقبول وترقية المستخدمين الملكيين"، وكذلك "المدة التي تقضي في البعثات التي ترسلها الحكومة إلى الخارج..." ونصت المادة الثامنة والثلاثون على أنه "يجوز لمجلس الوزراء أن يقرر بناء على اقتراح وزير المالية ولأسباب يكون تقديرها موكولاً إلى المجلس منح معاشات استثنائية أو زيادات في المعاشات أو منح مكافآت استثنائية للموظفين والمستخدمين المحالين إلى المعاش أو الذين يفصلون من الخدمة". وهذه المادة الأخيرة إنما خولت المجلس تلك السلطة الاستثنائية لإعمالها في حالات فردية بالنسبة لموظفين أو مستخدمين انتهت مدة خدمتهم ويرى، لأسباب خاصة قائمة بهم يكون تقديرها موكولاً إليه، منحهم تلك المعاشات أو الزيادات في المعاشات أو المكافآت الاستثنائية، ولا يمكن أن ترقى هذه السلطة إلى حد تقرير قواعد تنظيمية عامة مجردة يكون من مقتضاها نسخ الحكم التشريعي المنصوص عليه في المادة التاسعة من القانون المشار إليه.
3 - في 24 من مايو سنة 1950 وافق مجلس الوزراء على حساب المدد التي قضيت في وظيفة مندوب محضر في المعاش لعدد من موظفي وزارة العدل بلغ 112. وعلى أثر صدور هذا القرار تقدمت وزارة العدل إلى وزارة المالية بطلب الموافقة على تطبيق قرار مجلس الوزراء سالف الذكر على طائفة من موظفي وزارة العدل عددهم ثلاثون لهم مدة خدمة سابقة باليومية وتماثل حالتهم حالة من شملهم قرار مجلس الوزراء الصادر في 24 من مايو سنة 1950. فعرض الأمر على اللجنة المالية فوافقت عليه، ثم تقدمت وزارة المالية إلى مجلس الوزراء بطلب الموافقة على رأي اللجنة المالية فوافق عليه بجلسته المنعقدة في 19 من أغسطس سنة 1951. وهذا القرار الأخير قد صدر في حالات فردية لموظفين أو مستخدمين بذواتهم، فلا يجوز التحدي بإفادة غيرهم منه، كما لا يجوز التحدي كذلك بأنه قرر قاعدة تنظيمية عامة تطبق في الحالات المماثلة؛ إذ فضلاً عن أنه لم يصدر على هذا النحو فإنه لا يملك تقرير مثل هذه القاعدة العامة المجردة.


إجراءات الطعن

في 22 من أغسطس سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة) بجلسة 30 من يونيه سنة 1955 في الدعوى رقم 2328 لسنة 8 القضائية المرفوعة من وزير العدل ضد حنا واصف طعناً في القرار الصادر من اللجنة القضائية لوزارة العدل في 4 من أكتوبر سنة 1953 في التظلم رقم 1428 لسنة 1 القضائية "برفض الدفع بعدم الاختصاص وفي الموضوع باستحقاق المتظلم لضم المدة التي قضاها باليومية إلى مدة خدمته المسحوبة في المعاش". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين، للأسباب التي استند إليها في صحيفة الطعن، "الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة) المطعون فيه والذي قضى برفض الطعن المرفوع من وزارة العدل وكذلك قرار اللجنة القضائية ورفض تظلم المدعى عليه". وأعلن وزير العدل بالطعن في 27 من أغسطس سنة 1955 وأعلن به المطعون عليه في 30 من أغسطس سنة 1955. وقد عين لنظر الطعن جلسة 22 من أكتوبر سنة 1955 وفيها سمعت إيضاحات الطرفين على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجئ إصدار الحكم فيه إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى إجراءاته الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يستفاد من أوراق الطعن، تتحصل في أنه في 24 من مايو سنة 1950 وافق مجلس الوزراء على حساب المدد التي قضيت في وظيفة مندوب محضر في المعاش لعدد من موظفي وزارة العدل بلغ 112. وعلى أثر صدور هذا القرار تقدمت وزارة العدل إلى وزارة المالية بطلب الموافقة على تطبيق قرار مجلس الوزراء سالف الذكر على طائفة من موظفي وزارة العدل عددهم ثلاثون لهم مدة خدمة سابقة باليومية، وتماثل حالتهم حالة من شملهم قرار مجلس الوزراء الصادر في 24 من مايو سنة 1950. فعرض الأمر على اللجنة المالية فوافقت عليه ثم تقدمت وزارة المالية إلى مجلس الوزراء بطلب الموافق على رأي اللجنة المالية فوافق عليه بجلسته المنعقدة في 19 من أغسطس سنة 1951 - وقد تظلم السيد/ حنا واصف إلى اللجنة القضائية لوزارة العدل طالباً تسوية حالته على أساس حساب مدة خدمة قضاها باليومية ضمن المدة المحسوبة له في المعاش بحجة أن حقه تعلق بضمها استناداً إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 19 من أغسطس سنة 1951 الذي حوي قاعدة تنظيمية يفيد منها الموظفون الذين لهم مدد خدمة باليومية قبل أغسطس سنة 1919، فأجابته اللجنة إلى طلبه بجلسة 4 من أكتوبر سنة 1953، مؤسسة قرارها على أن مجلس الوزراء بقراره الصادر في 19 من أغسطس سنة 1951 قد أقر قاعدة تنظيمية عامة من مقتضاها حساب مدة الخدمة باليومية ضمن المدة المحسوبة في المعاش لكل من لم يسبق تسوية حالته وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 24 من مايو سنة 1950، فطعنت وزارة العدل في قرار اللجنة القضائية سالف الذكر أمام محكمة القضاء الإداري بصحيفة أودعت سكرتارية هذه المحكمة في 9 من يناير سنة 1954، واستندت في طعنها إلى أن أحكام قانون المعاشات الذي يعامل على أساسه المطعون عليه لا تجيز ضم مدد خدمة باليومية في حساب المعاش، وإذا كان مجلس الوزراء - استثناء من أحكام القانون - قد رأى معاملة بعض الموظفين معاملة استثنائية فلا يجوز إجراء حكم هذا الاستثناء على موظفين آخرين غير من عناهم بقراره، ولا يصح اعتبار الوارد بقراراته قاعدة تنظيمية عامة؛ إذ لا يملك مجلس الوزراء، وهو سلطة أدنى من السلطة التي أصدرت القانون، وضع قواعد تنظيمية عامة بالمخالفة لأحكام هذا القانون. وقد قضت محكمة القضاء الإداري بحكمها الصادر في 30 من يونيه سنة 1955 "برفض الطعن وألزمت الحكومة بالمصروفات". وأقامت قضاءها على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 19 من أغسطس من 1951 قد وضع قاعدة تنظيمية عامة تسري في حق من تماثل حالتهم حالة من خصهم قرار 24 من مايو سنة 1950 بمعاملة فردية، وقد جاء بأسباب حكمها في هذا الصدد أنه "غير مجد في الدعوى ما يثار من نقاش حول سلطة مجلس الوزراء إصدار قرار 19 من أغسطس سنة 1951 بعد أن صدر القانون رقم 86 لسنة 1951 الذي اعتبر في حكم الصحيحة القرارات التي صدرت من مجلس الوزراء في المدة من 4 من يونيه سنة 1929 إلى تاريخ العمل بهذا القانون في 21 من مايو سنة 1951 وكذلك القرارات التي تضمنت تدابير خاصة بجواز احتساب مدد في المعاش، سواء كانت ذلك بالاستثناء من أحكام القانون رقم 5 لسنة 1909 أم المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 أم أحكام القانون رقم 22 لسنة 1922 أم المرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929 ونص القانون في مادته الأولى بأن تظل هذه القرارات نافذة منتجة لآثارها" وأنه "لا شبهة في أن ما رمى إليه القانون رقم 86 لسنة 1951 هو إقرار حالتين: الأولى منهما خاصة بما صدر من قرارات من مجلس الوزراء في المدة من 4 من يونيه سنة 1929 حتى تاريخ العمل بهذا القانون في 21 من مايو سنة 1951، والثانية خاصة بالقرارات التي تضمنت تدابير خاصة بجواز احتساب مدد في المعاش وذلك بالاستثناء من أحكام القانون رقم 5 لسنة 1909 الخاص بالمعاشات أو من أحكام القانون رقم 22 لسنة 1922. واعتبر القانون في حكم الصحيحة ما صدر من قرارات قبل صدوره، ونص على أن تظل هذه القرارات نافذة منتجة لآثارها، كما نص على أن كل القرارات التي تضمنت تدابير خاصة بجواز احتساب مدد في المعاش تظل نافذة صحيحة، وهذه الحالة الأخيرة ليست مقصورة الأثر على ما صدر من قرارات قبل صدور القانون بل تمتد إلى القرارات التي تتضمن هذه التدابير ما دام القانون قائماً، ولا سبيل إلى سحب أحكام هذه الحالة إلى الماضي استناداً إلى الصياغة الحرفية لكلمة "تضمنت" فلو كان هذا قصد الشارع لاكتفى بما أفصح عنه من اعتبار كل ما صدر من قرارات قبل العمل به صحيحة نافذة ولما عنى بالنص على الحالة الثانية". "وأن القانون رقم 86 لسنة 1951، وقد اعتبر في حكم الصحيحة قرارات لمجلس الوزراء صدرت قبل صدوره، رمى إلى وضع حد فيما أثير من جدل حول مطابقتها لحكم القانون، وهذا القانون، عندما اعتبر ما يصدر من قرارات تتضمن تدابير خاصة بجواز احتساب مدد خدمة في المعاش صحيحة نافذة، قصد إلى منح مجلس الوزراء سلطة إصدار مثل هذه القرارات". "وأن قراري مجلس الوزراء الصادرين في 24 من مايو سنة 1950، و19 من أغسطس سنة 1951 تناول أولهما الموظفين والمستخدمين الذين حسبت لهم مدد خدمة باليومية في المعاش بالفعل، فأقر ما تم من احتساب مدة خدمتهم المؤقتة في المعاش، وأفصح مجلس الوزراء عن نيته بما لا يدع مجالاً للشك بأن قراره هذا مقصور الأثر على أشخاص معينين بذواتهم فلا يتعداهم إلى غيرهم، وتناول ثانيهما وضع قاعدة تنظيمية عامة تسري في حق من تماثل حالتهم حالة من خصهم قرار مجلس الوزراء الأول بمعاملة فردية. ومقتضى هذه القاعدة حساب مدد الخدمة باليومية التي اعتبرتها لجنة تعديل الدرجات في سنة 1921 بماهية شهرية في المعاش".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه، إذ قضى بأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 19 من أغسطس سنة 1951 قد وضع قاعدة تنظيمية عامة في شأن ضم مدد الخدمة باليومية في حساب المعاش، قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله؛ ذلك أن القوانين الخاصة بالمعاشات لم تكن تجيز ضم مدد الخدمة باليومية إلى المدة المحسوبة في المعاش. بيد أن مجلس الوزراء كان قد درج على إصدار قرارات مختلفة - عامة وفردية - من شأنها إفساح المجال أمام الموظفين لإدخال مدد في المعاش ما كانت تجيزها تلك القوانين. فرغبة في تصحيح هذا الوضع الخاطئ صدر القانون رقم 86 لسنة 1951 ناصاً في مادته الأولى على أنه "تعتبر في حكم الصحيحة القرارات التي صدرت من مجلس الوزراء في المدة من 4 من يونيه سنة 1929 إلى تاريخ العمل بهذا القانون المبينة بالكشف المرافق لهذا القانون وكذلك القرارات التي تضمنت تدابير خاصة بجواز احتساب مدد في المعاش سواء أكان ذلك بالاستثناء من أحكام القانون رقم 5 لسنة 1909 أم المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 أم من أحكام القانون رقم 22 لسنة 1922 أم المرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929، وتظل هذه القرارات نافذة منتجة لآثارها" وأنه ظاهر من عبارة هذا النص وفي استعمال لفظ "تضمنت" في صدد وصف الفئة الثانية من القرارات أن الحكم الوارد بالمادة الأولى سالفة الذكر إنما ينصرف إلى القرارات التي سبقت صدوره، وأنه يبين من تتبع الأعمال التحضيرية للقانون رقم 86 لسنة 1951 أن المشرع لم يتعد دائرة تصحيح القرارات السابقة ولم ينصرف قصده بحال من الأحوال إلى تخويل مجلس الوزراء سلطة إصدار قرارات تنظيمية عامة من هذا القبيل في المستقبل.
ومن حيث إنه في 15 من إبريل سنة 1909 صدر القانون رقم 5 لسنة 1909 الخاص بالمعاشات الملكية وقد نصت المادة التاسعة منه على أن "الخدمات التي لم يجر على مرتبها حكم الاستقطاع لا تحسب في تسوية المعاش في أي حال من الأحوال.. ويستثنى من ذلك مدة الاختبار المقررة في اللائحة العمومية لقبول وترقية المستخدمين الملكيين فإن هذه المدة تحسب في المعاش...." واستمر العمل بأحكام ذلك القانون فيما يتعلق بحساب مدد الخدمة في المعاش إلى 8 من مايو سنة 1922 حيث صدر القانون رقم 22 لسنة 1922 وقد ورد بديباجته ما يأتي: "ولما كان يوجد - من بين الموظفين والمستخدمين المدنيين في الحكومة المقيدين الآن في سلك المستخدمين الدائمين والذين يجرى على ماهيتهم حكم استقطاع الاحتياطي البالغ خمسة في المائة - طائفة من الموظفين والمستخدمين، لهم قبل انتظامهم في ذلك السلك مدد خدمة ذات ماهية شهرية، وكانوا مقيدين في غضونها في سلك المستخدمين المؤقتين، فلم يكن يجرى عليهم حكم الاستقطاع، وكان لا يجوز، بمقتضى أحكام المادة 9 من القانون رقم 5 لسنة 1909 المشار إليه، احتساب تلك المدد في المعاش في أي حال من الأحوال، وكان من المناسب تعديل هذا الحكم لفائدة الموظفين والمستخدمين الذين خدموا الحكومة كمستخدمين مؤقتين بماهية شهرية قبل دخولهم سلك المستخدمين الدائمين"، ونصت المادة الأولى منه على أنه "ابتداء من نشر هذا القانون كل موظف أو مستخدم من موظفي الحكومة ومستخدميها يكون مقيداً من قبل أو يعين فيما بعد في سلك المستخدمين الدائمين الذين يجرى عليهم حكم استقطاع الخمسة في المائة من ماهيتهم يجوز أن يدخل في حساب معاشه طبقاً للمواد الآتية مدد خدماته السابقة التي لم يستقطع عنها شيء مما ذكر على شرط أن تكون تلك المدد قد دفعت ماهيتها مشاهرة...."
وفي 28 من مايو سنة 1929 صدر المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية وقد نص في المادة التاسعة منه على أن "الخدمات التي لا يجرى على ماهيتها حكم الاستقطاع لا تحسب في تسوية المعاش أو المكافأة في حال من الأحوال....." واستثنت المادة من ذلك "مدة الاختبار المقررة في اللائحة لقبول وترقية المستخدمين الملكيين". وكذلك "المدة التي تقضي في البعثات التي ترسلها الحكومة إلى الخارج..." ونصت المادة الثامنة والثلاثون على أنه "يجوز لمجلس الوزراء أن يقرر بناء على اقتراح وزير المالية ولأسباب يكون تقديرها موكولاً إلى المجلس منح معاشات استثنائية أو زيادات في المعاشات أو منح مكافآت استثنائية للموظفين والمستخدمين المحالين إلى المعاش أو الذين يفصلون من الخدمة". وفي 28 من مايو سنة 1929 أيضاً صدر المرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929 الخاص بوضع قواعد لدفع احتياطي المعاش المتأخر على الموظفين الذين رخص لهم بحسبان مدد خدمتهم المؤقتة في المعاش ملغياً القانون رقم 22 لسنة 1922 ومضيقاً من نطاق تطبيق أحكامه، فقد نصت المادة الثانية على أنه "تدخل فقط في حساب المعاش المدد التي في أثنائها كانت ماهية الموظف أو المستخدم محسوبة على وظيفة دائمة، على أنه إذا تخللت مدة خدمته فترات قيد في أثنائها بمقتضيات مصلحية على وظائف مؤقتة دون أن يغير طبيعة عمله، ثم أعيد قيده على وظيفة دائمة، فهذه الفترات تحسب مدة خدمة في وظائف دائمة". ثم صدر بعد ذلك المرسوم بقانون رقم 30 لسنة 1935 مبطلاً العمل بالمرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929 سالف الذكر.
ومن حيث إنه على الرغم من أنه يبين بجلاء من استقراء نصوص القوانين المشار إليها أنها ما كانت تجيز حساب مدد خدمة باليومية في المعاش إلا في الحدود التي رسمتها حسبما سلف بيانه، فإن مجلس الوزراء درج على إصدار قرارات مختلفة، عامة وفردية، تقضي بحساب مدد خدمة في المعاش ما كانت تجيزها تلك القوانين، فلم يكن محيص من العمل على تصحيحها، فتقدمت الحكومة في أوائل سنة 1951 إلى البرلمان بمشروع قانون نص في مادته الأولى على أنه "تعتبر في حكم الصحيحة القرارات التي صدرت من مجلس الوزراء في المدة من 4 من يونيه سنة 1929 إلى 14 من فبراير سنة 1945 وتضمنت تدابير خاصة بجواز احتساب مدد خدمة مؤقتة في المعاش سواء أكان ذلك بالاستثناء من أحكام القانون رقم 5 لسنة 1909 أم المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 أم من أحكام القانون رقم 22 لسنة 1922 أم المرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929. وتظل هذه القرارات نافذة منتجة لآثارها وذلك بدون إخلال بحق مجلس الوزراء في تعديلها أو إلغائها في المستقبل". وقد بحثت لجنة الشئون المالية بمجلس النواب مشروع القانون المشار إليه وأبدت على مادته الأولى الملاحظات الآتية:
"1- إن القرارات التي يراد اعتبارها في حكم الصحيحة هي التي صدرت في المدة من 4 من يونيه سنة 1929 إلى 14 من فبراير سنة 1945 وهو التاريخ الذي بدئ فيه التفكير في تصحيح هذه القرارات، وأن ثمة قرارات صدرت بعد ذلك، ولذلك رأت اللجنة أن تمتد هذه الفترة إلى تاريخ العمل بهذا القانون، وقد عدلت اللجنة المادة على هذا الأساس".
"2- إن القرارات العامة التي يراد اعتبارها في حكم الصحيحة ستتخذ صفة قانونية تجعلها متممة لهذا التشريع ومن أجل ذلك لا بد من أن يلحق بيانها بهذا القانون. أما القرارات الفردية فيكفي لكي تعتبر صحيحة أن يكون صدورها في حدود الفترة التي سبقت الإشارة إليها".
"3- إن القرارات التي أشار إليها القانون ليست قاصرة على مدد الخدمة المؤقتة بل تناول بعضها مدداً دراسية أو مدد فصل سياسي ولذلك لم يكن بد من تعميم النص".
"4- إن هذه القرارات، ما دامت قد أصبحت أحكاماً تضمنها القانون، لا يجوز أن يستمر حق مجلس الوزراء قائماً في تعديلها أو إلغائها لأن أحكام القانون لا تعدل إلا بقانون. ولذلك حذفت اللجنة العبارة الأخيرة من الفقرة الأخيرة، وبذلك أصبح نص المادة الأولى كما يلي "تعتبر في حكم الصحيحة القرارات التي صدرت من مجلس الوزراء في المدة من 4 من يونيه سنة 1929 إلى تاريخ العمل بهذا القانون المبينة بالكشف المرافق لهذا القانون وكذلك القرارات التي تضمنت تدابير خاصة بجواز احتساب مدد في المعاش سواء أكان ذلك بالاستثناء من أحكام القانون رقم 5 لسنة 1909 أم المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 أم من أحكام القانون رقم 22 لسنة 1922 أم المرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929، وتظل هذه القرارات نافذة منتجة لآثارها".
ومن حيث إن اللجنة المالية راعت في صياغتها للنص الجديد أن ثمة نوعين من القرارات: قرارات عامة وهذه سيلحق بيانها بالقانون، وأخرى فردية وهذه يكفي لكي تعتبر صحيحة أن يكون صدورها في حدود الفترة التي نص عليها في القانون، ومن ثم فلم تقصد اللجنة بهذا النص المعدل أن تمنح مجلس الوزراء سلطة إصدار قرارات من نوع القرارات التي أعد مشروع القانون لتصحيحها كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه، بل إن اللجنة أكدت في وضوح صدق هذا النظر، إذ قالت في البند 4 من ملاحظاتها السابق الإشارة إليها" إنه ما دامت القرارات التي صدر في شأنها القانون قد أصبحت أحكاماً تضمنها القانون فلا يجوز أن يستمر حق مجلس الوزراء قائماً في تعديلها أو إلغائها لأن القانون لا يعدل إلا بقانون". ولما أحيل مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ قامت اللجنة المالية ببحثه ثم أعدت تقريراً استهلته بالإشارة إلى ما سبق بيانه من قوانين ثم قالت "وقد درج مجلس الوزراء - بعد عرض من وزارة المالية - على إصدار قرارات مختلفة مبينة بالكشف المرافق، من شأنها إفساح المجال أمام الموظفين لإدخال مدد خدمة مختلفة في المعاش ما كانت تجيزها القوانين المعمول بها. لذلك رأى مجلس الدولة وجوب تصحيح الوضع بإصدار التشريع المعروض.." ثم أضافت بعد ذلك "كذلك لما تبين أن ما يهدف إليه المشروع من تصحيح وضع خاطئ جرى عليه مجلس الوزراء فلا يجوز الترخيص له في الاسترسال في إصدار قرارات هي في الواقع تعديل لأحكام القانون ولذا حذفت العبارة الواردة بالفقرة الثانية من المادة الأولى وهي
"وذلك بدون إخلال بحق مجلس الوزراء في تعديلها أو إلغائها في المستقبل" لوقفه عن إصدار مثل هذه القرارات وإلا تصبح باطلة ولا يترتب عليها أي أثر في التنفيذ". وانتهت اللجنة إلى الموافقة على مشروع القانون كما عدله مجلس النواب، فصدر بذلك القانون رقم 86 لسنة 1951 متضمناً المادة الأولى معدلة على النحو الذي أقره المجلسان وأرفق به كشف ببيان قرارات مجلس الوزراء التي اعتبرت صحيحة بمقتضى القانون المذكور ومن بينها القرار الصادر في 24 من مايو سنة 1950 بالموافقة على حساب مدد خدمة باليومية في المعاش لمائة واثني عشر موظفاً بوزارة العدل.
ومن حيث إنه يظهر مما تقدم، وعلى هدي الأعمال التحضيرية للقانون رقم 86 لسنة 1951، أن الحكم المطعون فيه إذ ذهب إلى أن المادة الأولى منه تضمنت إقرار حالتين: أولاهما خاصة بما صدر من مجلس الوزراء من قرارات في المدة من 4 من يونيه سنة 1929 إلى تاريخ العمل بذلك القانون أي في 21 من مايو سنة 1951 وهذه اعتبرها القانون صحيحة نافذة منتجة لآثارها، والثانية خاصة بالقرارات التي تضمنت تدابير خاصة بجواز احتساب مدد في المعاش، وهذه تظل نافذة وصحيحة وتمتد إلى كل ما يصدر من قرارات مماثلة ما دام القانون رقم 86 لسنة 1951 قائماً. إن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه.
ومن حيث إن المادة 38 من القانون رقم 37 لسنة 1929 إذ نصت على أنه "يجوز لمجلس الوزراء أن يقرر بناء على اقتراح وزير المالية ولأسباب يكون تقديرها موكولاً إلى المجلس منح معاشات استثنائية أو زيادات في المعاشات أو مكافآت استثنائية للموظفين والمستخدمين المحالين إلى المعاش أو الذين يفصلون من الخدمة" إنما خولت المجلس تلك السلطة الاستثنائية لإعمالها في حالات فردية بالنسبة لموظفين أو مستخدمين انتهت مدة خدمتهم ويرى، لأسباب خاصة قائمة بهم يكون تقديرها موكولاً إليه، منحهم تلك المعاشات أو الزيادات في المعاشات أو المكافآت الاستثنائية ولا يمكن أن ترقى هذه السلطة إلى حد تقرير قواعد تنظيمية عامة مجردة يكون من مقتضاها نسخ الحكم التشريعي المنصوص عليه في المادة التاسعة من القانون المشار إليه.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 19 من أغسطس سنة 1951 قد صدر في حالات فردية لموظفين ومستخدمين بذواتهم فلا يجوز التحدي بإفادة المطعون عليه منه، وهو لم يصدر في شأنه. كما لا يجوز التحدي كذلك بأنه قرر قاعدة تنظيمية عامة تطبق في الحالات المماثلة؛ إذ فضلاً عن أنه لم يصدر على هذا النحو فإنه لا يملك تقرير مثل هذه القاعدة العامة المجردة حسبما سلف بيانه.
ومن حيث إنه لما تقدم جميعه يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ومن ثم يتعين إلغاؤه ورفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم
المطعون فيه، وبرفض التظلم، وألزمت المتظلم بالمصروفات.


(1) بهذا المعنى الأحكام الصادرة من نفس الهيئة وبنفس الجلسة في الطعون أرقام 291، 292، 294، لسنة 1 القضائية، وكذلك الطعن رقم 289 لسنة 1 القضائية بجلسة 19 من نوفمبر 1955.

الطعن 65 لسنة 1 ق جلسة 12 / 11 / 1955 إدارية عليا مكتب فني 1 ج 1 ق 14 ص 103

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1955

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

-----------------

(14)
القضية رقم 65 لسنة 1 القضائية

(أ) كادر العمال 

- العمال الموجودون بالخدمة وقت صدوره وقامت بهم شروطه في ذلك الوقت - احتساب ترقيات لهم في مواعيدها في الماضي دون توقف على وجود اعتمادات مالية أو درجات خالية - العمال الذين سيطبق عليهم مستقبلاً ولو كانوا معينين قبل صدوره - خضوعهم في ترقيتهم لقيود الترقية التي يقررها - وجوب التزام حدود الاعتماد المالي، ومراعاة نسبة لكل فئة من الصناع في القسم الواحد - خضوعهم أيضاً للقواعد العامة للترقية - اشتراط وجود درجات خالية - أساس التفرقة بين هاتين الطائفتين من العمال.
(ب) كادر العمال 

- ست السنوات التي اشترطها للترقية إلى درجة أعلى - شرط صلاحية للترقية لا شرط لزوم لها - المركز القانوني فيها لا ينشأ تلقائياً بمجرد استيفاء المدة - الجدول رقم 6 من كشوف حرف (ب) لا ينطوي على خروج على هذه القاعدة - دليل ذلك.

-------------------
1 - إن تطبيق أحكام كادر العمال ينصرف إلى طائفتين متميزتين من عمال اليومية لكل منهما وضع متباين عن الأخرى: (الطائفة الأولى) هي طائفة العمال الموجودين بالخدمة فعلاً وقت تنفيذه وقامت بهم شروطه، وهؤلاء يطبق عليهم بأثر رجعي. ومقتضى هذا الأثر أن تحسب لهم ترقيات اعتبارية في مواعيدها في الماضي دون توقف على وجود درجات خالية أو ارتباط باعتمادات مقررة؛ لقيام التسوية فيها على أسس فرضية محضة، ولأن الفروق المالية والنفقات المترتبة على إجراء هذه التسوية ووجهت في جملتها باعتمادات خاصة، وهذا ما يستخلص مما أشارت إليه وزارة المالية في كتابها الدوري ملف رقم 234 - 9/ 53 الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1945؛ إذ طلبت في صدره موافاتها ببيان ما يتكلفه تنفيذ هذا الكادر عن سنة حسب القواعد المبينة فيه، على أن يكون حصر التكاليف من واقع ملفات خدمة العمال، مع مراعاة مقدار أجورهم في أول مايو سنة 1945، ومقدار الأجرة التي تستحق في هذا التاريخ بتطبيق قواعد الكادر، ومقدار الزيادة المترتبة على ذلك. كما طلبت في ختامه من الوزارات والمصالح إعداد البيانات المتقدمة بتكاليف إنصاف العمال في صورة كشوف على أن تصل إليها خلال عشرة أيام. (والطائفة الثانية) هي طائفة العمال الذين سيطبق عليهم الكادر مستقبلاً، كمن يحل موعد ترقيتهم بعد أول مايو سنة 1945 ولو كانوا معينين قبل هذا التاريخ - وهؤلاء يخضعون في ترقيتهم لأحكام هذا الكادر بما أورده على الترقية من قيود، سواء من حيث وجوب مراعاة نسبة معينة لكل فئة من الصناع في القسم الواحد، أو من حيث التزام حدود اعتماد مالي معين، كما يخضعون للقواعد العامة للترقية من حيث ارتباطها بوجود درجات خالية؛ ذلك أن المشرع أجاز بنص الخروج على هذه القيود فيما يتعلق بتسوية حالة الصناع الموجودين في الخدمة وقت تنفيذ أحكام الكادر المذكور والذين توافرت فيهم شروطه؛ بأن وضعهم على درجات شخصية ودبر ذلك في حدود الاعتماد المالي الذي قرره في هذا الشأن، بينما أوجب التزام تلك القيود بعد الانتهاء من هذه التسويات؛ حتى يضمن بذلك سير الأوضاع الخاصة بالعمال في ظل التنظيم الذي استحدثه لهم الكادر المشار إليه على سنن منضبط قائم على الموازنة بين فئات العمال المختلفة موزعة بحسب حاجة العمل، وأجور كل فئة منها، وعدد الوظائف المخصصة لها، وبين الاعتماد المالي الذي يرصد لذلك سنوياً. وذلك كله رعاية لتنظيم العمل وفق مقتضياته، ابتغاء حسن سيره مع إيجاد التعادل بين طوائف العمال وضبط تقدير الاعتمادات المخصصة لهم في الميزانية تحقيقاً للمصلحة العامة.
2 - إن الترقية من درجة إلى الدرجة التالية لها لا تجوز (فيما خلا حالة الصناع حملة المؤهلات الدراسية الذين أبيح تقصير المدة بالنسبة إليهم) إلا بعد ست سنوات على الأقل يقضيها العامل في درجته، وأنها - بعد استكمال هذه المدة التي هي شرط صلاحية أساسه اكتساب الخبرة الفنية لا شرط لزوم - تكون جوازية تترخص الإدارة في تقدير ملاءمتها وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة لا حتمية ولا واقعة بقوة القانون. ومن ثم فلا ينشأ المركز القانوني فيها من تلقاء ذاته بمجرد استيفاء المدة. ولعل مثار اللبس في جواز الترقية إلى الدرجة التالية بعد ست سنوات أو وجوبها يرجع إلى ما ورد بالكشف رقم 6 من كشوف "ب" الملحقة بكادر العمال في شأن الصناع والعمال الفنيين الذين تسوى حالتهم من بدء تعيينهم بأجرة 300 م في اليوم في الدرجة (300 - 400 م) في الوظائف التي تحتاج إلى دقة؛ إذ ذكرت تحت خانة "بدء ونهاية المربوط" عبارة "300 - 400 م بعد ست سنوات يرقى إلى الدرجة الدقة الممتازة إلى نهاية ربطها وهو 700 م" ولكن الظاهر مما تضمنته هذه الكشوف أنه إنما قصد بها حصر الحرف المختلفة المراد تطبيق كادر العمال على المشتغلين بها، وترتيب فئات الصناع والعمال بحسب طبيعة الوظائف التي يؤدون عملها من حيث دقة هذا العمل وفنيته، وبيان بدء ونهاية مربوط الدرجة التي يوضع فيها كل منهم وتدرجه منها إلى التي تليها، وذلك كله في حدود القواعد التي استنها هذا الكادر وتنفيذاً لأحكامه. ولم يقصد بها وضع قواعد ليس من شأنها التعرض لها؛ ذلك أنها لا تعدو أن تكون كشوفاً بيانية وفرعاً تابعاً لأصل. وليس يتلاءم مع طبيعة هذا الوصف أن تستحدث أحكاماً لم ترد في هذا الأصل أو تأتي بأخرى على خلافه أو أن تعدل فيما قضى به من أوضاع وما ورد فيه من نصوص. كما أنها لم تتضمن تخصيصاً له أو استثناء منه - إذا لا تخصيص بلا مخصص ولا استثناء إلا بنص صريح يقرره - وإنما أريد بالعبارة المتقدم ذكرها إصابة هدفين:
(الأول) بيان طريقة تنفيذ ما طلبته وزارة المالية بكتابها الدوري ملف رقم ف 234 - 9/ 53 الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1945 بالنسبة إلى الصناع والعمال الموجودين في الخدمة فعلاً وقت تطبيق الكادر؛ وذلك لحصر تكاليف الإنصاف الذي قضى به، وإحصاء أجور هؤلاء العمال قبل هذا الإنصاف وبعده.
(والثاني) بيان الدرجة التالية التي يرقى إليها الصانع أو العامل من درجته الحالية، وحدود تدرجه في هذه الترقية بالإشارة إلى مدة السنوات الست اللازمة لذلك مفهومة بمعناها المحدد بكادر العمال؛ أي باعتبارها حداً أدنى لجواز الترقية وشرطاً لهذه الترقية.


إجراءات الطعن

في 3 من يوليه سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتارية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثانية) بجلسة 4 من مايو سنة 1955 في الدعوى رقم 5611 لسنة 8 القضائية المقامة من محافظ القاهرة، بصفته الممثل القانوني لبلدية القاهرة، ضد صالح محمود أحمد كركور، وهو الحكم الذي قضى بتأييد قرار اللجنة القضائية لوزارة الشئون البلدية والقروية الصادر في 23 من ديسمبر سنة 1953 في التظلم رقم 483 لسنة 2 القضائية المرفوع من صالح محمود أحمد كركور ضد مجلس بلدي مدينة القاهرة، والقاضي بأحقية المتظلم في تسوية حالته في درجة صانع دقيق (300 - 500 م) معدلة من تاريخ تعيينه وأحقيته في الترقية إلى درجة صانع دقيق ممتاز (360 - 700 م) بعد ست سنوات من تاريخ تعيينه وما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين، للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء قرار اللجنة القضائية، ورفض طلبات المتظلم، مع إلزامه بالمصروفات.
وقد أعلن كل من المطعون عليه والجهة الإدارية بعريضة الطعن في 6 و9 من يوليه سنة 1955 على التوالي. ولم يقدم المطعون عليه مذكرة بملاحظاته في الميعاد القانوني. وقد عين لنظر الطعن جلسة 22 من أكتوبر سنة 1955، وأبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقرر السيد المفوض الحاضر بالجلسة أنه يحدد المطلوب بالطعن بقصره على الشق الثاني من الحكم المطعون فيه، وهو الذي قضى بتأييد قرار اللجنة القضائية فيما قضى به في شقه الثاني من أحقية المتظلم في الترقية إلى درجة صانع دقيق ممتاز (360 - 700 م) بعد ست سنوات من تاريخ تعيينه، وما يترتب على ذلك من آثار. ومن ثم فهو يطلب إلغاء الحكم المطعون فيه وكذا قرار اللجنة القضائية في هذا الشق، مع رفض طلبات المتظلم الخاصة به، وإلزامه بالمصروفات المناسبة. وقد قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة الإدارية، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه قدم إلى اللجنة القضائية لوزارة الشئون البلدية والقروية التظلم رقم 483 لسنة 2 القضائية طالباً تسوية حالته على أساس وضعه في درجة صانع دقيق من بدء التعيين، وأحقيته في الترقية إلى درجة صانع دقيق ممتاز بعد ست سنوات من تاريخ تعيينه وما يترتب على ذلك من آثار؛ مستنداً في ذلك إلى أنه عين في أول مارس سنة 1944 بمصلحة التنظيم بمهنة براد ميكانيكي بعد أداء امتحان، وعند تطبيق كادر العمال منح أجراً يومياً قدره 300 م، وبعد مضي ست سنوات من تاريخ تعيينه طلب ترقيته إلى درجة صانع دقيق ممتاز (360 - 700 م)؛ إذ أن قواعد كادر العمال تقضي بأن الصانع الذي دخل الخدمة بامتحان ومهنته مدرجة بالكشف رقم 6 يعتبر صانعاً دقيقاً في الدرجة (300 - 400 م) ويرقى بعد مضي ست سنوات إلى صانع دقيق ممتاز، بيد أن المصلحة وضعته خطأ لدى تنفيذ كادر العمال في درجة صانع عادي (200 - 360 م) ومنحته أول مربوط درجة الصانع الدقيق وهو 300 م ولم تشأ تصحيح هذا الخطأ على الرغم من تكرار تظلمه. وقد أجابت المصلحة بأنه عين في أول مارس سنة 1944 بمهنة براد ميكانيكي بعد أن أدى امتحاناً، ووجد لائقاً لهذه الحرفة، ومنح أجراً يومياً قدره 200 م وعند تطبيق كادر العمال سويت حالته بمنحه أجراً يومياً قدره 300 م اعتباراً من أول مايو سنة 1944 في الدرجة (200 - 360 م) وبلغت أجرته بعد العلاوات 400 م في أول مايو سنة 1953 وقد تشكى طالباً تسوية حالته في الدرجة (300 - 500 م) من أول مايو سنة 1945 تاريخ تنفيذ كادر العمال، باعتبار أن مهنته واردة في الكشف رقم 6، مع أحقيته تبعاً لذلك في الترقية إلى الدرجة (360 - 700 م) الأمر الذي هو محل بحث. وفي 23 من ديسمبر سنة 1953 أصدرت اللجنة القضائية قرارها بأحقيته في تسوية حالته في درجة صانع دقيق (200 - 500 م) معدلة من تاريخ تعيينه وأحقيته في الترقية إلى درجة صانع دقيق ممتاز (360 - 700 م) بعد ست سنوات من تاريخ تعيينه، وما يترتب على ذلك من آثار. واستندت في قضائها عن الشق الأول من الطلبات إلى أن حرفة المتظلم هي من الحرف التي تحتاج إلى دقة؛ لورودها بالجدول رقم 6 الملحق بكادر العمال ضمن الحرف الدقيقة. وما دام قد دخل الخدمة بامتحان فيتعين وضعه في درجة صانع دقيق (300 - 500 م) من تاريخ تعيينه. وعن الشق الثاني إلى أن البند الثامن من قواعد كادر العمال قضى بأنه تجوز الترقية من درجة إلى الدرجة التالية لها بعد ست سنوات على الأقل يقضيها العامل في درجته، في حين قضت القواعد الواردة بالجدول رقم 6 من كشوف حرف (ب) الملحقة بالكادر المذكور بترقية أرباب الحرف الواردة فيه إلى درجة الدقة الممتازة (360 - 700 م) بعد ست سنوات. فلا نزاع إذن في أن هذا النص الأخير قد ورد على خلاف الأصل المقرر للترقية في باقي درجات الكادر؛ فالترقية بمقتضاه ترقية حتمية فرضها القانون للعامل بعد مضي المدة المقررة، ولا يجوز حرمانه منها إلا لسبب جدي يجعله غير صالح للترقية قانوناً. أما القول بوجوب قضاء السنوات الست قبل أول مايو سنة 1945 فلا يمكن التسليم به بصدد تطبيق القواعد الواردة بالجدول رقم 6 من كشوف حرف (ب)؛ إذا أن النص الوارد فيها قد ورد مطبقاً من كل قيد، والمطلق يجرى على إطلاقه ما لم يرد ما يخصصه. وأما القول بأن البند الثامن من قواعد كادر العمال، وهو نص عام، قد أجاز الترقية ولم يوجبها، فمردود بأن هذا النص العام قد خصصه النص الخاص الوارد بالجدول المشار إليه. ومن ثم فإن القاعدة الواردة فيه هي استثناء من القواعد العامة الواردة بشأن الترقيات، ولا مندوحة من إعمالها إنفاذاً لرغبة المشرع.
وبعريضة أودعت سكرتارية محكمة القضاء الإداري في 21 من مارس سنة 1954 طعنت الجهة الإدارية في قرار اللجنة القضائية المتقدم ذكره، طالبة الحكم بإلغائه مع إلزام المطعون عليه بالمصروفات والأتعاب. وأقامت طعنها على أن البند الثامن من كادر العمال يقضي بجواز الترقية بعد ست سنوات، وذلك بشرط وجود خلوات ودرجات خالية وسماح النسب المقررة بالكادر. ولما كانت هذه الخلوات غير متوافرة فإن المطعون عليه لا يكون مستحقاً للترقية. وبجلسة 4 من مايو سنة 1955 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه بتأييد قرار اللجنة القضائية للأسباب التي بني عليها مع إلزام الحكومة بالمصروفات. وفي 3 من يوليه سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتارية المحكمة عريضة طعن في هذا الحكم، وأقام هذا الطعن على وجه واحد هو مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ وذلك تأسيساً على أن القاعدة العامة الواردة بمذكرة وزارة المالية في شأن كادر العمال، وهي التي وافق عليها مجلس الوزراء بجلسة 23 من نوفمبر سنة 1944، تقضي بجواز الترقية من درجة إلى الدرجة التالية لها بعد ست سنوات يقضيها العامل في درجته. أما ما جاء بالجدول رقم 6 من الكشوف حرف (ب) المرافقة لكتاب وزارة المالية الدوري رقم ف 234 - 9/ 53 الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1945 من أن الصانع الدقيق يرقى بعد ست سنوات إلى درجة الدقة الممتازة التي نهاية ربطها 700 م فلا ينطبق إلا في خصوص التسويات التي تجرى في ذلك الحين للعمال والصناع الموجودين في الخدمة، ولم يقصد إعماله خارج هذه الحدود؛ بدليل ما نصت عليه قواعد كادر العمال من أنه يطبق على عمال اليومية الموجودين بالخدمة بأثر رجعي من تاريخ شغلهم الوظائف المقابلة للدرجات المقترحة في الكادر، وما جاء في البند الثالث عشر من كتاب المالية الدوري المشار إليه. ومفاد هذا أن التسويات التي أوردها الكادر إنما تسري بالنسبة إلى العمال الموجودين في الخدمة وقت صدوره، وبعد تسوية حالات هؤلاء العمال تكون الترقية إلى الدرجة التالية رهناً بوجود وظائف خالية من جميع الأحوال. وقد انتهت هيئة المفوضين بحسب التحديد الذي أوضحته بالجلسة إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من تأييد قرار اللجنة القضائية في شقه الخاص بأحقية المطعون عليه في الترقية إلى درجة صانع دقيق ممتاز (360 - 700 م) وجوباً بعد مضي ست سنوات من تاريخ تعيينه في أول مارس سنة 1944، وما يترتب على ذلك من آثار، والحكم برفض هذا الطلب من طلبات المطعون عليه مع إلزامه بالمصروفات المناسبة.
ومن حيث إنه ظاهر من الأوراق أن المطعون عليه عين بمصلحة التنظيم في أول مارس سنة 1944 بمهنة براد ميكانيكي بعد تأديته امتحاناً واتضاح لياقته، وذلك بأجر يومي قدره 200 م، ثم سويت حالته لدى تنفيذ كادر العمال بالتطبيق لأحكام هذا الكادر بمنحه أجراً يومياً قدره 300 م اعتباراً من أول مايو سنة 1944 في الدرجة ( 200 - 360 م ) قبل خصم الـ 12% فصارت أجرته 265 م. ورقى إلى الدرجة (300 - 500 م) اعتباراً من أول يوليه سنة 1952 وبلغ أجره اليومي بالعلاوات الدورية وعلاوة الترقية 400 م في أول مايو سنة 1953.
ومن حيث إنه يبين من مذكرة اللجنة المالية رقم ف 234 - 1/ 302 المرفوعة إلى مجلس الوزراء برأي وزارة المالية في شأن إنصاف عمال اليومية والتي وافق عليها المجلس بجلسته المنعقدة في 23 من نوفمبر سنة 1944 أنه جاء بها في باب الترقيات أنه "تجوز الترقية من درجة إلى الدرجة التالية لها بعد ست سنوات يقضيها العامل في درجته". وفي باب كيفية تطبيق قواعد هذا الكادر أن "يطبق الكادر المقترح على عمال اليومية الموجودين بالخدمة بأثر رجعي من تاريخ شغلهم الوظائف المقابلة للدرجات المقترحة في الكادر". وفي البند (1) من القواعد العامة أن "تحدد كل وزارة أو مصلحة عدد كل فئة من فئات الصناع في كل قسم حسب ما تقتضيه حالة العمل، وأن يكون متوسط هذه الفئات مضروباً في عدد الوظائف لا يجاوز الاعتماد المقرر". وقد ورد في كتاب وزارة المالية الدوري بشأن كادر عمال اليومية ملف رقم ف 234 - 9/ 53 الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1945 في البند الثامن منه الخاص بالترقيات ترديد لقاعدة جواز الترقية من درجة إلى الدرجة التالية لها بعد ست سنوات على الأقل يقضيها العامل درجته. كما نص في البند الثالث عشر منه الخاص بالقواعد العامة على أن "تحدد كل وزارة أو مصلحة عدد كل فئة من فئات الصناع في كل قسم حسبما تقتضيه حالة العمل وحسب الوارد في الكشوف المرفقة وبمراعاة النسب المبينة في البند ثالثاً - وبعد الانتهاء من تسوية حالة العمال الموجودين الآن في الخدمة يجب أن يكون متوسط فئات أجور كل قسم مضروباً في عدد الوظائف لا يتجاوز الاعتماد المقرر. وبما أنه قد يترتب على تسوية حالة الصناع الموجودين الآن في الخدمة أن يزيد عدد الصناع في درجة ما عن العدد المقرر بحسب النسب المبينة في البند ثالثاً فيوضع العمال الزائدون بأجورهم التي يصلون إليها بالتسوية بصفة شخصية على الدرجات الأقل". كذلك ورد بكتاب وزارة المالية الدوري ملف رقم ف 234 - 9/ 53 المؤرخ 8 من سبتمبر سنة 1951 والمنفذ لقرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 أنه "لا تكون الترقيات جميعها إلا إلى الدرجات الخالية وبعد قضاء المدة المقررة". ومفاد ما تقدم من نصوص:
(أولاً) أن تطبيق أحكام كادر العمال ينصرف إلى طائفتين متميزتين من عمال اليومية لكل منهما وضع متباين عن الأخرى: (الطائفة الأولى) هي طائفة العمال الموجودين بالخدمة فعلاً وقت تنفيذه وقامت بهم شروطه، وهؤلاء يطبق عليهم بأثر رجعي. ومقتضى هذا الأثر أن تحسب لهم ترقيات اعتبارية في مواعديها في الماضي دون توقف على وجود درجات خالية أو ارتباط باعتمادات مقررة؛ لقيام التسوية فيها على أسس فرضية محضة، ولأن الفروق المالية والنفقات المترتبة على إجراء هذه التسوية ووجهت في جملتها باعتمادات خاصة. وهذا ما يستخلص مما أشارت إليه وزارة المالية في كتابها الدوري آنف الذكر الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1945؛ إذا طلبت في صدره موافاتها ببيان ما يتكلفه تنفيذ هذا الكادر عن سنة حسب القواعد المبينة فيه، على أن يكون حصر التكاليف من واقع ملفات خدمة العمال، مع مراعاة مقدار أجورهم في أول مايو سنة 1945، ومقدار الأجرة التي تستحق في هذا التاريخ بتطبيق قواعد الكادر، ومقدار الزيادة المترتبة على ذلك. كما طلبت في ختامه من الوزارات والمصالح إعداد البيانات المتقدمة بتكاليف إنصاف العمال في صورة كشوف على أن تصل إليها خلال عشرة أيام. (والطائفة الثانية) هي طائفة العمال الذين سيطبق عليهم الكادر مستقبلاً، كمن يحل موعد ترقيتهم بعد أول مايو سنة 1945 ولو كانوا معينين قبل هذا التاريخ، وهؤلاء يخضعون في ترقيتهم لأحكام هذا الكادر بما أورده على الترقية من قيود، سواء من حيث وجوب مراعاة نسبة معينة لكل فئة من الصناع في القسم الواحد، أو من حيث التزام حدود اعتماد مالي معين، كما يخضعون للقواعد العامة للترقية من حيث ارتباطها بوجود درجات خالية؛ ذلك أن المشرع أجاز بنص الخروج على هذه القيود فيما يتعلق بتسوية حالة الصناع الموجودين في الخدمة وقت تنفيذ أحكام الكادر المذكور والذين توافرت فيهم شروطه بأن وضعهم على درجات شخصية، ودبر ذلك في حدود الاعتماد المالي الذي قرره في هذا الشأن، بينما أوجب التزام تلك القيود بعد الانتهاء من هذه التسويات حتى يضمن بذلك سير الأوضاع الخاصة بالعمال في ظل التنظيم الذي استحدثه لهم الكادر المشار إليه على سنن منضبط قائم على الموازنة بين فئات العمال المختلفة موزعة بحسب حاجة العمل وأجور كل فئة منها، وعدد الوظائف المخصصة لها، وبين الاعتماد المالي الذي يرصد لذلك سنوياً. وذلك كله رعاية لتنظيم العمل وفق مقتضياته، ابتغاء حسن سيره، مع إيجاد التعادل بين طوائف العمال، وضبط تقدير للاعتمادات المخصصة لهم في الميزانية تحقيقاً للمصلحة العامة.
(ثانياً) أن القاعدة التي اقترحتها وزارة المالية ووافق عليها مجلس الوزراء ثم أخذت بها الوزارة بعد ذلك، دون أن تخرج عليها باستعمال حقها في الاستثناء الذي خولها إياه مجلس الوزراء، هي أن الترقية من درجة إلى الدرجة التالية لها لا تجوز، فيما خلا حالة الصناع حملة المؤهلات الدراسية الذين أبيح تقصير المدة بالنسبة إليهم، إلا بعد ست سنوات على الأقل يقضيها العامل في درجته، وأنها - بعد استكمال هذه المدة التي هي شرط صلاحية أساسه اكتساب الخبرة الفنية لا شرط لزوم - تكون جوازية تترخص الإدارة في تقدير ملاءمتها وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة، لا حتمية ولا واقعة بقوة القانون. ومن ثم فلا ينشأ المركز القانوني فيها من تلقاء ذاته بمجرد استيفاء المدة.
(ثالثاً) أن مناط هذه الترقية الجوازية بعد استكمال مدتها رهن بعناصر شتى، منها مراعاة النسبة المئوية لعدد الصناع والعمال الفنيين بعضهم إلى بعض موزعين في الدرجات المختلفة، وهي النسبة التي حددها البند الثالث من كتاب وزارة المالية ملف رقم ف 234 - 9/ 53 المؤرخ 16 من أكتوبر سنة 1945 وكذا عدد كل فئة من فئات الصناع في كل قسم في وزارة أو مصلحة محدداً بحسب ما تقتضيه حالة العمل في هذا القسم، ووجوب أن يكون متوسط فئات هؤلاء الصناع مضروباً في عدد الوظائف غير مجاوز للاعتماد المالي المقرر، وذلك طبقاً لما جاء بالبند الثالث عشر من كتاب وزارة المالية المتقدم ذكره، وما نص عليه البند (1) من القواعد العامة الواردة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1944. هذا فضلاً عن الشروط العامة للترقية وهي وجود درجات خالية بالميزانية، وترخص الإدارة في اختيار الوقت المناسب لإجرائها، حيث لم ينص المشرع على منح هؤلاء العمال درجات شخصية يرقون إليها آلياً ولو لم توجد درجات خالية تتسع لترقيتهم.
ومن حيث إن مثار اللبس، في جواز الترقية إلى الدرجة التالية بعد ست سنوات أو وجوبها، يرجع إلى ما ورد بالكشف رقم 6 من كشوف "ب" الملحقة بكادر العمال في شأن الصناع والعمال الفنيين الذين تسوى حالتهم من بدء تعيينهم بأجرة 300 م في اليوم في الدرجة (300 - 400 م) في الوظائف التي تحتاج إلى دقة؛ إذ ذكرت تحت خانة "بدء ونهاية المربوط" عبارة "300 - 400 م بعد ست سنوات يرقى إلى الدرجة الدقة الممتازة إلى نهاية ربطها وهو 700 م". وظاهر مما تضمنته هذه الكشوف أنه إنما قصد بها حصر الحرف المختلفة المراد تطبيق كادر العمال على المشتغلين بها، وترتيب فئات الصناع والعمال بحسب طبيعة الوظائف التي يؤدون عملها من حيث دقة هذا العمل وفنيته، وبيان بدء ونهاية مربوط الدرجة التي يوضع فيها كل منهم وتدرجه منها إلى التي تليها، وذلك كله في حدود القواعد التي استنها هذا الكادر وتنفيذاً لأحكامه. ولم يقصد بها وضع قواعد ليس من شأنها التعرض لها؛ ذلك أنها لا تعدو أن تكون كشوفاً بيانية وفرعاً تابعاً لأصل. وليس يتلاءم مع طبيعة هذا الوصف أن تستحدث أحكاماً لم ترد في هذا الأصل أو تأتي بأخرى على خلافه أو أن تعدل فيما قضى به من أوضاع وما ورد فيه من نصوص، كما أنها لم تتضمن تخصيصاً له أو استثناء منه، إذ لا تخصيص بلا مخصص، ولا استثناء إلا بنص صريح يقرره، وإنما أريد بالعبارة المتقدم ذكرها إصابة هدفين:
(الأول) بيان طريقة تنفيذ ما طلبته وزارة المالية بكتابها الدوري ملف رقم ف 234 - 9/ 53 الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1945 بالنسبة إلى الصناع والعمال الموجودين في الخدمة فعلاً وقت تطبيق الكادر، وذلك لحصر تكاليف الإنصاف الذي قضى به وإحصاء أجور هؤلاء العمال قبل هذا الإنصاف وبعده؛ إذ استهل كتاب المالية بقوله:
"إشارة إلى قراري مجلس الوزراء الصادرين في 23 من نوفمبر و28 من ديسمبر سنة 1944 وإلى... ترجو وزارة المالية موافاتها ببيان ما يتكلفه تنفيذ هذا الكادر عن سنة حسب القواعد المبينة فيما بعد، على أن يكون حصر التكاليف من واقع ملفات خدمة العمال، ويراعي في إعداد البيان ما يأتي:
( أ ) مقدار الأجور الحالية للعمال في أول مايو سنة 1945 لكل فريق على حدة... وذلك عن مدة سنة.
(ب) مقدار الأجرة التي تستحق في أول مايو سنة 1945 بتطبيق القواعد المشار إليها لكل فريق على حدة لمدة سنة.
(جـ) مقدار الزيادة التي تستحق لكل فريق محسوبة عن مدة سنة".
كما جاء في ختامه: "وترجو وزارة المالية إعداد البيانات المتقدمة في صورة كشف تحت عنوان تكاليف إنصاف العمال حسب كشوف الحرف ( أ )، ومرافق لهذا نوع آخر من الكشوف تحت عنوان كشوف (ب). وترجو وزارة المالية إعداد بيان آخر بتكاليف إنصاف العمال يطلق عليه عنوان تكاليف إنصاف العمال حسب الكشوف حرف (ب).
ويراعي عند تسوية حالة العمال الموضحة حرفهم في الكشف رقم 6 من كشوف (ب) أن تكون تسوية حالة كل منهم على أساس منحه أجرة يومية قدرها 300 مليم من تاريخ دخوله الخدمة إذا كان قد دخل الخدمة بامتحان.
هذا ونرجو التنبيه مشدداً لكي تصل هذه البيانات لوزارة المالية في خلال عشرة أيام من تاريخ هذا الكتاب الدوري".
ومما يؤيد هذا النظر أنه ورد بكتاب المالية المشار إليه تحت عنوان "الكشف الثاني" قوله: "ويكون عنوانه تكاليف إنصاف العمال الفنيين والصناع "ب"، وتحسب التكاليف في هذا الكشف على أساس أن كل صانع دخل الخدمة بامتحان تسوى حالته بافتراض تعيينه بأجرة 300 مليم من تاريخ التعيين في درجة صانع دقيق (240 - 450 م) زيدت بطريق العلاوات الدورية سواء كان حاصلاً على الشهادة الابتدائية أو غير حاصل عليها. والصانع الذي دخل الخدمة بدون امتحان ولم يكن حاصلاً على الشهادة الابتدائية أو ما يعادلها تفترض له مدة خدمة كصبي ثماني سنوات، ويوضع من التاريخ التالي لانقضاء هذه السنوات الثماني في درجة صانع غير دقيق بأجرة يومية 200 مليم ثم تدرج أجرته بالعلاوات في درجته.
ومن دخل الخدمة بوظيفة صانع بدون امتحان وكان حاصلاً على الشهادة الابتدائية أو ما يعادلها تفترض له ترقية لدرجة صانع دقيق بأجرة 300 مليم بعد انقضاء خمس سنوات خدمة. ومن لم يكن قضى خمس سنوات يوضع في درجة صانع دقيق بأجرة 300 مليم بعد انقضاء هذه السنوات الخمس، ويشترط وجود درجة خالية، وتسوى حالته خلال هذه السنوات الخمس على اعتبار مساعد صانع".
الأمر الذي يدل على أن تكاليف التسويات التي تمت للصناع الموجودين في الخدمة وقت تنفيذ كادر العمال إنما جرى حسابها بالنسبة إلى الماضي على أسس افتراضية مجردة عن القيود التي تخضع لها الترقيات الفعلية، على نقيض الحال بالنسبة إلى من أتموا المدد المقررة للترقية بعد ذلك. وهذا هو سبب الإطلاق الوارد في العبارة المدرجة في الكشف رقم 6 وفي سواه من الكشوف التي أعدت بيانات تكاليف إنصاف العمال على مقتضاها. ولكن ينبغي أن يقيد هذا الإطلاق في مجال الترقية مستقبلاً بما ورد من الأحكام السابق الإشارة إليها في هذا الخصوص.
و(الثاني) بيان الدرجة التالية التي يرقى إليها الصانع أو العامل من درجته الحالية، وحدود تدرجه في هذه الترقية بالإشارة إلى مدة السنوات الست اللازمة لذلك مفهومة بمعناها المحدد بكادر العمال، أي باعتبارها حداً أدنى لجواز الترقية وشرطاً لهذه الترقية؛ ذلك أن كادر العمال قسم الوظائف الفنية التي تحتاج إلى دقة إلى فئات ثلاث: الأولى (240 - 400 م) والثانية (280 - 400 م) والثالثة (320 - 400 م)، وأفرد للأولى الكشف رقم 5 من كشوف الحرف "ب"، كما خصص للثانية الكشف رقم 6 من الكشوف ذاتها، مراعياً في هذه التفرقة التفاوت بين بدء مربوط كان من هاتين الفئتين. ومع أن وظائف كلتا الفئتين تتحد في طبيعتها من حيث احتياجها إلى الدقة، فقد ذكرت في الكشف رقم 5 قرين بعضها عبارة "يرقى بعد ست سنوات إلى الوظيفة التي تحتاج إلى دقة ممتازة"، بينما وردت هذه العبارة في الكشف رقم 6 "300 - 400 م بعد ست سنوات يرقى إلى الدرجة الدقة الممتازة إلى نهاية ربطها وهو 700 م". وظاهر من هذا أن المراد بهذه العبارة هو مجرد تعيين نطاق المركز القانوني المرشح له الصانع أو العامل من أفراد هذه الفئة أو تلك لدى استكمال المدة المذكورة، لا تقرير حكم مخالف للأصل العام خاص بميعاد ترقيته أو بمنحه نهاية مربوط الدرجة ولو لم يصل إليها بالعلاوات الدورية العادية؛ لأن هذا لو صح لكان استثناء، والاستثناء لا يفترض ولا ينتزع من لفظ لا يحتمله، بل يجب أن تقوم عليه دلالة صريحة إبقاء على استصحاب الحال، ولا وجود لهذه الدلالة. ومتى كان الأمر كذلك فلا تأثير لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يونيه سنة 1950 بتطبيق قواعد وكشوف حرف "ب" فيمن عين بعد أول مايو سنة 1945 على صحة هذا النظر.
ومن حيث إن وزارة المالية قد ضمنت كتابها الدوري رقم ف 234 - 9/ 53 الصادر في 17 من يوليه سنة 1951 رأى مجلس الوزراء بشأن ما تقدم؛ إذ ذكرت في البند الخامس منه أن الوزارات تتساءل "هل تعمل تسويات لعمالها طبقاً لكشوف "ب" التي نص على تطبيقها، فإذا كان الجواب بالإيجاب هل تفترض ترقية مساعد الصانع أو الإشراق مثلاً بعد خمس سنوات إلى درجة صانع دقيق بأجر 300 م، ولو لم توجد درجات خالية بالميزانية، وتعتبر ترقياتهم شخصية خصماً على الدرجات الأدنى الشاغرة بالميزانية - وكذلك الحال في جميع حالات الترقية المترتبة على تطبيق كشوف حرف "ب"، أم يرجأ النظر في ترقياتهم لحين خلو درجات لهذه الترقيات بالميزانية؟". وأبدت الوزارة أن الرأي في هذا جاء "تأييداً لما ورد بقواعد وكشوف حرف "ب" من جواز الترقية بعد المدد المنصوص عنها بشرط وجود درجات خالية". وهذا الرأي لا يعدو أن يكون بياناً تفسيرياً لا ينطوي على ابتداع حكم جديد. وهو عين ما ذهب إليه قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 في خصوص ما تقدم قاصداً به دفع كل لبس أو تأويل.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما سلف بيانه يكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى بتأييد قرار اللجنة القضائية فيما ذهب إليه من أحقية المتظلم في الترقية إلى درجة صانع دقيق ممتاز (360 - 700 م) بعد ست سنوات من تاريخ تعيينه وما يترتب على ذلك من آثار، قد خالف القانون. ومن ثم يتعين الحكم بإلغائه وبرفض طلبات المطعون عليه في هذا الشق منه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من استحقاق المتظلم لدرجة صانع دقيق ممتاز (360 - 700 م) وجوباً بعد مضي ست سنوات من بدء خدمته في أول مارس سنة 1944 وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت المتظلم بالمصروفات المناسبة.

الطعن 1200 لسنة 52 ق جلسة 2 / 4 / 1987 مكتب فني 38 ج 1 ق 115 ص 537

جلسة 2 من إبريل سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ مصطفى صالح سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة، محمد حسن العفيفي، ممدوح السعيد، ولطفي عبد العزيز.

-----------------

(115)
الطعن رقم 1200 لسنة 52 القضائية

(1) تأميم "لجان التقييم".
لجان التقييم. نطاق اختصاصها، م 3 ق 117، 118 لسنة 1961. نهائية قرارها وعدم قابليته للطعن. شرطه. التزامها بعناصر المنشأة أصولاً وخصوماً وقت التأميم. قرارها بالفصل في نزاع بين المنشأة المؤممة وبين الغير بشأن الأموال والحقوق المتنازع عليها أو متعلق بالتقييم. لا حجية له. اختصاص المحاكم بتحقيقه والفصل فيه.
(2) تأميم "لجان التقييم".
تحديد لجنة التقييم لعنصر من عناصر المنشأة المؤممة على نحو مؤقت. أثره. استبقاء هذا العنصر في نطاق التأميم. تحديده من بعد بصفة نهائية. أثره. ارتداد التحديد إلى وقت التأميم.
(3) تأميم.
النص على أداء قيمة المنشآت المؤممة بموجب سندات اسمية على الدولة. مؤداه. التزام الدولة ممثلة في وزارة المالية بهذه القيمة. م 2 ق 117 لسنة 1961 وم 4 ق 118 لسنة 1961.

--------------------
1 - اختصاص لجان التقييم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة وبينته المادة الثالثة من القانونين 117، 118 لسنة 1961 - هو تقييم رؤوس أموال الشركات المساهمة المؤممة التي لم تكن أسهمها متداولة في البورصة أو كان قد مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة شهور وكذلك تقييم المنشآت غير المتخذة شكل شركات مساهمة، وتقييم رأس مال المنشأة يكون بتحديد الحقوق والأموال المملوكة لها وقت تأميمها وتقدير قيمتها وتحديد مقدار ديونها في ذلك التاريخ وعلى ضوء ذلك يتحدد صافي رأس مال المنشأة المؤممة ويكون قرار لجنة التقييم في هذا الشأن نهائياً وغير قابل للطعن فيه متى التزمت اللجنة في تقييمها بعناصر المنشأة أصولاً وخصوماً وقت تأميمها، وأما إذا خرجت لجنة التقييم عن هذا النطاق الذي رسمه لها المشرع بأن أضافت إلى أموال وحقوق المنشأة ما ليس لها أو استبعدت منها شيئاً أو حملتها بديون ليست ملزمة بها، فإن قرارها في هذا الصدد لا يكتسب أية حصانة ولا يكون حجة قبل الدولة أو أصحاب الشأن، كما أنه ليس للجان التقييم أن تفصل في أي نزاع يثور بشأن الأموال والحقوق المتنازع عليها بين المنشأة المؤممة وبين الغير أو أن تتعرض لأي نزاع آخر يتعلق بالتقييم في ذاته ذلك أن تحقيق المنازعات والفصل فيها من اختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة في ذلك إلا ما استثنى بنص خاص، فإذا تعرضت لجنة التقييم للفصل في تلك المنازعات فإن قرارها لا يكتسب حصانة تحول دون طرح تلك المنازعات على المحاكم المختصة لتحقيقها والفصل فيها ولا يعد ذلك طعناً في قرارات لجان التقييم وإنما هو سعي إلى الجهة ذات الولاية العامة للحصول على قضاء يحسم تلك المنازعات.
2 - تحديد لجنة التقييم لعنصر من عناصر المنشأة المؤممة على نحو مؤقت لا يخرج هذا العنصر من عناصر المنشأة سواء كان من الخصوم أو الأصول ولا يبعده عن نطاق التأميم ومن ثم إذا تم تحديد هذا العنصر بصفة نهائية بمعرفة الجهة المختصة ارتد أثر هذا التحديد إلى وقت التأميم فإن ترتب عليه زيادة في رأس مال المنشأة جرت على تلك الزيادة ما يجري على قيمة المنشأة المؤممة من أحكام.
3 - إذ كانت المادة الثانية من القانون رقم 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت والمادة الرابعة من القانون رقم 118 لسنة 1961 بتقرير مساهمة الحكومة في بعض الشركات والمنشآت قد نصتا على أن تؤدى قيمة المنشآت الموضحة بموجب سندات اسمية على الدولة، فإن مؤداه التزامها ممثلة في وزارة المالية بهذه القيمة على هذا النحو.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأولين أقاما الدعوى رقم 4921 سنة 1974 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الشركة الطاعنة والمطعون ضده الثالث بصفته (وزير المالية) وآخرين أن يدفعوا متضامنين إليهما مبلغ 6003.005 ج وقالا بياناً لذلك أنه بموجب القانون رقم 151 سنة 1963 الملحق بالقانون رقم 117 سنة 61 أممت الدولة النجدة النهرية "عاكف" المملوكة لهما، وإذ قدرت لجنة التقييم المختصة تلك الوحدة بمبلغ 6532.927 ج وسددت الطاعنة - بعد التأميم - الضرائب وأجور العمال المستحقة عليها، فإنهما يستحقان المبلغ المطالب به باعتباره الباقي من ثمن الوحدة بعد هذا السداد مضافاً إليه الفائدة القانونية المقررة بقانون التأميم، وبتاريخ 28/ 12/ 1975 ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى، وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 25/ 11/ 1979 بإلزام الطاعنة أن تدفع إلى المطعون ضدهما الأولين مبلغ 3223.973 ج والفوائد بواقع 4% من تاريخ المطالبة في 9/ 11/ 1974 حتى السداد، استأنفت الطاعنة والمطعون ضدهما الأولان هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة، وقيد استئناف الطاعنة برقم 91 سنة 97 ق والمطعون ضدهما سالفي الذكر برقم 120 سنة 97 ق وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين حكمت بتاريخ 22/ 2/ 1982 في أولهما برفضه وفي الثاني بتعديل الحكم المستأنف إلى جعل الفوائد القانونية من تاريخ التأميم الحاصل في 6/ 11/ 1963، وأيدته فيما عدا ذلك، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض على هذه الدائرة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعى الطاعنة بالخامس منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول أنها دفعت أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى استناداً إلى أن النزاع المطروح يعد طعناً في قرار لجنة تقييم الوحدة النهرية المؤممة الذي انتهى إلى تقييمها بصفر وقت التأميم، وإذ كان هذا القرار يعد من أعمال السيادة ولا يجوز الطعن فيه بأي وجه من الوجوه إعمالاً لحكم المادة الثالثة من القانون رقم 117 لسنة 1961، فإن الحكم المطعون فيه وقد رفض هذا الدفع وتصدى لموضوع النزاع على سند من أنه لا يعدو أن يكون مجرد مطالبة بدين مدني يحق المطالبة به - يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن اختصاص لجان التقييم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة وبينته المادة الثالثة من القانونين 117، 118 لسنة 1961 هو تقييم رؤوس أموال الشركات المساهمة المؤممة التي لم تكن أسهمها متداولة في البورصة أو كان قد مضى على آخر تعامل عليها أكثر من ستة شهور، وكذلك تقييم المنشآت غير المتخذة بشكل شركات مساهمة، وتقييم رأس مال المنشاة يكون بتحديد الحقوق والأموال المملوكة لها وقت تأميمها وتقدير قيمتها وتحديد مقدار ديونها في ذلك التاريخ وعلى ضوء ذلك يتحدد صافي رأس مال المنشأة المؤممة ويكون قرار لجنة التقييم في هذا الشأن نهائياً وغير قابل للطعن فيه متى التزمت اللجنة في تقييمها بعناصر المنشأة أصولاً وخصوماً وقت تأميمها، أما إذا خرجت لجنة التقييم عن هذا النطاق الذي رسمه لها المشرع بأن أضافت إلى أموال وحقوق المنشأة ما ليس لها أو استبعدت منها شيئاً أو حملتها بديون ليست ملزمة بها، فإن قرارها في هذا الصدد لا يكتسب أية حصانة ولا يكون حجة قبل الدولة أو أصحاب الشأن، كما أنه ليس للجان التقييم أن تفصل في أي نزاع يثور بشأن الأموال والحقوق المتنازع عليها بين المنشأة المؤممة وبين الغير أو أن تتعرض لأي نزاع آخر يتعلق بالتقييم في ذاته ذلك أن تحقيق المنازعات والفصل فيها من اختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة في ذلك إلا ما استثنى بنص خاص، فإذا تعرضت لجنة التقييم للفصل في تلك المنازعات فإن قرارها لا يكتسب حصانة تحول دون طرح تلك المنازعات على المحاكم المختصة لتحقيقها والفصل فيها ولا يعد ذلك طعناً في قرارات لجان التقييم وإنما هو سعي إلى الجهة ذات الولاية العامة للحصول على قضاء بحسم تلك المنازعات، لما كان ذلك، وكان المطعون ضدهما الأولان باعتبارهما مالكي الوحدة النهرية المؤممة "عاكف" ينازعان في مقدار المبلغ الذي خصصته لجنة التقييم لمطلوبات مصلحة الضرائب وأجور العمال ومكافأة نهاية الخدمة، لأنه يزيد على ما استحق عليهم بالفعل، فإن هذه المنازعة لا تنطوي على طعن في قرار لجنة التقييم ولا شأن لها بالتقييم ولا تدخل في اختصاص تلك اللجنة، وقرارها لا يحوز حجية في شأن المبلغ المذكور، ومن ثم لا يمنع المحاكم ذات الاختصاص العام بنظر المنازعة السالف ذكرها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول إن القانون رقم 117 لسنة 1961 قد تكفل بجعل الدولة - ممثلة في وزارة المالية وليست الشركة الطاعنة - هي المسئولة عن تعويض أصحاب المنشآت المؤممة إن كانت لهم ثمة مستحقات ناتجة عن التأميم، على أن يتم سدادها بإصدار سندات لصالح أصحاب هذه المنشآت، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وخلص إلى إلزامها دون الدولة بالمبلغ المطالب به فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من إلزام الطاعنة نقداً بقيمة الفرق بين ما خصصته لجنة التقييم لحساب الضرائب المستحقة على الوحدة المؤممة ومكافأة نهاية الخدمة وأجور العمال المستحقة وبين ما استحق منها بالفعل على قوله: "إن الشركة المستأنفة (الطاعنة) قد آلت إليها بموجب قانون التأميم رقم 117 لسنة 1961 والقانون رقم 151 لسنة 1963 حقوق الوحدة المؤممة (عاكف) موضوع الدعوى الحالية، ومن ثم تصبح مسئوليتها عنها مسئولية كاملة عن الالتزامات المترتبة عليها في حدود الحقوق التي آلت إليها ومطلب الدعوى الماثلة لا يخرج عن الحدود التي تلتزم بها الشركة المذكورة" وهذا الذي أورده الحكم خطأ في القانون ذلك أن تحديد لجنة التقييم لعنصر من عناصر المنشأة المؤممة على نحو مؤقت لا يخرج هذا العنصر من عناصر المنشأة سواء كان من الخصوم أو الأصول ولا يبعده عن نطاق التأميم ومن ثم إذا تم تحديد هذا العنصر بصفة نهائية بمعرفة الجهة المختصة ارتد أثر هذا التحديد إلى وقت التأميم فإن ترتب عليه زيادة في رأس مال المنشأة جرت على تلك الزيادة ما يجري على قيمة المنشأة المؤممة من أحكام، ولما كانت المادة الثانية من القانون رقم 117 سنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت والمادة الرابعة من القانون رقم 118 لسنة 1961 بتقرير مساهمة الحكومة في بعض الشركات والمنشآت قد نصتا على أن تؤدى قيمة المنشآت المؤممة بموجب سندات اسمية على الدولة بما مؤداه التزامها ممثلة في وزارة المالية بهذه القيمة على هذا النحو، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 5333 لسنة 54 ق جلسة 4 / 3 / 1986 مكتب فني 37 ق 69 ص 338

جلسة 4 من مارس سنة 1986

برياسة السيد المستشار: محمد عبد الرحيم نافع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حسن غلاب ومحمد أحمد حسن ومحمود رضوان والسيد عبد المجيد العشري.

---------------

(69)
الطعن رقم 5333 لسنة 54 القضائية

(1) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "شهادة" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الشهادة. تعريفها؟ اقتضاؤها القدرة على التمييز. جواز رد الشاهد لعدم قدرته على التمييز. المادتان 287 إجراءات جنائية. 82 إثبات.
تمسك المتهم بعدم قدرة المجني عليه على التمييز وتقديمه تقريراً يظاهر ذلك. دفاع جوهري. التعويل على أقواله دون تحقيق ذلك. قصور.
(2) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟

------------------
1 - لما كان الأصل في الشهادة هو تقدير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه، فهي تقتضي بداهة فيمن يؤديها القدرة على التمييز لأن مناط التكليف بأدائها هو القدرة على تحملها ولذا فقد أجازات المادة 82 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية - التي أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية - رد الشاهد إذا كان غير قادر على التمييز لهرم أو حداثة أو مرض أو لأي سبب آخر، مما مقتضاه أنه يتعين على محكمة الموضوع إن هي رأت الأخذ بشهادة شاهد قامت منازعة جدية على قدرته على التمييز أن تحقق هذه المنازعة بلوغاً إلى غاية الأمر فيها للاستيثاق من قدرة هذا الشاهد على تحمل الشهادة أو ترد عليها بما يفندها، وإذا ما كان الطاعن قد طعن على شهادة المجني عليه.... بأنه مصاب بالجنون وسبق الحكم بالحجر عليه وقدم صورة لكشف طبي صادرة من الوحدة المحلية يظاهر هذا الدفاع، وقعدت المحكمة عن تحقيق قدرته على التمييز أو بحث خصائص إرادته وإدراكه العام استيثاقاً من تكامل أهليته لأداء الشهادة، وعولت في الوقت نفسه على شهادته في قضائها بإدانة الطاعن بالرغم من قيام منازعته الجدية حول قدرته على الإدلاء بشهادته بتعقل ودون تعرض لهذه المنازعة في حكمها المطعون فيه، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن الفساد في الاستدلال.
2 - إن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً فإذا استبعد أحدها تعذر التعرف على مبلغ ما كان له من أثر في عقيدة المحكمة، لا سيما وأن البين من الحكم أن أقوال المجني عليه كانت الدعامة الأساسية لقضائه بإدانة الطاعن مما لا يمكن معه التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: تقاضى من.... و.... المبالغ النقدية المبينة بالأوراق كمقدم إيجار، وطلبت عقابه بالمواد 1، 24، 26، 26 مكرراً من القانون رقم 49 لسنة 1977، ومحكمة جنح.... قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة ألف جنيه لوقف التنفيذ وتغريمه أربعة آلاف جنيه ورد مبلغ ألف جنيه لكل من المجني عليهما. فاستأنف المحكوم عليه ومحكمة.... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل العقوبة والاكتفاء بتغريم المتهم أربعة آلاف جنيه وإلزامه برد مبلغ ألف جنيه لكل من المجني عليهما.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تقاضي مبالغ كمقدم إيجار يزيد عن الحد المقرر قانوناً فقد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه عول في الإدانة فيما عول عليه على الدليل المستمد من أقوال المجني عليه الأول..... دون تحقيق منازعة الطاعن الجدية بأنه مصاب بالجنون وسبق الحجر عليه أو الرد عليها بما يفندها. مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
حيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة وما حصله الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن تمسك بأن المجني عليه..... سبق الحكم بالحجر عليه للجنون. ومن ثم فلا يعتد بأقواله كشاهد إثبات في الواقعة المسندة إلى الطاعن وقدم تأييداً لدفاعه شهادة طبية تظاهره في اعتلال الشاهد بهذه العلة العقلية. لما كان ذلك، وكان الأصل في الشهادة هو تقدير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه، فهي تقتضي بداهة فيمن يؤديها القدرة على التمييز لأن مناط التكليف بأدائها هو القدرة على تحملها ولذا فقد أجازات المادة 82 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية - التي أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية - رد الشاهد إذا كان غير قادر على التمييز لهرم أو حداثة أو مرض أو لأي سبب آخر، مما مقتضاه أنه يتعين على محكمة الموضوع أن هي رأت الأخذ بشهادة شاهد قامت منازعة جدية على قدرته على التمييز أن تحقق هذه المنازعة بلوغاً إلى غاية الأمر فيها للاستيثاق من قدرة هذا الشاهد على تحمل الشهادة أو ترد عليها بما يفندها، وإذا ما كان الطاعن قد طعن على شهادة المجني عليه..... بأنه مصاب بالجنون وسبق الحكم بالحجر عليه وقدم صورة لكشف طبي صادرة من الوحدة المحلية يظاهر هذا الدفاع، وقعدت المحكمة عن تحقيق قدرته على التمييز أو بحث خصائص إرادته وإدراكه العام استيثاقاً من تكامل أهليته لأداء الشهادة، وعولت في الوقت نفسه على شهادته في قضائها بإدانة الطاعن بالرغم من قيام منازعته الجدية حول قدرته على الإدلاء بشهادته بتعقل ودون تعرض لهذه المنازعة في حكمها المطعون فيه، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن الفساد في الاستدلال. ولا يعصمه من هذا العيب كونه قد عول في قضائه على أدلة أخرى، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً فإذا استبعد أحدها تعذر التعرف على مبلغ ما كان له من أثر في عقيدة المحكمة، لا سيما وأن البين من الحكم أن أقوال المجني عليه كانت الدعامة الأساسية لقضائه بإدانة الطاعن مما لا يمكن معه التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

قرار رئيس الجمهورية 2937 لسنة 1971 بضم بيت المال إلى بنك ناصر الاجتماعي وباستمرار العمل باللائحة التركات الشاغرة

 الوقائع المصرية - العدد 48 - في 2 ديسمبر سنة 1971

 

مادة رقم 1

تضم الإدارة العامة لبيت المال إلى الهيئة العامة لبنك ناصر الاجتماعي ، وتؤول إلى الهيئة كافة مالها من حقوق وأموال وموجودات وما عليها من التزامات وتتولى مباشرة اختصاصاتها على النحو المبين بالقانون رقم 71 لسنة 1962 المشار إليه .

 

مادة رقم 2

يصدر وزير الخزانة قرارا بنقل العاملين الذين يتم اختيارهم بمعرفة الهيئة من بين العاملين بالإدارة العامة لبيت المال للعمل بالهيئة العامة لبنك ناصر الاجتماعي .


مادة رقم 3

يستمر العمل باللائحة التنفيذية للقانون رقم 71 لسنة 1962 المشار إلية الى أن تصدر اللائحة التنفيذية الجديدة بقرار من وزير الخزانة بناء على اقتراح مجلس إدارة الهيئة .

 

مادة رقم 4

ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية ،

الطعن 1204 لسنة 52 ق جلسة 1 / 4 / 1987 مكتب فني 38 ج 1 ق 114 ص 533

جلسة أول إبريل سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ سيد عبد الباقي سيف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد المنصف هاشم، أحمد إبراهيم شلبي نائبي رئيس المحكمة، جمال شلقاني ومحمد رشاد مبروك.

-------------

(114)
الطعن رقم 1204 لسنة 52 القضائية

استئناف "الخصوم في الاستئناف". دعوى "الصفة في الدعوى".
الخصومة في الاستئناف تحديدها بالأشخاص المختصمين أمام محكمة الدرجة الأولى وبذات صفتهم. م 236 مرافعات. تصحيح الصفة وفقاً للمادة 115 مرافعات وجوب تمامه في المواعيد المحددة لرفع الدعوى مثال (بشأن أيلولة بيت المال لبنك ناصر الاجتماعي أثناء نظر الاستئناف).

-----------

المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الخصومة في الاستئناف تتحدد وفقاً لنص المادة 236 من قانون المرافعات بالأشخاص الذين كانوا مختصمين أمام محكمة الدرجة الأولى وبذات صفتهم وأن تصحيح الصفة وفقاً لنص المادة 115 من ذلك القانون يجب أن يتم في الميعاد المقرر وألا يخل بالمواعيد المحددة لرفع الدعوى. وإذ كان الحكم المستأنف قد صدر ضد وزير الخزانة بصفته الرئيس الأعلى لكل من بيت المال ومصلحة الأملاك فاستأنفه بهاتين الصفتين دون الطاعن الذي اقتصر أثناء نظر الاستئناف وبعد فوات ميعاده - على تصحيح صفة ممثل بيت المال بموجب إعلانات وجهها للمطعون عليهم بعد فوات هذا الميعاد باعتباره ممثلاً لبيت المال دون وزير الخزانة الذي قصر فيها أيضاً صفته في الاستئناف على مجرد كونه ممثلاً لمصلحة الأملاك دون بيت المال بحسبان أن الطاعن حل محله في ذلك فإن الحكم إذ قضى بعدم جواز استئناف الطاعن استناداً إلى أن الخصومة في الاستئناف تتحدد بمن كان مختصماً أمام محكمة أول درجة فإنه يكون قد انتهى إلى صحيح القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى التي انتهى قيدها برقم 6512 سنة 1971 مدني جنوب القاهرة الابتدائية وانتهى فيها إلى اختصام المطعون عليهما الثانية والثالث ووزير الخزانة بصفته الرئيس الأعلى لكل من بيت المال ومصلحة الأملاك وطلب الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين 1/ 5/ 1930، 28/ 3/ 1958 وقال بياناً لها أن المطعون عليه الثالث باع بموجب عقد البيع الأول قطعتي أرض فضاء مبينتين بها إلى المطعون عليها الثانية التي باعتها بدورها إليه - وبتاريخ 30/ 3/ 1972 حكمت المحكمة في مواجهة وزير الخزانة بصفتيه المذكورتين بصحة ونفاذ هذين العقدين - استأنف وزير الخزانة بهاتين الصفتين ومحافظ القاهرة بصفته هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2145/ 89 ق مدني بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة في 8/ 5/ 1972 ثم قام الطاعن بإعلان المطعون عليهم في 20/ 10/ 76، 27/ 2/ 77، 4/ 4/ 79، 6/ 6/ 1979، 15/ 9/ 1979 طالباً تصحيح صفة ممثل بيت المال باعتباره ممثله الذي حل محل وزارة الخزانة في ذلك والحكم له إلى جانب محافظ القاهرة بصفته ووزير الخزانة بصفته ممثلاً لمصلحة الأملاك بالطلبات الواردة بصحيفة الاستئناف - وبتاريخ 17/ 2/ 1982 حكمت المحكمة بعدم جواز الاستئناف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض - وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه - وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أن المطعون عليه الأول أقام دعواه مختصماً فيها وزير الخزانة بصفته الرئيس الأعلى لكل من مصلحة الأملاك وبيت المال حالة أن تمثيله لمصلحة الأملاك لا يصح منذ صدور القرار الجمهوري رقم 101 سنة 1958 بنقل الإشراف إلى وزارة الإسكان وقد فوض عنها محافظ القاهرة كما أن تمثيله لبيت المال قد زال أثناء نظر الدعوى بصدور القرار الجمهوري رقم 2937 سنة 1971 في 2/ 12/ 1977 بضم الإدارة العامة لبيت المال إلى بنك ناصر الاجتماعي (الطاعن) ولم تكن الدعوى قد تهيأت بعد للحكم في موضوعها حيث أجلت بعد صدور ذلك القرار لإعلان وإعادة إعلان الخصم مما كان يتعين معه على محكمة أول درجة أن تقضي من تلقاء نفسها بانقطاع سير الخصومة لزوال الصفة وإذ لم تقض بذلك فإن الإجراءات التالية لذلك بما فيها حكمها المستأنف يكون باطلاً وقد تمسك أمام محكمة الاستئناف بذلك وبعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لمصلحة الأملاك غير أن الحكم المطعون فيه اجتزأ في الرد على ذلك بأن الدعوى أقيمت أمام محكمة أول درجة في مواجهة وزير الخزانة بصفته الممثل القانوني لبيت المال وبصفته مديراً لمصلحة الأملاك.
حيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الخصومة في الاستئناف تتحدد وفقاً لنص المادة 236 من قانون المرافعات بالأشخاص الذين كانوا مختصمين أمام محكمة الدرجة الأولى وبذات صفتهم وأن تصحيح الصفة وفقاً لنص المادة 115 من ذلك القانون يجب أن يتم في الميعاد المقرر ولا يخل بالمواعيد المحددة لرفع الدعوى. وإذ كان الحكم المستأنف قد صدر ضد وزير الخزانة بصفته الرئيس الأعلى لكل من بيت المال ومصلحة الأملاك فاستأنفه بهاتين الصفتين دون الطاعن الذي اقتصر أثناء نظر الاستئناف وبعد فوات ميعاده. على تصحيح صفة ممثل بيت المال بموجب إعلانات وجهها للمطعون عليهم بعد فوات هذا الميعاد باعتباره ممثلاً لبيت المال دون وزير الخزانة الذي قصر فيها أيضاً في الاستئناف على مجرد كونه ممثلاً لمصلحة الأملاك دون بيت المال بحسبان أن الطاعن حل محله في ذلك فإن الحكم إذ قضى بعدم جواز استئناف الطاعن استناداً إلى أن الخصومة في الاستئناف تتحدد بمن كان مختصماً أمام محكمة أول درجة - فإنه يكون قد انتهى إلى صحيح القانون - ومن ثم يكون النعي عليه بعدم إجابته إلى دفعه بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة أو بانقطاع سير الخصومة فيها أياً كان وجه الرأي فيهما يغدو غير مقبول ويكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 31 لسنة 1 ق جلسة 12 / 11 / 1955 إدارية عليا مكتب فني 1 ج 1 ق 13 ص 100

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1955

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

-------------

(13)
القضية رقم 31 لسنة 1 القضائية (1)

علاوة 

- قرار مجلس الوزراء في 25 من فبراير سنة 1953 بخصم نصف علاوة الترقية أو العلاوة الدورية من إعانة الغلاء - انطباقه على العلاوات التي استحقت في ظل سريان أحكامه - استمرار هذا النوع من الخصم بالنسبة لها حتى بعد صدور القانون رقم 325 سنة 1953.

-----------------
نص قرار مجلس الوزراء الصادر في 25 من فبراير سنة 1953 على أن يخصم من إعانة الغلاء بما يعادل نصف علاوة الترقية أو العلاوة الدورية عند استحقاق أيهما، وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن القانون رقم 325 لسنة 1953 لم يقصد إلى إلغاء المبدأ الذي قام عليه قرار 25 من فبراير سنة 1953 من حيث الخصم، وإنما قصد إلى استحداث تنظيم جديد من حيث كيفية الخصم لا من حيث مبدئه، وأن العلاوة التي استحقت في ظل سريان أحكام قرار 25 من فبراير سنة 1953 يستمر الخصم بمقدار نصفها من إعانة الغلاء حتى بعد نفاذ القانون رقم 325، فيجرى بذلك إعمال كل من التنظيمين في مجال تطبيقه.


إجراءات الطعن

في 26 من يونيه سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر بجلسة 27 من إبريل سنة 1955 من المحكمة الإدارية لوزارة الزراعة في الدعوى رقم 737 سنة 2 ق المرفوعة من السيد/ حافظ أحمد ضد وزارة الزراعة - القاضي: "بأحقية المدعي في صرف ما سبق خصمه من إعانة الغلاء بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 25 من فبراير سنة 1953 مقابل نصف العلاوة الدورية التي استحقت إليه في أول مايو سنة 1953 وذلك عن المدة من أول يوليه سنة 1953 إلى 30 من إبريل سنة 1954".
وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين الحكم: "بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات".
وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة الزراعة في 29 من يونيه سنة 1955 وإلى المحكوم له في 30 من يونيه سنة 1955.
وعين لنظر الطعن جلسة 22 من أكتوبر سنة 1955 وفيها استمعت المحكمة للإيضاحات على الوجه المبين بالمحضر، ثم حجزت الدعوى للحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يستفاد من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 737 لسنة 2 ق ضد وزارة الزراعة طالباً فيها: "إصدار القرار برد ما خصم منه من إعانة الغلاء في أول يوليه سنة 1953 تنفيذاً للقانون رقم 325 لسنة 1953" - تأسيساً على أن قرار 25 من فبراير سنة 1953 الذي يجرى الخصم على مقتضاه قد انتهى العمل به من أول يوليه سنة 1953، وهو تاريخ نفاذ القانون رقم 325 لسنة 1953؛ بدعوى أن هذا القانون وضع استثناء مؤقتاً من القواعد الخاصة بعلاوات الترقية والعلاوات الاعتيادية، وأن الشارع أراد أن يحل هذا القانون محل التنظيم السابق. وقد أكد هذا المعنى في المذكرة التفسيرية المرافقة للقانون؛ إذ جاء فيها "إن إصدار هذا القانون يستتبع منذ صدوره عدم العمل بأحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في 31 من يناير سنة 1953 و25 من فبراير سنة 1953".
فقضت المحكمة الإدارية في 27 من إبريل سنة 1955 "بأحقية المدعي في صرف ما سبق خصمه من إعانة الغلاء بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 25 من فبراير سنة 1953 مقابل نصف العلاوة الدورية التي استحقت إليه في أول مايو سنة 1953، وذلك عن المدة من أول يوليه سنة 1953 إلى 30 من إبريل سنة 1954" مستندة في قضائها هذا إلى أن القانون رقم 325 لسنة 1953 قد ألغى - من تاريخ العمل به - قرار مجلس الوزراء الصادر في 25 من فبراير سنة 1953، فأصبح لا مجال لتطبيق أحكام هذا القرار بعد أول يوليه سنة 1953.
ومن حيث إن السيد رئيس هيئة المفوضين طعن في هذا الحكم ناعياً عليه أنه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، ولذلك طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى، وإلزام المدعي بالمصروفات - مستنداً في ذلك إلى الأسباب التي أوردها في عريضة الطعن وحاصلها أن القاعدة القانونية التي تحكم العلاوات هي القاعدة التي تكون سارية وقت نشوء الحق فيها، وأما مجرد صدور تشريع جديد بإلغاء قاعدة التخفيض، فإنه لا يكون له إلا أثره المباشر؛ بمعنى أنه لا ينصب إلا على الحالات التي تنشأ بعد تاريخ سريانه مع بقاء أثر القاعدة القديمة لتسري أحكامها على العلاوات التي استحقت في ظلها.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن القانون رقم 325 لسنة 1953 لم يقصد إلى إلغاء المبدأ الذي قام عليه قرار 25 من فبراير سنة 1953 من حيث الخصم، وإنما قصد إلى استحداث تنظيم جديد من حيث كيفية الخصم لا من حيث مبدئه، وأن العلاوة التي استحقت في ظل سريان أحكام قرار 25 من فبراير سنة 1953 يستمر الخصم بمقدار نصفها من إعانة الغلاء حتى بعد نفاذ القانون رقم 325 لسنة 1953، فيجرى بذلك إعمال كل من التنظيمين في مجال تطبيقه.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن قد صادف محله، ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويله القانون وتطبيقه متعيناً إلغاؤه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعى فيها بالمصروفات.


(1) بهذا المعنى الأحكام الصادرة من نفس الهيئة بنفس الجلسة في الطعون أرقام 33، 35، 62 لسنة 1 قضائية.

الطعن 30 لسنة 1 ق جلسة 12 / 11 / 1955 إدارية عليا مكتب فني 1 ج 1 ق 12 ص 94

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1955

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

---------------

(12)
القضية رقم 30 لسنة 1 القضائية

(أ) كادر العمال 

- قواعده لم تتضمن نصاً يلزم الحكومة بتطبيق أحكامه على من يعين بعد 1/ 5/ 1945 إلا في الحدود المرسومة في تلك القواعد.
(ب) كادر العمال 

- مناط استحقاق الصانع أو العامل لتطبيق أحكامه عليه.

-----------------
1 - إن قواعد كادر العمال إنما تطبق على عمال اليومية الموجودين بالخدمة وقت صدوره بأثر رجعي من تاريخ شغلهم الوظائف المقابلة للدرجات المقترحة بالكادر، ولم تتضمن تلك القواعد نصاً يلزم الحكومة بتطبيق أحكام كادر العمال على من يعين منهم بعد أول مايو سنة 1945 إلا في الحدود المرسومة في تلك القواعد.
2 - إن مناط استحقاق الصانع أو العامل لتطبيق أحكام كادر العمال عليه أن يكون عاملاً بحرفة من الحرف الواردة بالجداول المرافقة للكادر المذكور، ولم تر الجهات المختصة بحسب مقتضيات العمل في الوزارة أو المصلحة أو التزاماً للقيود المبينة بكادر العمال عدم تطبيق هذا الكادر على فئات بذواتهم.


إجراءات الطعن

في 26 من يونيه سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات المالية والتجارة والزراعة والتموين بجلسة 27 من إبريل سنة 1955 في الدعوى رقم 464 لسنة 2 ق المرفوعة من علي محمود ضد وزارة الزراعة القاضي "باستحقاق المدعي لتطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 14 من فبراير سنة 1951 الخاص بتطبيق كشوف حرف (ب) من كادر العمال على حالته مع ما يترتب على ذلك من آثار" وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن "الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات". وأعلن المدعي بالطعن في 30 من يونيه سنة 1955 وأعلنت به الوزارة في 29 من يونيه سنة 1955 فأودع الأول مذكرة برده في 16 من يوليه سنة 1955 تتحصل في أنه من العمال الدائمين وليس عاملاً موسمياً؛ وآية ذلك أنه استمر في عمله بقسم البساتين بوزارة الزراعة ثماني سنوات متتالية في حين أن العامل الموسمي، على ما هو متعارف عليه، إنما يعمل فترة معينة لعمل معين بالذات يفصل من الخدمة بعد تمامه والانتهاء منه، كما أنه يخصم على بند 20 أجور وهو بند ثابت لا يخصم عليه الموسميون الذين يعينون على اعتماد خاص. وانتهى المدعي في مذكرته إلى طلب رفض الطعن.
وقد عين لنظر الطعن جلسة 22 من أكتوبر سنة 1955 وفيها سمعت إيضاحات الطرفين على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجئ إصدار الحكم فيه إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاع الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يستفاد من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه قدم إلى اللجنة القضائية لوزارات التجارة والزراعة والتموين تظلماً قيد تحت رقم 464 سنة 2 ق طالباً منحه العلاوات الدورية المستحقة له عن سنتي 1950 و1952، بدعوى أنه عين بمصلحة البساتين بوزارة الزراعة بوظيفة صانع منتجات في 30 من أكتوبر سنة 1947، وأنه لم يمنح علاوات منذ تعيينه. وقد دفعت الحكومة الدعوى بأن المدعي عين في وظيفة صانع منتجات بصفة موسمية، وبهذه المثابة لم يمنح علاوات لأن التعليمات تقضي بعدم منح علاوات دورية للعمال الموسميين، وأنها طلبت في مشروع ميزانيتها عن سنتي 1952/ 1953 و1953/ 1954 إنشاء درجات للمدعي وأمثاله من العمال الذين استدام عملهم ولكنها لم تعتمد فأعادت هذا الطلب في ميزانية 1954/ 1955.
وقد أحيلت الدعوى إلى المحكمة الإدارية لوزارات المالية والتجارة والزراعة والتموين بعد إنشاء المحاكم الإدارية إثر إلغاء اللجان القضائية، وقد قضت المحكمة المذكورة بحكمها الصادر في 27 من إبريل سنة 1955 "باستحقاق المدعي لتطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 14 من فبراير سنة 1951 الخاص بتطبيق كشوف حرف (ب) من كادر العمال على حالته مع ما يترتب على ذلك من آثار" مستندة في ذلك إلى ما ظهر لها من أن المدعي يعمل منذ أن التحق بالخدمة في أكتوبر سنة 1947 بصفة دائمة وأن ليس في الأوراق ما يؤيد صحة دفاع الوزارة من أنه عامل موسمي، مما يتعين معه اعتباره من العمال الدائمين، ومعاملته على هذا الأساس. ومن ثم يستحق تسوية حالته طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 14 من فبراير سنة 1951 المتضمن وجوب تطبيق كشوف حرف (ب) من كادر العمال على من يعين منهم بعد أول مايو سنة 1945. فطعن السيد رئيس هيئة المفوضين في هذا الحكم، بانياً طعنه على أن المطعون عليه بحسبانه عاملاً موسمياً لا يحق له الإفادة من قراري مجلس الوزراء الصادرين في 11 من يونيه و12 من نوفمبر سنة 1950 بتطبيق الكشوف حرف (ب) الملحقة بكادر العمال على من عينوا بعد أول مايو سنة 1945؛ إذ أن مناط الإفادة من أحكام القرارين المذكورين أن يكون العامل معيناً بعد أول مايو سنة 1945 على درجة من درجات كادر العمال.
واستند الطعن في اعتبار المطعون عليه من العمال الموسميين إلى أن الأمر الصادر من مدير قسم البساتين في 2 من نوفمبر سنة 1947 بتعيينه قد جرى نصه بما يلي "يعين علي محمود صانع منتجات زراعية لمعمل الواحات الخارجة بيومية قدرها 320 م على أن يعمل بالواحات البحرية هذا الموسم وذلك اعتباراً من 3 من نوفمبر سنة 1947" وهذا التعيين وإن كان قد مضت عليه مدة طويلة من نوفمبر سنة 1947 إلى الآن كان فيها المطعون عليه قائماً بالعمل بصفة مستمرة، إلا أنه لا يمكن أن يكسبه الحق في الانتفاع بأحكام كادر العمال وبقراري مجلس الوزراء السالفي الذكر؛ إذ لا يوجد بأحكام هذا الكادر ما يوجب أن يعين العمال طبقاً لأحكامه مهما طال بقاؤهم في العمل بصفة موسمية" ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه - إذ قضى باستحقاق المطعون عليه لتطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 14 من فبراير سنة 1951 الخاص بتطبيق كشوف حرف (ب) من كادر العمال على حالته مع ما يترتب على ذلك من آثار - هذا الحكم يكون قد بني على مخالفة القانون.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المطعون عليه أنه قدم في 5 من يوليه سنة 1947 طلباً إلى مدير قسم البساتين جاء به أنه سبق أن التحق بقسم البساتين في 2 من أكتوبر سنة 1932 ثم أعير في مايو سنة 1943 إلى الدائرة الدمرداشية لمدة سنة فصل بعدها من قسم البساتين واستمر في عمله بالدائرة الدمرداشية إلى آخر إبريل سنة 1947 والتمس أخيراً إعادة تعيينه. وقد تأشر على هذا الطلب بأن "حالة العمل بالواحات في حاجة لتعيين صانع منتجات زراعية درجة أولى في الدرجة من 320 - 400 م بأجر يومي قدره 320 م فيكتب للوزارة لتعيينه بهذه الأجرة وبهذه الوظيفة خصماً على مشروع السنوات الخمس". وقد اتصل قسم البساتين بالوزارة وبإدارة الميزانية في هذا الشأن وجاء في كتاب له إلى إدارة الميزانية مؤرخ 6 من سبتمبر سنة 1947 ما يأتي "رداً على خطاب حضرتكم بتاريخ 31/ 8/ 1947 بخصوص طلب تعيين صانع منتجات زراعية لمعامل القسم بالواحات في الفئة من 320 - 400 م، خصماً على مشروع السنوات الخمس نتشرف بالإفادة بأن معمل الخارجة لم يتم إنشاؤه للآن ولكن يرغب القسم من الاستفادة من الصانع المذكور في تشغيل معامله في الواحات البحرية لعدم وجود صانع مختص لحين إنشاء معامله بالخارجة"، وانتهت إجراءات الترشيح للتعيين بصدور أمر إداري في 2 من نوفمبر سنة 1947 جرى نصه بما يأتي "بناء على موافقة الوزارة بخطابها رقم 16586/ 94 - 4/ 1 في 30 من أكتوبر سنة 1947 يعين علي محمود أفندي صانع منتجات زراعية لمعمل الواحات الخارجة بيومية قدرها 320 مليماً على أن يعمل بالواحات البحرية هذا الموسم وذلك اعتباراً من 3 من نوفمبر سنة 1947". وقد عين المطعون عليه في بدء تعيينه على مشروع السنوات الخمس، وخصم بأجره على بند توزيع شتلات الزيتون في المدة من 2 من نوفمبر سنة 1947 إلى نهاية السنة المالية 1947/ 1948، ثم أجرى الخصم بأجره بعد ذلك على بند 20 أجور، ولا يزال يخصم بأجره على هذا البند.
ومن حيث إنه يستفاد من ذلك أن المطعون عليه عين بصفة دائمة لا بصفة موسمية، ومثار الشبهة في هذا الشأن ما ورد بالأمر الصادر بتعيينه من تشغيله "بالواحات البحرية هذا الموسم". وواقع الأمر أن المقصود بهذه العبارة أنه لما كان معمل الواحات الخارجة الذي كان قد رؤى أن يعمل به ما كان قد تم إنشاؤه، فقد رؤى ندبه ذاك الموسم للعمل بالواحات البحرية إلى أن يتم إنشاء معمل الواحات الخارجة. فالأمر بهذه المثابة لا يعدو أن يكون تنظيماً لعمل المدعي بالمصلحة في فترة معينة ينقل بعدها إلى عمل آخر، لا تخصيصاً لطبيعة الرابطة القانونية بينه وبين الحكومة عند تعيينه باعتباره عاملاً موسمياً.
ومن حيث إن قواعد كادر العمال إنما تطبق على عمال اليومية الموجودين بالخدمة وقت صدوره بأثر رجعي من تاريخ شغلهم الوظائف المقابلة للدرجات المقترحة بالكادر، ولم تتضمن تلك القواعد نصاً يلزم الحكومة بتطبيق أحكام كادر العمال على من يعين منهم بعد أول مايو سنة 1945 إلا في الحدود المرسومة في تلك القواعد.
ومن حيث إن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، ومركز الموظف من هذه الناحية هو مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت بتنظيم جديد، فإذا انطوى التعديل الجديد على المساس بحقوق ذاتية اكتسبها الموظف في ظل التنظيم القديم فلا مناص من أن يكون التعديل الجديد بنص خاص في قانون، سواء كان اكتساب تلك الحقوق الذاتية والمراكز القانونية قد تم بقانون أو بقرار تنظيمي عام. أما إذا اشتمل التعديل الجديد على مزايا للموظف تحمل الخزانة العامة أعباء مالية فإنها تسري في حقه من يوم نفاذه إلا إذا نص على الإفادة منها من تاريخ أسبق.
ومن حيث إنه في 11 من يونيه سنة 1950 أصدر مجلس الوزراء قراراً بالموافقة على تطبيق الكشوف حرف (ب) الملحقة بكادر العمال على العمال الذين عينوا بعد أول مايو سنة 1945 ونفاذاً لقرار مجلس الوزراء سالف الذكر فتح اعتمادان ماليان بعنوان تكملة إنصاف العمال باليومية الأول بمبلغ 350.000 ج بالقانون رقم 28 لسنة 1951 المؤرخ 14 من فبراير سنة 1951 والثاني بمبلغ 500.000 ج في ميزانية الأربعة الأشهر من مارس إلى يونيه سنة 1951 الصادر بها القانون رقم 103 لسنة 1951 في 15 من يوليه سنة 1951.
ومن حيث إن مناط استحقاق الصانع أو العامل لتطبيق أحكام كادر العمال عليه أن يكون عاملاً بحرفة من الحرف الواردة بالجداول المرافقة للكادر المذكور، ولم تر الجهات المختصة، بحسب مقتضيات العمل في الوزارة أو المصلحة أو التزاماً للقيود المبينة بكادر العمال، عدم تطبيق هذا الكادر على فئات بذواتهم.
ومن حيث إن المطعون عليه باعتباره صانع منتجات زراعية وهي من الحرف الواردة بالكشف رقم 5 من الكشوف المرافقة لكادر العمال وبالأجر المقدر لحرفته، ولم تستثن فئتهم من الإفادة من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يونيه سنة 1950، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى "بتطبيق الكشوف المذكورة على حالة المدعي" يكون مطابقاً للقانون ومن ثم يتعين رفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.