جلسة 5 من مارس سنة 1986
برياسة السيد المستشار: محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي نواب رئيس المحكمة وسري صيام.
----------------
(70)
الطعن رقم 4949 لسنة 54 القضائية
(1) خطأ. قتل خطأ. إصابة خطأ. مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. جريمة "أركانها". رابطة السببية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الخطأ المستوجب مسئولية مرتكبه جنائياً ومدنياً وتقدير توافر السببية بين الخطأ والضرر. موضوعي.
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى. لا يجوز إثارته أمام النقض.
مثال:
(2) قتل خطأ. خطأ "الخطأ المشترك". رابطة السببية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مسئولية جنائية.
لا ينال من مسئولية الطاعن أن يكون الخطأ الذي أدى إلى وقوع الحادث مشتركاً بينه وبين آخرين ما دام أن خطأ هؤلاء لا ينفي خطأه هو ولا يستغرقه.
(3) نقض "نظر الطعن والحكم فيه" "أسباب الطعن ما لا يقبل منها". محكمة النقض "سلطتها". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
لا يجوز إبداء أسباب جديدة للطعن أمام محكمة النقض. أساس ذلك؟
حق محكمة النقض في نقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها. رخصة استثنائية في حالات معينة على سبيل الحصر. أساس ذلك؟
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: (أولاً) تسبب خطأ في وفاة.... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته للقوانين واللوائح بأن ترك المخلفات في أعلى سطح المخبز مما أدى إلى سقوطها على المجني عليه وأحدثت الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أدت بوفاته. (ثانياً) تسبب خطأ في إصابة.... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته للقوانين واللوائح بأن ترك المخلفات المبينة بالأوراق دون إزالتها حتى سقطت على المجني عليه وأحدثت الإصابات المبينة بالتقرير الطبي المرفق وطلبت عقابه بالمادتين 238/ 1، 244/ 1 من قانون العقوبات. وادعى..... مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح..... الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بتغريم المتهم مائتي جنيه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليه ومحكمة....... الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم خمسين جنيهاً والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانه بجريمتي القتل والإصابة الخطأ وإلزامه بالتعويض قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والتعسف في الاستنتاج، ذلك بأنه لم يبين وجه الخطأ ويدلل على توافره في حقه، ولا على توافر رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة، كما أن مجرد وجود مخالفات فوق سطح البناء، لا يكفي لمساءلته، ما دام أنه ليس هو المتسبب فيها، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه، قد دلل على توافر ركن الخطأ في جانب الطاعن، متمثلاً فيما جاء بتقرير حي الشمال الذي قام بالمعاينة الفنية لمكان الحادث وانتهى منها إلى سبب سقوط سقف المخبز يرجع إلى المخلفات الموضوعة على سقفه، وفيما جاء بأقوال الطاعن قي محضري تحقيق الشرطة والنيابة العامة من أنه أحد الورثة المالكين للعين وأنه المسئول عن إدارتها وأن سقف المخبز كان عليه حجارة وأتربة تراكمت عليه مع مرور الزمن، ومن أن المتهم تقاعس عن إزالة المخالفات تلك حتى انهار السقف وأدى إلى وفاة..... وإصابة..... لما كان ذلك، وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً ومدنياً، وتقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر، مما يتعلق بموضوع الدعوى، تفصل فيه محكمة الموضوع بغير معقب عليها، ما دام تقديرها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة، وكان الحكم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول - بما لا ينازع الطاعن في صحيح مأخذه من الأوراق - إلى ما يوفر ركن الخطأ وعلاقة السببية بينه وبين الضرر في حق الطاعن، فإن ما يثيره في سلامة ما استخلصه الحكم من ذلك، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع، في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها، وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ولا يقدح في ذلك ما قرره الطاعن في طعنه من عدم مسئوليته عن الحجارة والأتربة التي تراكمت فوق سقف المخبز لأنه ليس هو المتسبب فيها - بفرض صحة ذلك - ما دام أن الحكم قد أثبت مسئوليته عن الحادث بأدلة سائغة تقوم على إهماله وتقاعسه في إزالة تلك المخالفات وهو على بينا من وجودها، بحكم إشرافه على المخبز بوصفه المتولي إدارته، كما لا ينال من مسئوليته أن يكون الخطأ الذي أدى إلى وقوع الحادث مشتركاً بينه وبين آخرين، ما دام أن خطأ الآخرين لا ينفي خطأه هو ولا يستغرقه - وهو الحال في الدعوى. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصاريف المدنية.
ومن حيث إنه بالنسبة لأسباب الطعن المقدمة من الطاعن - بعد الميعاد - بتاريخ 21 من سبتمبر سنة 1985، فإنه لما كان الأصل طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959، أنه لا يجوز إبداء أسباب أخرى أمام المحكمة سواء من النيابة العامة أو من أي خصم، غير الأسباب التي سبق بيانها في الميعاد المذكور بالمادة 34 من ذلك القانون، وأن نقض المحكمة للحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 آنفة الذكر، على خلاف هذا الأصل إنما هو رخصة استثنائية خولها القانون للمحكمة في حالات معينة وردت على سبيل الحصر، ليس من بينها ما أثاره الطاعن في أسباب طعنه تلك، من عدم استظهار الحكم لأركان الجريمة، ولا بيانه لرابطة السببية بين الإصابات والخطأ المعزو للطاعن، وعدم إيراده إصابات المجني عليه وعلاقتها بسقوط سقف المخبز، ومن أن السبب في الحادث يرجع إلى فعل الغير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق