جلسة الاثنين 18 سبتمبر 2017
برئاسة السيد القاضي/ مصطفي عطا محمد الشناوي رئيس الدائرة. وعضوية السادة القضاة: مصبح سعيد ثعلوب، محمود فهمي سلطان، أحمد عبد الله حسين ومحمد إبراهيم السعدني.
-------------
(56)
الطعن رقم 521 لسنة 2017 "جزاء"
(1) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". إثبات "الأدلة في المواد الجزائية".
محكمة الموضوع. لها أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل أو قرينة ترتاح إليها.
(2 ، 3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في الإثبات: في تقدير أقوال الشهود". تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها".
(2) وزن أقوال الشهود. تقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة والتعويل عليها. من سلطة محكمة الموضوع. أخذها بأقوال الشاهد. مفاده.
(3) قول متهم على آخر. شهادة يسوغ للمحكمة التعويل عليها في الإدانة. النعي في تقدير الدليل. جدل موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة التمييز.
(4) دفاع. حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب".
نفي التهمة. من أوجه الدفاع الموضوعية. عدم استلزامه ردا خاصا. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت الواردة بالحكم.
(5 ، 6) إثبات "الأدلة في المواد الجنائية". حكم "تسبيب الحكم: تسبيب غير معيب".
(5) عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على أدلة النفي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(6) إيراد الحكم الأدلة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم. كاف للتسبيب. تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم.
(7) دفاع "الإخلال بحق الدفاع: ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في الدفاع والرد عليه".
الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إثبات استحالة حصول الواقعة. دفاع موضوعي. عدم التزام المحكمة بإجابته.
(8 ، 9) سب. قذف. قصد جنائي. جريمة "أركانها". تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب".
(8) العلانية في جريمتي القذف والسب. م 9 ق عقوبات رقم 3 لسنة 1987. مناط تحققها. وصول المكتوب إلى عدد من الناس ولو كان قليل. كفايته ما دام ذلك لم يكن يحصل إلا بفعل المتهم أو كان نتيجة حتمية لعمله. م 9 عقوبات.
(9) تحدث الحكم عن القصد الجنائي صراحة واستقلالا في جريمة السب والقذف. غير لازم. متى كان مستفادا.
(10) قذف. محكمة الموضوع "سلطتها في الجرائم: في جريمة القذف".
تطبيق المادتين 53، 376 من قانون العقوبات. مناطه. الفصل فيما إذا كانت ألفاظ القذف مما يستلزمه حق الدفاع. من سلطة محكمة الموضوع.
(11 ، 12) سب. قذف. شكوى. مأمور الضبط القضائي. نيابة عامة. جريمة "ارتكابها". دعوى جزائية "تحريكها".
(11) رفع الدعوى الجزائية في جريمة السب والقذف. غير جائز إلا بناء على شكوى خطية أو شفهية من المجني عليه أو ممن يقوم مقامه قانونا إلى النيابة العامة أو إلى مأمور الضبط. الشكوى بعد مرور ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها. لا تقبل. م 10 إجراءات جزائية.
(12) علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها. شرطه. أن يكون علما يقينيا لا افتراضيا. علة ذلك.
(13) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع: ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في الدفاع والرد عليه".
طلب سماع شهود النفي. دفاع موضوعي. شرطه. عدم التزام المحكمة بالرد عليه. طالما لم يتبع الطاعن الطريق الذي رسمه قانون الإجراءات الجزائية في المادة 172 لإعلان الشهود.
--------------------
1 - لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل أو قرينة ترتاح إليها.
2 - وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب عليها ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
3 - إذ كان قول متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة وإذ كانت المحكمة في الدعوى المعروضة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وإلى إقرار المتهمين الأول والثاني وإلى صحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا حول تقدير الدليل وهو مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة التمييز.
4 - نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل من المحكمة ردا خاصا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم بما يفيد إطراحها.
5 - المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم مادام الرد عليها مستفادا ضمنا من الحكم بالإدانة اعتمادا على أدلة الثبوت التي أوردها.
6 - المقرر أنه بحسب الحكم كيفما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته منها أنه اطرحها.
7 - المقرر أن الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان المقصود منه إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة يعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة بإجابته.
8 - المقرر أن العلانية في جريمتي القذف والسب المنصوص عليها في المادة 9 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 لا تتحقق إلا بتوافر عنصرين أولهما توزيع الكتابة المتضمنة عبارات القذف على عدد من الناس بغير تمييز، وثانيهما انتواء الجاني إذاعة ما هو مكتوب، ولا يتطلب القانون أن يكون التوزيع بالغا حدا معينا، بل يكفي أن يكون المكتوب قد وصل إلى عدد من الناس ولو كان قليلا، سواء أكان ذلك عن طريق تداول نسخة واحدة منه، أم بوصول عدة نسخ أو صور منها. مادام ذلك لم يكن يحصل إلا بفعل المتهم أو كان نتيجة حتمية لعمله ولا يتصور أنه كان يجهلها.
9 - المقرر أنه متى كانت عبارات السب والقذف التي أثبتها الحكم على الطاعنة تتضمن بذاتها خدشا للشرف والاعتبار فلا موجب للتحدث صراحة واستقلالا عن توافر القصد الجنائي لدى الطاعنة إذ يكفي أن يكون القصد مستفادا من عبارات السب ذاتها.
10 - المقرر أن مناط تطبيق نص المادتين 53/ 1 - 4، 376 من قانون العقوبات الاتحادي أن تكون عبارات القذف التي أسندت من الخصم إلى خصمه مما يستلزمه حق الدفاع، وكان الفصل فيما إذا كانت ألفاظ القذف مما يستلزمه حق الدفاع أمر متروك لمحكمة الموضوع تقدره على حسب ما تراه من العبارات التي أبديت والغرض الذي قصد منها.
11 - المقرر بنص المادة العاشرة من قانون الإجراءات الجزائية أنه لا يجوز أن ترفع الدعوى الجزائية إلا بناء على شكوى خطية أو شفهية من المجني عليه أو ممن يقوم مقامه قانونا إلى النيابة العامة أو إلى مأموري الضبط في الجرائم المنصوص عليها فيها ومنها جريمتا السب والقذف وأنه لا تقبل الشكوى بعد مرور ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها.
12 - المقرر أن علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها يعتبر من الوقائع التي رتب عليها القانون في عجز المادة العاشرة من قانون الإجراءات الجزائية أثرا قانونيا مما يتعين معه أن يكون علما يقينيا لا افتراضيا.
13 - طلب سماع شهود نفي هو دفاع موضوعي يجب أن يكون كسائر الدفوع الموضوعية ظاهر التعلق بموضوع الدعوى. أي أن يكون الفصل فيه لازما في ذات الموضوع وإلا فالمحكمة تكون في حل من عدم الاستجابة إليه كما أنها ليست ملزمة بالرد عليه صراحة في حكمها ولا جناح عليها إن هي أعرضت عن هذا الطلب مادام الطاعن لم يتبع الطريق الذي رسمه قانون الإجراءات الجزائية في المادة 172 لإعلان الشهود الذين ترى سماعهم.
--------------
الوقائع
وحيث إن النيابة العامة اتهمت: 1- ...... 2- ...... 3- ...... لأنهم في عام 2008 بدائرة مركز شرطة بردبي سبوا وقذفوا موظفا عاما وهو المجني عليه/ ...... أثناء وبسبب تأدية لأعمال وظيفته وذلك بالعبارات المبينة بالتحقيقات، على النحو الثابت بالأوراق.
وطلبت عقابهم بالمواد (1، 5، 9/ 3، 121/ 1، 371، 372/ 1 - 2، 373/ 1 - 2) من قانون العقوبات.
ومحكمة أول درجة قضت بجلسة 31/ 3/ 2016 بتغريم كل منهم مبلغا وقدره عشرة آلاف درهم، وبإلزامهم بالتضامن بأن يؤدوا للمدعي بالحق المدني مبلغا وقدره 21000 درهم على سبيل التعويض المؤقت فاستأنفت المتهمون هذا الحكم بالاستئنافات أرقام 2452، 2582، 2604 لسنة 2016 وفيهم قضت المحكمة الاستئنافية بجلسة 4/ 6/ 2016 حضوري اعتباري للأول وحضوريا للمتهمين الثاني والثالث بقبول الاستئنافات شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للمتهمين الأولى والثالث وبإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم الثاني من الاتهام المسند إليه.
وبتاريخ 2/ 7/ 2017 قرر المحكوم عليه/ ...... بالطعن في هذا الحكم بطريق التمييز وقيد برقم 521 لسنة 2017 وذلك بموجب تقرير تمييز أرفق به مذكرة بأسباب الطعن موقع عليها من محامي طلب فيها نقض الحكم وسدد مبلغ التأمين وبتاريخ 3/ 7/ 2017 قررت المحكوم عليها ...... بالطعن في ذات الحكم بطريق التمييز وقيد برقم 526 لسنة 2017 بموجب تقرير تمييز وأرفقت به مذكرة بأسباب الطعن موقعا عليها من محامي طلب فيها نقض الحكم وسددت مبلغ التأمين والمحكمة قررت ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد.
----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي أعده القاضي/ ..... وسماع المرافعة والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
أسباب الطعن المقدم من الطاعن الأول.
حيث ينعي الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي السب والقذف في حق موظف عام قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلالات والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه عول في قضائه على أقوال المتهمة الأولى والمتهم الثاني الذي قضى ببراءته رغم عدم صحتها ومخالفتها للحقيقة والواقع هذا فضلا عن أن دفاعه قام على عدم ارتكابه للواقعة وأن مرتكبها هو المتهم الثاني الذي قضى ببراءته ودلل على ذلك بما قدمه من مستندات وأدلة تؤيد دفاعه غير أن المحكمة أطرحت هذا الدفاع برد قاصر والتفتت عن منازعته بانقطاع صلته بالمتهمة الأولى والتي قدمت المذكرة التي تحوي ألفاظ السباب إلى المحكمة التجارية في النزاع الدائر بينها وآخرين، كما لم تجبه إلى طلبه بندب خبير فني لفحص البريد الإلكتروني الخاص بها وبالمتهم الثاني لبيان حقيقة الواقعة ودانه الحكم رغم عدم توافر ركن العلانية لكون المذكورة لم يطلع عليها سوى هيئة المتهمة ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله - أنه وأثناء نظر الدعوى رقم 416 لسنة 2009 استئناف تجاري دبي قدمت الطاعنة ...... مذكرة بالدفاع فيها محررة بمعرفتها والطاعن/ ...... سب وقذف ...... أثناء وبسبب تأديته لأعمال وظيفته - كونه الخبير المنتدب في الدعوى سالفة الذكر والذي أعد التقرير الخاص بها - وذلك نعتا في شخصه مثل - متآمر ومتواطئ ومزور وكاذب ومختلس وغير أمين وعقد اجتماعات بالخطأ ولا نعلم عما يدور بين الخبير والمستأنف ضدها، ومؤامرة مدبرة تواطأ فيها الخبير وأنه ارتكب جريمة تزوير مادي ومعنوي وأنه أثبت أمورا كاذبة وأنه أخفى وبدد المستندات واستولى عليها، وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة استمدها من أقوال المجني عليه ومما ثبت بالمذكرة المرفقة بملف الدعوى آنفة البيان ومن إقرار الطاعنة والمتهم الثاني الذي قضى ببراءته وهي أدلة سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل أو قرينة ترتاح إليها، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب عليها ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان قول متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة وإذ كانت المحكمة في الدعوى المعروضة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وإلى إقرار المتهمين الأول والثاني وإلى صحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا حول تقدير الدليل وهو مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة التمييز. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن المؤيد بالمستندات بعدم ارتكابه للواقعة وبانتفاء صلته بها، مردودا بأن نفي المتهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل من المحكمة ردا خاصا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم بما يفيد إطرحها. وكان لا يعيب الحكم سكوته عن التعرض للمستندات التي يقدمها الطاعن تدليلا على دفاعه المار ذكره. ذلك أنه من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم مادام الرد عليها مستفادا ضمنا من الحكم بالإدانة اعتمادا على أدلة الثبوت التي أوردها، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته منها أنه اطرحها. وكان الحكم قد أثبت بالأدلة التي أفصح عنها واطمأن إليها من قيام الطاعن بتحرير المذكرة التي قدمت للمحكمة لدى نظر استئناف الدعوى رقم 416 لسنة 2009 تجاري دبي وأن الطاعنة الثانية راجعتها واعتمدتها وقدمتها للمحكمة والتي كانت تحوي ألفاظ السب والقذف في حق المجني عليه فإن ما يخوض فيه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديدا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان المقصود منه إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة يعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة بإجابته، ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وإلى صحة حصول الواقعة فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا محل للنعي عليها عدم إجابتها طلب الطاعن الأول ندب خبير فني لفحص البريد الإلكتروني الخاص بالطاعنة الثانية والمتهم الثاني المقضي ببراءته. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن العلانية في جريمتي القذف والسب المنصوص عليها في المادة 9 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 لا تتحقق إلا بتوافر عنصرين أولهما توزيع الكتابة المتضمنة عبارات القذف على عدد من الناس بغير تمييز، وثانيهما انتواء الجاني إذاعة ما هو مكتوب، ولا يتطلب القانون أن يكون التوزيع بالغا حدا معينا، بل يكفي أن يكون المكتوب قد وصل إلى عدد من الناس ولو كان قليلا، سواء أكان ذلك عن طريق تداول نسخة واحدة منه، أم بوصول عدة نسخ أو صور منها. مادام ذلك لم يكن يحصل إلا بفعل المتهم أو كان نتيجة حتمية لعمله ولا يتصور أنه كان يجهلها، وإذ كان الحكم قد أثبت في مدوناته أن الطاعنين قدما مذكرة بالدفاع في الدعوى رقم 416 لسنة 2009 استئناف دبي تضمنت ألفاظا وعبارات سب وقذف في حق المجني عليه بسبب وبمناسبة تأديته لأعمال وظيفته - على النحو السابق بيانه - فإن هذا من الحكم يتوافر به عنصر العلانية في جريمتي السب والقذف، لما هو معلوم بالضرورة أن تلك المذكرة قد اطلعت عليها هيئة المحكمة التي تنظر الدعوى وكاتب الجلسة أيضا بحكم وظيفته ومحامي الشركة المدعى عليها في تلك الدعوى المثار بينهما فإن النعي الحكم في هذا الصدد لا يكون سديدا.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس مما يتعين رفضه مع مصادرة مبلغ التأمين.
أسباب الطعن المقدمة من الطاعنة الثانية:
وحيث إن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها وآخر بجريمتي السب والقذف في حق موظف عام قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه جاء قاصرا في التدليل على توافر القصد الجنائي في حقها ولم يصغ إلى دفاعها من أنها كانت حسنة النية ولم تقصد تنازل المجني عليه بالعبارات التي حوتها مذكرة الدفاع المقدمة منها أمام المحكمة التجارية تعقيبا على التقرير المعد بمعرفته وأن ما ورد بها هو من مقتضيات حق الدفاع هذا إلى أنها طلبت سماع شاهدي نفي الواقعة غير أن المحكمة أعرضت عن هذا الدفاع ولم تجبها إلى طلبها ودانتها رغم عدم توافر ركن العلانية في حقها ذلك كله مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي السب والقذف في حق المجني عليه بسبب وبمناسبة تأديته لأعمال وظيفته وساق الحكم على ثبوت الواقعة في حقها أدلة استمدها من أقوال المجني عليها ومما ورد بالمذكرة المقدمة منها في الدعوى رقم 416 لسنة 2009 استئناف تجاري دبي ومن الإقرار المعزو إليها وإلى المتهم الثاني المقضي ببراءته وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى كانت عبارات السب والقذف التي أثبتها الحكم على الطاعنة تتضمن بذاتها خدشا للشرف والاعتبار فلا موجب للتحدث صراحة واستقلالا عن توافر القصد الجنائي لدى الطاعنة إذ يكفي أن يكون القصد مستفادا من عبارات السب ذاتها. لما كان ذلك، وكان المقرر أن مناط تطبيق نص المادتين 53/ 1 - 4، 376 من قانون العقوبات الاتحادي أن تكون عبارات القذف التي أسندت من الخصم إلى خصمه مما يستلزمه حق الدفاع، وكان الفصل فيما إذا كانت ألفاظ القذف مما يستلزمه حق الدفاع أمرا متروكا لمحكمة الموضوع تقدره على حسب ما تراه من العبارات التي أبديت والغرض الذي قصد منها. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت حصول جريمتي القذف والسب وسوء قصد الطاعنة والطاعن الأول حين وجها مطاعنهما إلى المجني عليه مما مؤداه انتفاء شرط حسن النية الواجب توافره للإعفاء من العقوبة كما تنتفي معه أيضا دعوى استعمال حق الدفاع لتجاوز ذلك مقتضيات الدفاع والخروج عنه خاصة وأن المجني عليه لم يكن طرفا في الخصومة الدائرة فيما بين الطاعنة وآخرين. ومن ثم ما تثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان من المقرر بنص المادة العاشرة من قانون الإجراءات الجزائية أنه لا يجوز أن ترفع الدعوى الجزائية لا بناء على شكوى خطية أو شفهية من المجني عليه أو ممن يقوم مقامه قانونا إلى النيابة العامة أو إلى مأموري الضبط في الجرائم المنصوص عليها فيها ومنها جريمتا السب والقذف وأنه لا تقبل الشكوى بعد مرور ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها. وكان من المقرر أن علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها يعتبر من الوقائع التي رتب عليها القانون في عجز المادة سالفة الذكر أثرا قانونيا مما يتعين معه أن يكون علما يقينا لا افتراضيا وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد وأطرحه استنادا إلى أن المجني عليه علم بالواقعة بتاريخ 13/ 6/ 2012 وهو تاريخ مناقشته في التقدير المقدم منه أمام المحكمة واطلاعه على مذكرة اعتراض الطاعنة على تقريره وما حوته من عبارات القذف والسب في حقه وأنه تقدم بشكواه إلى الجهات المختصة بتاريخ 5/ 7/ 2012 في خلال الأجل المحدد قانونا وكان ما أورده يتفق وصحيح القانون فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديدا. لما كان ذلك، وكان طلب سماع شهود نفي هو دفاع موضوعي يجب أن يكون كسائر الدفوع الموضوعية ظاهر التعلق بموضوع الدعوى. أي أن يكون الفصل فيه لازما في ذات الموضوع وإلا فالمحكمة تكون في حل من عدم الاستجابة إليه كما أنها ليست ملزمة بالرد عليه صراحة في حكمها، هي إلا أنه ولا جناح عليها المحكمة إن هي أعرضت عن هذا الطلب مادام الطاعن لم يتبع الطريق الذي رسمه قانون الإجراءات الجزائية في المادة 172 لإعلان الشهود الذين ترى سماعهم. وإذ كان ذلك وكانت الطاعنة في الدعوى المعروضة لم تقم بإعلان الشهود الذين ترى سماعهم وفقا لنص المادة سالفة الذكر وكانت المحكمة لم تر ضرورة لسماعهم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون بعيدا عن الصواب. لما كان ذلك، وكان ما تثيره الطاعنة بوجه الطعن بخصوص انتفاء ركن العلانية في طعنها فقد تم الرد عليه في معرض الرد على أوجه الطاعن الأول ومن ثم فلا موجب لتكراره.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه مع مصادرة مبلغ التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق