الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الثلاثاء، 29 يوليو 2025

الطعن 316 لسنة 51 ق جلسة 13 / 12 / 1987 مكتب فني 38 ج 2 ق 228 ص 1079

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ سعيد صقر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الحسيني الكناني، عبد النبي خمخم، محمد عبد البر حسين وخلف فتح الباب.

----------------

(228)
الطعن رقم 316 لسنة 51 القضائية

(1) إيجار الأماكن: احتجاز أكثر من مسكن". اختصاص "الاختصاص النوعي".
الحكم بانتهاء العقد كجزاء تكميلي توقعه المحكمة الجنائية على مخالفة حظر احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد. م 8/ 1، 76 ق 49/ 1977. غير مانع لكل ذي مصلحة مالكاً للعقار أو طالب استئجار فيه من رفع دعواه أمام المحكمة المدنية بطلب بطلان التصرف وإخلاء المخالف.
(2) محكمة الموضوع. دعوى "تكييف الدعوى".
محكمة الموضوع. التزامها بإعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانون الصحيح. العبرة في تكييف الدعوى بحقيقة المطلوب فيها والسبب القانوني الذي ترتكز عليه.
(3) محكمة الموضوع "مسائل الواقع" "سلطتها في تقدير الأدلة".
تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها. من سلطة محكمة الموضوع. عدم التزامها بالرد استقلالاً على كل ما يثيره الخصوم.
(4) محكمة الموضوع "مسائل الإثبات: شهادة الشهود".
تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها. مما يستقل به قاضي طالما لم يخرج بها عما يؤدي إليه مدلولها.
(5) إيجار "إيجار الأماكن: احتجاز أكثر من مسكن". محكمة الموضوع.
تقدير المقتضى لاحتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد. من سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
(6) محكمة الموضوع. دعوى "الدفاع في الدعوى". حكم "عيوب التدليل" "ما لا يعد قصوراً".
التفات الحكم عن مستندات غير مؤثره في الدعوى وعدم رده عليها. لا عيب.
(7) إيجار "إيجار الأماكن: احتجاز أكثر من مسكن" "التأجير من الباطن" "التأجير المفروش".
تأجير المستأجر المسكن مفروشاً للغير ولو بتصريح من المالك. لا يعد من قبيل المقتضى الذي يبيح له احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد.
(8) نقض "المصلحة في الطعن".
الحكم بإخلاء المستأجرة لاحتجازها أكثر من مسكن. نعيها على الحكم قضاءه تسليم العين للمؤجر دون طالبي الاستئجار رافعي الدعوى. غير منتج. علة ذلك.
(9) نقض "السبب غير المقبول".
النعي على ما لم يتخذه الحكم دعامة لقضائه. غير منتج.

------------------
1 - النص في المادتين 8، 76 من القانون رقم 49 لسنة 1977 يدل على أن المشرع وإن جعل من انتهاء عقد المسكن أو المساكن المحتجزة بالمخالفة الحكم الفقرة الأولى من المادة 8 عقوبة تكميلية وجوبية توقع من المحكمة الجنائية على المخالف إلا أن ذلك لا ينفي أحقية كل ذي صاحب المصلحة - سواء كان مالكاً للعقار المراد الإخلاء منه أو طالب استئجار فيه من طلب أعمال الجزاء المدني وإقامة الدعوى ببطلان التصرف المخالف والإخلاء أمام المحكمة المدينة لأن في قيام الإيجار بالمخالفة لحكم المادتين 8، 76 سالفتي الذكر ما يجعله مخالفاً للنظام العام فيبطل إذا توافر سبب الحظر عند التعاقد، أما إذا كان توافر هذا السبب في وقت لاحق فإنه يؤدي إلى انفساخ العقد، ويكون لكل ذي مصلحة أن يطلب إخلاء المستأجر المخالف الذي بطل عقده أو انفسخ ولا يتعارض هذا مع ما أوردته المادة 31 من ذات القانون من حصر لأسباب انتهاء عقد الإيجار القائمة والمنتجة لآثارها، لأن مخالفة حظر الاحتفاظ بأكثر من مسكن يترتب عليها زوال العقد بمجرد وقوع المخالفة.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن على محكمة الموضوع إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني السليم وأن العبرة في تكييف الدعوى هي بحقيقة المطلوب فيها والسبب القانوني الذي ترتكز عليه.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي وزن وتقدير الأدلة المقدمة فيها والأخذ بما يقتنع به منها وإطراح ما عداها، وحسبه أن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، دون أن يكون ملزماً بتتبع حجج الخصوم وأقوالهم وطلباتهم أو الرد عليها استقلالاً ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنع بها الرد الضمني المسقط لما عداها.
4 - تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها هو مما يستقل به قاضي الموضوع دون معقب عليه في تكوين عقيدته مما يدلي به شهود أحد الطرفين ما دام لم يخرج بها عما يؤدي إليه مدلولها.
5 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كانت الفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 التي تحظر على الشخص مالكاً كان أو مستأجر أن يحتفظ بأكثر من مسكن في البلد الواحد قد استثنت من حكمها حالة وجود مقتضى للتعدد دون أن يضع المعايير المحددة له، فإن أمر تقدير المقتضى لحجز أكثر من مسكن في البلد الواحد يخضع لمطلق سلطان قاضي الموضوع يستخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها ولا رقابة عليه في ذلك طالما ركن في تقديراته إلى أسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه قضاؤه.
6 - لا يعيب الحكم إغفاله لبعض مستندات الطاعنة أو عدم رده عليها ما دام أنها غير مؤثره في الدعوى التي رأى في أوراقها ما يكفي لتكوين عقيدته.
7 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن تأجير المستأجر المسكن المؤجر مفروشاً ولو بتصريح من المالك لا يعد من قبيل المقتضى الذي عنته المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 ذلك أن المستفاد منه أن المشرع منع المضاربة على الأماكن المعدة للسكني فيما لا يتعارض مع المشروعات التجارية التي تتخذ من المباني عنصراً من عناصرها كالفنادق - بمنعه استئجارها لإعادة تأجيرها مفروشة أو خالية، فهو ممنوع من احتجاز أكثر من مسكن بقصد المضاربة بالتأجير مفروشاً سواء كان ذلك بموافقة المؤجر أو بغير موافقته.
8 - لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان النعي قائماً على مصلحة نظرية بحته فإنه لا يؤدي إلى نقض الحكم، وكان الحكم قد قضى بإخلاء الطاعنة من شقتي النزاع لمخالفتها الحظر المنصوص عليه في المادة الثامنة من القانون 49 لسنة 1977 السالف بيانه بما يستوي معه لدى الطاعنة ذلك بعد القضاء بتسليمها إلى المؤجر المطعون ضده الثالث أو إلى المستأجرين لهما - المطعون ضدهما الأول والثانية فإن ما تثيره الطاعنة بسبب النعي - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج لأنه بفرض نقض الحكم من أجله فإن ذلك لا يحقق لها سوى مصلحة نظرية بحتة.
9 - يشترط لقبول سبب الطعن أن يكون منتجاً وهو لا يكون كذلك إلا إذا انصب على ما طعن عليه من قضاء الحكم وتناول دعامته الأساسية التي لا يقوم قضاءه بدونها، وإذا كان الحكم المطعون فيه في معرض رفضه لطلب الطاعنة بإعادة الدعوى للمرافعة بعد حجزها للحكم فيها قد عرض لمستنداتها المقدمة تبريراً لهذا الطلب وناقش بعضها وأعرض عن البعض الآخر دون أن يتخذ من ذلك دعامة لقضائه في موضوع الدعوى فإن النعي عليه في هذا الخصوص أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 1182 لسنة 1978 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعنة والمطعون ضده الثالث بطلب الحكم بإخلاء الطاعنة من الشقة رقم 1103 من العقار رقم 26 شارع عدلي بالقاهرة وتسليمها إليه خالية، وأقامت المطعون ضدها الثانية الدعوى رقم 1183 أمام ذات المحكمة وعلى نفس الخصمين بطلب الحكم بإخلاء الطاعنة من الشقة رقم 1104 من العقار سالف الذكر وتسليمها إليها خالية. وقالا بياناً للدعويين أن الطاعنة تحتجز هاتين الشقتين بزعم إقامتها فيهما بينما هي تقيم في الشقة رقم 64 بالعقار رقم 6 بشارع لطف الله بالزمالك، ومن ثم تكون محتجزة لأكثر من مسكن في البلد الواحد بغير مقتضى. ولما كان كل منهما قد استأجر الشقة المطالب بها من المالك المطعون ضده الثالث فقد أقاما دعوييهما بالطلبات سالفة البيان. دفعت الطاعنة ببطلان صحيفتي الدعويين، وبعدم قبولهما لرفعهما من غير ذي صفة - قضت المحكمة برفض الدفعين وبإحالة الدعويين إلى التحقيق. ثم حكمت فيهما بإخلاء الطاعنة من شقتي النزاع وتسليمهما للمطعون ضده الثالث. استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة برقم 1355 لسنة 97 قضائية - وبتاريخ 25/ 12/ 1980 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب تنعى الطاعنة بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أن مؤدى نص المادتين 8/ 1، 76 من القانون رقم 49 لسنة 1977 أن المشرع جعل من إنهاء عقد المسكن المخالف لنص المادة 8/ 1 جزاء جنائياً، وقصد بذلك أن يكون الحكم بإنهاء العقد وما يترتب عليه من إخلاء المسكن من اختصاص المحكمة الجنائية وهو اختصاص نوعي يتعلق بالنظام العام وكانت عناصره مطروحة على محكمة الموضوع مما كان يوجب عليها القضاء به من تلقاء نفسها، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإخلائها من شقتي النزاع، فإنه يكون قد فصل في مسألة تخرج عن الاختصاص النوعي للمحاكم المدنية، كما أن الحكم لم يحقق أي العقدين أصابه البطلان لمخالفته نص المادة 8/ 1 المشار إليه وهل هو عقد الشقة التي قيل بإقامتها فيها أم عقدي شقتي النزاع ولم يخيرها بين أي من المسكنين تريد الاحتفاظ به قبل القضاء بالإخلاء رغم تمسكها بهذا الدفاع الجوهري.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 8 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أن "لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتض" وفي المادة 76 منه على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف أحكام المواد 7/ 1، 8، 13/ 1، 24، 25 من هذا القانون. ويحكم فضلاً عن ذلك في حالة مخالفة حكم المادة 8/ 1 بإنهاء عقد المسكن أو المساكن المحتجزة بالمخالفة لحكم القانون "يدل على أن المشرع وإن جعل من إنهاء عقد المسكن أو المساكن المحتجزة بالمخالفة لحكم الفقرة الأولى من المادة 8 جزاءاً تكميلياً وجوبياً يوقع من المحكمة الجنائية على المخالف إلا أن ذلك لا ينفي أحقيته كل ذي مصلحة - سواء كان مالكاً للعقار المراد الإخلاء منه أو طالب استئجار فيه في طلب إعمال هذا الجزاء المدني وإقامة الدعوى ببطلان التصرف المخالف والإخلاء أمام المحكمة المدنية لأن في قيام الإيجار بالمخالفة لحكم المادتين 8، 76 سالفتي الذكر ما يجعله مخالفاً للنظام العام فيبطل إذا توافر سبب الحظر عند التعاقد، أما إذا كان توافر هذا السبب في وقت لاحق فإنه يؤدي إلى انفساخ العقد، ويكون لكل ذي مصلحة أن يطلب إخلاء المستأجر المخالف الذي بطل عقده أو افسخ. ولا يتعارض هذا مع ما أوردته المادة 31 من ذات القانون من حصر لأسباب انتهاء عقود الإيجار القائمة والمنتجة لأثارها، لأن مخالفة حظر الاحتفاظ بأكثر من مسكن يترتب عليها زوال العقد بمجرد وقوع المخالفة - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزام النظر المتقدم وأيد الحكم الابتدائي فيما ذهب إليه من أن كلاً من دعوتي الإخلاء الموجهة إلى الطاعنة إنما تستند إلى نص قانوني ملزم يقضي بمنع الشخص الواحد من شغل أكثر من مسكن في البلد الواحد بغير مقتضى وهو نص يفيد منه كل ذي مصلحة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. وإذ كان الحكم قد رد على دفاع الطاعنة في شأن حق التخيير بأنه ليس في القانون ما يلزم على تخيير الطاعنة بالنسبة للمسكن المراد إنهاء عقد إيجاره إذ المقرر إن حكم الإخلاء في الدعوى الماثلة مؤسس على نص ملزم في القانون دون ثمة تخيير بين المساكن وكان هذا الذي قرره الحكم يكفي رداً على دفاع الطاعنة فإن النعي عليه بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال والخطأ في فهم الواقع، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت في دفاعها ببطلان إعلانها بصحيفتي افتتاح الدعويين وبمنطوق حكم إحالتهما إلى التحقيق لتوجيه الإعلان إليها بشقة الزمالك التي لا تقيم فيها لأنها مخصصة لمسكن زوجية ابنها مما كلن سبباً في إجراء التحقيق في غيبتها وعدم سماع شهودها، ومع ذلك قضى الحكم بإخلائها من شقتي النزاع أخذاً بأقوال الشهود في هذا التحقيق ودلالة الإعلانات الباطلة من أنها عجزت عن تقديم المقتضى لاحتجازها مع أن تلك الأقوال لا يستدل منها على انتفاء الموجب لاحتجاز الشقتين كما لا تؤدي إليه دلالة هذه الإعلانات وقد طلبت من المحكمة إحالة الدعوى الثانية إلى التحقيق إلا أنها رفضت طلبها والتفت الحكم عن تحقيق دفاعها بشأن بطلان عقدي الإيجار المطعون ضدهما الأول والثانية عملاً بالمادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 التي تحظر على المؤجر إبرام لأكثر من عقد إيجار للشقة الواحدة وبصوريتهما لأنهما تحررا بالتواطؤ مع المالك المطعون ضده الثالث بقصد الإضرار بها، فضلاً عن أن شقتي النزاع أصبحتا شقة واحدة بإزالة الحاجز بينهما بناء على موافقة من المالك بمقتضى ملحق لعقدي إيجاريهما ثابت التاريخ في 23/ 1/ 1968، وكانت تقوم بسداد الأجرة عنهما بموجب إيصال واحد مما يجعل مصلحة المطعون ضدهما الأول والثانية في طلب الإخلاء متعارضاً ومتنافراً مع كون عين النزاع صارت شقة واحدة.
وحيث إن هذا النعي مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة أن على محكمة الموضوع إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانون الصحيح، وأن العبرة في تكييف الدعوى هي بحقيقة المطلوب فيها. والسبب القانوني الذي ترتكز عليه وأن لقاضي الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي وزن تقدير الأدلة المقدمة فيها والأخذ بما يقتنع به منها وإطراح ما عداها، وحسبه في ذلك أن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، دون أن يكون ملزماً بتعقب حجج الخصوم وأقوالهم وطلباتهم أو الرد عليها استقلالاً ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنع بها الرد الضمني المسقط لما عداها، كما أن تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها هو مما يستقل به قاضي الموضوع دون معقب عليه في تكوين عقيدته مما يدلي به شهود أحد الطرفين ما دام لم يخرج بها عما يؤدي إليه مدلولها. لما كان ذلك وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كانت الفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 التي تحظر على الشخص مالكاً كان أو مستأجراً أن يحتفظ بأكثر من مسكن في البلد الواحد قد استثنت من حكمها حالة وجود مقتضى للتعدد دون أن تضع المعايير المحددة له، فإن أمر تقدير المقتضى لحجز أكثر من مسكن في البلد الواحد يخضع لمطلق سلطان قاضي الموضوع يستخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها ولا رقابة عليه في ذلك طالما ركن في تقديراته إلى أسباب سائغة تؤدي إلى انتهى إليه قضاؤه. وإذ كان الثابت في الأوراق أن المطعون ضدهما الأول والثانية أقاما دعوييهما بطلب إخلاء الطاعنة من شقتي النزاع لاحتجازها أكثر من مسكن في البلد الواحد بغير مقتضى وكان الحكم المطعون فيه قد كيف الدعوى على وجهها الصحيح بأنها دعوى إخلاء لمخالفة شروط الحظر المنصوص عليه على المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 وأقام قضاءه على ما استخلصه من إعلان الطاعنة بصحيفتي الدعويين والحكم التمهيدي في محل إقامتها بالشقة رقم 64 بالعقار رقم 6 شارع لطف الله بالزمالك مخاطباً مع شخصها ثم مع تابعها ومن وجود تلفون بذات الشقة باسمها وما اطمأن إليه من أقوال شاهدي المطعون ضدهما الأول والثانية التي اتفقت على أن الطاعنة تقيم بهذه الشقة وأن احتجازها لشقتي النزاع ليس له مبرر مشروع، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ويكفي لحمل قضائه فلا عليه بعد ذلك أن رفض طلب الطاعنة إحالة الدعوى ثانية إلى التحقيق ولا يعيبه إغفاله لبعض مستندات الطاعنة أو عدم رده عليها ما دام أنها غير مؤثرة في الدعوى التي رأى في أوراقها ما يكفي لتكوين عقيدته - ومن ثم يكون النعي بهذين السببين جدلاً موضوعياً في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك تقول أن التصريح بالتأجير من الباطن للمستأجر الأصلي يتعين أن يكون محل تقدير لقاضي الموضوع عند بحث المقتضى لأنه قد يؤدي إلى إسقاط حق المالك في طلب الإخلاء المستند إلى الحظر الوارد في المادة 8/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وقد تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده الثالث صرح لها كتابة بالتأجير من الباطن وأنه تواطأ مع المطعون ضدهما الأول والثانية في رفع دعوييهما بقصد الإضرار بها إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن بحث دلالة هذا الدفاع رغم جوهرتيه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تأجير المستأجر المسكن المؤجر مفروشاً ولو بتصريح من المالك لا يعد من قبيل المقتضى الذي عنته المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 ذلك أن المستفاد منه أن المشرع منع المضاربة على الأماكن المعدة للسكنى فيما لا يتعارض مع المشروعات التجارية التي تتخذ من المباني عنصراً من عناصرها كالفنادق - بمنعه استئجارها لإعادة تأجيرها مفروشة أو خالية، فهو ممنوع من احتجاز أكثر من مسكن بقصد المضاربة بالتأجير مفروشاً سواء كان ذلك بموافقة المؤجر أو بغير موافقته، وكان دفاع الطاعنة بشأن تصريح المؤجر لها بتأجير شقتي النزاع من الباطن لا يعد دفاعاً جوهرياً عند بحث المقتضى لاحتجاز الشخص أكثر من مسكن في حكم المادة 8 من القانون سالف الذكر فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عن تحقيق دفاع الطاعنة في هذا الشأن، ويضحي النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه القضاء بما لم يطلبه الخصوم وفي بيان ذلك تقول أن المطعون ضدهما الأول والثانية طلبا الحكم بإخلائها من شقتي النزاع وتسليم كل منهما الشقة المطالب بها إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى بتسليم الشقتين للمطعون ضده الثالث.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كان النعي قائماً على مصلحة نظرية بحتة فإنه لا يؤدي إلى نقض الحكم. وكان الحكم قد قضى بإخلاء الطاعنة من شقتي النزاع لمخالفتها الحظر المنصوص عليه في المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 السالف بيانه بما يستوي معه لدى الطاعنة بعد ذلك القضاء بتسليمها إلى المؤجر المطعون ضده الثالث أو إلى المستأجرين لهما - المطعون ضدهما الأول والثانية - ، فإن ما تثيره الطاعنة بسبب النعي - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج لأنه بفرض نقض الحكم من أجله فإن ذلك لا يحقق لها سوى مصلحة نظرية بحتة.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب السابع على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول أنها قدمت خلال فترة حجز الدعوى للحكم حافظة مستندات تضمنت إيصالات اشتراك تليفون واستهلاك كهرباء للتدليل بها على أن شقة الزمالك مخصصة لمسكن أبنها...، إلا أن الحكم بعد أن قرر حق المحكمة في استبعادها لعدم تصريح بتقديم مستندات عاد وأهدر دلالة إيصالات استهلاك الكهرباء ولم يناقش دلالة إيصال اشتراك التليفون مما قد يكون له أثره فيما انتهى إليه قضاؤه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن يشترط لقبول سبب الطعن أن يكون منتجاً وهو لا يكون كذلك إلا إذا انصب على ما طعن عليه من قضاء الحكم وتناول دعامته الأساسية التي لا يقوم قضاؤه بدونها، وإذ كان الحكم المطعون فيه في معرض رفضه لطلب الطاعنة بإعادة الدعوى إلى المرافعة بعد حجزها للحكم فيها قد عرض لمستنداتها المقدمة تبريراً لهذا الطلب وناقش بعضها وأعرض عن البعض الآخر دون أن يتخذ من ذلك دعامة لقضائه في موضوع الدعوى فإن النعي عليه في هذا الخصوص أياً كان وجه الرأي فيه يكون غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق