جلسة 12 من نوفمبر سنة 1955
برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.
---------------
(12)
القضية رقم 30 لسنة 1 القضائية
(أ) كادر العمال
- قواعده لم تتضمن نصاً يلزم الحكومة بتطبيق أحكامه على من يعين بعد 1/ 5/ 1945 إلا في الحدود المرسومة في تلك القواعد.
(ب) كادر العمال
- مناط استحقاق الصانع أو العامل لتطبيق أحكامه عليه.
إجراءات الطعن
في 26 من يونيه سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات المالية والتجارة والزراعة والتموين بجلسة 27 من إبريل سنة 1955 في الدعوى رقم 464 لسنة 2 ق المرفوعة من علي محمود ضد وزارة الزراعة القاضي "باستحقاق المدعي لتطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 14 من فبراير سنة 1951 الخاص بتطبيق كشوف حرف (ب) من كادر العمال على حالته مع ما يترتب على ذلك من آثار" وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن "الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات". وأعلن المدعي بالطعن في 30 من يونيه سنة 1955 وأعلنت به الوزارة في 29 من يونيه سنة 1955 فأودع الأول مذكرة برده في 16 من يوليه سنة 1955 تتحصل في أنه من العمال الدائمين وليس عاملاً موسمياً؛ وآية ذلك أنه استمر في عمله بقسم البساتين بوزارة الزراعة ثماني سنوات متتالية في حين أن العامل الموسمي، على ما هو متعارف عليه، إنما يعمل فترة معينة لعمل معين بالذات يفصل من الخدمة بعد تمامه والانتهاء منه، كما أنه يخصم على بند 20 أجور وهو بند ثابت لا يخصم عليه الموسميون الذين يعينون على اعتماد خاص. وانتهى المدعي في مذكرته إلى طلب رفض الطعن.
وقد عين لنظر الطعن جلسة 22 من أكتوبر سنة 1955 وفيها سمعت إيضاحات الطرفين على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجئ إصدار الحكم فيه إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاع الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يستفاد من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه قدم إلى اللجنة القضائية لوزارات التجارة والزراعة والتموين تظلماً قيد تحت رقم 464 سنة 2 ق طالباً منحه العلاوات الدورية المستحقة له عن سنتي 1950 و1952، بدعوى أنه عين بمصلحة البساتين بوزارة الزراعة بوظيفة صانع منتجات في 30 من أكتوبر سنة 1947، وأنه لم يمنح علاوات منذ تعيينه. وقد دفعت الحكومة الدعوى بأن المدعي عين في وظيفة صانع منتجات بصفة موسمية، وبهذه المثابة لم يمنح علاوات لأن التعليمات تقضي بعدم منح علاوات دورية للعمال الموسميين، وأنها طلبت في مشروع ميزانيتها عن سنتي 1952/ 1953 و1953/ 1954 إنشاء درجات للمدعي وأمثاله من العمال الذين استدام عملهم ولكنها لم تعتمد فأعادت هذا الطلب في ميزانية 1954/ 1955.
وقد أحيلت الدعوى إلى المحكمة الإدارية لوزارات المالية والتجارة والزراعة والتموين بعد إنشاء المحاكم الإدارية إثر إلغاء اللجان القضائية، وقد قضت المحكمة المذكورة بحكمها الصادر في 27 من إبريل سنة 1955 "باستحقاق المدعي لتطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 14 من فبراير سنة 1951 الخاص بتطبيق كشوف حرف (ب) من كادر العمال على حالته مع ما يترتب على ذلك من آثار" مستندة في ذلك إلى ما ظهر لها من أن المدعي يعمل منذ أن التحق بالخدمة في أكتوبر سنة 1947 بصفة دائمة وأن ليس في الأوراق ما يؤيد صحة دفاع الوزارة من أنه عامل موسمي، مما يتعين معه اعتباره من العمال الدائمين، ومعاملته على هذا الأساس. ومن ثم يستحق تسوية حالته طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 14 من فبراير سنة 1951 المتضمن وجوب تطبيق كشوف حرف (ب) من كادر العمال على من يعين منهم بعد أول مايو سنة 1945. فطعن السيد رئيس هيئة المفوضين في هذا الحكم، بانياً طعنه على أن المطعون عليه بحسبانه عاملاً موسمياً لا يحق له الإفادة من قراري مجلس الوزراء الصادرين في 11 من يونيه و12 من نوفمبر سنة 1950 بتطبيق الكشوف حرف (ب) الملحقة بكادر العمال على من عينوا بعد أول مايو سنة 1945؛ إذ أن مناط الإفادة من أحكام القرارين المذكورين أن يكون العامل معيناً بعد أول مايو سنة 1945 على درجة من درجات كادر العمال.
واستند الطعن في اعتبار المطعون عليه من العمال الموسميين إلى أن الأمر الصادر من مدير قسم البساتين في 2 من نوفمبر سنة 1947 بتعيينه قد جرى نصه بما يلي "يعين علي محمود صانع منتجات زراعية لمعمل الواحات الخارجة بيومية قدرها 320 م على أن يعمل بالواحات البحرية هذا الموسم وذلك اعتباراً من 3 من نوفمبر سنة 1947" وهذا التعيين وإن كان قد مضت عليه مدة طويلة من نوفمبر سنة 1947 إلى الآن كان فيها المطعون عليه قائماً بالعمل بصفة مستمرة، إلا أنه لا يمكن أن يكسبه الحق في الانتفاع بأحكام كادر العمال وبقراري مجلس الوزراء السالفي الذكر؛ إذ لا يوجد بأحكام هذا الكادر ما يوجب أن يعين العمال طبقاً لأحكامه مهما طال بقاؤهم في العمل بصفة موسمية" ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه - إذ قضى باستحقاق المطعون عليه لتطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 14 من فبراير سنة 1951 الخاص بتطبيق كشوف حرف (ب) من كادر العمال على حالته مع ما يترتب على ذلك من آثار - هذا الحكم يكون قد بني على مخالفة القانون.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المطعون عليه أنه قدم في 5 من يوليه سنة 1947 طلباً إلى مدير قسم البساتين جاء به أنه سبق أن التحق بقسم البساتين في 2 من أكتوبر سنة 1932 ثم أعير في مايو سنة 1943 إلى الدائرة الدمرداشية لمدة سنة فصل بعدها من قسم البساتين واستمر في عمله بالدائرة الدمرداشية إلى آخر إبريل سنة 1947 والتمس أخيراً إعادة تعيينه. وقد تأشر على هذا الطلب بأن "حالة العمل بالواحات في حاجة لتعيين صانع منتجات زراعية درجة أولى في الدرجة من 320 - 400 م بأجر يومي قدره 320 م فيكتب للوزارة لتعيينه بهذه الأجرة وبهذه الوظيفة خصماً على مشروع السنوات الخمس". وقد اتصل قسم البساتين بالوزارة وبإدارة الميزانية في هذا الشأن وجاء في كتاب له إلى إدارة الميزانية مؤرخ 6 من سبتمبر سنة 1947 ما يأتي "رداً على خطاب حضرتكم بتاريخ 31/ 8/ 1947 بخصوص طلب تعيين صانع منتجات زراعية لمعامل القسم بالواحات في الفئة من 320 - 400 م، خصماً على مشروع السنوات الخمس نتشرف بالإفادة بأن معمل الخارجة لم يتم إنشاؤه للآن ولكن يرغب القسم من الاستفادة من الصانع المذكور في تشغيل معامله في الواحات البحرية لعدم وجود صانع مختص لحين إنشاء معامله بالخارجة"، وانتهت إجراءات الترشيح للتعيين بصدور أمر إداري في 2 من نوفمبر سنة 1947 جرى نصه بما يأتي "بناء على موافقة الوزارة بخطابها رقم 16586/ 94 - 4/ 1 في 30 من أكتوبر سنة 1947 يعين علي محمود أفندي صانع منتجات زراعية لمعمل الواحات الخارجة بيومية قدرها 320 مليماً على أن يعمل بالواحات البحرية هذا الموسم وذلك اعتباراً من 3 من نوفمبر سنة 1947". وقد عين المطعون عليه في بدء تعيينه على مشروع السنوات الخمس، وخصم بأجره على بند توزيع شتلات الزيتون في المدة من 2 من نوفمبر سنة 1947 إلى نهاية السنة المالية 1947/ 1948، ثم أجرى الخصم بأجره بعد ذلك على بند 20 أجور، ولا يزال يخصم بأجره على هذا البند.
ومن حيث إنه يستفاد من ذلك أن المطعون عليه عين بصفة دائمة لا بصفة موسمية، ومثار الشبهة في هذا الشأن ما ورد بالأمر الصادر بتعيينه من تشغيله "بالواحات البحرية هذا الموسم". وواقع الأمر أن المقصود بهذه العبارة أنه لما كان معمل الواحات الخارجة الذي كان قد رؤى أن يعمل به ما كان قد تم إنشاؤه، فقد رؤى ندبه ذاك الموسم للعمل بالواحات البحرية إلى أن يتم إنشاء معمل الواحات الخارجة. فالأمر بهذه المثابة لا يعدو أن يكون تنظيماً لعمل المدعي بالمصلحة في فترة معينة ينقل بعدها إلى عمل آخر، لا تخصيصاً لطبيعة الرابطة القانونية بينه وبين الحكومة عند تعيينه باعتباره عاملاً موسمياً.
ومن حيث إن قواعد كادر العمال إنما تطبق على عمال اليومية الموجودين بالخدمة وقت صدوره بأثر رجعي من تاريخ شغلهم الوظائف المقابلة للدرجات المقترحة بالكادر، ولم تتضمن تلك القواعد نصاً يلزم الحكومة بتطبيق أحكام كادر العمال على من يعين منهم بعد أول مايو سنة 1945 إلا في الحدود المرسومة في تلك القواعد.
ومن حيث إن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، ومركز الموظف من هذه الناحية هو مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت بتنظيم جديد، فإذا انطوى التعديل الجديد على المساس بحقوق ذاتية اكتسبها الموظف في ظل التنظيم القديم فلا مناص من أن يكون التعديل الجديد بنص خاص في قانون، سواء كان اكتساب تلك الحقوق الذاتية والمراكز القانونية قد تم بقانون أو بقرار تنظيمي عام. أما إذا اشتمل التعديل الجديد على مزايا للموظف تحمل الخزانة العامة أعباء مالية فإنها تسري في حقه من يوم نفاذه إلا إذا نص على الإفادة منها من تاريخ أسبق.
ومن حيث إنه في 11 من يونيه سنة 1950 أصدر مجلس الوزراء قراراً بالموافقة على تطبيق الكشوف حرف (ب) الملحقة بكادر العمال على العمال الذين عينوا بعد أول مايو سنة 1945 ونفاذاً لقرار مجلس الوزراء سالف الذكر فتح اعتمادان ماليان بعنوان تكملة إنصاف العمال باليومية الأول بمبلغ 350.000 ج بالقانون رقم 28 لسنة 1951 المؤرخ 14 من فبراير سنة 1951 والثاني بمبلغ 500.000 ج في ميزانية الأربعة الأشهر من مارس إلى يونيه سنة 1951 الصادر بها القانون رقم 103 لسنة 1951 في 15 من يوليه سنة 1951.
ومن حيث إن مناط استحقاق الصانع أو العامل لتطبيق أحكام كادر العمال عليه أن يكون عاملاً بحرفة من الحرف الواردة بالجداول المرافقة للكادر المذكور، ولم تر الجهات المختصة، بحسب مقتضيات العمل في الوزارة أو المصلحة أو التزاماً للقيود المبينة بكادر العمال، عدم تطبيق هذا الكادر على فئات بذواتهم.
ومن حيث إن المطعون عليه باعتباره صانع منتجات زراعية وهي من الحرف الواردة بالكشف رقم 5 من الكشوف المرافقة لكادر العمال وبالأجر المقدر لحرفته، ولم تستثن فئتهم من الإفادة من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يونيه سنة 1950، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى "بتطبيق الكشوف المذكورة على حالة المدعي" يكون مطابقاً للقانون ومن ثم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق