بن حيدر محاماه واستشارات قانونية ويمثلها المحامي / عيسي بن حيدر
بتاريخ 06-04-2023
بعد الاطلاع على الملف الإلكتروني وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه بغرفة المشورة السيد القاضي المقرر/ نبيل عمران وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت أمام مركز التسوية الودية للمنازعات النزاع رقم 4577 لسنة 2022 نزاع محدد القيمة ضد المطعون ضده الثاني "المتنازع ضده" بموجب صحيفة قيدت لدى المركز إلكترونيًا بتاريخ 27 سبتمبر 2022 بطلب الحكم بإلزامه أن يؤدي لها مبلغ 400?367 درهم قيمة المبلغ المسلم إليه كأتعاب عن مباشرة القضايا الخاصة بزوجها والذي تحصل عليه دون قيامه بتنفيذ أي عمل من الأعمال المتفق عليها، والفائدة القانونية عنه بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد. وشرحًا لنزاعها قالت إنها أوكلت إليه أمر الدفاع عن زوجها وتمثيله في القضيتين رقم 45491 لسنة 2019 جزاء دبي، 820 لسنة 2020 جزاء دبي مقابل أتعاب بمبلغ 400?367 درهم ثابت استلامه بسند القبض رقم 12356 الصادر منه المتنازع ضده بتاريخ 13 سبتمبر 2019، إلا أنه لم يقم بأي عمل من الأعمال التي كانت موكلة إليه ولم يقدم من المستندات والأدلة ما يفيد اتخاذه لأي إجراء أو عمل لصالح زوجها ، فضلًا عن ارتكابه مخالفة إدارية بعدم تحرير اتفاقية أتعاب معها. وبتاريخ أول نوفمبر 2022 قررت المحكمة إلزام المتنازع ضده أن يؤدي للمتنازعة مبلغ 400?367 درهم والفائدة القانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة في 29 سبتمبر 2022 وحتى تمام السداد ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنفت المطعون ضدها الثانية هذا القرار بالاستئناف رقم 388 لسنة 2023 استئناف قرار نزاع. وبتاريخ 6 إبريل 2023 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف بشأن المبلغ المقضي به إلى إلزام المستأنفة "المطعون ضدها الثانية" برد مبلغ 400?357 درهم إلى المستأنف ضدها. طعن النائب العام لإمارة دبي في هذا الحكم بطريق التمييز لمصلحة القانون بصحيفة موقعة منه أودعت إلكترونيًا بتاريخ 24 أغسطس 2023 طلب فيها نقض الحكم، والحكم مجددًا بعدم قبول الدعوى لعدم سلوك المطعون ضده الأول الطريق الذي رسمه القانون.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعَى به الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن المطالبة موضوع النزاع في حقيقتها هي مطالبة بتقدير أتعاب المحاماة دون وجود عقد مكتوب بالاتفاق على الأتعاب، فتنطبق عليها أحكام قانون المحاماة رقم 23 لسنة 1991 بشأن تنظيم مهنة المحاماة، وقانون الإجراءات المدنية ولائحته التنظيمية الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم 57 لسنة 2018 كونها حصلت في ظله، والأصل قانونًا أن المشرع رسم طريقًا للمطالبة بتقدير تلك الأتعاب في حال عدم وجود عقد مكتوب بالاتفاق عليها هو المقرر في المادة 29 من قانون المحاماة عن طريق تقديم طلب أمر على عريضة يقدم سواء من المحامي أو من الموكل للمحكمة التي نظرت القضية عند الخلاف. وإذ كانت المطعون ضدها الأولى قد أقامت دعواها الماثلة بصحيفة أمام مركز التسوية الودية للمنازعات بالمحكمة الابتدائية وفقًا لطريق التقاضي العادي فإنها لا تكون قد التزمت الطريق الذي رسمه القانون، مع أن إجراءات التقاضي من النظام العام فكان على الحكم المطعون فيه أن يقضي من تلقاء نفسه بعدم قبول الدعوى، إلا أنه ساير الحكم الابتدائي وقضى في الموضوع بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأن النص في المادة 176 من قانون الإجراءات المدنية الصادر بالمرسوم بقانون اتحادي رقم 42 لسنة 2023 على أنه " 1- للنائب العام أن يطعن بطريق النقض أو التمييز من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب من وزير العدل أو رئيس الجهة القضائية المحلية حسب الأحوال، مرفقًا به أسباب الطعن، وذلك في الأحكام الانتهائية أيًا كانت المحكمة التي أصدرتها إذا كان الحكم مبنيًا على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وذلك في الأحوال الآتية: أ- الأحكام التي لا يجيز القانون للخصوم الطعن فيها. ب- الأحكام التي فوت الخصوم ميعاد الطعن فيها أو نزلوا فيها عن الطعن أو رفعوا طعنًا فيها قُضي بعدم قبوله. 2- يرفع النائب العام الطعن بصحيفه يوقعها خلال سنة من تاريخ صدور الحكم وتنظر المحكمة الطعن في غرفة مشورة بغير دعوة للخصوم، ويفيد هذا الطعن الخصوم. " ، مؤداه أنه يجوز للنائب العام الطعن بطريق التمييز في الأحكام الانتهائية أيًا كانت المحكمة التي أصدرتها إذا كان الحكم مبنيًا على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، وذلك متى كانت تلك الأحكام لا يُجيز القانون للخصوم الطعن فيها أو فات عليهم ميعاد الطعن أو نزلوا فيها عن الطعن أو رفعوا طعنًا فيها قُضي بعدم قبوله، على أن يستفيد الخصوم من ذلك الطعن المرفوع من النائب العام. والأحكام الانتهائية في مقصود هذه المادة هي الأحكام التي أصبحت نهائية وحازت قوة الأمر المقضي سواء لعدم جواز الطعن فيها طبقًا للقانون من قِبل الخصم في الدعوى أو بسبب فوات ميعاد الطعن عليها، وقد استهدف المشرع بنظام الطعن من النائب العام مصلحة عُليا هي مصلحة القانون لإرساء المبادئ القانونية الصحيحة على أساس سليم وتوحيد أحكام القضاء فيها. لما كان ذلك، وكان النص في المادة 29 من القانون الاتحادي رقم 23 لسنة 1991 بشأن تنظيم مهنة المحاماة -والمقابلة للمادة 52 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2022 المعمول به اعتبارًا من 2 يناير 2023- على أن " يتقاضى المحامي أتعابه وفقًا للعقد المحرر بينه وبين موكله ومع ذلك يجوز للمحكمة التي نظرت القضية أن تنقص بناءً على طلب الموكل الأتعاب المتفق عليها إذا رأت أنها مبالغ فيها بالنسبة إلى ما تتطلبه القضية من جُهد وإلى ما عاد على الموكل من نفع . ولا يجوز إنقاص الأتعاب إذا كان الاتفاق عليها قد تم بعد الانتهاء من العمل. فإذا لم يكن هناك اتفاق مكتوب على الأتعاب أو كان الاتفاق المكتوب باطلًا قدرت المحكمة التي نظرت القضية عند الخلاف وبناءً على طلب المحامي أو الموكل أتعاب المحامي بما يناسب الجهد الذي بذله والنفع الذي عاد إلى الموكل . ولكل من المحامي والموكل حق التظلم من أمر التقدير خلال الخمسة عشر يومًا التالية لإعلانه بالأمر وذلك بتكليف خصمه بالحضور أمام المحكمة التي أصدرت الأمر . وينظر التظلم على وجه الاستعجال . أما إذا كانت الأتعاب المختلف عليها عن عمل آخر وليس عن قضية نظرتها المحكمة فلكل من المحامي والموكل أن يرفع دعوى عادية لتقديرها تتبع فيها قواعد قانون الإجراءات المدنية "، مؤداه -وعلى ما انتهى إليه قرار الهيئة العامة لمحكمة التمييز الصادر بجلسة 18 مايو 2022 في القضية رقم 2 لسنة 2022 الهيئة العامة- وجوب سلوك الطريق الذي رسمه المشرع طبقًا للقواعد العامة في شأن الأوامر على العرائض المنصوص عليها قانون الإجراءات المدنية ولائحته التنظيمية عن طريق تقديم طلب "عريضة" إلى المحكمة التي تنظر الدعوى بين الموكل وخصمه فيها، على أن يصدر القاضي أو رئيس الدائرة أمره كتابة على إحدى نسختي العريضة في اليوم التالي لتقديمها على الأكثر بتقدير أتعاب المحامي بما يناسب الجُهد الذي بذله والنفع الذي عاد على موكله، ويتم التظلم من هذا الأمر أمام المحكمة التي أصدر رئيسها الأمر. والمقصود بالمحكمة التي تنظر القضية عند الخلاف بين المحامي وموكله على الأتعاب، هي المحكمة التي نظرت الدعوى أو التظلم أو الإشكال في التنفيذ أو الطعن وفصلت فيه، والمطلوب تقدير الأتعاب عن الجُهد المبذول فيه، سواء كانت محكمة أول درجة أو الاستئناف أو التمييز أو المحكمة التي نظرت الالتماس بحسب الأحوال، إذ إنها المحكمة الأقدر بتقدير الأتعاب وفقًا لما بذله المحامي من جُهد أمامها وما عاد على الموكل من نفع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ولم يقض بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون، باعتبار أن إجراءات التقاضي من النظام العام وأنه إذا رسم القانون طريقًا معينًا لرفع الدعوى فلابد من اتباعه، وإنما قضى بتعديل الحكم الابتدائي الذي قضى في موضوع الدعوى، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن موضوع الاستئناف صالح للفصل فيه، ولِما تقدم.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه. وقضت في موضوع الاستئناف رقم 388 لسنة 2023 استئناف قرار نزاع لسنة 2023 بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون.