الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 21 يوليو 2023

الطعن 12 لسنة 27 ق جلسة 30 / 4 / 1959 مكتب فني 10 ج 2 أحوال شخصية ق 60 ص 384

جلسة 30 من إبريل سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: عثمان رمزي، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمد زعفراني سالم، وعباس حلمي سلطان المستشارين.

---------------

(60)
الطعن رقم 12 سنة 27 القضائية أحوال شخصية

وقف "الاستحقاق فيه".
(أ) إطلاق الاستحقاق في الوقف ينصرف إلى غلة الوقف ومنافعه، حصة أو سهماً أو مرتباً أو منفعة. نصوص ق 48 لسنة 1946 لم يرد فيها ما يشير إلى أن المستحق هو من شرط له الواقف نصيباً في الغلة دون صاحب السهم أو المرتب أو المنفعة. اعتبار كل هؤلاء مستحقين وانطباق حكم م 3 من ق 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف عليهم. اعتبار الحكم المشروط له السكنى صاحب حق في الغلة ومستحق في الوقف. لا خطأ.
(ب) الوقف على معينين بالاسم أو الوصف دون تحديد نصيب كل منهم. الاستحقاق بينهم يكون بالتساوي.

----------------------
1 - الاستحقاق في الوقف متى أطلق فإنه ينصرف إلى استحقاق غلة الوقف ومنافعه يستوي في ذلك أن يكون حصة أو سهماً أو مرتباً دائماً أو مؤقتاً أو منفعة. ولم يرد في نصوص القانون رقم 48 لسنة 1946 الخاص بأحكام الوقف ما يشير إلى أن المشرع حدد معنى "المستحق" بأنه من شرط له الواقف نصيباً في الغلة دون صاحب السهم أو المرتب أو المنفعة، ومن ثم يعتبر كل هؤلاء مستحقين وينطبق عليهم حكم المادة 3 من القانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف التي نصت على أنه يؤول الملك فيما ينتهي فيه الوقف للمستحقين الحاليين كل بقدر نصيبه فيه - والتي ورد في المذكرة التفسيرية عنها أن المشرع قصد بكلمة المستحق كل من شرط له الواقف نصيباً في الغلة أو سهماً أو مرتباً دائماً أو مؤقتاً - وإذ كانت المطعون عليها الأولى مشروطاً لها السكنى فاعتبرها الحكم المطعون فيه صاحبة حق في الغلة وبالتالي مستحقة في الوقف، فإنه لا يكون قد أخطأ القانون - ولا يغير من هذا النظر ما يتمسك به الطاعن من أن كتاب الوقف لم يعتبرها موقوفاً عليها السكنى ذلك أنه وقد أصبح للمشروط له السكنى بمقتضى المادة 31 من قانون الوقف حق الاستغلال فإنه يعتبر موقفاً عليه وصاحب حق ونصيب في المنفعة.
2 - إذا وقف الواقف على معينين بالاسم أو بالوصف ولم يحدد نصيب كل منهم، فإن الاستحقاق بينهم يكون بالتساوي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تخلص كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن المطعون عليها رفعت الدعوى رقم 314 سنة 1953 محكمة القاهرة الشرعية طلبت فيها الحكم لها على الطاعن بأنها تستحق نصف المنزل بدوريه الموقوف من والدها بالحجة الصادرة في 27/ 11/ 1922 ضمن أملاك أخرى على أساس أنه مشروط لها حق السكنى هي والطاعن ووالدتها التي توفيت فيما بعد فأصبح حق السكنى مناصفة بينها وبين الطاعن ورفعت المطعون عليها الثانية صديقة لوزة غبريال الدعوى 212 لسنة 1954 محكمة القاهرة الشرعية وهي التي ضمت للدعوى الأولى - طلبت فيها اعتبار السكنى مثالثة بينها وبين المطعون عليها الأولى والطاعن على أساس أن عبارة "بنتها منه" الواردة في حجة الوقف تشملها هي الأخرى، وقد قضت محكمة القاهرة الابتدائية الشرعية في أول مايو سنة 1955 بأن شرط الواقف يقضي بأن المنزل الموقوف بدوريه الأول والثاني يكون مستحقاً لأولاد الواقف الثلاثة صديقة ولينه وسند. كل منهم ثلثه. فاستأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 89 سنة 1955 المحكمة العليا الشرعية كما استأنفته الآنسة لينه لوزة وقيد استئنافها برقم 91 لسنة 1955. وفي 17 من ديسمبر سنة 1955 قضت المحكمة العليا الشرعية بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المستأنف وتفهيم الخصوم بأن شرط الواقف يقضي بأن المنزل الموقوف بدوريه الأول والثاني يكون مستحقاً لولديه سند ولينه مناصفة بينهما فرفع الطاعن التماساً عن هذا الحكم قيد برقم 48 لسنة 73 ق. كما رفعت السيدة صديقة غبريال التماساً قيد برقم 49 سنة 73 ق. وفي 2 من فبراير سنة 1957 قضت محكمة استئناف القاهرة حضورياً بقبول الالتماسين شكلاً ورفضهما موضوعاً وألزمت كل ملتمس بمصاريف التماسه وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقد عرض الطعن على دائرة الفحص بجلسة 12 من فبراير سنة 1958 فالتمس الطاعن إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وصممت النيابة على ما جاء بمذكرتها وطلبت رفض الطعن. وقد أحيل الطعن إلى هذه الدائرة فأمر السيد رئيس المحكمة في 2 من فبراير سنة 1958 بإعلان تقرير الطعن إلى المطعون عليهما وحدد لهما خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانهما لإيداع مذكرة مشفوعة بالمستندات التي تريان تقديمها وحدد للنيابة العامة الواحد والعشرين يوماً التالية لإبداء رأيها في الطعن. وبتاريخ 26 من فبراير سنة 1958 أعلن المطعون عليهما بصورة من تقرير الطعن. وبتاريخ 12 من مارس سنة 1958 أودعت المطعون عليها الأولى مذكرة بدفاعها طلبت فيها رفض الطعن وأودعت النيابة العامة مذكرة ثانية أصرت فيها على طلب رفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة أصر كل من الطاعن والمطعون عليها على طلبه وصممت النيابة على رأيها الوارد بمذكرتها.
ومن حيث إن الطعن أقيم على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم أخطأ تطبيق القانون وتأويله من ثلاثة وجوه - أولها - أنه أسبغ على المطعون عليها الأولى صفة المستحق في الوقف في حين أن هذا الوصف لا يثبت ولا يطلق إلا على من شرط له الواقف نصيباً في الغلة وأن أصحاب السهام والمرتبات سواء كانت دائمة أو مؤقتة لا يسمون مستحقين ولا يعتبر نصيبهم استحقاقاً في نظر قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 وأنهم أضعف مركزاً من المستحقين وأن كلمة المستحق الواردة في نص المادة 3 من قانون إنهاء الوقف رقم 180 لسنة 1952 يجب أن تفسر في ضوء ما يعنيه قانون الوقف لأنه القانون العام الواجب الرجوع إليه عند تطبيق قانون الإنهاء أو تفسيره وأن المطعون عليها الأولى وقد شرط لها الواقف السكنى في المنزل الموقوف على الطاعن مدة حياتها فقط وهي بذلك لا تعتبر ولا تسمى موقوفاً عليها للسكنى ولا يزيد حقها من حيث طبيعته ومداه وما يترتب عليه من أثر على حق صاحب المرتب الموقوف، فضلاً عن أنه يبين من كتاب الوقف أن غرض الواقف انصرف إلى استقلال ابنه سند الطاعن بالوقف جميعه أطياناً ومنزلاً ولم يجعل للمطعون عليها الأولى سوى حق السكنى في المنزل مدة حياتها.
ومن حيث إن هذا النعي مردود. ذلك أنه ورد في هذا الخصوص بالحكم المطعون فيه ما يلي: "وهذه الشبهة مردودة بما ورد في الحكم - الملتمس فيه - من أن من له السكنى له حق الاستغلال وهو على كلا الحالين مستحق في الوقف وعند إنهائه بالقانون رقم 180 لسنة 1952 وجب إفراز نصيب له بقدر حقه في الاستحقاق" وهذا الذي انتهى إليه الحكم صحيح في القانون ذلك أن الاستحقاق في الوقف متى أطلق فإنه ينصرف إلى استحقاق غلة الوقف ومنافعه يستوي في ذلك أن يكون حصة أو سهماً أو مرتباً دائماً أو مؤقتاً أو منفعة ولم يرد في نصوص القانون رقم 48 لسنة 1946 الخاص بأحكام الوقف ما يشير إلى أن المشرع حدد معنى "المستحق" بأنه من شرط له الواقف نصيباً في الغلة دون صاحب السهم أو المرتب أو المنفعة ونتيجة لذلك يعتبر كل هؤلاء مستحقين وينطبق عليهم حكم المادة 3 من القانون رقم 3 لسنة 1952 بإنهاء الوقف التي نصت على أنه يؤول الملك فيما ينتهي فيه الوقف للمستحقين الحاليين كل بقدر نصيبه فيه والتي ورد في المذكرة التفسيرية عنها أن المشرع قصد بكلمة "المستحق" كل من شرط له الواقف نصيباً في الغلة أو سهماً أو مرتباً دائماً أو مؤقتاً - وعلى ذلك لا يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ اعتبر المطعون عليها الأولى صاحبة حق في الغلة وبالتالي مستحقة في الوقف ولا يغير من هذا النظر ما يتمسك به الطاعن من أن كتاب الوقف اعتبر المطعون عليها الأولى مشروطاً لها السكنى لا موقوفاً عليها للسكنى ذلك أنه وقد أصبح للمشروط له السكنى بمقتضى المادة 31 من قانون الوقف حق الاستغلال فإنه يعتبر موقوفاً عليه وصاحب حق ونصيب في المنفعة. أما ما ينعاه الطاعن على الحكم في خصوص نقض غرض الواقف عند إنشاء وقفه فلا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
ومن حيث إن الوجه الثاني من هذا السبب يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ جعل الاستحقاق في المنزل بالتساوي بين الطاعن والمطعون عليها الأولى قد خالف شرط الواقف كما خالف مقتضى العرف والعادة ويقول الطاعن في بيان ذلك أن الواقف جعل السكنى في المنزل لزوجته ولابنتيها ولابنه "سند" الطاعن ولم يحدد نصيب كل منهم وأن السكنى تختلف باختلاف ظروف الساكن وأحواله المالية والاجتماعية وتخضع لحكم العادة والعرف وأن المنزل الموقوف دور واحد يتكون من ست غرف يكفي المطعون عليها الأولى حجرة واحدة لأنها لم تتزوج أما الطاعن فمتزوج وله ولدان.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بما جاء في الحكم المطعون فيه من أن "الواقف إذ أطلق في شأن الاستحقاق في السكنى بالمنزل فإن عبارته تنصرف إلى التسوية بين لينه - المطعون عليها الأولى - وسند - الطاعن" وهذا الذي أورده الحكم مطابق لما نص عليه شرعاً من أن الواقف إذا وقف على معينين بالاسم أو بالوصف ولم يحدد نصيب كل منهم فإن الاستحقاق بينهم يكون بالتساوي.
ومن حيث إن الوجه الثالث يتحصل في أن الحكم إذ قضى للمطعون عليها الأولى باستحقاق نصيب في الدول الثاني من المنزل قد خالف شرط الواقف ذلك أن كتاب الوقف تضمن التصريح للطاعن بأن ينشئ الدور الثاني ونص على أن هذا الدور يكون له سواء أنشئ من ماله هو أم من مال الوقف.
ومن حيث إن هذا النعي غير منتج ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يستند في قضائه باستحقاق المطعون عليها الأولى في الدور الثاني من المنزل إلى تعرف شرط الواقف وتفهم أغراضه في هذا الخصوص وإنما استند في ذلك إلى أنه بعد بناء الدور الثاني أبدله الطاعن بجزء من حديقة الدور الأرضي الموقوف عليه وعلى المطعون عليها الأولى وأن حكم البدل هو أن يضاف إلى أصل الوقف ويأخذ حكمه وشرطه وقد ورد بالحكم المطعون فيه أن هذا البدل "ثابت من المستند المودع بالملف الابتدائي تحت رقم 12 إذ ورد فيه أنه تنفيذاً للقرار الصادر من هيئة التصرفات بمحكمة أسيوط الابتدائية الشرعية في المادة 134 لسنة 1929 - 1930 قد أبدلت الهيئة عن جهة الوقف المشمول بنظر سند لوزة - الطاعن - ووالدته شفيقة إلى حضرة سند أفندي لوزة قطعة أرض وهي جزء من الحديقة الموقوفة ومحيطة بمنزل الوقف ومساحة هذا الجزء 534.11 متراً مربعاً... وقبلت هيئة المحكمة هذا الدور الثاني لجهة الوقف بدلاً من قطعة الأرض المأخوذة من الوقف واستلمت الهيئة مباني الدور الثاني لتكون ضمن وقف لوزة غبريال ليحوزه الوقف ويكون حكمه وشروطه كحكم وشروط الوقف المذكور".
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم معيب بالقصور في التسبيب إذ أغفل الرد على ما أثاره الطاعن من تعريف للمستحق في حكم المادة 3 من القانون رقم 180 لسنة 1952 كما أنه خلط بين المشروط له السكنى والموقوف عليه للسكنى وأغفل الرد على ما تمسك به الطاعن في خصوص تحديد نطاق حق السكنى ولم يعن بتعرف شرط الواقف في شأن الاستحقاق بالنسبة للدور الثاني من المنزل.
ومن حيث إن هذا النعي مردود - بما سبق بيانه في الرد على السبب الأول من سببي الطعن.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

الطعن 667 لسنة 12 ق جلسة 4 / 1 / 1969 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 28 ص 219

جلسة 4 من يناير سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي المستشارين.

-----------------

(28)

القضية رقم 667 لسنة 12 القضائية (1)

(أ) - اختصاص "اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري" - 

النص في القوانين السابقة على إنشاء مجلس الدولة على عدم جواز الطعن في القرارات الإدارية - لا أثر له على اختصاص مجلس الدولة بالطعون التي تقدم ضدها - أساس ذلك.
(ب) - محافظ. مدير. مدير الأمن (إدارة محلية). 

صيرورة منصب المحافظ في ظل القانون رقم 124 لسنة 1960 بنظام الإدارة المحلية منصباً ذا وضع خاص يتميز عن منصب المحافظ أو المدير قديماً.
(جـ) - قانون "القانون الأصلح للمتهم" (عمد ومشايخ) قرار إداري. "مشروعيته" 

القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ - إلغاؤه العقوبة بالنسبة إلى شيخ البلد أو العمدة عن إهمال التبليغ عن زراعة التبغ - صدور هذا القانون بعد رفع دعوى إلغاء قرار التغريم وقبل الفصل فيها - لا محل لإعمال قاعدة القانون الأصلح للمتهم في مجال إلغاء القرار الإداري - العبرة في مشروعية القرار بالقانون الساري وقت صدوره.

------------------
1 - إن النص في القوانين السابقة على إنشاء مجلس الدولة على عدم قابلية القرارات التي تصدر من جهات الإدارة للطعن أمام أية محكمة كانت - لا أثر له على اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الطعون التي تقدم ضدها لأن النصوص المانعة للمحاكم من نظر الطعون في القرارات الإدارية السابقة على قانون إنشاء مجلس الدولة كانت تتمشى مع المادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية وبإنشاء مجلس الدولة أصبح لمحكمة القضاء الإداري اختصاص في إلغاء القرارات الإدارية ما لم يحصنها المشرع بتشريع يخرجها من اختصاص مجلس الدولة.
2 - إن المحافظين والمديرين الذين كانوا قائمين بالعمل عند نفاذ القانون رقم 124 لسنة 1960 بنظام الإدارة المحلية قد تحولوا إلى مديري أمن يتبعون وزارة الداخلية ولم يعد منصب المحافظ في النظام الجديد منصباً إدارياً خالصاً كما هو الشأن بالنسبة إلى المديرين والمحافظين قديماً بل أضحى لهذا المنصب وضع خاص متميز فهم يمثلون رئيس الجمهورية ويعتبرون مستقيلين بقوة القانون بمجرد انتهاء مدة رياسته فهم أشبه بالوزراء منهم بالموظفين العاديين وهم مكلفون بالإشراف على تنفيذ السياسة العامة للدولة في أقاليمهم.
3 - إذا كان تغريم المدعي قد تم بقرار إداري نهائي صدر وفقاً لأحكام القانون الساري وقت صدوره - فإنه لا محل أصلاً لإعمال قاعدة القانون الأصلح للمتهم المنصوص عليها في المادة الخامسة من قانون العقوبات في مجال إلغاء القرار المذكور الذي ينظر في شرعيته إلى الأوضاع التي كانت قائمة وقت صدوره - وإذ كان هذا القرار النهائي قد صدر صحيحاً قبل العمل بأحكام القانون رقم 92 لسنة 1964 فإن الحكم المطعون فيه يكون قد جانب الصواب إذ قضى بتطبيق هذا القانون الأخير على واقعة الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 29 من ديسمبر سنة 1963 أقام السيد/ الحديدي محمد الشهير بصدقي الحديدي محمد الدعوى رقم 261 لسنة 18 القضائية ضد مدير أمن الدقهلية ومحافظة الدقهلية ووزير الداخلية طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر من مدير أمن الدقهلية في 11 من نوفمبر سنة 1963 فيما قضى به من تغريمه متضامناً مع من يدعى عبد الحميد السعيد أحمد مبلغ مائتي جنيه واعتبار هذا القرار كأن لم يكن وإلزام المدعى عليهم برد ما تحصل أو يحصل منه نفاذاً له مع إلزامهم بالمصاريف وأتعاب المحاماة - وقال شرحاً لدعواه إنه في 11 من نوفمبر سنة 1963 أصدر مدير أمن الدقهلية قراراً بتغريم عبد الحميد السعيد أحمد من ناحية كفر أبي ذكرى بمركز دكرنس بالتضامن معه مبلغ مائتي جنيه لما نسب إلى المذكور من أنه يزرع مساحة قيراط تقريباً بشجيرات الدخان وإلى المدعي من أنه بصفته شيخ بلد لم يقم بالتبليغ عن هذه الزراعة واستند القرار إلى المواد 1، 2، 3 من الأمر العالي الصادر في 25 من يونيه سنة 1890 - وذكر المدعي أن القرار المذكور قد صدر من غير مختص وخالف القانون وذلك لأن المادة الثانية من الأمر العالي المشار إليه قد جعلت الاختصاص بالحكم بالغرامات عن جريمة زراعة الدخان للمديرين أو المحافظين حسب الأحوال أي للحاكم المحلي للإقليم وهو الآن محافظ الدقهلية لا مدير الأمن - كما أن ذات المادة اشترطت لمساءلة شيخ البلد عن عدم التبليغ أن يكون الدخان المنزرع خفية قد زرع في دائرته. وقد وجدت شجيرات الدخان منزرعة في أرض مربوطه على من يدعى عبد الحميد السعيد محمد بطريق إيجار الخفية وهي أرض تقع بزمام ناحية ميت عاصم بمركز دكرنس ولا تتبع ناحية كفر أبي ذكرى التي يعمل المدعي شيخاً لها وبالإضافة إلى ذلك فإنه كان يتعين لمساءلته أن يثبت علمه بوجود شجيرات الدخان موضوع الجريمة وتقصيره في أداء واجب التبليغ وليس من واجبات مشايخ البلد حسب النظم المعمول بها المرور على الأراضي الزراعية لمراقبة مثل هذه المخالفة إذ أصبح هذا الاختصاص منوطاً بالجمعيات التعاونية الزراعية وبالمشرفين الزراعيين ومهندسي الزراعة والعلم لا يفترض خصوصاً وأن الشجيرات التي ضبطت قليلة العدد ووجدت في مساحة صغيرة من الأرض وسط زراعة ذرة.
وأجابت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة قالت فيها إنه في 31 من أغسطس سنة 1963 أثناء قيام اثنين من رجال الشرطة بدورية بقرية كفر أبو ذكرى شاهدا شجيرات دخان منزرعة بأرض عبد الحميد السعيد أحمد وتبين أن الأرض مملوكة للحكومة ومربوط إيجارها خفية على المذكور الذي اعترف بملكيته لتلك الشجيرات وقرر شيخ المنطقة صدقي الحديدي محمد أنه لا يعرف شيئاً عن زراعة الدخان لعدم قيامه بالمرور على موقعها الذي يبعد عن المساكن بحوالي كيلو مترين ويقع بين البحر وأرض الجبانة - وعرض الموضوع على مدير أمن الدقهلية بجلسة 11 من نوفمبر سنة 1963 بالتطبيق للأمر العالي الصادر في 25 من يوليه سنة 1890 المعدل بالدكريتو الصادر في 10 من مايو سنة 1892 فقضى بتغريم المخالف عبد الحميد السعيد أحمد مبلغ مائتي جنيه بالتضامن مع صدقي الحديدي محمد شيخ قرية أبي ذكرى لعدم تبليغه عن هذه الزراعة وقد صدر هذا القرار من مختص بإصداره بعد التحقيق مع المدعي وسماع دفاعه واعترف في أقواله بأنه شيخ البلد التابعة لها الأرض التي كانت بها زراعة الدخان - وما دام أنه لم يبلغ عن تلك الزراعة فإنه يكون مسئولاً عن ذلك مسئولية مصدرها القانون - كما تقدمت الجهة الإدارية بمذكرة ثانية دفعت فيها بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى استناداً إلى أن المادة الثانية من الأمر العالي الصادر في 25 من يونيه سنة 1890 قد نصت على أن تكون قرارات المديرين والمحافظين بالغرامات غير قابلة للطعن أمام أية محكمة كانت.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع بعدم الاختصاص على أن النص في القوانين السابقة على إنشاء مجلس الدولة على عدم قابلية القرارات التي تصدر من جهات الإدارة للطعن أمام أية محكمة كانت - لا أثر له على اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الطعون التي تقدم ضدها لأن النصوص المانعة للمحاكم من نظر الطعون في القرارات الإدارية السابقة على قانون إنشاء مجلس الدولة كانت تتمشى مع المادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية وبإنشاء مجلس الدولة أصبح لمحكمة القضاء الإداري اختصاص في إلغاء القرارات الإدارية ما لم يحصنها المشرع بتشريع يخرجها من اختصاص مجلس الدولة - وانتهى الحكم في أسبابه إلى أن القرار المطعون فيه الصادر من مدير أمن الدقهلية قد صدر من مختص استناداً إلى أن المحافظين والمديرين الذين كانوا قائمين بالعمل عند نفاذ القانون رقم 124 لسنة 1960 بنظام الإدارة المحلية قد تحولوا إلى مديري أمن يتبعون وزارة الداخلية ولم يعد منصب المحافظ في النظام الجديد منصباً إدارياً خالصاً كما هو الشأن بالنسبة إلى المديرين والمحافظين قديماً بل أضحى لهذا المنصب وضع خاص متميز فهم يمثلون رئيس الجمهورية ويعتبرون مستقلين بقوة القانون بمجرد انتهاء مدة رياسته فهم أشبه بالوزراء منهم بالموظفين العاديين وهم مكلفون بالإشراف على تنفيذ السياسة العامة للدولة في أقاليمهم وأقام الحكم قضاءه بإلغاء القرار المطعون فيه على أن القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ والذي عمل به اعتباراً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في 23 من مارس سنة 1964 قد ألغي الأمر العالي الصادر في 25 من يونيه سنة 1890 والدكريتو الصادر في 22 من يونيه سنة 1891 كما ألغي في المادة الثانية منه العقوبة الجنائية بالنسبة إلى شيخ البلد أو العمدة عن جريمة إهماله التبليغ عن استنبات وزراعة التبغ في دائرة اختصاصه وجعل المسئولية عن هذه الجريمة مسئولية تأديبية وإذ صدر القانون المذكور بعد رفع الدعوى وقبل الفصل فيها وإذ عدل تأثيم جريمة الإهمال في التبليغ من اعتبارها جريمة جنائية إلى اعتبارها جريمة تأديبية فإنه يكون أصلح بالنسبة للعمدة وشيخ البلد ويكون وفقاً لحكم المادة الخامسة من قانون العقوبات هو الواجب التطبيق بالنسبة إلى المدعي الذي حكم عليه بصفته شيخ بلد عن جريمة الإهمال في التبليغ ما دام أن الحكم الصادر ضده بالعقوبة مطعون فيه في هذه الدعوى ولم يفصل فيها حتى صدر القانون الأصلح وبذلك يتعين إلغاء القرار المطعون فيه لتقوم جهة الإدارة من جديد باتخاذ الإجراءات لمحاكمة المدعي تأديبياً - وإذ كان الحكم بإلغاء القرار مستنداً إلى قانون صدر بعد رفع الدعوى فإنه يتعين إلزام المدعي بمصروفاتها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ برفضه الدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر النزاع مخالفاً بذلك حكم المادة الثانية من الأمر العالي الصادر في 25 من يونيه سنة 1890 الذي صدر القرار المطعون فيه في ظله وإذ كان هذا القرار نهائياً من تاريخ صدوره فإنه لا محل لتطبيق أحكام القانون رقم 92 لسنة 1964 على الحالة موضوع النزاع التي استقر الوضع بشأنها وأصبح نهائياً قبل العمل بالقانون المذكور.
ومن حيث إن المدعي قد أودع مذكرة ردد فيها ما أبداه من دفاع أمام محكمة القضاء الإداري كما أودعت الجهة الإدارية مذكرة أضافت فيها إلى ما ورد بتقرير طعنها أن الجزاء الذي قررته المادة الثانية من الأمر العالي المشار إليه هو تعويض مدني في صورة جزاء مالي ولا يعتبر عقوبة جناية بالمعنى المقصود في قانون العقوبات فلا تنطبق عليه الأحكام المتعلقة بالعقوبات الجنائية في شأن هذا الجزاء لاختلاف النظام القانوني الخاص بالعقوبات الجنائية عن النظام القانوني الذي يخضع له هذا الجزاء المالي بحسبانه تعويضاً للخزانة العامة - ولم يتم فرض عقوبات جنائية بالنسبة إلى الحظر المفروض على زراعة الدخان بحسبانها من جرائم تهريب التبغ إلا بالقانون رقم 92 لسنة 1964 وأنه لذلك لا يكون ثمة مجال لإعمال القواعد والأحكام القانونية المقررة في مجال القانون الجنائي في نطاق الدعوى الماثلة وذلك سواء بالنسبة لحكم المادة الخامسة من قانون العقوبات بشأن تطبيق القانون الأصلح للمتهم أو تطبيق المبدأ الدستوري في شأن شخصية العقوبات الجنائية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه برفض الدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري وفيما انتهى إليه من اختصاص مدير الأمن بإصدار القرار المطعون فيه وذلك للأسباب التي قام عليها قضاؤه في هذا الشأن والتي تأخذ بها هذه المحكمة.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى الأوراق أنه في 30 من أغسطس سنة 1963 أثناء قيام اثنين من رجال شرطة نقطة برمبال بدورية بقرية كفر أبي ذكرى شاهدا شجيرات دخان منزرعة في أرض تقع على البر الأيمن لجنابية ميت عاصم - وهي أرض مملوكة للحكومة ويقوم بزراعتها عبد الحميد السعيد أحمد - وثابت من المعاينة التي أجراها معاون النقطة ووكيل تفتيش زراعة دكرنس في 31 من أغسطس سنة 1963 أن جسر الجنابية يحد تلك الأرض من ناحيتين وأنه يفصلها عن البحر طريق عرضه خمسة عشر متراً وأن عدد أشجار الدخان التي وجدت بها 97 شجرة متوسط ارتفاعها 75 سنتيمتر - وقرر المدعي في أقواله في تحقيق الشرطة في 26 من سبتمبر سنة 1963 أنه شيخ البلد التي تتبعها الأرض المذكورة - كما قرر في أقواله أمام مدير الأمن في 11 من نوفمبر سنة 1963 أن تلك الأرض تقع في منطقته. وبسؤاله عن سبب عدم قيامه بالإبلاغ عن زراعة الدخان فيها قرار أن الزراعة كانت بين الجنايبة والبحر وأنه لم يعتد المرور في تلك المنطقة.
ومن حيث إن وجود أشجار الدخان في الأرض سالفة الذكر على الوجه الثابت في محضر المعاينة وتمكن دورية الشرطة من اكتشافها أثناء مرورها على الجسر المجاور لها يكفي لأن تستخلص منه استخلاصاً سائغاً أن عدم قيام المدعي بالإبلاغ عن زراعة تلك الأشجار ينطوي على إهمال من جانبه ما كان ليحدث لو أنه راعى الدقة في القيام بواجبه.
ومن حيث إنه لذلك يكون القرار المطعون فيه الصادر من مدير أمن الدقهلية في 11 من نوفمبر سنة 1963 وفقاً لأحكام المادة الثانية من الأمر العالي الصادر في 25 من يونيه سنة 1890 المعدلة بالدكريتو الصادر في 10 من مايو سنة 1892 بتغريم المدعي بالتضامن مع زارع أشجار الدخان مبلغ مائتي جنيه - يكون هذا القرار قد استخلص النتيجة التي انتهى إليها استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها ويكون فيما قضي به من تغريم المدعي قائماً على سببه المبرر له.
ومن حيث إنه إذا كان تغريم المدعي قد تم بقرار إداري نهائي صدر وفقاً لأحكام القانون الساري وقت صدوره - فإنه لا محل أصلاً لإعمال قاعدة القانون الأصلح للمتهم المنصوص عليها في المادة الخامسة من قانون العقوبات في مجال إلغاء القرار المذكور الذي ينظر في شرعيته إلى الأوضاع التي كانت قائمة وقت صدوره - وإذ كان هذا القرار النهائي قد صدر صحيحاً قبل العمل بأحكام القانون رقم 92 لسنة 1964 فإن الحكم المطعون فيه يكون جانب الصواب إذ قضي بتطبيق هذا القانون الأخير على واقعة الدعوى.
ومن حيث إن تغريم المدعي بمقتضى القرار المطعون فيه كان بناء على ما ثبت في حقه من إهمال فإنه لا محل أصلاً للنعي عليه بمخالفته لمبدأ شخصية العقوبة.
ومن حيث إنه لما تقدم وإذ كان القرار المطعون فيه قد صدر من مختص بإصداره وبعد سماع أقوال المدعي وإبداء دفاعه وإذ كان هذا القرار قد قام على سببه المبرر له ومطابقاً لأحكام القانون الذي صدر في ظله فإن طلب إلغائه يكون غير قائم على أساس متعيناً رفضه وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلغائه فإنه يكون قد جانب الصواب الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه فيما قضي به في هذا الشأن ورفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار الصادر من مدير أمن الدقهلية في 11 من نوفمبر سنة 1963 بتغريم المدعي وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات وتأييد الحكم فيما عدا ذلك.


(1) أيدت المحكمة الإدارية العليا ما قضى به حكم محكمة القضاء الإداري بخصوص المبدأين (أ، ب) وخالفتها فيما يتعلق بالمبدأ (جـ).

الطعن 106 لسنة 25 ق جلسة 30 / 4 / 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 59 ص 381

جلسة 30 من إبريل سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي، المستشارين.

------------------

(59)
الطعن رقم 106 لسنة 25 القضائية

استئناف "إجراءات رفع الاستئناف". أوامر الأداء "الطعن فيها" "استئناف الحكم الصادر في المعارضة".
إيجاب قانون المرافعات في م 855 منه الفصل في المعارضة في أمر الأداء على وجه السرعة. وجوب رفع استئناف الحكم الصادر في هذه المعارضة بتكليف بالحضور لا بعريضة. م 118 و405/ 2، 4 معدلة مرافعات.

------------------
المعارضة في أمر الأداء يحكم فيها على وجه السرعة طبقاً لما تنص عليه المادة 855 مرافعات فيسري على أي حكم يصدر فيها وبغض النظر عن الطلبات فيها ما يسري على الدعاوى المبينة في المادة 118 مرافعات من وجوب رفع الاستئناف عن الحكم الصادر فيها بطريق التكليف بالحضور عملاً بحكم الفقرتين الثانية والرابعة من المادة 405 معدلة من قانون المرافعات - ومن ثم يكون استئناف الحكم الصادر في المعارضة في أمر الأداء وقد رفع بتكليف بالحضور مستكملاً لأوضاعه في هذا الخصوص - ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان الاستئناف متعين النقض لمخالفة القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن بصفته - أرسل إلى المطعون عليه خطاباً في 15 من إبريل سنة 1953 يبلغه فيه تقديره لمجهوده ونشاطه في الإدارة المالية لجريدته ونزاهته وللنجاح الذي ظهر في أعماله بجريدة "الجرنال دي جيبت" وأنه سيصرف له في 31 ديسمبر سنة 1953 مكافأة مقدارها 1200 جنيه. وقد ترك المطعون عليه العمل بعد ذلك واستصدر بموجب ذلك الخطاب أمر أداء مشمول بالنفاذ من رئيس محكمة القاهرة في 25 فبراير سنة 1954 بإلزام الطاعن بصفته بمبلغ 500 جنيه والمصروفات تأسيساً على أن هذا المبلغ هو الباقي له من مبلغ الـ 1200 جنيهاً المحرر به سند الاعتراف بالدين السالف ذكره. وعارض الطاعن في هذا الأمر طالباً إلغاء وصف النفاذ وبطلان الأمر لأن خطاب 15 من إبريل سنة 1953 لم يكن سوى وعد بمنح المطعون عليه مكافأة في أخر العام عند مثابرته واستمراره في عمله. وقضت محكمة القاهرة في هذه المعارضة بتاريخ 27/ 10/ 1954 - وبعد أن نفذ المطعون عليه الأمر - برفض طلب إلغاء وصف النفاذ وفي الموضوع بانقضاء الدعوى بالسداد. فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه للأسباب التي رددها أمام محكمة أول درجة. وقد دفع المطعون عليه ببطلان الاستئناف لأن صحيفته قد رفعت بتكليف بالحضور وكان يتعين أن يكون بعريضة تودع قلم كتاب المحكمة عملاً بالمادة 405 مرافعات المعدلة بالقانون 264 لسنة 1953 لأن الدعوى ليست من نوع القضايا الواردة في المادة 118 مرافعات والتي تنظر على وجه السرعة. وقبلت محكمة الاستئناف هذا الدفع تأسيساً على أنها رجعت إلى سند الدعوى فتبينت أنه ليس سنداً إذنياً مما ينطبق عليه نص المادة 118 مرافعات ولذلك أصدرت حكمها في 16 فبراير سنة 1955 ببطلان الاستئناف - فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وأبدت النيابة رأيها بمذكرة طلبت فيها نقض الحكم ونظر الطعن بدائرة فحص الطعون بجلسة 3 مارس سنة 1959 فقررت إحالته على الدائرة المدنية. وبجلسة المرافعة صممت النيابة على طلباتها السابقة.
وحيث إن مبنى الطعن أن محكمة الاستئناف قد خالفت القانون ذلك أنها جارت المطعون عليه في دفعه فاعتبرت أن الدعوى المطروحة عليها ليست من الدعاوى المنصوص عليها في المادة 118 مرافعات والتي يتبع في استئنافها طريق التكليف بالحضور في حين أن الدعوى من صميم ما نصت عليه تلك المادة التي أوردت فيما أوردته الدعاوى التي ينص القانون على وجوب الفصل فيها على وجه السرعة، ونصت المادة 855 مرافعات على أن دعوى المعارضة في أمر الأداء يحكم فيها على وجه السرعة. وقد رفع الاستئناف عن حكم صادر في معارضة في أمر أداء مما يوجب القانون الفصل فيها على وجه السرعة ولذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان الاستئناف المرفوع بتكليف بالحضور قد خالف القانون.
وحيث إن قانون المرافعات ينص في المادة 118 على أن الدعاوى المستعجلة ودعاوى شهر الإفلاس والدعاوى البحرية متى كانت السفينة في الميناء ودعاوى السندات الإذنية والكمبيالات وكل الدعاوى التي ينص القانون على وجوب الفصل فيها على وجه السرعة ودعاوى التماس إعادة النظر جميعها تقدم مباشرة إلى المحكمة دون عرضها على التحضير ودون اتباع أحكام المادة 406 مكرر وما بعدها - كما تنص المادة 405 مرافعات معدلة في فقرتيها الثانية والرابعة على أن الدعاوى المنصوص عليها في المادة 118 يرفع الاستئناف عنها بتكليف بالحضور تراعى فيه الأوضاع المقررة لصحيفة افتتاح الدعوى وإذا لم يحصل الاستئناف على الوجه المتقدم كان باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه - لما كان ذلك، وكانت المعارضة في أمر الأداء يحكم فيها على وجه السرعة طبقاً لما تنص عليه المادة 855 مرافعات فيسري على أي حكم يصدر فيها وبغض النظر عن الطلبات فيها ما يسري على الدعاوى المبينة في المادة 118 مرافعات من وجوب رفع الاستئناف عن الحكم الصادر فيها بطريق التكليف بالحضور عملاً بحكم الفقرتين الثانية والرابعة من المادة 405 معدلة من قانون المرافعات، ومن ثم يكون استئناف الحكم الصادر في المعارضة في أمر الأداء وقد رفع بتكليف بالحضور مستكملاً لأوضاعه في هذا الخصوص، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان الاستئناف متعين النقض لمخالفة القانون.

الطعن 82 لسنة 25 ق جلسة 23 / 4 / 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 58 ص 377

جلسة 23 من إبريل سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

------------------

(58)
الطعن رقم 82 لسنة 25 القضائية

تنفيذ عقاري "قاضي البيوع" "اختصاصه". قضاء مستعجل. استئناف. حراسة.
تنوع اختصاص قاضي البيوع بحسب قيمة العقارات التي يجرى بيعها. م 612 مرافعات. كونه قاضياً جزئياً تارة وتمثيله المحكمة الابتدائية تارة أخرى. حلوله محلها في البيوع الخاضعة لها بما في ذلك ممارسة الاختصاصات الأخرى المتصلة بالتنفيذ على العقار، منها اختصاصه بعزل المدين من الحراسة على العقارات التي يجرى بيعها أو تحديد سلطته بصفته قاضياً للأمور المستعجلة. إضفاء هذا الوصف عليه لا يجعل منه قاضياً للأمور المستعجلة يختص بنظر كل المسائل المستعجلة والتي يخشى عليها من فوات الوقت. تخصيصه بالقضاء المستعجل فيما نصت عليه م 618 مرافعات. ممارسته له بطريق التبعية للتنفيذ على العقار طبقاً للفقرة الأخيرة من م 49 مرافعات. حكم قاضي البيوع بالمحكمة الابتدائية برفض طلب الحراسة. استئنافه لدى محكمة الاستئناف.

------------------------
مفاد نص المادة 612 من قانون المرافعات أن اختصاص قاضي البيوع يتنوع بحسب قيمة العقارات التي يجرى بيعها فهو تارة يكون قاضياً جزئياً وفي تارة أخرى يمثل المحكمة الابتدائية التي ندبته ويحل محلها في إجراء البيوع الخاضعة لها بما في ذلك ممارسة الاختصاصات الأخرى المتصلة بالتنفيذ على العقار والتي نص عليها القانون ومن ذلك ما أوردته المادة 618 مرافعات من اختصاصه بالحكم بعزل المدين من الحراسة على العقارات التي يجرى بيعها أمامه أو تحديد سلطته وذلك بصفته قاضياً للأمور المستعجلة. ولم يقصد المشرع من إضفاء هذا الوصف على قاضي البيوع أن يجعل منه قاضياً للأمور المستعجلة مختصاً بنظر كل المسائل المستعجلة والتي يخشى عليها من فوات الوقت وإنما أراد تخصيصه بأن يقضي قضاء مستعجلاً فيما نصت عليه المادة 618 من قانون المرافعات يمارس اختصاصه فيه بطريق التبعية للتنفيذ على العقار وبيعه وطبقاً لما تنص عليه الفقرة الأخيرة من المادة 49 مرافعات. ومن ثم فإن الحكم الصادر من قاضي البيوع بالمحكمة الابتدائية برفض طلب الحراسة يعتبر بمثابة حكم صادر من المحكمة الابتدائية نفسها ولا سبيل إلى استئنافه أمام نفس المحكمة التي أصدرته بل يرفع الاستئناف عنه لدى محكمة الاستئناف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنين اتخذا إجراءات نزع ملكية المطعون عليه من أطيانه بموجب أحكام وعقود رسمية وأودعا قائمة شروط البيع - وتحددت جلسة لنظر الاعتراضات وأخرى لإجراء البيع ثم لجآ إلى قاضي البيوع بمحكمة المنصورة الكلية للحكم لهما برفع يد المطعون عليه عن هذه الأطيان وتعيين بديل عنه حارساً قضائياً على الأطيان المنزوع ملكيتها لأنه لم يودع ثمن المحاصيل الناتجة منها كما أن ثمنها لا يفي بسداد دينهما وذلك عملاً بالمادتين 617 و618 من قانون المرافعات وقد استبان لقاضي البيوع أن الخطر غير ماثل في الدعوى لأن المدين قد أوفى جزءاً من الدين وأودع جزءاً آخر على ذمة دائنيه وأن الباقي من الدين يكفي للوفاء به الثمن الأساسي للأطيان ولذلك أصدر حكماً في 27 من أكتوبر سنة 1954 برفض دعوى الحراسة، فاستأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة في الدعوى رقم 300 سنة 6 ق طالبين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بتعيين حارس قضائي على الأطيان المملوكة للمطعون عليه موضوع قضية البيع رقم 20 سنة 1954 المنصورة الابتدائية لإدارتها وإيداع صافي ريعها خزانة المحكمة لتوزيعه مع الثمن بعد بيعها سواء بسواء. فدفع المطعون عليه بعدم اختصاص محكمة الاستئناف تأسيساً على أن الدعوى باستبدال الحارس قد طرحت على قاضي البيوع بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة كما نصت على ذلك المادة 618 مرافعات وأن الفقرة الثانية من المادة 51 مرافعات تنص على أن المحكمة الابتدائية تختص بالحكم في قضايا الاستئناف الذي يرفع إليها عن الأحكام الصادرة ابتدائياً من محكمة المواد الجزئية أو من قاضي الأمور المستعجلة. وقد أصدرت محكمة استئناف المنصورة حكمها في 10 من فبراير سنة 1955 بقبول هذا الدفع وبعدم اختصاص محكمة الاستئناف بنظر الاستئناف. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وأبدت النيابة رأيها بمذكرة طلبت فيها نقض الحكم. وقد نظر الطعن بدائرة فحص الطعون بجلسة 17 من فبراير سنة 1959 فقررت إحالته على الدائرة المدنية وبجلسة المرافعة صممت النيابة على رأيها السابق بيانه.
وحيث إن مبنى الطعن أن قاضي البيوع بنص المادة 612 مرافعات هو المنتدب في المحكمة الابتدائية وإنه يحل محل المحكمة نفسها ولذلك تستأنف أحكامه لدى محكمة الاستئناف شأنه في ذلك شأن قاضي التظلم وقاضي التحضير. والقول بغير ذلك يؤدي إلى أحكامه يستأنف بعضها لدى المحكمة الابتدائية ويستأنف بعضها الآخر لدى محكمة الاستئناف وهو تناقض غير سائغ ولا يتفق مع منطق القانون من أن سلطة قاضي البيوع بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة لا تخرج عن ممارسته للقضاء المستعجل بالتبعية للموضوع مما نصت عليه المادة 49/ 5 مرافعات ولذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم اختصاص محكمة الاستئناف قد أخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن قصوره في التسبيب بعدم الرد على وجهة نظرهما.
وحيث إن القانون ينص في المادة 612 مرافعات على أن التنفيذ على العقار يجرى بالمحكمة الابتدائية أو محكمة المواد الجزئية التي يقع في دائرتها تبعاً لقيمته ويجرى البيع أمام القاضي المنتدب للبيوع في المحكمة الابتدائية أو أمام قاضي محكمة المواد الجزئية. فدل بهذا على أن اختصاص قاضي البيوع يتنوع بحسب قيمة العقارات التي يجري بيعها فهو تارة يكون قاضياً جزئياً وفي تارة أخرى يمثل المحكمة الابتدائية الذي ندبته ويحل محلها في إجراء البيوع الخاضعة لها بما في ذلك ممارسة الاختصاصات الأخرى المتصلة بالتنفيذ على العقار والتي نص عليها القانون ومن ذلك ما أوردته المادة 618 مرافعات من اختصاصه بالحكم بعزل المدين من حراسة على العقارات التي يجري بيعها أمامه أو تحديد سلطته وذلك بصفته قاضياً للأمور المستعجلة.
وحيث إن المشرع لم يقصد من إضفاء هذا الوصف على قاضي البيوع في المادة 618 مرافعات أن يجعل من قاضي البيوع قاضياً للأمور المستعجلة مختصاً بنظر كل المسائل المستعجلة والتي يخشى عليها من فوات الوقت طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 49 مرافعات وإنما أراد تخصيصه بأن يقضي قضاء مستعجلاً فيما نصت عليه المادة 618 مرافعات يمارس اختصاصه فيه بطريق التبعية للتنفيذ على العقار وبيعه وطبقاً لما تنص عليه الفقرة الأخيرة من المادة 49 مرافعات التي تجعل لمحكمة الموضوع اختصاصاً في المنازعات المتعلقة بالتنفيذ وفي المسائل المستعجلة إذا رفعت لها بطريق التبعية - ولما كان ذلك فإن الحكم الصادر من قاضي البيوع برفض طلب الحراسة يعتبر بمثابة حكم صادر من المحكمة الابتدائية نفسها ولا سبيل إلى استئنافه أمام نفس المحكمة التي أصدرته بل يرفع الاستئناف عنه لدى محكمة الاستئناف طبقاً لما تنص عليه المادة 53 مرافعات ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم اختصاص محكمة استئناف المنصورة بنظر استئناف الحكم الصادر من قاضي البيوع بمحكمة المنصورة الابتدائية قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه.

الطعن 84 لسنة 25 ق جلسة 23 / 4 / 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 57 ص 373

جلسة 23 من إبريل سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، ومحمود القاضي المستشارين.

-----------------

(57)
الطعن رقم 84 لسنة 25 القضائية

مواعيد. مسافة.
علة إضافة ميعاد المسافة تحقيق المساواة بين المتخاصمين. انتفائها في حالة إقامة الخصوم في ذات الجهة المراد اتخاذ الإجراء فيها وبالنسبة للمسافات داخل مدينتين متى احتسبت مسافة السفر بينهما. م 21 مرافعات.

--------------------
علة إضافة ميعاد المسافة هو تحقيق المساواة بين المتخاصمين بمنح من يبعد موطنه عن المكان الذي يتعين فيه الحضور أو اتخاذ إجراء فيه ميعاداً يستنفذه في قطع هذه المسافة حتى لا يضيع عليه جزء من ميعاده الأصلي في الأسفار وحتى لا يمتاز خصم يقيم في ذات البلدة المراد اتخاذ الإجراء فيها على آخر لا يقيم فيها - ومن ثم فإن هذه العلة تنتفي عندما يكون المتخاصمين مقيمين في ذات الجهة المراد اتخاذ الإجراء فيها كما تنتفي بالنسبة للمسافات داخل مدينتين متى احتسبت مسافة السفر بينهما.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه وهو قصاب بشارع الدمنهوري ببنها أقام الدعوى رقم 26 سنة 1952 تجاري كلي بنها طالباً تخفيض تقديرات مأمورية الضرائب لأرباحه في السنوات 1948 و1949 و1950 واحتساب أرباحه طبقاً لإقراراته وقضت محكمة بنها في 18 يناير سنة 1954 باعتبار أرباحه في كل من سنى النزاع مبلغ 86 جنيهاً استناداً إلى أن هذا التقدير هو المحكوم به عن سنة 1947 واتخاذ هذا الرقم أساساً لربط الضريبة عليه فيما تلاها من سنين تطبيقاً للقانون رقم 240 سنة 1952. وقد استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه وتأييد قرار اللجنة وقيد الاستئناف برقم 386 سنة 71 ق وقد دفع المطعون عليه بالجلسة بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد تأسيساً على أن الحكم الابتدائي أعلن للمصلحة في 29 مارس سنة 1954 في حين أن صحيفة الاستئناف أعلنت إليه في 29 من إبريل سنة 1954 أي في اليوم الواحد والثلاثين. وتمسكت المصلحة بأن من حقها إضافة يوم ميعاداً للمسافة عملاً بالمادة 21 مرافعات لأن المسافة بين مبنى المجمع في ميدان التحرير وبين موطن المطعون عليه بشارع الدمنهوري ببنها وهو الذي تم فيه إعلان صحيفة الاستئناف يبلغ 57 كيلو متراً منها 3 كيلو متر من المجمع إلى مقر محكمة استئناف القاهرة، 6 كيلو متر من المحكمة إلى محطة القاهرة و45 كيلو متر بين محطة القاهرة ومحطة بنها و3 كيلو متر من محطة بنها إلى شارع الدمنهوري. وقد أصدرت محكمة الاستئناف حكمها برفض هذا الدفع وبعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد. فطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بالنقض بتاريخ أول مارس سنة 1955 وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن. وبتاريخ 24 فبراير سنة 1959 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية لنظره بجلسة 2 من إبريل سنة 1959 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد محصله مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه ذلك أن المسافة التي عناها الشارع في المادة 21 مرافعات هي بين مكانين هما موطن طالب الإعلان وموطن المطلوب إعلانه ويتمثلان في هذه الدعوى في موطن المصلحة بإدارة قضايا الحكومة بميدان التحرير بالمجمع وموطن المطعون عليه بشارع الدمنهوري ببنها وأنه ليس صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن المقصود بالمسافة هي التي تقع بين محطة القاهرة حيث موطن طالب الإعلان ومحطة بنها حيث موطن المطلوب إعلانه لأن فقه المرافعات لا يعرف إلا المكان أو الموطن الذي يقيم فيه الشخص عادة لا المحطات وما ذهب إليه الحكم من أن المراد بكلمة انتقال هو السفر فقط من مدينة لأخرى دون اعتداد أو حساب للانتقال داخل المدينة ذاتها مهما تباعدت أطرافها فيه تقييد لمدلول النص وتخصيص له بلا مخصص إذ لا يمكن قصر الانتقال على السكة الحديد. وإنما قصد الانتقال أو السفر بشتى وسائل المواصلات وهو ما أفصحت عنه المذكرة التفسيرية لقانون المرافعات بإشارتها إلى وسائل المواصلات الحديثة وسرعتها خصوصاً وأن قانون المرافعات الحالي لم يفرق في شأن تحديد المسافة بين الانتقال بالسكة الحديد أو غيرها من وسائل المواصلات خلافاً للقانون القديم. وأضافت الطاعنة أن المحطة قد تكون في طرف المدينة أو وسطها مما يجعل الاعتماد على هذا الأساس وحده لا وجود له من الواقع أو القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بما جاء في الحكم المطعون فيه من استناد إلى المذكرة التفسيرية لقانون المرافعات في تعليقها على المادة 21 بقولها: "إن اللجنة قدرت سفر خمسين كيلو متر في الأحوال العادية من مصر مع وسائل المواصلات الممكنة تستهلك غالباً النصف الأول من النهار ولا يمكن القيام في النصف الآخر بعمل مجد" وقول الحكم المطعون فيه "إن المشرع قد دل بهذا على أن ميعاد المسافة لا يضاف إلى الميعاد الأصلي المقرر في القانون إلا إذا اقتضى الأمر سفراً بين بلدين ومن ثم يكون مراد الشارع في المادة 21 مرافعات بكلمة الانتقال أنه السفر ويكون مراده بكلمة المكان أنه البلد أو المدينة" وهذا الذي انتهى إليه الحكم لا مخالفة فيه للقانون ذلك بأن علة إضافة ميعاد المسافة هو تحقيق المساواة بين المتخاصمين بمنح من يبعد موطنه عن المكان الذي يتعين فيه الحضور أو اتخاذ إجراء فيه ميعاداً يستنفذه في قطع هذه المسافة حتى لا يضيع عليه جزء من ميعاده الأصلي في الأسفار وحتى لا يمتاز خصم يقيم في ذات البلدة المراد اتخاذ الإجراء فيها على آخر لا يقيم فيها - لما كان ذلك فإن هذه العلة تنتفي عندما يكون المتخاصمان مقيمين في ذات الجهة المراد اتخاذ الإجراء فيها كما تنتفي بالنسبة للمسافات داخل مدينتين متى احتسبت مسافة السفر بينهما.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

الطعن 598 لسنة 12 ق جلسة 4 / 1 / 1969 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 27 ص 212

جلسة 4 من يناير سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الستار آدم ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي ومحمد صلاح السعيد المستشارين.

-----------------

(27)

القضية رقم 598 لسنة 12 القضائية

(أ) - اختصاص (تعويض) (مسئولية الإدارة). قرار إداري "التعويض عنه" 

اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بإلغاء القرارات الإدارية والتعويض عنها - اختصاصه بقضاء التعويض عن هذه القرارات سواء كان أساس المسئولية هو الخطأ أو المخاطرة.
(ب) - تعويض. ترخيص "سحبه". 

القانون رقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني - إجازته سحب الترخيص أو تعديله بما يتفق مع تعديل خطوط التنظيم مع تعويض المرخص له تعويضاً عادلاً - استحقاق هذا التعويض ولو كان سحب الترخيص مشروعاً - أساس ذلك أن التعويض مصدره القانون لا الخطأ.
(جـ) - تعويض. ترخيص "سحبه". 

التعويض العادل للمرخص له في حالة سحب رخصة البناء أو تعديلها بما يتفق مع خط التنظيم الجديد - تقرير القانون هذا المبدأ دون قيد أو شرط - أثر ذلك - مخالفة المرخص له بعض أحكام القانون ليس من شأنه أن يهدر حقه في التعويض.

------------------
1 - إن الفصل في المنازعات المتعلقة بالقرارات الإدارية إلغاء أو تعويضاً معقود كأصل عام للقضاء الإداري إلا ما استثنى بنص خاص فحيث لا يقضي القانون بإخراج قضايا التعويض عن القرارات الإدارية من نطاق اختصاص القضاء الإداري فإنه يختص بالفصل فيها، يستوي في ذلك أن يكون الخطأ هو أساس مسئولية الإدارة متمثلاً في عدم مشروعية قراراتها الإدارية، أو أن تكون المخاطر هي أساس مسئوليتها قبل الأفراد حيث ينص القانون على ذلك أخذاً بقواعد العدالة وتحقيقاً لمبدأ المساواة أمام التكاليف العامة.
2 - إن المادة التاسعة من القانون رقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني تقضي بأنه "إذا صدر قرار بتعديل خطوط التنظيم جاز للمجلس المختص أن يسحب الرخصة الممنوحة أو أن يعدلها بما يتفق مع خط التنظيم الجديد سواء شرع المرخص له في القيام بالأعمال المرخص له بها أو لم يشرع وذلك بشرط تعويضه تعويضاً عادلاً". ويؤخذ من هذا النص أن المشرع خول الجهة الإدارية المختصة سلطة تقديرية في سحب الترخيص بالبناء أو تعديله بما يتفق مع خط التنظيم الجديد سواء شرع المرخص له في القيام بأعمال البناء أو لم يشرع وذلك مقابل تعويض عادل، ومن ثم فإن الجهة الإدارية إذا ما نشطت في سحب الترخيص أو تعديله بسبب تعديل خط التنظيم فإن قرارها في هذا الشأن تتوفر فيه مقومات القرار الإداري باعتباره إفصاحاً عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث أثر قانوني ويكون لصاحب الشأن أن يطالب الجهة الإدارية قضاء بالتعويض العادل عن الأضرار التي لحقت به بسبب هذا القرار إذا هي امتنعت عن تنفيذ حكم القانون في هذا الشأن وذلك بصرف النظر عن مشروعية قرار السحب طالما أن هذا التعويض مصدره القانون ابتغاء مساواة الأفراد أمام التكاليف العامة.
3 - إن المادة التاسعة من القانون رقم 45 لسنة 1962 قد أرست مبدأ منح التعويض العادل للمرخص له في حالة سحب رخصة البناء أو تعديلها بما يتفق مع خط التنظيم الجديد دون قيد أو شرط وسواء شرع المرخص له في القيام بالإعمال المرخص بها أو لم يشرع، ومن ثم فإنه لا يسوغ القول بأن مخالفة المرخص له بعض أحكام قانون تنظيم المباني وقيامه بالبناء دون طلب تحديد خط التنظيم من الجهة المختصة أو قيامه بالبناء ليلاً، من شأنه أن يهدر حقه في التعويض إذ أن أثر ذلك مقصور على مجرد وقوع المخالف تحت طائلة العقاب الجنائي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص على ما يبين من الأوراق في أن المدعي (الطاعن) أقام الدعوى رقم 113 لسنة 18 القضائية في 4 من نوفمبر سنة 1963 أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزارة الإسكان ومحافظة الفيوم طالباً الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له تعويضاً قدره 12800 جنيه والمصاريف مقابل أتعاب المحاماة مع حفظ كافة الحقوق الأخرى. وقال المدعي بياناً لدعواه إنه يمتلك بموجب العقد رقم 558 لسنة 1960 توثيق الفيوم عقاراً ببندر الفيوم طول حده الشرقي 31.24 متراً والغربي 31.84 متراً ويطل على شارعي الجمهورية جنوباً ومحمود فهمي النقراشي شمالاً بطول 10.53 متراً و12.05 متراً على التوالي. وفي سبيل هدم هذا البناء لإقامة آخر أكثر اتساعاً فقد أقام دعوى إخلاء ضد المستأجرين وأعد الرسوم اللازمة واستصدر ترخيصاً بالهدم والبناء برقم 10 لسنة 1960 ورخصة بناء برقم 441 لسنة 1960/ 1961. وقام بالهدم والبناء طبقاً للتراخيص الممنوحة له وأنفق مصاريف باهظة في هذا الشأن، ثم فوجئ بإخطار مؤرخ في 11 من سبتمبر سنة 1962 صادر من مدير الإدارة الهندسية بمجلس مدينة الفيوم بأنه قد عمل تخطيط جديد للمنطقة الكائن بها عقاره واعتمد من المحافظة ونشر في الوقائع المصرية بتاريخ 20 من أغسطس سنة 1962 وأنه تنفيذاً للمادة التاسعة من القانون رقم 45 لسنة 1962 فقد ألغيت الرخصة السابق صرفها إليه مع تحميله مسئولية إقامة أي بناء. وإزاء ذلك فقد استحال عليه إتمام البناء وضاعت عليه مكاسبه وما أنفقه. ولما كان قد انقضى ميعاد الطعن في هذا القرار فإنه يكتفي بالمطالبة بالتعويض وقدره 12800 جنيه، منها 5780 جنيهاً ثمن شراء الأرض، 400 جنيه مصروفات ورسوم التسجيل و200 جنيه قيمة السمسرة المدفوعة عن إتمام هذا العقد و20 جنيهاً مصروفات خارجية وسفريات خاصة بتسجيل العقد و100 جنيه رسوم دعوى الإخلاء والإعلانات أتعاب المحاماة و200 جنيه مصاريف إعداد الرسوم الخاصة بالمباني الجديدة أتعاب المهندس المصمم و5000 جنيه قيمة ما دفع للمقاول على ما ورد بعقد المقاولة بموجب الإيصالات التي أرفقها و110 جنيه ما ضاع عليه من مكسب.
وحضر السيد محامي إدارة قضايا الحكومة عن مجلس مدينة الفيوم وقدم حافظة بمستندات هذا المجلس ومذكرة بالدفاع عنه ضمنها أن المدعي حصل على رخصة في 2 من أغسطس سنة 1961 لبناء دور أرضي وثلاثة أدوار علوية بعد أن وافقت لجنة الهدم والبناء على هدم البناء الذي كان قائماً وإقامة آخر مكانه. لم يشرع المدعي في البناء حتى أوائل شهر يونيه سنة 1962 إذ فوجئ مجلس المدينة بشكوى من أحد المواطنين بأن المدعي يقوم بهدم بعض أجزاء ملكه القديم وتشييد مبان ليلاً، ولما كان تصرف المدعي على هذا النحو يخالف نص المادة الثالثة من اللائحة التنفيذية لقانون المباني فقد نبه عليه في محضر الشرطة بتاريخ 23 من يونيه سنة 1962 بوقف البناء حتى يتم الهدم وعدم إجراء ذلك ليلاً. وفي 20 من أغسطس نشر قرار محافظة الفيوم بعمل تخطيط جديد للمدينة وقد وقع العقار المملوك للمدعي في منطقة التعديل، وأثر ذلك أخطر المدعي بإلغاء رخصة المباني وطلب إليه وقف الأعمال لكنه لم يمتثل إلى أن حصل بندر الفيوم في 28 من أغسطس سنة 1962 على تعهد منه بإيقاف المباني، وأشار الدفاع إلى أن سحب الرخصة عند تعديل خطوط التنظيم حق مقرر بمقتضى المادة التاسعة من القانون رقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني بما لا وجه للنص عليه بعدم المشروعية. وأضاف الدفاع أن مجلس المدينة لا ينكر حق أصحاب العقارات في تعويضهم تعويضاً عادلاً إذا مست تعديلات خطوط التنظيم الجديدة عقاراتهم، إلا أن التعويض الذي يطالب به المدعي لا يتفق مع سلوكه في الفترة التالية لصدور قرار تعديل خط التنظيم وإخطاره بسحب رخصة المباني من استمراره في استكمال المباني ومشاركته بذلك في وقوع الضرر، وبالإضافة إلى ذلك فإن التعويض المطالب به مغال فيه وانتهى الدفاع إلى طلب الحكم برفض الدعوى وإلزام رافعها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 2 من يناير سنة 1966 قضت محكمة القضاء الإداري برفض طلبات المدعي وألزمته بالمصاريف وأقامت حكمها على أن المدعي أخطأ وخالف حكم المادة السابعة من القانون رقم 45 لسنة 1962 حين شرع في البناء وقبل أن يتقدم بطلب للحصول على خط التنظيم الأمر الذي يجعل طلباته ولا سند لها من القانون.
ومن حيث إن الطاعن يؤسس طعنه على أن حق أصحاب العقارات في تعويضهم عن الأضرار التي تصيبهم بسبب تعديل التنظيم التي تمس عقاراتهم مقرر طبقاً الحكم المادة التاسعة من القانون رقم 45 لسنة 1962 دون قيد، ومن ثم فإن إقامة البناء بالمخالفة لقانون المباني لا يؤثر في حق المالك في اقتضاء التعويض العادل مما يتعين معه القضاء له بطلباته.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة أودعت تقريراً في الطعن انتهت فيه إلى أنها ترى إلغاء الحكم المطعون فيه وباستحقاق الطاعن لتعويض عادل طبقاً لحكم المادة التاسعة سالفة البيان مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ومن حيث إن الجهة المطعون ضدها تقدمت بمذكرة طلبت فيها رفض الطعن واستندت في ذلك أولاً: إلى أن قرار سحب رخصة المباني المشار إليها صدر بالتطبيق لنص المادة التاسعة من قانون تنظيم المباني ولم ينسب إلى هذا القرار أي عيب يشوبه ومن ثم فيكون طلب التعويض ولا سند له من القانون. ثانياً: إن التعويض العادل الذي تقضي به المادة التاسعة المذكورة يشترط للمطالبة به أن يكون المرخص له قد نفذ القانون على وجه سليم وقد خالف الطاعن حكم هذا القانون إذ أقام بناءه قبل اتخاذ إجراءات تحديد خط التنظيم وفقاً لنص المادة السابعة من قانون تنظيم المباني المشار إليه. ثالثاً: إن التعويض العادل المنصوص عليه في المادة التاسعة سالفة الذكر لا شأن له بالعناصر التي أسس عليها المدعي التعويض المطالب به.
ومن حيث إن الفصل في المنازعات المتعلقة بالقرارات الإدارية إلغاء أو تعويضاً معقود كأصل عام للقضاء الإداري إلا ما استثنى بنص خاص فحيث لا يقضي القانون بإخراج قضايا التعويض عن القرارات الإدارية من نطاق اختصاص القضاء الإداري فإنه يختص بالفصل فيها، يستوي في ذلك أن يكون الخطأ هو أساس مسئولية الإدارة متمثلاً في عدم مشروعية قراراتها الإدارية، أو أن تكون المخاطر هي أساس مسئوليتها قبل الأفراد حيث ينص القانون على ذلك أخذاً بقواعد العدالة وتحقيقاً لمبدأ المساواة أمام التكاليف العامة.
ومن حيث إن المادة التاسعة من القانون رقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني تقضي بأنه "إذا صدر قرار بتعديل خطوط التنظيم جاز للمجلس المختص أن يسحب الرخصة الممنوحة أو أن يعدلها بما يتفق مع خط التنظيم الجديد سواء شرع المرخص له في القيام بالأعمال المرخص له بها أو لم يشرع وذلك بشرط تعويضه تعويضاً عادلاً". ويؤخذ من هذا النص أن المشرع خول الجهة الإدارية المختصة سلطة تقديرية في سحب الترخيص بالبناء أو تعديله بما يتفق مع خط التنظيم الجديد سواء شرع المرخص له في القيام بأعمال البناء أو لم يشرع وذلك مقابل تعويض عادل، ومن ثم فإن الجهة الإدارية إذا ما نشطت في سحب الترخيص أو تعديل خط التنظيم فإن قرارها في هذا الشأن تتوفر فيه مقومات القرار الإداري باعتباره إفصاحاً عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث أثر قانوني ويكون لصاحب الشأن أن يطالب الجهة الإدارية قضاء بالتعويض العادل عن الأضرار التي لحقت به بسبب هذا القرار إذا هي امتنعت عن تنفيذ حكم القانون في هذا الشأن وذلك بصرف النظر عن مشروعية قرار السحب طالما أن هذا التعويض مصدره القانون ابتغاء مساواة الأفراد أمام التكاليف العامة. ولما كان المدعي على ما يبين من عريضة دعواه يطالب بالتعويض عن الأضرار التي أصابته نتيجة للقرار الصادر من مجلس مدينة الفيوم بسحب رخصة البناء السابق صرفها إليه بالتطبيق لحكم المادة التاسعة سالفة الذكر فإن دعواه والحالة هذه تكون من اختصاص القضاء الإداري.
ومن حيث إن المدن بالتطبيق لقانون نظام الإدارة المحلية الصادر به القانون 124 لسنة 1960 والقوانين المعدلة له تعتبر وحدة إدارية ذات شخصية معنوية يمثلها مجلس المدينة ويقوم رئيسه بالنيابة عنه أمام القضاء، وبهذه المثابة فقد كان من المتعين اختصام رئيس مجلس مدينة الفيوم صاحب الصفة في المنازعة باعتبار أن المجلس المذكور هو الجهة الإدارية المتصلة موضوعاً بالمنازعة والمدعي إن كان قد اختصم وزارة الإسكان ومحافظة الفيوم ولا صفة لهما في المنازعة، إلا أن مجلس المدينة المذكور على ما سلف البيان قد مثل في هذه الدعوى وقدم مستنداته وأبدى دفاعه فيها كاملاً، وسارت إدارة قضايا الحكومة في مناقشة الطعن الماثل على هدي من هذا الدفاع، ومن مقتضى ذلك أنه ليس ثمة مطعن على شكل الدعوى.
ومن حيث إن حق المدعي في اقتضاء تعويض عادل عما لحقه من أضرار وما فاته من كسب بسبب سحب رخصة البناء التي كانت قد منحت له نتيجة لتعديل خط التنظيم، حق مصدره القانون بصريح نص المادة التاسعة سالفة الذكر ولا ينفيه ما قرره السيد مندوب مجلس المدينة أمام هذه المحكمة من أن العقار المملوك للمدعي ما زال على ملكه لم تنزع ملكيته بعد وذلك لاختلاف سبب التعويض في الحالين، إذ التعويض في الحالة الأولى يقابل ما أنفقه المرخص له من نفقات في استصدار رخصة البناء التي رؤى سحبها وما بذله من أموال في سبيل إقامة المباني المرخص له في إقامتها كتلك التي أنفقها لإعداد الأرض وتهيئتها ولإقامة بعض المباني والمنشآت التي حال سحب الرخصة دون إتمامها والانتفاع بها، وما إلى ذلك من أموال لا يتيسر استردادها أو الإفادة منها إفادة كاملة بسبب سحب رخصة البناء، وكذلك ما يقابل حرمان المرخص له من أعمال البناء وهو الأمر الذي أكدته المادة الثانية عشرة من القانون المذكور حين قضت على أن يحظر من وقت صدور قرار اعتماد خطوط تنظيم الشوارع إجراء أعمال البناء أو التعلية في الأجزاء البارزة عن خطوط التنظيم على أن يعوض أصحاب الشأن تعويضاً عادلاً. أما في حالة نزع الملكية فإن التعويض يمثل قيمة العقار الذي نزعت ملكيته.
ومن حيث إن المادة التاسعة سالفة الذكر قد أرست مبدأ منح التعويض العادل للمرخص له في حالة سحب رخصة البناء أو تعديلها بما يتفق مع خط التنظيم الجديد دون قيد أو شرط وسواء شرع المرخص له في القيام بالأعمال المرخص لها أو لم يشرع، ومن ثم فإنه لا يسوغ القول بأن مخالفة المرخص له بعض أحكام قانون تنظيم المباني وقيامه بالبناء دون طلب تحديد خط التنظيم من الجهة المختصة أو قيامه بالبناء ليلاً، من شأنه أن يهدر حقه في التعويض إذ أن أثر ذلك مقصور فحسب على مجرد وقوع المخالف تحت طائلة العقاب الجنائي.
ومن حيث إن المحكمة تقدر ما أصاب المدعي من أضرار بسبب سحب رخصة المباني الممنوحة له بمبلغ أربعمائة جنيه تمثل ما تكبده من مصاريف دعوى الإخلاء التي أقامها ضد مستأجري المبنى القديم توطئة لبناء المبنى الجديد وكذلك مصاريف إعداد الرسوم الهندسية الخاصة بالمباني الجديدة أتعاب المهندس المصمم ومقابل حرمان المدعي من إتمام المبنى الذي كان قد شرع في إقامته وقدرت لجنة أعمال البناء والهدم تكاليفه بمبلغ 7300 جنيه على أساس بناء دور أرضي يحتوي على أحد عشر دكاناً وشقتين وثلاثة أدوار متكررة بكل دور أربع شقق والذي لم يتم منه إلا الجزء البحري من الدور الأرضي بعد هدم الدور الأول القديم. وقد راعت المحكمة في تقدير هذا التعويض أن الجزء الباقي من الأرض بعد تعديل خط التنظيم لا يعدو أن يكون مثلثاً صغيراً لا يتيسر استغلاله طول ضلعه الشرقي 31.24 متراً وطول ضلعه البحري متران فقط. أما عناصر التعويض الأخرى التي تتمثل في ثمن الأرض ومصروفات ورسوم تسجيل العقد وقيمة السمسرة الخاصة به فلا ترى المحكمة وجهاً للخوض فيها لأن المطالبة بها لا تحل إلا عند نزع ملكية هذه الأرض لا قبل ذلك أما عن مبلغ الخمسة آلاف جنيه التي يزعم المدعي أنه دفعها للمقاول ويطالب مجلس المدينة بها فإنه لم يقم دليل على جدية هذا الادعاء.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد ذهب غير هذا المذهب فإنه يتعين الحكم بإلغائه والقضاء بإلزام مجلس مدينة الفيوم بأن يدفع للمدعي مبلغ أربعمائة جنيه مصري على سبيل التعويض وبرفض ما عدا ذلك من طلبات مع إلزام مجلس المدينة المصروفات المناسبة.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام مجلس مدينة الفيوم بأن للمدعي مبلغ أربعمائة جنيه مصري على سبيل التعويض وألزمت مجلس المدينة المذكورة بالمصروفات المناسبة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.

الطعن 41 لسنة 25 ق جلسة 23 / 4 / 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 56 ص 368

جلسة 23 من إبريل سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمود عياد، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

----------------

(56)
الطعن رقم 41 لسنة 25 القضائية

إجارة "مسائل منوعة" "أحوال تطبيق القانون 121 لسنة 1947 وأحوال تطبيق القانون العام".
الضابط في الاختصاص بطلب الإخلاء هو وصف العين المؤجرة في عقد الإيجار. عدم انطباق القانون 121 لسنة 1947 إذا كان عقد الإيجار وارداً على أرض فضاء بصرف النظر عما إذا كان يوجد بها مبان وقت العقد أم لا.

---------------
الضابط في شأن القاعدة القانونية التي تحكم مسألة الاختصاص بطلب الإخلاء على ما جرى به قضاء محكمة النقض - هو وصف العين المؤجرة في عقد الإيجار فإذا كان عقد الإيجار وارداً على أرض فضاء فإن الدعوى بالإخلاء تخضع لقواعد القانون العام الخاصة بالاختصاص - وذلك بصرف النظر عما إذا كان يوجد بتلك الأرض مبان وقت انعقاد عقد الإيجار أم لا - وإن كانت الإجارة واردة على مكان معد للسكنى أو غير ذلك من الأغراض فإن المنازعة على الإخلاء تخضع لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 وترفع دائماً إلى المحكمة الابتدائية المختصة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أنه بتاريخ 6 من فبراير سنة 1952 أقام الطاعنان دعوى على المطعون عليها قيدت بمحكمة بولاق الجزئية برقم 238 لسنة 1952 مدني بولاق طلبا فيها الحكم بإخلاء قطعة الأرض المؤجرة لها وتسليمها لهما خالية مما يشغلها مع إلزامها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة إلخ.... وقالا شرحاً لدعواهما أنهما أجرا للمطعون عليها قطعة أرض سواد خالية من المباني والأشجار بعقد إيجار محرر في أول جماد الأول سنة 1366 هـ لمدة سنة وتنتهي في أخر ربيع الثاني سنة 1367 هو نص في البند السادس منه على تحديد شهرين سابقين على انتهاء مدته ليعلن أي الطرفين الآخر برغبته في تجديده أو عدم رغبته في ذلك - وأنهما (أي الطاعنين) قد أنذرا المطعون عليها في 28 من نوفمبر سنة 1951 بعدم رغبتهما في تجديد العقد المذكور باعتباره مفسوخاً في نهاية ربيع الثاني من سنة 1371 هـ ونبها عليها بوجوب تسليم الأرض المؤجرة خالية مما عليها من المباني فلم تستجب لهذا الإنذار ولهذا أقاما عليها الدعوى بالطلبات السالف بيانها - دفعت المطعون عليها الدعوى بعدم قبولها تأسيساً على أن طلب الإخلاء والتسليم يجب أن يكون مسبوقاً بطلب فسخ عقد الإيجار كما دفعت بعدم اختصاص محكمة بولاء الجزئية بنظر الدعوى إذ هي من اختصاص المحكمة الكلية تطبيقاً للقانون 121 لسنة 1947 - وذكرت أن العين موضوع الإيجار قد أجرت بغرض إقامة مبان عليها بتصريح من المؤجرين. ثم ذكرت المدعى عليها أن حقيقة العقد المبرم بين الطرفين هو أنه عقد حكر وليس بعقد إيجار. وبتاريخ 17 من مارس سنة 1953 حكمت محكمة بولاق الجزئية برفض الدفع بعدم القبول وبرفض الدفع بعدم الاختصاص وبإخلاء قطعة الأرض المبينة بعقد الإيجار - وبتسليمها للطاعنين خالية مما يشغلها مع إلزام المطعون عليها المصروفات ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة وشملت الحكم بالنفاذ المعجل وبغير كفالة. فاستأنفت المطعون عليها هذا الحكم إلى محكمة القاهرة الابتدائية بالاستئناف رقم 622 سنة 1953 (مدني مستأنف القاهرة) طالبة قبول الاستئناف شكلاً وبإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للنفاذ المعجل بغير كفالة وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه وباعتباره كأن لم يكن والحكم برفض دعوى المستأنف عليها وإلزامها بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين - ودفع المستأنف عليهما (الطاعنان) بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب - وبتاريخ 12 من مايو سنة 1953 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية برفض الدفع وبجواز الاستئناف وبقبول الاستئناف شكلاً وفيما يتعلق بموضوع الاستئناف الوصفي برفضه وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة له وألزمت المستأنفة بالمصاريف وأمرت المحكمة بوقف النفاذ المعجل - ثم بتاريخ 24 من نوفمبر سنة 1954 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئناف) بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى مع إلزام المستأنف ضدهما - الطاعنين - بمصاريف الدرجتين ومبلغ 300 قرش أتعاباً للمحاماة - واستندت المحكمة في قضائها إلى أنه قد أضيفت للبند التاسع من عقد الإيجار كتابة باليد مؤداها أن "جميع الموبيليات والمنقولات ضامنة لسداد قيمة الإيجار ولا يسمح بعمل دعوى استرداد" وفي ذلك ما يفيد أن موضوع العقد ليس مجرد أرض فضاء وأنه لذلك يكون ملحوظاً عند إنشاء العقد وجود بناء على الأرض الفضاء وأن ما ذكر من أن موضوع الإجارة أرض فضاء ليس إلا تحايلاً على الاختصاص الغرض منه حرمان المستأجرة من الانتفاع بأحكام التشريع الاستثنائي الواردة في القانون 121 لسنة 1947 وإهدار حقها في البناء المقام قبل انعقاد الإجارة. وأنه لذلك يكون الاختصاص بنظر الدعوى معقوداً للمحكمة الكلية. وبتاريخ 3/ 2/ 1955 طعن الطاعنان في هذا الحكم بالنقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها رأت فيها أن الحكم المطعون فيه مرجح نقضه. وطلبت إلى دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لتقضي بنقض الحكم المطعون فيه. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 11 من فبراير سنة 1959 وفيها صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة اليوم (26 من مارس سنة 1959) وفيها صممت النيابة العامة على الرأي المبدى بمذكرتها.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وفي ذلك ذكرا في السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف نص المادة الأولى من القانون رقم 121 لسنة 1947 التي يتأدى من نصها عدم انطباق هذا القانون على الأراضي الفضاء المؤجرة سواء أكانت عليها مبان مملوكة لغير المؤجر أم لا - وسواء أقيمت هذه المباني قبل التعاقد أو بعده - وقد قصد المشرع استثناء الأراضي الفضاء - بصورة مطلقة - والعبرة هي بطبيعة العقار المؤجر فإن كان المؤجر هو البناء فإن أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 تكون واجبة التطبيق أما إن كان المؤجر أرضاً فضاء فإن أحكامه لا تسري. وفي السبب الثاني ذكر الطاعنان أن الأخذ بالرأي الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه يحرم المؤجر من حقوقه المخولة له بمقتضى القانون رقم 121 لسنة 1947 - إذ هو على مقتضى الرأي المذكور لا يستطيع طلب الإخلاء للهدم وإعادة البناء - كما لا يستطيعه للضرورة الملجئة لأنه ليس مالكاً وأنه لذلك يفقد سلطانه على أرضه فلا هو يستطيع الانتفاع بها على أساس القانون رقم 121 لسنة 1947 ولا على أساس أحكام القانون العام وهذه نتيجة لا يمكن أن يكون الشارع قد هدف إليها.
وحيث إن النعي بما ورد في هذين السببين في محله ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة الجزئية بنظر الدعوى على ما أخذ به في أسبابه من أن المقصود بالأرض الفضاء التي تخرج من نطاق تطبيق أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 تلك التي تكون غير مشغولة بأي بناء وقت بدء التعاقد أما إذا كانت الأرض مقاماً عليها بناء في ذلك الوقت كما هو الشأن في وقائع الخصومة المطروحة فإن المنازعات الخاصة بطلب الإخلاء تحكمها نصوص ذلك القانون وتختص المحكمة (الكلية) بنظرها - ولما كان قضاء هذه المحكمة مستقراً على أن الضابط في شأن القاعدة القانونية التي تحكم مسألة الاختصاص بطلب الإخلاء هو وصف العين المؤجرة في عقد الإيجار فإذا كان عقد الإيجار وارداً على أرض فضاء فإن الدعوى بالإخلاء تخضع لقواعد القانون العام الخاص بالاختصاص وذلك بصرف النظر عما إذا كان يوجد بتلك الأرض مبان وقت انعقاد عقد الإيجار أم لا - وإن كانت الإجارة واردة على مكان معد للسكنى أو غير ذلك من الأغراض فإن المنازعة على الإخلاء تخضع لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 وترفع دائماً إلى المحكمة الابتدائية المختصة - ولما كان خطأ محكمة الموضوع في هذه القاعدة القانونية قد حجبها عن تحقيق البحث السابق ذكره - وبذلك أعجز هذه المحكمة عن مراقبة الحكم المطعون فيه من حيث تطبيق القانون على الوقائع تطبيقاً صحيحاً فإنه يتعين نقضه.

الطعن 217 لسنة 34 ق جلسة 22 / 2 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 53 ص 345

جلسة 22 من فبراير سنة 1968

برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد سيد أحمد حماد.

----------------

(53)
الطعن رقم 217 لسنة 34 القضائية

(أ) إصلاح زراعي "التصرفات الصادرة من الخاضع لقانون الإصلاح الزراعي". بيع.
عدم اعتداد جهة الإصلاح الزراعي بالبيع الصادر ممن خضع لقانون الإصلاح الزراعي والذي لم يثبت تاريخه قبل 23 يوليه سنة 1952. مقتضى ذلك الاستيلاء على القدر المتصرف فيه ما دام البائع لم يحتفظ به في إقراره ضمن المائتي فدان التي اختار الاحتفاظ بها باعتبارها الحد الأقصى الجائز تملكه طبقاً للقانون رقم 178 لسنة 1952.
(ب) بيع. "انفساخ العقد". عقد. التزام. "تحمل تبعة الاستحالة".
انفساخ عقد البيع من تلقاء نفسه بسبب استحالة تنفيذ التزام أحد المتعاقدين لسبب أجنبي. أثر الانفساخ كأثر الفسخ. عودة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد. تبعة الاستحالة على المدين بالالتزام عملاً بمبدأ تحمل التبعة في العقد الملزم للجانبين. ثبوت استحالة تنفيذ التزام البائع بنقل ملكية العين المبيعة بسبب الاستيلاء عليها لديه تنفيذاً لقانون الإصلاح الزراعي. سبب أجنبي لا يعفى البائع من رد الثمن الذي قبضه ويقع الغرم على البائع نتيجة تحمله التبعة في انقضاء التزامه.
(جـ) اختصاص. "اختصاص ولائي". إصلاح زراعي. "اختصاص اللجان القضائية للإصلاح الزراعي".
تحقيق ثبوت تاريخ تصرفات المالك قبل 23 يوليه سنة 1952 الواردة على الأراضي المستولى عليها أو التي تكون محلاً للاستيلاء وفقاً للإقرار المقدم منه ممتنع على المحاكم. هو من اختصاص اللجان القضائية المنصوص عليها في المادة 13 مكرر من القانون رقم 178 لسنة 1952 دون غيرها.
(د) بيع. "ضمان الاستحقاق". إخطار البائع. دعوى "دعوى الضمان ودعوى الفسخ والإبطال".
الإخطار المنصوص عليه في المادة 440 مدني لا يكون إلا حين ترفع على المشتري دعوى من الغير باستحقاق المبيع. لا محل للتمسك بعدم حصول هذا الإخطار إلا حيث يرجع المشتري على البائع بضمان الاستحقاق على أساس قيام عقد البيع. عدم تطبيق أحكام ضمان الاستحقاق عند مطالبة المشتري بالفسخ. استقلال دعوى الضمان عن دعوى الفسخ والإبطال.
(هـ) بيع. "فسخ البيع وانفساخه". آثار الفسخ. "رد ما دفع بغير حق". تقادم. "تقادم الدعوى". عقد "فسخ العقد".
حق المشتري في استرداد الثمن من البائع في حالة فسخ البيع. أساسه استرداد ما دفع بغير حق. المادة 182 مدني. وفي حالة انفساخ العقد من تلقاء نفسه أساس رد الثمن أنه أثر من آثار الفسخ أو الانفساخ. المادة 160 مدني. عدم خضوع دعوى الفسخ للتقادم الثلاثي. تقادمها بخمس عشرة سنة. للدائن طلب رد الثمن كلما كان له أن يرفع دعوى الفسخ.
(و) بيع. "آثار البيع". "ثمار المبيع وفوائد الثمن". التزام "مقاصة".
استحقاق البائع لثمار المبيع يقابله استحقاق المشتري لفوائد الثمن. حصول المقاصة بينهما بقدر الأقل منهما.
(ز) التزام. "المقاصة القضائية". دعوى. "الطلب العارض". استئناف.
المقاصة القضائية لا تكون إلا بدعوى أصلية أو في صورة طلب عارض يقدمه المدعى عليه رداً على خصمه. إبداء طلب المقاصة القضائية لأول مرة أمام محكمة الاستئناف. عدم قبوله.

----------------
1 - مقتضى عدم اعتداد جهة الإصلاح الزراعي بالبيع الصادر ممن خضع لقانون الإصلاح الزراعي والذي لم يثبت تاريخه قبل 23 يوليه سنة 1952، هو الاستيلاء على القدر المتصرف فيه ما دام البائع لم يحتفظ به في إقراره ضمن المائتي فدان التي اختار الاحتفاظ بها باعتبارها الحد الأقصى الجائز تملكه طبقاً للقانون رقم 178 لسنة 1952.
2 - عقد البيع ينفسخ حكماً ومن تلقاء نفسه طبقاً للمادة 159 من القانون المدني بسبب استحالة تنفيذ التزام أحد المتعاقدين بسبب أجنبي. ويترتب على الانفساخ ما يترتب على الفسخ من عودة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد ويتحمل تبعة الاستحالة في هذه الحالة المدين بالالتزام الذي استحال تنفيذه عملاً بمبدأ تحمل التبعة في العقد الملزم للجانبين. فإذا أثبت الحكم المطعون فيه أن التزام البائع (الطاعن) بنقل ملكية العين المبيعة قد صار مستحيلاً بسبب الاستيلاء عليها لديه تنفيذاً لقانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 فإنه يكون قد أثبت أن استحالة تنفيذ هذا الالتزام ترجع إلى سبب أجنبي وإذ كان حصول الاستحالة لهذا السبب لا يعفى البائع من رد الثمن الذي قبضه إذ أن هذا الثمن واجب رده في جميع الأحوال التي يفسخ فيها العقد أو ينفسخ بحكم القانون وذلك بالتطبيق للمادة 160 من القانون المدني ويقع الغرم على البائع نتيجة تحمله التبعة في انقضاء التزامه الذي استحال عليه تنفيذه فإنه يكون غير منتج دفاع الطاعن بعدم وقوع خطأ منه وبإهمال المطعون ضدهم (المشترين) في تسجيل العقد أو إثبات تاريخه قبل 23 يوليه سنة 1952.
3 - تحقيق ثبوت تاريخ تصرفات المالك قبل 23 يوليه سنة 1952 الواردة على الأراضي المستولى عليها أو التي تكون محلاً للاستيلاء وفقاً للإقرار المقدم منه تطبيقاً لقانون الإصلاح الزراعي، ممتنع على المحاكم بنص المادة 13 مكرر من القانون رقم 178 لسنة 1952 وتختص به اللجان القضائية المنصوص عليها في تلك المادة دون غيرها.
4 - البين من المادة 440 من القانون المدني أن الإخطار المنصوص عليه فيه لا يكون إلا حين ترفع على المشتري دعوى من الغير باستحقاق المبيع ولا محل للتمسك بعدم حصول هذا الإخطار إلا حيث يرجع المشتري على البائع بضمان الاستحقاق على أساس قيام عقد البيع. أما إذا اختار المشتري سبيل المطالبة بفسخ العقد فإنه لا مجال لتطبيق المواد من 440 إلى 443 من القانون المدني الخاصة بضمان الاستحقاق. وقد أفصح المشرع عن استقلال دعوى الضمان عن دعويي الفسخ والإبطال في المادة 443 من القانون المدني التي بينت عناصر التعويض الذي يحق للمشتري أن يطلبه من البائع في حالة الرجوع عليه بدعوى الضمان عند استحقاق المبيع كله وذلك بنصه في الفقرة الأخيرة من هذه المادة على أن "كل هذا ما لم يكن رجوع المشتري مبنياً على المطالبة بفسخ البيع أو إبطاله".
5 - لئن كان حق المشتري في استرداد الثمن من البائع في حالة فسخ البيع يقوم على أساس استرداد ما دفع بغير حق - الأمر الذي أكدته المادة 182 من القانون المدني بنصها على أنه يصح استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذاً لالتزام زال سببه بعد أن تحقق وهو ما ينطبق على حالة ما إذا نفذ أحد المتعاقدين التزامه في عقد فسخ بعد ذلك إلا أنه في حالة انفساخ العقد من تلقاء نفسه - طبقاً للمادة 159 مدني - لاستحالة تنفيذ البائع التزامه بنقل الملكية بسبب الاستيلاء لديه على الأطيان المبيعة تنفيذاً لقانون الإصلاح الزراعي ومنازعة البائع في حصول هذا الانفساخ قبل رفع الدعوى وأثناء نظرها لا يقضي برد الثمن إلا كأثر من الآثار المترتبة على فسخ العقد أو انفساخه طبقاً للمادة 160 من القانون المدني. وإذ كانت دعوى الفسخ لا تخضع للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 187 من القانون المدني ولا تتقادم إلا بخمس عشرة سنة فإنه طالما يكون للدائن أن يرفع هذه الدعوى فإنه يكون له أن يطالب بالآثار المترتبة على الفسخ ومنها رد الثمن إذ لا يكون هذا الثمن مستحق الأداء وممكناً المطالبة به إلا بعد تقرير الفسخ.
6 - وإن كانت يترتب على انفساخ عقد البيع أن يعاد العاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فيرد المشتري المبيع وثماره إذا كان قد تسلمه ويرد البائع الثمن وفوائده، إلا أن استحقاق البائع لثمار المبيع يقابله استحقاق المشتري لفوائد الثمن وتحصل المقاصة بينهما بقدر الأقل منهما.
7 - المقاصة القضائية لا تكون إلا بدعوى أصلية أو في صورة طلب عارض يقدمه المدعى عليه رداً على دعوى خصمه طبقاً للمادة 152 من قانون المرافعات فإذا كان الطاعن لم يبد طلب المقاصة القضائية بين ما هو مستحق عليه من الثمن وما هو مستحق له من الثمار إلا أمام محكمة الاستئناف فإنه حتى لو اعتبر هذا الطلب منه طلباً عارضاً فإنه يكون غير مقبول لإبدائه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ومن ثم فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 560 سنة 1959 مدني كلي المنصورة على الطاعن وقالوا في بيانها إنه بمقتضى عقد عرفي مؤرخ 27 ديسمبر سنة 1948 اشتروا منه أرضاً زراعية مساحتها 15 ط و12 س بثمن قدره 301 جنيه و670 مليم قبضه البائع منهم عند تحرير العقد وإذ صدر قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 وكان الطاعن من الملاك الخاضعين له والعقد غير ثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 ولم يحتفظ الطاعن بالأرض المبيعة - ضمن ما سمح له القانون الاحتفاظ به - في الإقرار الذي قدمه للهيئة العامة للإصلاح الزراعي فقد استولت هذه الهيئة على الأرض المبيعة وترتب على ذلك تعذر قيام الطاعن بالتزامه بنقل ملكيتها إليهم الأمر الذي دفعهم إلى رفع هذه الدعوى للمطالبة بفسخ العقد وإلزام الطاعن برد الثمن تبعاً لذلك وفي 19 ديسمبر سنة 1961 قضت المحكمة قبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء للانتقال إلى الأطيان موضوع النزاع ومعاينتها وبيان ما إذا كانت الحكومة قد استولت عليها تنفيذاً لقانون الإصلاح الزراعي وللاطلاع على الإقرار المقدم من الحاج أحمد الأتربي لجهة الإصلاح الزراعي وبيان ما إذا كان القدر موضوع الدعوى قد دخل ضمن الأطيان التي تركها المذكور للاستيلاء أم لا وتقدير ثمن الأرض وقت الاستيلاء وفي 5 فبراير سنة 1963 وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بفسخ العقد وبإلزام الطاعن برد الثمن فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 161 سنة 15 ق - وفي 8 فبراير سنة 1964 حكمت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف - وبتقرير تاريخه 31 مارس سنة 1964 طعن الطاعن في قضائها بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه القصور ذلك أنه أقام قضاءه على أن قراراً صدر من هيئة الإصلاح الزراعي بالاستيلاء لدى الطاعن على الأرض موضوع النزاع مع أن أوراق الدعوى قد خلت مما يفيد صدور هذا القرار من اللجنة المنصوص عليها في المادة 13 من قانون الإصلاح الزراعي ويرى الطاعن أن استدلال الحكم المطعون فيه على وقوع الاستيلاء بما أثبته الخبير الذي ندبته المحكمة الابتدائية من اطلاعه على صورة محضر الاستيلاء المؤرخ 19 ديسمبر سنة 1956 استدلال مخالف للقانون لأن هذا المحضر لا يغني عن وجوب صدور قرار من اللجنة المختصة سالفة البيان وأضاف الطاعن إنه تمسك بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف ورد عليه الحكم المطعون فيه بأنه لم يقل إن القدر المبيع دخل ضمن ما احتفظ به لنفسه مما يحول دون الاستيلاء عليه وهذا الذي قرره الحكم لا يصلح رداً على ما أثاره إذ كان يتعين على المحكمة أن تتحقق من صدور قرار بالاستيلاء على الأرض المبيعة من اللجنة المختصة المشار إليها فيما سبق وبالأوضاع التي رسمها قانون الإصلاح الزراعي لأن هذا القرار وحده هو الذي ينشئ واقعة الاستيلاء.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن المادة 13 من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 نصت على "أن تشكل لجان فرعية تقوم بعمليات الاستيلاء وحصر الأراضي المستولى عليها - كما نصت المادة 9 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون على أن تشكل هذه اللجان من مندوب الحكومة بالمنطقة وممثل لتفتيش المساحة الذي تقع في اختصاصه الأطيان المستولى عليها أو معظمها وواحد من رجال البوليس أو الإدارة في مركز البوليس الذي تقع في دائرة اختصاصه تلك الأطيان كما نصت هذه المادة على أن تتولى اللجنة الفرعية تسلم الأراضي التي تقرر الاستيلاء عليها وحصر ما تتسلمه ملحقاً بها، ولما كان يبين من الحكم الابتدائي الذي أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه أنه قرر في هذا الصدد "وحيث إن الثابت من تقرير الخبير ومن مطالعة صورة محضر الاستيلاء المؤرخ 19 ديسمبر سنة 1956 المحرر بمعرفة اللجنة الفرعية التي شكلت للاستيلاء على القدر الزائد عن المسموح به قانوناً قبل المدعى عليه الحالي أنه قد تم الاستيلاء على القدر موضوع الدعوى ضمن أطيان أخرى لمصلحة وزارة الإصلاح الزراعي وقد تم هذا الاستيلاء قبل قيام البائع بتنفيذ التزامه بنقل ملكية ما باعه للمدعين (المطعون ضدهم)" وكان يبين من المحضر المؤرخ 19 ديسمبر سنة 1956 الذي أشار إليه الحكم والمرفق بمحاضر أعمال الخبير أن اللجنة التي قامت بالاستيلاء على الأطيان الواردة به كانت مشكلة من مندوب الحكومة لمنطقة الإصلاح الزراعي بالسنبلاوين ومن الملازم أول حنفي محمود رحال مندوب وزارة الداخلية وفائق سلامة مندوب تفتيش المساحة بالمنصورة ومحمد رجب عزمي مهندس منطقة السنبلاوين بالإصلاح الزراعي وبحضور السيد إبراهيم أحمد الأتربي وكيل المالك فإن هذه اللجنة تكون مشكلة وفقاً لنص المادة 13 من قانون الإصلاح الزراعي والمادة 9 من لائحته التنفيذية وتكون هي المختصة بعمليات الاستيلاء على الأراضي الزائدة على المائتي فدان وتسلم هذه الأراضي. وإذ كان مقتضى عدم الاعتداد بالتصرف الصادر من الطاعن إلى المطعون ضدهم لعدم ثبوت تاريخه قبل 23 سنة 1952 هو الاستيلاء على القدر المتصرف فيه ما دام الطاعن لا ينازع في أنه لم يحتفظ به في إقراره ضمن المائتي فدان التي اختار الاحتفاظ بها باعتبارها الحد الأقصى الجائز له تملكه فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر أن الأطيان موضوع العقد العرفي المؤرخ 27 ديسمبر سنة 1948 قد تم الاستيلاء عليها لدى الطاعن بمعرفة اللجنة الفرعية المختصة يكون قد أقام قضاءه على أسباب كافية لحمله ولا مخالفة فيها للقانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن العقد موضوع النزاع انعقد في 17 ديسمبر سنة 1948 وتقاعس المطعون ضدهم عن مطالبته بالتوقيع على العقد النهائي وعن اتخاذ الخطوات اللازمة لتسجيله أو إثبات تاريخه حتى صدر قانون الإصلاح الزراعي فإذا استولت جهة الإصلاح الزراعي على الأرض فإن الاستيلاء يكون ناشئاً عن إهمال المطعون ضدهم وخطئهم وعليهم وحدهم تحمل تبعيته، وأضاف الطاعن في دفاعه أن العقد ثابت التاريخ قبل 23 يوليو سنة 1952 بسبب تعامل المطعون ضدهم به مع بنك التسليف في شأن الحصول على السلف الزراعية وما يتعلق بذلك من استمارات الحيازة وبسبب سدادهم الأموال الأميرية بناء على هذا العقد وطلب الطاعن من المحكمة ندب خبير لتحقيق هذا الدفاع وقد رد الحكم المطعون فيه على ذلك بأنه لا إلزام على المطعون ضدهم بإثبات تاريخ العقد أو تسجيله وهو رد قاصر كما التفت الحكم عن طلب ندب الخبير دون أن يبدي سبباً لذلك.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن عقد البيع ينفسخ حتماً ومن تلقاء نفسه طبقاً للمادة 159 من القانون المدني بسبب استحالة تنفيذ التزام أحد المتعاقدين لسبب أجنبي ويترتب على الانفساخ ما يترتب على الفسخ من عودة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد ويتحمل تبعة الاستحالة في هذه الحالة المدين بالالتزام الذي استحال تنفيذه عملاً بمبدأ تحمل التبعة في العقد الملزم للجانبين - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن التزام الطاعن البائع بنقل ملكية العين المبيعة قد صار مستحيلاً بسبب الاستيلاء عليها لديه تنفيذاً لقانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 فإنه يكون بذلك قد أثبت أن استحالة تنفيذ هذا الالتزام ترجع إلى سبب أجنبي، وإذ كان وقوع الاستحالة لهذا السبب الأجنبي لا يعفي البائع من رد الثمن الذي قبضه بل إن هذا الثمن واجب رده في جميع الأحوال التي يفسخ فيها العقد أو ينفسخ بحكم القانون وذلك بالتطبيق للمادة 160 من القانون المدني ويقع الغرم على الطاعن نتيجة تحمله التبعة في انقضاء التزامه الذي استحال عليه تنفيذه، لما كان ما تقدم فإنه يكون غير منتج دفاع الطاعن بعدم وقوع خطأ منه وبإهمال المطعون ضدهم في تسجيل عقدهم أو إثبات تاريخه قبل 23 يوليو سنة 1952 - لما كان ذلك وكان تحقيق ثبوت تاريخ تصرفات المالك قبل 23 يوليو سنة 1952 الواردة على الأراضي المستولى عليها أو التي تكون محلاً للاستيلاء وفقاً للإقرار المقدم منه تطبيقاً لقانون الإصلاح الزراعي - ممتنعاً على المحاكم بنص المادة 13 مكرر من القانون رقم 178 لسنة 1952 وتختص به اللجان القضائية المنصوص عليها في تلك المادة دون غيرها فإن محكمة الاستئناف إذ قضت برد الثمن تأسيساً على انفساخ العقد لاستحالة تنفيذ الطاعن لالتزامه بنقل الملكية ورفضت طلب ندب خبير لتحقيق ثبوت تاريخ العقد وضمنت حكمها أنه لا مجال لبحث الخطأ أو تقدير الضرر في الدعوى الحالية فإنها تكون قد طبقت القانون تطبيقاً صحيحاً وتضمن حكمها الرد على ما أثاره الطاعن من دفاع في هذا الشأن وبالتالي يكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث الخطأ في القانون وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأنه لو صح أن قراراً صدر بالاستيلاء على الأرض المبيعة فإنه كان على المطعون ضدهم المبادرة بإخطاره به حتى يتمكن من الاعتراض عليه لدى الجهة المختصة وإذ كان المطعون ضدهم قد قعدوا عن إخطاره بهذا القرار ولم يعترضوا على قرار الاستيلاء فإن حقهم في الضمان يكون قد سقط - إلا أن المحكمة ردت على دفاعه بأن رفع دعوى استرداد الثمن يعتبر إخطاراً كافياً - ولما كانت الدعوى قد رفعت بعد تاريخ الاستيلاء بمدة تزيد على العامين فإن ما ذهبت إليه المحكمة يكون خطأ في القانون إذ لا يمكن القول بأن الإخطار قد تم في الموعد الملائم المقصود بالمادة 440 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن المواد من 440 إلى 443 من القانون المدني خاصة بضمان الاستحقاق ويبين من المادة 440 أن الإخطار المنصوص عليه فيها لا يكون إلا حين ترفع على المشتري دعوى من الغير باستحقاق المبيع ولا محل للتمسك بعدم حصول هذا الإخطار إلا حيث يرجع المشتري على البائع بضمان الاستحقاق على أساس قيام عقد البيع أما إذا اختار المشتري سبيل المطالبة بفسخ العقد فإنه لا مجال لتطبيق هذه المواد وقد أفصح المشرع عن استقلال دعوى الضمان عن دعويي الفسخ والإبطال في المادة 443 من القانون المدني التي بينت عناصر التعويض الذي يحق للمشتري أن يطلبه من البائع في حالة الرجوع عليه بدعوى الضمان عند استحقاق المبيع كله وذلك بنصه في الفقرة الأخيرة من هذه المادة على أن "كل هذا ما لم يكن رجوع المشتري مبنياً على المطالبة بفسخ البيع أو إبطاله". لما كان ذلك وكان الثابت أن المطعون ضدهم قد رفعوا دعواهم بطلب فسخ عقد البيع المبرم بينهم وبين الطاعن ورد الثمن المدفوع تبعاً لذلك وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بإلزام الطاعن برد الثمن على أن التزامه بنقل ملكية الأطيان المبيعة إلى المشترين صار مستحيلاً بعد أن استولت الحكومة على هذه الأطيان لدى الطاعن فإن الحكم يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة ومقاماً على ما يكفي لحمله ولا يبطله بعد ذلك ما قرره رداً على دفاع الطاعن من أن رفع الدعوى باسترداد الثمن تعتبر إخطاراً كافياً له واتجاهه بذلك إلى إعمال المادة 440 سالفة البيان ما دام منطوقه جاء موافقاً للقانون.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه تمسك لدى محكمة الموضوع بأن الدعوى في حقيقتها دعوى رد ما دفع بغير وجه حق ودفع على هذا الأساس بسقوط الحق في إقامتها بمضي أكثر من ثلاث سنوات على تاريخ علم المطعون ضدهم بحقهم في الاسترداد وقال إن هذا العلم ثابت بصدور قانون الإصلاح الزراعي في 8 سبتمبر سنة 1952 ورفضت المحكمة الأخذ بهذا الدفع استناداً إلى أن مدة السقوط لا تسري في حق المطعون ضدهم إلا من تاريخ الاستيلاء الحاصل في 19 ديسمبر سنة 1956 حالة أن العقد قد انفسخ بقوة القانون في 23 يوليو سنة 1952 ومن هذا التاريخ وحده يجب احتساب مدة السقوط.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك بأنه وإن كان حق المشتري في استرداد الثمن من البائع في حالة فسخ البيع يقوم على أساس استرداد ما دفع بغير حق، وقد أكدت المادة 182 من القانون المدني هذا المعنى بنصها على أن يصح استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذاً لالتزام زال سببه بعد أن تحقق، وهو ما ينطبق على حالة ما إذا نفذ أحد المتعاقدين التزامه في عقد فسخ بعد ذلك، إلا أنه لما كان الثابت إن المطعون ضدهم رفعوا دعواهم بطلب فسخ البيع ورد الثمن الدفوع تبعاً لذلك وبنوا طلب الفسخ على استحالة تنفيذ الطاعن البائع لالتزامه بنقل الملكية بسبب الاستيلاء لديه على الأطيان المبيعة تنفيذاً لقانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 وهو الأمر الذي يترتب عليه قانوناً انفساخ العقد من تلقاء نفسه طبقاً للمادة 159 من القانون المدني وكان الطاعن قد نازع المطعون ضدهم قبل رفع الدعوى وأثناء نظرها في وقوع هذا الانفساخ وكان رد الثمن لا يقضي به في هذه الحالة إلا كأثر من الآثار المترتبة على فسخ العقد أو انفساخه طبقاً للمادة 160 من القانون المدني التي تقضي بأنه إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد وكانت دعوى الفسخ لا تخضع للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 187 من القانون المدني ولا تتقادم إلا بخمس عشرة سنة فإنه طالما يكون للدائن أن يرفع هذه الدعوى فإنه يكون له أن يطالب بالآثار المترتبة على الفسخ ومنها رد الثمن إذ لا يكون هذا الثمن مستحق الأداء وممكناً المطالبة به إلا بعد تقرير الفسخ وإذ كان الثابت أن المطعون ضدهم رفعوا بطلب الفسخ في 6 مايو سنة 1959 أي قبل انقضاء مدة التقادم المقررة لسقوط هذه الدعوى فإن حق المطعون ضدهم في مطالبة البائع برد الثمن تبعاً لانفساخ العقد لا يكون قد سقط بالتقادم، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون فإنه لا يؤثر في قضائه بعد ذلك ما ورد به من تقرير قانوني خاطئ بشأن هذا التقادم وبدء سريانه ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه القصور في التسبيب ذلك أنه جعل للمطعون ضدهم الحق في استرداد الثمن كاملاً دون أن يخصم منه قيمة الفائدة الحقيقية التي عادت عليهم نتيجة استغلالهم الأرض موضوع العقد الذي تم فسخه وذلك تأسيساً على ما قاله الحكم من أن الفائدة العائدة عليهم من الانتفاع بالأرض تقابل الفائدة التي حصل عليها نتيجة احتفاظه بالثمن وإذ كان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن فوائد الثمن تقل كثيراً عن غلة الأرض خلال فترة استغلال المطعون ضدهم لها وطلب ندب خبير لتحقيق ذلك فإن الحكم المطعون فيه - إذ لم يجبه إلى هذا الطلب وألزمه برد الثمن كاملاً مع أن فسخ العقد يقتضي إعادة الطرفين إلى الحالة التي كانا عليها قبل إنشائه - يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأنه وإن كان يترتب على انفساخ عقد البيع أن يعاد العاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فيرد المشتري المبيع وثماره إذا كان قد تسلمه ويرد البائع الثمن وفوائده إلا أن استحقاق البائع لثمار المبيع يقابله استحقاق المشتري لفوائد الثمن وتحصل المقاصة بينهما بقدر الأقل منهما وإذ كان المطعون ضدهم قبل طلبوا فسخ العقد واقتصروا على طلب رد الثمن دون الفوائد فإنه وقد استحال على الطاعن تنفيذ التزامه بنقل ملكية هذا المبيع فإنه ملزم أمام المشتري برد الثمن المقابل للمبيع بصرف النظر عن التزام المشتري بثماره التي تقابل فوائد الثمن ولذلك يكون طلب الطاعن خصم ما زاد من قيمة الثمار على فوائد الثمن المستحقة للمشتري من الثمن الذي طالب المطعون ضدهم برده هو طلب بإجراء المقاصة القضائية بين ما هو مستحق عليه من الثمن وما هو مستحق له من الثمار - وهذه المقاصة لا تكون إلا بدعوى أصلية أو في صورة طلب عارض يقدمه المدعى عليه رداً على دعوى خصمه طبقاً للمادة 152 من قانون المرافعات وإذ كان الطاعن لم يبد هذا الطلب إلا أمام محكمة الاستئناف فإنه حتى إذا اعتبر هذا الطلب منه طلباً عارضاً فإنه يكون غير مقبول لإبدائه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ومن ثم فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه كما أنه إذ كان طلب ندب الخبير لتقدير المنفعة التي عادت على المشترين غير مجد في الدعوى لما سلف بيانه فإن النعي بإغفال الحكم الرد عليه يكون غير منتج.
وحيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن برمته غير سديد متعيناً رفضه.

الطعن 684 لسنة 11 ق جلسة 4 / 1 / 1969 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 26 ص 202

جلسة 4 من يناير سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد ظاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي المستشارين.

---------------

(26)

القضية رقم 684 لسنة 11 القضائية

قانون "نفاذه" 

- ينفذ من التاريخ المحدد فيه للعمل به ولو لم تصدر لائحته التنفيذية إلا إذا نص صراحة على غير ذلك أو كان تنفيذه متعذراً بدون الأحكام التفصيلية التي يراد للائحة أن تتضمنها - مثال.

-------------------
إن الرأي السائد فقهاً وقضاء أن القانون ينفذ من التاريخ المحدد فيه للعمل بأحكامه، ولو تضمنت نصوصه دعوة إلى السلطة التنفيذية لإصدار لائحة تنفيذية له، إلا إذا نص القانون صراحة على غير ذلك، أو كان تنفيذ القانون متعذراً بدون الأحكام التفصيلية التي يراد للائحة التنفيذية أن تتضمنها. ويبين من مراجعة القانون رقم 10 لسنة 1956 في شأن الملاحة الداخلية أنه نص في مادته 12 على ما يأتي: "مع مراعاة ما جاء في المادة الأولى لا يجوز استعمال مراكب للتعدية العامة أو الخاصة لنقل الركاب أو البضائع أو الحيوانات من شاطئ إلى آخر أو استعمال مراكب لنقل الركاب في خطوط منتظمة إلا بعد الحصول على ترخيص خاص في ذلك وتحصل إتاوة عن الترخيص بالمعديات العامة أو مراكب نقل الركاب في خطوط منتظمة تحدد عن طريق مزايدة عامة وتضاف هذه الإتاوة.. وتختص إدارة الملاحة الداخلية بإجراء المزايدة وبإعطاء الترخيص المنصوص عليه في الفقرة الأولى فيما عدا المعديات ومراكب نقل الركاب في الخطوط المنتظمة التي تعمل داخل حدود اختصاص مجلس بلدى القاهرة فيختص بإجراء المزايدة وبإعطاء الترخيص وتحصيل الإتاوة، ويصدر بشروط هذا الترخيص وبتنظيم كيفية إعطائه وبإجراءات المزايدة قرار من وزير الأشغال العمومية أو من وزير الشئون البلدية والقروية حسب الأحوال "ولما كانت الأحكام المشار إليها في شأن التراخيص الخاصة بتسيير مراكب نقل الركاب في خطوط منتظمة قد اقتصرت على النص على أن تحدد الإتاوة عن طريق مزايدة عامة ولم تتناول تحديد شروط التراخيص، سواء كانت دائمة أو مؤقتة، ومدتها، وكيفية إعطائها، وإجراءات المزايدة بل ترك تنظيمها إلى لائحة تصدر بقرار من وزير الأشغال أو من وزير الشئون البلدية والقروية حسب الأحوال فمن ثم فإن الأحكام التي نص عليها القانون تكون متعذرة التنفيذ بذاتها ولا تكون قابلة للتطبيق إلا بعد أن تصدر اللائحة التنفيذية التي تتضمن الأحكام التفصيلية والمكملة للأحكام الواردة في القانون، وعلى ذلك فلا يعمل بأحكام القانون في شأن استعمال مراكب لنقل الركاب في خطوط منتظمة إلا من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية للقانون، ولا تكون هناك إتاوة مستحقة على هذا النوع من الاستغلال إلا بالنسبة إلى التراخيص التي تمنح في ظل اللائحة المشار إليها وطبقاً للأحكام الواردة بها، وقد أصدر وزير الأشغال اللائحة التنفيذية للقانون بقراره رقم 9100 لسنة 1957 الصادر بتاريخ 19 من أغسطس سنة 1957 والذي عمل به اعتباراً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
وأما بالنسبة إلى ما ورد في المادة السابعة والثلاثين من الأحكام الانتقالية الواردة في ذلك القرار والتي يجرى نصها على الوجه الآتي: "تعتبر الخطوط المنتظمة لنقل الركاب الحالية مرخصاً بها مؤقتاً من تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1956 المشار إليه إلى تاريخ العمل بهذا القرار، فلا يمكن أن تغير من وجهة النظر المتقدمة، ذلك لأن المقصود منها هو إضفاء المشروعية على تصرف جهة الإدارة بالسماح باستغلال مراكب في خطوط منتظمة في المدة من تاريخ العمل بالقانون حتى تاريخ نفاذ اللائحة التنفيذية دون أن يتعدى هذا الأثر إلى فرض الإتاوة المنصوص عليها في هذا القرار على المدة السابقة على تاريخ العمل به وإلا كان في ذلك إعمال لأحكام القرار بأثر رجعي وهو ما لا يجوز إلا بقانون. ويترتب على ذلك أنه ما لم تتضمن التصاريح أو الاتفاقات المبرمة بين مستغلي الخطوط الملاحية وجهة الإدارة في المدة السابقة على تاريخ العمل باللائحة التنفيذية، الاتفاق على إتاوة أو جعل أو فريضة مقابل الاستغلال، فإنه لا يحل لجهة الإدارة اقتضاء مبالغ من هذا القبيل من مستغلي الخطوط الملاحية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تخلص، حسبما يبين من الأوراق، في أن المدعيين أقاما الدعوى رقم 60 لسنة 15 القضائية ضد وزارة النقل والهيئة العامة لشئون النقل المائي الداخلي، بعريضة أودعاها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 22 من أكتوبر سنة 1960، طالبين الحكم بإلغاء القرار الصادر من جهة الإدارة باتخاذ المزايدة التي أجريت في سنة 1959 أساساً للحساب عن الإتاوة المستحقة عليهما في السنوات السابقة، وقال شرحاً لدعوييهما إن الهيئة العامة لشئون النقل المائي الداخلي أعلنتهما بأنه بمقتضى التراخيص المؤقتة الصادرة لهما ولآخرين في المدة من أول يناير سنة 1957 إلى 30 من إبريل سنة 1960 بتسيير مراكب آلية لنقل الركاب في خط منتظم بين الأقصر وأرمنت وبالعكس، أصبح مستحقاً عليهما للهيئة بالتضامن مع باقي المرخص لهم مبلغ 13958 جنيهاً 335 مليماً تطبيقاً للمادتين 35، 37 من القرار الوزاري رقم 9100 لسنة 1957، بعد أن تحددت الإتاوة التي صدر بها الترخيص النهائي في المزايدة التي أجريت سنة 1959 بمبلغ 3350 ج سنوياً، ثم أوقعت الهيئة حجوزاً إدارية على بعض أموالهما، فأنذر المدعيان الهيئة بأن القانون رقم 10 لسنة 1956 ليس له أثر رجعي ولذلك لا يجوز الاتفاق على تقرير الرجعية لنصوصه، خاصة وأن الإقرارات التي وقع عليها المدعيان أخذت بطريق الإكراه المعنوي والأمر الإذعاني، كما أن القانون لم ينص على التضامن وبالتالي فإن التضامن الذي تريد الهيئة تطبيقه في حقهما أمر لا يقره القانون، وطلب المدعيان إلى الهيئة الامتناع عن اتخاذ أي إجراء من إجراءات التنفيذ لتحصيل المبالغ التي تدعيها، ولما لم ترد الهيئة على الإنذار مما يعتبر رفضاً منها لإبراء ذمتهما فقد أقاما الدعوى بتلك الطلبات.
ردت الهيئة على الدعوى بمذكرة دفعت فيها بعدم قبول الدعوى شكلاً مؤسسة ذلك على أن دعوى الإلغاء لا توجه إلى العقود، وعلى ذلك فإن الدعوى تكون غير مقبولة لأنها تتعلق بعقد إداري ويدخل النظر فيها في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري باعتباره صاحب الولاية الكاملة في المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية. وأما بالنسبة إلى الموضوع فقالت إنه تنفيذاً لأحكام القانون رقم 10 لسنة 1956 بشأن تنظيم الملاحة الداخلية أصدر وزير الأشغال القرار رقم 9100 لسنة 1957 المعمول به اعتباراً من 31 من أكتوبر سنة 1957، وقد نصت المادة 35 منه على أن تصدر إدارة الملاحة الداخلية تراخيص مؤقتة لتسيير مراكب آلية لنقل الركاب في خطوط منتظمة لمدة ثلاثة أشهر، ويلتزم المرخص له مقابل هذا الاستغلال أداء إتاوة تقدر بربح قيمة الإتاوة السنوية التي يصدر بها الترخيص النهائي، ويجوز تجديد الترخيص لمدد أخرى مماثلة، كما نصت المادة 37 من القرار على أن تعتبر الخطوط المنتظمة لنقل الركاب الحالية مرخصاً بها مؤقتاً من تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1956 إلى تاريخ العمل بالقرار ونصت المادة 12 على أنه إذا صدر الترخيص لأكثر من شخص كان جميع المرخص لهم متضامنين في تنفيذ شروطه، وقد تبينت الهيئة أن...... المدعيين يقومان مع آخرين بتسيير مراكب لنقل الركاب في خط منتظم بين الأقصر وأرمنت من أول مارس سنة 1956 فطبقت عليهما نص المادة 37 من القرار الوزاري كما منحتهما بناء على طلبهما تراخيص مؤقتة لإدارة الخط ظلت تتجدد حتى نهاية إبريل سنة 1960، ونظراً لأن المزايدة التي أجريت في 22 من نوفمبر سنة 1959 رست بمبلغ 3330 ج سنوياً فقد قامت بمحاسبة المدعيين على أساس الأحكام الواردة في الترخيص المؤقت الصادر لهما والأحكام الواردة في القرار الوزاري فبلغت جملة المطلوب منهما ومن باقي المرخص لهم مبلغ 13958 جنيهاً و335 مليماً وانتهت المدعى عليها إلى القول بأنها طبقت القانون والعقد تطبيقاً سليماً ومن ثم تكون الدعوى على غير أساس.
عقب المدعى عليهما على دفاع جهة الإدارة بأن القانون رقم 10 لسنة 1956 نص على ألا يصدر بشروط الترخيص وبكيفية إعطائه وبإجراءات المزايدة قرار من وزير الأشغال، ولم يعمل بالقرار الذي أصدره وزير الأشغال إلا من 31 من أكتوبر سنة 1957، ومؤدى ذلك ألا يبدأ العمل بالقانون إلا من هذا التاريخ، وتكون مطالبتهما بالإتاوة عن المدة السابقة على ذلك التاريخ على غير أساس من القانون، أما بالنسبة إلى المدة اللاحقة ليوم 30 من أكتوبر سنة 1957 فقال المدعيان إن التراخيص المؤقتة لا سند لها من القانون رقم 10 لسنة 1956 فقد نص هذا القانون على أن تصدر التراخيص لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد وتحدد الإتاوة عن طريق المزايدة، ولم يتصور المشرع أن يتم التحديد النهائي للإتاوة إلا خلال ثلاثة أشهر على الأكثر، لذلك أجاز إصدار التراخيص المؤقتة لهذه المدة، فإذا ما تراخت جهة الإدارة في إجراء المزايدة إلى سنة 1959 أو إلى سنة 1960 فإنها تسأل وحدها عن تراخيها، خاصة وأن الأحوال الاقتصادية تختلف من زمان إلى آخر، وقد زادت حركة الخط النهري في المدة الأخيرة نتيجة لسياسة التصنيع والحكم المحلي ورفع مستوى المعيشة في البلاد، فلا يستساغ على ذلك المحاسبة عن إتاوة مستحقة في سنة 1957 على أساس مزايدة أجريت بعد ذلك التاريخ، كما أن المزايدة المشار إليها قامت على أساس - الاحتكار أما الوضع فيما قبل ذلك فقد كان خاضعاً للمنافسة ويضاف إلى ذلك كله أن القرار الوزاري نص على تضامن المستغلين رغم أن لكل منهم مركبه الخاص ولكل منهم مصالح متعارضة، وانتهى المدعيان إلى المطالبة بإلغاء القرار واحتساب الإتاوة عن المدة اللاحقة ليوم 31 من أكتوبر سنة 1957 على أساس الحالة في حينها لا وفقاً للمزايدة الأخيرة وبدون تضامن بين المدعين وبين غيرهم من المرخص لهم في ذات الخط الملاحي مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه بجلسة 25 من إبريل سنة 1965 حكمت المحكمة برفض الدعوى وبإلزام المدعيين المصروفات، وأقامت قضاءها برفض الدفع بعدم قبول الدعوى على أن المنازعة تتعلق بالعقد المبرم بين المدعيين وجهة الإدارة ومضمونه تسيير خط ملاحي منتظم بين الأقصر وأرمنت وهو عقد توافرت فيه خصائص العقود الإدارية، ولذلك فإن ولاية المحكمة تمتد إلى نظر المنازعة، وأما بالنسبة إلى الموضوع، فقالت المحكمة إنه تنفيذاً لأحكام القانون رقم 10 لسنة 1956 الذي بدأ العمل به من تاريخ نفاذ لائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الأشغال رقم 9100 لسنة 1957، بادرت جهة الإدارة المدعى عليها إلى أخذ إقرارات من المدعيين تفيد تسييرهم مراكب آلية في خط منتظم بين الأقصر وأرمنت وبالعكس في الفترة الزمنية التي تقع بين تاريخ صدور القانون والعمل بلائحته التنفيذية، ثم بدأت تمنحهما سواء بمفردها أو مع آخرين تراخيص مؤقتة لمدة ثلاثة أشهر ظلت تتحدد حتى نهاية إبريل سنة 1959 وقد نص فيها على أن الإتاوة المقررة تقدر بربع قيمة الإتاوة السنوية التي يصدر بها الترخيص النهائي لتسيير الخط الملاحي المشار إليه، ثم رست مزايدة استغلال الخط بإتاوة سنوية قدرها 3350 جنيهاً سنوياً على آخرين منحوا الترخيص في أول مايو سنة 1960، ولما كان الاتفاق الذي أبرمته جهة الإدارة مع المدعيين على سداد إتاوة تقدر بربع قيمة الإتاوة السنوية التي يصدر بها الترخيص النهائي قد تم تنفيذاً لأحكام القانون ولائحته التنفيذية، ويضاف إلى ذلك أن قواعد العدالة المطلقة لا تجيز لأي شخص أن يثرى على حساب الغير سواء كان شخصاً طبيعياً أو معنوياً، وكان المدعيان قد استغلا الخط الملاحي في المدة من أول يناير سنة 1957 حتى 30 من إبريل سنة 1960 دون أن يسددا إتاوة عن هذا الاستغلال، فمن ثم فإنه يستحق عليهما الإتاوة التي تطالبهما بها جهة الإدارة دون أن يحتج على ذلك بأن العقد المشار إليه تضمن شروطاً إذعانية ذلك لأن طابع العقود الإدارية أن تتضمن شروطاً من هذا النوع، وكان في وسع المدعيين عدم الارتباط بذلك العقد ومن ثم فإن دعوييهما تكون على غير أساس حقيقة بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ذلك لأنه بالرغم من أن الحكم سلم بأنه لم يعمل بالقانون رقم 10 لسنة 1956 في شأن الملاحة الداخلية إلا من تاريخ العمل بلائحته التنفيذية في 31 من أكتوبر سنة 1957 فإنه انتهى إلى إلزام الطاعنين بالإتاوة عن المدة السابقة على ذلك التاريخ، واستند في ذلك إلى قواعد العدالة والإثراء على حساب الغير، مع أن تطبيق هذه القاعدة الأخيرة يقتضي أن تلحق خسارة بإحدى الذمم، والحال غير ذلك، فالدولة لم تخسر شيئاً نتيجة قيام الطاعنين باستغلال الخط الملاحي في المدة السابقة على نفاذ القانون، ذلك لأن الأصل في استعمال المرافق العامة أن يكون مجانياً ما لم يقض القانون بغير ذلك، ولما كانت الإتاوة لم تفرض إلا من تاريخ العمل بذلك القانون أي من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية فمن ثم فلا تكون الإتاوة مستحقة على المدة السابقة على ذلك وأما بالنسبة إلى المدة اللاحقة لنفاذ اللائحة التنفيذية فقد نص القانون على أن تحدد الإتاوة عن طريق المزايدة، والمقصود بذلك أن تتم المزايدة قبل الحصول على الترخيص، ذلك لأنه يجب أن يكون التزام المرخص له محدداً وواضحاً عند البدء في المشروع أو على الأقل، يكون قابلاً للتحديد ويضاف إلى ذلك أن الإدارة أخطأت خطأ جسيماً بتأجيلها منح الترخيص النهائي لمدة امتدت إلى عدة سنوات تغيرت الحالة الاقتصادية خلالها، الأمر الذي يستوجب أن يكون تقدير الإتاوة المستحقة حسب الحالة في حينها وليس على أساس المزايدة التي أجريت، هذا والحكم المطعون فيه لم يتعرض لما نعاه الطاعنان على التضامن، فالتضامن لا يترتب بلائحة بل يجب أن يقرر بنص في تشريع ولا يجوز الاحتجاج بوروده في الإقرار الصادر من الطاعنين في شهر نوفمبر سنة 1957 لأن هذا الإقرار ليس عقداً إدارياً كما ذهبت إلى ذلك المحكمة، كما أنه لم يرد فيه نص على التضامن حتى يحتج بذلك على الطاعنين، وإنما هو إجراء من إجراءات الترخيص، وشرط فرض عليهما للحصول على الترخيص المؤقت بالاستغلال.
ومن حيث إن الرأي السائد فقهاً وقضاء أن القانون ينفذ من التاريخ المحدد فيه للعمل بأحكامه، ولو تضمنت نصوصه دعوة إلى السلطة التنفيذية لإصدار لائحة تنفيذية له، إلا إذا نص القانون صراحة على غير ذلك، أو كان تنفيذ القانون متعذراً بدون الأحكام التفصيلية التي يراد للائحة التنفيذية أن تتضمنها.
ومن حيث إنه يبين من مراجعة القانون رقم 10 لسنة 1956 في شأن الملاحة الداخلية أنه نص في مادته 12 على ما يأتي: "مع مراعاة ما جاء في المادة الأولى لا يجوز استعمال مراكب للتعدية العامة أو الخاصة لنقل الركاب أو البضائع أو الحيوانات من شاطئ إلى آخر أو استعمال مراكب لنقل الركاب في خطوط منتظمة إلا بعد الحصول على ترخيص خاص في ذلك وتحصل إتاوة عن الترخيص بالمعديات العامة أو مراكب نقل الركاب في خطوط منتظمة تحدد عن طريق مزايدة عامة وتضاف هذه الإتاوة... وتختص إدارة الملاحة الداخلية بإجراء المزايدة وبإعطاء الترخيص المنصوص عليه في الفقرة الأولى فيما عدا المعديات ومراكب نقل الركاب في خطوط منتظمة التي تعمل داخل حدود اختصاص مجلس بلدى القاهرة فيختص بإجراء المزايدة وبإعطاء الترخيص وتحصيل الإتاوة ويصدر بشروط هذا الترخيص وبتنظيم كيفية إعطائه وبإجراءات المزايدة قرار من وزير الأشغال العمومية أو من وزير الشئون البلدية والقروية حسب الأحوال". ولما كانت الأحكام المشار إليها في شأن التراخيص الخاصة بتسيير مراكب نقل الركاب في خطوط منتظمة قد اقتصرت على النص على أن تحدد الإتاوة عن طريق مزايدة عامة ولم تتناول تحديد شروط التراخيص، سواء كانت دائمة أو مؤقتة، ومدتها، وكيفية إعطائها، وإجراءات المزايدة بل ترك تنظيمها إلى لائحة تصدر بقرار من وزير الأشغال أو من وزير الشئون البلدية والقروية حسب الأحوال فمن ثم فإن الأحكام التي نص عليها القانون تكون متعذرة التنفيذ بذاتها ولا تكون قابلة للتطبيق إلا بعد أن تصدر اللائحة التنفيذية التي تتضمن الأحكام التفصيلية والمكملة للأحكام الواردة، وعلى ذلك فلا يعمل بأحكام القانون في شأن استعمال مراكب لنقل الركاب في خطوط منتظمة إلا من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية للقانون، ولا تكون هناك إتاوة مستحقة على هذا النوع من الاستغلال إلا بالنسبة إلى التراخيص التي تمنح في ظل اللائحة المشار إليها وطبقاً للأحكام الواردة بها، وقد أصدر وزير الأشغال اللائحة التنفيذية للقانون بقراره رقم 9100 لسنة 1957 الصادر - بتاريخ 19 من أغسطس سنة 1957 والذي عمل به اعتباراً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
وأما بالنسبة إلى ما ورد في المادة السابعة والثلاثين من الأحكام الانتقالية الواردة في ذلك القرار التي يجرى نصها على الوجه الآتي: "تعتبر الخطوط المنتظمة لنقل الركاب الحالية مرخصاً بها مؤقتاً من تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1956 المشار إليه إلى تاريخ العمل بهذا القرار، فلا يمكن أن تغير من وجهة النظر المتقدمة، ذلك لأن المقصود منها هو إضفاء المشروعية على تصرف جهة الإدارة بالسماح باستغلال مراكب في خطوط منتظمة في المدة من تاريخ العمل بالقانون حتى تاريخ نفاذ اللائحة التنفيذية دون أن يتعدى هذا الأثر إلى فرض الإتاوة المنصوص عليها في هذا القرار على المدة السابقة على تاريخ العمل به وإلا كان في ذلك إعمال لأحكام القرار بأثر رجعي وهو ما لا يجوز إلا بقانون.
ومن حيث إنه يترتب على ذلك أنه ما لم تتضمن التصاريح أو الاتفاقات المبرمة بين مستغلي الخطوط الملاحية وجهة الإدارة في المدة السابقة على تاريخ العمل باللائحة التنفيذية، الاتفاق على إتاوة أو جعل أو فريضة مقابل الاستغلال فإنه لا يحق لجهة الإدارة اقتضاء مبالغ من هذا القبيل من مستغل الخطوط الملاحية.
ومن حيث إنه يتضح من مراجعة صورة كتاب مدير الإدارة العامة للملاحظة المؤرخ 31 من أغسطس سنة 1964 والذي قدمته إدارة قضايا الحكومة إلى المحكمة بجلسة 21 من فبراير سنة 1965 ومن حافظة مستندات الحكومة رقم 4 دوسيه أنه لم يصدر إلى الطاعنين ترخيص بتسيير الخط الملاحي في المدة السابقة على 31 من أكتوبر سنة 1957 وإنما حصلت إدارة الملاحظة من الطاعنين على إقرارين أولهما مقدم من السيد أبو المجد سالم بتاريخ 5 من نوفمبر سنة 1957 ويجري نصه على الوجه الآتي: "أقر أنا الحاج أبو المجد سالم بأرمنت الحيط مركز أرمنت مديرية قنا بأننا نقبل تسيير مراكب لنقل الركاب في خطوط منتظمة على النيل من الأقصر إلى أرمنت وبالعكس وذلك ابتداء من أول مارس سنة 1956 إلى آخر أكتوبر سنة 1957 ونتعهد بقبولنا الحصول على ترخيص مؤقت طبقاً لأحكام المادة 5 من القرار رقم 9100 لسنة 1957 في شأن تسيير مراكب لنقل الركاب في خطوط منتظمة وبالشروط المقررة في هذا الترخيص المؤقت".. ومؤشر في نهاية الإقرار بالعبارة الآتية "ملحوظة تشغيل الخط المشار إليه بالإقرار عاليه هو بالاشتراك مع كل من السادة: سويمه متاذوس ومحمد إبراهيم عياد وزكرى باخوم والحاج علي بعدى موسى، وموقع عليها من المقر، والثاني، مقدم من السيد/ محمد إبراهيم عياد بتاريخ 26 من نوفمبر سنة 1957 ويجرى نصه على الوجه الآتي " أقرر أنا الموقع على هذا محمد إبراهيم عياد من الأقصر مديرية قنا أنني كنت أقوم بتسيير الرفاص رقم 304 ج الشيخ سليم في نقل الركاب في خط منتظم بين الأقصر وأرمنت ابتداء من 1/ 3/ 1956 لغاية المدة على أساس العطاء الذي يتم الترخيص بتسيير هذه الخطوط أو لخلافه وأن أقوم بسداد المستحق عن هذه المدة بمجرد طلب بمعرفة إدارة الملاحة" (مستند رقم 1، 2 الحافظة المشار إليها".
ومن حيث إن الإقرارين المشار إليهما لم يتضمنا اتفاقاً واضحاً على إتاوة معينة أو جعلاً أو مقابلاً يستحق لجهة الإدارة عن قيام المقرين باستغلال الخط الملاحي، ذلك لأن الإقرار الأول قاطع في الدلالة على أن تعهد المقر ينصب على التزامه بالحصول على ترخيص مؤقت في المدة التالية لآخر أكتوبر سنة 1957، أما الإقرار الثاني فهو وإن تضمن أن المقر يذكر أنه يسير الخط على أساس العطاء الذي يتم الترخيص بتسيير الخطوط وسداد المستحق عليه عن هذه المدة، فإنه لم يتضمن اتفاقاً أو التزاماً بدفع أي مقابل محدد أو قابل للتحديد، كما أنه لم يتضمن قبول المقر العمل بأحكام القرار رقم 9100 لسنة 1957 في المدة السابقة على نفاذه بما يمكن أن يستخلص منه أو يقبل أداء المقابل عن الاستغلال السابق على الأساس المبين بذلك القرار، ويترتب على ذلك كله أن الإقرارين المشار إليهما لم يتضمنا اتفاقاً على الالتزام بدفع مبالغ معينة نظير استغلال الخط الملاحي في المدة من 1 من مارس سنة 1956 حتى 31 من أكتوبر سنة 1957 ومن ثم فلا تكون جهة الإدارة محقة في مطالبتهما بالإتاوة التي حددها القرار رقم 9100 لسنة 1957 عن تلك المدة.
ومن حيث إنه لا اعتداد في هذا الشأن بما استند إليه الحكم المطعون فيه من أن قواعد العدالة والإثراء بلا سبب توجب إلزام المدعيين بالإتاوة نظير قيامهما باستغلال الخط الملاحي في المدة السابقة على تاريخ العمل باللائحة التنفيذية، ذلك لأن المشرع لم يفرض الإتاوة على هذا النوع من الاستغلال إلا من تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1956 المشار إليه، وهو لم يعمل به إلا من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية على النحو السالف بيانه، ومن ثم فإن هذا النوع من الاستغلال لم تكن تستحق عنه إتاوة قبل ذلك التاريخ وبذلك يتخلف مناط تطبيق قاعدة الإثراء بلا سبب لأن شرط الافتقار بالنسبة إلى الجهة الإدارية غير متوفر إذ لا يتصور قيامه إلا حيث يثبت استحقاقها للإتاوة التي حرمها منها المستغل ولا أحقية لها في شيء من ذلك ما دامت الإتاوة لا يمكن فرضها إلا من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية على ما سلف البيان.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى المدة اللاحقة لتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1957 والتي كان الطاعنان يستغلان فيها الخط الملاحي مع آخرين بموجب تراخيص مؤقتة صدرت وفقاً للأحكام المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية، فقد أصاب الحكم المطعون فيه في قضائه برفض دعوى المدعيين بالنسبة إلى هذا الشق من الدعوى للأسباب التي بني عليها ومحصلها، أن التراخيص المؤقتة التي وقعها الطاعنان قد نصت على التزامهما بسداد الإتاوة المتفق عليها فيها والتي تحددت عن كل ترخيص بربع قيمة الإتاوة التي تحدد للترخيص النهائي عن طريق مزايدة عامة، وبتضامنهما مع باقي المرخص لهم في تشغيل ذلك الخط الملاحي، ومن ثم تكون جهة الإدارة محقة في مطالبتهما بالمبالغ المستحقة عليهما وفقاً لتلك الشروط بالتضامن مع باقي المرخص لهم في ذلك الخط الملاحي، دون اعتداد بما أثاره الطاعنان من أن جهة الإدارة تراخت في إجراء المزايدة أو أن التراخيص حوت شروطاً إذعانية، ذلك لأن.. الشروط التي تضمنتها التراخيص المؤقتة هي من الشروط التي تتضمنها العقود الإدارية عادة، والثابت من الاطلاع على الأوراق أن تلك التراخيص كانت تجدد كل ثلاثة أشهر بذات الشروط بناء على طلبات مكتوبة يتقدم بها الطاعنان إلى إدارة الملاحة الداخلية عند انتهاء مدة الترخيص، بما يفيد في ذاته رغبتهما في إجراء التجديد وموافقتهما على الشروط التي تضمنتها تلك التراخيص.
ومن حيث إنه يتضح من كل ما تقدم أن الحكم المطعون فيه أصاب الحق في قضائه بالنسبة إلى هذا الشق من الدعوى، وأنه أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه عندما قضى برفض دعوى الطاعنين إبراء ذمتهما من الإتاوة التي تطالبهما بها جهة الإدارة عن المدة من أول مارس سنة 1956 حتى 31 من أكتوبر سنة 1957، لذلك فإنه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب المدعيين إبراء ذمتهما من الإتاوة المستحقة عن المدة السابقة على 31 من أكتوبر سنة 1957 على الوجه المبين بالأسباب وألزمت المطعون ضدهما بالمصروفات المناسبة وتأييد الحكم فيما عدا ذلك.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب المدعيين إبراء ذمتهما عن الإتاوة المستحقة عن المدة السابقة على 31 من أكتوبر سنة 1957 على الوجه المبين بالأسباب وألزمت المطعون ضدهما بالمصروفات المناسبة وبتأييد الحكم فيما عدا ذلك.