الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 21 يوليو 2023

الطعن 136 لسنة 34 ق جلسة 22 / 2 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 52 ص 338

جلسة 22 من فبراير سنة 1968

برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

----------------

(52)
الطعن رقم 136 لسنة 34 القضائية

(أ) نقض "أسباب الطعن" "أسباب يخالطها واقع". دعوى "الدفع بعدم قبول الدعوى".
الدفع بعدم قبول الدعوى أمام محكمة الموضوع على أساس أن رافع الدعوى ليس لديه توكيل خاص بالتقاضي دون التعرض لأثر الحراسة المدعي - في سبب الطعن - بفرضها دفاع يخالطه واقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ب) حكم "إصدار الأحكام". "التوقيع على مسودة الحكم".
وجوب توقيع الرئيس والقضاة على مسودة الحكم المشتملة على أسبابه. تعدد توقيعاتهم بتعدد أوراق المسودة لا يلزم.
(ج) حكم "إصدار الأحكام باسم الأمة".
مسودة الحكم لا تغني عن كتابة نسخة الحكم الأصلية. اعتبار نسخ الحكم الأصلية هي أصل ورقة الحكم. وجوب إصدار الأحكام باسم الأمة ينصرف إلى نسخة الحكم الأصلية.

-------------------
1 - إذا كانت الشركة الطاعنة قد حصرت أساس دفعها بعدم قبول الدعوى أمام محكمة الموضوع في أن رافع الدعوى ليس لديه توكيل خاص بالتقاضي ولم تعرض لواقعة الحراسة المدعي - في سبب الطعن - بفرضها على الموكل وأثرها على هذا التوكيل فإنه لا يقبل من الشركة الطاعنة أن تثير هذا الدفاع - وهو ما يخالطه واقع - لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - إذ أوجبت المادة 346 من قانون المرافعات توقيع الرئيس والقضاة على مسودة الحكم المشتملة على أسبابه فإنها لم تشترط تعدد توقيعاتهم بتعدد أوراق المسودة وذلك اعتباراً بأن تلك المسودة مهما تعددت أوراقها وحدة واحدة فيكفي التوقيع في نهاية الأسباب.
3 - إن كل ما تطلبه المشرع في مسودة الحكم - على ما نص عليه في المادة 346 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 - أن تكون مشتملة على أسبابه وموقعاً عليها من الرئيس والقضاة عند النطق بالحكم. وهذه المسودة - كما جاء بالمذكرة التفسيرية لقانون المرافعات - لا تغني عن كتابة نسخة الحكم الأصلية التي يوجب القانون أن تشتمل على بيانات خاصة كثيرة ذكرها، وبهذا أفصح المشرع عن أن نسخة الحكم الأصلية هي أصل ورقة الحكم، وإذ كان ذلك فإن ما نص عليه الدستور من وجوب إصدار الأحكام باسم الأمة ينصرف إلى ما اعتبره المشرع أصل ورقة الحكم وهو نسخة الحكم الأصلية ولا يغير من ذلك أن المشرع قد أجاز للمحكمة أن تأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلان في الأحوال المنصوص عليها في المادة 464 من قانون المرافعات لأن ذلك استثناء من القواعد العامة ليس من شأنه أن يجعل المسودة هي النسخة الأصلية للحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته وكيلاً عن شركة "دور سينما الكوزمو الأمريكي" وشركة "شوكولاتة بولان" الفرنسيتين أقام على الشركة الطاعنة وباقي المطعون ضدهم الدعوى رقم 8 لسنة 1961 تجاري كلي القاهرة طالباً الحكم أولاً باعتبار أجرة المحال الكائنة في داري سينما الكوزمو بالقاهرة والإسكندرية والمؤجرة من الشركة الطاعنة إلى المطعون ضدهم من الثاني إلى الأخير أصبحت منذ أول سبتمبر سنة 1959 من حقه وثانياً بإلزام مستأجري تلك المحال بأن يدفعوا له الأجرة المستحقة على كل منهم من أول سبتمبر سنة 1959 إلى أول نوفمبر سنة 1960. وقال بياناً للدعوى إن الشركتين اللتين يمثلهما يملكان داري سينما الكوزمو في القاهرة والإسكندرية وأنهما كانتا قد أجرتاها إلى الشركة الطاعنة وبمقتضى العقد المؤرخ 26 يناير سنة 1948 التزمت الشركة الطاعنة بإعادة بناء دار السينما بالقاهرة وأنه مقابل ذلك يكون من حقها أن تؤجر من باطنها المخازن والمستودعات والبوفيهات والمكاتب والفترينات الكائنة بداري السينما على أن تدفع لهما 25% من قيمة أجرتها في الفترة من أول يناير سنة 1948 إلى 31 أغسطس سنة 1951 و30% من قيمة تلك الأجرة في المدة من أول سبتمبر سنة 1951 إلى 31 أغسطس سنة 1959 وتصبح الأجرة كلها بعد ذلك من حقهما. وإذ كانت الشركة الطاعنة قد رفضت رغم إنذارها تحويل عقود إيجار تلك المحال إلى الشركتين المالكتين والتنبيه على المستأجرين بدفع الأجرة إليهما بعد أن أصبحت من حقهما ابتداء من أول سبتمبر سنة 1959 فقد اضطر لإقامة الدعوى عليها بطلباته سالفة الذكر. وبتاريخ 3 إبريل سنة 1963 قضت محكمة القاهرة الابتدائية بأحقية المدعي بصفته "المطعون ضده الأول" لقيمة أجور المحال المؤجرة من الشركة الطاعنة إلى باقي المطعون ضدهم في مبنى سينما كوزمو بالقاهرة ومبنى سينما كوزمو بالإسكندرية وذلك ابتداء من أول سبتمبر سنة 1959. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 306 لسنة 80 ق طالبة الحكم ببطلان الحكم المستأنف وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل فيها مجدداً واحتياطياً بإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة ومن باب الاحتياط رفضها. وبتاريخ 31 ديسمبر لسنة 1963 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. وبتقرير مؤرخ 29 فبراير سنة 1964 طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضده الرابع لعدم إعلانه بالطعن وأبدت فيها الرأي باستيفاء الشكل بالنسبة لباقي المطعون ضدهم وطلبت الحكم برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الدفع ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضده الرابع صحيح ذلك أن الطعن رفع في 29 فبراير سنة 1964 وقد أدركه قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 قبل أن يعرض على دائرة فحص الطعون. ولما كانت المادة الثالثة من هذا القانون الذي عمل به من تاريخ نشره في 22 يوليه سنة 1965 قد أوجبت اتباع الإجراءات التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص الطعون، وكانت المادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 لسنة 1955 الذي أنشأ دوائر فحص الطعون قد أوجبت على الطاعن أن يعلن الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن وإلا كان الطعن باطلاً وكان مقتضى نص الفقرة الثانية من المادة 3 من القانون رقم 43 لسنة 1965 ونص المادة 11 من قانون إصداره والمادة الأولى من قانون المرافعات أن ميعاد الخمسة عشر يوماً الذي يجب على الطاعن إعلان هذا الطعن خلاله يبدأ من 22 يوليه لسنة 1965 تاريخ نشر القانون رقم 43 لسنة 1965. وإذ كانت أوراق الطعن قد خلت مما يثبت قيام الشركة الطاعنة بإعلان المطعون ضده الرابع في ذلك الميعاد وحتى انقضى الميعاد المنصوص عليه في القانون رقم 4 لسنة 1967 وهو خمسة عشر يوماً تبدأ من 11 مايو سنة 1967، فإنه يتعين إعمال الجزاء المنصوص عليه في المادة 431 من قانون المرافعات، والقضاء ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضده الرابع. وإذ كان الموضوع الذي صدر فيه الحكم المطعون فيه مما يقبل التجزئة فإن أثر هذا البطلان لا يمتد إلى باقي المطعون ضدهم.
وحيث إن الطعن بالنسبة لباقي المطعون ضدهم قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب تعنى الشركة الطاعنة في أولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيان ذلك تقول إنها كانت قد دفعت الدعوى بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة تأسيساً على أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى نيابة عن الشركتين المالكتين وهو غير مزود بتوكيل صحيح يخول له حق التقاضي نيابة عنهما ولكن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع بمقولة إن المطعون ضده الأول أودع ملف الدعوى توكيلاً صادراً إليه من الشركتين المالكتين وموثقاً في فرنسا بتاريخ 5 ديسمبر لسنة 1950 وأنه يخول له حق التقاضي عنهما. ولما كان هذا التوكيل قد صدر من الشركتين المالكتين في عام 1950 وكانت الحراسة قد فرضت على هاتين الشركتين في عام 1956 فإن من آثار هذه الحراسة إنهاء ذلك التوكيل. ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى على أن رافعها مزود بتوكيل صادر من المالكتين قبل فرض الحراسة عليهما فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه يبين من مطالعة الأوراق أن الشركة الطاعنة دفعت لأول مرة أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن رافعها "المطعون ضده الأول" ادعى الوكالة عن الشركتين المالكتين ولم تتحقق محكمة أول درجة من تلك الوكالة التي يشترط القانون في المادة 702 من القانون المدني أن تكون وكالة خاصة وقد رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفع تأسيساً على ما قاله من أن التوكيلين الرسميين المودعين ملف الدعوى والصادرين من الشركتين المالكتين يخولان لرافع الدعوى حق توكيل المحامين الحاضرين عنه في الدعوى. وبذلك تكون الشركة الطاعنة قد حصرت أساس دفعها بعدم القبول أمام محكمة الموضوع في أن رافع الدعوى ليس لديه توكيل خاص بالتقاضي ولم تعرض لواقعة الحراسة المدعى بها في سبب الطعن وأثرها على هذا التوكيل. وإذ كان ذلك فإنه لا يقبل من الشركة الطاعنة أن تثير هذا الدفاع - وهو مما يخالطه واقع - لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قد شابه البطلان ذلك أن المادة 346 من قانون المرافعات قد اشترطت أن يكون موقعاً على المسودة من الرئيس والقضاة مما يفيد أن المشرع قد استلزم توقيعهم على كل ورقة من أوراق المسودة متى كانت تلك الأوراق منفصلة ولما كانت مسودة الحكم المطعون فيه قد دونت في أكثر من ورقة ولم يوقع الرئيس والقضاة على كل منها فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن المادة 346 من قانون المرافعات إذ أوجبت توقيع الرئيس والقضاة على مسودة الحكم المشتملة على أسبابه لم تشترط تعدد توقيعاتهم بتعدد أوراق المسودة وذلك اعتباراً بأن تلك المسودة مهما تعددت أوراقها وحدة واحدة فيكفي التوقيع في نهاية الأسباب. وإذ كان ذلك وكان الثابت من الاطلاع على مسودة الحكم المطعون فيه أنها حررت وفي ورقتين وكانت الورقة الأخيرة منهما قد انتهت فيها الأسباب بمنطوق الحكم وذيلت بتوقيعات المستشارين الثلاثة الذين أصدروه فإن حسب الحكم هذا ليكون بمنأى عن البطلان المدعى به.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الانعدام وفي بيان ذلك تقول إن المادة 178 من الدستور قد أوجبت أن تصدر الأحكام باسم السلطة العليا في البلاد ولما كانت الأحكام تكتب مرتين الأولى في شكل مسودة تتضمن الأسباب والمنطوق والثانية في شكل نسخة الحكم الأصلية فإن كلاً منهما يعتبر حكماً ينبغي أن يتوج باسم السلطة العليا. ودللت الشركة الطاعنة على ذلك بأن المشرع قد عني بالمسودة بما يفيد أنه اعتبرها حكماً ذلك أنه أوجب توقيع القضاة عليها وإيداعها في ميعاد معين ورتب البطلان على مخالفة ذلك وأجاز في المادة 346 من قانون المرافعات التنفيذ بها دون تربص لكتابة نسخة الحكم الأصلية. ولما كانت مسودة الحكم المطعون فيه لم تصدر باسم السلطة العليا فإن هذا من شأنه أن يجعل الحكم المطعون فيه معدوماً.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن كل ما تطلبه المشرع في مسودة الحكم على ما نص عليه في المادة 346 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 أن تكون مشتملة على أسبابه وموقعاً عليها من الرئيس والقضاة عند النطق بالحكم وذكر المشرع في المذكرة التفسيرية لقانون المرافعات أن "تلك المسودة لا تغني عن كتابة نسخة الحكم الأصلية التي يوجب القانون أن تشتمل على بيانات خاصة كثيرة ذكرها والتي تبقى محفوظة في ملف الدعوى باعتبارها أصل ورقة الحكم." وبهذا أفصح عن أن نسخة الحكم الأصلية هي أصل ورقة الحكم، وإذ كان ذلك فإن ما نص عليه الدستور من وجوب إصدار الأحكام باسم الأمة ينصرف إلى ما اعتبره المشرع أصل ورقة الحكم وهو نسخة الحكم الأصلية. ولا يجدي الطاعنة في هذا المقام ما ذكرته من أن المشرع قد أجاز للمحكمة أن تأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلان في الأحوال المنصوص عليها في المادة 464 من قانون المرافعات لأن ذلك - وهو استثناء من القواعد العامة - ليس من شأنه أن يجعل المسودة هي النسخة الأصلية للحكم.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إنها كانت قد دفعت أمام محكمة الاستئناف ببطلان الحكم المستأنف وذلك لصدوره بعد زوال صفة رئيس مجلس إدارتها وانعقاد هذه الصفة لآخر وهو الأمر الموجب لانقطاع سير الخصومة عملاً بالمادة 294 من قانون المرافعات إلا أن محكمة الاستئناف وإن كانت قد سلمت بزوال صفة رئيسة مجلس إدارة الشركة الطاعنة والسيدة ليلى راسم إلا أنها اعتبرت أن الشركة قد مثلت تمثيلاً صحيحاً بحضور إحدى المحاميات عنها بعد زوال الصفة ورتبت على ذلك استئناف سير الدعوى. ولما كانت تلك المحامية قد حضرت بجلسة 27 مارس سنة 1963 عن الشركة الطاعنة وطلبت أجلاً لإحضار سند التوكيل فإن حضورها وهي غير مزودة بتوكيل لا يجعل الشركة الطاعنة ممثلة تمثيلاً صحيحاً وفق ما تقضي به المادتان 81، 82 من قانون المرافعات ويترتب على ذلك أن الدعوى لا تستأنف سيرها بهذا الحضور وبذلك يكون استدلال الحكم على حضور من قام مقام من زالت عنه الصفة استدلالاً فاسداً ترتب عليه الخطأ في تفسير المادة 299 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول لأن الثابت من مطالعة أوراق الدعوى أن الشركة الطاعنة لم تنكر أمام محكمة الاستئناف على المحامية الحاضرة عنها بعد زوال صفة رئيسة مجلس إدارتها تمثيلها لرئيس مجلس الإدارة الجديد وإنما أسست دفعها ببطلان الحكم المستأنف على أن الخصومة وقد انقطع سيرها بقوة القانون أمام محكمة أول درجة لم تستأنف سيرها بإعلان صحيح بل وقع إعلانها باطلاً لمخالفته لنص الفقرة الرابعة من المادة 14 من قانون المرافعات. ولما كان ذلك فإن ما تثيره الطاعنة بهذا السبب لا يعدو أن يكون واقعاً كان يتعين طرحه على محكمة الاستئناف وإذ هي لم تفعل فإنه لا يقبل منها التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 1073 لسنة 9 ق جلسة 30 / 12 / 1968 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 25 ص 197

جلسة 30 من ديسمبر سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبي يوسف وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة حسنين رفعت ومحمد عبد العزيز يوسف ومحمد فتح الله بركات وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

--------------

(25)

القضية رقم 1073 لسنة 9 القضائية

مشوه حرب "مشوهو حرب فلسطين في عام 1948". تحديد درجات كادر العمال التي تتناسب والأجور التي حددت لهم".
قرار وزير المالية رقم م 20 - 31 - 74 الصادر في 23 - 8 - 1952 لم يضع معياراً لتحديد الدرجات واكتفى بالاعتداد بالوظيفة التي كان يشغلها المتطوع والمرتب الذي تقرر له عند تعيينه على إحدى درجات كادر العمال - معيار تحديد الدرجة المناسبة للمرتب المقرر هو متوسط مربوط الدرجات العمالية باعتباره المعيار المالي الدقيق لتقييم الدرجة وانضباطها.

-------------------
إن قرر وزير المالية رقم 20/ 31/ 74 الصادر في 32/ 8/ 1952 قد نص على تعيين مشوهي الحرب على درجات كادر العمال التي تتناسب والأجور التي حددت لهم وهي 12 جنيهاً لمن كان منهم برتبة ضابط وثمانية جنيهات لمن كان برتبة صف ضابط أو عسكري ولم يضع معياراً لتحديد الدرجات التي سيوضع عليها مشوهو الحرب واعتد بالوظيفة التي كان يشغلها المتطوع فترة تطوعه والمرتب الذي تقرر له عند تعيينه على إحدى الدرجات بكادر العمال ولم يعتد القرار بمؤهل المتطوع كما لم يضع أية ضوابط أخرى للاسترشاد بها في تحديد الدرجة المناسبة التي يوضع عليها المتطوع من مشوهي الحرب وأن سبيل تحديد الدرجة المناسبة للأجر الذي تقرر للمتطوع أن يعتد بمتوسط مربوط الدرجات العمالية فما كان متوسطه أقرب إلى ذلك الأجر من غيره كان هو الدرجة المناسبة وهذا المعيار هو الذي تأخذ به التشريعات المالية والميزانيات في تقدير وتسويات مرتبات الموظفين ومعاشاتهم باعتباره المعيار المالي الدقيق لتقييم الدرجة وانضباطها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون له أقام الدعوى رقم 128 لسنة 10 القضائية بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 22/ 11/ 1962 طالباً الحكم (بأحقيته في تسوية حالته بوضعه في درجة ملاحظ من تاريخ تعيينه في 5/ 4/ 1953 وما يترتب على ذلك من آثار وتسلسل علاواته الدورية وصرف الفروق المالية مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة).
وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه من مشوهي حرب فلسطين المتطوعين في عام 1948 برتبة ضابط وقد أصيب أثناء العمليات الحربية ضد العصابات الصهيونية وأنه نظراً لما قام به هؤلاء المتطوعون من أعمال جليلة قررت الحكومة إلحاقهم بوظائف في الوزارات والمصالح وقرر السيد وزير المالية والاقتصاد منح هؤلاء المتطوعين الأجور الآتية: (1) منح أجر شهري قدره 12 جنيهاً لمن كان منهم برتبة ضابط. (2) منح أجر شهري قدره 8 جنيهات لمن كان منهم برتبة صف ضابط. (3) خصم هذه الأجور على بند (1- هـ أجور) بشرط قيدهم على درجات العمال التي تتناسب والأجور المقررة لهم. وفي 5/ 4/ 1953 عين المدعي بوزارة الحربية ضمن المحاربين القدماء ومنح أجراً شهرياً قدره 12 جنيهاً خصماً على درجة صانع دقيق ثم منح علاوة دورية في 1/ 7/ 1955 وصل بها مرتبه إلى 12 جنيهاً و500 مليم ولم يمنح أية علاوات بعد ذلك لأن هذا الأجر هو نهاية مربوط درجة صانع دقيق. وقال المدعي إن الدرجة التي قيد عليها وهي درجة صانع لا تتناسب والأجر الذي تقرر له تنفيذاً لقرار وزير المالية رقم 20/ 31/ 74 في 23/ 8/ 1952 الأمر الذي أوقف علاواته الدورية من 1/ 7/ 1955 حتى الآن وهو ما لم يحدث في تاريخ كادر العمال وهذا الأمر مخالف للتعليمات المالية المنظمة لتعيين المحاربين القدماء إذ أن قرار وزير المالية نص على أن يقيد هؤلاء المحاربون على درجات العمال التي تتناسب والأجور المقررة لهم والدرجة التي تتناسب مع الأجر الذي تقرر له وهو 12 جنيهاً هي درجة (ملاحظ) حيث إن بدايتها 400 مليم والمدعي عامل براتب يعادل 480 مليماً أي بأكثر من بداية هذه الدرجة كما أنه كان ضابطاً ولا يعقل أن يعين في درجة أقل من ملاحظ.
وردت الجهة الإدارية بمذكرة قالت فيها إن المدعي عين بإدارة المهمات ضمن مشوهي الحرب اعتباراً من 5/ 4/ 1953 في درجة صانع دقيق (300 - 500 م) بأجر شهري قدره 12 جنيهاً ثم منح علاوة دورية قدرها 500 مليم في 1/ 7/ 1955 وأصبح أجره 12 جنيهاً و500 مليم في الشهر ونظراً لأنه وصل إلى نهاية مربوط الدرجة فلم يمنح أية علاوة دورية بعد ذلك وأضافت جهة الإدارة أن جميع مشوهي الحرب عينوا على درجة دقيق على اختلاف رتبهم وأجورهم.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أحقية المدعي في تسوية حالته لوضعه في درجة ملاحظ اعتباراً من تاريخ تعيينه في 5/ 4/ 1953 وتدرج أجره بعلاوات هذه الدرجة وما يترتب على ذلك من آثار وصرف ما لم يتقادم من فروق مالية بالتقادم الخمسي وإلزام المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 13/ 5/ 1963 حكمت المحكمة الإدارية بأحقية المدعي في تسوية حالته بوضعه في درجة ملاحظ (400/ 900 م) من تاريخ تعيينه في 5/ 4/ 1953 وتدرج أجره بالعلاوات في هذه الدرجة وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية المستحقة له اعتباراً من 20/ 3/ 1955، وألزمت الحكومة بالمصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وأقامت قضاءها على أن قرار المالية وإن نص على تعيين مشوهي الحرب على درجات كادر العمال التي تتناسب والأجور التي حددت لهم وهي 12 جنيهاً لمن كان منهم برتبة ضابط و8 جنيهات لمن كان منهم برتبة صف ضابط أو عسكري إلا أن هذا القرار لم يبين أية درجة من درجات الكادر التي يعين عليها هؤلاء المتطوعون ولم يضع أي معيار لتحديد تلك الدرجات اللهم مدى تناسبها مع الأجور التي قدرت لرتبهم في التطوع وإنه لذلك يتعين الاهتداء بالحكمة التي حدت إلى إصدار هذا القرار فالمشرع لم يصدر هذا القرار على خلاف القواعد العامة إلا تقديراً من الدولة لهؤلاء الأبطال العائدين ومكافأة لهم على وطنيتهم والتضحيات التي بذلوها طواعية في أشرف معركة فإذا كان قد قدر لأجر الضابط 12 جنيهاً شهرياً وأجر من عداه 8 جنيهات فإن تحديد الدرجات المتناسبة وهذه الأجور يقتضي النظر إلى هذه الأجور على اعتبارها بداية لربط الدرجة لا نهاية لها فإذا كان الأجر المقرر للضابط هو 12 جنيهاً شهرياً فإن الدرجة التي يتناسب أول مربوطها وهذا الأجر هي درجة ملاحظ (400/ 900 م) لا درجة دقيق (300/ 500 م) وهذه الدرجة الأخيرة هي التي تتناسب مع من تقرر له أجر شهرياً قدره 8 جنيهات فإذا قيدت أيضاً الإدارة الضباط الذين تقرر لهم مرتباً شهرياًَ قدره 12 جنيهاً على درجة دقيق فتكون بذلك قد ساوت بين فئتين مقرراً لهما أجران مختلفان وهو وضع غير سليم مخالف لما قصده المشرع. وانتهى الحكم إلى أحقية المدعي في وضعه في درجة ملاحظ من تاريخ تعيينه في 5/ 4/ 1953 وإنه نظراً لأن الفروق المالية تأخذ حكم المرتبات والديون الدورية وهي تسقط بالتقادم الخمسي ونظراً لأن المدعي تقدم بطلب مؤرخ 30/ 3/ 1960 يلتمس فيه منحه العلاوات المستحقة وترقيته إلى الدرجة التالية فإنه يكون قد قطع التقادم من هذا التاريخ ويستحق الفروق المالية اعتباراً من 30/ 3/ 1955.
ومن حيث إن طعن الحكومة يقوم على أساس أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وفي ذلك يقول تقرير الطعن أن المشرع حين نص على تعيين الضابط بأجر شهري قدره 12 جنيهاً مع قيده على درجة مناسبة من درجات كادر العمال لم يقصد أن يكون مبلغ 12 جنيهاً هو بداية الدرجة التي سيقيد عليها كما ذهب الحكم المطعون فيه خطأ ذلك أن المشرع حين سكت عن بيان الدرجة التي تقيد عليها الضابط أو أن المرتب الشهري الذي تقرر يعتبر بداية لأول مربوط الدرجة فإن معنى ذلك أن المشرع ترك تحديد الدرجة التي يعين عليها الضابط إلى الجهة الإدارية وطالما أن الجهة الإدارية قد قيدت المطعون ضده على درجة صانع دقيق (300/ 500 م) والتي يدخل الأجر الذي حدده قرار وزير المالية ضمن هذه الدرجة فليس للمطعون ضده أن يعترض ما دام أن المشرع ترك تقدير مناسبة الدرجة للجهة الإدارية والقول بغير ذلك يكون تخصيصاً للنص بلا مخصص كما أن قرار وزير المالية المشار إليه ينطوي على استثناء من قواعد كادر العمال فلا يجوز التوسع فيه وأن الحكم إذ قضى بأحقية المطعون ضده في درجة ملاحظ يكون قد قفز به درجتين فوق استحقاقه وهي درجة صانع دقيق ودرجة صانع دقيق دقة ممتازة (360/ 700).
ومن حيث إن قرار وزير المالية رقم 20/ 31/ 74 الصادر في 23/ 8/ 1952 قد نص على تعيين مشوهي الحرب على درجات كادر العمال التي تتناسب والأجور التي حددت لهم وهي 12 جنيهاً لمن كان منهم برتبة ضابط وثمانية جنيهات لمن كان برتبة صف ضابط أو عسكري. ولم يضع معياراً لتحديد الدرجات التي سيوضع عليها مشوهو الحرب واعتد بالوظيفة التي كان يشغلها المتطوع فترة تطوعه والمرتب الذي تقرر له عند تعيينه على إحدى الدرجات بكادر العمال ولم يعتد القرار بمؤهل المتطوع كما لم يضع أية ضوابط أخرى للاسترشاد بها في تحديد الدرجة المناسبة التي يوضع عليها المتطوع من مشوهي الحرب.
ومن حيث إن هذه المحكمة ترى وهي بسبيل تحديد الدرجة المناسبة للأجر الذي تقرر المطعون ضده أن تعتد بمتوسط مربوط الدرجات العمالية فما كان متوسطه أقرب إلى ذلك الأجر من غيره كان هو الدرجة المناسبة وهذا المعيار هو الذي تأخذ به التشريعات المالية والميزانيات في تقدير وتسويات مرتبات الموظفين ومعاشاتهم باعتباره المعيار المالي الدقيق لتقييم الدرجة وانضباطها.
وإذا كان متوسط درجة صانع دقيق (300/ 500) هو 400 مليم ومتوسط درجة صانع دقيق دقة ممتازة (360 - 700) هو 530 مليماً ومتوسط درجة ملاحظ (400/ 900) هو 650 مليماً فقد وضح أن أقرب درجة مناسبة للأجر الذي تقرر للمطعون ضده وهو 480 مليماً يومياً هي درجة صانع دقيق دقة ممتازة (360 - 700).
ومن حيث إن هذا النظر ينتهي إلى نتيجة سائغة وهي عدم وضع الضابط مع صف ضابط والعسكري في درجة واحدة كما ذهبت الجهة الإدارية.
ومن حيث إنه بالإضافة إلى ما تقدم فإن درجة ملاحظ كما سبق أن قضت هذه المحكمة وردت في الكادر في قمة مدارج سلم الترقي للصناع والعمال الفنيين ونص فيه على أنها بفئتيها داخلة في الدرجتين السابعة والسادسة فهي بهذه المثابة لا تجرى العادة على التعيين فيها لأول مرة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بغير ذلك يكون قد خالف القانون ويتعين تعديله والقضاء للمطعون ضده بأحقيته في تسوية حالته بوضعه في درجة صانع دقيق دقة ممتازة (360/ 700) من تاريخ تعيينه في 5/ 4/ 1953 وتدرج أجره بالعلاوات في هذه الدرجة وما يترتب على ذلك من آثار والفروق المالية المستحقة له اعتباراً من 20/ 3/ 1955 بناء على ما ورد في الحكم المطعون فيه فيما يتعلق بهذا الشق.
ومن حيث إن الجهة الإدارية وإن كان قد قضي لها ببعض ما ادعته إلا أنها وقد دفعت المطعون ضده إلى التقاضي بسبب وضعه على درجة غير مناسبة فيتعين إلزامها بمصروفات الطعن كاملة عملاً بالمادة 185 من قانون المرافعات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه وبأحقية المدعي في تسوية حالته بوضعه في درجة صانع دقيق دقة ممتازة (360/ 700 مليم) من تاريخ تعيينه في 5/ 4/ 1953 وتدرج أجره بالعلاوات في هذه الدرجة وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية المستحقة له اعتباراً من 20/ 3/ 1955 وألزمت الحكومة بالمصروفات.

الطعن 11 لسنة 25 ق جلسة 23 / 4 / 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 55 ص 351

جلسة 23 من إبريل سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

----------------

(55)
الطعن رقم 11 لسنة 25 القضائية

(أ) عمل "إجازة العامل" "الإجازات الاعتيادية" "مقابل الإجازة".
الأجر الثابت الذي يتقاضاه العامل شهرياً مقابل ما يؤديه من عمل هو الذي يحسب على أساسه مقابل الإجازة. لا اعتبار للملحقات. م 37 من ق 41 سنة 1944.
(ب) عمل "إجازة العامل" "الإجازات الاعتيادية" "الإجازة السنوية".
الإجازة السنوية حق أوجبه المشرع سنوياً للعامل. تعلقه بالنظام العام. عدم جواز التنازل عنه مشروط بألا تكون السنة التي تستحق فيها الإجازة قد مضت. علة ذلك.
(ج) عمل "إجازة العامل" "الإجازات الاعتيادية" "الإجازات السنوية".
حق العامل في إجازة السنة الأخيرة من خدمته إذا ترك العمل قبل قيامه بالإجازة. تمسك بها أم لم يتمسك. مهما يكن زمن استحقاقها. م 23 ق 317 سنة 1952.
(د) عمل "الأجر". محكمة الموضوع.
إقرار محكمة الموضوع رب العمل على ما ارتآه من أن بعض المبالغ التي صرفت للعامل هي أجل عمل إضافي. لا مكافأة أو منحة. عدم احتسابها له ضمن الأجر الذي تحدد على أساسه مكافأة نهاية الخدمة. تقدير موضوعي. لا سلطان عليها فيه لمحكمة النقض.
(هـ) عمل "انتهاء عقد العمل".
وجوب عدم التعسف في إنهاء العقد. وقوع رب العمل في خسارة مالية. ضغطه لمصروفاته. الاستغناء عن بعض العمال. سبب سائغ في توفر المبرر للفصل. القول بأن حق رب العمل في ذلك مشروط باستحالة استمرار المؤسسة في نشاطها إلا بلجوئها إلى هذا الخفض. جدل موضوعي في قيام المبرر وتوافره. لا يثار أمام محكمة النقض.
(و) عمل "انتهاء عقد العمل" "آثار انتهاء العقد".
تقدير قيام المبرر لفصل العامل ونفي تعسف رب العمل في استعمال حق الفصل. مسألة موضوعية.

------------------
1 - مقابل الإجازة للعامل أو المستخدم بأجرة شهرية هو طبقاً لنص المادة 37 من القانون رقم 41 لسنة 1944 الخاص بعقد العمل الفردي أجر خمسة عشر يوماً في السنة. والأجر الذي يحسب على أساسه مقابل الإجازة هو الأجر الثابت الذي يتقاضاه العامل أو المستخدم شهرياً مقابل ما يؤديه من عمل دون ما اعتبار لما قد يكون هناك من ملحقات للأجر تدخل فيه عند حساب مكافأة نهاية مدة الخدمة.
2 - الإجازة السنوية وإن كانت حقاً أوجبه المشرع سنوياً للعامل لاستعادة نشاطه وقواه المادية والمعنوية تنمية للإنتاج مما يجعل هذا الحق بسبب ذلك متعلقاً بالنظام العام لا يجوز التنازل عنه - إلا أن مناط ذلك ألا تكون السنة التي تستحق فيها الإجازة قد مضت قبل حصول العامل على تلك الإجازة فلا يجوز عندئذ التنازل عنها قبل موعد حلولها أما إذا حل ميعاد الإجازة وانقضت السنة التي تستحق فيها دون أن يحصل العامل فيها عليها فقد انقطعت الصلة بين الإجازة المذكورة واعتبارات النظام العام التي تبررها وانقضت تبعاً لذلك علة هذا الحظر بالنسبة لإجازة السنة المذكورة وأصبحت تلك الإجازة بعد ذلك كسائر حقوق العامل العادية يرد عليها التنازل.
3 - نص المادة 23 من القانون رقم 317 لسنة 1952 بشأن حق العامل في الإجازة التي لم يحصل عليها تمسك بها أو لم يتمسك ومهما يكن زمن استحقاقها - خاص بإجازة السنة الأخيرة في خدمة العامل إذا ما ترك العمل قبل قيامه بالإجازة.
4 - إذا رأت محكمة الموضوع إقرار رب العمل على ما ارتآه من أن بعض المبالغ التي صرفت للعامل إنما هي أجر عمل إضافي طبقاً للكشف المقدم منه لا مكافأة أو منحة وأن هذا الأجر الإضافي لا يدخل ضمن الأجر الذي تحدد على أساسه مكافأة نهاية الخدمة ولا يضاف إليه، فإن ما انتهت إليه - بما لها من سلطة في تقدير الموضوع وفي فهم الواقع في الدعوى بما تؤدي إليه أوراقها - لا سلطان عليها فيه لمحكمة النقض.
5 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض التعويض على أن الأسباب التي قامت لدى الشركة لفصل العامل هي أسباب جدية تخولها حق فصله لما وقعت فيه من خسارة مالية مما اضطرها إلى تخفيض عدد عمالها بقصد ضغط المصروفات حتى تتلافى الكارثة وكانت هذه الأسباب التي أوردها سائغة في توافر المبرر لفصل الطاعن من عمله بالشركة المطعون عليها - فإن ما يتحدى به الطاعن من القول بأن حق رب العمل في ذلك يجب أن يقوم على أساس استحالة استمرار المؤسسة في نشاطها إلا بلجوئها إلى هذا الخفض - لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في قيام هذا المبرر وتوافره مما يستقل قاضي الموضوع بتقديره لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - تقدير قيام المبرر لفصل العامل ونفي تعسف رب العمل في استعمال حق الفصل هو مسألة موضوعية يستقل بتقديرها قاضي الموضوع تقديراً لا معقب عليه فيه من محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتلخص في أن الطاعن رفع الدعوى رقم 458 سنة 1953 مدني كلي إسكندرية ضد الشركة المطعون عليها يطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 5991 جنيهاً، 230 مليماً والفوائد القانونية المستحقة من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وذلك في مقابل ما يستحقه لدى الشركة من مكافأة نهاية الخدمة ومقابل الإنذار ومقابل الإجازات التي لم يحصل عليها ومقابل التعويض عن فصله التعسفي من الشركة إذ كان يعمل بها مدة ثمانية عشر عاماً بلغ مرتبه في نهايتها بملحقاته من إعانة غلاء ومنحه مبلغ 52 جنيهاً، 170 مليماً وأرسلت له الشركة بتاريخ 30 من مايو سنة 1952 خطاباً مؤرخاً في 28 منه تعلنه بالاستغناء عن خدماته اعتباراً من 31 مايو سنة 1952. وبتاريخ 27 من ديسمبر سنة 1953 حكمت المحكمة بإلزام الشركة المطعون عليها بأن تدفع للطاعن مبلغ 343 جنيهاً، 35 مليماً من ذلك مبلغ 294 جنيهاً، 30 مليماً مكافأة نهاية الخدمة محسوبة على أساس مرتب تسعة شهور باعتبار المرتب الشهري مبلغ 32 جنيهاً، 670 مليماً ومبلغ 32 جنيهاً، 670 مليماً مرتب شهر مقابل الإنذار ومبلغ 16 جنيهاً، 335 مليماً مرتب نصف شهر مقابل إجازة سنة 1952 ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف إسكندرية برقم 87 سنة 10 ق. وبتاريخ 28 من يوليه سنة 1954 حكمت المحكمة الاستئنافية بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الشركة المطعون عليها بأن تدفع للطاعن مبلغ 433 جنيهاً، 992 مليماً من ذلك مبلغ 367 جنيهاً، 500 مليماً مكافأة نهاية المدة باعتبار المرتب الشهري للطاعن 42 جنيهاً، 3 مليمات ومبلغ 42 جنيهاً مقابل الإنذار ومبلغ 24 جنيهاً 492 مليماً مقابل إجازة عن سنة 1951 ونصف سنة 1952 ورفضت الاستئناف فيما عدا ذلك. وبتاريخ 10 من يناير سنة 1955 قرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم بالنسبة للسبب الثاني من القسم الأول من أسباب الطعن وبتاريخ 17 من فبراير سنة 1959 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على رأيها فقررت الدائرة إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 26 من مارس سنة 1959 وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطاعن قسم أسباب طعنه إلى ثلاثة أقسام أولها خاص بالمكافأة والثاني خاص بمقابل الإجازات والثالث خاص بالتعويض ويقوم نعيه في القسم الأول على سببين محصل أولهما - خطأ الحكم في الإسناد مع قصور تسببيه وخطؤه في الاستدلال ذلك أن الحكم نسب إلى الطاعن على خلاف الواقع أنه طلب اعتماد الكشف المقدم من المطعون عليها في شأن المرتبات الإضافية مع أن الطاعن لم يطلب من محكمة الاستئناف ذلك ولا هو سكت عنه وإنما أنكره على الشركة وطعن عليه بالتحريف والتضليل فيه وكانت من نتيجة هذا الإسناد الخاطئ أن استبعد الحكم من حساب المنحة المعتبرة قانوناً جزءاً من الأجر المبالغ الموصوفة خطأ في الكشف بأنها أجور عمل إضافي ونزل بالماهية بسبب ذلك إلى مبلغ 42 جنيهاً و3 مليماً شهرياً بينما هي في حقيقتها مبلغ 52 جنيهاً و170 مليماً شهرياً. كما أغفل الحكم الرد على ما نعاه الطاعن على هذه الكشوف. ومحصل السبب الثاني من هذا القسم مخالفة الحكم للقانون فيما أجراه من حساب المكافأة على خلاف ما تقضي به المادة 23 من القانون رقم 41 لسنة 1944 من احتساب المكافأة على أساس أجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات الست الأولى وأجر شهر عن كل سنة من السنوات الباقية بحيث لا تزيد المكافأة على أجر تسعة شهور وإذا كانت مدة خدمة الطاعن 17 سنة و6 شهور فتكون المكافأة بفرض صحة تقدير الحكم لأجر الطاعن في الشهر مبلغ 378 جنيهاً. ولكن الحكم لم يلتزم هذا الأساس وأجرى حساب المكافأة على أساس آخر مخالفاً بذلك القانون.
وحيث إن هذا النعي في القسم الثاني من أسباب الطعن خاص بمقابل الإجازات وقد أقامه الطاعن على سببين. محصل السبب الأول منهما النعي ببطلان الحكم من أربعة أوجه أولها - قصور تسبيبه ذلك أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بملف خدمته الثابت به عدم حصوله على إجازته طول مدة خدمته وبالرغم من أن هذا الدليل يعتبر دليلاً يقينياً يتقدم كل دليل ظني أو استنتاجي أو تقريبي فإن الحكم المطعون فيه أهدر قيمته وسكت عن الرد على هذا الدفاع مع لزومه واكتفى برأي محكمة أول درجة في هذا الخصوص مع أنه مبني على استنتاجات وفروض أوردتها من عندها مما يجعل الحكم معيباً بالقصور. والوجه الثاني أن الحكم قد استخلص من الوقائع التي أوردها واستند إليها نتائج لا تتفق مع موجبها ذلك أنه أثبت في صدر أسبابه الواقعية محصل أقوال الشهود نقلاً عن التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة، ولما أراد أن يتكلم عن الإجازات التي لم يحصل عليها الطاعن عول على أقوال شهوده دون شهود المطعون عليها الذين قالوا أنها حظرت الإجازات على مستخدمي الحسابات ومن بينهم الطاعن إطلاقاً على قول بعضهم وفي السنوات من سنة 1948 إلى سنة 1951 على قول البعض الآخر ثم أول الحكم رضوخ الطاعن لهذا الحظر بأنه تنازل منه عن حقه في الإجازة عن سنتي 1948 و1950 مع أن العقل والمنطق لا يؤديان إلى هذه النتيجة وقد قرر الطاعن في مذكرته أمام محكمة الاستئناف أنه كان مضطراً للرضوخ إلى هذا الحظر تفادياً لفصله من الخدمة. والوجه الثاني من أوجه البطلان تناقض الحكم ذلك أنه جعل مناط استحقاق الطاعن لمقابل إجازة سنة 1951 عدم حصوله على هذه الإجازة ولكنه لم يعتد بهذا النظر بالنسبة لأجازة سنتي 1948 و1950 وجعل مناط الاستحقاق فيهما تمسك الطاعن بالإجازة خلال السنة التي استحقت فيها. وفي هذا تناقض يعيب الحكم فضلاً عن قصوره في التسبيب إذ هو لم يعرض لإجازة سنة 1949. ورابع أوجه البطلان أن الحكم أخطأ في حساب مقابل الإجازة عن سنتي 1951 و1952 إذ لم يجعل أساسه المرتب الشهري الذي احتسبه للطاعن وإنما يبدو أنه أخذ بالمرتب الذي زعمته المطعون عليها ولم يقبله الطاعن وأجرى حساب مقابل الإجازة عن سنة 1951 وسنة 1952 على أساس هذا المرتب، ثم إن الحكم إذ عرض لحساب مقابل الإجازة عن نصف سنة 1952 أجرى هذا الحساب بما يوازي مرتب سبعة أيام ونصف مع أن المطعون عليها اعترفت كما هو ثابت بوقائع الحكم بحق الطاعن في مرتب 15 يوماً مقابل إجازته عن سنة 1952 وقضي له به بالحكم الابتدائي ولم تستأنفه المطعون عليها. ومحصل ما ينعى به الطاعن في السبب الثاني من هذا القسم الخاص بمقابل الإجازات مخالفة الحكم للقانون ويقول في بيان ذلك أن الحكم قرر جواز تنازل الطاعن عن حقه في الإجازة مع أن الشارع قرر الإجازة لاعتبارات متعلقة بالنظام الاجتماعي والنظام الاقتصادي وهي حفظ القوى الإنتاجية البشرية في البلاد مراعاة لمصلحة الإنتاج العام والنشاط العام والصحة العامة وتلك الاعتبارات تتصل بالنظام العام اتصالاً يؤكده ما أورده المشرع في المادة 38 من قانون عقد العمل الفردي رقم 41 لسنة 1944 وما أورده على الأخص في المادة 40 من حيث اعتبار حرمان العامل من الحصول على الإجازة جريمة معاقباً عليها جنائياً - كما أن المشرع حسماً لهذا الأمر أورد نص المادة 23 من القانون رقم 317 لسنة 1952 بعبارة عامة لتشمل الإجازة التي لم يحصل عليها العامل تمسك بها أو لم يتمسك ومهما يكن زمن استحقاقها.
وحيث إن النعي في القسم الثالث من أسباب النعي خاص بالتعويض وقد أقامه الطاعن على سببين محصل أولهما النعي ببطلان الحكم من وجهين - أولهما - خطأ الإسناد - ذلك أن الحكم نسب إلى الطاعن أنه لم ينكر ما حل بالشركة المطعون عليها من الارتباك المالي الذي اتخذته الشركة مبرراً لفصله مع أن الطاعن أنكر هذا الارتباك إنكاراً باتاً وكذبه تكذيباً قاطعاً وعلل فصله بعلة أخرى تنطوي على التعسف حسبما هو مبين بمذكرته. والوجه الثاني - قصور التسبيب ذلك أن الطاعن قرر في مذكرته أن سنة الشركة المطعون عليها المالية السابقة مباشرة على فصله أنتجت أرباحاً صافية تقرب من ثلثي مليون جنيه كما هو ثابت من مستند قدمته الشركة وأن السنة المالية للشركة تبدأ في سبتمبر وتنتهي في أغسطس من كل سنة. وإذ كان الطاعن قد فصل في مايو سنة 1952 فلا يجوز التذرع بنتيجة السنة المالية اللاحقة لفصله لأن العبرة بحالة الشركة وقت فصله لا بما تكون عليه حالتها بعد ذلك تلك الحالة التي لم تكن قد ظهرت بعد وقت الفصل - قرر الطاعن هذا كله في مذكرته وأورد الحكم جانباً منه في أسباب الواقعة ولكنه أغفل الرد عليه مع أنه دفاع جوهري. ومحصل ما ينعى به الطاعن في السبب الثاني - من هذا القسم الخاص بالتعويض مخالفة الحكم للقانون ذلك أن حق رب العمل في تخفيض عدد عماله تمشياً مع الظروف الاقتصادية حق غير مطلق إذ يجب أن يقوم على أساس استحالة استمرار المؤسسة في نشاطها إلا بلجوئها إلى هذا الخفض لأن النزعة الاشتراكية والتضامن الاجتماعي وحماية الأسرة ومكافحة البطالة وغير ذلك من الاعتبارات التي استوحاها تشريع العمل تفرض على رب العمل أن يراعى حالات عماله وأن يتريث في فصلهم ما دام هو مستمر في عمله. وقد أغفل الحكم هذا المبدأ ولم يعن بتحقيق الاستحالة المشار إليها وأخذ بدفاع المطعون عليها قضية مسلمة كما أغفل الحكم مبدأ آخر مقتضاه أن التعسف في استعمال الحق يتوافر إذا كانت المصلحة التي يرمي رب العمل إلى تحقيقها قليلة الأهمية ولا تتناسب مع ما يلحق العامل من ضرر - كأن تكون هذه المصلحة مجرد الرغبة في تشغيل عمال آخرين بأجر أقل كما هو الشأن في صورة الدعوى - فقد اعترفت الشركة المطعون عليها بتعيين شخصين جديدين - قبيل فصل الطاعن أجرهما يقارب أجر الطاعن مما لم يكن يصح معه للحكم أن يقبل ما تعللت به الشركة في هذا الشأن من أن عملهما يخالف عمل الطاعن.
عن القسم الأول:
من أسباب النعي الخاص بالمكافأة:
وحيث إن النعي بما ورد في السبب الأول من هذا القسم مردود. ذلك أنه يبين من مذكرة الطاعن المقدمة لمحكمة الاستئناف والمودعة صورتها الرسمية بملف الطعن أنه قد أورد فيها ما تضمنه الكشف الذي قدمته الشركة المطعون عليها من المبالغ التي قبضها منها كمكافأة وأجر عمل إضافي وغلاء معيشة إضافية وجملة هذه المبالغ 144 جنيهاً في سنة 1947 و276 جنيهاً في سنة 1948 و240 جنيهاً في سنة 1949 و322 جنيهاً في سنة 1950 و108 جنيهاً في سنة 1951. وفي موضع آخر من هذه المذكرة أورد ما سبق أن بينه هو لمحكمة أول درجة في مذكرته الابتدائية عن المبالغ التي صرفتها له الشركة المطعون عليها من المكافآت والمنح من أن هذه المبالغ كانت 144 جنيهاً في سنة 1947 و288 جنيهاً في سنة 1948 و240 جنيهاً في سنة 1949 و324 جنيهاً في سنة 1950 و108 جنيهاً في سنة 1951 وقد اعتبر الطاعن في مذكرته أن هذه المبالغ التي صرفها مساوية للمبلغ التي تقول الشركة في كشفها أنها صرفتها إليه - ولم يختلف معها إلا في وصف هذه المبالغ فقد كانت الشركة تصف بعض المبالغ المذكورة بأنها أجر عمل إضافي والبعض الآخر بأنها غلاء معيشة إضافية ويصف الطاعن كل هذه المبالغ بأنها مكافأة - ويبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قد ورد فيه ما يأتي: "وحيث إنه تبين من الكشف المقدم من الشركة والذي طلب المستأنف أخيراً اعتماده حين احتساب المكافأة تبين من هذا الكشف بعد استبعاد الأجور التي صرفت للمستأنف نظير العمل الإضافي والتي لا شأن لها بالمكافأة أن المكافآت التي صرفت للمستأنف في خلال سنوات 1947 و1948 و1949 و1950 و1951...." ثم أورد الحكم مقدار هذه المكافآت من واقع كشف الشركة كما أورد من واقع الكشف أيضاً ما صرفه الطاعن فضلاً عن ذلك من علاوة غلاء معيشة إضافية في كل سنة من تلك السنوات واستخرج متوسط علاوة غلاء المعيشة الإضافية والمكافأة في هذه السنوات بعد ضمهما إلى بعضهما فكان هذا المتوسط مبلغ 9 جنيهات و373 مليماً إضافة إلى أجر الطاعن الأصلي ومقداره 27 جنيهاً وإلى علاوة غلاء المعيشة ومقدارها 5 جنيهات و670 مليماً فكان مجموع الأجر مبلغ 42 جنيهاً و3 مليمات أجرى الحكم حساب المكافأة المطلوبة على أساسه. ومؤدى ما ورد في مذكرة الطاعن أنه قد اعتبر المبالغ الواردة في كشف الشركة بخصوص ما قبضه منها في السنوات من سنة 1947 إلى سنة 1951 مساوية في مقدارها للمبالغ التي يقول إنه قبضها منها فعلاًً في تلك السنوات. وغاية ما في الأمر أنه يعتبر كل هذه المبالغ من قبيل المكافآت والمنح تدخل كلها ضمن الأجر وتعتبر الشركة المطعون عليها بعض هذه المبالغ فقط مكافآت تدخل ضمن الأجر وبعضها الآخر أجراً إضافياً والباقي علاوة غلاء معيشة إضافية لا يدخل كلاهما في الأجر. وقد رأى الحكم إقرار الشركة على ما ارتأته من أن بعض المبالغ التي صرفت إلى الطاعن إنما هي أجر عمل إضافي طبقاً للكشف المقدم منها لا مكافأة أو منحة. وأن هذا الأجر الإضافي لا يدخل ضمن الأجر الذي تحدد على أساسه مكافأة نهاية الخدمة ولا يضاف إليها - وما رآه الحكم في هذا الخصوص لم يستند فيه إلى قول نسبة إلى الطاعن أو إقرار أسنده إليه حتى ينعى الطاعن عليه بخطأ الإسناد - وإنما انتهى الحكم إليه بما له من سلطة في تقدير الموضوع وفي فهم الواقع في الدعوى بما تؤدي إليه أوراقهما لا سلطان عليه فيه لمحكمة النقض وفيه فوق ذلك الرد الضمني على ما يعيب الطاعن به تصرف الشركة في هذا الخصوص مما ينفي عن الحكم القصور أو الخطأ في الاستدلال ويتعين لذلك رفض هذا النعي.
وحيث إن النعي بما ورد في السبب الثاني من القسم الأول من أسباب النعي في محله ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن حدد الأجر الذي تحسب على أساسه المكافأة بمبلغ 42 جنيهاً و3 مليمات قال: "فإذا ضرب نصف هذا الرقم في مدة الخدمة البالغة سبعة عشر عاماً وستة شهور تكون جملة المكافأة الواجب الحكم بها مبلغ 367 جنيهاً و500 مليم" ولما كانت المادة 23 من القانون رقم 41 لسنة 1944 الخاص بعقد العمل الفردي تنص في الفقرة "ب" منها على أن مكافأة مدة خدمة العمال المعينين بالماهية الشهرية تكون "أجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات الست الأول وأجر شهر عن كل سنة من السنوات الباقية على أساس الأجر الأخير بحيث لا تزيد المكافأة على أجر تسعة شهور" وكان مقتضى ذلك أن تكون مكافأة الطاعن عن مدة خدمته البالغة سبعة عشر عاماً وستة شهور هي أجر تسعة شهور أي مبلغ 378 جنيهاً - إذ لو حسبت المكافأة على الأساس الوارد في صدر تلك الفقرة لزادت عن أجر تسعة شهور - لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه وقد أجرى حساب المكافأة على غير هذا الأساس يكون مخالفاً للقانون مما يتعين نقضه في هذا الخصوص.
عن القسم الثاني:
من أسباب النعي الخاص بمقابل الإجازات:
وحيث إن النعي بما ورد في الوجه الأول من السبب الأول من هذا القسم مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الخصوص ما يأتي: "وحيث إنه عن الأجر الذي يطالب به المستأنف مقابل الإجازات التي لم يمنحها فإن هذه المحكمة ترى رأي محكمة أول درجة فيما يختص بما ظهر لها من أن المستأنف قد حصل على إجازاته بالطريق الذي أشرت إليه المحكمة حتى تاريخ حصوله على شهادة الليسانس في سنة 1947". ومؤدى ذلك أن محكمة الاستئناف قد رأت فيما أشارت إليه محكمة أول درجة في حكمها - المقدم صورة رسمية منه بملف الطعن - من تغيب الطاعن عن محل عمله مرتين في كل عام مرة، كل مرة لأكثر من أسبوعين بسبب أدائه الامتحان بكلية الحقوق التي كان ملحقاً بها حتى حصل على شهادة الليسانس في سنة 1947. رأت المحكمة أن هذا يكفي لديها دليلاً على قيام الطاعن فعلاً بالإجازات المستحقة له عن المدة السابقة على سنة 1947 ويحمل الرد الضمني على ما تمسك به الطاعن من خلو ملف خدمته من الدليل على قيامه بالإجازة في تلك المدة. ولا يكون ضم هذا الملف تبعاً لذلك ذا أثر في دفاع الطاعن أو في تغيير وجه الحكم في الدعوى حتى ينعى على الحكم إذا ما التفت عن طلب ضمه ويتعين لذلك رفض هذا النعي.
وحيث إن النعي بما ورد في الوجه الثاني من السبب الأول من القسم الثاني من أسباب النعي مردود - ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد ما قرره الشاهد الأول من شهود الطاعن من أن الشركة منعت الموظفين من القيام بالإجازة في سنة 1948 بسبب حرب فلسطين وفي سنة 1950 بسبب قضية القطن وأنها منحتهم الإجازات في سنة 1949 وسنة 1951 بعد أن أورد الحكم ذلك قال عن مقابل إجازات المدة من سنة 1948 ما يأتي: "أما بعد ذلك (أي بعد سنة 1947) فالثابت أن المستأنف عليه لم يحصل على إجازاته في سنة 1948 بسبب قيام حرب فلسطين وفي سنة 1950 بسبب قضية القطن كما ورد بأقوال الشهود. ولكن المحكمة ترى أن سكوت المستأنف عن المطالبة بهذه الإجازات رغم مضي هذا الوقت الطويل على استحقاقها هو بمثابة تنازل عن حقه فيها. والمستأنف لم يقم الدليل على عكس ذلك. ولا شك أن هذه الإجازات سنوية بمعنى أن للمستأنف أن يتمسك بها أثناء السنة التي استحقت فيها فإذا نقضت سنة وأخرى دون المطالبة بها فإن ذلك يعد كما سبق بمثابة تنازل عن حقه فيها" - ويبين من ذلك أن الحكم قد اعتمد في شأن إجازات المدة من سنة 1948 إلى سنة 1950 على أقوال الشاهد الأول من شهود الطاعن ومفادها على ما سبق أن الإجازات في سنة 1948 وسنة 1950 كانت ممنوعة بسبب قيام حرب فلسطين وقضية القطن - أما في سنة 1949 وسنة 1951 فلم تكن الإجازات ممنوعة. وفي هذا ما يدل - في نظر الحكم - على أن ما تعلل به الطاعن من اضطراره للرضوخ لأمر حظر الإجازات تفادياً لفصله من الشركة - هذا التعليل في غير محله طالما أن الإجازات قد صرح بها في السنة التالية لمنعها فقد صرح بالإجازات في سنة 1949 بعد أن منعت في سنة 1948 وصرح بها في سنة 1951 بعد أن منعت في سنة 1950 - وكان في وسع الطاعن المطالبة بإجازاته الممنوعة ولهذا استخلص الحكم من سكوت الطاعن بعد مضي وقت طويل على استحقاق هذه الإجازات مع زوال سبب منعها دون أن يطالب بها - استخلص الحكم من ذلك تنازل الطاعن عن حقه في الإجازات. وما انتهى إليه الحكم في هذا الصدد لا ينطوي على تأويل لا يتفق مع أقوال الشهود ولا على استخلاص لنتيجته لا تتفق مع موجبها كما يقول الطاعن ومن ثم يكون نعيه في هذا الخصوص متعين الرفض.
وحيث إن النعي بما ورد في الوجه الثالث من السبب الأول من القسم الثاني من أسباب النعي من أن الحكم إذ قضى للطاعن بمقابل إجازته عن سنة 1951 بسبب عدم حصوله على تلك الإجازة قد تناقض مع نفسه عندما رفض القضاء له بمقابل إجازته عن سنة 1948 وسنة 1950 اللتين لم يحصل فيهما على إجازته هذا النعي مردود ذلك أن الحكم على ما يبين مما سبق في الرد على الوجه السابق إنما رفض القضاء للطاعن بمقابل الإجازة عن سنتي 1948 و1950 لما حصله من تنازل الطاعن عن إجازته في هاتين السنتين - أما إجازة سنة 1951 فلم يثبت للحكم أن الطاعن تنازل عنها ولذا - قضى بمقابلها - وما نعاه الطاعن من قصور الحكم لعدم تحدثه عن إجازة سنة 1949 مردود بأن قضاء الحكم بتنازل الطاعن عن إجازة سنة 1950 وعدم أحقيته في المطالبة بمقابلها لسكوته عن المطالبة بهذه الإجازة - إنما ينصرف هذا القضاء بداهة - طبقاً لما يدل عليه سياق الحكم ومفهومه - إلى إجازة سنة 1949 السابقة عليها والتي لم تكن ممنوعة وسكت الطاعن عن المطالبة بها ويتعين لذلك رفضه هذا الوجه من النعي.
وحيث إن النعي في خصوص الوجه الرابع من السبب الأول من القسم الثاني مردود في شقه الأول بأن مقابل الإجازة للعامل أو المستخدم المعين بأجرة شهرية - كالطاعن - هو طبقاً لنص المادة 37 من القانون رقم 41 لسنة 1944 أجر خمسة عشر يوماً في السنة - ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى للطاعن بمقابل الإجازة عن سنة 1951 ونصف سنة 1952 تأسيساً على أن مرتبه الأصلي في الشهر هو مبلغ 27 جنيهاً يضاف إليه مبلغ 5 جنيهات و670 مليماً علاوة غلاء معيشة أي مبلغ 32 جنيهاً و670 مليماً فإن هذا الأساس الذي أقام الحكم قضاءه عليه لا مخالفة فيه للقانون وذلك أن مبلغ الـ 42 جنيهاً و3 مليمات الذي يقول الطاعن إن الحكم حاسبه عليها إنما كان هذا الحساب في صدد تقدير مكافأة نهاية مدة الخدمة. أما الأجر الذي يحسب على أساسه مقابل الإجازة فيختلف عن ذلك - إذ هذا المقابل عبارة عن الأجر الثابت الذي يتقاضاه العامل أو المستخدم شهرياً مقابل ما يؤديه من عمل - هذا العمل هو الذي يأخذ العامل أو المستخدم - في حالة قيامه بالإجازة - مقابله كأنه أداه دون ما اعتبار لما قد يكون هناك من ملحقات للأجر تدخل فيه عند حساب مكافأة نهاية مدة الخدمة، ولكنها لا تدخل فيه عند حساب مقابل الإجازة - ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص متعين الرفض.
وحيث إن النعي بما ورد في الشق الثاني من هذا الوجه في محله ذلك أن قضاء الحكم بمقابل إجازة الطاعن عن نصف سنة 1952 بما يوازي أجر سبعة أيام ونصف فقط فيه إهدار لحجية الحكم الابتدائي الذي قضى للطاعن بمقابل هذه الإجازة بما يوازي أجر خمسة عشر يوماً وارتضت الشركة المطعون عليها هذا القضاء ولم تستأنف الحكم في خصوصه ثم أقرت - على ما ورد في الحكم المطعون فيه - بحق الطاعن في الحصول على مبلغ 16 جنيهاً و335 مليماً وهو مرتب خمسة عشر يوماً - مقابل إجازته الاعتيادية التي يستحقها عن سنة 1952 ومن ثم يتعين نقض الحكم في خصوص هذا الشق من النعي.
وحيث إن النعي في خصوص السبب الثاني من القسم الثاني من أسباب النعي مردود ذلك أن الإجازة السنوية وإن كانت حقاً أوجبه المشرع سنوياً للعامل لاستعادة نشاطه وقواه المادية والمعنوية تنمية للإنتاج مما يجعل هذا الحق بسبب ذلك متعلقاً بالنظام العام لا يجوز التنازل عنه. إلا أن مناط ذلك ألا تكون السنة التي تستحق فيها الإجازة قد مضت قبل حصول العامل على تلك الإجازة فلا يجوز عندئذ التنازل عن الإجازة قبل ميعاد حلولها أما إذا حل ميعاد الإجازة وانقضت السنة التي تستحق فيها الإجازة دون أن يحصل العامل فيها عليها فقد انقطعت الصلة بين الإجازة المذكورة واعتبارات النظام العام التي تبررها وانقضت تبعاً لذلك علة هذا الحظر بالنسبة لإجازة السنة المذكورة وأصبحت تلك الإجازة بعد ذلك كسائر حقوق العامل العادية يرد عليها التنازل - ولما كان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه وهو في صدد التحدث عن مقابل الإجازات عن السنوات اللاحقة لسنة 1947 قال - "أما بعد ذلك فإن الثابت أن المستأنف لم يحصل على إجازاته في سنة 1948 بعد قيام حرب فلسطين وفي سنة 1950 بسبب قضية القطن كما ورد بأقوال الشهود ولكن المحكمة ترى أن سكوت المستأنف عن المطالبة بهذه الإجازات رغم مضي هذا الوقت الطويل على استحقاقه هو بمثابة تنازل عن حقه فيها والمستأنف لم يقم الدليل على عكس ذلك. ولا شك أن هذه الإجازات سنوية بمعنى أن للمستأنف أن يتمسك بها أثناء السنة التي استحقت فيها فإذا انقضت سنة وأخرى دون المطالبة بها فإن ذلك بعد كما سبق بمثابة تنازل عنها..." ومؤدى ذلك أن الطاعن استمر في عمله سنة 1948 ولم يحصل على إجازته السنوية فيها حتى انقضت تلك السنة كما استمر في عمله في سنة 1950 ولم يحصل على إجازته السنوية فيها حتى انقضت تلك السنة واستمر كما سبق القول في عمله في سنة 1949 ولم يحصل على إجازته فيها. ومن ثم فإن إجازة هذه السنوات الثلاث وقد مضت كل منها دون أن يحصل الطاعن عليها - هذه الإجازات تكون قد فقدت صلتها باعتبارات النظام العام التي تبررها. ولا يكون الحكم وقد استخلص من سكوت الطاعن عن المطالبة بهذه الإجازات على النحو السابق الإشارة إليه استخلص تنازله عنها لا يكون الحكم مخالفاً للقانون ويتعين لذلك رفض هذا النعي - لا يغير من ذلك ما يثيره الطاعن بشأن المادة 23 من القانون رقم 317 سنة 1952 خاصاً بحق العامل في الإجازة التي لم يحصل عليها تمسك بها أو لم يتمسك ومهما يكن زمن استحقاقها ذلك أن نص تلك المادة خاص بإجازة السنة الأخيرة في خدمة العامل إذا ما ترك العمل قبل قيامه بالإجازة. إذ يبين من المذكرة التفسيرية لتلك المادة أن للعامل "الحق في الحصول على أجره عن أيام الإجازة المستحقة له إذا ترك العمل قبل قيامه بها أياً كان سبب تركه الخدمة وقد قصد بذلك عدم حرمان العامل من حق الإجازة وما يستحقه عنها من أجر حتى ولو فصل وحرم من المكافأة لأن حقه في الإجازة يرجع إلى سبب سابق على أسباب الفصل" - وتلك حالة تختلف عن حالة هذه الدعوى بالنسبة لإجازة السنوات لغاية سنة 1950.
القسم الثالث:
من أسباب النعي الخاص بالتعويض:
وحيث إن النعي بما ورد في الوجه الأول من السبب الأول من هذا القسم مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه قد سبب قضاءه برفضه التعويض بما يأتي: "وحيث إنه عن التعويض الذي يطالب به المستأنف نظير الأضرار التي لحقته من جراء فصله بدون مبرر فإن هذه المحكمة ترى أن الأسباب التي قامت لدى الشركة لفصل المستأنف هي أسباب جدية تخولها حق فصله لأن الثابت من ميزانية سنة 1951 - 1952 أن الشركة وقعت في خسارة مالية في السنة المذكورة التي فصل فيها المستأنف مقدارها مليون جنيه وثمانمائة وخمسين ألف ومائة وستة جنيهاً وكسور الجنيه مما اضطر أحد الشركاء للتنازل لصالح الشركة عن مبلغ ستمائة ألف من الجنيهات من مستحقاته ومما اضطر الشركة إلى فصل عدد من الموظفين قدره أحد شهود المستأنف نفسه بنحو عشرة في المائة من مجموع موظفيها بقصد ضغط المصروفات حتى تتلافى الكارثة" - وفي هذا الذي أقام الحكم قضاءه عليه - استخلاصاً من أوراق الدعوى - في تبرير فصل الشركة المطعون عليها للطاعن وفي نفي العسف معه في ذلك بما يمتنع معه مساءلتها عن التعويض بسبب هذا الفصل. في كل ذلك ما يكفي لحمل الحكم فيما انتهى إليه من رفض طلب التعويض وما استطرد إليه الحكم بعد ذلك تزيداً من القول بأن المستأنف نفسه لم ينكر ما حل بالشركة بل قال إن ذلك نتيجة مغامراتها فإن هذا القول - مع التسليم بأنه لم يصدر من الطاعن - لا تأثير له على ما استندت إليه المحكمة من أسباب أخرى رأت فيها الكفاية - لتبرير فصل الشركة المطعون عليها للطاعن يستقيم بهذه الأسباب وحدها الحكم في هذا الخصوص ويقوم عليها قضاؤه. ومن ثم يكون ما ورد في هذا الوجه من خطأ الإسناد لا جدوى منه ويتعين رفضه.
وحيث إن الوجه الثاني من السبب الأول من القسم الثالث من أسباب النعي مردود ذلك أنه بحسب الحكم المطعون فيه أن يقرر - على ما سبق بيانه - أن الشركة المطعون عليها وقعت في خسارة مالية في سنة 1951 - 1952 لتبرير فصلها للطاعن في غضون سنة 1952 دون أن يكون على الشركة أن تتربص لنهاية السنة المذكورة حتى تجري فصله طالما أن سبب الفصل والمبرر له قائم فعلاً لدى الشركة وقت إجرائه ولم تكن ميزانية تلك السنة إلا كاشفة له وفي هذا ما ينفي عن الحكم ما يعيبه به الطاعن في هذا الوجه من قصور ويتعين لذلك رفض هذا النعي.
وحيث إن النعي بما ورد في السبب الثاني من القسم الثالث من أسباب النعي مردود. ذلك أن المادة 39 من القانون رقم 41 لسنة 1944 قد نصت على حق العامل في التعويض في حالة فسخ عقد العمل بغير مبرر كما نصت المادة 695/ 2 من القانون المدني على الحق في التعويض بسبب الفسخ التعسفي. وقد جرى قضاء هذه المحكمة بأن تقدير قيام المبرر لفصل العامل ونفي تعسف رب العمل في استعمال حق الفصل هو مسألة موضوعية يستقل بتقديرها قاضي الموضوع تقديراً لا معقب عليه فيه من محكمة النقض - ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى - على ما سبق بيانه - للأسباب السائغة التي أوردها إلى توافر المبرر لفصل الطاعن من عمله بالشركة المطعون عليها فإن ما يتحدى به الطاعن من القول بأن حق رب العمل في ذلك يجب أن يقوم على أساس استحالة استمرار المؤسسة في نشاطها ألا يلجؤنها إلى هذا الخفض - هذا القول لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في قيام هذا المبرر وتوافره مما يستقل قاضي الموضوع بتقديره لا يجوز إثارة هذا الجدل أمام هذه المحكمة. أما ما يعيب الطاعن الحكم به في الشق الثاني من هذا النعي فقد أورد الحكم في خصوصه أن الموظفين اللذين عينتهما الشركة وقت فصله استخدمتهما الشركة في وظيفة لا تناسب الطاعن الأمر الذي ينفي عن الشركة التعسف في استعمال حقها وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون طالما أن الطاعن لم يجادل في اختلاف عمل هذين الموظفين عن عمله ولا فيما قرره الحكم من عدم تناسب وظيفتهما له ويتعين لذلك رفض هذا النعي.
وحيث إن موضوع الدعوى صالح للفصل فيه. ويبين مما سبق أن مكافأة الطاعن عن مدة خدمته هي مبلغ 378 جنيهاً وأن مقابل إجازته عن نصف سنة 1952 يجب ألا تقل عن مبلغ 16 جنيهاً و335 مليماً الذي قضى له به الحكم الابتدائي الذي قبلته الشركة المطعون عليها ولم تستأنفه.

الطعن 405 لسنة 24 ق جلسة 23 / 4 / 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 54 ص 347

جلسة 23 من إبريل سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

-----------------

(54)
الطعن رقم 405 لسنة 24 القضائية

نقض "أسباب الطعن" "ما لا يعتبر أسباباً جديدة". دعوى "إجراءات رفع الدعوى" "الطلبات العارضة".
إبداء المدعي طلباً عارضاً شفاهاً في الجلسة في حضور الخصم وإثباته في محضرها وفقاً للمادة 150 مرافعات. اعتباره معروضاً على محكمة الموضوع. تعين الفصل فيه ما دام أن مقدمه لم يتنازل عنه. تمسك الطاعنة في تقرير الطعن بما هو ثابت بمحضر الجلسة في هذا الخصوص لا يعتبر تمسكاً بأسباب جديدة ممتنع إثارتها لأول مرة أمام النقض.

-----------------
متى قدم المدعي طلباً عارضاً يتضمن تعديل الطلب الأصلي وأبداه شفاهاً في الجلسة في حضور الخصم وأثبت في محضرها - وفقاً لأحكام المادة 150 من قانون المرافعات - فإن هذا الطلب يعتبر بداهة معروضاً على محكمة الموضوع ويصبح متعيناً عليها بحكم وظيفتها الفصل فيه ما دام أن من قدم الطلب العارض لم يتنازل عنه - ومن ثم فإن التمسك من جانب الطاعنة في تقرير الطعن بما هو ثابت في محضر الجلسة المشار إليها في هذا الخصوص لا يعتبر من قبيل التمسك بالأسباب الجديدة التي يمتنع إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 100 سنة 1948 كلي بني سويف على المرحوم أحمد محمود جابر "مورث المطعون عليهم الثلاثة الأولين" وعلى المطعون عليها الأخيرة طالبة الحكم بتثبيت ملكيتها إلى 10 أفدنة و11 قيراطاً و11 سهماً موضحة بالدعوى وبإلزام المرحوم أحمد محمود جابر بأن يدفع لها مبلغ 2565 جنيهاً و850 مليماً ريع هذا القدر من تاريخ تعيينه وصياً على الطاعنة وبتعيين حارس قضائي لاستلام هذه الأعيان واستغلالها حتى يفصل في النزاع القائم بين الخصوم وتنتهي حالة الشيوع.... إلخ - وبعد أن قضت المحكمة الابتدائية في 21/ 4/ 1948 برفض طلب الحراسة وفي 25 مايو سنة 1949 بندب مكتب الخبراء للانتقال للأعيان المتنازع عليها وتقدير ريعها وتحقيق وضع اليد ومدته وسببه وبيان صافي المطلوب للطاعنة بعد أن باشر الخبير عمله وأودع تقريره - طلبت الطاعنة إضافة ريع سنتي 1947 و1948 إلى طلباتها الأصلية - وبعد انقطاع سير الخصومة في 18/ 10/ 1950 لوفاة المرحوم أحمد محمود جابر عجلت الطاعنة الدعوى في مواجهة ورثته (المطعون عليهم الثلاثة الأولين). وفي 9/ 4/ 1952 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق في خصوص الريع وبتاريخ 11 مارس سنة 1953 أصدرت المحكمة الابتدائية حكماً قضت فيه بتثبيت ملكية الطاعنة إلى 10 فدادين و11 قيراطاً و11 سهماً شيوعاً في المقادير المبينة بالعريضة والكشف المودع بملف الدعوى وكف منازعة المدعى عليهم الثلاثة الأول بصفتهم ورثة المرحوم أحمد محمود جابر لها فيها وتسليمها إليها - كما حكمت بإلزامهم بأن يدفعوا لها من تركة مورثهم المذكور ما تستحقه الطاعنة من ريع قبله ومقداره 785 جنيهاً و805 مليماً.. إلخ فاستأنف المطعون عليهم الثلاثة الأولون هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 717 لسنة 70 ق طالبين إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى بكامل أجزائها مع إلزام الطاعنة بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وتناول الاستئناف قضاء المحكمة الابتدائية في شقيه بتثبيت ملكية الطاعنة للأطيان "والريع المحكوم به" وأسس المطعون عليهم الثلاثة المذكورين استئنافهم في خصوص تثبيت الملكية على أن المحكمة الابتدائية قضت للطاعنة بهذا الطلب، مع أنه لم يكن مطروحاً عليها ذلك أن الطاعنة كانت قد تنازلت عن هذا الطلب من طلباتها عند قيد دعواها - ولم تعد بعد ذلك إلى طلبه، فلم يكن للمحكمة الابتدائية أن تعتبر لهذا الطلب وجوداً ولا أن تقضي فيه بأي قضاء. وبتاريخ 16 مارس سنة 1954 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تثبيت الملكية والتسليم واستبعاد هذا الشطر من الدعوى لخروجه عن نطاق الخصومة مع إلزام المستأنف عليها الأولى (الطاعنة) بمصاريفه عن الدرجتين. وبتاريخ 7/ 12/ 1954 قررت الطاعنة الطعن بالنقض في هذا الشطر من قضاء محكمة الاستئناف وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها أبدت فيها أن الطعن غير مقبول شكلاً بالنسبة للمطعون عليها الأخيرة لبطلان إعلانها به وطلبت رفض الطعن، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 18 من فبراير سنة 1959 وفيها صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها وطلبت رفض الطعن وقررت دائرة الفحص بإحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحددت لنظره جلسة 2 من إبريل سنة 1959 وفيها صممت النيابة على رأيها السالف ذكره.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على أصل ورقة إعلان الطعن أن المحضر إذ انتقل إلى موطن المطعون عليها الأخيرة أثبت في محضر الإعلان أنه خاطب السيد زكريا عوض الموظف بطرف زوجها السيد محمد سليم جابر وسلمه صورة الإعلان، ولما كانت المادة 12 من قانون المرافعات قد نصت على أنه "إذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه في موطنه كان عليه أن يسلمه الورقة إلى وكيله أو خادمه أو لمن يكون ساكناً معه من أقاربه أو أصهاره.." وكان المخاطب معه ليس واحداً من هؤلاء إذ ليست له المطعون عليها الرابعة صلة من الصلات المبينة بتلك المادة - فإن إعلانها بالطعن يكون باطلاً، ويكون الطعن غير مقبول شكلاً بالنسبة له.
وحيث إنه بالنسبة لباقي المطعون عليهم فقد استوفى الطعن أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون كما خالف الثابت في الأوراق - ذلك أنه استند في قضائه بإلغاء الحكم الابتدائي بالنسبة لطلب الملكية إلى أن هذا الطلب كان مستبعداً ولم تعدل الطلبات بشأنه في مواجهة الخصوم في حين أن الثابت بمحضر جلسة 25/ 5/ 1949 هو أن الحاضر عن الطاعنة عدل الطلبات وأضاف إلهيا طلب تثبيت الملكية في مواجهة الحاضر عن المدعى عليه (مورث المطعون عليهم الثلاثة الأولين) وهو تعديل صحيح في حكم المادة 150 من قانون المرافعات التي تجيز تقديم الطلبات العارضة وتعديل موضوعها شفهياً بالجلسة في حضور الخصم ولكن محكمة الاستئناف لم تفطن إلى حصول هذا التعديل وإلى أنه أثبت رسمياً في محضر تلك الجلسة.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه كان يبين من الاطلاع على الصورة الرسمية لمحضر جلسة 25 من مايو سنة 1949 بمحكمة بني سويف الابتدائية (الوطنية) أن الحاضر عن المدعية (الطاعنة) طلب تثبيت ملكيته للقدر الوارد في محضر الجرد. وذلك في مواجهة الحاضر عن المدعى عليه، وكانت محكمة الاستئناف قد أقامت قضاءها باستبعاد الشطر الخاص بطلب تثبيت الملكية وبإلغاء الحكم المستأنف في هذا الخصوص على أن الطاعنة لم تعدل طلباتها في مواجهة مورث المستأنفين (المطعون عليهم الثلاثة الأولين) ولا في مواجهتهم إلى طلب تثبيت الملكية بعد أن كانت قد تنازلت عن هذا الطلب عند قيد الدعوى - فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف الثابت في الأوراق مما يتعين معه نقضه. وغير سديد ما ذهبت إليه النيابة العامة في مذكرتها من القول بعدم قبول النعي بهذا السبب بمقولة إن الطاعنة لم يسبق لها إثارته أمام محكمة الموضوع - ذلك لأنه متى قدم المدعي طلباً عارضاً يتضمن تعديل الطلب الأصلي وأبداه شفاهاً في الجلسة في حضور الخصم وأثبت في محضرها - وفقاً لأحكام المادة 150 من قانون المرافعات - فإن هذا الطلب يعتبر بداهة معروضاً على محكمة الموضوع ويصبح متعيناً عليها بحكم وظيفتها الفصل فيه ما دام أن من قدم الطلب العارض لم يتنازل عنه - والتمسك من جانب الطاعنة في تقرير الطعن بما هو ثابت في محضر الجلسة المشار إليها في هذا الخصوص لا يعتبر من قبيل التمسك بالأسباب الجديدة التي يمتنع عليها إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه متعين النقض لهذا السبب دون حاجة للنظر في باقي الأسباب.

الطعن 362 لسنة 24 ق جلسة 16 / 4 / 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 53 ص 341

جلسة 16 من إبريل سنة 1959

برئاسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: عثمان رمزي، وإبراهيم عثمان يوسف، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.

-------------

(53)
الطعن رقم 362 لسنة 24 القضائية

ضرائب "ضريبة الأرباح الاستثنائية".
معاملة تقدير رأس المال الحقيقي المستثمر من ناحية إجراءات التحديد نفس المعاملة المقررة لتقدير الأرباح العادية. م 5 من القرار الوزاري 26 لسنة 1942 باللائحة التنفيذية للقانون 60 لسنة 1941. إصدار المأمورية لقرار بتحديد رقم رأس المال الحقيقي المستثمر وإعلانه للممول من غير الشركات المساهمة وعدم تلق قبول منه. وجوب إحالة الأمر إلى لجنة التقدير لإصدار قرار بتحديد رقم رأس المال يعلن للممول أسوة بتقدير الأرباح. له وللمصلحة الطعن فيه وفق نصوص القانون 14 لسنة 1939 - عدم جواز ربط الضريبة الخاصة على الأرباح الاستثنائية في غير حالة قبول الممول تحديد المأمورية لرقم رأس المال أو صدور قرار من اللجنة بهذا التحديد ارتكاناً على اعتماد المصلحة للرقم الوارد بالإقرار.

--------------
مؤدى نص المادة الخامسة من القرار الوزاري رقم 26 لسنة 1942 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 60 لسنة 1941 بفرض ضريبة خاصة من الأرباح الاستثنائية أن يعامل تقدير رأس المال الحقيقي المستثمر من ناحية إجراءات التحديد نفس المعاملة المقررة لتقدير الأرباح "العادية" وفق أحكام القانون رقم 14 لسنة 1939 ولائحته التنفيذية، وينبني على ذلك أنه إذا أصدرت المأمورية قراراً بتحديد رقم رأس المال الحقيقي المستثمر وأعلنت به الممول (من غير الشركات المساهمة) ولم تتلق منه قبولاً لهذا التحديد وجب على المأمورية إحالة الأمر إلى لجنة التقدير لتصدر قراراً بتحديد رقم رأس المال المذكور وتقوم مصلحة الضرائب بإعلان الممول - أسوة بتقدير الأرباح - بخطاب موصى عليه مع علم الوصول ولكل من المصلحة والممول الطعن فيه وفق نصوص القانون 14 لسنة 1939، كما ينبني عليه أيضاً أنه لا يجوز لمصلحة الضرائب في غير حالة قبول الممول تحديد المأمورية لرقم رأس المال الحقيقي المستثمر - أو صدور قرار من لجنة التقدير بهذا التحديد - أن تربط الضريبة الخاصة على الأرباح الاستثنائية ارتكاناً على أنها اعتمدت الرقم الوارد "بالإقرار" عن رأس المال الحقيقي المستثمر، وإذ جانب الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه بتاريخ 25/ 12/ 1946 أخطرت مأمورية الضرائب المختصة الطاعن على النموذج 19 بأرقام أرباحه الصافية عن السنوات من 1941 حتى 1945. وبتحديد رأس ماله الحقيقي المستثمر في تلك المدة بمبلغ 3000 جنيه - ثم أخطرته المأمورية بعد ذلك - وفي 17 من يناير سنة 1947 على النموذج 20 بأنها لا زالت متمسكة بتقديرها - وبتاريخ 24 من يناير سنة 1947 - أصدرت لجنة التقدير - بعد أن أحيل أمر الخلاف بين الممول (الطاعن) والمطعون عليها قراراً بتحديد صافي أرباحه بمبالغ معينة فطعن الممول في هذا القرار بالدعوى رقم 251 لسنة 1949 تجاري كلي مصر أمام محكمة القاهرة الابتدائية وفي خلال نظر ذلك الطعن أمام المحكمة وبعريضة معلنة للمطعون عليها في 6 من إبريل سنة 1949 أضاف الممول إلى طلباته طلباً جديداً هو طلبه الحكم ببطلان إجراءات ربط الضريبة الاستثنائية عن سنتي 1941 و1942 حتى يصدر بشأنها قرار من لجنة التقدير وإلغاء الحجز الذي وقعته المصلحة في 23/ 12/ 1949 تنفيذاً لتلك الإجراءات واعتباره كأن لم يكن مع إلزام المصلحة بالمصروفات وأتعاب المحاماة والنفاذ - وأسس الطاعن طلب بطلان الإجراءات على أن مصلحة الضرائب ربطت عليه الضريبة الخاصة على أرباحه الاستثنائية عن السنتين المذكورتين ووقعت الحجز لتحصيلها دون أن تستصدر قراراً من لجنة التقدير بتحديد رأس ماله الحقيقي المستثمر. وبتاريخ 12/ 2/ 1950 قضت محكمة القاهرة الابتدائية في هذا الطلب ببطلان إجراءات مأمورية الضرائب المتعلقة بربط الضريبة الخاصة المستحقة عن سنتي 1941 و1942 وببطلان الحجز الموقع بناءً على هذه الإجراءات وألزمت مصلحة الضرائب بالمصروفات المناسبة لهذا الطلب وإعادة القضية للمرافعة لجلسة 14/ 5/ 1950 للنظر في باقي الطلبات - وبتاريخ 11 من يونيو سنة 1952 استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف رقم 353 لسنة 69 ق طالبة قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه واعتبار إجراءات المأمورية بربط الأرباح الاستثنائية وما توقع بناءً على ذلك من حجز صحيحاً ومطابقة لأحكام القانون مع إلزام المستأنف عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وبتاريخ 17/ 12/ 1953 حكمت محكمة الاستئناف حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى المرفوعة من المستأنف عليه مع إلزامه بكامل المصروفات عن الدرجتين ومبلغ 10 جنيه مقابل أتعاب المحاماة. وبتاريخ 17/ 10/ 1954 قرر الطاعن الطعن بالنقض في هذا الحكم وبعد استيفاء الإجراءات أبدت النيابة العامة رأيها في المذكرة المقدمة منها - بالنسبة لشكل الطعن بعدم قبوله للتقرير به من غير ذي صفة وبالنسبة لموضوعه بنقض الحكم المطعون فيه - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 21 من يناير سنة 1959 وفيها صممت النيابة العامة على الرأي المبدى بمذكرتها وطلبت إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 5 من مارس سنة 1959 وفيها صممت النيابة العامة على رأيها السالف ذكره.
وحيث إن النيابة العامة أثارت بمذكرتها أن المحامي الذي قرر بالطعن بالنيابة عن الطالب ليس بيده توكيل منه صالح لهذا الغرض. ذلك أن المنازعة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه متعلقة بالضريبة الخاصة على الأرباح الاستثنائية بينما أن التوكيل الصادر من الطالب للمحامي المقرر بالطعن والمرفق بالملف قاصر على ما يكون بين الطالب ومصلحة الضرائب من نزاع خاص بتحديد الأرباح التجارية والصناعية وإذ كانت المنازعة محل الطعن تخرج عن هذا النطاق فإن الطعن بالنقض يكون غير مقبول للتقرير به عن غير ذي صفة.
وحيث إن هذا الذي أثارته النيابة العامة بمذكرتها مردود بأنه وإن كان يبين من الاطلاع على التوكيل المودع بملف الطعن والصادر من الطالب للمحامي المقرر به أنه لم يصرح فيه بشموله للمنازعات المتعلقة بالضريبة الخاصة على الأرباح الاستثنائية إلا أنه يبين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه أعلن للطاعن في 21/ 9/ 1954 وأن التوكيل صدر منه لمحاميه في يوم 16 من أكتوبر سنة 1954 ثم قرر الأخير في اليوم التالي لصدور هذا التوكيل بالطعن بطريق النقض الأمر الذي يستفاد منه أن التوكيل إنما قصد الطعن به بالنقض في الحكم المطعون فيه ومن ثم يكون التقرير بالطعن بالنقض صادراً من ذي صفة في التقرير به.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما ينعى به الطاعن في الأسباب الثلاثة الواردة بالتقرير على الحكم المطعون فيه أنه مشوب بالخطأ في القانون وبالقصور في الاستدلال وببطلان الإسناد وفي ذلك ذكر الطاعن أن مأمورية الضرائب ربطت عليه الضريبة الخاصة على الأرباح الاستثنائية عن سنتي 1941، 1942 دون أن يكون هناك اتفاق على تحديد رأس المال الحقيقي المستثمر وقد كان يتعين على المأمورية في حالة عدم اتفاقها معه على ذلك اتفاقاً صريحاً أن تحيل الأمر إلى لجنة التقدير لتصدر بتحديد رأس المال المذكور قراراً يتخذ أساساً لربط الضريبة الخاصة ويكون للممول حق الطعن فيه بالأوضاع المرسومة لذلك قانوناً وهذه الإجراءات تجري بالمطابقة التامة لما هو متبع في تحديد الأرباح التجارية والصناعية تمهيداً لربط الضريبة الخاصة بها - ولا يتسنى للمأمورية - في غير الحالتين المتقدم ذكرهما - أن تجري ربط الضريبة الخاصة على الطاعن من تلقاء نفسها ثم توقع الحجز عليه ارتكاناً على أنها أخطرته بخطاب موصى عليه بتحديدها رأس ماله الحقيقي المستثمر بـ 3000 جنيه وأنه لم يبد على هذا التحديد اعتراضاً ما - وقد أخطأ الحكم المطعون فيه إذ أقر مصلحة الضرائب على ما اتبعته من إجراءات مخالفة للقانون مستنداً إلى أن الطاعن قد تقدم بإقرارات تفيد أنه بدأ نشاطه في سنة 1940 بـ 1500 جنيه ثم ارتفع الرقم في السنة التالية إلى 1800 جنيه وأن المأمورية إذ حددت رأس المال الحقيقي المستثمر في كل من سنتي النزاع بـ 3000 جنيه فإنها تكون قد اعتمدت إقراراته وحددت رأس المال بالحد الذي تقضي به الفقرة ثانياً من المادة 2 من القانون 60 لسنة 1941 وهو استناد لا يقيم الحكم المطعون فيه - ذلك لأنه لا محل للتعويل في تحديد رأس المال الحقيقي المستثمر على ما يدلي به الممول في الإقرارات الخاصة بضريبة الأرباح التجارية والصناعية والتي لا يعتبر رأس المال فيها عنصراً من عناصر تقدير الأرباح ولا يعتد كذلك بما يرد على لسانه عند مناقشة المأمورية له بخصوص تلك الإقرارات.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على نظر حاصله أن مأمورية الضرائب بعد أن تلقت من الطاعن إقراره الذي ورد به أنه بدأ نشاطه في منشأته برأس مال قدره 1500 جنيه ثم ارتفع في السنة التالية إلى 1800 جنيه أخطرته بالأرقام التي قدرتها لأرباحه العادية في سني المحاسبة من 41 - 45 كما أخطرته إلى جانب ذلك بتقديرها لرأس ماله الحقيقي المستثمر في كل من سنتي 1941 و1942 - 3000 جنيه ولما لم تتلق منه رداً بالقبول رفعت الأمر إلى لجنة تقدير الضرائب لتفصل في أمر الخلاف القائم بين الممول وبينها بخصوصها - أما فيما يتعلق بالضريبة الخاصة على الأرباح الاستثنائية فإنه لم يكن ثمت من خلاف بينها وبين الممول يستدعي الإحالة إلى لجنة التقدير وإذ حددت المأمورية رأس المال الحقيقي المستثمر بـ 3000 جنيه في كل من سنتي المحاسبة - فإنها قد اعتمدت إقرار الممول المقدم إليها - وهو إقرار أكدته أقواله على النموذج 16 ضرائب - كما أنها أعملت نص المادتين الثانية فقرة ثانية والثالثة فقرة أخيرة من القانون 60 لسنة 1941 المعدل بالقانون 87 لسنة 1942 بأن رفعت رقمي رأس المال المحدد بمعرفة الممول نفسه وهما 1500 جنيه و1800 جنيه إلى النصاب القانوني الواجب عدم نزول الرقم عنه أي إلى مبلغ 3000 جنيه ولا محل بعد ذلك للقول بأنه كان ثمت خلال بين الممول وبينها يستوجب طرح الأمر على لجنة التقدير وفقاً لنص المادة 52 من القانون 14 لسنة 1939 إذ الخلاف حول رقم رأس المال معدوم - وهذا الذي أقام الحكم المطعون فيه عليه قضاءه مخالف للقانون ذلك أنه لما كانت المادة الخامسة من القرار الوزاري رقم 26 لسنة 1942 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 60 لسنة 1941 بفرض ضريبة خاصة على الأرباح الاستثنائية تنص على أنه "يصدر بتحديد رقم رأس المال المستثمر في المنشأة الذي يتخذ أساساً للنسبة المئوية المنصوص عليها في الفقرة ثانياً من المادة الثانية من القانون رقم 60 لسنة 1941 قرار من المأمور يعلن للممول بخطاب موصى عليه بعلم الوصول ويجوز للممول الطعن في هذا التحديد بالطرق وفي المواعيد المنصوص عليها في المواد 45 وما بعدها من الكتاب الثاني من القانون رقم 14 لسنة 1939" فإن من مؤدى ذلك أن يعامل تقدير رأس المال الحقيقي المستثمر من ناحية إجراءات التحديد نفس المعاملة المقررة لتقدير الأرباح "العادية" وفق أحكام القانون 14 لسنة 1939 ولائحته التنفيذية فينبني على ذلك أنه إذا أصدرت المأمورية قراراً بتحديد رقم رأس المال الحقيقي المستثمر وأعلنت به الممول من غير "الشركات المساهمة" ولم تتلق منه قبولاً لهذا التحديد وجب على المأمورية إحالة الأمر إلى لجنة التقدير لتصدر قراراً بتحديد رقم رأس المال المذكور وتقوم مصلحة الضرائب بإعلانه للممول أسوة بتقدير الأرباح بخطاب موصى عليه مع علم الوصول ولكل من المصلحة والممول الطعن فيه وفق نصوص القانون 14 لسنة 1939 - كما ينبني عليه أيضاً أنه لا يجوز لمصلحة الضرائب في غير حالة قبول الممول تحديد المأمورية لرقم رأس المال الحقيقي المستثمر - أو صدور قرار من لجنة التقدير بهذا التحديد - أن تربط الضريبة الخاصة على الأرباح الاستثنائية - ارتكاناً على أنها اعتمدت الرقم الوارد "بالإقرار" عن رأس المال الحقيقي المستثمر - ولما كان الحكم المطعون فيه قد جانب هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.

الخميس، 20 يوليو 2023

الطعن رقم 84 لسنة 43 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 8 / 7 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من يوليه سنة 2023م، الموافق العشرين من ذي الحجة سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 84 لسنة 43 قضائية دستورية

المقامة من
شركة ستاركو للمشروبات
ضد
1- رئيس مجلس الوزراء
2- وزيــر العــــدل

-----------------
" الإجـراءات "
بتاريخ العاشر من أكتوبر سنة 2021، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم، أصليًّا: بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، واحتياطيًّا: بعدم دستورية عبارة ولا يقبل الطعن فيه بأي طريق الواردة بالفقرة الأولى منها.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت الشركة المدعية مذكرة بدفاعها، تمسكت في ختامها بطلباتها الواردة بصحيفة دعواها، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

---------------

" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسـائـر الأوراق - في أن الشركة المدعية أقامت أمام محكمة الغردقة الجزئية الدعوى رقم 34 لسنة 2020 مدني حكومة، ضد المدعى عليه الثاني، بطلب الحكم بإقالتها من الغرامات المفروضة عليها في الدعاوى المشار إليها بصحيفة الدعوى، وردّ جميع المبالغ المسددة عن تلك الغرامات. قولًا منها أنه أثناء نظر الدعاوى أرقام 330 و331 و332 و333 و334 لسنة 2016 مدني كلي البحر الأحمر، المقامة منها ضد آخرين، أوقعت المحكمة غرامة على الشركة المدعية، قدرها ثلاثمائة جنيه في كل دعوى، مع تكليفها بإعلان المدعى عليهم بأصل الصحيفة، إعلانًا قانونيًّا صحيحًا، وبجلسة 24/ 12/ 2020، حكمت المحكمة بعدم اختصاصها نوعيًّا بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها لمحكمة البحر الأحمر الابتدائية؛ استنادًا إلى صدور قرارات الغرامة المشار إليها؛ إعمالًا لنص المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وأن التظلم منها يكون أمام المحكمة التي أصدرتها. ونفاذًا لهذا القضاء، أُحيلت الدعوى إلى محكمة البحر الأحمر الابتدائية، وقيدت برقم 18 لسنة 2021 مدني كلي حكومة الغردقة، وبجلسة 28/ 4/ 2021، حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون؛ لعدم تقديم ما يفيد اللجوء إلى لجنة فض المنازعات. وإذ لم ترتض الشركة المدعية ذلك القضاء، فقد طعنت عليه أمام محكمة استئناف قنا (مأمورية استئناف عالي البحر الأحمر) بالاستئناف رقم 246 لسنة 40 قضائية، وحال نظره دفعت بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت للشركة المدعية برفع الدعوى الدستورية، فأقامت الدعوى المعروضة، ناعية على النص المطعون فيه تعارضه مع الأحكام الواردة بنص المادة (85) من القانون ذاته، ولقاعدة التقاضي على درجتين، وما يرتبه النص من آثار مالية تؤثر سلبًا على المواطنين.
ومن جهة أخرى، كانت الشركة المدعية قد أقامت الدعوى التي صار قيدها أمام محكمة البحر الأحمر الابتدائية برقم 95 لسنة 2019 مدني كلي الغردقة، ضد المدعى عليه الثاني وآخر؛ طلبًا للحكم بإلغاء القرارات الصادرة بتغريم الشركة المدعية بالغرامات الواردة بالدعاوى المشار إليها، وإقالتها من تلك الغرامات. وبجلسة 26/ 11/ 2019، حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى؛ تأسيسًا على عدم جواز الطعن على قرارات التغريم، إعمالًا لنص المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية. طعنت الشركة المدعية على هذا الحكم أمام محكمة استئناف قنا - مأمورية استئناف البحر الأحمر- بالاستئناف رقم 577 لسنة 38 قضائية، وبجلسة 23/ 6/ 2020، قضت المحكمة بعدم جواز الاستئناف؛ لكون الحكم المستأنف صادرًا في حدود النصاب الانتهائي لمحكمة أول درجة.
وحيث إنه عن الدفع المُبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى شكلًا للتجهيل بصحيفة الدعوى، لخلوها من بيان النصوص الدستورية المدعى بمخالفتها، وأوجه هذه المخالفة؛ فمردود بأن المستقر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن ما توخاه المشرع من نص المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا، يُعدُّ متحققًا، كلما تضمن قرار الإحالة أو صحيفة الدعوى ما يعين على تحديد المسألة الدستورية، سواء كان ذلك بطريق مباشر أم غير مباشر؛ إذ ليس لازمًا للوفاء بالأغراض التي استهدفتها المادة (30) من قانون هذه المحكمة، أن يتضمن قرار الإحالة أو صحيفة الدعوى تحديدًا مباشرًا وصريحًا للنص التشريعي المطعون بعدم دستوريته، والنص الدستوري المدعى بمخالفته، وأوجه المخالفة. بل يكفي أن تكون المسألة الدستورية التي يراد الفصل فيها قابلة للتعيين، بأن تكون الوقائع التي تضمنها قرار الإحالة أو صحيفة الدعوى - في ترابطها المنطقي - مفضية إليها، جلية في دلالة الإفصاح عنها. لما كان ذلك، وكان الثابت بصحيفة الدعوى الدستورية أنها قد تضمنت النعي على النص المطعون فيه تحصينه عملًا ولائيًّا من الطعن عليه، فضلًا عن أن الغرامة - كجزاء مدني - تنتقص من العناصر الإيجابية للذمة المالية للمواطن، وبذلك تضحى المسألة الدستورية المثارة بصحيفة الدعوى قابلة للتعيين، وتتحدد في مخالفة النص المطعون فيه للمادتين (35 و97) من الدستور، ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى شكلًا على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إن المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 وتعديلاته تنص في فقرتها الأولى على أن تحكم المحكمة على من يتخلف من العاملين بها أو من الخصوم عن إيداع المستندات أو عن القيام بأي إجراء من إجراءات المرافعات في الميعاد الذي حددته له المحكمة بغرامة لا تقل عن أربعين جنيها ولا تجاوز أربعمائة جنيه ويكون ذلك بقرار يثبت في محضر الجلسة له ما للأحكام من قوة تنفيذية. ولا يقبل الطعن فيه بأي طريق ولكن للمحكمة أن تقيل المحكوم عليه من الغرامة كلها أو بعضها إذا أبدى عذرًا مقبولاً .
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أنه لا يجوز قبول الدعوى الدستورية إلا بتوافر الشروط اللازمة لاتصالها بها، وفقًا للأوضاع المنصوص عليها في قانونها، ويندرج تحتها شرط المصلحة التي حددتها المحكمة الدستورية العليا بأنها المصلحة الشخصية المباشرة التي لا يكفي لتحققها أن يكون النص التشريعي المطعون فيه مخالفًا للدستور. بـل يجب أن يكون هـذا النص - بتطبيقه على المدعي - قد ألحق به ضررًا مباشرًا، وأن مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - إنما يتحدد على ضوء عنصـرين أولين، يحددان - معًا - مضمونها، ولا يتداخل أحدهما مع الآخر أو يندمج فيه، وإن كان استقلالهما عن بعضهما البعض لا ينفي تكاملهما، ومن دونهما مجتمعين لا يجوز لهذه المحكمة أن تباشر رقابتها على دستورية القوانين واللوائح؛ أولهما: أن يقيم المدعي، وفى حدود الصفة التي اختصم بها النص التشريعي المطعون فيه، الدليل على أن ضررًا واقعيًّا - اقتصاديًّا أو غيره - قد لحق به، ويجب أن يكون هذا الضرر مباشرًا مستقلًا بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو مجهلًا، بما مؤداه: أن الرقابة على الدستورية يجب أن تكون موطئًا لمواجهة أضرار واقعية؛ بغية ردها وتصفية آثارها القانونية، ولا يتصور أن تقوم المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطة بدفعها. ثانيهما: أن يكون مردُّ الأمر في هذا الضرر للنص التشريعي المطعون فيه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق على المدعي أصلاً، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية؛ ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني، بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه عند رفعها.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن مفاد نص المادة (49) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 المعدل بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998، وما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون، أنه ما لم تحدد المحكمة تاريخًا آخر لنفاذ أحكامها، فإن الأصل أن قضاءها بعدم الدستورية المتعلق بنص غير جنائي - عدا النصوص الضريبية - يكون له أثر رجعي، ينسحب إلى الأوضاع والعلائق التي اتصل بها ويؤثر فيها، حتى ما كان منها سابقًا على نشره في الجريدة الرسمية، ما لم تكن الحقوق والمراكز القانونية التي ترتبط به قد استقر أمرها، بناء على حكم قضائي بات أو بانقضاء مدة تقادم تقررت بموجب حكم قضائي بات، قبل صدور قضاء المحكمة الدستورية العليا.
وحيث إن البيَّن من الأوراق أن الشركة المدعية أقامت الدعوى التي صار قيدها برقم 95 لسنة 2019 مدني كلي الغردقة، ضد وزير العدل ورئيس الدائرة المدنية الرابعة بمحكمة البحر الأحمر الابتدائية، بطلب الحكم بإلغاء القرارات الصادرة بتغريمها في الدعاوى أرقام 330 و331 و332 و333 و334 لسنة 2016 مدني كلي البحر الأحمـر، وإلزامهمـا بإقالتها من تلك الغرامـات، مع ما يترتب على ذلك من آثار - وهو عين النزاع في الدعوى الموضوعية التي أقيمت بمناسبتها الدعوى الدستورية المعروضة - وبجلسة 26/ 11/ 2019، حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى؛ تأسيسًا على عدم جواز الطعن على قرارات التغريم الصادرة؛ طبقًا لنص المادة (99) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، فاستأنفت الشركة المدعية هذا الحكم أمام محكمة استئناف قنا (مأمورية استئناف عالي البحر الأحمر) بالاستئناف رقم 577 لسنة 38 قضائية، وبجلسة 23/ 6/ 2020، قضت المحكمة بعدم جواز الاستئناف، وأصبح هذا الحكم باتًّا؛ إذ لم يطعن عليه أمام محكمة النقض، بما مؤداه: أن القضاء في المسألة الدستورية المتعلقة بالنص المطعون فيه، لن يكون ذا أثر أو انعكاس على النزاع الموضوعي، بعد أن استقر المركز القانوني للشركة المدعية بحكم قضائي بات، لتنتفي بذلك المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى المعروضة؛ مما يتعين معه القضاء بعدم قبولها.
فلهـذه الأسبـاب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات.

الطعن رقم 40 لسنة 44 ق دستورية عليا "تنازع" جلسة 8 / 7 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن مــــن يوليه سنة 2023م، الموافق العشرين من ذي الحجة سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 40 لسنة 44 قضائية تنازع

المقامة من
مصطفى إبراهيم حسن إبراهيم
ضــد
1- عماد عبد النبي أحمد
2- فاطمة محمد عادل أحمد
3- رمضان عبد الفتاح عبد الفتاح إبراهيم
4- محمود أشرف عبد المسامح أبو سريع
5- عطية بكر إمام شحاته

-----------------

" الإجراءات "

بتاريخ الثاني والعشرين من نوفمبر سنة 2022، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبًا للحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة - مأمورية الجيزة - بجلسة 10/ 8/ 2021، في الاستئناف رقم 5785 لسنة 137 قضائية، طعنًا على حكم محكمة أكتوبر الابتدائية الصادر بجلسة 30/ 5/ 2020، في الدعوى رقم 851 لسنة 2017 مدني كلي؛ لحين الفصل في دعوى التنازع المعروضة. وفي الموضوع: بعدم الاعتداد بذلك الحكم، والاعتداد بحكم محكمة العمرانية الجزئية، الصادر بجلسة 30/ 11/ 2020، في الدعوى رقم 509 لسنة 2017 مدني.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
-----------------

" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى أقام أمام محكمة العمرانية الجزئية الدعوى رقم 509 لسنة 2017 مدني، ضد المدعى عليه الخامس، طلبًا للحكم بإلزامه بتسليمه العقار الكائن بشارع زياد فاضل رمضان - زمام الكوم الأخضر - محافظة الجيزة، المبين الحدود والمساحة بصحيفة الدعوى؛ وذلك على سند من شرائه للعقار المشار إليه بموجب عقد بيع مؤرخ 21/ 3/ 2016، من المدعى عليه الخامس، وسداده لكامل الثمن المتفق عليه. وبجلسة 30/ 11/ 2020، حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليه الخامس بأن يسلم المدعي العقار محل التداعي، وصار الحكم نهائيًّا لعدم الطعن عليه، ومحلًّا لطلب التنفيذ رقم 211 لسنة 2022 الطالبية. ومن جهة أخرى، أقام المدعى عليه الأول أمام محكمة أكتوبر الابتدائية، الدعوى رقم 851 لسنة 2017 مدني كلي، ضد المدعى عليهم الثانية والثالث والرابع. طلبًا للحكم، أولاً: بطرد المدعى عليهم من الأرض المملوكة له، الكائنة بحوض البوهات رقم (7) زمام الكوم الأخضر، والمبينة بمحضر المعاينة وصحيفة الدعوى وعقد البيع، وتسليم الأرض خالية من الأشياء والأشخاص، ثانيًا: بإلزام المدعى عليهم متضامنين بتعويض مقداره مائتان وخمسون ألف جنيه، وذلك عما أصابه من أضرار مادية ومعنوية جراء اغتصابهم أرض التداعي، ومنعه من استغلالها. وبجلسة 30/ 5/ 2020، حكمت المحكمـة بـــرفـــض الـدعوى. طعــــن المـدعـى عـليه الأول على الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة - مأمورية الجيزة - بالاستئناف رقم 5785 لسنة 137 قضائية. وبجلسة 10/ 8/ 2021، قضت المحكمة، أولاً: بعدم جواز استئناف طلب التعويض، ثانيًا: بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب الطرد والتسليم، والقضاء مجددًا بطرد المدعى عليهم المذكورين من عقار التداعي، المبين بصحيفة الدعوى وتقرير الخبير؛ للغصب، وتسليمه للمدعى عليه الأول، خاليًا من الأشخاص والأشياء. وقد صار الحكم نهائيًّا ومحلًّا لطلب التنفيذ رقم 257 لسنة 2022 الطالبية.
وإذ ارتأى المدعي أن ثمة تناقضًا بين الحكم الصادر من محكمة العمرانية الجزئية بجلسة 30/ 11/ 2020، في الدعوى رقم 509 لسنة 2017 مدني، والحكم الصـادر من محكمة استئناف القـــاهـرة - مـــأموريــة الجيــزة - بجلسة 10/ 8/ 2021، في الاستئناف رقم 5785 لسنة 137 قضائية، لتعامدهما على محل واحد هو تسليم العقار محل التداعي لشخصين مختلفين، مما يتعذر تنفيذهما معًا، فأقام المدعى الدعوى المعروضة.
وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، طبقًا لنص البند (ثالثًا) من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون أحد الحكمين صادرًا من إحدى جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع في موضوعه، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معًا، مما مؤداه: أن النزاع الذي يقوم بسبب تناقض الأحكام النهائية وتنعقد لهذه المحكمة ولاية الفصل فيه، هو ذلك الذي يكون بين أحكام صادرة من أكثر من جهة من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، فإذا كان التناقض واقعًا بين حكمين صادرين من محكمتين تابعتين لجهة قضاء واحدة، فإن لمحاكم تلك الجهة ولاية الفصل فيه، وفقًا للقواعد المعمول بها في نطاقها، حيث تتولى المحكمة المختصة بتلك الجهة تقويم اعوجاجهما، تصويبًا لما يكون قد شابهما من خطأ في تحصيل الوقائع أو تطبيق القانون أو هما معًا.
وحيث إنه لما كان ذلك، وكان الحكمان المدعى تناقضهما في الدعوى المعروضة صادرين عن محكمتين تابعتين لجهة قضاء واحدة، هي جهة القضاء العادي، فإن التناقض المدعى به - بفرض قيامه - لا يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه، إذ لا تُعد هذه المحكمة جهة طعن في الأحكام الصادرة من الجهات القضائية الأخرى. ومن ثم، تفتقد دعوى التناقض المعروضة مناط قبولها، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
وحيث إنه عن الطلب العاجل بوقف التنفيذ، فمن المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين أو كليهما يُعد فرعًا من أصل النزاع حول فض التناقض بينهما. وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى عدم قبول الدعوى المعروضة، فإن مباشرة رئيس المحكمة الدستورية العليا اختصاص البت في هذا الطلب، وفقًا لنص المادة (32) من قانونها المشار إليه، يكون قد صار غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.