الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 21 يوليو 2023

الطعن 11 لسنة 25 ق جلسة 23 / 4 / 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 55 ص 351

جلسة 23 من إبريل سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

----------------

(55)
الطعن رقم 11 لسنة 25 القضائية

(أ) عمل "إجازة العامل" "الإجازات الاعتيادية" "مقابل الإجازة".
الأجر الثابت الذي يتقاضاه العامل شهرياً مقابل ما يؤديه من عمل هو الذي يحسب على أساسه مقابل الإجازة. لا اعتبار للملحقات. م 37 من ق 41 سنة 1944.
(ب) عمل "إجازة العامل" "الإجازات الاعتيادية" "الإجازة السنوية".
الإجازة السنوية حق أوجبه المشرع سنوياً للعامل. تعلقه بالنظام العام. عدم جواز التنازل عنه مشروط بألا تكون السنة التي تستحق فيها الإجازة قد مضت. علة ذلك.
(ج) عمل "إجازة العامل" "الإجازات الاعتيادية" "الإجازات السنوية".
حق العامل في إجازة السنة الأخيرة من خدمته إذا ترك العمل قبل قيامه بالإجازة. تمسك بها أم لم يتمسك. مهما يكن زمن استحقاقها. م 23 ق 317 سنة 1952.
(د) عمل "الأجر". محكمة الموضوع.
إقرار محكمة الموضوع رب العمل على ما ارتآه من أن بعض المبالغ التي صرفت للعامل هي أجل عمل إضافي. لا مكافأة أو منحة. عدم احتسابها له ضمن الأجر الذي تحدد على أساسه مكافأة نهاية الخدمة. تقدير موضوعي. لا سلطان عليها فيه لمحكمة النقض.
(هـ) عمل "انتهاء عقد العمل".
وجوب عدم التعسف في إنهاء العقد. وقوع رب العمل في خسارة مالية. ضغطه لمصروفاته. الاستغناء عن بعض العمال. سبب سائغ في توفر المبرر للفصل. القول بأن حق رب العمل في ذلك مشروط باستحالة استمرار المؤسسة في نشاطها إلا بلجوئها إلى هذا الخفض. جدل موضوعي في قيام المبرر وتوافره. لا يثار أمام محكمة النقض.
(و) عمل "انتهاء عقد العمل" "آثار انتهاء العقد".
تقدير قيام المبرر لفصل العامل ونفي تعسف رب العمل في استعمال حق الفصل. مسألة موضوعية.

------------------
1 - مقابل الإجازة للعامل أو المستخدم بأجرة شهرية هو طبقاً لنص المادة 37 من القانون رقم 41 لسنة 1944 الخاص بعقد العمل الفردي أجر خمسة عشر يوماً في السنة. والأجر الذي يحسب على أساسه مقابل الإجازة هو الأجر الثابت الذي يتقاضاه العامل أو المستخدم شهرياً مقابل ما يؤديه من عمل دون ما اعتبار لما قد يكون هناك من ملحقات للأجر تدخل فيه عند حساب مكافأة نهاية مدة الخدمة.
2 - الإجازة السنوية وإن كانت حقاً أوجبه المشرع سنوياً للعامل لاستعادة نشاطه وقواه المادية والمعنوية تنمية للإنتاج مما يجعل هذا الحق بسبب ذلك متعلقاً بالنظام العام لا يجوز التنازل عنه - إلا أن مناط ذلك ألا تكون السنة التي تستحق فيها الإجازة قد مضت قبل حصول العامل على تلك الإجازة فلا يجوز عندئذ التنازل عنها قبل موعد حلولها أما إذا حل ميعاد الإجازة وانقضت السنة التي تستحق فيها دون أن يحصل العامل فيها عليها فقد انقطعت الصلة بين الإجازة المذكورة واعتبارات النظام العام التي تبررها وانقضت تبعاً لذلك علة هذا الحظر بالنسبة لإجازة السنة المذكورة وأصبحت تلك الإجازة بعد ذلك كسائر حقوق العامل العادية يرد عليها التنازل.
3 - نص المادة 23 من القانون رقم 317 لسنة 1952 بشأن حق العامل في الإجازة التي لم يحصل عليها تمسك بها أو لم يتمسك ومهما يكن زمن استحقاقها - خاص بإجازة السنة الأخيرة في خدمة العامل إذا ما ترك العمل قبل قيامه بالإجازة.
4 - إذا رأت محكمة الموضوع إقرار رب العمل على ما ارتآه من أن بعض المبالغ التي صرفت للعامل إنما هي أجر عمل إضافي طبقاً للكشف المقدم منه لا مكافأة أو منحة وأن هذا الأجر الإضافي لا يدخل ضمن الأجر الذي تحدد على أساسه مكافأة نهاية الخدمة ولا يضاف إليه، فإن ما انتهت إليه - بما لها من سلطة في تقدير الموضوع وفي فهم الواقع في الدعوى بما تؤدي إليه أوراقها - لا سلطان عليها فيه لمحكمة النقض.
5 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض التعويض على أن الأسباب التي قامت لدى الشركة لفصل العامل هي أسباب جدية تخولها حق فصله لما وقعت فيه من خسارة مالية مما اضطرها إلى تخفيض عدد عمالها بقصد ضغط المصروفات حتى تتلافى الكارثة وكانت هذه الأسباب التي أوردها سائغة في توافر المبرر لفصل الطاعن من عمله بالشركة المطعون عليها - فإن ما يتحدى به الطاعن من القول بأن حق رب العمل في ذلك يجب أن يقوم على أساس استحالة استمرار المؤسسة في نشاطها إلا بلجوئها إلى هذا الخفض - لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في قيام هذا المبرر وتوافره مما يستقل قاضي الموضوع بتقديره لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - تقدير قيام المبرر لفصل العامل ونفي تعسف رب العمل في استعمال حق الفصل هو مسألة موضوعية يستقل بتقديرها قاضي الموضوع تقديراً لا معقب عليه فيه من محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتلخص في أن الطاعن رفع الدعوى رقم 458 سنة 1953 مدني كلي إسكندرية ضد الشركة المطعون عليها يطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 5991 جنيهاً، 230 مليماً والفوائد القانونية المستحقة من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وذلك في مقابل ما يستحقه لدى الشركة من مكافأة نهاية الخدمة ومقابل الإنذار ومقابل الإجازات التي لم يحصل عليها ومقابل التعويض عن فصله التعسفي من الشركة إذ كان يعمل بها مدة ثمانية عشر عاماً بلغ مرتبه في نهايتها بملحقاته من إعانة غلاء ومنحه مبلغ 52 جنيهاً، 170 مليماً وأرسلت له الشركة بتاريخ 30 من مايو سنة 1952 خطاباً مؤرخاً في 28 منه تعلنه بالاستغناء عن خدماته اعتباراً من 31 مايو سنة 1952. وبتاريخ 27 من ديسمبر سنة 1953 حكمت المحكمة بإلزام الشركة المطعون عليها بأن تدفع للطاعن مبلغ 343 جنيهاً، 35 مليماً من ذلك مبلغ 294 جنيهاً، 30 مليماً مكافأة نهاية الخدمة محسوبة على أساس مرتب تسعة شهور باعتبار المرتب الشهري مبلغ 32 جنيهاً، 670 مليماً ومبلغ 32 جنيهاً، 670 مليماً مرتب شهر مقابل الإنذار ومبلغ 16 جنيهاً، 335 مليماً مرتب نصف شهر مقابل إجازة سنة 1952 ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف إسكندرية برقم 87 سنة 10 ق. وبتاريخ 28 من يوليه سنة 1954 حكمت المحكمة الاستئنافية بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الشركة المطعون عليها بأن تدفع للطاعن مبلغ 433 جنيهاً، 992 مليماً من ذلك مبلغ 367 جنيهاً، 500 مليماً مكافأة نهاية المدة باعتبار المرتب الشهري للطاعن 42 جنيهاً، 3 مليمات ومبلغ 42 جنيهاً مقابل الإنذار ومبلغ 24 جنيهاً 492 مليماً مقابل إجازة عن سنة 1951 ونصف سنة 1952 ورفضت الاستئناف فيما عدا ذلك. وبتاريخ 10 من يناير سنة 1955 قرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم بالنسبة للسبب الثاني من القسم الأول من أسباب الطعن وبتاريخ 17 من فبراير سنة 1959 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على رأيها فقررت الدائرة إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 26 من مارس سنة 1959 وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطاعن قسم أسباب طعنه إلى ثلاثة أقسام أولها خاص بالمكافأة والثاني خاص بمقابل الإجازات والثالث خاص بالتعويض ويقوم نعيه في القسم الأول على سببين محصل أولهما - خطأ الحكم في الإسناد مع قصور تسببيه وخطؤه في الاستدلال ذلك أن الحكم نسب إلى الطاعن على خلاف الواقع أنه طلب اعتماد الكشف المقدم من المطعون عليها في شأن المرتبات الإضافية مع أن الطاعن لم يطلب من محكمة الاستئناف ذلك ولا هو سكت عنه وإنما أنكره على الشركة وطعن عليه بالتحريف والتضليل فيه وكانت من نتيجة هذا الإسناد الخاطئ أن استبعد الحكم من حساب المنحة المعتبرة قانوناً جزءاً من الأجر المبالغ الموصوفة خطأ في الكشف بأنها أجور عمل إضافي ونزل بالماهية بسبب ذلك إلى مبلغ 42 جنيهاً و3 مليماً شهرياً بينما هي في حقيقتها مبلغ 52 جنيهاً و170 مليماً شهرياً. كما أغفل الحكم الرد على ما نعاه الطاعن على هذه الكشوف. ومحصل السبب الثاني من هذا القسم مخالفة الحكم للقانون فيما أجراه من حساب المكافأة على خلاف ما تقضي به المادة 23 من القانون رقم 41 لسنة 1944 من احتساب المكافأة على أساس أجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات الست الأولى وأجر شهر عن كل سنة من السنوات الباقية بحيث لا تزيد المكافأة على أجر تسعة شهور وإذا كانت مدة خدمة الطاعن 17 سنة و6 شهور فتكون المكافأة بفرض صحة تقدير الحكم لأجر الطاعن في الشهر مبلغ 378 جنيهاً. ولكن الحكم لم يلتزم هذا الأساس وأجرى حساب المكافأة على أساس آخر مخالفاً بذلك القانون.
وحيث إن هذا النعي في القسم الثاني من أسباب الطعن خاص بمقابل الإجازات وقد أقامه الطاعن على سببين. محصل السبب الأول منهما النعي ببطلان الحكم من أربعة أوجه أولها - قصور تسبيبه ذلك أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بملف خدمته الثابت به عدم حصوله على إجازته طول مدة خدمته وبالرغم من أن هذا الدليل يعتبر دليلاً يقينياً يتقدم كل دليل ظني أو استنتاجي أو تقريبي فإن الحكم المطعون فيه أهدر قيمته وسكت عن الرد على هذا الدفاع مع لزومه واكتفى برأي محكمة أول درجة في هذا الخصوص مع أنه مبني على استنتاجات وفروض أوردتها من عندها مما يجعل الحكم معيباً بالقصور. والوجه الثاني أن الحكم قد استخلص من الوقائع التي أوردها واستند إليها نتائج لا تتفق مع موجبها ذلك أنه أثبت في صدر أسبابه الواقعية محصل أقوال الشهود نقلاً عن التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة، ولما أراد أن يتكلم عن الإجازات التي لم يحصل عليها الطاعن عول على أقوال شهوده دون شهود المطعون عليها الذين قالوا أنها حظرت الإجازات على مستخدمي الحسابات ومن بينهم الطاعن إطلاقاً على قول بعضهم وفي السنوات من سنة 1948 إلى سنة 1951 على قول البعض الآخر ثم أول الحكم رضوخ الطاعن لهذا الحظر بأنه تنازل منه عن حقه في الإجازة عن سنتي 1948 و1950 مع أن العقل والمنطق لا يؤديان إلى هذه النتيجة وقد قرر الطاعن في مذكرته أمام محكمة الاستئناف أنه كان مضطراً للرضوخ إلى هذا الحظر تفادياً لفصله من الخدمة. والوجه الثاني من أوجه البطلان تناقض الحكم ذلك أنه جعل مناط استحقاق الطاعن لمقابل إجازة سنة 1951 عدم حصوله على هذه الإجازة ولكنه لم يعتد بهذا النظر بالنسبة لأجازة سنتي 1948 و1950 وجعل مناط الاستحقاق فيهما تمسك الطاعن بالإجازة خلال السنة التي استحقت فيها. وفي هذا تناقض يعيب الحكم فضلاً عن قصوره في التسبيب إذ هو لم يعرض لإجازة سنة 1949. ورابع أوجه البطلان أن الحكم أخطأ في حساب مقابل الإجازة عن سنتي 1951 و1952 إذ لم يجعل أساسه المرتب الشهري الذي احتسبه للطاعن وإنما يبدو أنه أخذ بالمرتب الذي زعمته المطعون عليها ولم يقبله الطاعن وأجرى حساب مقابل الإجازة عن سنة 1951 وسنة 1952 على أساس هذا المرتب، ثم إن الحكم إذ عرض لحساب مقابل الإجازة عن نصف سنة 1952 أجرى هذا الحساب بما يوازي مرتب سبعة أيام ونصف مع أن المطعون عليها اعترفت كما هو ثابت بوقائع الحكم بحق الطاعن في مرتب 15 يوماً مقابل إجازته عن سنة 1952 وقضي له به بالحكم الابتدائي ولم تستأنفه المطعون عليها. ومحصل ما ينعى به الطاعن في السبب الثاني من هذا القسم الخاص بمقابل الإجازات مخالفة الحكم للقانون ويقول في بيان ذلك أن الحكم قرر جواز تنازل الطاعن عن حقه في الإجازة مع أن الشارع قرر الإجازة لاعتبارات متعلقة بالنظام الاجتماعي والنظام الاقتصادي وهي حفظ القوى الإنتاجية البشرية في البلاد مراعاة لمصلحة الإنتاج العام والنشاط العام والصحة العامة وتلك الاعتبارات تتصل بالنظام العام اتصالاً يؤكده ما أورده المشرع في المادة 38 من قانون عقد العمل الفردي رقم 41 لسنة 1944 وما أورده على الأخص في المادة 40 من حيث اعتبار حرمان العامل من الحصول على الإجازة جريمة معاقباً عليها جنائياً - كما أن المشرع حسماً لهذا الأمر أورد نص المادة 23 من القانون رقم 317 لسنة 1952 بعبارة عامة لتشمل الإجازة التي لم يحصل عليها العامل تمسك بها أو لم يتمسك ومهما يكن زمن استحقاقها.
وحيث إن النعي في القسم الثالث من أسباب النعي خاص بالتعويض وقد أقامه الطاعن على سببين محصل أولهما النعي ببطلان الحكم من وجهين - أولهما - خطأ الإسناد - ذلك أن الحكم نسب إلى الطاعن أنه لم ينكر ما حل بالشركة المطعون عليها من الارتباك المالي الذي اتخذته الشركة مبرراً لفصله مع أن الطاعن أنكر هذا الارتباك إنكاراً باتاً وكذبه تكذيباً قاطعاً وعلل فصله بعلة أخرى تنطوي على التعسف حسبما هو مبين بمذكرته. والوجه الثاني - قصور التسبيب ذلك أن الطاعن قرر في مذكرته أن سنة الشركة المطعون عليها المالية السابقة مباشرة على فصله أنتجت أرباحاً صافية تقرب من ثلثي مليون جنيه كما هو ثابت من مستند قدمته الشركة وأن السنة المالية للشركة تبدأ في سبتمبر وتنتهي في أغسطس من كل سنة. وإذ كان الطاعن قد فصل في مايو سنة 1952 فلا يجوز التذرع بنتيجة السنة المالية اللاحقة لفصله لأن العبرة بحالة الشركة وقت فصله لا بما تكون عليه حالتها بعد ذلك تلك الحالة التي لم تكن قد ظهرت بعد وقت الفصل - قرر الطاعن هذا كله في مذكرته وأورد الحكم جانباً منه في أسباب الواقعة ولكنه أغفل الرد عليه مع أنه دفاع جوهري. ومحصل ما ينعى به الطاعن في السبب الثاني - من هذا القسم الخاص بالتعويض مخالفة الحكم للقانون ذلك أن حق رب العمل في تخفيض عدد عماله تمشياً مع الظروف الاقتصادية حق غير مطلق إذ يجب أن يقوم على أساس استحالة استمرار المؤسسة في نشاطها إلا بلجوئها إلى هذا الخفض لأن النزعة الاشتراكية والتضامن الاجتماعي وحماية الأسرة ومكافحة البطالة وغير ذلك من الاعتبارات التي استوحاها تشريع العمل تفرض على رب العمل أن يراعى حالات عماله وأن يتريث في فصلهم ما دام هو مستمر في عمله. وقد أغفل الحكم هذا المبدأ ولم يعن بتحقيق الاستحالة المشار إليها وأخذ بدفاع المطعون عليها قضية مسلمة كما أغفل الحكم مبدأ آخر مقتضاه أن التعسف في استعمال الحق يتوافر إذا كانت المصلحة التي يرمي رب العمل إلى تحقيقها قليلة الأهمية ولا تتناسب مع ما يلحق العامل من ضرر - كأن تكون هذه المصلحة مجرد الرغبة في تشغيل عمال آخرين بأجر أقل كما هو الشأن في صورة الدعوى - فقد اعترفت الشركة المطعون عليها بتعيين شخصين جديدين - قبيل فصل الطاعن أجرهما يقارب أجر الطاعن مما لم يكن يصح معه للحكم أن يقبل ما تعللت به الشركة في هذا الشأن من أن عملهما يخالف عمل الطاعن.
عن القسم الأول:
من أسباب النعي الخاص بالمكافأة:
وحيث إن النعي بما ورد في السبب الأول من هذا القسم مردود. ذلك أنه يبين من مذكرة الطاعن المقدمة لمحكمة الاستئناف والمودعة صورتها الرسمية بملف الطعن أنه قد أورد فيها ما تضمنه الكشف الذي قدمته الشركة المطعون عليها من المبالغ التي قبضها منها كمكافأة وأجر عمل إضافي وغلاء معيشة إضافية وجملة هذه المبالغ 144 جنيهاً في سنة 1947 و276 جنيهاً في سنة 1948 و240 جنيهاً في سنة 1949 و322 جنيهاً في سنة 1950 و108 جنيهاً في سنة 1951. وفي موضع آخر من هذه المذكرة أورد ما سبق أن بينه هو لمحكمة أول درجة في مذكرته الابتدائية عن المبالغ التي صرفتها له الشركة المطعون عليها من المكافآت والمنح من أن هذه المبالغ كانت 144 جنيهاً في سنة 1947 و288 جنيهاً في سنة 1948 و240 جنيهاً في سنة 1949 و324 جنيهاً في سنة 1950 و108 جنيهاً في سنة 1951 وقد اعتبر الطاعن في مذكرته أن هذه المبالغ التي صرفها مساوية للمبلغ التي تقول الشركة في كشفها أنها صرفتها إليه - ولم يختلف معها إلا في وصف هذه المبالغ فقد كانت الشركة تصف بعض المبالغ المذكورة بأنها أجر عمل إضافي والبعض الآخر بأنها غلاء معيشة إضافية ويصف الطاعن كل هذه المبالغ بأنها مكافأة - ويبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قد ورد فيه ما يأتي: "وحيث إنه تبين من الكشف المقدم من الشركة والذي طلب المستأنف أخيراً اعتماده حين احتساب المكافأة تبين من هذا الكشف بعد استبعاد الأجور التي صرفت للمستأنف نظير العمل الإضافي والتي لا شأن لها بالمكافأة أن المكافآت التي صرفت للمستأنف في خلال سنوات 1947 و1948 و1949 و1950 و1951...." ثم أورد الحكم مقدار هذه المكافآت من واقع كشف الشركة كما أورد من واقع الكشف أيضاً ما صرفه الطاعن فضلاً عن ذلك من علاوة غلاء معيشة إضافية في كل سنة من تلك السنوات واستخرج متوسط علاوة غلاء المعيشة الإضافية والمكافأة في هذه السنوات بعد ضمهما إلى بعضهما فكان هذا المتوسط مبلغ 9 جنيهات و373 مليماً إضافة إلى أجر الطاعن الأصلي ومقداره 27 جنيهاً وإلى علاوة غلاء المعيشة ومقدارها 5 جنيهات و670 مليماً فكان مجموع الأجر مبلغ 42 جنيهاً و3 مليمات أجرى الحكم حساب المكافأة المطلوبة على أساسه. ومؤدى ما ورد في مذكرة الطاعن أنه قد اعتبر المبالغ الواردة في كشف الشركة بخصوص ما قبضه منها في السنوات من سنة 1947 إلى سنة 1951 مساوية في مقدارها للمبالغ التي يقول إنه قبضها منها فعلاًً في تلك السنوات. وغاية ما في الأمر أنه يعتبر كل هذه المبالغ من قبيل المكافآت والمنح تدخل كلها ضمن الأجر وتعتبر الشركة المطعون عليها بعض هذه المبالغ فقط مكافآت تدخل ضمن الأجر وبعضها الآخر أجراً إضافياً والباقي علاوة غلاء معيشة إضافية لا يدخل كلاهما في الأجر. وقد رأى الحكم إقرار الشركة على ما ارتأته من أن بعض المبالغ التي صرفت إلى الطاعن إنما هي أجر عمل إضافي طبقاً للكشف المقدم منها لا مكافأة أو منحة. وأن هذا الأجر الإضافي لا يدخل ضمن الأجر الذي تحدد على أساسه مكافأة نهاية الخدمة ولا يضاف إليها - وما رآه الحكم في هذا الخصوص لم يستند فيه إلى قول نسبة إلى الطاعن أو إقرار أسنده إليه حتى ينعى الطاعن عليه بخطأ الإسناد - وإنما انتهى الحكم إليه بما له من سلطة في تقدير الموضوع وفي فهم الواقع في الدعوى بما تؤدي إليه أوراقهما لا سلطان عليه فيه لمحكمة النقض وفيه فوق ذلك الرد الضمني على ما يعيب الطاعن به تصرف الشركة في هذا الخصوص مما ينفي عن الحكم القصور أو الخطأ في الاستدلال ويتعين لذلك رفض هذا النعي.
وحيث إن النعي بما ورد في السبب الثاني من القسم الأول من أسباب النعي في محله ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن حدد الأجر الذي تحسب على أساسه المكافأة بمبلغ 42 جنيهاً و3 مليمات قال: "فإذا ضرب نصف هذا الرقم في مدة الخدمة البالغة سبعة عشر عاماً وستة شهور تكون جملة المكافأة الواجب الحكم بها مبلغ 367 جنيهاً و500 مليم" ولما كانت المادة 23 من القانون رقم 41 لسنة 1944 الخاص بعقد العمل الفردي تنص في الفقرة "ب" منها على أن مكافأة مدة خدمة العمال المعينين بالماهية الشهرية تكون "أجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات الست الأول وأجر شهر عن كل سنة من السنوات الباقية على أساس الأجر الأخير بحيث لا تزيد المكافأة على أجر تسعة شهور" وكان مقتضى ذلك أن تكون مكافأة الطاعن عن مدة خدمته البالغة سبعة عشر عاماً وستة شهور هي أجر تسعة شهور أي مبلغ 378 جنيهاً - إذ لو حسبت المكافأة على الأساس الوارد في صدر تلك الفقرة لزادت عن أجر تسعة شهور - لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه وقد أجرى حساب المكافأة على غير هذا الأساس يكون مخالفاً للقانون مما يتعين نقضه في هذا الخصوص.
عن القسم الثاني:
من أسباب النعي الخاص بمقابل الإجازات:
وحيث إن النعي بما ورد في الوجه الأول من السبب الأول من هذا القسم مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الخصوص ما يأتي: "وحيث إنه عن الأجر الذي يطالب به المستأنف مقابل الإجازات التي لم يمنحها فإن هذه المحكمة ترى رأي محكمة أول درجة فيما يختص بما ظهر لها من أن المستأنف قد حصل على إجازاته بالطريق الذي أشرت إليه المحكمة حتى تاريخ حصوله على شهادة الليسانس في سنة 1947". ومؤدى ذلك أن محكمة الاستئناف قد رأت فيما أشارت إليه محكمة أول درجة في حكمها - المقدم صورة رسمية منه بملف الطعن - من تغيب الطاعن عن محل عمله مرتين في كل عام مرة، كل مرة لأكثر من أسبوعين بسبب أدائه الامتحان بكلية الحقوق التي كان ملحقاً بها حتى حصل على شهادة الليسانس في سنة 1947. رأت المحكمة أن هذا يكفي لديها دليلاً على قيام الطاعن فعلاً بالإجازات المستحقة له عن المدة السابقة على سنة 1947 ويحمل الرد الضمني على ما تمسك به الطاعن من خلو ملف خدمته من الدليل على قيامه بالإجازة في تلك المدة. ولا يكون ضم هذا الملف تبعاً لذلك ذا أثر في دفاع الطاعن أو في تغيير وجه الحكم في الدعوى حتى ينعى على الحكم إذا ما التفت عن طلب ضمه ويتعين لذلك رفض هذا النعي.
وحيث إن النعي بما ورد في الوجه الثاني من السبب الأول من القسم الثاني من أسباب النعي مردود - ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد ما قرره الشاهد الأول من شهود الطاعن من أن الشركة منعت الموظفين من القيام بالإجازة في سنة 1948 بسبب حرب فلسطين وفي سنة 1950 بسبب قضية القطن وأنها منحتهم الإجازات في سنة 1949 وسنة 1951 بعد أن أورد الحكم ذلك قال عن مقابل إجازات المدة من سنة 1948 ما يأتي: "أما بعد ذلك (أي بعد سنة 1947) فالثابت أن المستأنف عليه لم يحصل على إجازاته في سنة 1948 بسبب قيام حرب فلسطين وفي سنة 1950 بسبب قضية القطن كما ورد بأقوال الشهود. ولكن المحكمة ترى أن سكوت المستأنف عن المطالبة بهذه الإجازات رغم مضي هذا الوقت الطويل على استحقاقها هو بمثابة تنازل عن حقه فيها. والمستأنف لم يقم الدليل على عكس ذلك. ولا شك أن هذه الإجازات سنوية بمعنى أن للمستأنف أن يتمسك بها أثناء السنة التي استحقت فيها فإذا نقضت سنة وأخرى دون المطالبة بها فإن ذلك يعد كما سبق بمثابة تنازل عن حقه فيها" - ويبين من ذلك أن الحكم قد اعتمد في شأن إجازات المدة من سنة 1948 إلى سنة 1950 على أقوال الشاهد الأول من شهود الطاعن ومفادها على ما سبق أن الإجازات في سنة 1948 وسنة 1950 كانت ممنوعة بسبب قيام حرب فلسطين وقضية القطن - أما في سنة 1949 وسنة 1951 فلم تكن الإجازات ممنوعة. وفي هذا ما يدل - في نظر الحكم - على أن ما تعلل به الطاعن من اضطراره للرضوخ لأمر حظر الإجازات تفادياً لفصله من الشركة - هذا التعليل في غير محله طالما أن الإجازات قد صرح بها في السنة التالية لمنعها فقد صرح بالإجازات في سنة 1949 بعد أن منعت في سنة 1948 وصرح بها في سنة 1951 بعد أن منعت في سنة 1950 - وكان في وسع الطاعن المطالبة بإجازاته الممنوعة ولهذا استخلص الحكم من سكوت الطاعن بعد مضي وقت طويل على استحقاق هذه الإجازات مع زوال سبب منعها دون أن يطالب بها - استخلص الحكم من ذلك تنازل الطاعن عن حقه في الإجازات. وما انتهى إليه الحكم في هذا الصدد لا ينطوي على تأويل لا يتفق مع أقوال الشهود ولا على استخلاص لنتيجته لا تتفق مع موجبها كما يقول الطاعن ومن ثم يكون نعيه في هذا الخصوص متعين الرفض.
وحيث إن النعي بما ورد في الوجه الثالث من السبب الأول من القسم الثاني من أسباب النعي من أن الحكم إذ قضى للطاعن بمقابل إجازته عن سنة 1951 بسبب عدم حصوله على تلك الإجازة قد تناقض مع نفسه عندما رفض القضاء له بمقابل إجازته عن سنة 1948 وسنة 1950 اللتين لم يحصل فيهما على إجازته هذا النعي مردود ذلك أن الحكم على ما يبين مما سبق في الرد على الوجه السابق إنما رفض القضاء للطاعن بمقابل الإجازة عن سنتي 1948 و1950 لما حصله من تنازل الطاعن عن إجازته في هاتين السنتين - أما إجازة سنة 1951 فلم يثبت للحكم أن الطاعن تنازل عنها ولذا - قضى بمقابلها - وما نعاه الطاعن من قصور الحكم لعدم تحدثه عن إجازة سنة 1949 مردود بأن قضاء الحكم بتنازل الطاعن عن إجازة سنة 1950 وعدم أحقيته في المطالبة بمقابلها لسكوته عن المطالبة بهذه الإجازة - إنما ينصرف هذا القضاء بداهة - طبقاً لما يدل عليه سياق الحكم ومفهومه - إلى إجازة سنة 1949 السابقة عليها والتي لم تكن ممنوعة وسكت الطاعن عن المطالبة بها ويتعين لذلك رفضه هذا الوجه من النعي.
وحيث إن النعي في خصوص الوجه الرابع من السبب الأول من القسم الثاني مردود في شقه الأول بأن مقابل الإجازة للعامل أو المستخدم المعين بأجرة شهرية - كالطاعن - هو طبقاً لنص المادة 37 من القانون رقم 41 لسنة 1944 أجر خمسة عشر يوماً في السنة - ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى للطاعن بمقابل الإجازة عن سنة 1951 ونصف سنة 1952 تأسيساً على أن مرتبه الأصلي في الشهر هو مبلغ 27 جنيهاً يضاف إليه مبلغ 5 جنيهات و670 مليماً علاوة غلاء معيشة أي مبلغ 32 جنيهاً و670 مليماً فإن هذا الأساس الذي أقام الحكم قضاءه عليه لا مخالفة فيه للقانون وذلك أن مبلغ الـ 42 جنيهاً و3 مليمات الذي يقول الطاعن إن الحكم حاسبه عليها إنما كان هذا الحساب في صدد تقدير مكافأة نهاية مدة الخدمة. أما الأجر الذي يحسب على أساسه مقابل الإجازة فيختلف عن ذلك - إذ هذا المقابل عبارة عن الأجر الثابت الذي يتقاضاه العامل أو المستخدم شهرياً مقابل ما يؤديه من عمل - هذا العمل هو الذي يأخذ العامل أو المستخدم - في حالة قيامه بالإجازة - مقابله كأنه أداه دون ما اعتبار لما قد يكون هناك من ملحقات للأجر تدخل فيه عند حساب مكافأة نهاية مدة الخدمة، ولكنها لا تدخل فيه عند حساب مقابل الإجازة - ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص متعين الرفض.
وحيث إن النعي بما ورد في الشق الثاني من هذا الوجه في محله ذلك أن قضاء الحكم بمقابل إجازة الطاعن عن نصف سنة 1952 بما يوازي أجر سبعة أيام ونصف فقط فيه إهدار لحجية الحكم الابتدائي الذي قضى للطاعن بمقابل هذه الإجازة بما يوازي أجر خمسة عشر يوماً وارتضت الشركة المطعون عليها هذا القضاء ولم تستأنف الحكم في خصوصه ثم أقرت - على ما ورد في الحكم المطعون فيه - بحق الطاعن في الحصول على مبلغ 16 جنيهاً و335 مليماً وهو مرتب خمسة عشر يوماً - مقابل إجازته الاعتيادية التي يستحقها عن سنة 1952 ومن ثم يتعين نقض الحكم في خصوص هذا الشق من النعي.
وحيث إن النعي في خصوص السبب الثاني من القسم الثاني من أسباب النعي مردود ذلك أن الإجازة السنوية وإن كانت حقاً أوجبه المشرع سنوياً للعامل لاستعادة نشاطه وقواه المادية والمعنوية تنمية للإنتاج مما يجعل هذا الحق بسبب ذلك متعلقاً بالنظام العام لا يجوز التنازل عنه. إلا أن مناط ذلك ألا تكون السنة التي تستحق فيها الإجازة قد مضت قبل حصول العامل على تلك الإجازة فلا يجوز عندئذ التنازل عن الإجازة قبل ميعاد حلولها أما إذا حل ميعاد الإجازة وانقضت السنة التي تستحق فيها الإجازة دون أن يحصل العامل فيها عليها فقد انقطعت الصلة بين الإجازة المذكورة واعتبارات النظام العام التي تبررها وانقضت تبعاً لذلك علة هذا الحظر بالنسبة لإجازة السنة المذكورة وأصبحت تلك الإجازة بعد ذلك كسائر حقوق العامل العادية يرد عليها التنازل - ولما كان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه وهو في صدد التحدث عن مقابل الإجازات عن السنوات اللاحقة لسنة 1947 قال - "أما بعد ذلك فإن الثابت أن المستأنف لم يحصل على إجازاته في سنة 1948 بعد قيام حرب فلسطين وفي سنة 1950 بسبب قضية القطن كما ورد بأقوال الشهود ولكن المحكمة ترى أن سكوت المستأنف عن المطالبة بهذه الإجازات رغم مضي هذا الوقت الطويل على استحقاقه هو بمثابة تنازل عن حقه فيها والمستأنف لم يقم الدليل على عكس ذلك. ولا شك أن هذه الإجازات سنوية بمعنى أن للمستأنف أن يتمسك بها أثناء السنة التي استحقت فيها فإذا انقضت سنة وأخرى دون المطالبة بها فإن ذلك بعد كما سبق بمثابة تنازل عنها..." ومؤدى ذلك أن الطاعن استمر في عمله سنة 1948 ولم يحصل على إجازته السنوية فيها حتى انقضت تلك السنة كما استمر في عمله في سنة 1950 ولم يحصل على إجازته السنوية فيها حتى انقضت تلك السنة واستمر كما سبق القول في عمله في سنة 1949 ولم يحصل على إجازته فيها. ومن ثم فإن إجازة هذه السنوات الثلاث وقد مضت كل منها دون أن يحصل الطاعن عليها - هذه الإجازات تكون قد فقدت صلتها باعتبارات النظام العام التي تبررها. ولا يكون الحكم وقد استخلص من سكوت الطاعن عن المطالبة بهذه الإجازات على النحو السابق الإشارة إليه استخلص تنازله عنها لا يكون الحكم مخالفاً للقانون ويتعين لذلك رفض هذا النعي - لا يغير من ذلك ما يثيره الطاعن بشأن المادة 23 من القانون رقم 317 سنة 1952 خاصاً بحق العامل في الإجازة التي لم يحصل عليها تمسك بها أو لم يتمسك ومهما يكن زمن استحقاقها ذلك أن نص تلك المادة خاص بإجازة السنة الأخيرة في خدمة العامل إذا ما ترك العمل قبل قيامه بالإجازة. إذ يبين من المذكرة التفسيرية لتلك المادة أن للعامل "الحق في الحصول على أجره عن أيام الإجازة المستحقة له إذا ترك العمل قبل قيامه بها أياً كان سبب تركه الخدمة وقد قصد بذلك عدم حرمان العامل من حق الإجازة وما يستحقه عنها من أجر حتى ولو فصل وحرم من المكافأة لأن حقه في الإجازة يرجع إلى سبب سابق على أسباب الفصل" - وتلك حالة تختلف عن حالة هذه الدعوى بالنسبة لإجازة السنوات لغاية سنة 1950.
القسم الثالث:
من أسباب النعي الخاص بالتعويض:
وحيث إن النعي بما ورد في الوجه الأول من السبب الأول من هذا القسم مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه قد سبب قضاءه برفضه التعويض بما يأتي: "وحيث إنه عن التعويض الذي يطالب به المستأنف نظير الأضرار التي لحقته من جراء فصله بدون مبرر فإن هذه المحكمة ترى أن الأسباب التي قامت لدى الشركة لفصل المستأنف هي أسباب جدية تخولها حق فصله لأن الثابت من ميزانية سنة 1951 - 1952 أن الشركة وقعت في خسارة مالية في السنة المذكورة التي فصل فيها المستأنف مقدارها مليون جنيه وثمانمائة وخمسين ألف ومائة وستة جنيهاً وكسور الجنيه مما اضطر أحد الشركاء للتنازل لصالح الشركة عن مبلغ ستمائة ألف من الجنيهات من مستحقاته ومما اضطر الشركة إلى فصل عدد من الموظفين قدره أحد شهود المستأنف نفسه بنحو عشرة في المائة من مجموع موظفيها بقصد ضغط المصروفات حتى تتلافى الكارثة" - وفي هذا الذي أقام الحكم قضاءه عليه - استخلاصاً من أوراق الدعوى - في تبرير فصل الشركة المطعون عليها للطاعن وفي نفي العسف معه في ذلك بما يمتنع معه مساءلتها عن التعويض بسبب هذا الفصل. في كل ذلك ما يكفي لحمل الحكم فيما انتهى إليه من رفض طلب التعويض وما استطرد إليه الحكم بعد ذلك تزيداً من القول بأن المستأنف نفسه لم ينكر ما حل بالشركة بل قال إن ذلك نتيجة مغامراتها فإن هذا القول - مع التسليم بأنه لم يصدر من الطاعن - لا تأثير له على ما استندت إليه المحكمة من أسباب أخرى رأت فيها الكفاية - لتبرير فصل الشركة المطعون عليها للطاعن يستقيم بهذه الأسباب وحدها الحكم في هذا الخصوص ويقوم عليها قضاؤه. ومن ثم يكون ما ورد في هذا الوجه من خطأ الإسناد لا جدوى منه ويتعين رفضه.
وحيث إن الوجه الثاني من السبب الأول من القسم الثالث من أسباب النعي مردود ذلك أنه بحسب الحكم المطعون فيه أن يقرر - على ما سبق بيانه - أن الشركة المطعون عليها وقعت في خسارة مالية في سنة 1951 - 1952 لتبرير فصلها للطاعن في غضون سنة 1952 دون أن يكون على الشركة أن تتربص لنهاية السنة المذكورة حتى تجري فصله طالما أن سبب الفصل والمبرر له قائم فعلاً لدى الشركة وقت إجرائه ولم تكن ميزانية تلك السنة إلا كاشفة له وفي هذا ما ينفي عن الحكم ما يعيبه به الطاعن في هذا الوجه من قصور ويتعين لذلك رفض هذا النعي.
وحيث إن النعي بما ورد في السبب الثاني من القسم الثالث من أسباب النعي مردود. ذلك أن المادة 39 من القانون رقم 41 لسنة 1944 قد نصت على حق العامل في التعويض في حالة فسخ عقد العمل بغير مبرر كما نصت المادة 695/ 2 من القانون المدني على الحق في التعويض بسبب الفسخ التعسفي. وقد جرى قضاء هذه المحكمة بأن تقدير قيام المبرر لفصل العامل ونفي تعسف رب العمل في استعمال حق الفصل هو مسألة موضوعية يستقل بتقديرها قاضي الموضوع تقديراً لا معقب عليه فيه من محكمة النقض - ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى - على ما سبق بيانه - للأسباب السائغة التي أوردها إلى توافر المبرر لفصل الطاعن من عمله بالشركة المطعون عليها فإن ما يتحدى به الطاعن من القول بأن حق رب العمل في ذلك يجب أن يقوم على أساس استحالة استمرار المؤسسة في نشاطها ألا يلجؤنها إلى هذا الخفض - هذا القول لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في قيام هذا المبرر وتوافره مما يستقل قاضي الموضوع بتقديره لا يجوز إثارة هذا الجدل أمام هذه المحكمة. أما ما يعيب الطاعن الحكم به في الشق الثاني من هذا النعي فقد أورد الحكم في خصوصه أن الموظفين اللذين عينتهما الشركة وقت فصله استخدمتهما الشركة في وظيفة لا تناسب الطاعن الأمر الذي ينفي عن الشركة التعسف في استعمال حقها وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون طالما أن الطاعن لم يجادل في اختلاف عمل هذين الموظفين عن عمله ولا فيما قرره الحكم من عدم تناسب وظيفتهما له ويتعين لذلك رفض هذا النعي.
وحيث إن موضوع الدعوى صالح للفصل فيه. ويبين مما سبق أن مكافأة الطاعن عن مدة خدمته هي مبلغ 378 جنيهاً وأن مقابل إجازته عن نصف سنة 1952 يجب ألا تقل عن مبلغ 16 جنيهاً و335 مليماً الذي قضى له به الحكم الابتدائي الذي قبلته الشركة المطعون عليها ولم تستأنفه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق