الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 12 يوليو 2023

الطعن 504 لسنة 4 ق جلسة 14 / 3 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 78 ص 913

جلسة 14 من مارس سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني ومحيى الدين حسن والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

----------------

(78)

القضية رقم 504 لسنة 4 القضائية

(أ) قواد الإنصاف 

- نصها على رفع الماهيات والأجور التي تقل عن ثلاثة جنيهات شهرياً إلى هذا القدر - عدم تطبيق هذا الحكم على معلمي القرآن الكريم - مرد ذلك إلى عدم إنشاء الاعتماد المالي اللازم لهذا الغرض.
(ب) معادلات دراسية 

- البند 25 من الجدول المرافق للقانون رقم 371 لسنة 1953 - نصه على منح معلمي القرآن الكريم بالمدارس الإلزامية مكافأة مقدارها ثلاثة جنيهات شهرياً لمن تقل مكافأته عن هذا القدر - عدم تعيين هؤلاء على وظيفة دائمة داخل الهيئة أو على اعتمادات مقسمة إلى درجات وعدم حصولهم على مؤهلات دراسية لا يمنع من تطبيق هذا النص - أساس ذلك.
(ج) معادلات دراسية 

- تطبيق قانون المعادلات الدراسية على معلمي القرآن الكريم - ذلك يقتضي صرف الفروق المالية من تاريخ نفاذ القانون وخصم الزيادة المترتبة على تنفيذ القانون المذكور من إعانة الغلاء المقررة - أساس ذلك.

--------------------
1 - إن النص الوارد بقواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 والذي يقضي برفع الماهيات والأجور التي تقل عن ثلاثة جنيهات في الشهر إلى هذا القدر لا يمكن تطبيقه على معلمي القرآن الكريم؛ إذ أن الثابت - من مذكرة إدارة الميزانية المؤرخة 23 من مارس سنة 1947 والتي وافق عليها الوزير في اليوم ذاته، ومن ميزانية الوزارة عن السنة المالية 1946/ 1947، ومن قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من يناير سنة 1955 - أن مجالس المديريات لم تدرج في ميزانيتها أي اعتماد لرفع مكافآت معلمي القرآن الكريم غداة نفاذ قواعد الإنصاف. وقد أصدر وزير المعارف قراراً في 23 من يوليه سنة 1947 برفع اعتماد مكافآت معلمي القرآن الكريم من 3430 جنيهاً إلى عشرة آلاف جنيه في مشروع ميزانية الوزارة عن السنة المالية 1946/ 1947، وقد اعترض ديوان المحاسبة على رفع هذه المكافآت، وأشار بضرورة الحصول على الترخيص المالي اللازم. وعند بحث تكاليف تعديل قيم بعض المؤهلات الدراسية وافق مجلس الوزراء في 2 من ديسمبر سنة 1951 على رفع المكافآت من تاريخ صدور القانون الخاص بفتح الاعتماد. وقد تقدمت وزارة المالية لمجلس الوزراء بمذكرة أوضحت فيها أن صرف المكافأة لهؤلاء المعلمين ابتداء من السنة المالية 1952/ 1953 صحيح؛ إذ أنه يستند إلى قرار مجلس الوزراء المشار إليه. أما ما صرف ابتداء من السنة المالية 1946/ 1947 لغاية السنة المالية 1951/ 1952 فقد كان ينبغي الرجوع إلى مجلس الوزراء للحصول على موافقته في رفع هذه المكافأة. ولما كانت هذه المكافآت قد رفعت فعلاً وصرفت لهؤلاء المعلمين فترى وزارة المالية إقرار ما تم صرفه. وقد وافق مجلس الوزراء على هذا الرأي في 12 من يناير سنة 1955. ويخلص من هذا الاستطراد أن قواعد الإنصاف لا يمكن تطبيقها على حالات محفظي القرآن الكريم؛ إذ لم ينشأ الاعتماد المالي اللازم لهذا الغرض في الميزانية. وغني عن البيان أنه إذا كان القرار الإداري من شأنه أن يرتب أعباء مالية على الخزانة العامة وجب لكي يصبح جائزاً وممكناً قانوناً أن يعتمد المال اللازم لمواجهة تلك الأعباء من الجهة المختصة بحسب الأوضاع الدستورية.
2 - إن البند 25 من الجدول المرافق للقانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية صريح في منح معلمي القرآن الكريم بالمدارس الإلزامية ثلاثة جنيهات شهرياً مكافأة، لمن تقل مكافأته عن هذا القدر؛ فلا جدوى إذن من التحدي بأن القانون المذكور - مفسراً بالقانون رقم 151 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 78 لسنة 1956 - لا ينطبق إلى على الموظفين المعينين على وظائف دائمة داخل الهيئة أو على اعتمادات مقسمة إلى درجات، دون الموظفين المعينين على وظائف مؤقتة أو المستخدمين الخارجين عن الهيئة أو عمال اليومية، وأن معلمي القرآن الكريم ليسوا من الموظفين المعينين على وظائف دائمة داخل الهيئة أو على اعتمادات مقسمة إلى درجات، فضلاً عن أنهم لا يحملون مؤهلاً، ولا يتناولون ماهية شهرية بل مجرد مكافأة - لا جدوى من ذلك، ما دام نص القانون صريحاً في منحهم تلك المكافأة الشهرية. وقد ورد باسمهم في الجدول تحت خانة "اسم المدرسة أو المعهد أو الشهادة"، كما ورد تقدير المكافأة لهم تحت خانة "تقدير الشهادة أو المؤهل". ولا اجتهاد في مقام النص الصريح؛ إذ اعتبر الشارع حفظ القرآن الكريم وتعليمه في ذاته تأهيلاً خاصاً يستحق تقدير تلك المكافأة باعتبارها مقابل العمل بصرف النظر عن التسميات من الناحية الفنية البحتة.
3 - ما دامت حالة المدعي ينطبق عليها قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953، فإنه يسري في حقه نص المادة الثالثة منه التي تقضي بعدم صرف الفروق المالية إلا من تاريخ نفاذه وعن المدة التالية له فقط، كما يسري في حقه كذلك نص المادة الخامسة التي تقضي بخصم الزيادة المترتبة على تنفيذ القانون المذكور من إعانة الغلاء المقررة، وذلك بالنسبة لكل موظف يستفيد من أحكامه؛ ذلك أن القانون المذكور يعتبر وحدة متكاملة في تطبيقه بالنسبة لكل من تسري عليه أحكامه.


إجراءات الطعن

في 10 من مايو سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتارية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 504 لسنة 4 ق في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 11 من مارس سنة 1958 في الدعوى رقم 310 لسنة 3 ق المقامة من محمد محمد شبانه ضد وزارة التربية والتعليم، والذي يقضي "بأحقية المدعي في تسوية حالته بمنحه مكافأة شهرية قدرها ثلاثة جنيهات، وتثبيت إعانة الغلاء على هذا المبلغ، وما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق من خمس سنوات سابقة على تاريخ 6 من يوليه سنة 1955، مع إلزام الجهة الإدارية بالمصاريف، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بأحقية المدعي في تسوية حالته بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات، وإلزام المدعي المصروفات المناسبة". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة التربية والتعليم في 7 من يونيه سنة 1958، وإلى المطعون عليه في 11 منه، وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة 14 من فبراير سنة 1959، وقد انقضت المواعيد القانونية دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته. وفي 18 من يناير سنة 1959 أعلن الطرفان بميعاد الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 310 لسنة 3 ق أمام المحكمة الإدارية لوزارات التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والإرشاد القومي بعريضة أودعها سكرتارية تلك المحكمة في 19 من أبريل سنة 1956 طلب فيها الحكم: أصلياً - بتسوية حالته برفع مكافأته إلى ثلاثة جنيهات شهرياً من تاريخ تعيينه، وحساب إعانة الغلاء على أساس هذه المكافأة، وعدم خصم الزيادة من إعانة غلاء المعيشة، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق. واحتياطياً - بتسوية حالته برفع مكافأته إلى ثلاثة جنيهات شهرياً من تاريخ تعيينه، وحساب إعانة غلاء المعيشة على أساس هذه المكافأة، وعدم خصم الزيادة في المكافأة من إعانة الغلاء، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق اعتباراً من 22 من يوليه سنة 1952، مع إلزام الوزارة المصروفات ومقابل الأتعاب. وقال شرحاً لدعواه إنه عين معلماً للقرآن الكريم بمكافأة شهرية قدرها 230 قرشاً، وفي 30 من يناير سنة 1944 صدر قرار مجلس الوزراء بوضع حد أدنى لماهيات ومكافآت الخدمة الخارجين عن الهيئة وعمال اليومية من موظفي الدولة، وهو ثلاثة جنيهات مصرية، وأشارت إلى ذلك المادة 19 من كتاب المالية الدوري رقم ف 234 - 11/ 302 في 2/ 9/ 1944، كما أشارت مذكرة اللجنة المالية رقم 234 - 11/ 302 التي وافق عليها مجلس الوزراء في 23/ 11/ 1944 إلى أن هذا إنما يهدف إلى وضع حد أدنى لمستوى المعيشة. ونصت المادة 17 من قواعد الإنصاف على أنها تسري على كل من عين في وظيفة دائمة أو مؤقتة أو على اعتماد أو بالمياومة أو بمكافأة أو بوظيفة خارج الهيئة بشرط أن تكون المدة متصلة. ولما كان المدعي من الخدمة الخارجين عن الهيئة ومدة خدمته متصلة فإنه يحق له أن تسوى حالته تأسيساً على قواعد الإنصاف. وقال إنه صدر بعد ذلك القانون رقم 371 لسنة 1953، وهو يقضي بمنح معلم القرآن الكريم ثلاثة جنيهات مكافأة شهرية منذ تعيينه، ولا يتأثر وضعه بصدور القانون رقم 151 لسنة 1955؛ إذ هو مقصور الأثر على أصحاب المؤهلات، ومعلمو القرآن الكريم جميعاً خارج الهيئة وغير مؤهلين، وقد أفرد لهم القانون رقم 371 لسنة 1953 وضعاً خاصاً لهم. ويقول المدعي إن له في رفع مكافأته إلى ثلاثة جنيهات طلباً يتصل بحساب إعانة غلاء المعيشة يقضي: (1) بأن تحسب الإعانة على أساس الثلاثة الجنيهات بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في أغسطس سنة 1947 وفي 5 من يناير سنة 1952، خلافاً لقواعد تثبيت إعانة غلاء المعيشة. (2) بأن لا تخصم الزيادة المترتبة على رفع المكافأة من إعانة الغلاء؛ لأن نص المادة الخامسة من قانون المعادلات - حين نص على خصم الزيادة من إعانة غلاء المعيشة - إنما قصر ذلك على الماهيات دون المكافآت، والمدعي لا يتناول ماهية شهرية، وإنما يتناول بنص القانون مكافأة فقط. ردت الوزارة على الدعوى بأن المدعي وأمثاله إنما يخرجون عن نطاق تطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 الخاص بالإنصاف؛ لأنهم ليسوا من الموظفين ولا من المستخدمين ولا من عمال اليومية، وهي الفئات التي عناها مجلس الوزراء بقراره المذكور؛ لأنهم كانوا يقومون بعمل مؤقت بمكافأة قدرها جنيه واحد في الشهر نظير عمل مؤقت لمدة عشرة أشهر في العام، فلما تقررت إعانة الغلاء زيدت مكافآتهم إلى 150 قرشاً، وحسب الفرق إعانة غلاء، فلما زيدت نسبة إعانة الغلاء بنسبة 40% صرف لكل منهم 200 م، فصارت جملة ما يتقاضونه 700 م و1 ج، ثم رفعت مكافآتهم إلى ثلاثة جنيهات شهرياً بما فيها إعانة غلاء المعيشة من 23 من مارس سنة 1947 تنفيذاً لقرار وزير التربية والتعليم، واعتبرت الـ 700 م غلاء معيشة، والباقي وقدره 300 م و2 ج مكافأة لتعليم القرآن الكريم. ثم صدر قرار مجلس الوزراء الصادر في 2 من ديسمبر سنة 1951 بالموافقة على هذا الرفع، ويكون هذا القرار هو المنظم لحال هؤلاء المعلمين دون قواعد الإنصاف الصادرة في 30 من يناير سنة 1944، وهو تعبير صريح عن رأي مجلس الوزراء في أنه لم يقصد أن ينصرف أثر قواعد الإنصاف إلى هذه الطائفة من معلمي القرآن. وقد نص قانون المعادلات الدراسية في المادة الرابعة منه على إلغاء قرار 2 من ديسمبر سنة 1951 من وقت صدوره، ويعود الوضع إلى قرار وزير التربية والتعليم في 23 من مارس سنة 1947 والذي يتبين أنه صدر دون الحصول على الترخيص المالي اللازم، فيجب النظر إلى المكافأة التي كانت تصرف قبل هذا القرار ويطبق قانون المعادلات على هذا الأساس مع خصم الزيادة من إعانة الغلاء. وواضح من المذكرة التفسيرية للقانون رقم 371 لسنة 1953 أن المشرع رأى أن القانون يتضمن مزايا مادية ومعنوية للموظفين، وأن تنفيذه يكلف الخزانة العامة مبالغ طائلة، ورأى أن يقترن التنفيذ بإجراء من شأنه تخفيف بعض أعباء الخزانة العامة من ناحية اعتماد غلاء المعيشة، كما رؤى تطبيق نفس الحكم على من استفاد بزيادة في مرتبه ناشئة عن تنفيذ قرارات مجلس الوزراء التي نص على إلغائها في شأن تقدير القيم المالية، ومنها قرار 2 من ديسمبر سنة 1951، وهذه النصوص واضحة في أن غرض المشرع هو التسوية بين كل من استفاد من قانون المعادلات بخصم الزيادة من إعانة غلاء المعيشة. وخلصت وزارة المعارف إلى طلب رفض الدعوى، وإلزام المدعي المصروفات. وبجلسة 11 من مارس سنة 1958 قضت المحكمة الإدارية في هذه الدعوى "بأحقية المدعي في تسوية حالته بمنحه مكافأة شهرية قدرها ثلاثة جنيهات، وتثبيت إعانة الغلاء على هذا المبلغ، وما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق من خمس سنوات سابقة على تاريخ 6/ 7/ 1955، وإلزام الجهة الإدارية المصاريف، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات". وأقامت قضاءها على أن الجهة الإدارية قد انتهت إلى استحقاق المدعي لتسوية حالته بالتطبيق لأحكام قانون المعادلات؛ حيث ورد بالبند 25 من الجدول المرافق للقانون أمام (معلمي القرآن الكريم بالمدارس الإلزامية) عبارة ثلاثة جنيهات شهرية مكافأة لمن تقل مكافأته عن هذا القدر، أما بالنسبة لخصم الزيادة التي لحقت الماهية، تنفيذاً لقانون المعادلات الدراسية، من إعانة الغلاء المقررة لكل موظف يستفيد من أحكامه، فقد قالت المحكمة الإدارية في ذلك "إنه لا وجه للتوسع في تفسير ما جاء بنص المادة الخامسة من قانون المعادلات الدراسية والمذكرة الإيضاحية له من تعميم الخصم من إعانة الغلاء بمقدار الزيادة في المكافأة؛ ذلك لأن المادة الأولى من القانون قد أشارت إلى اعتبار حملة المؤهلات المحددة في الجدول المرافق لهذا القانون في الدرجة وبالماهية أو المكافأة المحددة عند كل منهم. وجاء تحديد المكافأة المقررة بالقانون بالبند رقم 25 من الجدول المرافق له بالنسبة لطائفة معلمي القرآن الكريم بالمدارس الإلزامية؛ ومن ثم فإن القول بعدم خصم الزيادة في المكافأة المستحقة لمن أفاد منهم من حكم هذا القانون من إعانة الغلاء - هذا القول يتفق ونصوص القانون، وكذلك مع مراعاة أن الزيادة التي قررها بالنسبة لحملة المؤهلات الدراسية مما يسمح بإجراء الخصم بمقابلها من إعانة الغلاء. أما بالنسبة لطائفة معلمي القرآن الكريم فإن ما تقرر من زيادة المكافأة التي تصرف لهم كان بحيث تصل هذه المكافأة إلى الحد الأدنى اللازم لمواجهة تكاليف المعيشة بالنسبة لموظف عمومي". وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتارية هذه المحكمة في 10 من مايو سنة 1958 طلب فيها "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بأحقية المدعي في تسوية حالته بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات، وإلزام المدعي بالمصروفات المناسبة". واستند في أسباب طعنه إلى أنه مما لا خلاف عليه أن القانون رقم 371 لسنة 1953 يسري في شأن طائفة معلمي القرآن الكريم؛ ومعنى ذلك أن أحكامه - باعتبارها وحدة متكاملة - تنطبق على حالتهم، بما لا مندوحة معه من النزول على حكم المادة الخامسة من القانون المشار إليه، والتي تقضي بأن تخصم الزيادة في الماهيات المترتبة على تنفيذ هذا القانون من إعانة الغلاء المقررة لكل موظف يستفيد من أحكامه، بدون اعتداد بما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن ما تقرر من زيادة المكافأة التي تصرف لمعلمي القرآن الكريم كان بحيث تصل هذه المكافأة إلى الحد الأدنى اللازم لمواجهة تكاليف المعيشة بالنسبة لموظف عمومي، طالما أن هذه الطائفة قد أصابها تحسين برفع مكافآتها طبقاً لأحكام هذا القانون دون غيره.
ومن حيث إن المدعي، بوصفه معلماً للقرآن الكريم بمدرسة كفر أبي ناصر الإلزامية، وقد التحق بهذا العمل منذ أول فبراير سنة 1942، يطلب بصفة أصلية تطبيق قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 على حالته؛ بمقولة إن النص الوارد بها والذي يقضي برفع الماهيات والأجور التي تقل عن ثلاثة جنيهات في الشهر إلى هذا القدر قد جاء من العموم والشمول بحيث يشمل كافة طوائف الموظفين؛ لأنه استهدف به رسم حدود الكفاف لشاغلي الوظائف الدنيا من موظفي الدولة الذين بلغ بهم الإنصاف مبلغ الإسعاف، إلا أن الثابت - من مذكرة إدارة الميزانية المؤرخة 23 من مارس سنة 1947 والتي وافق عليها الوزير في اليوم ذاته، ومن ميزانية الوزارة عن السنة المالية 1946/ 1947، ومن قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من يناير سنة 1955 - أن مجالس المديريات لم تدرج في ميزانيتها أي اعتماد لرفع مكافآت معلمي القرآن الكريم غداة نفاذ قواعد الإنصاف. وقد أصدر وزير المعارف قراراً في 23 من يوليه سنة 1947 برفع اعتماد مكافآت معلمي القرآن الكريم من 3430 ج إلى عشرة آلاف جنيه في مشروع ميزانية الوزارة عن السنة المالية 1946/ 1947، وقد اعترض ديوان المحاسبة على رفع هذه المكافآت، وأشار بضرورة الحصول على الترخيص المالي اللازم. وعند بحث تكاليف تعديل قيم بعض المؤهلات الدراسية وافق مجلس الوزراء في 2 من ديسمبر سنة 1951 على رفع المكافآت من تاريخ صدور القانون الخاص بفتح الاعتماد. وقد تقدمت وزارة المالية لمجلس الوزراء بمذكرة أوضحت فيها أن صرف المكافأة لهؤلاء المعلمين ابتداء من السنة المالية 1952/ 1953 صحيح؛ إذ أنه يستند إلى قرار مجلس الوزراء المشار إليه. أما ما صرف ابتداء من السنة المالية 1946/ 1947 لغاية السنة المالية 1951/ 1952 فقد كان ينبغي الرجوع إلى مجلس الوزراء للحصول على موافقته في رفع هذه المكافأة. ولما كانت هذه المكافآت قد رفعت فعلاً وصرفت لهؤلاء المعلمين فترى وزارة المالية إقرار ما تم صرفه. وقد وافق مجلس الوزراء على هذا الرأي في 12 من يناير سنة 1955. ويخلص من هذا الاستطراد أن قواعد الإنصاف لا يمكن تطبيقها على حالات محفظي القرآن الكريم؛ إذ لم ينشأ الاعتماد المالي اللازم لهذا الغرض في الميزانية. وغني عن البيان أنه إذا كان القرار الإداري من شأنه أن يرتب أعباء مالية على الخزانة العامة، وجب لكي يصبح جائزاً وممكناً قانوناً أن يعتمد المال اللازم لمواجهة تلك الأعباء من الجهة المختصة بحسب الأوضاع الدستورية، ومن ثم يكون طلب المدعي تسوية حالته على أساس قواعد الإنصاف غير متفق وأحكام القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إن وزارة التربية والتعليم تدفع الطلب الاحتياطي الخاص بتطبيق أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية على حالته بأن القانون رقم 151 لسنة 1955 صدر بإضافة فقرة جديدة إلى نص المادة الثانية من القانون رقم 371 لسنة 1953 مفادها ألا يطبق قانون المعادلات الدراسية إلا على الموظفين المعينين بصفة دائمة على وظائف دائمة داخل الهيئة دون الموظفين المؤقتين أو الموظفين المعينين على وظائف مؤقتة أو المستخدمين الخارجين عن الهيئة أو عمال اليومية. وما دام المدعي وأمثاله من معلمي القرآن الكريم بالمدارس الإلزامية هم من المستخدمين الخارجين عن الهيئة فإنه يكون قد تخلف في حالتهم شرط انطباق قانون المعادلات الدراسية عليهم.
ومن حيث إن البند 25 من الجدول المرافق للقانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية صريح في منح معلمي القرآن الكريم بالمدارس الإلزامية ثلاثة جنيهات شهرياً مكافأة لمن تقل مكافأته عن هذا القدر، فلا جدوى إذن من التحدي بأن القانون المذكور - مفسراً بالقانون رقم 151 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 78 لسنة 1956 - لا ينطبق إلى على الموظفين المعينين على وظائف دائمة داخل الهيئة أو على اعتمادات مقسمة إلى درجات، دون الموظفين المعينين على وظائف مؤقتة أو المستخدمين الخارجين عن الهيئة أو عمال اليومية، وأن معلمي القرآن الكريم ليسوا من الموظفين المعينين على وظائف دائمة داخل الهيئة أو على اعتمادات مقسمة إلى درجات، فضلاً عن أنهم لا يحملون مؤهلاً ولا يتناولون ماهية شهرية بل مجرد مكافأة - لا جدوى من ذلك، ما دام نص القانون صريحاً في منحهم تلك المكافأة الشهرية، وقد ورد باسمهم في الجدول تحت خانة "اسم المدرسة أو المعهد أو الشهادة"، كما ورد تقدير المكافأة لهم تحت خانة "تقدير الشهادة أو المؤهل"، ولا اجتهاد في مقام النص الصريح؛ إذ اعتبر الشارع حفظ القرآن الكريم وتعليمه في ذاته تأهيلاً خاصاً يستحق تقدير تلك المكافأة، باعتبارها مقابل العمل، بصرف النظر عن التسميات من الناحية الفنية البحتة.
ومن حيث إنه ما دامت حالة المدعي مما ينطبق عليها قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953، فيسري في حقه نص المادة الثالثة منه التي تقضي بعدم صرف الفروق المالية إلا من تاريخ نفاذه وعن المدة التالية له فقط، كما يسري في حقه كذلك نص المادة الخامسة التي تقضي بخصم الزيادة المترتبة على تنفيذ القانون المذكور من إعانة الغلاء المقررة، وذلك بالنسبة لكل موظف يستفيد من أحكامه؛ ذلك أن القانون المذكور يعتبر وحدة متكاملة في تطبيقه بالنسبة لكل من تسري عليه أحكامه.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بتسوية حالة المدعي بالتطبيق لأحكام القانون المشار إليه على الوجه المبين في المنطوق.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباستحقاق المدعي تسوية حالته بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعدلات الدراسية، وبإلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة، ورفضت ما عدا ذلك.

الطعن 2489 لسنة 36 ق جلسة 30 / 10 /1993 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 1 ق 9 ص 117

جلسة 30 من أكتوبر سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت نائب رئيس مجلس الدولة, وعضوية السادة الأساتذة: رأفت محمد يوسف, ود. أحمد مدحت حسن, ومحمد أبو الوفا عبد المتعال, وسعيد أحمد برغش - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(9)

الطعن رقم 2489 لسنة 36 القضائية

هيئة الشرطة - ضباطها - انقطاع عن العمل - إجراءات القومسيون الطبي والطعن على قراراته.
المادة (41) من لائحة القومسيونات الطبية الصادر بها قرار وزير الصحة رقم 253 لسنة 1974.
للعامل أن يتظلم من قرار لجنة التظلمات من قرارات القومسيونات الطبية بالمحافظات خلال 15 يوماً من التوقيع على القرار بالعلم - يكون التظلم بطلب يقدم لرئاسته مباشرة - يتعين إرسال الأوراق موضوع التظلم فوراً إلى الإدارة العامة للقومسيونات الطبية - لهذه الإدارة إلغاء أو تعديل القرار الصادر عن اللجنة ولها حق استدعاء المتظلم والكشف عليه - يكون قرارها في هذا الشأن نهائياً - علة ذلك أن الإدارة العامة للقومسيونات الطبية هي المرجع الأخير لتحديد مدى سلامة قرار القومسيون الطبي المحلي بالمحافظة ومن بعده قرار لجنة التظلمات بالمحافظات باعتبارها أعلى سلطة طبية محايدة - قرار الإدارة العامة للقومسيونات الطبية هو الذي يطعن عليه أمام القضاء الإداري - عدم اتباع إجراءات ومواعيد التظلم المشار إليها يؤدي إلى تحصن القرار فلا يجوز النعي عليه بالبطلان - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 7/ 6/ 1990 أودع الأستاذ/ .......
المحامي نائباً عن الأستاذ/ .......... المحامي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم2489 لسنة 36 ق عليا في القرار الصادر من مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة بجلسة 8/ 4/ 1990 بشأن الاستئناف المقام عن قرار مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة في 11/ 6/ 1989 في الدعوى التأديبية رقم 6 لسنة 1989 والذي نصه الآتي: "قبول التظلم شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المستأنف فيما قضى به من مجازاة النقيب ......... بالوقف عن العمل في صرف نصف المرتب لمدة ستة أشهر ومجازاته بخصم ثلاثة أشهر من راتبه" وطلب الطاعن الحكم للأسباب الواردة بتقرير الطعن بقبول طعنه شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه.
وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى السيد وزير الداخلية بصفته في 14/ 6/ 1990.
وأعدت هيئة المفوضين تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه للأسباب المبينة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل القرار المطعون فيه إلى إلغاء القرار المستأنف فيما قضى به من مجازاة الطاعن بالوقف عن العمل مع صرف نصف المرتب لمدة ستة أشهر ومجازاته بخصم شهرين من راتبه.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا الدائرة الرابعة جلسة 10/ 2/ 1993 وفيها قدمت جهة الإدارة مذكرة بدفاعها وأحيل الطعن إلى محكمة الموضوع لنظره بجلسة 5/ 6/ 1993 حيث تدوول نظره أمامها على النحو الوارد في محاضر الجلسات وبجلسة 2/ 10/ 1993 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم وفيه صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 8/ 4/ 1990 وطعن فيه بتاريخ 7/ 6/ 1990 وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية ومن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث الموضوع فإن عناصر هذه المنازعة تخلص في أن وزير الداخلية أصدر بتاريخ 11/ 2/ 1989 القرار رقم 6 لسنة 1989 بإحالة النقيب ...... بأمن قنا إلى مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة لمحاكمته تأديبياً لأنه خرج على مقتضى الواجب الوظيفي لانقطاعه عن العمل دون إذن يوم14/ 8/ 1987 عقب راحة الجمعة حتى أبلغ بمرضه من 15/ 8/ 1987 وهو اليوم الذي احتسبته الجهة الطبية المختصة بداية أجازته المرضية، ثم انقطع عن العمل بدعوى المرض في المدة من 14/ 9/ 1987 إلى 3/ 7/ 1988 ولم تحتسب الجهة الطبية المختصة هذه المدة إجازة مرضية.
وبجلسة 11/ 6/ 1989 قرر مجلس التأديب لضباط الشرطة رفض الدفع ببطلان قرار الإحالة ومجازاة الطاعن بالوقف عن العمل مع صرف نصف المرتب لمدة ستة أشهر وذلك تأسيساً على أن القومسيون الطبي قرر منحه إجازة مرضية لمدة ثلاثين يوماً تبدأ من 15/ 8/ 1987 وعدم احتساب مدة انقطاعه التالية إجازة مرضية لعدم تناسبها مع حالته المرضية وقد أصبح قرار القومسيون في هذا الصدد نهائياً بعد البت في التظلم المقدم من الطاعن وعدم اتخاذه الإجراءات الخاصة بالطعن أمام المحكمة المختصة في قرار رفض تظلمه.
وأضاف مجلس التأديب أنه قد أتيحت الفرصة للطاعن لابداء دفاعه في إحدى مراحل المساءلة التأديبية فضلاً عن أن تمارض المذكور يعتبر انقطاعاً عن العمل بغير عذر حقيقي إذ أنه كان براحة مجمعة تنتهي في 13/ 8/ 1987 ولم يعد لعمله صباح يوم 14/ 8/ 1987 وأبلغ عن مرضه يوم 15/ 8/ 1987 فتم توقيع الكشف الطبي عليه بتاريخ 28/ 8/ 1987 ومنح إجازة مرضية بمعرفة القومسيون الطبي لمدة ثلاثين يوماً تبدأ من 15/ 8/ 1987 ورأت الجهة الطبية عدم احتساب المدة التالية إجازة لعدم تناسب مدة الانقطاع مع حالته المرضية وقد تأيد هذا القرار من لجنة التظلمات بقنا في 28/ 10/ 1988 وبالتالي فإن يوم 14/ 8/ 1987 لم يحتسب إجازة مرضية ويعد غياباً بدون إذن، كما أن المدة التالية للإجازة المرضية وتبدأ من 14/ 9/ 1987 حتى 3/ 7/ 1988 فإنها أيضاً انقطاع عن العمل بدون إذن وقد رفض القومسيون الطبي احتسابها إجازة مرضية.
وقد عدل مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة الجزاء الموقع على الطاعن ليكون الخصم من راتبه لمدة ثلاثة أشهر مع أخذه بذات الأسباب والأسانيد التي صدر بناء عليها قرار مجلس التأديب الابتدائي وبرر تخفيض العقوبة التي تضمنها هذا القرار بأن المذكور استأنف عمله بإدارة قوات أمن قنا من 4/ 7/ 1988 وانتظم في العمل وبالتالي يكون الجزاء الموقع عليه قد شابه غلو ويستند الطاعن في طعنه على هذا القرار التأديبي إلى أن قرار إحالته إلى مجلس التأديب الابتدائي باطل. إذ بدلاً من أن ترسل الإدارة طلب التظلم المقدم منه بتاريخ 12/ 9/ 1988 من قرار لجنة التظلمات بالقومسيون الطبي إلى الإدارة العامة للقومسيونات الطبية فإنها أرسلته إلى ذات اللجنة مصدرة قرار تأيد قرار القومسيون الطبي بمنحه إجازة مرضية ثلاثين يوماً وعدم احتساب المدة التالية إجازة مرضية فأصبحت هذه الجهة خصماً وحكماً في نفس الوقت حيث قررت نهائية قرار القومسيون وفضلاً عن ذلك فإنه لن يتم التحقيق معه فيما نسب إليه لإعطائه فرصة إبداء دفاعه. واستطرد الطاعن قائلاً أنه طبقاً لقانون الشرطة رقم 109 لسنة 1971 فإنه ليس في المخالفات التأديبية مخالفة تسمى التمارض حتى يمكن محاسبته عليها تأديبياً وبرر الشق المستعجل من طعنه بأنه قد لحقت به أضرار بسب الجزاء الموقع عليه.
وانتهى الطاعن إلى طلب الحكم له بما تقدم.
وفي المذكرة التي قدمتها جهة الإدارة طلب الحكم برفض الطعن تأسيساً على أن المخالفات المنسوبة للطاعن ثابتة لا مجال لإنكارها.
ومن حيث إنه عن السبب الأول من أسباب الطعن فإن الثابت من الاطلاع على الأوراق أن الطاعن أبلغ بمرضه في 15/ 8/ 1987 وطلب تحويله للكشف الطبي فأخطر أكثر من مرة على عنوانه بالقاهرة للتوجه إلى القومسيون الطبي للكشف عليه إلا أن الإخطارات ردت بسبب تغيير الطاعن لمحل إقامته دون إخطار جهة عمله وفي 19/ 4/ 1988 حضر الطاعن إلى جهة عمله بقنا وقدم طلباً بالاستقالة فرفض الاستجابة لطلبه إلا بعد سداد مبالغ مستحقة عليه فقدم في 30/ 6/ 1988 بطلب إحالته للقومسيون الطبي العام مع عدوله عن الاستقالة لعدم إمكانه سداد المبالغ المستحقة عليه فأحيل إلى مستشفى قنا العام بتاريخ 3/ 7/ 1988 لتوقيع الكشف الطبي عليه وتسلم عمله في 4/ 7/ 1988 وبجلسة 28/ 8/ 1988 قرر القومسيون الطبي العام بقنا أن المذكور قد شفى من التهاب غضروفي أسفل الظهر بالفقرات القطنية العجزية مع الآم عرق نساء أيمن، ويمنح ثلاثون يوماً إجازة مرضية من 15/ 8/ 1987 تاريخ إبلاغه عن مرضه ويأسف لعدم احتساب باقي المدة حتى 28/ 8/ 1988 لعدم تناسب مدة الانقطاع مع حالته المرضية ويستمر في عمله فتظلم الطاعن من هذا القرار في 12/ 9/ 1988 فأفادت مديرية الشئون الصحية بالمحافظة بقنا لجنة التظلمات برفضها للتظلم وتأييد قرار القومسيون الطبي إلا أنه تظلم من قرار لجنة التظلمات فأرسل طلبه إلى مديرية الشئون الصحية بقنا مرة أخرى التي أفادت في 9/ 11/ 1988 بأن قرار لجنة التظلمات نهائي ولا يجوز الطعن عليه.
ومن حيث إن المادة 41 من لائحة القومسيونات الطبية الصادر بها قرار وزير الصحة رقم 253 لسنة 1974 نص على أن للعامل أن يتظلم من قرار لجنة التظلمات من قرارات القومسيونات الطبية بالمحافظات خلال خمسة عشر يوماً من التوقيع على القرار بالعلم وذلك بطلب يقدم لرئاسته مباشرة وعلى رئاسته إرسال الأوراق موضوع التظلم فوراً للإدارة العامة للقومسيونات الطبية ولهذه الإدارة إلغاء أو تعديل القرار الصادر من اللجنة ولها حق استدعاء المتظلم والكشف عليه ويكون قرارها في هذا الشأن نهائياً.
بشأن الطاعن تقدم بتظلم من قرار لجنة التظلمات بمديرية الشئون الصحية بمحافظة قنا والقومسيون الطبي العام بقنا المشار إليه وكان يتعين على جهة عمله أن ترسل هذا التظلم إلى الإدارة العامة للقومسيونات الطبية لتبت نهائياً في الأمر وهي فقط التي يعتبر قرارها نهائياً إلا أن جهة العمل أرسلت التظلم إلى مديرية الشئون الصحية بقنا التي سبق لها أن رفضت تظلم الطاعن وهي ليست الجهة المختصة قانوناً حسب ما تقدم فتمسكت برأيها السابق منوهة إلى أن قرار لجنة التظلمات بمديرية الشئون الصحية التي هي نفسها مرة أخرى نهائي وهو الأمر غير الصحيح وعقب ذلك أحيل الطاعن إلى مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة لمحاكمته تأديبياً.
ومن حيث إن الحكمة مما نصت عليه المادة 41 من لائحة القومسيونات الطبية سالفة الذكر من أنه حالة تظلم العامل من قرار لجنة التظلمات من قرار القومسيون الطبي بالمحافظات فإنه يجب أن يرسل التظلم للإدارة العامة لجميع القومسيونات الطبية هو أن هذه الإدارة تكون هي المرجع الأخير لتحديد مدى سلامة قرار القومسيون الطبي المحلي بالمحافظة ومن بعده قرار لجنة التظلمات بالمحافظات باعتبارها أعلى سلطة طبية ومحايدة ومن حقها إلغاء القرار ومحل التظلم أو تعديله كما لها استدعاء المتظلم للكشف عليه وهي فقط التي يكون قرارها نهائياً بحيث يجوز لصاحب الشأن أن يطعن عليه أمام القضاء الإداري فكان يتعين على الطاعن أن يطعن في قرار مديرية الشئون الصحية بقنا الذي تجاهل الإجراء المتقدم خلال المواعيد القانونية أما وأنه لم يفعل فإن هذا القرار يكون قد تحصن بحيث أصبح لا يجوز قانوناً النعي عليه بالبطلان وبالتالي بطلان قرار الإحالة إلى مجلس التأديب وينبني على ذلك أن السبب الأول للطعن يكون غير صحيح متعين الالتفات عنه.
ومن حيث إنه بالنسبة للسبب الثاني للطعن فإن الثابت من الأوراق أن الطاعن قد حقق معه أكثر من مرة بسبب المخالفات التي نسبت إليه من ذلك التحقيق الذي أجرى معه بتاريخ 12/ 9/ 1988 و15/ 11/ 1988 وبالتالي فليس صحيحاً ما يزعمه الطاعن من أنه لم تتح له أي فرصة للدفاع عن نفسه قبل إحالته إلى مجلس التأديب الابتدائي في 11/ 2/ 1989.
ومن حيث إنه عن السبب الثالث للطعن فإن الطاعن نفسه لا ينكر انقطاعه عن العمل خلال المدد المشار إليها وإن كان قد برر الانقطاع بمرضه بالانزلاق الغضروفي، ولما كان قرار القومسيون الطبي في هذا الشأن الذي أصبح نهائياً على نحو ما تقدم قد حدد المدة التي تحسب إجازة مرضية وهى يوم 14/ 8/ 1987 ومدة ثلاثين يوماً من 15/ 8/ 1987 تاريخ الإبلاغ عن المرض أما باقي مدة الانقطاع فإنها تعتبر انقطاعاً بدون إذن فمن ثم فإن المخالفة المنسوبة للطاعن تكون ثابتة لا مجال لدحضتها.
ومن حيث إن المادة 33 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 تنص على أنه لا يجوز للضابط أن ينقطع عن عمله إلا لإجازة مصرح له بها في حدود الإجازات المقررة.
ومن حيث إن الطاعن انقطع عن عمله للمدد الموضحة آنفاً ورفض القومسيون الطبي اعتبارها إجازة مرضية وبالتالي فإنه يكون قد انقطع عن عمله بدون إذن وبالمخالفة للقانون.
ومن حيث إن المادة 40 من القانون سالف الذكر تنص على أن كل ضابط لا يعود إلى عمله بغير عذر بعد انتهاء إجازته مباشرة يحرم من مرتبه مع عدم الإخلال بالمسئولية التأديبية.
ومن حيث إن المادة 48 قد حددت الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على الضابط المخالف بأنها:
(1) الإنذار. (2) الخصم من المرتب لمدة لا تجاوز شهرين في السنة.
ومن حيث إن المادة 49 تنص على أن لمجلس التأديب توقيع أي من العقوبات الواردة بالمادة السالفة وبالتالي فإن مجلس التأديب الاستثنائي وقد انتهي إلى مجازاة الطاعن بالخصم من المرتب فإنه لا يجوز أن يتجاوز هذا الخصم مرتب شهرين ويتعين تعديل القرار المطعون فيه على هذا الأساس.
ومن حيث إنه يتبين مما تقدم أن أسانيد الطاعن تفتقر إلى سند صحيح من القانون والواقع ومن ثم فإنه تكون جديرة بالرفض مع تعديل الجزاء على النحو المتقدم.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل القرار المطعون فيه ليكون إلغاء القرار المستأنف فيما قضى به من مجازاة النقيب........ بالوقف عن العمل مع صرف نصف المرتب لمدة ستة أشهر ومجازاته بخصم شهرين من راتبه.

الطعن 908 لسنة 3 ق جلسة 7 / 3 / 1959 مكتب فني 4 ج 2 ق 77 ص 907

جلسة 7 من مارس سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي ومحيى الدين حسن وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

-----------------

(77)

القضية رقم 908 لسنة 3 القضائية

عمال الجيش البريطاني 

- قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1955 - نصه على تصحيح درجة وأجر كل عامل طبقاً لنتيجة امتحانه - المناط في استحقاق العامل الأجر الخاص بمهنته طبقاً لأحكام هذا القرار - هو مزاولته المهنة فعلاً ووجود درجة في الميزانية مخصصة للمهنة التي أدى امتحانها وتعيينه في تلك الدرجة - تخلف أي من هذه الشروط يجعل العامل غير مستحق للأجر الخاص بالمهنة.

-----------------
إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1955 بشأن تعيين عمال القنال على درجات بالميزانية يقضي بأن يجرى تصحيح درجة وأجر كل عامل طبقاً لنتيجة امتحانه ولأحكام كادر عمال القنال، بصرف النظر عما استولوا عليه من أجور، على ألا تصرف لهم الأجور الخاصة بمهنتهم إلا إذا كانوا يزاولونها فعلاً. كما ينص - بالنسبة للعمال الفنيين - على أن يعين كل منهم في الدرجة الخالية بالميزانية والمخصصة للمهنة التي أدى امتحانها، ويمنح أول مربوط تلك الدرجة وفقاً للأحكام العامة لكادر العمال، وذلك بدون أثر رجعي. ويقضي هذا القرار كذلك بأنه لا يترتب على تنفيذه تحصيل أو صرف أية فروق عن الماضي. ومفاد ذلك أن يصحح وضع كل عامل فني طبقاً لنتيجة امتحانه، ويمنح الدرجة والأجر حسبما تسفر عنه تلك النتيجة، ويعين في الدرجة المخصصة للمهنة التي أدى امتحانها، بشرط وجود درجة خالية بالميزانية، ويمنح أول مربوط تلك الدرجة، بصرف النظر عما كان يستولي عليه من أجور قبل، على ألا تصرف أية فروق عن الماضي، ولا يصرف الأجر الخاص بالمهنة إلا لمن يزاولها فعلاً.


إجراءات الطعن

في 8 من أغسطس سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الزراعة بجلسة 12 من يونيه سنة 1957 في الدعوى رقم 117 لسنة 4 ق المرفوعة من أنيس أيوب عبد الملك ضد وزارة الزراعة، والقاضي بأحقية المدعي في أجر يومي قدره 300 م اعتباراً من 6 من سبتمبر سنة 1956، وما يترتب على ذلك من آثار، على النحو المبين بأسباب هذا الحكم، ورفضت ما عدا ذلك، وألزمت كلاً من الطرفين بنصف المصروفات، ورفضت طلب مقابل أتعاب المحاماة. وطلب رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات. وقد أعلن الطعن للحكومة في 24 من أكتوبر سنة 1957، وللمدعي في 31 منه، وتحدد لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 7 من فبراير سنة 1959، وفي 18 من يناير سنة 1959 أبلغت الحكومة والمدعي بميعاد هذه الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي بتاريخ 9 من يناير سنة 1957 أودع سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارات المالية والتجارة والزراعة والتموين عريضة الدعوى، بعد أن حصل على قرار بمعافاته من رسومها، طلب فيها الحكم بتكملة أجره إلى بداية مربوط درجته من تاريخ الامتحان وصرف الفروق المالية المترتبة عليه ذلك، وإلزام وزارة الزراعة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه إنه من عمال الجيش البريطاني الذين ألحقوا بوزارة الزراعة عام 1951, وقد اجتاز الامتحان لمهنة ساعاتي بالفئة 300/ 500 م في 18 من فبراير سنة 1952، ولكن الجهة الإدارية لم تمنحه إلا 240 م كأجر يومي؛ ومن ثم فإنه بالتطبيق لأحكام كادر العمال يتعين القضاء باستحقاقه بداية الدرجة من تاريخ امتحانه في 18 من فبراير سنة 1952، وما يترتب على ذلك من آثار. وأجابت الوزارة على الدعوى بأن المدعي ألحق بخدمتها ضمن عمال القنال بوظيفة ساعاتي، وقد اختبر بمصلحة الطبيعيات في أعمال مهنته بتاريخ 18 من فبراير سنة 1952، وتقرر أنه يستحق أجرة يومية قدرها 240 م خلاف إعانة غلاء المعيشة، وصرف له هذا الأجر فعلاً. ولما كان المدعي قد أقام دعواه بعد صدور القانون رقم 569 لسنة 1955 وقرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1955 والذي تضمنت مادته الثانية في البند الثاني على أن يجرى تصحيح درجة وأجر كل عامل طبقاً لنتيجة اختباره ولأحكام كادر عمال القنال، بصرف النظر عما استولوا عليه من أجور من قبل، على ألا تصرف لهم الأجور الخاصة بمهنتهم إلا إذا كانوا يزاولونها فعلاً، كما نصت المادة السابعة على ألا يترتب على تنفيذ هذا القرار تحصيل أو صرف أية فروق عن الماضي. وتنفيذاً لذلك شكلت الوزارة في 24 من فبراير سنة 1956 لجنة فنية لتنفيذ ما تقدم، وقد قررت هذه اللجنة إعادة اختبار المدعي، فأعيد اختباره بمصلحة الطبيعيات بتاريخ 6 من سبتمبر سنة 1956، فوجد أنه يصلح لوظيفة ساعاتي في درجة دقيق التي تبدأ من 300 م. ولما كان رفع أو خفض الأجور تنفيذاً للقرار المشار إليه لا يتم من تاريخ وضع العامل على درجة خالية بالميزانية، فإنه إعمالاً لمفعول ما تقدم يقتضي رفع أجر المدعي إلى 300 م اعتباراً من تاريخ وضعه على إحدى الدرجات الخالية بالميزانية وبدون صرف أية فروق عن الماضي، وهو ما ستراعيه الوزارة في حالته، وخلصت الوزارة إلى أنه يتضح أن المدعي غير محق في دعواه، ويتعين الحكم برفضها. وبجلسة 12 من يونيه سنة 1957 قضت المحكمة بأحقية المدعي في أجر يومي قدره 300 م اعتباراً من 6 من سبتمبر سنة 1956، وما يترتب على ذلك من آثار، على النحو المبين بأسباب هذا الحكم، ورفضت ما عدا ذلك، وألزمت كلاً من الطرفين بنصف المصروفات، ورفضت طلب مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من ملف خدمة المدعي أن صلاحيته لمهنة ساعاتي كانت بناء على الامتحان الذي أداه في 18 من فبراير سنة 1952 قبل العمل بكادر عمال القنال، إلى أن تقرر إعادة امتحانه في 6 من سبتمبر سنة 1956، تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1955 بشأن تعيين عمال القنال على درجات بالميزانية، فإنه - والحالة هذه - يعتبر في مركز مؤقت حتى تاريخ امتحانه الثاني، طالما أنه لم يؤد امتحاناً أمام اللجنة المختصة التي شكلت تنفيذاً لأحكام كادر عمال القنال؛ ولذلك فلا يستحق الأجر المقرر بالكادر المشار إليه استناداً إلى اختباره الأول. وذكر الحكم أنه بناء على البند 2/ ج من المادة الثانية من قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1955، ومن مقتضاه أنه متى ثبت أن المدعي أدى امتحاناً أمام اللجنة في 6 من سبتمبر سنة 1956 وتبين للجنة صلاحيته لحرفة ساعاتي الواردة بالكشف رقم 8 الملحق بكادر عمال القنال والمقرر لها درجة صانع دقيق (300/ 500 م) ببداية قدرها 300 م، وأنه يزاول هذه الحرفة؛ فإنه يكون قد نشأ له مركز نهائي يستمد حقه فيه من القانون رأساً، وهو ما يقتضي أحقيته لهذا المركز القانوني الذي ينطبق عليه قانوناً، وهذا ما يستتبع أحقيته في الأجر المقرر للحرفة من تاريخ ثبوت صلاحيته باجتيازه الامتحان أمام اللجنة المشار إليها بتاريخ 6 من سبتمبر سنة 1956.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن ثمت قاعدة جوهرية تضمنها كادر عمال القنال تقضي بأن الأجر المقرر لحرفة من الحرف لا يستحق إلا لمن يزاول عملها فعلاً، وأما العمال الذين لا توجد لهم أعمال في الحكومة تتفق مع حرفهم الأصلية فإنهم يكلفون أداء حرف قريبة منها بقدر المستطاع أو يكلفون أداء أعمال أخرى تبعاً لحاجة المرفق، على أن تؤدي إليهم أجور الأعمال التي يؤدونها؛ وبالتالي فإن صلاحية العامل لحرفة ما لا ترتب له الحق في الأجر المقرر لها إلا إذا قام بعملها. فإذا كانت وزارة الزراعة قد قررت في طلب الطعن المرافق أن المدعي لم يزاول مهنة ساعاتي التي تثبت صلاحيته لها، وإنما عهد إليه بعمل كتابي، وهو قول يؤيده المستفاد من ملف خدمة المدعي، فإنه - طبقاً للقاعدة السابقة - لا يستحق الأجر المقرر للمهنة على مقتضى الكادر، والحكم المطعون فيه إذ أخذ بغير هذا النظر قد خالف القانون، ويتعين الطعن فيه.
ومن حيث إنه يبين من استظهار الأوراق أن المدعي كان من عمال الجيش البريطاني الذين تركوا الخدمة بعد إلغاء معاهدة سنة 1936، ووردت مهنته بكشوف مصلحة العمل (ساعاتي)، وقد ألحق بقسم الهندسة الميكانيكية بوزارة الزراعة، وتحول لمصلحة الطبيعيات في 9 من فبراير سنة 1952 لاختباره وتقدير أجرته، فأفادت المصلحة المذكورة بأنه يستحق أجراً قدره 240 م خلاف إعانة غلاء المعيشة؛ وبناء عليه صرف إليه هذا الأجر. وتنفيذاً لأحكام القانون رقم 569 لسنة 1955 بشأن تعيين عمال القنال على درجات بالميزانية وقرار مجلس الوزراء بجلسة 23 من نوفمبر سنة 1955 بشأن تعيين عمال القنال على درجات بالميزانية والمتضمن في بنده الثاني فقرة ( أ ) "يجري تصحيح درجة وأجر كل عامل طبقاً لنتيجة امتحانه ولأحكام كادر عمال القنال، بصرف النظر عما استولوا عليه من أجور على ألا تصرف لهم الأجور الخاصة بمهنتهم إلا إذا كانوا يزاولونها فعلاً" - تنفيذاً لهذه الأحكام أعيد اختبار المدعي بمصلحة الطبيعيات في مهنة (ساعاتي) بتاريخ 6 من سبتمبر سنة 1956، فوجد أنه يصلح لهذه المهنة في درجة دقيق التي تبدأ من 300 م.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء المشار إليه يقضي في الفقرة (ب) من البند الثاني الخاص بالعمال الفنيين بأن "يعين كل منهم في الدرجة الخالية بالميزانية والمخصصة للمهنة التي أدى امتحانها ويمنح أول مربوط تلك الدرجة وفقاً للأحكام العامة لكادر العمال وذلك بدون أثر رجعي"، كما ينص ذلك القرار في مادته السابعة على أنه "لا يترتب على تنفيذ هذا القرار تحصيل أو صرف أية فروق عن الماضي".
ومن حيث إن مفاد ذلك أن يصحح وضع كل عامل فني طبقاً لنتيجة امتحانه، ويمنح الدرجة والأجر حسبما تسفر عنه تلك النتيجة، ويعين في الدرجة المخصصة للمهنة التي أدى امتحانها، بشرط وجود درجة خالية بالميزانية، ويمنح أول مربوط تلك الدرجة، بصرف النظر عما كان يستولي عليه من أجور من قبل، على ألا تصرف أية فروق عن الماضي، ولا يصرف الأجر الخاص بالمهنة إلا لمن يزاولها فعلاً.
ومن حيث إن وزارة الزراعة تقرر أنه لا توجد درجة خالية بالميزانية مخصصة للمهنة التي أدى المدعي امتحانها؛ فمن ثم فإن الحكم المطعون فيه - إذ قضى بأحقية المدعي في أجر يومي قدره 300 م اعتباراً من 6 من سبتمبر سنة 1956، وما يترتب على ذلك من آثار - يكون قد بني على غير أساس سليم من القانون، وأخطأ في تأويله وتطبيقه، ويتعين الحكم بإلغائه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 682 لسنة 3 ق جلسة 28 / 2 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 76 ص 883

جلسة 28 من فبراير سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم البغدادي مصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

---------------------

(76)

القضية رقم 682 لسنة 3 القضائية

فصل الموظف 

- احتواء ملف خدمة الموظف على ما يشيد بكفايته وأمانته واستقامته - لا يفيد ذلك أن قرار فصله غير قائم على سبب يبرره - ملف الخدمة ليس المصدر الوحيد لبيان حالة الموظف - اعتبار قرار الفصل سليماً ما دام الموظف لم يقم الدليل الايجابي على صدوره معيباً - عدم مسئولية جهة الإدارة عن التعويض عن هذا القرار.

---------------------
لئن كانت تقارير المدعي السرية على مدى العهود وما جاء بملف خدمته تشهد جميعاً بكفايته في عمله ونشاطه وأمانته واستقامته ونزاهته واعتزازه بكرامته وكرامة وظيفته وحسن خلقه وطيب سمعته في مختلف المناصب التي تولاها، إلا أن هذه ليست هي الوعاء الوحيد الذي تستمد منه أسانيد دحض مشروعية قرار إحالة المدعي إلى المعاش المطعون فيه أو دفع قرينة صحته وقيامه على سببه المبرر له، ما دام المدعي لم يقم الدليل الايجابي على صدور القرار المذكور مشوباً بعيب الانحراف بالسلطة أو إساءة استعمالها أو عدم الاختصاص أو مخالفة القانون أو عيب في الشكل. ومتى انتفى الدليل على قيام أي عيب من هذه العيوب فإن القرار يكون حصيناً من الإلغاء، ولا تترتب عليه تبعاً لذلك، مسئولية الإدارة بالتعويض عنه.


إجراءات الطعن

في 17 من أبريل سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 682 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثانية) بجلسة 20 من فبراير سنة 1957 في الدعوى رقم 46 لسنة 8 القضائية المقامة من اللواء عبد الغني بركات ضد مجلس الوزراء ووزارة الداخلية، القاضي "برفض الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بانتهاء الخصومة بالنسبة إلى طلب المدعي الأول، وبالتعويض المناسب بالنسبة لطلب المدعي الثاني، وإلزام الحكومة كامل المصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة الداخلية في 7 من أغسطس سنة 1957، وإلى مجلس الوزراء في 10 منه، وإلى المطعون لصالحه في 15 منه، وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 15 من فبراير سنة 1958، وأبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة، وفيها وفي الجلسات التالية حتى جلسة 17 من يناير سنة 1959 التي أجل إليها نظر الطعن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم مع الترخيص في تقديم مذكرات خلال عشرين يوماً. وقد أودع المطعون لصالحه مذكرة انتهى فيها إلى طلب "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم: أصلياً - بإلغاء المرسوم الصادر بتاريخ 6 من أغسطس سنة 1953 بإحالة المطعون لصالحه إلى المعاش مع أحقيته في تسوية معاشه على أساس هذا الإلغاء، ومع الحكم له بتعويض مادي وأدبي قدره 15 ألف جنيه. واحتياطياً - بتعويض للمطعون لصالحه قدره عشرون ألفاً من الجنيهات نظير ما لحقه من أضرار مادية وأدبية، ومع الحكم بالمصروفات وأتعاب المحاماة". ثم أودع حافظة ومذكرة تكميلية صمم فيها على طلباته الواردة في مذكرته السابقة، كما قدمت الحكومة مستندات ومذكرات طلبت فيها الحكم برفض الطعن، وإلزام المدعي بالمصروفات وأتعاب المحاماة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 46 لسنة 8 القضائية ضد كل من مجلس الوزراء ووزارة الداخلية أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 4 من أكتوبر سنة 1953، طلب فيها الحكم "بإلغاء المرسوم الصادر بإحالة الطالب إلى المعاش بتاريخ 6 من أغسطس سنة 1953، وباعتباره كأن لم يكن، وبإعادة الطالب إلى وظيفته، مع إلزام المعلن إليهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، مع حفظ كافة حقوق الطالب الأخرى". وذكر بياناً لدعواه إنه تخرج في مدرسة البوليس في شهر يوليه سنة 1918، والتحق بخدمة البوليس برتبة الملازم الثاني، وظل يتدرج في المناصب العسكرية والإدارية المختلفة حتى عين في 18 من ديسمبر سنة 1952 وكيلاً مساعداً لوزارة الداخلية، إلا أنه فوجئ بمرسوم إحالته إلى المعاش في 6 من أغسطس سنة 1953 الذي أبلغ إليه في 16 منه. وقد صدر هذا المرسوم مشوباً بإساءة استعمال السلطة؛ لأنه لم يستهدف مصلحة عامة تقتضيه ولم يستند إلى أسباب صحيحة تحمله؛ ومن ثم فإن يحق إلغاؤه واعتباره كأن لم يكن. وقد ردت الحكومة على هذه الدعوى بمذكرة طلبت فيها "الحكم برفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات والأتعاب". واستندت في ذلك إلى أنه بناء على ما عرضه السيد وزير الداخلية وعلى موافقة مجلس الوزراء صدر مرسوم في 6 من أغسطس سنة 1953 بإحالة المدعي إلى المعاش، وأنه من الأصول المقررة أن للإدارة الحق في فصل أي موظف من موظفيها، ما دامت تستهدف من قرارها الصالح العام، وذلك نتيجة لمسئوليتها عن أعمال موظفيها وما لها من حق في اختيار الصالح منهم، وأن القرارات الإدارية إنما تصدر بقصد تحقيق مصلحة عامة، وعلى من يدعي العكس أن يقيم الدليل على دعواه. والمدعي يطعن في مرسوم إحالته إلى المعاش ناعياً عليه أنه صدر مشوباً بإساءة استعمال السلطة، أي تحت تأثير دوافع شخصية، غير أنه لم يقدم أي دليل على ذلك سوى ما يقوله من أن عمله وملف خدمته لا شائبة عليهما، وهذه القرينة التي يستند إليها لو صحت لا تكفي لإهدار المرسوم المطعون فيه ولا تنهض وحدها دليلاً على صحة ما يذهب إليه؛ الأمر الذي يجعل دعواه فاقدة الأساس حقيقة بالرفض. وبجلسة 28 من نوفمبر سنة 1954 تقدم المدعي بطلب جديد هو إلزام المدعى عليهما بصفتهما بأن يدفعا له تعويضاً مقداره عشرون ألفاً من الجنيهات عن الأضرار التي لحقت به من جراء إنهاء خدمته، ثم أودع مذكرة في 13 من يونيه سنة 1956 استعرض فيها ماضيه منذ تخرجه من مدرسة البوليس في سنة 1918 حتى إحالته إلى المعاش بمرسوم 6 من أغسطس سنة 1953 الذي أبلغ إليه في 16 منه. وأبان أنه عندما صدر المرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952 في 14 من سبتمبر سنة 1952 في شأن فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي لم يمس بسوء، بل إنه رقى إلى منصب وكيل الوزارة المساعد في 18 من ديسمبر سنة 1952 بعد انتهاء أجل التطهير، وأن وزارة الداخلية كانت قد درجت على عدم الدقة في اختيار أعضاء مأمورية الحج من ضباط وضباط صف وعساكر، مما خدش سمعة البلاد في الخارج، فرأى أن يدقق النظر في هذا الاختيار. وفي 24 من يونيه سنة 1953 اجتمعت لجنة عامة في الوزراء يرأسها وكيل الوزراء الدائم للنظر في اختيار أعضاء المأمورية من عسكريين ومدنيين، ثم شكلت لجنتان فرعيتان إحداهما برياسة المدعي لترشيح من تختاره من رجال البوليس، والأخرى برياسة غيره لترشيح من تختاره من الرجال المدنيين. وقد اجتمعت هاتان اللجنتان في يوم 26 من يونيه سنة 1953، ووقع الاختيار على سبعة ضباط أصليين وثلاثة احتياطيين على أساس الصلاحية العامة من واقع ملفات خدمتهم وسمعتهم. ثم حدث أن طلب السيد وزير الداخلية بالنيابة الترشيحات التي أجرتها لجنة الضباط، وهي لا تعدو أن تكون ترشيحات تخضع لرأي اللجنة العامة التي لم تكن قد عرضت عليها بعد، وأشر عليها في 5 من يوليه سنة 1953 باجتماع اللجنة ثانية ومراعاة الأسس السبعة التي أوضحها تفصيلاً. وكان من بين الضوابط التي وضعها وأمر باتباعها ما سبق أن قررته اللجنة ذاتها. وقد انعقدت اللجنة العامة ونفذت أمر السيد الوزير في شأن اختبار أعضاء البعثة، وفي اليوم التالي مباشرة أنهى السيد الوكيل الدائم للوزارة إلى المدعي أن السيد الوزير بالنيابة لا يرتاح إلى النهج الذي نهجته اللجنة الفرعية في الترشيح، وأنه يطلب إليه القيام بإجازة مدتها شهر، وأنه إذا أراد الإحالة إلى المعاش فإن الوزير على استعداد لأن يمنحه سنتين يضمان إلى معاشه يتقاضى خلالهما الفرق بين المرتب والمعاش، وقد آثر المدعي أن يقوم بالإجازة، وأبى ما عرضه عليه السيد الوكيل الدائم للوزارة من الإحالة إلى المعاش مهما اقترنت بميزات. وفي 11 من يوليه سنة 1953 ذكرت صحيفتان من الصحف اليومية أن الأسباب التي أقيم عليها قرار منح المدعي الإجازة تتحصل في أن السيد الوزير لاحظ أنه أقام ترشيحاته على أسس غير عادلة، وأنه اتبع سياسة التفرقة بين الضباط، وأنه ترتب على إعمال قواعد الترشيح التي وضعها السيد الوزير أن اختيرت طائفة من الضباط تختلف عمن رشحتهم اللجنة التي كان يرأسها المدعي. وقد كان عرض أعمال هذه اللجنة على السيد الوزير بالنيابة هو الفرصة الوحيدة التي تقابل فيها الاثنان. ونعى المدعي على المرسوم الصادر بإحالته إلى المعاش اتسامه بعيب الانحراف بالسلطة؛ الأمر الذي يجعله غير مشروع ويبرر القضاء بإلغائه، وأضاف إلى ذلك أنه إذا كان الأصل سلامة القرار الإداري وصدوره بدافع من المصلحة العامة، فإن عدم وجود باعث ظاهر ومعقول للقرار قد يؤدي إلى إلغائه بناء على عيب الانحراف، لا سيما إذا لم تقدم الإدارة دليلاً على هذا الباعث، كما أنه إذا كان الأصل أن القضاء الإداري لا يتصدى لبحث الملاءمة، إلا أنه إذا كان عدم الملاءمة من الجسامة بحيث لا يحتمل خلافاً فإنه يصلح سبباً لإلغاء القرار للانحراف، فقرار الفصل يعتبر مشوباً بعيب الانحراف بالسلطة لعدم الملاءمة الظاهرة فيه بين الخطأ والجزاء. وقد أسهم القضاء الإداري في تيسير إثبات عيب الانحراف بقسط وافر كما ثبتت له جديته ولم يقنع بمجرد القرائن السلبية، والمحكمة حرة في تقدير الدليل الذي يقدمه المدعي على الانحراف، ولها إن رأت وجهاً لذلك أن تطلب بيان المبررات التي بني عليها القرار المطعون فيه، وهذا عن طريق اعتبار الدليل الذي قدمه المدعي كافياً على الأقل لزحزحة قرينة المشروعية التي يتمتع بها القرار الإداري، فينتقل عبء الإثبات من عاتق المدعي إلى عاتق الإدارة. وبإنزال حكم القانون على واقعة الدعوى يبين أن السيد وزير الداخلية بالنيابة أبدى في 5 من يوليه سنة 1953 توجيهات معينة تجرى على أساسها الترشيحات لبعثة الحج، وقد اقترنت هذه التوجيهات بملاحظة واحدة هي قوله: "لاحظنا أن ثلاثة ممن وقع عليهم الاختيار من أعضاء مجلس إدارة نادي البوليس، وهذا يثير باقي الضباط"، ولم يكن المدعي عضواً في مجلس إدارة نادي البوليس، ولم تكن له به صلة إلا بوصفه ضابطاً كسائر الضباط، بل إنه كان رئيساً للضباط جميعاً يستوون لديه، لا يفرق بين أحد منهم إلا بقدر ما يتميز به في العمل والاضطلاع به، ولم يكن الترشيح قائماً على أساس العضوية في مجلس إدارة النادي، بل على أساس الصلاحية العامة المطلقة، فإذا كان قد تصادف أن اجتمعت هذه الصلاحية في بعض الضباط مع العضوية في مجلس إدارة النادي فما ذلك إلا لأن الضباط لا يجمعون على اختيار من يمثلهم في مجلس إدارة النادي إلا إذا كان الأصلح منهم. وإذا سلم جدلاً بأن مجرد الترشيح قد شابه عيب فهو لا ينفذ بذاته، وإنما الذي ينفذ هو أمر الوزير بعد عرض الأمر على اللجنة العامة، وقد كان لكليهما أن يعدلا في هذا الترشيح كيفما شاءا، كما أنه إذا كان الوزير قد رأى في الترشيح رأياً يختلف عما ارتأته اللجنة فلم يكن هذا إلا من قبيل اختلاف وجهات النظر، وهذا أمر جائز وليس فيه ما يضر بالصالح العام، ولا إذا لم يتكرر بما لا يمكن القول معه بأن التعاون بين الرئيس ومرءوسيه أصبح غير يسير. والثابت أن الصلة الوحيدة بين السيد الوزير وبين المدعي لم تقم إلا في شأن الترشيحات المتقدم ذكرها، وأن عدم رضاء الأول عن هذه الترشيحات كان هو السبب في إحالة الثاني إلى المعاش، مع أن حصر الخلاف بينهما في الترشيحات المشار إليها لا يعدو ذلك إلى شبهة تعذر التعاون بينهما. وهذا الخلاف ما كان يصح أن يكون محلاً لجزاء يوقع على المدعي أصلاً، وإذا صح فما كان يجوز أن يكون هذا الجزاء هو الإحالة إلى المعاش، وإذا تعذر التعاون فقد كان سبيل علاج هذه الحالة هو نقل المدعي إلى أي منصب آخر مماثل في الوزارة ذاتها أو في أية وزارة أخرى؛ ومن ثم فإن إحالته إلى المعاش لم تكن تستهدف اعتباراً يتعلق بالصالح العام، بل اعتباراً خاصاً قام في نفس الوزير نتيجة للخلاف بينه وبين المدعي في وجهة النظر، والإحالة إلى المعاش مقامة على هذا السبب تكون إجراء لا يتناسب مع السبب المذكور، بل إن عدم الملاءمة البينة في القرار الصادر بها تبدو صارخة موجبة لإلغاء هذا القرار، ومهما يكن من أمر القرار المطعون فيه بالإلغاء، حتى ولو لم تثبت عليه شائبة من شوائب الانحراف الذي يستتبع هذا الإلغاء، فإن القدر المتيقن هو أنه قرار صدر بغير مسوغ مما يستوجب التعويض عنه؛ فليس ثمت تعارض بين رفض طلب الإلغاء لعدم ثبوت الانحراف والاستجابة لطلب التعويض لعدم وجود المسوغ. وإذا كان الانحراف المؤدي إلى الإلغاء واقعة إيجابية تثبت على سبيل اليقين أو يستدل عليها عن طريق القرائن فإن انعدام المسوغ هو واقعة سلبية تثبت حتماً كلما امتنعت الإدارة عن التقدم بما يبرر قرارها. وإذا جاز إطلاق يد مجلس الوزراء بصفته السلطة العليا المهيمنة على مرافق الدولة في إدارة هذه المرافق والاستغناء عن خدمات القائمين عليها بغير الطريق التأديبي، فإن من حق الموظف من جهة أخرى ألا يبعد - دون تعويض - عن عمله الذي رتب على أساسه حياته، ما دام لم يثبت أن قرار الفصل كان له ما يبرره، بل إنه يستحق هذا التعويض حتى ولو كانت الإدارة قد أفصحت عن مسوغات الفصل، ما دامت هذه المسوغات لا تبرر الفصل بسبب انعدام التناسب بينها وبين هذا الجزاء، وإذا كانت أحكام القانون تقتضي منح الحكومة ممثلة في مجلس الوزراء الحق في فصل من ترى فصله من الموظفين، وعلى الأخص من يشغل منهم وظيفة ذات سلطة، إذا تعذر العمل معه أو ارتأت الحكومة أنه غير محل لثقتها أو لغير ذلك من الأسباب التي تتصل بالصالح العام بغير حاجة إلى بيان الأسباب، كما تقضي بأن تصرف الحكومة في هذا الشأن يعتبر صحيحاً ومنتجاً لآثاره إلى أن يقدم الموظف المفصول الدليل القاطع من عناصر ملف خدمته على أنه صدر عن غرض وهوى، فإن تعذر عليه إثبات ذلك ظل القرار صحيحاً ومنتجاً آثاره، إلا أن قواعد العدالة توجب تضمين الموظف المفصول في هذه الحالة الأخيرة عن الأضرار التي لحقته بسبب قرار الفصل أو الإحالة إلى المعاش إذا كان قد صدر بطريقة تعسفية وبغير مسوغ أو في وقت غير لائق. ولتفادي الحكم بالتعويض في هذه الحالة يجب على الحكومة أن تثبت أن قرار الفصل كان لأسباب جدية قائمة بذات الموظف تبرر إبعاده من الخدمة. فإن لم تفعل كان عليها أن تعوضه عن فصله تعويضاً شاملاً. وقد أحيل المدعي إلى المعاش وكان لا يزال باقياً على بلوغه سن الستين 25 يوم 8 شهر 3 سنة، وكان وكيلاً مساعداً لوزارة الداخلية، وله الحق في أن يأمل في الترقي حتى يبلغ درجة الوكيل الدائم براتب قدره 1800 ج سنوياً، وأن يستطيل به العمر إلى سن الخامسة والسبعين، كما أنه كان يتقاضى بدل ملابس وله الحق في اثنين من المراسلات يعملان له في العمل الذي يخصصه لهما: أحدهما طاه والآخر سائق لسيارته، وكان يقيم في مسكن أميري بأجرة شهرية قدرها تسعة جنيهات، وقد اضطر بسبب إحالته إلى المعاش إلى مغادرته إلى سكن آخر بأجرة قدرها 30 جنيهاً شهرياً. ومن هذه العناصر يمكن حساب الأضرار المادية التي حاقت به، وهو لا يستطيع لها دفعاً بحكم ثقافته والعمل الذي كرس له نفسه في خدمة الحكومة كضابط في البوليس لا يستطيع أن يستأنف حياته في نشاط جديد. أما الضرر الأدبي الذي أصابه في سمعته وكرامته فيبلغ مبلغاً جسيماً. وخلص من هذا إلى طلب "إلغاء المرسوم الصادر بإحالة المدعي إلى المعاش، وإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي تعويضاً عن هذه الإحالة، ومن باب الاحتياط إلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي 20.000 من الجنيهات تعويضاً عن إحالته إلى المعاش، مع إلزام المدعى عليه في الحالتين بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة". وقد أودع المدعي بعد ذلك سكرتيرية المحكمة مذكرة أخرى في 26 من يناير سنة 1957 تناول فيها تفصيل بعض ما أورده في مذكرته السابقة، وأضاف إليه أن قرار إحالته إلى المعاش قد صدر مجرداً من الدافع المعقول الذي يتصل بالصالح العام، الأمر الذي يسمه بعيب الانحراف؛ ذلك أنه لا يجب لزاماً لأن يوصم القرار الإداري بعيب الانحراف أن يكون مصدره قد انبعث عن أسباب شخصية، بل يكفي أن يكون قد تنكب سبيل المصلحة العامة تحت أي مؤثر أو باعث. ويدخل في هذا المعنى عدم الملاءمة بين القرار الإداري والسبب الذي أقيم عليه، فليس صيحاً أن تقدير الملاءمة أمر يخضع لتقدير جهة الإدارة بغير معقب عليها؛ إذ محل ذلك أن يكون التعقيب على تقدير الإدارة أمراً يدخل في صميم اختصاها، أما إذا كان عدم الملاءمة من الوضوح والجسامة بحيث يكون ناطقاً بأن الأمر الإداري بعيد كل البعد عن أن يتناسب مع السبب الذي أقيم عليه فلا شبهة في أن القضاء الإداري يعمل رقابته على الأمر ويعيد الآثار التي ترتبت عليه إلى نصابها السليم. وقد اختتم المدعي مذكرته هذه بالتصميم على طلباته.
ومن حيث إن السيد مفوض الدولة قدم لمحكمة القضاء الإداري تقريرين بالرأي القانوني مسبباً ذكر فيهما أنه طلب إلى الوزارة إبداء رأيها في مدى صحة ما أظهره المدعي وفيما إذا كان تصرفه في اختيار أعضاء بعثة الحج لعام 1953 هو السبب الحقيقي لإحالته إلى المعاش مع تقديم المذكرة التي رفعت بشأنه إلى مجلس الوزراء، فأجابت بأن القوانين واللوائح لا تلزم الحكومة بالإفصاح عن أسباب الفصل في قرارات الإحالة إلى المعاش ما دامت تستهدف في إصدارها المصلحة العامة، وأنه واضح من ديباجة المرسوم الصادر بإحالة المدعي إلى المعاش أنه كان بناء على ما عرضه السيد وزير الداخلية وموافقة مجلس الوزراء، ولم ترفع مذكرة إلى المجلس في هذا الشأن. وأوضح السيد المفوض أن المفروض في قرارات الإحالة إلى المعاش غير المسببة أنها صدرت صحيحة وفي حدود المصلحة العامة، وأن على من يطلب إلغاءها لعيب إساءة استعمال السلطة أن يقم الدليل القاطع على ذلك. ولما كان المدعي لم يورد - في معرض بيانه لما شاب قرار إحالته إلى المعاش - دليلاً على هذا العيب سوى صور من ماضيه في الوظيفة، وهي لا تتصل بعيب إساءة استعماله السلطة ولا تفيد من قيامه، فإن ما ينعاه على هذا القرار يكون غير قائم على أساس سليم، مما يتعين معه رفض طلب إلغائه، ما دام القرار المذكور قد صدر غير مسبب، وما دامت الوزارة قد أصرت على موقفها السلبي في عدم الإفصاح عن أسبابه وكتمان هذه الأسباب. ولا يجدي المدعي أن يحاول تلمس الأسباب التي أدت إلى إحالته إلى المعاش وطرحها على المحكمة بقصد مناقشتها وإخضاعها لرقابتها؛ إذ يظل القرار المطعون فيه مصحوباً بقرينة المشروعية ويبقى سليماً حتى يثبت المدعي عيب الانحراف فيه، ولا يقبل منه التدليل على هذا الانحراف بعدم الملاءمة بين ما أسند إليه وما أوخذ به؛ إذ أن هذا هو تقدير موضوعي يخرج عن حدود رقابة المحكمة لمشروعية القرار. ولما كان ما يعيب القرار ويصمه بالانحراف هو صدوره من بواعث ذاتية ودوافع شخصية لا تمت إلى العمل بصلة، فإن اختلاف وجهات النظر حول القيام بعمل من أعمال الوظيفة لا يقوى على وصم القرار بالانحراف؛ ومن ثم فإن طلب الإلغاء يكون غير مستند إلى أساس سليم من القانون، ويتعين رفضه. أما طلب التعويض فإن المدعي على حق فيه؛ لأن إحالته إلى المعاش قبل بلوغه السن قد صدرت بغير مسوغ دون أن يأتي ما يستوجب إقصاءه عن الوظيفة التي كان يشغلها، ولا سيما أن ملف خدمته وتقاريره السرية تشهد له بالكفاية وحسن الخلق. وانتهى السيد مفوض الدولة من هذا إلى أنه يرى "الحكم برفض طلب الإلغاء، مع الحكم للمدعي بتعويض مناسب".
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثانية) قضت في هذه الدعوى بجلسة 20 من فبراير سنة 1957 "برفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات"، وأقامت قضاءها على أن مجلس الوزراء هو الهيئة الإدارية العليا التي تهيمن على شئون الموظفين، وأن صالح العمل يتطلب إطلاق يد الحكومة في تنظيم المرافق العامة وإدارتها على أمثل وجه، وذلك باختيار أقدر الأشخاص على العمل في خدمة هذه المرافق، وإبعاد من ترى أنه غير صالح لأداء هذه الخدمة؛ ومن ثم كان من الطبعي أن ينفرد مجلس الوزراء بسلطة الإشراف على شئون الموظفين والتصرف في أمورهم؛ فيعين من يأنس فيه الصلاحية للنهوض بأعباء الوظيفة العامة، ويعزل من يرى أنه أصبح غير لائق لهذه المهمة قبل بلوغه السن المقررة للإحالة إلى المعاش متى توافرت لديه الأسباب التي تبرر هذا العزل، وذلك دون محاكمة تأديبية ودون أن يكون ملزماً بذكر الأسباب التي يؤسس عليها قراره في هذا الشأن، وهذا الحق أصيل ومطلق ولا يرد عليه إلا قيد حسن استعماله وفقاً لمقتضيات الصالح العام، أي خلوه من شائبة إساءة استعمال السلطة وعدم صدوره عن بواعث شخصية تنم عن الغرض أو الهوى؛ لأن سلطة مجلس الوزراء في فصل الموظفين من الخدمة قبل بلوغهم سن التقاعد ليست سلطة تحكمية لا حد لها ولا ضابط، وإنما هي سلطة تقديرية تجد حدها الطبعي في العلة القانونية التي أملتها وهي الصالح العام، فإذا انحرفت عن استهدافه جاء التصرف مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة وكان غير مشروع. والمفروض من قرارات الإحالة إلى المعاش غير المسببة أنها صدرت صحيحة وفي حدود المصلحة العامة، وعلى من يطلب إلغاءها لعيب إساءة استعمال السلطة أن يقم الدليل القاطع على ذلك، فإن أخفق في ذلك استمرت هذه القرارات سليمة صحيحة منتجة لآثارها القانونية. وقد صدر مرسوم إحالة المدعي إلى المعاش غير مسبب، وامتنعت الإدارة عن الإفصاح عن أسبابه، ولم يتمكن المدعي من إثبات أن السبب المباشر لإحالته إلى المعاش هو ما سماه سوء تفاهم بينه وبين وزير الداخلية بسبب اختيار أعضاء مأمورية الحج وترشيح اللجنة التي يرأسها لبعض أعضاء مجلس إدارة نادي البوليس. وإذ فشل في إثبات إساءة استعمال السلطة من جانب جهة الإدارة عند فصله من الخدمة فإن طلبه الخاص بالتعويض عن هذا الفصل ينهار هو كذلك بدوره، ولا سيما أنه إذا كان ملف خدمة المدعي وأوراق الدعوى تدل على كفايته فإنها لا تدل حتماً على صلاحيته التي تترخص جهة الإدارة في موازنتها بما لها من سلطة تقديرية؛ إذ من المسلم أن الكفاية هي أحد شروط الصلاحية وليست الصلاحية ذاتها. ومتى ثبت أن قرار الفصل قد بني على أسباب صحيحة قانوناً فإن ركن الخطأ الذي يقوم عليه طلب التعويض يكون غير متوافر، وبالتالي لا يكون ثمت محل لمسئولية الإدارة.
ومن حيث إن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعن في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 17 من أبريل سنة 1957 طلب فيها "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بانتهاء الخصومة بالنسبة إلى طلب المدعي الأول، وبالتعويض المناسب بالنسبة لطلب المدعي الثاني، وإلزام الحكومة كامل المصروفات". واستند في أسباب طعنه إلى أن الحكم قد أخطأ في استظهار وسائل عيب الانحراف القائمة بمرسوم إحالة المدعي إلى المعاش والتي احتواها ملف خدمته، وأنه يتعين القضاء بانتهاء الخصومة بالنسبة إلى طلب إلغاء هذا المرسوم لزوال مصلحته في هذا الطلب بسبب بلوغه سن الإحالة إلى المعاش أثناء نظر الدعوى وعدم جواز إعادته إلى وظيفته مع بقاء المرسوم المشار إليه معيباً ومشوباً بالانحراف، أما بالنسبة إلى طلبه الثاني الخاص بتعويضه عن الأضرار التي لحقت به من جراء فصله من الخدمة فإن أساس مسئولية الحكومة من قراراتها الإدارية هو قيام خطأ من جانبها؛ بأن يكون القرار غير مشروع، أي يشوبه عيب أو أكثر من العيوب المنصوص عليها في المادة الثامنة من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة، وأن يترتب عليه ضرر، وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر، فإن كان القرار مشروعاً؛ بأن كان سليماً مطابقاً للقانون، فلا تسأل عنه الإدارة مهما بلغ الضرر الذي يترتب عليه؛ إذ أن مسئوليتها لا تقوم على أساس تبعة المخاطر كأصل عام. والأصل أن الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها، وأنه يفترض في القرار غير المسبب أنه سليم وأنه صدر بدافع من المصلحة العامة، ويقع على عاتق طالب الإلغاء إثبات العكس؛ ومن ثم تنحصر مسئولية الإدارة في الدعوى الحالية في إمكان المدعي إثبات انحراف قرار فصله عن وجه الصالح العام. وبالرجوع إلى ملف خدمة المذكور يتضح أن به أدلة وقرائن كافية في مجموعها لدحض قرينة سلامة قرار فصله وإثبات انحرافه عن وجه المصلحة العامة مما يسمه بعيب عدم المشروعية ومخالفة القانون؛ إذ يشهد هذا الملف بأنه موظف كفء نزيه ومثل طيب للضباط وبصلاحيته التامة لمختلف الأعمال العسكرية والإدارية مما يؤهله لشغل المراكز الكبرى، وقد خلا مما يشينه أو يسئ إليه. وهذا الدليل يكشف عن عدم وجود سبب ظاهر لفصله من الخدمة. وقد دعيت الإدارة للإفضاء بأسباب فصله فرفضت الإفصاح عنها، وهذا يؤيد ما تحداها به المدعي من أنه لم يكن لديها سبب مشروع لفصله، وأن القرار الصادر بإحالته إلى المعاش لا يهدف إلى المصلحة العامة التي يجب أن يتغياها كل قرار صادر من الجهة الإدارية. ولما كان الثابت أن المدعي رقى إلى وظيفة وكيل وزارة الداخلية المساعد، وهي من الوظائف الرئيسية التي يقوم التعيين فيها على أساس الاختيار في وقت كان الجهاز الإداري فيه تحت سيطرة التطهير بالمرسوم رقم 181 لسنة 1952، وأنه إنما فصل لا استناداً إلى هذا القانون، بل فصلاً عادياً بغير الطريق التأديبي، فإن الظروف والملابسات التي تم فيها هذا الفصل توحي مجتمعة بأنه لا يستند إلى دافع معقول أو باعث ظاهر، وتدحض قيام سبب صحيح من الواقع أو من القانون يبرره، وبالتالي تتضافر الأدلة والقرائن على إسعاف المدعي في إقامة الدليل على انحراف القرار الصادر بفصله عن المصلحة العامة ومجافاته للغاية المشروعة. وهذا هو وجه الخطأ في تصرف الجهة الإدارية، وهو خطأ يستوجب المسئولية. وإذا كان من المحقق أن نتيجة هذا الخطأ هي الإضرار بالمدعي مادياً وأدبياً، فإنه يستحق تعويضاً مناسباً يجبر به كامل هذا الضرر. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب، فإنه يكون قد خالف القانون، وتكون قد قامت به حالة من حالات الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن المدعي أودع سكرتيرية المحكمة بعد حجز الطعن للحكم مذكرة بملاحظاته طلب فيها "قبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم: أصلياً - بإلغاء المرسوم الصادر بتاريخ 6 من أغسطس سنة 1953 بإحالة المطعون لصالحه إلى المعاش، مع أحقيته في تسوية معاشه على أساس هذا الإلغاء، ومع الحكم له بتعويض مادي وأدبي قدره 15 ألف جنيه. واحتياطياً - بتعويض للمطعون لصالحه قدره عشرون ألفاً من الجنيهات نظير ما لحقه من أضرار مادية وأدبية، ومع الحكم بالمصروفات وأتعاب المحاماة". وقد ردد المدعي في هذه المذكرة ما سبق أن أبداه في مذكرتيه السابقتين من وقائع تتعلق بماضي خدمته في الوظيفة وظروف اتصاله في يوم 5 من يوليه سنة 1953 بالسيد وزير الداخلية بالنيابة في شأن ترشيحات لجنة الضباط لأعضاء مأمورية الحج، واختلاف وجهتي نظرهما في الأسس التي تقوم عليها هذه الترشيحات، ثم تنفيذه لتوجيهات السيد الوزير وتبليغ وكيل الوزارة الدائم إياه في صبيحة اليوم التالي بعدم ارتياح الوزير لترشيحات لجنته وضرورة قيامه بإجازة والاستعداد لتسوية معاشه وإذاعة الصحف لأسباب قيامه بالإجازة، ثم إحالته إلى المعاش بعد ذلك، ورفعه دعواه الحالية، ورأي السيد مفوض الدولة برفض طلب الإلغاء وبالحكم له بالتعويض المناسب، ورفض محكمة القضاء الإداري لدعواه إلغاء وتعويضاً، ثم طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة لصالحه. وزاد على ذلك أن أحكام محكمة القضاء الإداري خلطت بين نظريات ثلاث:
(الأولى) نظرية إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، وبمقتضاها يجب الحكم بالإلغاء والتعويض معاً. و(الثانية) نظرية التعسف في استعمال الحقوق الإدارية، وبمقتضاها يجب رفض الإلغاء مع الحكم بالتعويض. و(الثالثة) نظرية المخاطر التي بمقتضاها يجب رفض الإلغاء، مع الحكم بالتعويض، وهي تتفق مع النظرية الثانية من حيث النتيجة وإن اختلفت عنها في الأساس. وذكر أن الانحراف هو استخدام رجل الإدارة السلطة التي منحه إياها القانون بقصد تحقيق غرض غير الغرض الذي قصده القانون، وأن قرينة المشروعية عند عدم تسبيب قرار الفصل تقبل الدليل العكسي إذا استشف دليل الانحراف من ملف الدعوى أو من دلائل أخرى، ويعتبر رفض الإجابة على ما يطلبه القضاء من الإدارة من تفسيرات وإيضاحات دليلاً على الانحراف، وكذا اعتصامها بقرينة المشروعية وامتناعها عن إبداء الأسباب، كما أن انعدام الدافع المعقول يعد قرينة كافية على أن بواعث إصدار القرار مشكوك فيها، وكذلك الحال فيما يتعلق بشذوذ طريقة إصدار القرار وتنفيذه، وبالمثل يعتبر فصل الموظف الذي ينطق ملف بكفايته ونزاهته قرينة على الانحراف، وكذا عدم الملاءمة في القرار إذا بلغ حداً جسيماً ظاهراً، ففي هذه الحالات جميعاً يكون إلغاء القرار واجباً لاتسامه بعيب الانحراف، وهي كلها متوافرة في القرار الصادر بفصل المدعي من الخدمة؛ إذ الدافع المعقول لفصله منعدم، وطريقة حمله على الإجازة ثم إصدار قرار فصله غير عادية ولا طبعية، وملف خدمته ناصع البياض زاخر بكفايته ونزاهته، وعدم الملاءمة في القرار ظاهر لا يحتاج إلى بيان. ومهما يكن من أمر فإن القرار حتى إذا صدر سليماً قد يستوجب التعويض على أساس نظرية التعسف في استعمال الحقوق الإدارية بحيث يبسط عليه القضاء رقابة لا تصل إلى حد الإلغاء وإنما تقف عند حد التعويض، وذلك في حالة ما إذا أصدرت الإدارة قراراً سليماً من الناحية القانونية، إلا أنها أصدرته فجأة في وقت غير مناسب، وحالة عدم فائدة القرار، وحالة عدم الملاءمة فيه؛ كأن يخطئ الموظف في عمله خطأ مصلحياً يسيراً فيصدر قرار بفصله، أي بتوقيع جزاء عليه لا يتناسب في شدته مع خطئه البسيط، ولو فرض في الجدل أن حالة المدعي لا تندرج تحت إحدى صور الانحراف المختلفة، فإنه يظل مع ذلك مستحقاً التعويض على أساس نظرية التعسف؛ ذلك أن قرار فصله قد تضمن حالتين من حالات التعسف الثلاث أنفة الذكر، إذ أنه قرر مفاجئ من جهة، كما أن عدم الملاءمة فيه ظاهر بالنسبة إلى ما أسند إليه لو جاز اعتبار ما أسند إليه خطأ مصلحياً من جهة أخرى، وفضلاً عما تقدم فإن حالته تستحق التعويض طبقاً لنظرية المخاطر التي لا حائل من القانون يمنع من تطبيقها. وقد عطف المدعي بعد ذلك على الحكم المطعون فيه فناقش بعض حيثياته، وخلص منها إلى أن هذا الحكم قد أخطأ في رفض دعوى الإلغاء كما أخطأ في رفض دعوى التعويض، وأن الأسباب التي قام عليها تتعارض مع المبادئ القانونية المسلمة، وأنه قد أهدر بلا مبرر الملابسات التي استند إليها المدعي في إثبات دعواه مع سلامتها وقوة دلالتها، كما أبقى عبء الإثبات ملقى على عاتق هذا الأخير، وعلى الرغم من ملفه الناصع وقرائن دعواه الناطقة، كذلك خلط بين التعسف وبين عيب الانحراف. وتطرق المدعي من هذا إلى التصدي إلى طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة، فذكر أنه تضمن في الوقائع خطأ مزدوجاً بتأسيس رفض طلب الإلغاء على انتفاء المصلحة وبالاكتفاء بالتعويض استناداً إلى اتسام القرار بالانحراف. أما ما ذهب إليه من انتفاء مصلحة المدعي في طلب الإلغاء نظراً إلى بلوغه سن الإحالة إلى المعاش فمردود بأن هذه المصلحة قائمة في صورتين: (الأولى) مصلحة خاصة تتمثل في استحقاقه الفرق بين مرتبه السابق ومعاشه الحالي حتى تاريخ بلوغه سن الإحالة إلى المعاش وأحقيته في تسوية معاشه على أساس ضم المدة من تاريخ فصله حتى تاريخ بلوغه السن القانونية إلى مدة خدمته المحسوبة في المعاش، (الثانية) مصلحة عامة تقوم على إعلان الحقيقة القانونية بإصدار حكم الإلغاء بصرف النظر عن النتيجة العملية للحكم؛ لأن قضاء الإلغاء هو لصالح القانون قبل كل اعتبار. وأما خطأ الاكتفاء بالتعويض تأسيساً على عيب الانحراف فمرجعه إلى أنه ما دام الرأي قد انتهى إلى اتسام القرار بعيب الانحراف فإن النتيجة الطبعية لقيام هذا العيب هي وجوب الإلغاء علاوة على التعويض. ثم تناول المدعي بعد هذا بيان عناصر التعويض الذي يطالب به، المادي منه والأدبي، في كل من حالتي الحكم بالإلغاء أو الحكم بالتعويض فقط، وفصل ذلك تفصيلاً على أساس مختلف الفروض وشفع بيانه بالأرقام.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، فمركز الموظف هو مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت؛ ومرد ذلك إلى أن الموظفين هم عمال المرافق العامة؛ وبهذه المثابة يجب أن يخضع نظامهم القانوني للتعديل والتغيير وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة لحسن سير تلك المرافق؛ ذلك أن الوظيفة العامة هي مجموعة من الاختصاصات يتولاها الموظف لصالح المرفق العام ويعهد بها إليه ليساهم في شئونه في سبيل تحقيق الأغراض المنشودة منه للمصلحة العامة التي تقوم الدولة على رعايتها. وتقليد الوظيفة العامة هو إسناد اختصاصاتها إلى الموظف الذي يولاها، وتعيين الموظف أياً كانت أداته لا يخلق الوظيفة، ولا يرتب للموظف حقاً فيها على غرار حق الملكية مثلاً، إذ هي ملك للدولة وإنما يقتصر أثر التعيين على وضع الموظف في مركز قانوني عام وإخضاعه لما تقرره القوانين واللوائح الخاصة بالوظيفة من قواعد وأحكام، وإفادته من مزاياها. ولما كانت الوظيفة تكليفاً للقائم بها كأصل مسلم، وهذا التكليف يتطلب من الموظف أن يكون صالحاً للقيام به، فإن بقاءه في الوظيفة - وهو رهين بهذا المناط - ليس حقاً ينهض إلى مرتبة الحقوق الدستورية، ولا يقاس على حق الملكية مثلاً، بل هو وضع شرطي منوط بصلاحيته للنهوض بأعباء الوظيفة العامة، وهو أمر يخضع لتقدير الحكومة القوامة على تيسير المرافق العامة، فتفصل من تراه أصبح غير صالح لذلك دون الاحتجاج بأن له أصل حق في البقاء في الوظيفة، ما دام ذلك قد تم بالشروط وفقاً للأوضاع التي قررها القانون وبغير إساءة استعمال السلطة. وحق الحكومة في فصل الموظفين هو حق أصيل لا شبهة فيه مرده إلى أصلين: (الأول) أصل طبعي رددته النصوص الدستورية هو وجوب هيمنة الحكومة على تسيير المرافق العامة على الوجه الذي يحقق المصلحة العامة. و(الثاني) أصل تشريعي يستند إلى الأوامر العالية والدكريتات والقوانين المتتابعة الصادرة في هذا الشأن، وقد رددته المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة التي عددت أسباب انتهاء خدمة الموظفين المعينين على وظائف دائمة، وذكرت من بينها في البند (4) العزل أو الإحالة إلى المعاش بقرار تأديبي، وفي البند (6) الفصل بمرسوم أو أمر جمهوري أو بقرار خاص من مجلس الوزراء، أي بغير الطريق التأديبي، وهذا الفصل بالطريق الأخير هو الذي أشارت إليه المادة الرابعة بند (5) من القانون رقم 112 لسنة 1946 الخاص بإنشاء مجلس الدولة، والمادة الثالثة بند (5) من القانون رقم 9 لسنة 1949 الخاص بمجلس الدولة، والمادة الثامنة بند (خامساً) من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة. وثبوت هذا الحق لمجلس الوزراء معناه تفرد الحكومة، وهي التي عينت الموظف، بتقدير صلاحيته للنهوض بأعباء الوظيفة العامة والاستمرار في تولي عملها، ولو أن هذا الحق لا يكون مشروعاً إلا إذا وقع الفصل لاعتبارات أساسها المصلحة العامة، واستند إلى أسباب جدية قائمة بذات الموظف؛ ذلك أنه لما كان الموظفون هم عمال المرافق العامة، فإنه يلزم أن تكون للحكومة الحرية في اختبار من تأنس فيهم الصلاحية لهذا الغرض، وفصل من تراه منهم أصبح غير صالح لذلك، وهذا من الملاءمات المتروكة لتقديرها بلا معقب عليها، ما دام قرارها قد خلا من عيب إساءة استعمال السلطة، فلم تستهدف سوى المصلحة العامة. ويقع عبء إثبات سوء استعمال السلطة على الموظف المفصول. وعيب إساءة استعمال السلطة المبرر لإلغاء القرار الإداري أو التعويض عنه يجب أن يشوب الغاية منه ذاتها؛ بأن تكون الإدارة قد تنكبت وجه المصلحة العامة التي يجب أن يتغياها القرار وأصدرته بباعث لا يمت لتلك المصلحة، أو استعملت السلطة التقديرية التي خولها إياها القانون لتحقيق غرض غير الذي استهدفه القانون بمنحها هذه السلطة. والأصل أن الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها ما لم يوجب عليها القانون ذلك. كما أن المفروض في هذه القرارات أنها تهدف في جميع الأحوال إلى المصلحة العامة، وإلى تحقيق ذات الغرض الذي منحت الإدارة من أجله سلطة إصدارها، وأنها قائمة على سببها المبرر لها؛ وبذا تحمل قرينة المشروعية التي لا تزايلها لمجرد عدم تسبيبها، ما لم يقم على دحض هذه القرينة الدليل العكسي ممن يطلب إلغاء تلك القرارات. ولم يوجب المشرع على الإدارة تسبيب قراراتها الصادرة بالإحالة إلى المعاش أو بالعزل بالتطبيق للفقرة الرابعة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، أو بالفصل بالتطبيق للفقرة السادسة من هذه المادة؛ ومن ثم فلا سبيل إلى إلزامها بالإفصاح عن الأسباب التي حملتها على إصدار مثل هذه القرارات والتي قد ترى في كتمانها مصلحة عامة عليا تقدر خطورتها، أو رفقاً بالموظف المفصول بتجنيبه إذاعتها، وليس للقضاء الإداري - في حدود رقابته القانونية - أن يتطرق إلى بحث ملاءمة الفصل في هذه الحالة، حتى ولو كشفت الإدارة عن سببه، أو أن يتدخل في تقدير خطورة هذا السبب ومدى ما يمكن ترتيبه عليه من آثار؛ بإحلال نفسه محل السلطات الإدارية المختصة فيما هو متروك لتقديرها ووزنها، بل إن هذه السلطات حرة في تقدير أهمية الحالة والخطورة الناجمة عنها والأثر الذي يناسبها، ولا هيمنة للقضاء الإداري على ما تكون منه عقيدتها واقتناعها في شيء من هذا؛ ذلك أن نشاط هذا القضاء في وزنه للقرارات الإدارية ينبغي أن يقف عند حد المشروعية أو عدمها في نطاق الرقابة القانونية، فلا يجاوزها إلى وزن مناسبات القرار أو غير ذلك مما يدخل في نطاق الملاءمة التقديرية التي تملكها الإدارة وتنفرد بها بغير معقب عليها فيها. ومتى صدر القرار مطابقاً للقانون وخلا من إساءة استعمال السلطة، فإنه يكون صحيحاً سليماً مبرأ من العيوب، مما لا وجه معه لمساءلة الحكومة بتعويض عنه؛ لأن أساس هذه المسئولية هو وقوع خطأ من جانب الحكومة يجعل القرار الإداري غير مشروع؛ بأن يشوبه عيب أو أكثر من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة، وأن يترتب عليه ضرر، وأن تقوم علاقة سببية بين عدم المشروعية - أي بين خطأ الإدارة - وبين الضرر الذي أصاب الفرد. فإذا كان القرار سليماً مطابقاً للقانون فلا تسأل الإدارة عن نتائجه مهما بلغت جسامة الضرر الذي يلحق الفرد من تنفيذه لانتفاء ركن الخطأ؛ إذ لا مندوحة من أن يتحمل الأفراد نتائج نشاط الإدارة المشروع، أي المطابق للقانون، ولا وجه لإقامة المسئولية في هذه الحالة على ركنين فقط هما الضرر وعلاقة السببية بين نشاط الإدارة ذاته وبين الضرر، حتى لو كان هذا النشاط غير منطوٍ على خطأ، أي إقامتها على أساس تبعة المخاطر؛ إذ لا يمكن الأخذ بهذا المبدأ كأصل عام؛ ذلك أن نصوص القانون المدني ونصوص قانون مجلس الدولة المصري قاطعة في الدلالة على أنها عالجت المسئولية على أساس قيام الخطأ، بل حددت نصوص القانون الأخير أوجه الخطأ في القرار الإداري؛ بأن يكون معيباً بعيب عدم الاختصاص أو وجود عيب في الشكل أو مخالفة القوانين أو اللوائح أو الخطأ في تطبيقها وتأويلها أو إساءة استعمال السلطة، فقد نصت المادة الثامنة من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة في فقرتها التاسعة على أنه "ويشترط في الطلبات المنصوص عليها في البنود (ثالثاً) و(رابعاً) و(خامساً) و(سادساً) أن يكون مرجع الطعن عدم الاختصاص أو وجود عيب في الشكل أو مخالفة القوانين أو اللوائح أو الخطأ في تطبيقها وتأويلها أو إساءة استعمال السلطة"، وقد تناول البند (خامساً) في هذه البنود "الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بإحالتهم إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم من غير الطريق التأديبي"، كما نصت المادة التاسعة من القانون المذكور على أن "يفصل مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره في طلبات التعويض عن القرارات المنصوص في المادة السابقة إذا رفعت إليه بصفة أصلية أو تبعية"، وكان هذا الحكم الذي تضمنته المادتان الثالثة والرابعة من القانون رقم 9 لسنة 1949 الخاص بمجلس الدولة، وكذلك المادة 18 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 التي نصت في البند (2) منها على اختصاص المحاكم العادية بالفصل "في دعاوى المسئولية المدنية المرفوعة على الحكومة بسبب إجراءات إدارية وقعت مخالفة للقوانين واللوائح". وواضح من هذه النصوص أن المشرع قد جعل مناط مسئولية الإدارة عن قراراتها التي تسبب أضراراً للغير هو وقوع عيب في هذه القرارات من العيوب المنصوص عليها قانوناً، فإذا انتفى هذا العيب فلا مسئولية على الإدارة مهما ترتب على القرار من أثر أضر بالأفراد؛ ومن ثم فلا يمكن - والحالة هذه - ترتيب المسئولية على أساس تبعة المخاطر كأصل عام مقرر، بل يلزم لذلك نص تشريعي خاص. وقد أخذ التشريع المصري ببعض التطبيقات لفكرة المخاطر وتحمل التبعة بقوانين خاصة وعلى سبيل الاستثناء الذي لا يجوز التوسع في تفسيره أو تطبيقه. ومتى كان هذا هو الشأن في تشريع مجلس الدولة المصري، فليس يجدي - إزاء نصوصه الصريحة التي حددت مناط مسئولية الإدارة عن قراراتها الإدارية - الاجتهاد في ترتيب مسئولية الإدارة بالتعويض عن قرارات سليمة استناداً إلى نظرية التعسف في استعمال الحقوق الإدارية التي إن كان لها ما يسوغها في قانون آخر له قواعده وأوضاعه المختلفة عنها في القانون المصري، فليس هذا هو شأنها في ظل أحكام هذا القانون الأخير.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة - عندما دعت بكتابها المؤرخ أول مارس سنة 1956 وزارة الداخلية إلى بيان ما إذا كان ما استخلصه المدعي من عددي جريدتي الأهرام وأخبار اليوم الصادرين في 11 من يوليه سنة 1953 من أن السبب في إحالته إلى المعاش هو ما نسب إليه من سوء تصرف في اختيار أعضاء بعثة الحج لعام 1953 صحيحاً أم لا، مع إيداع صورة من المذكرة المقدمة من الوزارة إلى مجلس الوزراء للموافقة على إحالته إلى المعاش إن وجدت - أجابت الوزارة بكتابها المؤرخ 27 من مارس سنة 1956 "بأن القوانين واللوائح لا تلزم الحكومة بأن تفصح عن أسباب الفصل في قرارات الإحالة إلى المعاش ما دامت تستهدف في إصدارها المصلحة العامة، مع الإحاطة بأنه واضح من ديباجة المرسوم الصادر بإحالة المدعي إلى المعاش أنه كان بناء على عرضه السيد وزير الداخلية وموافقة مجلس الوزراء، ولم ترفع مذكرة للمجلس في هذا الشأن", فلما طلبت هذه المحكمة إلى الوزارة إبداء أسباب إحالة المدعي إلى المعاش قدمت الوزارة بجلسة 17 من يناير سنة 1959 مستندات مشفوعة بمذكرة خاصة مؤرخة 16 من ديسمبر سنة 1958 جاء فيها أنه "لما تعين اللواء عبد الغني بركات وكيلاً مساعداً لوزارة الداخلية في 18 من ديسمبر سنة 1952 جعل يحتضن بعض الضباط الذين كانوا ينتمون إلى طائفة معينة والذين ظهر فيما بعد أن لهم ميولاً هدامة؛ الأمر الذي حدا بتقديمهم إلى محكمة الشعب وصدور أحكام متفاوتة حسبما يبين من الكشف المرافق. هذا فضلاً عن أن المرسوم الذي أحيل سيادته بمقتضاه إلى المعاش صدر بناء على ما عرضه السيد وزير الداخلية (البكباشي جمال عبد الناصر) على مجلس الوزراء. وأما عن مأمورية الحج في حد ذاتها فقد كانت من الأسباب المباشرة لترجيح رأي الوزارة في إعادة النظر في موقف المدعي كوكيل لوزارة الداخلية الذي انتهى باستصدار مرسوم إحالة سيادته إلى المعاش بعد أن عرض السيد وزير الداخلية (البكباشي جمال عبد الناصر) الأمر على مجلس الوزراء. فضلاً عن أن اختيار سيادته لثلاثة ضباط في مأمورية الحج سنة 1953 من أعضاء مجلس إدارة نادي ضباط البوليس مع أن عدد ضباط المأمورية لا يتجاوز العشرة كان المقصود به أن يعمل هؤلاء الأعضاء على بث الدعوى له لكي ينتخب رئيساً لمجلس إدارة النادي بدلاً من السيد اللواء محمد محمود الباجوري وكيل الوزارة المساعد لشئون الأمن العام وقتئذ حالما تنتهي مدة عضويته". وقد تضمنت الأوراق المقدمة من الوزارة كشفاً بأسماء السادة الضباط أعضاء مجلس إدارة نادي ضباط البوليس الذين انتخبوا في 11 من سبتمبر سنة 1952 واستمرت عضويتهم حتى سنة 1953 مؤشراً به أمام الضباط الثلاثة الذين رشحهم المدعي للسفر لمأمورية الحج، وكذا كشفاً مقدماً من إدارة المباحث العامة مبيناً به أسماء الضباط الذين اتهموا بأعمال هدامة ضد نظام الحكم الحاضر وضد سلامة والوطن والأحكام الصادرة ضدهم من محكمة الشعب. وقد ورد بهذين الكشفين أسماء كل من الملازمين محمد رشاد المنيسي ومحمد كمال عبد الرازق، وهما من أعضاء مجلس إدارة النادي في سنة 1953 ومن الضباط المحكوم عليهم فيما بعد من الدائرة الثالثة لمحكمة الشعب بجلسة 28 من ديسمبر سنة 1954 في القضيتين رقمي 187 و188 بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات لاتهامهما بارتكاب أفعال ضد نظام الحكم الحاضر وضد سلامة الوطن والاشتراك في جهاز سري مسلح مخالفين بذلك قوانين الدولة. وقد وافق مجلس قيادة الثورة بجلسته المنعقدة في 12 من يناير سنة 1954 على فصلهما من خدمة الحكومة وصدر قراراه بذلك. وهذان الضابطان من بين من رشحهم المدعي لمأمورية الحج المتقدم ذكرها، وقد كان الإدعاء المقام عليهما والذي حوكما وأدينا من أجله هو إتيانهما الأفعال المشار إليها "في يوم 26 من أكتوبر سنة 1954 وما قبله بجهة مدينة القاهرة".
ومن حيث إن ما يذهب إليه المدعي في مذكرته التكميلية من أن إجابة وزارة الداخلية المتضمنة لأسباب إحالته إلى المعاش إنما هي صادرة من مدير إدارة كاتم الأسرار بالوزارة الذي لم ينشأ وظيفته إلا بعد هذه الإحالة، وليست من الرؤساء المسئولين الذين أصدروا القرار المطعون فيه، وأنها بهذه المثابة لا يجوز الاعتداد بها أو ترتيب أثر قانوني عليها بحيث يبقى القرار بلا سبب حقيقي، ولا سيما أنها رددت ما ورد بمذكرة مرفقة لا تحمل بياناً بوظيفة محررها، وأن التحريات التي قدمتها لوزارة عن عدد مرشحيه لمأمورية الحج ممن حكمت عليهم محكمة الشعب تجاوز الواقع، وأن إدعاء احتضانه لبعض الضباط الذين كانوا ينتمون إلى طائفة معينة هو دفاع مصطنع لا أساس له من الواقع؛ إذ ينفيه ماضيه الوظيفي المجرد من الميل إلى أية جماعة سياسية أو دينية، ويستبعده كون الجماعة المعنية به كانت حتى سنة 1954 وقبل انحرافها - أي بعد إحالته إلى المعاش - محل رضاء الحكومة التي لم تكن تعتقد حتى ذلك العهد أن لها ميولاً هدامة، وليس يؤخذ من انحراف لاحق دليل على اتهام سابق، وأن الترشيح المأخوذ عليه لم يكن من عمله بمفرده، بل قررته لجنة لم يؤاخذ أحد من أعضائها سواه، فضلاً عن أنه كان ترشيحاً احتياطياً لا أصلياً، وابتدائياً لا نهائياً، وخاصاً بواحد من عشرة مرشحين لا عيب أن تكون له نزعة دينية، أما باقي المرشحين العشرة فقد رقي معظمهم إلى أعلى المناصب، وأن هذا الترشيح قد قام على أسس سليمة في ذاتها، ولو صح ما أخذ على المدعي في هذا الصدد لما ساغ أن يحال هو إلى المعاش وأن يترك المرشح المريب باقياً في خدمة الحكومة حتى سنة 1954، وأن وقوع الترشيح على ثلاثة ضباط من أعضاء مجلس إدارة نادي الضباط لا لوم فيه؛ لأن هؤلاء الأعضاء ليسوا من الخارجين عن الحكومة بل من أشد مؤيديها، وأن المدعي لم يرشح نفسه لعضوية مجلس إدارة النادي لا في سنة 1952 ولا سنة 1953، ولم يفكر في ذلك إطلاقاً ولا يعقل أن يبث الدعوى لانتخابه رئيساً للنادي وهو لم يتقدم بترشيح نفسه لهذه الرياسة، ولو فعل وتم انتخابه لما كان ثمت ضير في رياسته لناد لم تعلق به أية شبهة - إن ما يذهب إليه المدعي من حجاج في هذا كله مردود بأنه مما لا مراء فيه أن ثمت سبباً واقعياً قام عليه قرار إحالة المدعي إلى المعاش هو الذي كشفت عنه الحكومة، وأن هذا السبب له أصل ثابت في الأوراق أياً كان منطق المدعي في تأويله للوقائع التي اشتق منها، ومناقشته لمدى الاقتناع بالدليل المستنبط من مجموع هذه الوقائع، ولدرجة تبريرها للنتيجة التي انتهت الإدارة إلى استخلاصها منها. كما أنه ظاهر أن القرار المطعون فيه المستند إلى هذا السبب إنما قام على غرض مجرد، وليس ثمت أي دليل إيجابي على انحراف الإدارة عن المصلحة العامة تحت تأثير دوافع شخصية، أو ابتغاء غاية غير مشروعة. وقد أوضحت الحكومة في مذكرتها الأخيرة أن اتجاه الضابطين اللذين وقع عليهما اختيار المدعي كان معروفاً من قبل، وأنها كانت تراقب نشاطهما بعين يقظة، بدليل أن مجلس قيادة الثورة قرر فصلهما من الخدمة قبل حادث الاعتداء على السيد الرئيس وقبل محاكمتهما بعدة شهور، ومتى كان الأمر كذلك فليس للقضاء الإداري أن يتدخل في وزن خطورة السبب أو تقدير ملائمة الأثر الذي رأت السلطة الإدارية المختصة ترتيبه عليه والذي اقتنع به واطمأن إليه أولو الأمر في استهدافهم للصالح العام، كما أن رقابة هذا القضاء لا تعني أن يستأنف النظر بالموازنة والترجيح فيما يقوم لدى الإدارة من دلائل وبيانات وقرائن أحوال هي حرة في تقديرها إذا توافر في ضميرها الاقتناع بها أو تطرق الشك فيها إلى وجدانها، وإذا كانت تقارير المدعي السرية على مدى العهود وما جاء بملف خدمته شاهدة جميعها على كفايته في عمله ونشاطه وأمانته واستقامته ونزاهته واعتزازه بكرامته وكرامة وظيفته وحسن خلقه وطيب سمعته في مختلف المناصب التي تولاها، فإن هذه ليست هي الوعاء الوحيد الذي تستمد منه أسانيد دحض مشروعية القرار المطعون فيه أو دفع قرينة صحته وقيامه على سببه المبرر له، ما دام المدعي لم يقم الدليل الايجابي على صدور القرار المذكور مشوباً بعيب الانحراف بالسلطة أو إساءة استعمالها أو عدم الاختصاص أو مخالفة القانون أو عيب في الشكل. ومتى انتفى الدليل على قيام أي عيب من هذه العيوب فإن القرار يكون حصيناً من الإلغاء، ولا تترتب عليه تبعاً لذلك، طبقاً لما سلف بيانه، مسئولية الإدارة بالتعويض عنه؛ ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب الحق في قضائه، ويكون طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة قد قام على غير أساس سليم من القانون، متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

الطعن 59 لسنة 2023 تمييز دبي عمالي جلسة 9 / 5 / 2023

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 09-05-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 59 لسنة2023 طعن عمالي
طاعن:
أرتميا للأصباغ ش.ذ.م.م
مطعون ضده:
ديانا فوتيفا فوتيفا روسيفا
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2022/2397 استئناف عمالي
بتاريخ 27-02-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة القاضي المقرر/ عمر يونس جعرور وبعد المداولة .
حيث أن الوقائع ــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الاوراق ــ تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت في مواجهة الطاعنة الدعوي رقم 9967 لسنة 2022 عمال جزئي بطلب الحكم بإلزامها وفق طلباته الختامية بأن تؤدي لها مبلغ 583334 درهماً والفائدة من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد، ومبلغ 4000 درهم قيمة تذكرة عوده لموطنها. تأسيساً على إنها التحقت بالعمل لديها بتاريخ 1-4-2005 بموجب عقد عمل غير محدد المدة بأجر شهري أساسي مبلغ 21000 درهم والإجمالي 35000 درهم، وقدمت استقالتها بتاريخ 8-8-2022 وامتنعت الطاعنة عن أداء مستحقاتها العمالية، فتقدمت بشكواها إلى الجهات المختصة ونظراً لتعذر التسوية تم إحالة الشكوى للمحكمة، وقيدت دعواها وفق طلباتها الختامية بالاتي : مبلغ 9.334 درهماً رواتب متأخرة عن مدة 8 أيام من شهر أغسطس لسنة 2022، و مبلغ 220.000 درهم مستقطعات أجور من شهر سبتمبر لسنة 2021 ولغاية شهر 7 يوليو2022 بواقع 20.000 درهم شهرياً، و مبلغ 21.000 درهم بدل إجازة عن 60 يوما، و مبلغ 333.000 درهم مكافأة نهاية خدمة، ومبلغ 2.000 درهم قيمة تذكرة عودة لموطنها، وبتاريخ 10-11-2022 حكمت المحكمة بالزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ 572.318 درهم والفائدة 5% من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد وبتذكرة عودة إلى موطنها على الدرجة السياحية عيناً أو قيمتها وقت تنفيذ الحكم نقداً ما لم تلتحق بخدمة صاحب عمل آخر، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، استأنف الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 2397 لسنة 2022 عمال، وطلبت إحالة الدعوى للتحقيق لسماع شهادة المالك السابق لها بشان تقاضى المطعون ضدها مكافاة نهاية الخدمة عن الفترة من 20-6-2005 حتى 3-7-2018 قبل نقل ملكيتها للمالك الحالي وأن الثابت من عقد العمل وتحقيقات وزارة العمل بان علاقة العمل بدأت من بتاريخ 4-7-2018، وأن المصفي مثل أمام محكمة الاستئناف وقرر بأن الشركة تحت التصفية بسبب خسائرها بما يتجاوز نصف رأس المال، وبتاريخ 27-2-2023 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف . طعنت الطاعنة على هذا الحكم بالتمييز بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى لدى هذه المحكمة إلكترونيا بتاريخ 28-3-2023 طلبت فيها نقضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق، إذ قضى باستحقاق المطعون ضدها لمكافأة نهاية خدمة من تاريخ 20-6-2005 عن مدة خدمة قدرها 17 سنة وشهر و18 يوماً بمبلغ 328285 درهماً، ولم يتضمن الحكم بديباجته أن الشركة تحت التصفية على الرغم أن مصفي الشركة قدم أمام محكمة الاستئناف قرار الجمعية العمومية بتصفية الشركة الصادر بتاريخ 8-12-2022 والمصادق عليه من الكاتب العدل في 9-12-2022 واشهار المصفي لقرار التصفية بقيده في السجل التجاري بتاريخ 15-12-2022 بما كان يتوجب إضافة عبارة تحت التصفية إلى اسم الطاعنة بالحكم المطعون فيه، وأن الثابت من عقد العمل ومذكرات وزارة التوطين والموارد البشرية بالشكوى العمالية بأن بدء علاقة العمل بين طرفي الخصومة بدأت من تاريخ 4-7-2018 وتمسك الطاعنة بدفاعها من أن خدمات المطعون ضدها انهيت من الشركة الطاعنة قبل انتقال ملكية الأخيرة للمالك الجديد، وأن الأخير استلمت نهاية الخدمة من المالك السابق للطاعنة، وإن الأخيرة قدمت للمطعون ضدها عقب ذلك عرض عمل ومن ثم تم تحرير عقد عمل ببدء علاقة عمل جديدة من تاريخ 4-7-2018 ومدة اختبار، وطلبت الاستماع الى شهادة مالك الشركة القديمة لإثبات صرف نهاية الخدمة عن المدة السابقة إلا أن الحكم المطعون فيه لم يبحث هذا الدفاع وهو دفاع جوهري قد يتغير معه وجه الرأي في الدعوى بما يعيب الحكم ويستجوب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يتعين على محكمة الموضوع أن تقيم قضاءها على عناصر مستقاه مما له أصل ثابت في الأوراق وأن يشتمل حكمها على ما يطمئن المطلع عليه أنها قد محصت الأدلة والمستندات المقدمة في الدعوى بحيث يبنى الحكم على ما يدعمه من أسباب تكون منصبة على مقطع النزاع في الدعوى ومؤديةً إلى النتيجة التي بنى عليها قضاءه ، فإذا لم تتفحص الأدلة ولم تطلع على المستندات المقدمة لها والمؤثرة في الدعوى والتي تمسك الخصم بدلالتها أو لم ترد على أوجه الدفاع الجوهري التي طرحها عليها بما يفيد أنها أحاطت بحقيقة الواقع في الدعوى والأدلة والمستندات المقدمة فيها فإن حكمها يكون مشوبا بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق. لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنة قد تمسكت بأسباب استئنافها أن الحكم المستأنف بانتهاء علاقة المطعون ضدها قبل انتقال ملكية الطاعنة للمالك الجديد وإنها قدمت عرض عمل للمطعون ضدها بعد شرائها للشركة الطاعنة وان المطعون ضدها وافقت على العمل لديها وتم تحرير عقد عمل حدد بدء علاقة العمل من 4-7-2018 وفترة اختبار ستة أشهر وأن كتاب وزارة الموارد البشرية والتوطين تضمن بأن بدء العلاقة مع الطاعنة بتاريخ 4-7-2018، وكان الحكم المطعون التفت عن بحث هذا الدفاع سالف البين وقضى بأن مدة مكافأة نهاية خدمة للمطعون ضدها ممتدة من تاريخ 20-6-2005 عن مدة خدمة قدرها 17 سنة وشهر و18 يوماً بمبلغ 328285 درهماً على الرغم من المستندات المقدمة من الطاعنة من عرض العمل وعقد العمل على النحو سالف البيان ودفاع الطاعنة وأن الحكم المطعون فيه لم يبحث دفاع الطاعنة الذي تمسكت به بمذكرتها المقدمة أمام محكمة الموضوع بعدم أحقية المطعون ضدها بالمطالبة بمكافأة نهاية الخدمة عن المدة السابقة عن تاريخ 4-7-2018، رغم أنه دفاع جوهري - ان صح- قد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى في حقها مما يصمه بعيب القصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع، والفساد في الاستدلال مما يعيبه ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى الى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد وبإلزام المطعون ضدها بالمصروفات. 

الطعن 416 لسنة 36 ق جلسة 30 / 10 /1993 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 1 ق 8 ص 109

جلسة 30 من أكتوبر سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت نائب رئيس مجلس الدولة, وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد يوسف, ود. أحمد مدحت حسن, ومحمد أبو الوفا عبد المتعال, وغبريال جاد عبد الملاك - نواب رئيس مجلس الدولة.

------------------

(8)

الطعن رقم 416 لسنة 36 القضائية

دعوى تأديبية - تحقيق - شروط الشهادة كدليل في الإثبات.
المادة (7) من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية. يتعين للاعتداد بشهادة الشاهد أن تكون مسبوقة بحلف اليمين وإلا فقدت الشهادة قيمتها القانونية بما لا يجوز معه أن تقيم المحكمة قضاؤها استناداً لتلك الشهادة - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 3/ 1/ 1990 أودع الأستاذ/ حمدي إبراهيم البدرشيني المحامي عن الأستاذ/ إبراهيم أحمد عبد الرحمن المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن، تقرير الطعن الماثل سكرتارية المحكمة، طعناً في حكم المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والإسكان الصادر في الدعوى التأديبية رقم 194 لسنة 30 ق بجلسة 26/ 11/ 1989 والقاضي بما يلي:
أولاً - بانقضاء الدعوى التأديبية قبل....... لوفاته.
ثانياً - بمجازاة........ (الطاعن) عما هو ثابت في حقه بالإنذار.
ثالثاً: ببراءة........ و........ مما هو منسوب إليهما.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن وللأسباب المبينة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء حكم المحكمة التأديبية المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية لوزاراتي الصحة الإسكان للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.
وبتاريخ 10/ 1/ 1990 تم إعلان الطعن إلى النيابة الإدارية المطعون ضدها.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وتحدد لنظر الطعن أمام المحكمة (دائرة فحص الطعون) جلسة 26/ 5/ 1993 وفيها حضر طرفا الطعن وقدمت النيابة الإدارية المطعون ضدها مذكرة طلب فيها الحكم برفض الطعن.
وبجلسة 23/ 6/ 1993 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظرة جلسة 24/ 7/ 1993 وفيها تأجل الطعن إدارياً لجلسة 2/ 10/ 1993, وبالجلسة الأخيرة تقرر حجز الطعن لإصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن أقيم خلال المواعيد القانونية واستوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى، فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 6/ 7/ 1988 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 194 لسنة 30 ق أمام المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والإسكان بإيداع أورقها قلم كتاب تلك المحكمة مشتملة على ملف القضية رقم 240 لسنة 1988 والمذكرة الخاصة بها وتقرير اتهام ضد/ (1)............. طبيب أول وحدة كفر طهرمس الصحية بالوحدة الثالثة. (2)............... طبيب بوحدة كفر طهرمس الصحية التابعة لمديرية الصحة بالجيزة بالدرجة الثالثة. (3)........... العاملة بوحدة كفر طهرمس الصحية بالدرجة الرابعة. (4)............ الكاتب بوحدة كفر طهرمس بالدرجة الرابعة: لأنهم في 27/ 7/ 1987 بوحدة كفر طهرمس الصحية بوصفهم السابق قد خرجوا على الواجب ولم يؤدوا عملهم بدقة ولم يحافظوا على ممتلكات الجهة التي يعملون بها وأتوا ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للدولة بأن:
الأول (الطاعن): (1) تقاعس عن تنفيذ أمر النقل الصادر بشأنه إلى الوحدة الصحية بكفر غطاطي بدون مبرر.
(2) سمح للثاني بالانصراف من النوبتجية بالمخالفة للتعليمات وما ترتب على ذلك من تمكين مجهول من الاستيلاء على الجهاز المشار إليه بدون وجه حق.
الثاني والثالث: أهملا في اتخاذ الإجراءات اللازمة للتحفظ على الجهاز المشار إليه قبل مغادرة النوبتجية مما مكن مجهولاً من الاستيلاء على الجهاز.
الرابع: أهمل التحفظ على الجهاز المشار إليه عهدته مما مكن مجهولاً من الاستيلاء عليه بدون وجه حق.
وانتهت النيابة الإدارية بتقرير الاتهام سالف الذكر إلى طلب مجازاة المذكورين عما نسب إليهم.
وبجلسة 26/ 11/ 1989 أصدرت المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والإسكان الحكم المطعون فيه بمنطوقه سالف الذكر.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه انتهى في أسبابه إلى براءة الطاعن مما نسب إليه بالواقعة الأولى الواردة بتقرير الاتهام المتعلقة بتقاعسه عن تنفيذ قرار النقل، بينما انتهى إلى مجازاة الطاعن عما نسب إليه بالواقعة الثانية الواردة بتقرير الاتهام مقيماً قضاءه على القول بأن القدر المتيقن منه أنه سمح للمتهم الثاني بمغادرة الوحدة الصحية لعذر أبداه المتهم الثاني دون أن يعمل على توفير من يحل محله أو يقوم بمهامه حتى ولو تطلب الأمر بقاءه بدلاً عنه ذلك أن نظام النوبتجية يلزم بوجود طبيب بالوحدة لمواجهة الظروف الطارئة وعليه فإن هذا الاتهام ثابت في حقه بما تطمئن إليه المحكمة التأديبية حسب قولها) من صدق أقوال المتهم الثاني في هذا الخصوص، خاصة وأن المتهم الأول (الطاعن) لم ينف نفياً قاطعاً أنه سمح للمتهم الثاني بالانصراف إنما دافع عن ذلك بقوله أنه غير مسئول عن الوحدة بعد انصرافه منها وهو قول غير صحيح فهو مسئول عن انتظام العمل بصفته الطبيب الأول كما دفع بعدم ارتباط هذا الاتهام بسرقة الجهاز محل الدعوى وهو مالا يبرر وجود خطأ إداري من قبله يتعين مجازاته عنه.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تأويله والقصور في التسبيب والتناقض مع نفسه ذلك أن الحكم المطعون فيه أثبت تسلم المتهم الثاني المنقول إلى الوحدة العمل في 18/ 7/ 1987 وأن قرار النقل لم يلغ إلا في 30/ 7/ 1987 بما يجعل المتهم الثاني هو المسئول عن العمل خلال تلك الفترة، بينما أورد الحكم أن الطاعن مسئول عن العمل وقت وقوع السرقة التي حدثت في 27/ 7/ 1987 بما يتضمن وجود تناقص بين أسباب الحكم ويتعارض مع الثابت من الأوراق التي تكشف عن عدم مسئوليته عن العمل وقت وقوع السرقة كما أن أسباب تبرئة باقي المتهمين وهي خطأ الجهة الإدارية في عدم اتخاذها الإجراءات اللازمة للسيطرة على الجهاز تحمل في ذاتها أسباب تبرئة الطاعن، فضلاً عن أن الأوراق تؤكد النفي القاطع للطاعن بالسماح للمتهم الثاني بالانصراف وبالرغم من ذلك فقد أورد الحكم خلاف ذلك مما يؤكد فساد الاستدلال إذ أن القول بسماح الطاعن للمحال الثاني بالانصراف هو قول لا دليل عليه ولم يؤيده أحد بل إنه ليس من سلطة الطاعن السماح للمتهم الثاني بالانصراف أو عدم السماح بذلك بعد أن تسلم الأخير العمل بدلاً عن الطاعن ولم يعد مرؤوسا ًله.
وأخيراً فإن الحكم المطعون فيه ذكر دفاع الطاعن بعدم ارتباط الاتهام بسرقة الجهاز ولم يبين الحكم ما إذا كان قد أخذ بهذا الدفاع من عدمه وانتهى الطعن إلى طلب الحكم بالطلبات السابق إيرادها.
ومن حيث إنه وإن كان للمحكمة التأديبية أن تستخلص الدليل الذي تقيم عليه قضاءها من الوقائع التي تطمئن إليها دون معقب عليها في هذا الشأن إلا أن مناط ذلك أن يكون ذلك الاقتناع قائماً على أصول موجودة وغير منتزعة من أصول لا تنتجها، كما أنه وإن كان من سلطة المحكمة التأديبية أن تقيم قضاءها بإدانة العامل على الأخذ بأقوال بعض الشهود وأن تطرح أقوال البعض الآخر، إلا أن مناط ذلك أن تتوافر في أقوال الشهود اللذين تأخذ بأقوالهم الشرائط القانونية اللازمة لصحة تلك الشهادة، فإذا فقدت الشهادة أحد شرائطها القانونية فإن الحكم الذي يقوم عليها يكون بدوره مخالفاً للقانون ويستوجب الإلغاء.
ومن حيث إن الثابت أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بإدانة الطاعن على أمرين أولهما أقوال المتهم الثاني/ ............. بوحدة كفر طهرمس الواردة بتحقيقات النيابة الإدارية بالقول بأن الطاعن صرح له بالانصراف من النوبتجية، وثانيهما: أن الطاعن لم ينف نفياً قاطعاً سماحه للمتهم الثاني المذكور بالانصراف من النوبتجية بل تمسك بعدم مسئوليته عن الوحدة بعد انصرافه منها وبعدم وجود علاقة بين الاتهام وبين السرقة، وذلك على النحو السالف الذكر.
ومن حيث إنه عن الأمر الأول فإنه بالرجوع إلى قانون النيابة الإدارية رقم 117 لسنة 1958 يبين أنه ينص في المادة (11) منه على أنه:
"لعضو النيابة الإدارية عند إجراء التحقيق الإطلاع على ما يراه لازما ًمن الأوراق بالوزارات والمصالح وله أن يستدعي الشهود ويسمع أقوالهم بعد حلف اليمين".
وتسري على الشهود الأحكام المقررة في قانون الإجراءات الجنائية للتحقيق بمعرفة النيابة العامة.
ومن حيث إن المستفاد من النص المتقدم أنه للاعتداد بشهادة الشاهد يجب أن تكون مسبوقة بحلف اليمين وإلا فقدت الشهادة قيمتها القانونية بما لا يجوز أن تقيم المحكمة قضاءها عليه.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على تحقيقات النيابة الإدارية أنه سمعت أقوال/ ............. كمتهم وليس كشاهد وبالتالي لم يقم بحلف اليمين قبل سماع أقواله، وإذا كان المقرر أنه لا يجوز أن تقبل شهادة متهم ضد متهم آخر في ذات القضية، فضلاً عن عدم حلفه اليمين، فإنه يترتب على ذلك أن تهدر معه كل قيمة قانونية لأقواله خاصة أن له مصلحة من ورائها، بدرء مسئوليته عن الانصراف من النوبتجية بدون إذن، فمن ثم فإنه ما كان يجوز للحكم المطعون فيه التعديل في أقوال المتهم المذكور (........) كأساس ليقيم عليه قضاءه بإدانة الطاعن.
ومن حيث إنه بالنسبة للأمر الثاني المتعلق بالقول بأن الطاعن لم ينف نفياً قاطعاً سماحه للمتهم الثاني (..........) بالانصراف من النوبتجية بل تمسك بعدم مسئوليته عن الوحدة بعد انصرافه منها وبعدم وجود ارتباط بين الاتهام وسرقة الجهاز، فإنه بالرجوع إلى التحقيقات التي أجريت في هذا الشأن بمعرفة الجهة الإدارية وبمعرفة النيابة الإدارية (المودعة) يبين أن الطاعن لم تسمع أقواله إطلاقاً أمام النيابة الإدارية وبالتالي لا يمكن أن ينسب إليه القول بأنه لم ينف نفياً قاطعاً سماحه للطبيب/ ...........
بالانصراف من النوبتجية، أما التحقيق الذي أجرته الجهة الإدارية فلم يتضمن أي قول من جانب الطاعن يفيد سماحه للطبيب المذكور بالانصراف من النوبتجية بل إن الثابت من مذكرة دفاع الطاعن المقدمة أمام المحكمة التأديبية إنكاره صراحة سماحه للطبيب المذكور بالانصراف من النوبتجية أما تمسكه بعدم مسئوليته عن الوحدة بعد انصرافه منها، فلا يعني سماحه للطبيب المذكور بالانصراف، وإن كان تمسك بعدم وجود ارتباط بين الاتهام وبين السرقة فإن ذلك جاء على سبيل الافتراض الجدلي للتصريح ذلك أن مناط الاتهام كان يقوم على الرابط بينهما، وبالتالي فإنه لا يجوز أن يؤخذ من دفاعه هذا دليلاً على سماحه بانصراف الطبيب المذكور من النوبتجية.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بمجازاة الطاعن عن سماحه للطبيب المذكور بمغادرة النوبتجية، يكون قد أقام قضاءه على غير دليل صحيح بما يجعله صادراً بالمخالفة للقانون ويكون لذلك مستوجباً للإلغاء في هذا الشأن.
ومن حيث إن الأوراق خلت من دليل آخر يفيد سماح الطاعن للطبيب المذكور بمغادرة النوبتجية فمن ثم يتعين لذلك الحكم ببراءته.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به إدانة الطاعن، والقضاء ببراءته.