جلسة 22 من فبراير سنة 2016
برئاسة السيد القاضي/ فتحي محمد حنضل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ السيد الطنطاوي، أحمد فراج، علي كمونة نواب
رئيس المحكمة ومحمود الدخميسي.
----------------
(31)
الطعن رقم 6571 لسنة 76 القضائية
(1) نقض "الخصوم في الطعن بالنقض".
الاختصام في الطعن. شرطه. أن يكون الخصم حقيقيا وذا صفة في تمثيله
بالخصومة.
(2 ، 3) نزع الملكية "نزع ملكية
العقارات للمنفعة العامة: التعويض عن نزع الملكية: الجهة التي توجه إليها المطالبة
بالتعويض".
(2) مطالبة ذوي الشأن بالتعويض عن مقابل عدم
الانتفاع بالعقارات التي تقرر نزع ملكيتها للمنفعة العامة من تاريخ الاستيلاء
الفعلي وحتى دفع التعويض. مقتضاه. توجيهها إلى الجهة طالبة نزع الملكية بحسبانها
المستفيدة منه والملزمة بالتعويض وليس الجهة التي تتخذ إجراءاته (الهيئة المصرية
العامة للمساحة).
(3) استيلاء الطاعن الثاني بصفته (محافظ
الجيزة) على أرض النزاع دون اتباع الإجراءات التي أوجبها القانون لنزع الملكية.
اعتباره غصب يرتب مسئوليته عن أداء التعويض لمالكها دون هيئة المساحة. أثره. عدم
وجود صفة لتلك الهيئة في الطعن. قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول الاستئناف
بالنسبة لمن يمثلها - المطعون ضده الرابع - لعدم الحكم عليه بأية طلبات أو تعلق
أسباب الطعن به. اختصامه في الطعن. غير مقبول.
(4 - 8) نزع الملكية "نزع ملكية
العقارات للمنفعة العامة: نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة بغير اتباع الإجراءات
القانونية" "التعويض عن نزع الملكية: مقابل عدم الانتفاع عن العقار محل
نزع الملكية".
(4) استيلاء الحكومة على العقار جبرا ودون
اتخاذ الإجراءات القانونية لنزع الملكية. غصب يستوجب مسئوليتها عن التعويض. بقاء
العقار على ملك صاحبه. مؤداه. أحقيته في استرداد ملكيته حتى صدور مرسوم بنزعها أو
استحالة رده إليه أو اختياره المطالبة بالتعويض له شأن أي مضرور من عمل غير مشروع
الحق في تعويض الضرر سواء ما كان قائما وقت الغصب أو ما تفاقم بعد ذلك إلى تاريخ
الحكم. علة ذلك.
(5) ثبوت عدم اتباع الإجراءات القانونية
المنصوص عليها بق 10 لسنة 1990 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة حال نزع ملكية
المطعون ضدهم الثلاثة الأول. مؤداه. اعتبار الاستيلاء غصب يستلزم تقدير التعويض
المستحق عنه بما يعادل ثمنه وقت الحكم في الدعوى. التزام الحكم المطعون فيه ذلك
النظر. صحيح. النعي عليه في ذلك الخصوص على غير أساس.
(6) حق ذوي الشأن وأصحاب الحقوق في مقابل عدم
الانتفاع بالعقارات المنزوع ملكيتها من تاريخ الاستيلاء عليها فعليا حتى دفع
التعويض المستحق. التزام الجهة طالبة نزع الملكية بأدائه. تقديره بمعرفة اللجنة
المنصوص عليها بالمادة 6 ق 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة.
اختصاص المحكمة الابتدائية بالطعن على ذلك التقدير.
(7) للملاك اقتضاء التعويض المقدر من اللجنة
المنصوص عليها بالمادة 6 ق 10 لسنة 1990 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة. الطعن
عليها أو استئناف الحكم الصادر فيه لا يمنع من حصولهم على التعويضات المقدرة أو
تلك المقضي بها ابتدائيا ما لم تكن أدتها إليهم أو أودعتها أمانات الجهة القائمة
بإجراءات نزع الملكية.
(8) التعويض عن مقابل عدم الانتفاع بالعقارات
المنزوع ملكيتها للمنفعة العامة. يخصم منه ما تقاضاه الملاك وأصحاب الحقوق من
تعويض مصروف لهم من اللجنة المشار إليها بالمادة 6 ق 10 لسنة 1990 أو ما أودع
أمانات الجهة نازعة الملكية. احتساب هذا التعويض يراعى فيه فترتين الأولى من تاريخ
الاستيلاء الفعلي حتى تاريخ صرف التعويض المقدر بمعرفة اللجنة السالفة والثانية من
التاريخ الأخير حتى صرف التعويض النهائي. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر عند
احتسابه التعويض. صحيح. النعي عليه على غير أساس. علة ذلك.
-----------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن
أن يكون خصما في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل ينبغي أن يكون خصما
حقيقيا وذا صفة في تمثيله في الخصومة.
2 - إذ كان النزاع المطروح يدور حول أحقية
المطعون ضدهم الثلاثة الأول في التعويض المقابل لاستيلاء الطاعنين على أرضهم، وكان
القانون رقم 577 لسنة 1954 قد ألغي وحل محله القانون رقم 10 لسنة 1990 والمعمول به
اعتبارا من 1/ 7/ 1990 وألغيت تبعا لذلك نصوص المواد التي تنيط بهيئة المساحة
القيام بكافة الإجراءات اللازمة لتحديد مساحة العقار وتعيين ملاكه وتقدير التعويض
المستحق لأصحابه عن نزع ملكيته وأدائه إليهم بما كان يستتبع معه توجيه المطالبة
بهذا التعويض إلى تلك الإدارة التي يمثلها رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمساحة
وليس إلى الجهة المستفيدة من نزع الملكية وبات لذوي الشأن من الملاك وأصحاب الحقوق
الحق في تعويض عادل مقابل عدم الانتفاع بالعقارات التي تقرر لزوم نزع ملكيتها
للمنفعة العامة من تاريخ الاستيلاء الفعلي عليها إلى حين دفع التعويض المستحق تلزم
به الجهة طالبة نزع الملكية بعد تقديره بمعرفة اللجنة المنصوص عليها في المادة
السادسة منه بحسبان أنها الجهة المستفيدة ومن ثم تلزم بهذا التعويض لهم دون الجهة
التي تتخذ إجراءات نزع الملكية (الهيئة المصرية العامة للمساحة).
3 - إذ كان الثابت بالأوراق أن محافظة الجيزة
التي يمثلها الطاعن الثاني بصفته قد استولت على أرض النزاع دون اتباع الإجراءات
التي أوجبها القانون لنزع ملكيتها، ومن ثم فإن هذا الاستيلاء يعتبر بمثابة غصب
يرتب مسئوليتها عن أداء التعويض لمالكها دون هيئة المساحة التي لا شأن لها بهذا
النزاع، ومن ثم لا يكون للهيئة سالفة الذكر صفة في الطعن، وإذ قضى الحكم المطعون
فيه بعدم قبول الاستئناف بالنسبة لمن يمثلها - المطعون ضده الرابع بصفته - ولم
يحكم له أو عليه بأية طلبات ولم تتعلق به أسباب الطعن، فإن اختصامه في الطعن يكون
على غير أساس، ويتعين عدم قبول الطعن بالنسبة له.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذا
كان استيلاء الحكومة على العقار جبرا عن صاحبه دون اتخاذ الإجراءات التي يوجبها
قانون نزع الملكية يعتبر بمثابة غصب يستوجب مسئوليتها عن التعويض، وأنه ليس من
شأنه أن ينقل بذاته ملكية العقار للغاصب ويستتبع هذا النظر أن يظل على ملكية صاحبه
ويكون له حق استرداد هذه الملكية إلى أن يصدر قرار بنزع ملكية العقار أو يستحيل
رده إليه وأن يختار هو التعويض عنه، ويكون شأنه عند مطالبته بالتعويض شأن المضرور
من أي عمل غير مشروع، له أن يطالب بالتعويض عن الضرر سواء في ذلك ما كان قائما وقت
الغصب أو ما تفاقم من ضرر بعد ذلك إلى تاريخ الحكم لأن الضرر كلما كان متغيرا تعين
على القاضي النظر في تقدير قيمته ليس كما كان عندما وقع بل كما صار إليه عند الحكم.
5 - إذ كان الثابت من الأوراق وعلى ما حصله
الحكم المطعون فيه أنها قد خلت مما يفيد اتباع الإجراءات القانونية المنصوص عليها
في القانون 10 لسنة 1990 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة حال نزع ملكية المطعون
ضدهم الثلاثة، إذ وقع الاستيلاء الفعلي بتاريخ 29/ 6/ 1995 ولم تودع النماذج في
الميعاد الذي حدده القانون مما يكون معه الاستيلاء على عقار التداعي بمثابة غصب
له، يلزم تقدير التعويض المستحق عنه بما يعادل ثمنه وقت الحكم في الدعوى، وإذ
التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح،
والنعي عليه يكون على غير أساس.
6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - إنه يحق
لذوي الشأن من الملاك وأصحاب الحقوق اقتضاء تعويض عادل مقابل عدم الانتفاع
بالعقارات التي نزعت ملكيتها للمنفعة العامة إلى حين دفع التعويض المستحق الذي
تلزم به الجهة طالبة نزع الملكية بعد تقديره بمعرفة اللجنة المنصوص عليها في
المادة 6 من القانون 10 لسنة 1990 تلزم به الجهة طالبة نزع الملكية وجعل الطعن في
تقدير التعويض أمام المحكمة الابتدائية المختصة.
7 - يجوز بموافقة الملاك اقتضاء التعويض الذي
قدرته اللجنة المشار إليها ولا يحول الطعن عليها أو استئناف الحكم الصادر فيه دون
حصولهم على التعويضات المقدرة أو تلك المقضي بها ابتدائيا ما لم تكن أدتها إليهم
أو أودعتها أمانات الجهة القائمة بإجراءات نزع الملكية.
8 - عند احتساب التعويض عن مقابل عدم
الانتفاع بالعقارات التي نزعت ملكيتها للمنفعة العامة، يجب أن يراعى خصم ما يكون
قد اقتضاه الملاك وأصحاب الحقوق من تعويض عن الأرض قدرته اللجنة وصرف لهم أو أنه
أودع من الجهة طالبة نزع الملكية أمانات خزينة الجهة القائمة على إجراءات نزع
الملكية على أن يتم عند احتساب هذا المقابل تقسيم المدة إلى فترتين، الفترة الأولى
من تاريخ الاستيلاء الفعلي حتى تاريخ صرف التعويض الذي قدرته اللجنة المشار إليها
في المادة 6 من القانون 10 لسنة 1990 والفترة الثانية تكون من تاريخ صرف ذلك
التعويض الذي قدرته اللجنة حتى تاريخ صرف التعويض النهائي، مع مراعاة خصم ما تم
صرفه للملاك من تعويض وخلافه، فالدولة في هذه الفترة تكون بمثابة المشتري الذي دفع
جزءا من الثمن وتسلم المبيع غير أنه لم يسدد الباقي، ففي هذه الحالة يستحق المالك
مقابل عدم الانتفاع بملكه الذي سلب منه والباقي من الثمن الذي لم يتسلمه، وإذ
التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على احتساب التعويض عن عدم
الانتفاع في ضوء الأسس والاعتبارات المشار إليها ونص على خصم ما يكون قد اقتضاه
المطعون ضدهم من تعويض وخلافه من التعويض المقضي به والتعويض عن مقابل عدم
الانتفاع، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، والنعي عليه بهذا الوجه على
غير أساس.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق
الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم ... لسنة 1997 مدني كلي
الجيزة بطلب الحكم بإلزام الطاعن الأول بصفته في مواجهة آخرين بأن يدفع له مبلغ
7339050 جنيها ثمنا للأرض المغتصبة بواقع 1500 جنيه للمتر الواحد طبقا للسعر
السائد وقت رفع الدعوى، وأن يدفع له مبلغا يعادل 16 % من قيمة ثمن الأرض مقابل عدم
الانتفاع اعتبارا من تاريخ الاستيلاء الفعلي الحاصل في 16/ 10/ 1991 وحتى تاريخ
السداد، ومبلغ 7339050 جنيها كتعويض عن نزع الملكية، وقال بيانا لذلك إنه يمتلك
أرضا مساحتها 33 س، 3 ط، 1 ف تعادل 4893.367 م 2 وبتاريخ 16/ 1/ 1991 أصدر الطاعن
الأول بصفته القرار رقم 545 لسنة 1991 بإنشاء كوبري ترسا العلوي بمحافظة الجيزة
وبموجبه تم الاستيلاء على كامل المسطح سالف الذكر دون اتخاذ إجراءات نزع الملكية،
وأن السعر المستحق للمتر الواحد مبلغ 1500 جنيه، ومن ثم أقام الدعوى. ندبت المحكمة
خبيرا، وتم إدخال الطاعن الأول بصفته خصما في الدعوى، كما تدخلت المطعون ضدهما
الثانية والثالثة هجوميا في الدعوى بطلب التعويض عن نزع الملكية بالغصب لنصيبهما
في هذه المساحة فضلا عن مقابل الانتفاع، وبتاريخ 18/ 11/ 2003 قضت المحكمة للمطعون
ضدهم الثلاثة الأول بمبلغ التعويض ومقابل الانتفاع الذي قدرته. استأنف الطاعن
الأول بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 120 ق، كما استأنفه المطعون ضدهم
الثلاثة الأول بالاستئناف رقم ... لسنة 120 ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين
قضت بتاريخ 26/ 2/ 2006 بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون
ضده الرابع وبرفض الاستئناف الأول، وفي الاستئناف الثاني بتعديل الحكم المستأنف
إلى إلزام الطاعن الثاني بصفته بالتضامن مع الطاعن الأول بأن يؤديا للمطعون ضدهم
الثلاثة الأول مبلغ التعويض الذي قدرته ومقابل عدم انتفاع بواقع 4 % سنويا من
تاريخ الاستيلاء الحاصل في 29/ 6/ 1995 وحتى تاريخ الصرف على أن يخصم ما تم صرفه
من تعويضات. طعن الطاعنان بصفتيهما في الحكم الأخير بطريق النقض، وقدمت النيابة
مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضده الرابع
وبقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة
حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة
للمطعون ضده الرابع أن القانون 10 لسنة 1990 بشأن نزع الملكية لا يلزم إلا الجهة
طالبة نزع الملكية بالتعويض فلا شأن للمطعون ضده المذكور في هذا النزاع.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه
لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصما في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون
فيه بل ينبغي أن يكون خصما حقيقيا وذا صفة في تمثيله في الخصومة، وكان النزاع
المطروح يدور حول أحقية المطعون ضدهم الثلاثة الأول في التعويض المقابل لاستيلاء
الطاعنين على أرضهم، وكان القانون رقم 577 لسنة 1954 قد ألغي وحل محله القانون رقم
10 لسنة 1990 والمعمول به اعتبارا من 1/ 7/ 1990 وألغيت تبعا لذلك نصوص المواد
التي تنيط بهيئة المساحة القيام بكافة الإجراءات اللازمة لتحديد مساحة العقار وتعيين
ملاكه وتقدير التعويض المستحق لأصحابه عن نزع ملكيته وأدائه إليهم بما كان يستتبع
معه توجيه المطالبة بهذا التعويض إلى تلك الإدارة التي يمثلها رئيس مجلس إدارة
الهيئة العامة للمساحة وليس إلى الجهة المستفيدة من نزع الملكية وبات لذوي الشأن
من الملاك وأصحاب الحقوق الحق في تعويض عادل مقابل عدم الانتفاع بالعقارات التي
تقرر لزوم نزع ملكيتها للمنفعة العامة من تاريخ الاستيلاء الفعلي عليها إلى حين
دفع التعويض المستحق تلزم به الجهة طالبة نزع الملكية بعد تقديره بمعرفة اللجنة
المنصوص عليها في المادة السادسة منه بحسبان أنها الجهة المستفيدة ومن ثم تلزم
بهذا التعويض لهم دون الجهة التي تتخذ إجراءات نزع الملكية (الهيئة المصرية العامة
للمساحة). لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن محافظة الجيزة التي يمثلها الطاعن
الثاني بصفته قد استولت على أرض النزاع دون اتباع الإجراءات التي أوجبها القانون
لنزع ملكيتها، ومن ثم فإن هذا الاستيلاء يعتبر بمثابة غصب يرتب مسئوليتها عن أداء
التعويض لمالكها دون هيئة المساحة التي لا شأن لها بهذا النزاع، ومن ثم لا يكون
للهيئة سالفة الذكر صفة في الطعن، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول الاستئناف
بالنسبة لمن يمثلها - المطعون ضده الرابع بصفته - ولم يحكم له أو عليه بأية طلبات
ولم تتعلق به أسباب الطعن، فإن اختصامه في الطعن يكون على غير أساس، ويتعين عدم
قبول الطعن بالنسبة له.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد من وجهين، ينعى الطاعنان بالوجه
الأول منه على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك
يقولان إن التعويض عن نزع الملكية للمنفعة العامة يقدر بتاريخ الاستيلاء الفعلي،
غير أن الحكم المطعون فيه قدر التعويض في تاريخ إيداع التقرير بما يعيبه ويستوجب
نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة
- أنه إذا كان استيلاء الحكومة على العقار جبرا عن صاحبه دون اتخاذ الإجراءات التي
يوجبها قانون نزع الملكية يعتبر بمثابة غصب يستوجب مسئوليتها عن التعويض، وأنه ليس
من شأنه أن ينقل بذاته ملكية العقار للغاصب ويستتبع هذا النظر أن يظل على ملكية
صاحبه ويكون له حق استرداد هذه الملكية إلى أن يصدر قرار بنزع ملكية العقار أو
يستحيل رده إليه وأن يختار هو التعويض عنه، ويكون شأنه عند مطالبته بالتعويض شأن
المضرور من أي عمل غير مشروع، له أن يطالب بالتعويض عن الضرر سواء في ذلك ما كان
قائما وقت الغصب أو ما تفاقم من ضرر بعد ذلك إلى تاريخ الحكم لأن الضرر كلما كان
متغيرا تعين على القاضي النظر في تقدير قيمته ليس كما كان عندما وقع بل كما صار
إليه عند الحكم. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق وعلى ما حصله الحكم المطعون
فيه أنها قد خلت مما يفيد اتباع الإجراءات القانونية المنصوص عليها في القانون 10
لسنة 1990 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة حال نزع ملكية المطعون ضدهم الثلاثة،
إذ وقع الاستيلاء الفعلي بتاريخ 29/ 6/ 1995 ولم تودع النماذج في الميعاد الذي
حدده القانون مما يكون معه الاستيلاء على عقار التداعي بمثابة غصب له، يلزم تقدير
التعويض المستحق عنه بما يعادل ثمنه وقت الحكم في الدعوى، وإذ التزم الحكم المطعون
فيه هذا النظر، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، والنعي عليه يكون على
غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الثاني من سبب الطعن على الحكم المطعون
فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ أن المطعون ضدهم قد قاموا بصرف التعويض
المقدر لهم من جانب الدولة فلا يستحقون مقابل عدم الانتفاع بعد صرف ذلك التعويض،
وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، ولم يقصر مقابل عدم الانتفاع حتى تاريخ
صرف التعويض المقضي به من الدولة، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه يحق لذوي الشأن من الملاك
وأصحاب الحقوق اقتضاء تعويض عادل مقابل عدم الانتفاع بالعقارات التي نزعت ملكيتها
للمنفعة العامة إلى حين دفع التعويض المستحق الذي تلزم به الجهة طالبة نزع الملكية
بعد تقديره بمعرفة اللجنة المنصوص عليها في المادة 6 من القانون 10 لسنة 1990 تلزم
به الجهة طالبة نزع الملكية وجعل الطعن في تقدير التعويض أمام المحكمة الابتدائية
المختصة، ويجوز بموافقة الملاك اقتضاء التعويض الذي قدرته اللجنة المشار إليها ولا
يحول الطعن عليها أو استئناف الحكم الصادر فيه دون حصولهم على التعويضات المقدرة
أو تلك المقضي بها ابتدائيا ما لم تكن أدتها إليهم أو أودعتها أمانات الجهة
القائمة بإجراءات نزع الملكية، ومن ثم فإنه عند احتساب التعويض عن مقابل عدم
الانتفاع بالعقارات التي نزعت ملكيتها للمنفعة العامة، يجب أن يراعى خصم ما يكون
قد اقتضاه الملاك وأصحاب الحقوق من تعويض عن الأرض قدرته اللجنة وصرف لهم أو أنه
أودع من الجهة طالبة نزع الملكية أمانات خزينة الجهة القائمة على إجراءات نزع
الملكية على أن يتم عند احتساب هذا المقابل تقسيم المدة إلى فترتين، الفترة الأولى
من تاريخ الاستيلاء الفعلي حتى تاريخ صرف التعويض الذي قدرته اللجنة المشار إليها
في المادة 6 من القانون 10 لسنة 1990 والفترة الثانية تكون من تاريخ صرف ذلك
التعويض الذي قدرته اللجنة حتى تاريخ صرف التعويض النهائي، مع مراعاة خصم ما تم صرفه
للملاك من تعويض وخلافه، فالدولة في هذه الفترة تكون بمثابة المشتري الذي دفع جزءا
من الثمن وتسلم المبيع غير أنه لم يسدد الباقي، ففي هذه الحالة يستحق المالك مقابل
عدم الانتفاع بملكه الذي سلب منه والباقي من الثمن الذي لم يتسلمه، وإذ التزم
الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على احتساب التعويض عن عدم الانتفاع في
ضوء الأسس والاعتبارات المشار إليها ونص على خصم ما يكون قد اقتضاه المطعون ضدهم
من تعويض وخلافه من التعويض المقضي به والتعويض عن مقابل عدم الانتفاع، فإنه يكون
قد طبق القانون على وجهه الصحيح، والنعي عليه بهذا الوجه على غير أساس. ولما تقدم
يتعين رفض الطعن.