جلسة 2 من ديسمبر سنة 1968
برئاسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود عطيفه، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.
------------------
(212)
الطعن رقم 1362 لسنة 38 القضائية
(أ) قانون. "قانون أصلح. تفسيره. إلغاؤه. سريانه من حيث الزمان".
نطاق تطبيق حكم المادة 5/ 2 عقوبات؟
(ب) قانون. "تفسيره. قانون أصلح". نقض. "حالات الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون". جريمة. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". تموين. قرارات وزارية. دقيق. ردة.
المرجع في تحديد مواصفات الدقيق والردة المعدة لرغيف العجين إلى القرار الساري وقت إنتاجها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 7 مايو سنة 1965 بدائرة مركز الزقازيق: بصفته مشرفاً إدارياً بمطحن محمد السيد شعبان أنتج ردة غير مطابقة للمواصفات القانونية. وطلبت عقابه بالمواد 1 و56 و57 و58 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 والمادتين 3 و38/ 1 من قرار التموين رقم 90 لسنة 1957. ومحكمة مركز الزقازيق الجزئية قضت في الدعوى حضورياً اعتبارياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه والمصادرة. فاستأنف المحكوم عليه الحكم. ومحكمة الزقازيق الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت في الاستئناف حضورياً بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إنتاج ردة معدة لرغيف العجين غير مطابقة للمواصفات قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أقام قضاءه على أنه صدر بعد وقوع الفعل - موضوع الاتهام - قرار وزير التموين رقم 116 لسنة 1967 الذي عدل مواصفات الردة المعدة للرغف مما جعل الواقعة - في حدود المواصفات الجديدة للردة - بمنأى عن التجريم فأنشأ بذلك للمطعون ضده مركزاً قانونياً أصلح واجب الإتباع عملاً بأحكام المادة الخامسة من قانون العقوبات، في حين أن ما تضمنه القرار الوزاري المشار إليه من تعديل في مواصفات إنتاج الردة المعدة لرغف العجين بزيادة نسبة الرماد إلى 6% واشتراط عدم تخلف شيء منها على "المنخل" 20 بدلاً من "المنخل" 25 لم يقصد به رعاية جانب أصحاب المطاحن أو القائمين على إدارتها والعمل فيها، وإنما كان الهدف من إصداره تحقيق اعتبارات اقتصادية بحت تتصل بسياسة الحكومة التموينية وبالتالي فهو لم ينشئ لهؤلاء مركزاً أصلح مما كان عليه حالهم في ظل القرار الوزاري القديم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه بتبرئة المطعون ضده على قوله "أنه صدر بعد وقوع الفعل المسند للمتهم قرار التموين رقم 116 لسنة 1967 متضمناً مواصفات جديدة للردة المعدة لرغيف العجين وعدل نسبة الرماد إلى 6% أو يزيد، كما نص على وجوب عدم تخلف شيء على "المنخل" 20 لا على "المنخل" 25 فأصبحت الواقعة المسندة للمتهم في حدود المواصفات المذكورة بمنأى عن التجريم، ومن ثم فإن القرار المذكور يكون قد أنشأ للمتهم مركزاً قانونياً أصلح ووجب إتباعه دون غيره عملاً بالمادة الخامسة من قانون العقوبات فيتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببراءة المتهم مما أسند إليه". وما انتهى إليه الحكم فيما تقدم غير سديد. ذلك بأن مقتضى قاعدة شرعية الجريمة والعقاب أن القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظله من جرائم إلى أن تزول عنه القوة الملزمة بقانون لاحق ينسخ أحكامه وهو ما قننته الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون العقوبات بنصها على أن "يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها". أما ما أوردته المادة المشار إليها في فقرتها الثانية من أنه "ومع هذا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره". فإنما هو استثناء من الأصل العام يؤخذ في تفسيره بالتضييق ويدور وجوداً وعدماً مع العلة التي دعت إلى تقريره لأن المرجع في فض التنازع بين القوانين من حيث الزمان هو قصد الشارع الذي لا تجوز مصادرته فيه. لما كان ذلك، وكانت القرارات التموينية التي تحدد مواصفات إنتاج الدقيق والردة إنما تخضع لاعتبارات اقتصادية بحت لا تتصل بمصلحة أصحاب المطاحن أو القائمين على إدارتها أو العاملين فيها في شيء، ومن ثم فإن تغاير تلك المواصفات على توالي القرارات الوزارية الصادرة بتحديدها لا يتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم ما دامت جميعها متفقة على تحديد مواصفات لإنتاجها وتأثيم عدم مطابقتها إياها، ويكون المرجع في تحديد مواصفات الردة المعدة لرغف العجين إلى القرار الساري وقت إنتاجها مخالفة للمواصفات المشار إليها دون أن يرفع صفة التجريم ما يصدر بعده من قرارات بتغييرها. لما كان ما تقدم، فإن تغيير مواصفات الردة وزيادة نسبة الرماد إلى 6% وتعديل رقع "المنخل" المستعمل في إعدادها بصدور قرار وزير التموين رقم 116 لسنة 1967 لا يتحقق فيه معنى القانون الأصلح في حكم المادة الخامسة من قانون العقوبات. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ ذهب إلى ما يخالف هذا النظر قد جانب صحيح القانون مما يستوجب نقضه. ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن نظر الموضوع، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.
(1) هذا المبدأ ذاته مكرر في الطعون أرقام رقم 1352 لسنة 38 ق جلسة 25/ 11/ 1968، 1361، 1363، 1364 سنة 38 ق. بجلسة 2 ديسمبر سنة 1968.